نير حسون

تدخين الأراجيل (Flash90/Nati Shohat)
تدخين الأراجيل (Flash90/Nati Shohat)

سكان القدس الشرقية: قانون التدخين يمسّ بثقافة الأراجيل في المقاهي

بلدية القدس تشدّد على إنفاذ قانون منع التدخين في الأماكن العامة في شرق المدينة وأصحاب المحلات يحذّرون من أن الغرامات ومنع التدخين تمس بأعمالهم وقد تؤدي إلى إغلاقها

شدّدت بلدية القدس العمل على إنفاذ قانون منع التدخين في الأماكن العامة في شرق المدينة. وفقا لكلام أصحاب المحلات، التي يعتبر التدخين فيها جزءًا لا يتجزأ من ثقافة قضاء الوقت، فحتى اليوم لم يُطلب منهم تنفيذ هذا القانون أبدا. وقد حذّر أصحاب المحلات من أنّ الغرامات ومنع التدخين يمسّان بالمحلات وقد يؤديان إلى إغلاقها. وقد نفى المسؤولون في بلدية القدس أنّ تكون سياسة إنفاذ القوانين الجديدة على خلفية الأحداث الأمنية في المدينة وقالوا: “تلتزم البلدية بإنفاذ القانون القطري لمنع التدخين في الأماكن العامة وهكذا تفعل دائما”.

وتدير أسرة محمد أبو رانم مقهى في حيّ الطور منذ 55 عاما، ووفقا لكلامها فلم يُطلب منها أبدا إنفاذ قوانين التدخين. وقد تلقّى صاحب المقهى مؤخرا غرامة بقيمة 5,000 شاقل، بالإضافة إلى غرامة 1,000 شاقل بسبب زبون تم الإمساك به وهو يدخن داخل المحلّ. “قبل عشرة أيام كان هنا مراقبون من البلدية وطلبوا منا إدخال الكراسي التي كانت في الخارج، ولم يقولوا شيئا عن الأراجيل… حقا لم يعد الناس يأتون، ففي يوم من الأيام كنا نكسب 500 شاقل في اليوم، أما اليوم فلا نكسب حتى 200″، كما يقول عامل المقهى خالد أبو سفيطان، الذي تمت إقالته من عمله أمس  لعدم وجود عمل كاف.

ثقافة الأراجيل (AFP)
ثقافة الأراجيل (AFP)

وقد تلقّى محل الملابس الخاص بأمجد جولاني أيضًا في شارع الزهراء غرامة بقيمة 5,000. وفقا لجولاني، فهو لا يدخن ويحظر على الزبائن التدخين داخل المحل، ولكن الغرامة قد فُرضت عليه عندما شاهد المراقب زبونا في المحل يشعل سيجارة لأحد المارّة.

ولا يذكر رائد سعدي، مدير الفندق القديم، “Jerusalem Hotel”، بأنّه طُلب منه في يوم ما الاهتمام بحظر التدخين، رغم أنّ الفندق يعمل منذ العام 1950. فقبل نحو أسبوعين تلقى أصحاب الفندق غرامة بقيمة 1,000 شاقل بعد أن تم الإمساك بأحد الزبائن وهو يدخّن في الحديقة. “لقد اختاروا الوقت غير المناسب لهذه الحملة. وبدأ المسؤولون في البلدية بحملة المراقبة كما لو كانت حربا، كان عليهم أن يخبرونا، وأن يوضحوا لنا”، كما يقول سعدي.

وبحسب القانون يحظر حظرا تاما التدخين في مكان تابع لأحد المحلات التي تقدم الطعام أو الشراب، أو في جزء مفتوح للعامة، إلا إذا خُصّصت غرفة حصرية للتدخين.

ثقافة الأراجيل (Keren Freeman/Flash90)
ثقافة الأراجيل (Keren Freeman/Flash90)

وقد بدأت السياسة الجديدة التي يتحدث عنها سكان شرق المدينة منذ زمن قصير بعد بداية موجة الإرهاب الحالية في بداية شهر تشرين الأول. وكان أول من بدأ بتلقي المخالفات من مراقبي البلدية هم أصحاب المحلات في شارع الواد في المدينة القديمة، حيث جرى هناك جزء كبير من أحداث الطعن على خلفية قومية. حينها بدأت البلدية بزيادة إنفاذ مختلف القوانين وبدأ مراقبوها بكتابة المخالفات على اللافتات، إخراج البضائع خارج المحل، عدم وضع اللافتات التي تحظر التدخين داخل المحلات وغير ذلك. مؤخرا، انتشرت السياسة الجديدة إلى باقي أجزاء القدس الشرقية.

ووفقا لأصحاب المحلات فإنّ سياسة الغرامات تضرّ بهم في فترة صعبة بشكل خاصّ من الانخفاض الشديد في السياحة. بحسب كلامهم، فقد بدأت البلدية بكتابة التقارير دون تحذيرات مسبقة ودون الأخذ بعين الاعتبار الحالة الخاصة للمباني في المدينة القديمة، والتي لا توجد إمكانية في جزء كبير منها لتخصيص أماكن دون تدخين.

تدخين الأراجيل (Flash90)
تدخين الأراجيل (Flash90)

قالت بلدية القدس إنه في الشهر الماضي تمت كتابة 20 مخالفة بسبب التدخين في شرق المدينة، في حين وصل عدد المخالفات في غرب المدينة إلى  47 مخالفة. “لا تنفّذ بلدية القدس  سياسة جديدة، لأنّه ليست هناك سياسة جديدة”، هذا ما نُقل.

