يؤاف شاحام

تواصلوا معي عبر البريد الالكتروني: [email protected]
أكراد سوريون يحتفلون بالاستفتاء (AFP)
أكراد سوريون يحتفلون بالاستفتاء (AFP)

10 حقائق لم تعرفوها عن الأكراد

الجذور القديمة، العيش في ظلّ أنظمة عدائية، مقاتلو البيشمركة الذين ساهموا في إسقاط صدّام حسين، والكفاح المستمرّ من أجل الاستقلال - هذه هي قصة الأكراد في الشرق الأوسط

26 سبتمبر 2017 | 09:47

يراقب العالم كله عن كثب نتائج الاستفتاء الذي نفذه إقليم كردستان على الانفصال عن العراق، أمس الأحد، ومر بهدوء داخل الإقليم، رغم العاصفة الذي اثارها في الدول المجاورة المعارضة لهذه الخطوة التي أقدم عليها الأكراد. تعرفوا أكثر إلى الشعب الكردي الذي يطالب بالاستقلال.

1. العدد الكلّي للأكراد في العالم غير معروف، ويقدّر بعشرات الملايين. تتحدث التقديرات الأكثر تواضعًا عن وجود بين 25 إلى 30 مليون كردي، ولكن هناك من يزعم أنّ عددهم الحقيقي يصل إلى 40 مليون أو أكثر. الدولة التي يعيش فيها أكبر عدد من الأكراد هي تركيا، والتي يقيم فيها نحو 10 ملايين كردي ويتركّزون في شرق البلاد. يعيش في إيران نحو 7.5 مليون كردي، وفي العراق يعيش نحو 6.5 مليون كردي، وفي سوريا يعيش نحو 2.5 مليون كردي.

2. أيضًا في الدول التي تقع على الحدود مع تركيا وإيران تعيش بعض المجتمعات الكردية غير الصغيرة: ففي أرمينيا، أذربيجان وجورجيا يعيش نحو 200,000 كردي. أبعد من ذلك، فهناك نحو مليون ونصف مليون كردي هاجروا إلى دول أخرى، وخاصة في أوروبا. في ألمانيا، والتي فيها عدد كبير من المقيمين الأجانب، يقترب عدد الأكراد إلى نحو 800,000.

3. يتحدث معظم الأكراد أكثر من لغة واحدة: الكردية، بالإضافة إلى لغة البلاد التي يعيشون فيها (عادة: العربية، الفارسية أو التركية). واليوم، اللغتان الكرديتان الأكثر تحدّثا هما كرمنجي التي يتمّ التحدّث بها بشكل أساسي في شمال كلّ من: تركيا، سوريا، شمال العراق وشمال إيران، وسوراني التي يتمّ التحدّث بها بشكل أساسي في كردستان العراق وفي إيران. هناك فروقات كبيرة بين اللغتين، وهناك باحثون يرون أنّ الفرق بين كرمنجي وسوراني كبير مثل الفرق بين الإنجليزية والألمانية.

نساء كرديات مع أعلام إقليم كردستان العراق (AFP)
نساء كرديات مع أعلام إقليم كردستان العراق (AFP)

كانت مكانة اللغات الكردية موضوعًا لصراعات كثيرة على مدى السنين. في تركيا، تم منع استخدام الكردية في وسائل الإعلام تمامًا بين عامي 1980 – 1991. وأيضًا في ظلّ حكم بشار الأسد في سوريا قام النظام بمنع استخدام اللهجة الكردية. لا تتوفر في إيران إمكانية لتعليم اللغة الكردية في المدارس العامة. وتكشف تركيا في السنوات الأخيرة عن انفتاح متزايد على استخدام اللغة الكردية، حيث تسمح بها في الإعلام، المدارس، إشارات الطرق وفي الوثائق الرسمية (كشهادات الزواج على سبيل المثال).

4. الغالبية العظمة من الأكراد هم مسلمون سنّة، ولكن ليس جميعهم. وفقًا للتقديرات، فإنّ 85% من الأكراد هم مسلمون، من بينهم نحو 65% من السنّة. في الواقع، فالأكراد هم المجموعة السكانية السنية الأكبر والوحيدة التي تعيش في إيران. 10% منهم مسلمون شيعة، وهم يتركّزون بشكل أساسي في محافظتي كرمانشاه وعيلام. ويأتي الأكراد الآخرون من أديان مختلفة بما في ذلك اليزيديون، الأرمن، الآشوريون، النساطرة واليهود.

5. من غير الواضح تمامًا حتى اليوم أصل الكلمة “أكراد”. ومع ذلك، يعتقد الكثيرون أنّ اسم “أكراد” كان موجودًا على مدى مئات السنين حتى قبل تشكّل الأكراد كمجموعة عرقية متميّزة. كان المعنى الأصلي للمصطلح هو: قبائل إيرانية بدوية. وكان الاستخدام الأول للكلمة باللغة الفارسية الوسطى، التي كانت سائدة في عهد الإمبراطورية الساسانية، ومن هناك توالت إلى العربية منذ الأيام الأولى للإسلام.

مجموعة اكراد في طريقهم من تركيا إلى كوباني ( AFP PHOTO/BULENT KILIC)
مجموعة اكراد في طريقهم من تركيا إلى كوباني ( AFP PHOTO/BULENT KILIC)

6. يبلغ تعداد يهود كردستان نحو 130,000 شخص، ويعيشون اليوم بشكل أساسي في إسرائيل. تحدّث يهود كردستان على مرّ التاريخ باللهجة الآرامية، التي يشتركون فيها أيضًا مع الآشوريين الذين يعيشون في المنطقة. عاش اليهود الأكراد في جميع أنحاء كردستان، ووصلوا من أورمية التي في إيران شرقًا حتى القامشلي السورية وأورفة التركية في الغرب. وهناك مدن أخرى عاش فيها يهود كردستان مثل أربيل، كركوك والسليمانية في العراق، وزاخو التي تقع على الحدود العراقية التركية وغيرها.

في سنوات الخمسينيات من القرن العشرين، وفي إطار هجرة يهود العراق إلى دولة إسرائيل الفتية، هاجر أيضًا جميع يهود كردستان العراق إلى إسرائيل. وبقيت بعد ذلك عشرات الأسر اليهودية فقط في المناطق الكردية.

اليهودي الأكبر سنّا في العالم اليوم هو حاخام كردي، واسمه زكريا براشي. يقيم براشي البالغ من العمر 114 عامًا في القدس.

ذُكر في السنوات الأخيرة أنّ حالة يهود القامشلي، الذين هم في الواقع أقلية داخل أقلية، عانت كثيرًا من نظام بشار الأسد.

7. معنى اسم البيشمركة – وهي المليشيات الكردية المقاتلة من أجل استقلال كردستان منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى – هو “الذاهبون إلى الموت” في اللغة الكردية. كان للبيشمركة دور مهم في إلقاء القبض على عدوّهم اللدود صدام حسين عام 2003، وساهموا أيضًا في الجهود الاستخباراتية للقبض على أسامة بن لادن.

اكراد يحطمون تمثال صدام حسين في كركوك (AFP)
اكراد يحطمون تمثال صدام حسين في كركوك (AFP)

8. التنظيم الكردي الأكثر شهرة في العالم هو كما يبدو حزب العمال الكردستاني، المعروف باسم PKK. هذا الحزب هو جماعة مسلّمة ذات أيديولوجية قومية كردية وماركسية، وقد تأسست في أواخر سنوات السبعينيات من القرن العشرين في تركيا على يد عبد الله أوجلان. وتعامل الكثيرون مع الحزب باعتباره تنظيمًا إرهابيّا بكلّ معنى الكلمة.

حدثت غالبية الأعمال الإرهابية التي قام بها التنظيم في تركيا، حتى تلك التي تم تنفيذها خارج البلاد تم توجيهها ضدّ أهداف تركية. وقد برّر الـ PKK كفاحه المسلّح بدعوى القمع المتواصل والموجّه للأكراد من قبل السلطات التركية. إحدى أبرز النماذج الرئيسية التي قُدّمتْ لتوضيح القمع كان القانون الذي تمّ سنّه عام 1983 والذي خُصّص، وفقًا للأكراد، لشطب لغتهم وهويّتهم القومية.  أصبح التنظيم أكثر اعتدالا في السنوات الأخيرة، ودعا إلى وقف العمليات العدائية ضدّ تركيا مقابل ضمان الحقوق الجماعية للأكراد.

9. إنّ أسباب عدم حصول الأكراد على الاستقلال السياسي كثيرة ومتنوّعة: السبب الرئيسي هو مزيج من القمع التركي، السوري، الإيراني والعراقي خلال القرن العشرين كلّه. ولكن حتى بعد سقوط صدّام حسين وتحوّل كردستان العراق إلى شبه مستقلّة، فإنّ الصراعات الداخلية بين الأكراد في سوريا والعراق لم تسمح بشراكة حقيقية في المصالح.

مظاهرة لأكراد العراق (SAFIN HAMED / AFP)
مظاهرة لأكراد العراق (SAFIN HAMED / AFP)

10. يعتقد خبراء أنّ خطوات المصالحة الكردية مع الأتراك في العقد الأخير، إلى جانب تفكّك الجيش العراقي في القتال ضدّ داعش، هي التي ستمهّد الطريق في نهاية المطاف للاستقلال الكردي، بعد سنوات من النضال دون نتائج. ومع ذلك، فقد بدا في الصيف الأخير أنّ داعش قامت بضرب البيشمركة ضربات قاسية جدّا، ومن غير الواضح إذا ما كان الأكراد يستطيعون التعافي من ذلك. ستحدّد المعركة على كوباني إلى حدّ كبير التطلّعات الكردية للاستقلال السياسي، على أنقاض العراق وسوريا المحطّمتين.

اقرأوا المزيد: 903 كلمة
عرض أقل
منظر لآثار مدينة بابل التاريخية (AFP)
منظر لآثار مدينة بابل التاريخية (AFP)

على أنهار بابل.. قصّة يهود العراق

يعيش اليوم في بغداد 8 يهود فقط، بقية لجالية عريقة تعود جذورها إلى أكثر من 2500 عام. اقرأوا قصة هذه الجالية وتعرفوا إلى 5 إسرائيليين معروفين انحدروا منها

01 يونيو 2017 | 11:16

“يهود بابل” – هذا هو اللقب الذي يستخدمه حتّى اليوم كثير من اليهود ذوي الأصل العراقيّ الذين يقطنون في إسرائيل للإشارة إلى أنفسهم. يهود بابل، لا يهود العراق. ليس بلا سبب تفضيلُ عديدين اللقب القديم على اسم الدولة العصرية التي أتَوا منها – فالجالية اليهودية في العراق ذات جذور تاريخية ضاربة في العمق، تصل إلى دمار الهيكل الأول في أورشليم عام 607 قبل الميلاد.

فقد سبا ملك الإمبراطورية البابلية، نبوخذنصر الثاني، اليهود من موطنهم التاريخي إلى بابل البعيدة، حيث نشأت جالية يهودية جديدة ومزدهرة. لم يتوقف يومًا الحنين إلى الموطن، ويتجلى ذلك في المزمور 137، العدد 1: “عَلَى أَنْهَ‍ارِ بَ‍ابِ‍لَ،‏ هُنَ‍اكَ جَلَسْنَ‍ا.‏  بَ‍كَيْنَ‍ا أَيْضً‍ا عِنْ‍دَمَ‍ا تَ‍ذَكَّرْنَ‍ا صِهْيَ‍وْنَ”. لكن في فترةٍ متأخرة أكثر تاريخيًّا، مثل فترة كورش، التي أُجيز فيها لليهود بأن يعودوا إلى أورشليم، بقيت جالية يهود بابل قائمة وكبيرة.

النموّ والازدهار

كانت جالية يهود بابل الأكبر والأكثر ازدهارًا بين الجاليات اليهودية، حتّى حين تشتّت اليهود في كلّ أرجاء المعمورة. فقد كانت الجالية مركزًا تجاريًّا وحضاريًّا مزدهرًا، فضلًا عن كونها مركزًا روحيًّا ودينيَّا ذا أهمية كبرى. تجمّع جميع حكماء الديانة اليهودية بين نهرَي دجلة والفرات، وأقاموا هناك قرونًا. تعاملت الإمبراطورية البارثية التي سيطرت على المنطقة جيّدًا مع اليهود، ومنحتهم حقوقًا بإدارة مستقلّة وحريّة ثقافيّة. في هذه الفترة، بلغ الفِكر اليهودي إحدى ذُراه، في تأليف “التلمود البابلي”. كذلك في السنوات اللاحقة، تحت حُكم الساسانيّين، كان اليهود محميّين من أيّ أذى.

قبر حزقيال (ذو الكفل) في مدينة الكفل العراقيه (AFP)
قبر حزقيال (ذو الكفل) في مدينة الكفل العراقيه (AFP)

مع انتشار الإسلام وسيطرة الخلفاء، بدءًا من القرن السابع الميلادي، تحسّن كثيرًا وضع يهود بابل، إذ أصبح للمرة الأولى معظم يهود العالم تحت السيادة نفسها – سيادة الإسلام. لكنّ هذا التعامُل لم يكُن ثابتًا، إذ كان وضع اليهود يعتمد على نظرة الحاكم. ورغم أنّهم نعموا غالبًا بالأمان، لكنهم كانوا تحت تهديد أحكامٍ – مثل حظر الخليفة عُمر بن عبد العزيز في مطلع القرن الثامن أن يلبسوا كالعرب أو أن يعيشوا حياة رفاهية، أو حُكم الخليفة المتوكّل في القرن التاسع، الذي ألزمهم بلبس ثياب خاصّة تكون علامة عار. في فترة الخليفة المأمون، دُعي اليهود “أخبث الأمم”، ودُمّرت مجامع يهودية كثيرة في عهده. في القرون الوسطى، هجر يهود كثيرون بغداد ومحيطها للسكن في الأندلُس، التي أصبحت مركزًا إسلاميًّا مزدهرًا في العالم.

كانت الفترة العثمانية أيضًا فترةً مفعمة بالتقلّبات بالنسبة للجالية في العراق. لكن كلّما ازدادت موجات الدمقرطة، تحسّن وضع اليهود، الذين شكّلوا جزءًا هامًّا من الحياة العامّة والتجاريّة في العراق. عام 1908، حصل جميع يهود العراق على مساواة في الحقوق وحرية دينية كفلها القانون، حتّى إنّ بعضهم أُرسل لتمثيل العراق في البرلمان العُثمانيّ.

كنيس مهجور في مدينة الفلوجة (ِAFP)
كنيس مهجور في مدينة الفلوجة (ِAFP)

بعد الحرب العالمية الأولى وتتويج فيصل ملكًا على البلاد، تحسّن وضع اليهود أكثر فأكثر. كان وزير المالية الأول للعراق في العصر الحديث يهوديًّا، اسمه حسقيل ساسون‎ ‎‏. اتّخذ ساسون عددًا من القرارات التي أسهمت في استقرار الاقتصاد العراقي في القرن العشرين، بما فيها تنظيم تصدير النفط إلى بريطانيا. وبشكل عامّ، أضحت أسرة ساسون البغداديّة إمبراطوريّة اقتصاديّة امتدّت من الهند شرقًا حتّى أوروبا غربًا.

أمّا ما زاد شهرة يهود العراق أكثر من أيّ شيء آخر في العصر الحديث فهو موسيقاهم. ‏‎ ‎فقد اشتُهر الكثير من اليهود بفضل مواهبهم الموسيقيّة، وفي مسابقة الموسيقى في العالم العربي التي أُقيمت في القاهرة في الأربعينات، فاز الوفد العراقي، الذي تألّف من موسيقيين يهود ومُطرب مسلم واحد. ويُذكَر بشكل خاصّ صالح وداود الكويتي، اللذان أنشآ فرقة الإذاعة الموسيقية الوطنية في العراق، حتّى إنهما غنّيا في حفل تنصيب الملك فيصل الثاني.

التدهوُر والمغادَرة

حدث التدهوُر الأكبر في وضع يهود العراق مع صعود النازيين في ألمانيا في ثلاثينات القرن العشرين. فقد عملت السفارة الألمانية في بغداد بوقًا لرسائل لاساميّة أدّت تدريجًا إلى تغيّر نظرة العراقيين المسلمين إلى إخوتهم اليهود. فعام 1934، فُصل عشرات الموظَّفين اليهود من وزارة الاقتصاد، عام 1935 فُرضت قيود على عدد اليهود في المدارس، وعام 1938 أُقفلت صحيفة “الحصاد”، لسان حال يهود العراق.

مجموعة حاخامات يهود في بغداد عام 1910 (Wikipedia)
مجموعة حاخامات يهود في بغداد عام 1910 (Wikipedia)

وكانت الذروة عام 1941، بعد فشل الانقلاب الذي قاده رشيد عالي الكيلاني، الذي سعى إلى طرد البريطانيّين وإنشاء سُلطة ذات رعاية ألمانية – نازيّة. في تلك السنة، حدث ما يُعرف بالفرهود – المجزرة الأكبر بحقّ يهود العراق. في إطار الاضطرابات، قُتل 179 يهوديًّا، أصيب 2118، تيتّم 242 طفلًا، وسُلب الكثير من الممتلكات. وصل عدد الأشخاص الذين نُهبت ممتلكاتُهم إلى 50 ألفًا، ودُفن الضحايا في مقبرة جماعيّة في بغداد.

كانت النتيجة المباشرة للمجزرة تعزيز قوة الصهيونية، والإدراك أنّ فلسطين (أرض إسرائيل) وحدها تشكّل ملاذًا آمنًا ليهود العراق. فاقم إنشاء دولة إسرائيل ونتائج حرب العام 1948 أكثر وأكثر التوتر بين اليهود والمسلمين في العراق. فاليهود الذين اشتُبه في ممارستهم نشاطاتٍ صهيونية قُبض عليهم، احتُجزوا، وعُذِّبوا.

عام 1950، سنّت الحكومة العراقية قانونًا يسري مفعوله لعامٍ واحد، أتاح لليهود الخروج من البلاد شرطَ تنازُلهم عن جنسيّتهم العراقية. أُتيح لكلّ يهودي يبلغ عشر سنوات وما فوق أن يأخذ معه مبلغًا محدَّدًا من المال وبضعة أغراض. أمّا الممتلكات التي خلّفوها وراءهم فكان يمكنهم بيعها بمبالغ ضئيلة.

نتيجة ذلك، أطلقت دولة إسرائيل عملية باسم “عزرا ونحميا” تهدف إلى إحضار أكبر عددٍ ممكن من يهود العراق إلى البلاد. وكلّما زاد تدفّق اليهود الذين غادروا العراق، ازدادت مضايقات اليهود، حتّى إنّ البعض منهم فقد حياته.

عائلة يهودية عراقية
عائلة يهودية عراقية

منذ 1949 حتّى 1951، فرّ 104 آلاف يهودي من العراق ضمن عمليات “عزرا ونحميا”، و20 ألفًا آخرون هُرِّبوا عبر إيران. وهكذا، تقلّصت الجالية التي بلغت ذروة من 150 ألف شخص عام 1947، إلى مجرّد 6 آلاف بعد عام 1951. أمّا الموجة الثانية من الهجرة فحدثت إثر ارتقاء حزب البعث السلطة عام 1968، إذ هاجر نحو ألف يهودي آخرين إلى إسرائيل. اليوم، يعيش في بغداد عددٌ ضئيل من اليهود، كما يبدو مجرّد ثمانية.

جمّدت السلطات العراقية الممتلكات الكثيرة لليهود الذين هجروا البلاد. ويُقدَّر أنّ قيمة الممتلكات كانت تبلغ نحو 30 مليون دولار في الخمسينات. أمّا بقيمة اليوم، فيمكن القول إنّ يهود العراق تركوا وراءهم ممتلكاتٍ تُقدَّر قيمتها بـ 290 مليون دولار.

خمسة إسرائيليّين – عراقيين عليكم أن تتعرفوا إليهم

عائلة يهودية عراقية تصل الى مطار اللد عام 1950 (WIKIPEDIA)
عائلة يهودية عراقية تصل الى مطار اللد عام 1950 (WIKIPEDIA)

بدءًا من الخمسينات، ازدهرت جماعة يهود بابل في دولة إسرائيل. لم تكُن صعوبات الاستيعاب في الدولة الفتيّة بسيطة، وكان عليهم أن يناضلوا للحفاظ على هويّتهم الفريدة مقابل يهود أوروبا الشرقية، الذين رأوا فيهم ممثّلين أقل قيمة للحضارة العربية. لم تقدِّر السلطات الإسرائيلية الممتلكات الكثيرة والغنى الحضاري الذي تركوه وراءهم في بغداد والبصرة، ولم يتمكّن يهود العراق من إيجاد مكانة لهم بين سائر المهاجرين: المهاجرين من أوروبا الشرقية من جهة، والمهاجرين من شمال إفريقية من جهة أُخرى.