نشر هذا المقال لأول مرة في‏‏‏‎ ‎‏‏‏‏صحيفة هآرتس‏‏‎ ‎‏‏

اقرأوا المزيد: 508 كلمة
عرض أقل
حيّ التلّة الفرنسية (Abbi Klein / Facebook)
حيّ التلّة الفرنسية (Abbi Klein / Facebook)

الحيّ الذي توحّد جنبًا إلى جنب

عام واحد مرّ فقط منذ أن أشعل مقتل الفتى محمد أبو خضير العنف في أرجاء القدس. والآن يقدّم حيّ التلّة الفرنسية، الواقع على الحدود بين شطري المدينة، نموذجًا للحياة المشتركة بين اليهود والعرب

قبل عشرة أيام أحيى فلسطينيون في القدس ذكرى مرور عام على مقتل محمد أبو خضير.‎ ‎ورغم أن العنف الذي اندلع في الصيف الماضي لم يتوقف تماما – حيث ألقى فلسطينيون أمس فقط زجاجة حارقة تجاه مستوطنة معاليه زيتيم وتجاه ثكنة تابعة للجيش الإسرائيلي في جبل المشارف وتم إحباط هجوم بالطعن يوم الخميس في حاجز قلنديا – رغم ذلك تبدّدت المخاوف من العودة إلى المشاهد التي كانت في المدينة في رمضان الفائت.

حتى الآن على الأقل. وكذلك فإنّ عودة نشطاء تنظيم “لاهافه” إلى الشوارع وسط مدينة القدس، حيث أطلقوا هناك هتافات عنصرية وهاجموا المارّة العرب، لم تتسبّب حتى الآن بتدهور عند خطّ التماس الحسّاس بين المجموعتين السكانيتين المختلفتين في المدينة.

مسرح حادثة دهس في القدس (Yonatan Sindel/Flash90)
مسرح حادثة دهس في القدس (Yonatan Sindel/Flash90)

كانت إحدى أبرز موجات العنف التي اجتاحت القدس الشرقية في العام الماضي عندما ذهب العشرات من الشباب الملثّمين من العيسوية إلى محطة الوقود الواقعة بين القرية وبين حيّ التلّة الفرنسية، وأشعلوا النار جزئيّا في المتجر القائم في المكان وتسبّبوا بأضرار كبيرة للمحطة.‎

‎أصبح مركز الحيّ مكانا للقاء، نادر جدّا في المشهد المقدسي، بين اليهود والعرب

وانضمت هذه الحادثة إلى عدة حوادث دهس جرت غير بعيد عن الحيّ وإلى مشكلة الشعور بالأمن لدى الطلاب (وخصوصا الطالبات) في شوارع الحيّ في ساعات المساء. وقد ساهمت أكثر فقط في رسم صورة التلّة الفرنسية كحيّ على خطّ التماس يعاني سكانه كثيرا من الاحتكاك بين المجموعات السكانية. كان موضوع الأمن في التلّة الفرنسية قضية رئيسية في المعركة الانتخابية في البلدية قبل عام ونصف، حينها تنافس المرشّحون بينهم حول من سيضمن حماية سكان الحيّ.

وقد نقلت زيارة لمركز تجاري في وسط الحيّ الأسبوع الماضي رسالة مختلفة: أصبح مركز الحيّ مكانا للقاء، نادر جدّا في المشهد المقدسي، بين اليهود والعرب. في تقدير أصحاب المصالح في المكان، نحو 30% من زبائنهم هم من العرب، من بينهم طلاب من الجامعة (الحيّ مجاور للحرم الجامعي في جبل المشارف)، مواطنون عرب من الشمال والمثلث يعيشون في الحيّ، وفلسطينيون من الأحياء المجاورة. بل إنّ بعض المصالح في المركز التجاري مملوكة لفلسطينيين.

"حمص التلة" في المركز التجاري في وسط الحيّ (Nati Shohat/Flash90)
“حمص التلة” في المركز التجاري في وسط الحيّ (Nati Shohat/Flash90)

قبل نحو أربعة أشهر افتتح فؤاد عبيسان، البالغ من العمر 34 عامًا من راس العمود، مطعم حمّص في الحيّ، وقد أصبح مكانًا شعبيّا. “جعلوني أشعر أنّني نجحت منذ اللحظة الأولى للافتتاح”، كما يقوم مبتسما. يملك عبيسان خبرة كبيرة في قطاع المطاعم، فقد عمل لسنوات عديدة في مطاعم بتل أبيب وفي فنادق بإيلات. في ذروة حياته المهنية كان طاهيا في مطعم “كحول” في تل باروخ.

ولكن بعد أن تزوج ووُلد أبناؤه، سعى للعودة إلى القدس وافتتح مطعم الحمّص في دكان شاغر في الطابق الثاني المهجور نسبيا في المركز التجاري. “أرى المكان هنا مثل تل أبيب، فقط دون بحر. لدي طاولات ليهود وعرب معًا – وهذا أمر نادر في القدس”.

من الصعب أن نتجاهل التنوع في المركز التجاري. فسوى سكان الحيّ من اليهود يأتي إليه سكان عرب، والذين تتزايد أعدادهم في الحيّ. معظمهم مواطنين عرب من شمال البلاد، يعملون في المدينة في مهن أكاديميّة أو حرة وينتمون إلى طبقة اقتصادية – اجتماعية عالية.

تسبّبت الانتفاضة المقدسية التي تم الشعور بها بشكل خاص في أحياء شرقي المدينة بفرار بعضهم للبحث عن معيشة في التلّة الفرنسية. التقينا بالمحامية هديل يونس من وادي عارة في صالون الحلاقة القديم، المشغّل من قبل حلّاقين عرب. إنها تعيش مع أسرتها في شعفاط، ولكنها تسعى في هذه الأيام إلى شراء شقة في الحيّ: “نحن نبحث عن جودة الحياة أبعد ممّا هو موجود داخل المنزل.

الشوارع، الأرصفة، الحديقة للأطفال، بل حتى عامل توصيل البيتزا والهمبرغر – كل ذلك موجود في التلّة الفرنسية. وقد أثرت كذلك الأحداث التي جرت في السنة الماضية، والتي كانت أياما لم نستطع فيها الخروج”.