لكن كلّما مّرت السنون، تعرّف الشعب الإسرائيلي إلى أهمية وإسهامات المهاجرين من العراق، ووصل بعضٌ منهم إلى مواقع مركزيّة في السياسة، الثقافة، والمجال المهنيّ في إسرائيل. إليكم خمسة عراقيين يهود إسرائيليين، عليكم أن تتعرّفوا إليهم:

  • الحاخام عوفاديا يوسف – وُلد عام 1920 في بغداد باسم “عوفاديا عوفاديا”، وأصبح مع الوقت الزعيم الديني دون منازع لجميع يهود الشرق في إسرائيل. وضع الحاخام، الذي اعتُبر معجزة دينيّة منذ طفولته، أولى مؤلفاته الدينية في التاسعة من عُمره. يتذكّره كثيرون في إسرائيل بسبب إجازته الفقهيّة لعمليّة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ولكن أيضًا بسبب زلّات لسانه العديدة. فقد قال مثلًا عن أريئيل شارون: “ليُنزل عليه الله – تبارك وتعالى – ضربةً لا يقومُ منها”، ووصف رئيس الحكومة نتنياهو بأنه “عنزة عمياء”.
  • بنيامين “فؤاد” بن إليعيزر – الطفل الصغير من البَصرة الذي أمسى قائدًا عسكريًّا بارزًا في إسرائيل، وبعد ذلك سياسيًّا شغل عددًا كبيرًا من المناصب الوزارية، وكان صديقًا مقرَّبًا من الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك. فبعد أن كان وزير الإسكان في حكومة رابين، وزير الدفاع في حكومة شارون، ووزير الصناعة في حكومتَي أولمرت ونتنياهو، تتجه أنظار “فؤاد” الآن إلى المقام الأرفع، إذ يسعى إلى أن يكون أوّل رئيس عراقي لدولة إسرائيل.
  • دودو طاسا – حفيد داود الكويتي الذي أضحى هو نفسه موسيقيًّا كبيرا ورياديًّا في إسرائيل. يدمج تاسا بين الأسلوب الغربي وبين الموسيقى العراقية التقليدية، ويُذكَر بشكل خاصّ أداؤه لأغنية فوق النخل‏‎ ‎‏، التي اشتُهرت بأداء جدّه.‎ قادت الأغنية إلى ألبوم يعزف فيه تاسا أغاني الكويتيَّين (داود وصالح).
  • إيلي عمير الأديب الذي جسّد أفضل من أيّ شخص آخر مشاعر القادِمين من العراق. عبّر كتابه “ديك الفِداء”، الذي كتبه على مدى 13 عامًا، بشكل دقيقٍ عن مصاعب شابّ ذي أصل عراقي يستصعب الوصل بين عالم والدَيه الماضي وبين عالَم رجال الكيبوتز ذوي الأصول الأوروبية، الذي أراد الاندماج فيه. بقيت لغته الأم عربية، وهو حزين للإكراه الثقافي الإسرائيلي، الذي ألزمه بمحو ماضيه. مع السنوات، أضحى عمير ناشطًا في حزب العمل الإسرائيلي.
  • إيلي يتسفان – كبير الكوميديين الإسرائيليين هو في الواقع من أصل عراقيّ. فرغم أنه وُلد في إسرائيل، والداه كلاهما عراقيّان. سمع يتسفان، أصغر خمسة أبناء، العربية العراقية تصدح في بيته، وأصبح مقلّدًا موهوبًا قادرًا على تمثيل شخصية أيّ إنسان، ولا سيّما شخصيات من العالم العربي. كاد تقليده للرئيس المصري محمد حسني مبارك (الذي أعطى مبارك لهجة مختلطة – مصريّة وعراقيّة) يقود إلى أزمة في العلاقات الإسرائيلية – المصريّة.

شاهدوا إيلي يتسفان العراقي يقلّد حسني مبارك:

اقرأوا المزيد: 1338 كلمة
عرض أقل
زوار يهود وعرب يمشون في شارع ماميلا  (مأمن الله) التجاري (Sarah Schuman/FLASH90)
زوار يهود وعرب يمشون في شارع ماميلا (مأمن الله) التجاري (Sarah Schuman/FLASH90)

10 حقائق عن القدس

كم عدد الأشخاص الذين يسكنون مدينة القدس، وهل يفضّل المواطنون العرب فيها العيش في إسرائيل أو فلسطين؟

18 فبراير 2017 | 09:52

مع انتهاء الحرب عام 1948، انقسمت المدينة إلى قسمين: فخضع الجزء الغربي من المدينة لسيطرة دولة إسرائيل، بينما بقي الجزء الشرقي منها تحت سيطرة المملكة الأردنية. وسيطرت القوات الإسرائيلية في حزيران من العام 1967 أيضًا على الجزء الشرقي من المدينة، وأعلنت إسرائيل عن القدس “مدينة موحّدة”. هاكم عشر حقائق عن المدينة تهز القلوب حول العالم.

1. يعيش في القدس أكثر من 865 ألف شخص – 528.000  يهودي، و 323.000 عربي. زاد عدد السكان في المدينة منذ العام 1967 ثلاثة أضعاف.

2. كان يسكن في المدينة في العام 1948 160.000 نسمة، من بينهم 100.000 يهودي والبقية كانوا من العرب. كانت تسكن غالبية العرب في شرقي المدينة، ولكن اضطر الـ 20.000 عربي الذين كانوا يسكنون في الأحياء الغربية إلى الهجرة إلى الجانب الشرقي أو إلى الأردن بعد سقوط المدينة بأيدي إسرائيل.

امرأة تزور باحة قبة الصخرة (Zack Wajsgras/Flash90)
امرأة تزور باحة قبة الصخرة (Zack Wajsgras/Flash90)

3. أظهرت دراسة أُجريت من قبل مركز “فاختر” عام 2010 أن 39% من سكان شرقي المدينة العرب يفضلون الحصول على مواطنة إسرائيلية، بينما يفضل 31 % فقط منهم الحصول على مواطنة فلسطينية.

4. القدس هي المدينة المفضلة بالنسبة للسياح في إسرائيل – سواء كان السياح القادمين من خارج البلاد أو من داخل البلاد. زارها العام الماضي 2.8 مليون سائح من خارج البلاد، و 837.000 سائحًا  إسرائيليًّا.

5. تُظهر معطيات الهيئة المركزية للإحصاء أن 81 % من اليهود في القدس يقولون أنهم راضون عن منطقة سكنهم. بالمقابل، 64% فقط من السكان العرب يعبّرون عن رضاهم. بالمقابل، المقدسيين غير راضيين عن تنظيف المدينة – فقط 39% من اليهود و 26% راضين عن مستوى التنظيف في منطقة سكنهم.

مشاركون في ماراثون القدس السنوي (nati shohatl/ Flash90)
مشاركون في ماراثون القدس السنوي (nati shohatl/ Flash90)

6. أصبح الوسط اليهودي في القدس منذ سنوات التسعين أكثر تدينًا. 35% اليوم من سكان المدينة اليهود هم حاريديون (متدينون متزمتون). لا تتعدى نسبة العلمانيين الـ 20% فقط والنسبة آخذة بالتراجع.

7. وُلد في عام 2014 في القدس 23.000 طفل، من بينهم 15.300 لنساء يهوديات، و8.080 لنساء عربيات.

8. تذبذب الوضع القانوني لمدينة القدس أدى إلى عدم وجود ممثليّات دبلوماسية تقريبًا في القدس. يدور في الولايات المتحدة الأمريكية صراع منذ سنوات طويلة بين الكونغرس وبين الرؤساء الأمريكيين – في العام 1995 صادق الكونغرس على “قانون سفارة الولايات المتحدة في القدس” الذي نص على “الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، وعلى نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس”، ولكن، يعيق كل الرؤساء الذين شغلوا المنصب منذ ذلك التاريخ تنفيذ ذلك.

السوبر مون يسطع في سماء القدس (Flash90/Yonatan Sindel)
السوبر مون يسطع في سماء القدس (Flash90/Yonatan Sindel)

9. تظهر كل عام في أنحاء المدينة اكتشافات تاريخية وأثرية جديدة مثيرة. من الاكتشافات الملفتة الأخيرة كان ختم نادر عمره 800 عام، تم ختمه في دير “مار سابا” المقدس.

10. القدس هي إحدى مدن العالم التي تحمل متلازمة نفسية اسمها: “متلازمة القدس“. والحديث هنا عن حالة نفسية مضطربة تتمثل بعواطف دينية روحانية جياشة تصيب الحجاج المسيحيين الذين يزورون المدينة المقدسة، ويؤمنون بأن روح المسيح وأرواح شخصيات توراتية أخرى تدخل أجسادهم.

اقرأوا المزيد: 420 كلمة
عرض أقل
دافيد بن غوريون (GPO)
دافيد بن غوريون (GPO)

بن غوريون: 5 أمور عن الرجل الذي لولاه لما قامت دولة إسرائيل

في ذكرى مرور 43 عاما على وفاة رئيس الوزراء الأول لدى إسرائيل، دافيد بن غوريون، نقدم لكم بعض الحقائق غير المألوفة عن حياته. أولها أنه آمن أن العالم العربي سيتقبل إسرائيل كدولة

تحيي إسرائيل اليوم ذكرى مرور 43 عاما على وفاة رئيس الحكومة الأول، المُعتَبر من نواحٍ عديدة مؤسس دولة إسرائيل، وهو دافيد بن غوريون.

بن غوريون يخاطب الكنيست (Wikipedia)
بن غوريون يخاطب في الكنيست (Wikipedia)

وُلد بن غوريون في بولندا عام 1886، وهو الزعيم الذي أعلن استقلال دولة إسرائيل عام 1948، وترأس الدولة خلال سنواتها الأولى. وفي يوم ذكراه، نقدّم لكم 5 حقائق حول الرجل الذي أقام دولة إسرائيل.

طوال فترة زعامته اعتقد دافيد بن غوريون أنّ العالم العربي سيقبل إسرائيل في نهاية المطاف. في محادثة مع اللجنة البريطانيّة التي أرسِلت لتقسيم فلسطين إلى دولة يهودية ودولة عربية عام 1937 قال بن غوريون إنّه يعتقد أنّ سوريا، العراق، ومصر ستعترف في يوم من الأيام بشراكة المصالح مع الدولة اليهودية. وفي مقابلة أجراها عام 1970 أوضح بن غوريون أنّه لا يزال يعتقد ذلك. وقال: “لا يمكنني أن أقول متى سيحصل ذلك، إذ لا يمكن معرفة المستقبل. ولكن الأمر الذي يُقلق العرب، هو الصهيونية”.

دافيد بن غوريون إلى جانب حفيده وحوض من الماء
دافيد بن غوريون إلى جانب حفيده وحوض من الماء

كُشف مؤخرا أنّه رغم سنوات زواج بن غوريون الطويلة من زوجته بولا بن غوريون، فقد كان بن غوريون على مدى سنوات طويلة على علاقة رومانسية مع امرأة أخرى، وهي رجينا كلفهولتز. في إحدى الرسائل التي كتبها بن غوريون لمحبوبته في ثلاثينيات القرن العشرين قال: “حُبِك في قلبي الآن لا نهاية له. كم كنتُ أرغب في معانقتك وتقبيلك الآن”.

كان بن غوريون مشغولا بتطوير القادة الذين سيرثون مكانه بعد وفاته. ومن بين أمور أخرى، عزّز مكانة موشيه ديان الذي كان وزير الدفاع الإسرائيلي، وشمعون بيريس الذي أصبح لاحقا رئيس حكومة ورئيسا لإسرائيل. كان الضابط الشاب أريئيل شارون، إحدى الشخصيات التي التقى بها بن غوريون، والذي أصبح رئيس الحكومة الإسرائيلية بعد وفاة الأخير بسنوات. ولكن بن غوريون أعرب عن قلقه من صفة واحدة تميز بها شارون: ميله إلى الكذب وعدم قول الحقيقة. كتب بن غوريون: “لو تخلص من عادة عدم قول الحقيقة والابتعاد عن القيل والقال، أصبح قائدا عسكريا مثاليا”.

شمعون بيريس مع رئيس حكومة إسرائيل الأول، دافيد بن غوريون عام 1955
شمعون بيريس مع رئيس حكومة إسرائيل الأول، دافيد بن غوريون عام 1955

بعد احتلال المدينة القديمة في القدس عام 1967، كان بن غوريون متأثرا جدا إلى درجة أنه اقترح أن تهدم إسرائيل أسوار المدينة. “حينذاك فقط عرف العالم أنّ هناك قدس واحدة، ويمكن أن تكون فيها أقلية عربية”. لقد استُقبل اقتراح بن غوريون الثوري في إسرائيل بصدمة وباشمئزاز. وقد ردّ كبير الكتّاب الإسرائيليين، شموئيل يوسف عجنون على ذلك قائلا: “لقد تفوّه بن غوريون بالكثير من الهراء في حياته. واقتراحه تدمير السور هو الأكبر”. لقد تم تجميد الاقتراح.

وهناك شائعات كثيرة حول تعامل بن غوريون السلبي، المولود في بولندا، تجاه اليهود ذوي الأصول المغربية. بعد أعمال شغب في مدينة حيفا ارتكبها يهود مغاربة احتجوا على إطلاق النار على صديقهم من قبل شرطي، قال بن غوريون: “لن ينجح أي بلطجي، سارق، قوّاد أو قاتل من أصول أوروبية في إثارة تعاطف الطائفة الشكنازيّة، وكذلك لن يخطر بباله أمرا كهذا. ولكن هذا الأمر قابل للحدوث لدى طائفة بدائية”.

اقرأوا المزيد: 424 كلمة
عرض أقل
متظاهرون إسرائيليون يحتفلون بعد قرار التقسيم في الأمم المتحدة (ِAFP)
متظاهرون إسرائيليون يحتفلون بعد قرار التقسيم في الأمم المتحدة (ِAFP)

اليوم الذي أقرت فيه دول العالم حل الدولتَين

في مثل هذا اليوم قبل 69 عاما، قرّرت الأمم المتحدة إقامة دولة إسرائيل ودولة عربية على أراضي الانتداب البريطاني. الأمريكيون، الحلفاء البارزون لإسرائيل، كانوا يخشون من إقامة الدولة اليهودية

مضى اليوم 69عاما منذ قرار الأمم المتحدة لإقامة دولتين على أراضي الانتداب البريطانيّ في فلسطين: دولة يهودية، ودولة عربية. بعد عدة شهور من إصدار القرار، أصبح قيام دولة إسرائيل اليهودية حقيقة. بينما لا تزال دولة فلسطين العربية تنتظر إقامتها، حتى بعد 69 عاما على الصراع.

البريطانيون يضيقون ذرعا بفلسطين

منذ أن أعطت عصبة الأمم بريطانيا الحقّ بفرض الانتداب على فلسطين (أو أرض إسرائيل، كما تُسمّى من قبل اليهود)، عملت ما لا يقل عن سبعة لجان بريطانية ودولية وحاولت أن تقرر ماذا سيكون الحلّ الدائم لقطعة الأرض هذه، التي يتقاتل عليها اليهود والعرب.

بعد كلّ جولة من العنف: منذ أحداث 1921، أحداث 1929 الثورة العربية الكبرى بين عاميّ 1936 – 1939، وصلت لجان بريطانية لتتحقّق من الأوضاع في البلاد. اقترح معظمها، بصيغة ما، تقسيم البلاد إلى دولتين، ولكن أيضًا تقييد الهجرة اليهودية وشراء الأراضي من قبل اليهود.

في فترة الحرب العالمية الثانية، 1939 – 1945، هدأت قليلا المعركة على تقسيم البلاد على ضوء الحروب التي جرت في أوروبا. ولكن في عام 1945، استأنف الجانبان الصراع بكامل قوّته. أدرك البريطانيّون، الذين حكموا البلاد، بأنّهم بعد سنوات من الاضطرابات والصراعات من كلا الطرفين، لن يستطيعوا الاستمرار في السيطرة على الأرض. قُتل في الأعوام الواحدة والثلاثين للانتداب البريطاني على الأراضي أكثر من 550 جنديًّا بريطانيًّا من قبل المسلّحين الفلسطينيين واليهود.

كان الوضح في البلاد متفجّرا. غضب اليهود من البريطانيّين لأنّهم لم يسمحوا للاجئي الحرب العالمية الثانية والهولوكوست بإيجاد مأوى في البلاد. وغضب العرب من البريطانيّين واليهود لأنّهم كانوا يخشون من السيطرة اليهودية على البلاد. وغضب البريطانيّون من اليهود والعرب على ضوء تزايد أحداث العنف.

اليهود يتعاونون، والعرب يقاطعون وينقسمون

كانت اللجنة الأخيرة التي عملت في المجال، والتي صوّتت الأمم المتحدة على قرارها في 29 تشرين الثاني هي لجنة اليونسكوب (UNISCOP). كلّفت الجمعية العامة للأمم المتحدة تلك اللجنة بدراسة قضية الانتداب البريطانيّ.

جلس في لجنة اليونسكوب 11 ممثّلا، من أستراليا، كندا، الأوروغواي، جواتيمالا، البيرو، إيران، الهند، السويد، هولندا، تشيكيا ويوغوسلافيا. كان هناك استعداد وسعادة من الجانب اليهودي للتعاون مع المجتمع الدولي، وقد وفّر لها الوقت لإجراء المحادثات مع كبار زعماء الاستيطان اليهودي في البلاد. كان على رأي المتحدثين موشيه شاريت، والذي أصبح لاحقا وزير الخارجية الأول ورئيس الحكومة الثاني لدولة إسرائيل.

قاطع الفلسطينيون من جانبهم محادثات اللجنة ولم يكونوا مستعدين إطلاقا لسماع إمكانية تقسيم البلاد. بسبب رفض الفلسطينيين للتعاون، قابلت اللجنة ممثّلين من المملكة الأردنية وسوريا. وبالإضافة إلى ذلك، فقد زارت مخيّمات اللاجئين اليهود بعد الحرب العالمية في أوروبا، وتأثرت من أوضاعهم. لدى انتهاء المحادثات، قرّر معظم أعضاء اللجنة بأنّه ينبغي إنهاء الانتداب البريطانيّ فورا، وتقسيم الأراضي إلى دولة يهودية ودولة عربية.

كان الشعب الفلسطيني بدرجة كبيرة ضحية لأزمة قيادة خطيرة، على النقيض من القيادة الصهيونية التي كانت مرتّبة ومنظّمة بشكل جيّد

كان الشعب الفلسطيني بدرجة كبيرة ضحية لأزمة قيادة خطيرة، على النقيض من القيادة الصهيونية التي كانت مرتّبة ومنظّمة بشكل جيّد. مقابل اليهود الذين كانوا يطلبون بشكل مستمرّ ومنّظم إقامة دولة، لم يكن لدى الفلسطينيين قيادة حقيقية. كانت “اللجنة العربية العليا” في الواقع تجمّعا للمخاتير المحليّين، الواقعين تحت رحمة سائر الدول العربيّة الدكتاتورية. وقد شلّ النزاع المحلّي بين عائلتي النشاشيبي والحسيني هو أيضًا القيادة الفلسطينية الضعيفة أصلا.

دافيد بن غوريون (GPO)
دافيد بن غوريون (GPO)

وفقا للاقتراح، كان ينبغي أن تبقى المدن المقدّسة: القدس وبيت لحم، تحت السيادة الدولية. وكان من المفترض أن تقيم كلّ واحدة من الدولتين نظاما ديمقراطيا، ووضع دستور يضمن حقوق الإنسان والمواطن لجميع السكان. كان يُفترض أن تشمل الدولة اليهودية – التي كانت ستقوم على 55% من الأراضي – 600,000 يهودي ونحو 500,000 عربي. بالمقابل، كان من المفترض أن تشمل الدولة العربية – التي كانت ستقوم على بقية الأراضي – 725,000 من العرب و 10,000 يهودي فقط.

الدراما في واشنطن والتصويت الحاسم

يعلم كل من يهتم بالسياسة في الشرق الأوسط اليوم أنّ الولايات المتحدة تقدّم دعما شبه تلقائي للسياسة الإسرائيلية، وتجهّز دولة إسرائيل بالأسلحة الأحدث والأفضل. لم يكن الأمر كذلك في أواخر عام 1947، عندما أوصت الخارجية الأمريكية بعدم الموافقة على قرار التقسيم.

ومفتاح فهم الموقف الأمريكي تجاه إقامة دولة إسرائيل كامن في فهم العلاقات الدولية بين كلا الإمبراطوريّتين حينذاك، الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. فمن جهة، أراد كلّ من الأمريكيين والروس حلّ مشكلة اللاجئين اليهود في أوروبا، الذين قوّضوا استقرار القارّة.

قد هدّد سفير مصر في الأمم المتحدة، يوسف هيكل باشا، اليهود بشكل صريح: “إذا قررت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين فستتحمّل مسؤولية ذبح أعداد كبيرة من اليهود”

ومن جهة أخرى، كان في الولايات المتحدة من ظنّ أنّ قرار التقسيم والحرب التي ستندلع عقبه سيؤهّل الشرق الأوسط للسيطرة السوفياتية الشيوعية، والتي يخشى منها الأمريكيون كثيرًا. ومع ذلك، كان الرئيس الأمريكي هاري ترومان محتاجا للدعم السياسي من يهود الولايات المتحدة.