مدير عيادة صندوق المرضى التي تعمل في المركز التجاري: “العرب هم نعمة للحيّ، إنّهم سكان جيّدون”

ليست هناك معطيات دقيقة بحوزة أي أحد حول عدد العرب الذين يعيشون في الحيّ، ولكن الكثيرين يزعمون أنّ هناك ارتفاع، وخصوصا في شوارع معيّنة. ربّما بخلاف ما يمكن توقّعه، لا يتذكّر أحد بأنّ أحد ما قد اشتكى، احتجّ أو حتى أعرب عن اهتمام خاص بالظاهرة. “العرب هم نعمة للحيّ، إنّهم سكان جيّدون”، يقول مدير عيادة صندوق المرضى “كلاليت” والتي تعمل في المركز التجاري، روني كنعاني. الحيّ أكثر تعدّدية وانفتاحا من الصورة التي رُسمت له. في الواقع فالوضع اليوم أقلّ إشكالية بكثير. هناك ظهور كبير للعرب في المركز ولكن ليس هناك شعور بأنّ ذلك سيخلق مشكلة”، كما يقول إيتاي ليتمان، وهو مواطن وناشط اجتماعي في الحيّ.

محطّة الوقود في التلّة الفرنسية بعد الدمار (Yonatan Sindel/Flash90)
محطّة الوقود في التلّة الفرنسية بعد الدمار (Yonatan Sindel/Flash90)

وسوى سكان الحيّ، يأتي إلى المركز أيضًا الكثير من الفلسطينيين من الأحياء المجاورة. ووفقًا لأصحاب المحلات في المكان، فإنّ سكان العيسوية، القرية المجاورة وذات الوضع الصعب، يأتون لاستهلاك خدمات ليست متوفرة في القرية: كالبريد، البنك والسوبر ماركت. ويأتي سكان بيت حنينا وشعفاط، وهما الحيّان الأفضل حالا في القدس الشرقية، إلى لقاءات عمل في المقهى أو لوجبة أو للترفيه. “أحبّ زبائني العرب كثيرا، إنهم جمهور نوعي لا يجادل على المال مقارنة بالإسرائيلي العادي. المشكلة الوحيدة معهم هي أنّهم لا يأتون بأعداد كبيرة بشكل كافٍ”، كما يقول موتي ساسون، صاحب مطعم الطبخ “تسيونا” الذي يعمل في المكان منذ 30 عامًا.

ومؤخرا هناك عدوّ للمجموعتين السكانيّتين اللتين اقتربتا من بعضهما البعض: مكبّ ضخم للأتربة وركام الأبنية من المقرّر أن يتم إنشاؤه في المنطقة المفتوحة بين العيسوية، التلّة الفرنسيّة ورأس خميس – وهو حيّ فلسطيني يقع وراء حاجز شعفاط. توحّدت الأحياء مؤخرا في نضال مشترك ضدّ مبادرة البلدية بإقامة المكبّ. في الأسبوع الماضي، ظهر ممثّلو تلك الأحياء سوية أمام لجنة الداخلية في الكنيست في نقاش حول الموضوع وهم يعملون فعلا على استمرار النضال المشترك.

في هذه الأثناء، يتمتّع جميع المشاركين بنجاح تحقيق السلام في التلّة الفرنسيّة، وليس هم فحسب. مجموعات أخرى بارزة في حضورها في المركز التجاري الصغير وهي من الطلاب والمواطنين الأجانب من جميع أنجاء العالم. يختاره الطلاب بشكل أساسيّ بسبب قربه من الجامعة، وكذلك موظّفو المنظّمات الدولية والممثليات الأجنبية التي تنشط مع الفلسطينيين والذين استقرّوا في الحيّ تحديدًا لأنّه مكان للعبور إلى الخطّ الأخضر؛ والذين يبحثون عن سكن مجاور لمكان عملهم.

حيّ التلّة الفرنسية (Facebook)
حيّ التلّة الفرنسية (Facebook)

“تشكل منطقة المائة متر الأكثر تميّزا في كل القدس”، كما يقول المحامي نضال طه، والذي يملك مكتبا في المكان، “من السوبر حتى الهمبرغر، الشارع الأكثر تميّزا، حيث يعرف الجميع بعضهم البعض، ولا ينظرون سواء كنت  عربيا أو يهوديا. لقد مررنا هنا بفترات صعبة. مررنا بقتل محمد أبو خضير وبعملية “الجرف الصامد”. كلٌّ منّا شعر بغضب. كان هناك يوم واحد كان فيه 30 قتيلا في الشجاعية وخمسة جنود. غضب صاحب أحد المقاهي هنا لوفاة الجنود وغضبت أنا لوفاة المدنيّين، ولكن حاولنا عدم الحديث عن ذلك. بما أننا اجتزنا ذلك فأنا أعتقد أنّنا سنجتاز كلّ شيء”.

أما رئيس المجلس المحلّي للحي، إيلي روزنفيلد، فهو أقلّ تفاؤلا، وخصوصا في كلّ ما يتعلّق بالعلاقة مع الحيّ الفلسطيني المجاور: “لا شكّ أنّه يوجد هنا تعايش، ولكنه هدوء مشوب بالتوتّر، فلم يهدأ الأمر بعد. يوم السبت قبل أسبوعين، توجه ثلاثة شبان من العيسوية إلى طفل يهودي في المركز، أخذوا منه دراجته الهوائية وفرّوا إلى داخل القرية. كلّ شيء مبنيّ على نسيج رقيق جدّا جدّا، وهناك من يرغب بتفكيكه. نحن نبذل جهدنا للحفاظ عليه”.

ويتميّز المركز التجاري في التلّة الفرنسية في القدس أيضًا بحقيقة كونه المركز التجاري الوحيد في المدينة والذي فيه محلات تفتح يوم السبت، ومن بينها مطعم الحمص الذي يملكه عبيسان ومطعم الهمبورغر المجاور، والذي يملكه فلسطيني أيضًا. “الحمص يصنع السلام”، ينقل عبيسان المقولة القديمة، “إذا دخل عربي إلى المقهى، ينظرون مباشرة لتفحص إذا ما كانت بحوزته حقيبة يخفي فيها وسائل ما أم لا، يسود الهدوء هنا. لو افتتح رئيس الحكومة مطعم حمّص لكان هناك سلام فعلا”.

نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في صحيفة “هآرتس‎”‎‏

اقرأوا المزيد: 1146 كلمة
عرض أقل
طالبات في المدارس في القدس الشرقية (Flash90/Isaac Harari)
طالبات في المدارس في القدس الشرقية (Flash90/Isaac Harari)

رقم قياسي في القدس الشرقية في الطلب على منهاج امتحانات التوجيهي الإسرائيلية

5% فقط من مجموع التلاميذ في شرقي المدينة يدرسون لامتحانات البجروت الإسرائيلية، ولكن أكثر من نصف الأهالي يؤيدون الانتقال من المناهج الدراسية الفلسطينية

سُجّل في العام الماضي رقم قياسي في الطلب على منهاج الدراسة الإسرائيلي للبجروت في القدس الشرقية، وتتوقع البلدية في العام القادم أن يصل عدد الطلاب في إطارها في شرقيّ المدينة إلى 2,200 وهو ارتفاع بنحو 60% بالمقارنة مع عام 2012. من المتوقع أيضا أن يزداد عدد المؤسسات التي تقدم منهاج الدراسة الإسرائيلي، وأن يرتفع من ست مؤسسات اليوم إلى 15 في العام المقبل.

وفقا للمعطيات التي جمعتها إدارة التربية في بلدية القدس، يتعلم هذا العام 1,934 تلميذًا في إطار صفوف تدرّس لامتحانات البجروت الإسرائيلية؛ وهو ارتفاع بنحو 39% مقارنة بعام 2012، حيث كان عددهم حينذاك 1,392. وسيتم في العام المقبل تدريس منهاج البجروت الإسرائيلي في 88 من الصفوف، وهو ارتفاع ملحوظ عن عام 2012، حيث كانت حينذاك مدرستان فقط و 43 من الصفوف التي كانت تدرس بموجبه. وفي مسح أجرته البلدية في أوساط الأهالي في التعليم البلدي في القدس الشرقية، ظهر أنّ 52% يفضّلون أن يدرس أطفالهم لامتحانات البجروت الإسرائيلية. وقد عُرضت النتائج أمس في منتدى هبايس للتعليم في إطار مؤتمر التعليم والاقتصاد.

وما زال يشكّل دارسو البجروت الإسرائيلية نسبة منخفضة من مجموع التلاميذ في الجهاز التربوي في القدس الشرقية، والذين يبلغ تعدادهم نحو 24 ألف تلميذ في المدارس الثانوية. وقد تقدّم 515 تلميذًا في شرقي المدينة للبجروت الإسرائيلية في عام 2013، أي نحو 5% فقط من مجموع التلاميذ في صفوف الثاني عشر. ويستمر معظم التلاميذ للتقدّم لامتحانات التوجيهي، ولكن نسبة طلاب الذي يدرسون لامتحانات البجروت الإسرائيلية لا تزال في ارتفاع. وبالإضافة إلى ذلك فهناك ازدهار في السنوات الماضية في المعاهد التي تدرّس لامتحانات البجروت الإسرائيلية في ساعات ما بعد الظهر. وفقا للتقديرات، فقد افتُتح في السنوات الأخيرة ما لا يقلّ عن عشرة معاهد خاصة من هذا النوع.

طالبات في المدارس في القدس الشرقية (Flash90/Isaac Harari)
طالبات في المدارس في القدس الشرقية (Flash90/Isaac Harari)

وقد استمر هذا الارتفاع في الطلب على شهادة البجروت الإسرائيلية لعدة سنوات وهو مرتبط بعمليات أكثر عمقا في توجه المجتمَع في القدس الشرقية تجاه القدس الغربية، منذ إتمام جدار الفصل الذي فصل بينها وبين الضفة الغربية. يصعّبُ القطع الماديّ على الطلاب الجامعيين الوصول إلى الجامعات في الضفة وهم لا يستطيعون، دون أن تكون بحوزتهم شهادة بجروت إسرائيلية، الدراسة في مؤسّسات التعليم الإسرائيلية. في الوقت نفسه ارتفع أيضًا الطلب على دراسة العبرية وهناك زيادة في عدد العمال الفلسطينيين في القدس الغربية وفي إسرائيل عموما. وتنعكس هذه الخطوات أيضًا في الارتفاع بالطلب على المواطَنة الإسرائيلية الكاملة. فمثل التعليم، هناك عدد صغير، ولكنه آخذ بالازدياد. وفقا للتقديرات هناك نحو ألف مواطن فلسطيني في القدس الشرقية يطلبون المواطَنة الكاملة بدلا من صفة الإقامة المؤقتة.

في السنة الماضية، قررت وزارة التربية والبلدية في القدس الاستجابة لهذا الطلب بل وشجّعتا على انتقال المدارس إلى التعليم لامتحانات البجروت الإسرائيلية أو إدخال منهاج مكافئ لشهادة البجروت الإسرائيلية، من خلال إعطاء حوافز مالية. وقد خطّطت البلدية في العام الماضي لافتتاح مدرسة في حيّ بيت حنينا شماليّ المدينة. وفقا للبرنامج فقد كان من المتوقع أن يُفتتح فصلان دراسيّان للصف السابع. ولكن سجّل للمدرسة ما لا يقلّ عن 220 تلميذًا وهناك الآن برنامج لافتتاح سبعة فصول دراسية للصفين السابع والثامن.