كان الحلّ الذي أقرّته الولايات المتحدة هو الدعم المتحفّظ وغير المتحمّس للقرار، دون إقناع دول أخرى بالانضمام إليها. كان اليهود بحاجة إلى المزيد من الإقناع الكبير من أجل الحصول على غالبية من ثلثين على قرار التقسيم، والذي كان من الضرورة الموافقة عليه. وقد عمل اللوبي الصهيوني، الذي كان حريصا على تحقيق تطلّعاته في إقامة دولة يهودية من خلال الموافقة الدولية، بسبل لا هوادة فيها لتحقيق الغالبية المطلوبة.

ومن جهته مارس العالم العربي هو أيضا ضغوطا كبيرة من أجل عدم إعطاء اليهود الحقّ في إقامة الدولة. فقد هدّد سفير مصر في الأمم المتحدة، يوسف هيكل باشا، اليهود بشكل صريح:

“يعيش مليون يهودي بسلام في مصر وفي سائر بلاد المسلمين ويتمتّعون بجميع حقوق المواطن. وبالتأكيد فهم لا يرغبون بالهجرة إلى فلسطين. ولكن إذا نشأت دولة يهودية فلن يستطيع أحد تجنّب المتاعب. ستندلع الاضطرابات في فلسطين، ستنتشر في جميع البلاد العربية وربّما تؤدي إلى حرب عرقية. إذا قررت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين فستتحمّل مسؤولية الاضطرابات الأكثر خطورة وذبح أعداد كبيرة من اليهود”.

الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 تشرين الثاني 1947 (صورة من موقع الكنيست الإسرائيلي)
الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 تشرين الثاني 1947 (صورة من موقع الكنيست الإسرائيلي)

ولكن الضغوط الصهيونية كانت أكبر من تهديدات الدول العربيّة. صوّتت 33 دولة، على رأسها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، بالإضافة إلى السويد، النرويج، بولندا، فرنسا، ومعظم دول أمريكا الجنوبية لصالح القرار. 13 دولة فقط صوّتت ضدّ القرار، ومن بينها جميع الدول العربية والإسلامية: لبنان، مصر، سوريّا، العراق، السعودية، اليمن، باكستان، تركيا وإيران. وامتنعت عشر دول عن التصويت.

الفرح في إسرائيل، والغضب في فلسطين

استجابت الجموع في إسرائيل بالفرح المنفجر والذي لم يكن بالإمكان إيقافه. كان الاعتراف العالمي بالدولة اليهودية، حتى لو كانت دولة صغيرة، إنجازا لا يُصدّق بالنسبة للشعب اليهودي. وتتحدث روايات تاريخية كثيرة من تلك الفترة عن الرقص في شوارع المدن اليهودية، وعن الاحتفالات التي استمرت حتى الصباح أمام أعين الجنود البريطانيين المندهشة.

وفي الجانب الفلسطيني، الذي رفض كما ذكرنا التعاون مع أي اقتراح لتقسيم البلاد، لم يضيّعوا الوقت في الحداد على القرار الفاضح بنظرهم، وخرجوا للمعركة. بعد يوم من قرار الأمم المتحدة شنّ عرب فلسطين حربا شاملة. كانت الكلمة الفصل للعرب في الأشهر الأولى من ذلك، وكان يبدو أنّ الحرب ستزيل أي احتمال للدولة اليهودية في إسرائيل. بعد مرور عام ونصف فقط، في أواسط عام 1949، بعد حرب حصدت الكثير من الضحايا من جميع الجيوش العربية، أصبحت دولة إسرائيل واقعا موجودا، حتى يومنا هذا.

ويبدو أنّ الفلسطينيين الذين كانوا عام 1947 ضحية لعجزهم على التوحّد تحت قيادة متفق عليها، لا يزالوا ممزّقين منذ ذلك الحين وحتى اليوم بين رغباتهم المتعارضة.

في سنوات الثلاثينيات من القرن الماضي تمزّقوا بين الحسينيين والنشاشيبيين كما تمزّقوا بين مؤيدي الشعب الفلسطيني وبين رؤيا “سوريا الكبرى”. في سنوات السبعينيات تمزّقوا بين الملك الأردني الحسين ومنظمة التحرير الفلسطينية وياسر عرفات. والشعب الفلسطيني اليوم ممزّق بين الضفة الغربية وغزة، بين فتح وحماس. ولا يزال الاستقلال الفلسطيني في الأفق البعيد.

 

اقرأوا المزيد: 1123 كلمة
عرض أقل
زوهر أرجوف  (Flash90Moshe Shai)
زوهر أرجوف (Flash90Moshe Shai)

النهاية الحزينة للملك

كان زوهر أرجوف المغني الأكثر نجاحا في جيله، وكان لديه آلاف المعجبين. ولكن إلى جانب زوهار المغني، كان له جانب مظلم لم يعرفه معجبوه: زوهار المدمن والمغتصب. قبل 29 عامًا وضع نهاية لكل ذلك، وانتحر

إلى حدّ ما فقد أنهى زوهار أرجوف حياته كما بدأها، مفلسًا، وذلك عندما انتحر في زنزانة الاعتقال التابعة للشرطة الإسرائيلية. كان والدا زوهار أرجوف، عوفاديا ويونا عورقبي، يهوديّين فقيرين من أصول يمنية. كان زوهار الأخ الكبير من بين ثمانية أشقاء؛ ثلاثة إخوة وخمس أخوات، والذين عاشوا جميعهم في فقر مدقع. كان الأب عوفاديا ثملا، واعتاد إحراج زوهار الشاب حين وصل لمدرسته وهو في حالة سكر.

لم يكن لزوهار الشاب أيضا مناص من التدهور إلى عالم الإجرام. فمنذ سنّ صغيرة جرّب المخدّرات الخفيفة من أنواع الماريغوانا والحشيش

ولم يكن لزوهار الشاب أيضا مناص من التدهور إلى عالم الإجرام. فمنذ سنّ صغيرة جرّب المخدّرات الخفيفة من أنواع الماريغوانا والحشيش، ولكن بخلاف سائر أبناء جيله، كانت موهبة الغناء لديه هي التي من المفترض أن تنقذه وتميّزه. برز زوهار عورقبي الشاب منذ فترة المدرسة بصوته الرنّان. حاول تجربة حظّه في الغناء، ولكنه كسب رزقه من العمل في البناء. حين كان في سنّ الثامنة عشرة ولد ابنه الوحيد، جيلي، الذي أصبح مع الأيام هو أيضا مدمنًا على المخدّرات.

غيّر زوهار اسمه من “زوهار عورقبي” ذي النغمة العربية إلى “زوهار أرجوف” الإسرائيلي

كان ميله للسلوك العنيف هو العقبة الكبرى لديه في طريق النجاح، وفي سنّ الثالثة والعشرين وجد نفسه في السجن بعد إدانته باغتصاب امرأة. ومع إطلاق سراحه قرّر تكريس كلّ وقته للموسيقى، بل وغيّر اسمه من “زوهار عورقبي” ذي النغمة العربية إلى “زوهار أرجوف” الإسرائيلي. في عام 1980 حين كان في سنّ الخامسة والعشرين صدرت أغنيته الشهيرة الأولى، “إلينور”، وهي أغنية تمّ تسجيلها بمعدّات بسيطة وبوسائل فقيرة، ولكنها حظيت بنجاح كبير:

كانت تلك هي فترة “الأشرطة” في إسرائيل. وقد رفضت الإذاعة، التي كان يسيطر عليها اليهود من أصول أوروبية، أن تبثّ أغنيات أرجوف اليمني. ولكن ازدهر في محطّات الحافلات في إسرائيل سوق خاصّ للأشرطة الصوتية البسيطة والرخيصة، وقد بيعت فيها أغنيات لأفضل المطربين ذوي النمط الشرق أوسطي. لم يكن هناك شخص لا يعرف “إلينور” والمغني الكبير زوهار أرغوف. مكّنه نجاح الألبوم من تسجيل ألبوم آخر، مع أداء للأغنية العربية المعروفة “لهلا يزيد أكثر”:

ولكن النجاح الكبير لزوهار جاء فقط بعد أن ظهر في “مهرجان المطرب الشرقي” عام 1982، الذي كان مقابلا لبرنامج “أرب آيدول” في تلك الفترة. فاز زوهار أرجوف فيه بالمرتبة الأولى، مع الأغنية التي أصبحت أشهر أغانيه في جميع الأزمنة، وجعلته نجمًا حقيقيّا: “هبيراح بجاني” (الزهرة في حديقتي).

ومع الأسف الشديد، فقد أدى نجاح زوهار أيضا إلى خضوعه لنقاط ضعفه، تلك التي كانت حاسمة في نهاية المطاف. في أعقاب النجاح الكبير لأغنية “هبيراح بجاني”، خرج زوهار أرجوف إلى رحلة ليغني في حفلات في أوساط يهود الولايات المتحدة، وقد أدمن خلالها على مخدّرات الكوكايين والهيروين.

حين عاد إلى إسرائيل، كان شخصًا آخر. في البداية لم يؤثّر الإدمان على نجاحه، واستمرّ في الظهور والاستمتاع بشعبيّته الكبيرة. ولكن حين توقّف عن الذهاب إلى التسجيلات والحفلات، وحين بدأ صوته يصبح مبحوحًا، أدخله متعهّده في عملية إعادة تأهيل استمرّت لأسبوعين. فشلت عملية إعادة التأهيل، واستمر أرجوف في الدخول والخروج من معاهد إعادة التأهيل طوال سنوات عمره الأخيرة. ولم يتوقف طوال الوقت عن استخدام المخدّرات.

في شهر كانون الثاني 1987، قبل عشرة أشهر من شنق نفسه حتى الموت، ظهر زوهار أرجوف في وقت الذروة في التلفزيون الإسرائيلي وادعى أنّه “نظيف من المخدّرات”

في شهر كانون الثاني 1987، قبل عشرة أشهر من شنق نفسه حتى الموت، ظهر زوهار أرجوف في وقت الذروة في التلفزيون الإسرائيلي وادعى أنّه “نظيف من المخدّرات”. ولكن كانت كلماته مشوّشة ومرتبكة، وكان واضحًا أنّه ما زال يتعاطى المخدّرات، وربّما كان مخدّرًا خلال المقابلة. يمكننا أن نسمع في أغاني تلك الفترة كيف أنّ صوته اختفى نتيجة استخدام المخدّرات. وقد سجّل أغنيته “أل نفكش” (لا نطلب) قبل فترة قصيرة من انتحاره.

كان الشهران الأخيران هما الأصعب على الإطلاق. وصل أرجوف إلى المستشفى بعد شجار مع شقيقه، الذي جرحه بواسطة زجاجة مكسورة.

وخلال وجوده في المستشفى أثار أرجوف ضجّة أثناء انتظاره للعلاج، واشتُبه بسرقته لمحفظة طبيبة. اعتقلته الشرطة، وعندما تم إطلاق سراحه اتضح أن أرجوف سرق مسدّسا كان موضوعا على الطاولة في محطّة الشرطة. قضى الأشهر الأخيرة في السجن، وعندما أُطلق سراحه اعتقل مرّة أخرى بعد أنّ ادّعت امرأة أنه حاول اغتصابها. خلال اعتقاله، في 6 تشرين الثاني عام 1987، شنق نفسه حتى الموت بينما كان مخدّرًا.

اقرأوا المزيد: 637 كلمة
عرض أقل
  • بيريس مع اثنين من أولاده، تسفيا وحمي، عام 1962 (GPO)
    بيريس مع اثنين من أولاده، تسفيا وحمي، عام 1962 (GPO)
  • شمعون بيريس مع إسحاق رابين وياسر عرفات وهم يتسلمون جائزة نوبل للسلام بعد اتفاقيات أوسلو عام 1994.
    شمعون بيريس مع إسحاق رابين وياسر عرفات وهم يتسلمون جائزة نوبل للسلام بعد اتفاقيات أوسلو عام 1994.
  • شمعون بيريس مع رئيس حكومة إسرائيل الأول، دافيد بن غوريون عام 1955
    شمعون بيريس مع رئيس حكومة إسرائيل الأول، دافيد بن غوريون عام 1955
  • شمعون بيريس والملك حسين ملك الأردن، عام 1996 (AFP)
    شمعون بيريس والملك حسين ملك الأردن، عام 1996 (AFP)
  • شمعون بيريس والرئيس الأمريكي بارلك أوباما
    شمعون بيريس والرئيس الأمريكي بارلك أوباما
  • بيريس متنكر في السبعينيات
    بيريس متنكر في السبعينيات
  • شمعون بيريس وللبابا خلال زيارته في إسرائيل (Yonatan Sindel/FLASH90)
    شمعون بيريس وللبابا خلال زيارته في إسرائيل (Yonatan Sindel/FLASH90)

بالصور: محطات حياة شمعون بيريس

بدءا من طفولته في بولندا وحتى وصوله إلى كرسي الرئاسة: صور من حياة الرئيس الإسرائيلي السابق

كان شمعون بيريس، في السنوات الأخيرة، الشخصية الجماهيرية الأبرز في إسرائيل، وربما ليس هناك منصب مُعيّن لم يُشغله. شاهدوا الصور من محطات حياته، بدءًا من طفولته في بولندا، مرورًا بفترة شبابه في إسرائيل، علاقاته بالقيادات العليا حتى بدأ يُشغل منصب رئيس الدولة.

شمعون بيريس مع عائلته عام 1930:

شمعون بيريس مع عائلته عام 1930
شمعون بيريس مع عائلته عام 1930

وُلد بيريس في بولندا عام 1923 لعائلة بيرسكي. كان والده تاجر أخشاب ثري وكانت والدته أمينة مكتبة ومعلمة لغة روسية. هاجر عام 1934 إلى إسرائيل مع والديه وأخيه الأصغر. قُتل أفراد عائلة والديه، ومن بينهم جداه وعمه، لاحقًا على يد النازيين.

شمعون بيريس عندما كان شابا صغيرا عام 1936:

شمعون بيريس 1936
شمعون بيريس 1936

لقد تعلم بيريس في مدرسة زراعية. عمل في تربية المواشي وكان راعيا، ولكنه برز أكثر في وظيفة أمين الصندوق.

شمعون بيريس مع رئيس حكومة إسرائيل الأول، دافيد بن غوريون عام 1955:

شمعون بيريس مع رئيس حكومة إسرائيل الأول، دافيد بن غوريون عام 1955
شمعون بيريس مع رئيس حكومة إسرائيل الأول، دافيد بن غوريون عام 1955

التحق بيريس عام 1947 بتنظيم الـ “هاجاناه”، الذي مثّل لاحقًا قاعدة الجيش الإسرائيلي وعندها بدأ بالعمل مع دافيد بن غوريون، أول رئيس حكومة إسرائيلي. عُين بيريس عام 1953، بسبب علاقاته القوية مع بن غوريون، مديرًا لوزارة الدفاع، بينما كان عمره 30 عامًا فقط.

شمعون بيريس عام 1957:

شمعون بيريس عام 1957
شمعون بيريس عام 1957

عمل بيريس، حين كان يشغل منصب مدير عام وزارة الدفاع، على توطيد العلاقات التّجاريّة بين إسرائيل حديثة العهد وفرنسا، ووقّع على صفقات سلاح ليزوّد بها الجيش الإسرائيليّ الصغير بأفضل ذخيرة في تلك الفترة. وزوّدت فرنسا إسرائيل بعشرات الدّبابات، الطائرات النفّاثة، ونُظم المدفعيّة والرادارات. لقد أشغل المنصب طيلة سنوات الخمسينات، وشغل منصب مهمّ في إقامة معمل البحث النّوويّ في ديمونا‎

شمعون بيريس مع زوجته سونيا وأولادهما، عام 1958:

شمعون بيريس مع زوجته سونيا وأولادهما، عام 1958
شمعون بيريس مع زوجته سونيا وأولادهما، عام 1958

شمعون بيريس مع اثنين من أولاده عام 1962:

بيريس مع اثنين من أولاده، تسفيا وحمي، عام 1962 (GPO)
بيريس مع اثنين من أولاده، تسفيا وحمي، عام 1962 (GPO)

تزوج بيريس من سونيا وأنجبا ثلاثة أولاد: تسفيا وهي الابنة البكر، وولدان وهما يونتان ونحميا (حامي).

شمعون بيريس مع زوجته سونيا عام 1984:

شمعون بيريس مع زوجته سونيا عام 1984
شمعون بيريس مع زوجته سونيا عام 1984

وزير الدفاع شمعون بيريس مع رئيس الحكومة إسحاق رابين، عام 1975:

وزير الدفاع شمعون بيريس مع رئيس الحكومة إسحاق رابين في فاعدة البحرية الإسرائيلية عام 1975
وزير الدفاع شمعون بيريس مع رئيس الحكومة إسحاق رابين في فاعدة البحرية الإسرائيلية عام 1975

تقدُّم بيريس لم يتوقّف، وتابع إشغال العديد من المناصب، بصفته نائب وزير ووزير. عُيّن في سنة 1974، وزيرًا للدّفاع في حكومة إسحاق رابين الأولى، وكان له العديد من المواجهات مع رابين خلال هذا المنصب. كان رابين وبيريس خلال هذه السّنوات بمثابة عدوّين لدودين، رّغم انتسابهما لنفس الحزب.

بيريس يضع قناعا: سافر بيريس في السبعينات للقاء الملك حسين، ملك الأردن، وهو يضع قناعا، ما شكّل الأرضية لتوقيع اتفاقية السلام بين إسرائيل والأردن عام 1994:

بيريس متنكر في السبعينيات
بيريس متنكر في السبعينيات

شمعون بيريس يُدلي بصوته في انتخابات عام 1977 حيث رشّح نفسه لرئاسة الحكومة ولكن فشل:

شمعون بيريس يُدلي بصوته في انتخابات عام 1977 حيث رشّح نفسه لرئاسة الحكومة ولكن فشل:
شمعون بيريس يُدلي بصوته في انتخابات عام 1977 حيث رشّح نفسه لرئاسة الحكومة ولكن فشل:

شمعون بيريس كرئيس للحكومة، عام 1985 وإلى جانبه إسحاق شامير
عُيّن بيريس على رأس قائمة حزب العمّال إبان انتخابات سنة 1977، وبهذه الطّريقة كان على وشك أن يكون رئيسًا للحكومة. إلّا أنّ خسارته في الانتخابات أمام نظيره مناحم بيجن حالت دون ذلك‎.‎ وقد نجح في الترشح لرئاسة الحكومة سنة 1984، ولكنّه لم يشكّل العدد المطلوب في الكنيست لذلك اضطرّ لمشاركة إسحاق شامير رئيس حزب الليكود المنافس.

وزير الدفاع شمعون بيريس مع رئيس الحكومة إسحاق رابين في الثمانينات
وزير الدفاع شمعون بيريس مع رئيس الحكومة إسحاق رابين في الثمانينات

شمعون بيريس، إسحاق رابين، وياسر عرفات وهم يتسلمون جائزة نوبل للسلام بعد اتفاقيات أوسلو عام 1994:

شمعون بيريس مع إسحاق رابين وياسر عرفات وهم يتسلمون جائزة نوبل للسلام بعد اتفاقيات أوسلو عام 1994.
شمعون بيريس مع إسحاق رابين وياسر عرفات وهم يتسلمون جائزة نوبل للسلام بعد اتفاقيات أوسلو عام 1994.

شغل بيريس منذ عام 1987 منصب وزير الخارجية، وقد بدأ في إطار هذا المنصب التمهيد لإجراء مباحثات مع الأردن ومع الفلسطينيين. كان من المبادرين إلى اتفاقيات أوسلو، التي تم توقيعها عام 1993، والّتي أفضت إلى تسوية بين إسرائيل ومنظّمة التّحرير الفلسطينيّة، وإقامة السلطة الفلسطينيّة. في أعقاب اتفاقية أوسلو، حصل كل من بيريس، رابين وياسر عرفات، على جائزة نوبل للسلام وبهذا تحوّل بيريس من الرّجل الّذي يهتمّ بتسلّح جيش إسرائيل إلى رجل يحارب من أجل السّلام. تم خلال عهده أيضًا توقيع معاهدة السلام بين إسرائيل والأردن.

شمعون بيريس والملك حسين ملك الأردن، عام 1996:

شمعون بيريس والملك حسين ملك الأردن، عام 1996 (AFP)
شمعون بيريس والملك حسين ملك الأردن، عام 1996 (AFP)

شمعون بيريس مع رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو:

شمعون بيريس وبنيامين نتنياهو (AFP )
شمعون بيريس وبنيامين نتنياهو (AFP )

تم في عام 1995 اغتيال رئيس الحكومة الإسرائيلي إسحاق رابين لذلك عُين بيريس بدلاً منه رئيسًا للحكومة. ترشح عام 1996 لرئاسة الحكومة ولكنه خسر بفارق بسيط لصالح بنيامين نتنياهو. ومنذ ذلك الحين شغل بيريس عدة مناصب مختلفة، سواء كان في المُعارضة أو مناصب هامة داخل الحكومة. كان دومًا في مركز الجدل فكان له مؤيّدون ومعارضون، محبّون وكارهون.