هناك خلاف كبير جدّا حول موضوع الانتقال لامتحانات البجروت الإسرائيلية في المجتمَع الفلسطيني (Flash90/Sliman Khader)
هناك خلاف كبير جدّا حول موضوع الانتقال لامتحانات البجروت الإسرائيلية في المجتمَع الفلسطيني (Flash90/Sliman Khader)

وهناك خلاف كبير جدّا حول موضوع الانتقال لامتحانات البجروت الإسرائيلية في المجتمَع. “الذي تفعله البلدية هو استغلال ضعف الجهاز التربوي”، كما يقول حاتم خويص، مستشار اتحاد لجنة الآباء في شرقي المدينة، “لقد أضعفت إسرائيل الجهاز التربوي وأزالت بعض المحتويات بما يخالف اتفاقية جنيف وبما يخالف اتفاقات أوسلو وهي الآن تستغلّ ذلك لأهداف سياسية”. بحسب كلامه، إنّ الادعاء وكأنّ الشبان سيستطيعون الدراسة في النظام التعليمي العالي الإسرائيلي وسيندمجون في سوق العمل الإسرائيلي هو وَهْم، “معدّل البطالة في القدس الشرقية مرتفع جدّا ولا ينتظر أرباب العمل الإسرائيليون العمّالَ الفلسطينيين”.

في الأسابيع الماضية بدأت البلدية، الشرطة ووزارة التربية بتفعيل برنامج لإطالة اليوم الدراسي في عشر مدارس ثانوية في شرقي المدينة. وقد تمّ تشكيل قائمة المدارس الثانوية التي سيتم فيها إطالة اليوم الدراسي حتى الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر وفي بعض الأماكن حتى الساعة السادسة مساءً، بالاشتراك مع الشرطة، بحسب المدارس التي كانت أكثر انخراطا في المظاهرات العنيفة وفي المواجهات مع الشرطة. وقد تم عرض إطالة اليوم الدراسي من قبل الشرطة كخطوة لمكافحة موجة العُنف التي تجتاح شرقي المدينة في السنة الأخيرة.

ويستمر النظام التعليمي في شرقي المدينة بالمعاناة من مشاكل صعبة من نقصان مئات الصفوف ونظام بلدي ضعيف بالمقارنة مع النظم التعليمية الخاصة، التي يدرس فيها نحو نصف التلاميذ.

نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في صحيفة “هآرتس”

اقرأوا المزيد: 663 كلمة
عرض أقل
سياح من إندونيسيا في القدس (Nati Shohat/Flash90)
سياح من إندونيسيا في القدس (Nati Shohat/Flash90)

طوق نجاة للسياحة في القدس: الزوار المسلمون

عانى قطاع السياحة في العاصمة الإسرائيلية، في العام الماضي، من انخفاض بنسبة نحو 20% في عدد ليالي المبيت. كان يمكن أن يكون الوضع أكثر سوءًا بكثير، لولا الارتفاع الكبير في عدد السياح من الدول الإسلامية: يقدّر عددهم بعشرات الآلاف

ملأ المزج بين عيد الفصح اليهودي وعيد الفصح المسيحي، من جديد، في الأيام الأخيرة، شوارع المدينة القديمة في القدس بالسياح، ولكن المعطيات تشير إلى أنّ أزمة السياحة التي تضرب القدس منذ الصيف ما زالت قائمة.

كان معدّل الإشغال في فنادق القدس، خلال الأيام التي تتوسط الأيام الكاملة الأولى والأخيرة من عيد الفصح نحو 60% فقط، وفي ليلة عيد الفصح والعيد الثاني (المقابل لـ “النار المقدّسة” عند الكنائس الشرقية) ازداد الانشغال بنسبة  80% حتى 85%. وفق تقدير رئيس اتحاد الفنادق في المدينة، أرييه زومار، فإنّ هذه المعطيات هي أقلّ بنحو 20% ممّا كانت عليه في السنة الماضية.

الخلاص لقطاع السياحة في المدينة قد يأتي من مصدر مفاجئ: الدول الإسلامية بشكل عام والدول العربية بشكل خاص

غير أنّ الخلاص لقطاع السياحة في المدينة قد يأتي من مصدر مفاجئ: الدول الإسلامية بشكل عام والدول العربية بشكل خاص. نشرت مجموعة من الفقهاء من دول الخليج العربي، في الأسبوع الماضي، فتوى دينية تسمح وتوصي بزيارة القدس. وتنضمّ هذه الفتوى (التي نُشرت للمرة الأولى بالعبرية في صفحة فيس بوك 0202) إلى الجدل السياسي والديني الذي يعصف بالعالم العربي منذ ثلاث سنوات. ينضمّ هذا الحوار إلى المعطيات التي تشير إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الزوار المسلمين الذين يأتون إلى المدينة.

“الناس يخافون، ولكن هناك المزيد والمزيد ممن يرغبون بالمجيء إلى القدس”، كما قال رائد عطية، صاحب وكالة السفريات HLA TOURS من بيت لحم، وهو متخصّص في إحضار مجموعات السيّاح المسلمين إلى البلاد. “إذا غيّرت إسرائيل من نهجها، أعتقد أنّه سيأتي الملايين، بالتأكيد. لا فرق بينهم وبين الحجّاج من أوروبا وأمريكا”.

في العام الماضي، دخل إلى إسرائيل نحو 26.7 ألف سائح من إندونيسيا، 23 ألف من تركيا، 17.7 ألف سائح من الأردن، نحو 9,000 من ماليزيا ونحو 3,300 من المغرب

من حيث الأرقام المطلقة، فهم أقلية من الزوار في إسرائيل، وما زالت تُسجّل زيادة، في السنوات الأخيرة، في عدد الزوّار من جميع الدول الإسلامية. في العام الماضي، دخل إلى إسرائيل نحو 26.7 ألف سائح من إندونيسيا، 23 ألف من تركيا، 17.7 ألف سائح من الأردن، نحو 9,000 من ماليزيا ونحو 3,300 من المغرب. أوقفت الحرب في غزة هذا الارتفاع في بداية 2015، ولكن في أول شهرين من هذا العام دخل ما لا يقلّ عن 10,000 سائح مسلم إلى إسرائيل.