شمعون بيريس يؤدي القسم بصفته الرئيس التاسع لدولة إسرائيل:

شمعون بيريس يؤدي القسم بصفته الرئيس التاسع لدولة إسرائيل (Alex Kolomoyski/Flash90)
شمعون بيريس يؤدي القسم بصفته الرئيس التاسع لدولة إسرائيل (Alex Kolomoyski/Flash90)

تم عام 2008 انتخاب شمعون بيريس رئيسًا لدولة إسرائيل، ومنذ تلك اللحظة أصبح يتخطّى كلّ جدل وبات محبوبًا من قِبَلِ كل الشعب.عمل خلال شغله منصب الرئيس على إرساء مبادئ المساواة ووحدة الشعب، وحاول بكل قوته تشجيع العودة إلى العملية السياسية والحوار مع الفلسطينيين.

شمعون بيريس ومحمود عباس (Mark Neyman/GPO)
شمعون بيريس ومحمود عباس (Mark Neyman/GPO)
شمعون بيريس والرئيس الأمريكي بارلك أوباما
شمعون بيريس والرئيس الأمريكي بارلك أوباما

أنشأ في هذه المرحلة “مركز بيريس للسلام”، وأيضًا بعد أن أنهى مهام منصبه كرئيس تابع العمل، من دون توقف، على دفع تحقيق السلام قُدما، واستمر، على الرغم من عمره المُتقدم، بلقاء شخصيات من كل العالم.

شمعون بيريس وللبابا خلال زيارته في إسرائيل (Yonatan Sindel/FLASH90)
شمعون بيريس وللبابا خلال زيارته في إسرائيل (Yonatan Sindel/FLASH90)

أُصيب بتاريخ 13.9.2016 بجلطة دماغية ومكث في المستشفى وكانت حالته حرجة.

شمعون بيريس في "مركز بيريس للسلام"، عام 2015 (Noam Moskowitz)
شمعون بيريس في “مركز بيريس للسلام”، عام 2015 (Noam Moskowitz)
اقرأوا المزيد: 683 كلمة
عرض أقل
بنيامين (فؤاد) بن إليعيزر Miriam Alster/FLASH90
بنيامين (فؤاد) بن إليعيزر Miriam Alster/FLASH90

وفاة الوزير السابق بنيامين (فؤاد) بن إليعازر

وفاة وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، المعروف بصحبته الودودة مع الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، عن عمر يناهز 80 عاما

وفاة الوزير الإسرائيلي السابق، بنيامين (فؤاد) بن إليعازر اليوم (الإثنَين) ‏عن عمر يناهز 80 عاما بعد أن شعر في الأسبوعين الماضيَين سيئا ومكث في المستشفى إثر إصابة قلبية.

وُلد فؤاد عام ‏1936‏ في مدينة البصرة في العراق لوالد اسمه صالح وأم اسمها فرحة، وغيّر اسمه لبنيامين عندما قدم إلى إسرائيل عام 1950 وهو في سن الرابعة عشر.

خدم معظم حياته في الجيش الإسرائيلي وقام بوظائف هامة، من بينها شغل منصب قائد سرية “شاكيد”، ضابط “شعبة ‏300‏” المسؤولة عن الحدود الإسرائيلية – اللبنانية، وكذلك ضابط منطقة الضفة الغربية بأكملها.

بن إليعازر وهو ضابط بالجيش الإسرائيلي
بن إليعازر وهو ضابط بالجيش الإسرائيلي

وفي الثمانينات، انضم إلى السياسة وشغل عدة وظائف وزارية. في عام ‏2001‏، عُيّن وزيرًا للدفاع في حكومة أريئيل شارون. في هذه الفترة تولى أيضًا، لسنة تقريبًا، منصب رئيس حزب العمل الذي يدعمه للترشح للرئاسة.

أحد الأمور التي جعلت بن إليعازر مشهورًا في العالم العربي، هو صحبته الودودة مع الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك. بعد الإطاحة بالرئيس مبارك، عبّر فؤاد عن ما حدث لصديقه، قائلا: “مبارك هو الشخصية الأساسية التي أدت إلى الاستقرار في الشرق الأوسط. لقد كان يحبه العالم بأسره، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية”. بعد ذلك، ادعيَّ أن بن إليعازر تلقى أجرًا شهريًا من مبارك مقابل خدمة استشارية قدمها حول المواضيع ذات الصلة باليهود، ولكن، استنكر بن إليعازر كل ذلك.

الرئيس المصري السابق حسني مبارك برفقة الوزير الأسرائيلي بنيامين (فؤاد) بن إليعزر
الرئيس المصري السابق حسني مبارك برفقة الوزير الأسرائيلي بنيامين (فؤاد) بن إليعزر

في عام ‏2011‏ وصل إلى نهاية مشواره الحياتي، عندما أدخِل للمكوث في المستشفى في حالة موت سريري بعد أن أصيب بالتهاب رئوي حاد‎.‎‏ ولكن، كانت النهاية جيّدة، وتم تسريح بن إليعازر من المستشفى وهو معافى ولكنه قد أصبح أكثر نحالة، بعد أن خسر خمسة وثلاثين كيلوغرامًا من وزنه‎.‎‏

في عام 2014، كان بن إليعازر مرشحا عن حزب العمل لرئاسة الدولة، ولكن انسحب بعد أن خضع لتحقيق في الشرطة. بعد مرور سنة من ذلك، قُدمت لائحة اتّهام ضده بسبب ارتكاب جرائم فساد، غسيل الأموال، الخداع، وخرق الثقة، ومخالفات ضريبية.

اقرأوا المزيد: 278 كلمة
عرض أقل
  • عودة المخطوفين من إنتيبي (GPO)
    عودة المخطوفين من إنتيبي (GPO)
  • عودة المخطوفين من إنتيبي (GPO)
    عودة المخطوفين من إنتيبي (GPO)
  • عودة المخطوفين من إنتيبي (IPPA/AFP)
    عودة المخطوفين من إنتيبي (IPPA/AFP)
  • عودة المخطوفين من إنتيبي (GPO)
    عودة المخطوفين من إنتيبي (GPO)
  • عودة المخطوفين من إنتيبي (GPO)
    عودة المخطوفين من إنتيبي (GPO)

عملية إنتيبي: العملية الأجرأ على الإطلاق

قبل 40 عامًا تمامًا، اختُطفت طائرة "إير فرانس" من تل أبيب من قبل عصابة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. لم يفكّر الخاطفون الذين هبطوا بالطائرة في قلب إفريقيا بالتأكيد أنّه لا مناص لإسرائيل إلا بإطلاق سراح الأسرى.‎ ‎لقد أخطأوا

40 عامًا مرّت منذ العملية الجريئة لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في إنتيبي، ولا يزال هناك اسمان يُلزمان كل إسرائيلي على التوقف فورًا عما يعمله، وأن يتذكر: إنتيبي، يوناتان ونتنياهو. العملية التي أديرت بخلاف قوانين المنطق البشري، والتي تضمّنت رحلة جوّية سرية لأكثر من 3,800 كيلومترًا من إسرائيل إلى أوغندا، وبعد ذلك معركة على الحياة أو الموت ضدّ الإرهابيين، أذهلت العالم.

ذكّرت العملية كل إنسان أراد الإضرار بدولة إسرائيل أو بمواطنيها، أنّه في اللحظة التي يمسّ فيها الأمر بأمن دولة إسرائيل؛ فليس هناك ما يُسمّى “مستحيل”، وليس ما يُسمّى أنّ إسرائيل لن توافق على عمل ذلك للحفاظ على أمنها.

الدكتاتور المجنون والإرهابي الخطير

كان وديع حداد، قائد الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، هو العقل المدبّر الذي يقف وراء سلسلة من عمليات اختطاف الطائرات التي سافر فيها إسرائيليون. أمر عام 1968 باختطاف طائرة “إل عال” التي كانت في طريقها من روما إلى إسرائيل، وهبطت في الجزائر. تم احتجاز 32 رهينة على مدى أكثر من شهر، واضطرّت الحكومة الإسرائيلية إلى الموافقة على طلبات الخاطفين بهدف إطلاق سراح الإسرائيليين.

وديع حداد (UPI/AFP)
وديع حداد (UPI/AFP)

بعد ذلك أمر حداد بمهاجمة طائرة إسرائيلية أخرى في أثينا عام 1968، واختطاف أربع طائرات إسرائيلية، وجعلها تهبط في القاهرة والأردن وتفجيرها في تشرين الثاني عام 1970. شكّلت المطارات ميدان العمل الأفضل لرجال حداد. متشجّعًا من نجاحاته، بادر حداد إلى عملية اختطاف أخرى لطائرة “إير فرانس” التي أقلعت من تل أبيب إلى فرنسا عن طريق أثينا، وعليها 248 راكبًا. بالإضافة إلى رجال الجبهة، تلقّى الخاطفون المساعدة من رجل وامرأة ألمانيين، أعضاء في تنظيم أناركي.

 

علم خاطفو الطائرة أن دكتاتورًا مجنونًا كعيدي أمين دادا سيستقبل الطائرة المختطفة بأذرع مفتوحة

طارت الطائرة إلى ليبيا، وأقلعت من هناك باتجاه أوغندا. وتلقّوا الخاطفين دعم حاكم أوغندا المستبدّ والسفاح، عيدي أمين دادا. ولقد سيطر أمين، وهو ضابط في الجيش الأوغندي على الحكم في البلاد لسنوات قليلة قبل ذلك، وكان في البداية صديقًا لإسرائيل، ولكن مع مرور عدّة سنوات قرّر تغيير موقفه ونمّى علاقاته مع معمّر القذّافي، ومع الاتّحاد السوفياتي ومع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

معمر القذافي مع عيدي أمين دادا (AFP)
معمر القذافي مع عيدي أمين دادا (AFP)

سمّى نفسه “فخامة الرئيس لمدى الحياة، الفيلد مارشال الحاج الدكتور عيدي أمين، سيّد جميع الحيوانات البرية وأسماك البحر، قاهر الإمبراطورية البريطانيّة في إفريقيا عمومًا وفي أوغندا خصوصًا”. علم خاطفو الطائرة أن دكتاتورًا مجنونًا كهذا سيستقبل الطائرة المختطفة بأذرع مفتوحة، وهكذا اختيرت أوغندا كوجهة لاحتجاز الرهائن. ولذلك هبطت الطائرة في مطار إنتيبي.

هدّد الخاطفون بانتهاء المهلة، وأنّهم سيعدمون الرهائن. وفي هذه الأثناء أمرت وحدات النخبة الإسرائيلية بالتجهّز لعملية لن نرى لها مثيلا

قرّر الخاطفون التفريق بين المختطفين اليهود وبين سائر المسافرين، الذين قاموا بإطلاق سراحهم. تمّ إطلاق سراح القبطان الفرنسي وأفراد طاقم الطائرة، ولكنهم رفضوا الرحيل وقرّروا البقاء مع المختطفين اليهود. وقد منحهم رئيس الحكومة الإسرائيلية وسام الشرف مقابل هذا العمل النبيل.

طلب الخاطفون إطلاق سراح 53 من رجالهم، معظمهم من الإرهابيين المسجونين في إسرائيل، وأيضًا فدية مالية. بتاريخ 4.7 هدّد الخاطفون بانتهاء المهلة، وأنّهم سيعدمون الرهائن. قرّرت إسرائيل التفاوض مع الخاطفين لكسب الوقت، وفي هذه الأثناء أمرت وحدات النخبة بالتجهّز لعملية لن نرى لها مثيلا.

الهجوم ليلا

اختيرت وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي، ومن بينها سرية هيئة الأركان العامة، سرية المظلّيّين وسرية جولاني، للمشاركة في العملية. أقلعت أربع طائرات هيركوليس جوًا من أجل نقل المقاتلين، والمختطفين الذين سيُطلق سراحهم. كان على رأس القوة المقاتلة لسرية هيئة الأركان قائدها، يوناتان (يوني) نتنياهو. كان نتنياهو من جنود السرية الشجعان، وقال ضبّاط آخرون إنّ طريقه لمنصب رئيس الأركان معبّد. خدم أخواه الصغيران، بنيامين وعيدو نتنياهو أيضًا في وحدة النخبة.

أرسِل أفضل المقاتلين الإسرائيليين إلى ساحة المعركة الخطيرة والبعيدة

أقلعت الطائرات الأربع قبل تلقّي الموافقة على العملية. بعد نقاشات كثيرة وعميقة، وافق رئيس الحكومة حينذاك إسحاق رابين ووزير الدفاع حينذاك شمعون بيريس على الهبوط في إنتيبي. أُرسِل أفضل المقاتلين الإسرائيليين إلى ساحة المعركة الخطيرة والبعيدة. وكان بينهم ما لا يقلّ عن أربعة رؤساء أركان مستقبليّين: دان شومرون، إيهود باراك، شاؤول موفاز وجابي أشكنازي.

هبطت الطائرة الأولى في ساعات المساء في 4 تموز، وأمّنت هبوط الطائرات الأخرى. ولإزالة اشتباه الحراس الأوغنديين، اقتحم المقاتلون على متن سيارة مرسيدس سوداء من نفس طراز سيارة عيدي أمين. ألغيَ تأثير المفاجأة للقوة المقتحمة حين أثار وابل من الطلقات من المقاتلين الإسرائيليين انتباه الحراس.

لو كان يدرك الإرهابيون أنّ القوات الإسرائيلية قد وصلت إلى المطار، كانوا سيعدمون الرهائن

عند هذه النقطة، كانت سرعة العمل أمرًا حاسمًا. لو كان يدرك الإرهابيون أنّ القوات الإسرائيلية قد وصلت إلى المطار، كانوا سيعدمون الرهائن. هاجم نتنياهو، الذي كان على رأس القوة، باتجاه المحطة، وأمر جنوده بتسريع وتيرة ركضهم. بعد مرور ثوانٍ، أصيب نتنياهو بطلق ناري من جندي أوغندي، وقُتل قبل بدء عملية الإنقاذ.

حدّد المقاتلون مكان قاعة المسافرين التي يُحتجز فيها المختطفون، ونجحوا في القضاء فورًا على الإرهابيين الذين حرسوها. أحد المختطفين ممّن وقف على رجليه في لحظة اقتحام القوات، اشتُبه به كإرهابي وقُتل رميًا بالرصاص. وقُتلت مسافرة أخرى رميًا بالرصاص من قبل الإرهابيين في لحظة الاقتحام. فيما عدا ستّة مسافرين آخرين أصيبوا خلال الاقتحام، تمّ إنقاذ جميع المسافرين الآخرين وهم على قيد الحياة وبصحّة جيّدة ونُقلوا جوّا إلى إسرائيل.

ابتهاج المفرج عنهم وصراخ العائلة الثكلى

 نجحت العملية أكثر من أي تخطيط. أوقف العالم أنفاسه، حين أردك أية عملية معقّدة، جريئة وذات خطورة قامت دولة إسرائيل بتنفيذها. تمّ استقبال الرهائن المحرّرين من قبل الحشود المبتهجة في المطار الإسرائيلي. احتفلت عشرات الأسر بإطلاق سراح ذويهم، بينما قامت أسرة نتنياهو بالحداد.

“حين رنّ الهاتف عندي في بوسطون في ساعات المساء، علمت قبل أن أرفع السماعة أن يوني لم يعد معنا”

كان بنيامين نتنياهو حينذاك طالبًا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة. تواجد والده بن تسيون، الذي كان بروفيسورًا في التاريخ، هو أيضًا في الولايات المتحدة ودرّس في نيويورك. تحدّث بنيامين نتنياهو – الذي أصبح مع السنين رئيسًا للحكومة – في جنازة بن تسيون، عن اللحظة التي أخبر فيها والده عن وفاة الأخ والابن يوناتان.

بنيامين نتنياهو مع أخيه يوني نتنياهو (YEDIOTH AHARONOTH/AFP)
بنيامين نتنياهو مع أخيه يوني نتنياهو (YEDIOTH AHARONOTH/AFP)

“حين رنّ الهاتف عندي في بوسطون في ساعات المساء، علمت قبل أن أرفع السماعة أن يوني لم يعد معنا. فكّرت حينها أنّه عليّ القدوم إليكما، يا أبي وأمي، سريعًا قدر الإمكان، إلى مكان تواجدكم في ولاية نيويورك، قبل أن يصلكم الخبر عن طريق آخر. وحينها سافرنا، سبع ساعات في جهنّم، ووصلنا إلى الطريق المؤدي للمنزل الذي عشتم فيه حينذاك.

رأيتك تمشي من خلال النافذة الزجاجية الكبيرة. رأيتك تمشي وتفكّر مشبّك اليدين وراء ظهرك. وفجأة أدرتَ وجهك ورأيتني، نظرة من الدهشة امتدّت على وجهك وقلت “بيبي، ماذا تفعل هنا”؟ وحين تحوّلت نظرتك إلى فهم رهيب، صرختَ صرخة مريرة وبعد ذلك صرخت أمي كذلك، ولن أنسى تلك الصرخات حتى يوم وفاتي”.

علّمت التضحية الهائلة لعائلة نتنياهو دولة إسرائيل كلّها درسًا لا يُنسى عن الثمن الذي تستعدّ دولة إسرائيل دفعه من أجل حماية مواطنيها. حين طُلّب من رئيس الحكومة نتنياهو أن يقرّر كيف يردّ على طلبات التنظيمات الفلسطينية بإطلاق سراح عناصرها مقابل الرهائن الإسرائيليين، فإنّ صورة شقيقه الراحل كانت معلّقة على حائط مكتبه. بعد 40 عامًا على العملية الجريئة، يعتبر يوناتان نتنياهو رمزًا لدولة إسرائيل كلّها، وليس لشقيقه فحسب.

 

اقرأوا المزيد: 1052 كلمة
عرض أقل
هل بيرني ساندرز جيد للفلسطينيين؟ (لقطة شاشة)
هل بيرني ساندرز جيد للفلسطينيين؟ (لقطة شاشة)

هل بيرني ساندرز جيد للفلسطينيين؟

المرشح اليهودي لرئاسة الولايات المتحدة هو الوحيد الذي لم يلقِ خطابا أمام مؤتمَر اللوبي المؤيد لإسرائيل في واشنطن، وفي إسرائيل يتهمون مؤيديه بكراهيتها

لا تزال احتمالات بيرني ساندرز لانتخابه الرئيس القادم للولايات المتحدة منخفضة، ولكن تعامله مع الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني لا يزال بمثابة لغز يثير اهتمام الكثيرين. في حين أنّ جميع المرشحين من كلا الحزبين – هيلاري كلينتون، دونالد ترامب، تيد كروز، وجون كاسيتش – قد توجهوا هذا الأسبوع لإلقاء خطاباتهم أمام مؤتمَر اللوبي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة، فإن ساندرز هو الوحيد الذي لم يشارك. وذلك رغم أنّه قد زار إسرائيل في الماضي، وأعرب عن دعمه لها.

بدلا من ذلك، قرر ساندرز التطرق إلى القضية الإسرائيلية الفلسطينية في خطابات ومقابلات خارج المؤتمر. في حين أن كل خصوم ساندرز قد أعربوا عن دعمهم أحادي الجانب تقريبا لدولة إسرائيل، فلم يتردد ساندرز بنقد سياسة رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بل وإطلاق تصريحات تتضمن تفهّما للمعاناة الفلسطينية.

قال ساندرز هذا الأسبوع: “من أجل النجاح في تحقيق السلام، علينا أن نكون أصدقاء للشعب الفلسطيني، وليس فقط للإسرائيليين”. وفي هذا الشأن ذكر ساندرز بيانات البطالة الفظيعة في قطاع غزة، وهو موضوع لم يختر أي مرشح آخر أن يتطرق إليه. لا يقلل هذا الأمر من التزام ساندرز بضرورة الاعتراف بدولة إسرائيل وأمنها من قبل الفلسطينيين.

وقد جاءت إدانة ساندرز لإطلاق الصواريخ من قطاع غزة تجاه إسرائيل بموازاة نقده لما وصفه بموت مئات الأبرياء في الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة.

قال ساندرز في مقابلة على شبكة إن بي سي الأمريكية: “نحن لا نستطيع تأييد كاملا أشخاص مثل نتنياهو، وتجاهل كل البقية”.

في المقابل، كشف الإسرائيلي يناي كوهين في صفحته على الفيس بوك أنّه في تجمّع لدعم ساندرز ظهر أشخاص يرتدون قمصانا لمنظمة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” الأمريكية، والتي تدعو، على حد زعمه، إلى القضاء على دولة إسرائيل. وأضاف كوهين: “يثير اهتمامي بشكل أقل أنّ ساندرز يهودي، ولكن ما يقلقني أكثر أن هذا هو الجمهور الذي اختار أن يضعه في الصف المقدمة”.

اقرأوا المزيد: 280 كلمة
عرض أقل