سياح في القدس (Hadas Parush/Flash90)
سياح في القدس (Hadas Parush/Flash90)

بدأ الحوار الفلسطيني والعربي حول هذه القضية بدءًا من العام 2012، حينها دعا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) المسلمين إلى زيارة القدس. تُعارض حماس بشدّة زيارة القدس، حتى لو كانت زيارة لأهداف دينية وتساعد بشكل أساسيّ أصحاب المصالح الفلسطينيين، حيث إنّها تتمّ تحت رعاية السيطرة الإسرائيلية على المدينة وتمثّل اعترافا فعليّا بإسرائيل. ويقف إلى جانب حماس الفقيه الأهمّ في العالم الإسلامي اليوم، وهو يوسف القرضاوي. في المقابل، يقول فقهاء آخرون، يؤيّدون نهج فتح، إنّ النبيّ محمد نفسه جاء إلى المدينة في الرحلة الليلية الموصوفة بالقرآن، رغم أنها لم تكن تحت الحكم الإسلامي.

بدأ الحوار الفلسطيني والعربي حول هذه القضية بدءًا من العام 2012، حينها دعا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المسلمين إلى زيارة القدس

ويبدو في الوقت الراهن أنّ حقيقة وجود هذا الجدل قد أنشأت شرعية للقدوم إلى إسرائيل. ورغم أنّ معظم السيّاح المسلمين يأتون من دول غير عربية مثل تركيا، الهند، إندونيسيا وماليزيا. ولكن هناك أيضًا مجموعات من المغرب، تونس، الأردن وزوّار من دول الخليج. وتأتي أيضًا مجموعات من الحجّاج المسلمين من الدول الأوروبية.

يستمرّ متوسّط الزيارة لمدة أربعة أيام يشمل يوما كاملا مخصّصا للزيارة والصلاة في المسجد الأقصى وللمدينة القديمة، زيارة بيت لحم، الخليل، موقع النبي موسى في أريحا. يدخل معظم السيّاح إلى إسرائيل عن طريق معبر جسر الملك حسين، وقليل منهم عن طريق مطار بن غوريون. “كثيرا ما يقولون لي إنّهم لا يريدون القدوم من تل أبيب لأنّها إسرائيل. فنشرح لهم قائلين أن جميع المعابر تقع تحت سيطرة إسرائيل”، كما يقول عطية. بحسب كلامه، يمكن للتفتيش في جسر الملك حسين أن يستمرّ لثماني أو عشر ساعات، ممّا يثقل كثيرا على الزوّار. “هذا جزء من السياسة، يراكمون الصعوبات عمدًا حتى لا يعودوا إلى هنا”.

ويقوم الكثير من الزوّار بذلك في إطار الحجّ المتكامل للمدن الثلاث المقدّسة في الإسلام. بعد زيارة القدس، يسافرون عن طريق الأردن أيضًا إلى مكة والمدينة في السعودية. وقال مصدر مشارك في هذه القضية إنّ الرقابة في الحدود الإسرائيلية تسمح للزوار القادمين بزيارة فردية بالدخول دون أن يُختم جواز سفرهم بختم إسرائيلي، حتى لا يتم الإثقال عليهم مستقبلا لدى دخولهم إلى الدول العربيّة.

“واليوم هذا جزء من الصدع بين فتح وحماس”، كما يوضح البروفيسور يتسحاق رايتر، الباحث في “معهد القدس”. “اعتمد أبو مازن النهج الذي يقول إنّه من الأفضل أن يأتي أكبر عدد من المسلمين إلى القدس، ليروا حال الفلسطينيين وليساعدوا الفلسطينيين والسلطة في الواقع. حماس، التي لا تسيطر على القدس وليس لديها أية مصلحة، تقول إنّ مجرّد القدوم يعطي شرعية لإسرائيل. والواقع على الأرض هو أنّ هناك الكثير من الزوار. في الأسبوع الماضي، ألتقيت بمجموعة من إندونيسيا في قبر داود”. بحسب تعبيره: “هناك فضول هائل. عندما تكون الظروف السياسية أكثر هدوءًا ستكون هناك سياحة إسلامية كبيرة جدّا، لأنّ القدس والأقصى حصلا على الكثير من الزخم. وهذا مثير للاهتمام جدّا”.

نشر هذا المقال للمرة الأولى في ‏‏صحيفة ‎‏‏‏‏‏هآرتس‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

اقرأوا المزيد: 781 كلمة
عرض أقل
الحرب الأهلية السورية (AFP)
الحرب الأهلية السورية (AFP)

لاجئ سوري يساعد الثوار في زيارة إسرائيل: “رأينا أن الإسرائيليين ليسوا وحوشا”

مسؤول في شبكة المساعدات الإنسانية لدى الثوار، يتحدث للطلاب عن الحرب الأهلية السورية وعن العمل المشترَك مع إسرائيل. بحسب كلامه، فقد استخدم الأسد سلاحًا كيميائيًّا 26 مرة: "كان ذلك وحشيّا بشكل خاصّ"

يزور مواطن سوري إسرائيل في هذه الأيام، وهو مسؤول في شبكة المساعدات الإنسانية لدى الثوار.

وقد استُضيف هذا الشخص أمس، والذي هويّته سرّية، وظهر أمام الطلاب والمحاضرين في معهد ترومان في الجامعة العبرية وتحدث عن تاريخ الحرب الأهلية، والتي سيكون قد مرّ عليها في الأسبوع القادم أربع سنوات، من وجهة نظره.

فعندما لاحظ هو وأصدقاؤه أن نظام الأسد قد نهج الاعتقال، التعذيب وإعدام الجرحى الذين يصلون إلى المستشفيات بدأوا بإقامة شبكة سرية من المنازل الخفية قاموا بمعالجة الثوار فيها

أ. كان موظفا كبيرا في الخدمات الطبية في سوريا عندما اندلعت الحرب الأهلية. وفقا لشهادته، فعندما لاحظ هو وأصدقاؤه أن نظام الأسد قد نهج الاعتقال، التعذيب وإعدام الجرحى الذين يصلون إلى المستشفيات بدأوا بإقامة شبكة سرية من المنازل الخفية قاموا بمعالجة الثوار فيها. قبل نحو عامين تم اكتشاف الشبكة واعتُقل أعضاؤها. أ. ومن حسن حظّه فقد كان خارج البلاد في تلك الأيام ونجا. “وهكذا تحوّلت من ناشط إلى لاجئ”، كما قال. ومنذ ذلك الحين فهو يساعد الثوار في الحصول على الإمدادات الإنسانية من خارج سوريا.

‎ ‎ليس أقلّ من 26 مرّة قبل أن يتدخّل المجتمع الدولي. “كان ذلك وحشيّا بشكل خاصّ، لأنّهم رشّوا الأسلحة الكيميائية في أيام لا تسودها رياح، وبعد أن قطعوا تدفق المياه إلى الأحياء المهاجَمَة، حقّقوا بذلك 100% من القتلى”.

في إطار عمله جرى اتصال بينه وبين منظمة إسرائيلية تقدّم المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين. “سألت لماذا، لماذا يريدون مساعدتنا؟ يعتقد الناس في سوريا أنّ كل الإسرائيليين يريدون قتلنا، وأن إسرائيل تريد طردنا من منازلنا وسلب أرضنا. ولكننا رأينا حينها أن مَن طردنا كانت حكومتنا ومن قتلنا كانت حكومتنا، وحينها رأينا أن الإسرائيليين هم بشر وليسوا وحوشا وهناك مجتمع متنوع كما في كل دولة في العالم”. بحسب كلامه، ففي أوساط الثوار السوريين فإنّهم يعترفون بفضل جنود الجيش الإسرائيلي الذين يساعدون الجرحى القادمين إلى السياج الحدودي في الجولان.

بحسب أ. فعلى الإسرائيليين والعالم التفريق بين تنظيمات الجهاد العالمي المختلفة التي تعمل في سوريا

بحسب أ. فعلى الإسرائيليين والعالم التفريق بين تنظيمات الجهاد العالمي المختلفة التي تعمل في سوريا. ففي حين أن الدولة الإسلامية (داعش) هي تنظيم من خارج سوريا وعناصره ليسوا من سكان سوريا، فإنّ جبهة النصرة هي تنظيم سوري. والتطرّف بحسب رأيه هو ذنب المجتمع الدولي، الذي رفض مساعدة الثوار من التيارات الأكثر اعتدالا. “إذا كنت معتدلا فلن تتلقّى أي سلاح، لأنّ الأمريكيين يعتقدون أنّ ذلك سيصل إلى الأيدي الخطأ.‎ ‎وحينها ستصل إلى القاعدة”، كما يقول أ. “ظننا بأن حقيقة أنّهم يذبحوننا ستساعد في إيقاظ العالم، ولكنّنا تعلّمنا بأقسى طريقة أنّ ذلك لن يحدث”. وأضاف بأنّ اليوم “الطريق التي يستطيع فيها الأمريكيون المساعدة هي الإعلان عن مناطق حظر جوّي أو تزويد الناس بوسائل للدفاع عن أنفسهم”.

بحسب أ. ليس هناك اليوم احتمال في تشكيل اتفاق مع نظام الأسد. “لا يمكن قبول هذا الرئيس، المسؤول عن 200 ألف قتيل. لا أعتقد أنّ كلّ من هو مرتبط بالنظام يجب محاكمته، ولكن الرئيس لا يمكن أن يبقى”.

وفيما يتعلق بمستقبل سوريا السياسي قال أ. إنّه وبحسب رأيه فإنّ سوريا لن تتقسّم ولن تجد تنظيمات الجهاد العالمي مكانا في سوريا الجديدة. “سيكون هناك متطرّفون دائما، ولكن كتنظيمات ليس لهم مكان في مستقبل سوريا. السوريون في العادة ليسوا متعصّبين. سيأخذ ذلك وقتا ولكن عندما تتغيّر الأمور في سوريا، لن يكون لهم مكان”.

نشر هذا المقال للمرة الأولى في ‏‏صحيفة‎ ‎‏‏‏‎”‎‏‏هآرتس‏‏‏‎‏‏‏‏‏‏‎”‎‏‏‏

اقرأوا المزيد: 502 كلمة
عرض أقل
الشذوذ الخطير للقدس الشرقية (Yonatan Sindel/Flash90)
الشذوذ الخطير للقدس الشرقية (Yonatan Sindel/Flash90)

الشذوذ الخطير للقدس الشرقية

السنوات الأخيرة تشهد عملية "أسرلة" بين الفلسطينيين في المدينة، ولكن بالمقابل تتعزّز المشاعر القومية التي قد تحرّك الإرهابي القادم

امتلأت شوارع القدس أمس (الخميس) برجال الشرطة، أفراد حرس الحدود ومقاتلي الوحدات الخاصة التابعة للشرطة، وكل من رفع عينيه للهواء كان بإمكانه أن يشاهد مناطيد المراقبة وهي تحلّق فوق خطّ التماس، المدينة القديمة والأحياء الفلسطينية للمدينة. وحلّقت طوال معظم اليوم أيضا طائرة مروحيّة فوق القدس الشرقية.

هكذا بدا اليوم السابع لعملية كبيرة للشرطة حظيت باسم “حراس الأسوار”. وتهدف الحملة إلى إحداث التهدئة للمدينة التي تعاني منذ أربعة أشهر من موجة عنف مستمرّة. وقد أعربت الشرطة والبلدية مجددّا في الأيام الأخيرة عن تفاؤل حذر على ضوء الانخفاض الذي تمّ تسجيله في عدد حالات إلقاء الحجارة وأعمال الشغب. وبدا أنّ الضغوط التي مارستها الشرطة والضغوط الاقتصادية، من خلال إنفاذ إجراءات شاملة للبلدية ومصلحة الضرائب، قد قامت بواجبها. ولكن ما حدث في عملية الدهس في محطة القطار الخفيف في الأسبوع الماضي، مما بدا وكأنه عملية إرهابية لإرهابي بمفرده؛ قلب أوراق اللعبة مرة أخرى.

وحتى كتابة هذه السطور لم يتّضح بعد إذا كانت محاولة اغتيال يهودا غليك من قبل الإرهابي معتز حجازي كانت عملية أخرى مستقلّة لشاب فلسطيني بمفرده، أم عملية منظّمة لخلية إرهابية. ولكن في هذه الأثناء ينضمّ حجازي إلى ثلاثة إرهابيين عملوا في القدس في الأشهر الأربعة الأخيرة. ينطبق على الثلاثة الذين سبقوه التعريف الغامض “الإرهابي الوحيد”: محمد جعبيص، الذي نفّذ عملية الدهس التي قُتل فيها أبراهام فالعس – عبد الرحمن الشلودي، الذي نفّذ عملية الدهس في الأسبوع الماضي والتي قُتلت فيها الطفلة حايا بارون والشابة كارين يميما – وإرهابي لم يُقبض عليه بعد (أمس طُرحت فرضية أنه ربّما يكون هو حجازي نفسه)، نفّذ عملية إطلاق النار في جبل المشارف وأصاب جنديّا بجروح خطيرة.

سيارة السائق الفلسطيني الذي قام بعملية دهس في محطة القطار(Yonatan Sindel/Flash90)
سيارة السائق الفلسطيني الذي قام بعملية دهس في محطة القطار(Yonatan Sindel/Flash90)

الأمور التي تؤرّق الجميع هي أن عدة شبان آخرين كهؤلاء يجلسون في بيوتهم في القدس الشرقية ويخطّطون لعمليات إرهابية

حين طُلب من وزير الأمن الداخلي، يتسحاق أهرونوفيتش، تفسير تفاؤله في صباح اليوم الذي تحدّث فيه عن الهدوء الذي عاد إلى القدس، ذكر أنّه في نفس الوقت حذّر من الإرهابي الوحيد. المبدأ القتالي الذي طوّرته الشرطة لمواجهة راشقي الحجارة، بواسطة قوى شرطة ضخمة والاستخدام المكثّف لوسائل تفريق المظاهرات؛ ليست له صلة بالعمليات الإرهابية الفردية. الأمور التي تؤرّق الجميع هي أن عدة شبان آخرين كهؤلاء يجلسون في بيوتهم في القدس الشرقية ويخطّطون لعمليات إرهابية، وفي الوقت الذي يتحدّث فيه الجميع عن انتفاضة شعبية تنطلق من القدس؛ فإنّنا في الواقع بصدد سيناريو أسوأ بكثير: موجة من العمليات الإرهابية تأتي من المدينة.

في تقرير للشاباك من أواخر العام 2008 حذّر الجهاز من الارتفاع في أعداد المقدسيّين المتورّطين في الإرهاب ومن ظاهرة الإرهابيين الوحيدين، “الذين ينظّمون أنفسهم على أساس محلّي، و/ أو الذين يبادرون وينفّذون العمليات الإرهابية دون توجيه خارجي”، حسبما ذكر التقرير. وقد ذكر التقرير أيضًا أنّه إلى جانب المحرّك القومي، فقد تمّ تحريك الإرهابيين “أيضا بدوافع شخصية دفعتهم إلى تنفيذ العمليات الإرهابية”. على الأقل في حالة الشلودي، الإرهابي الذي قام بعملية الدهس قرب القطار الخفيف، يمكننا أن نقول إنه يلتقي مع هذا النمط: منذ إطلاق سراحه من السجن وجد صعوبة في العثور على عمل، وعانى من مشاكل صحية ومشاكل نفسية.

الصدامات العنيفة في القدس (Hadas Parush/FLASH90)
الصدامات العنيفة في القدس (Hadas Parush/FLASH90)

تشحذ العمليات الإرهابية في القدس الشذوذ الذي في القدس الشرقية مقارنة مع مدن الضفة الغربية. وقد حلّل الباحث في قضايا القدس الشرقية وعضو منتدى التفكير الإقليمي التابع لمعهد “مولد”، عيران تصدقياهو، تورّط المقدسيّين في العمليات الإرهابية في السنوات الـ 15 الأخيرة. ويظهر من التحليل أنّ هناك علاقة عسكرية بين العمليات الإرهابية في القدس وبين تلك التي في الضفة الغربية. فعلى سبيل المثال، تحديدا بين عام 2000 حتى 2005، سنوات الانتفاضة الثانية، خرج القليل نسبيّا من الإرهابيين من القدس. ورغم ذلك تعرّضت المدينة لموجة من الهجمات القاسية، والتي حصدت أرواح أكثر من 200 شخص، ولكن في نفس تلك السنوات السوداء نفّذ سكان المدينة ثلاث عمليات من بين 30 عملية انتحارية في العاصمة. في ذلك الوقت تحديدا ظهر أنّ سكان القدس يفضّلون عدم الانضمام إلى موجة العنف.

وفقًا لمعطيات الشاباك، فقد بدأ الخطّ البياني للمنخرطين بالإرهاب في العاصمة بالصعود في سنة 2008 على وجه التحديد، عندما أصبحت الضفة الغربية هادئة نسبيّا. اضمحلت هذه الموجة من العنف – والتي استمرّت لعامين – ببطء عام 2011، وتجدّدت في العام الماضي، وخصوصا في الصيف الأخير.

في التفسيرات التي يقدّمها الفلسطينيّون أنفسهم لهذه الظاهرة فإنّهم يذكرون في الغالب ثلاثة عوامل تؤثر على القدس: بناء جدار الفصل، الزيارات اليهودية المتزايدة للحرم القدسي والمستوطنات اليهودية في قلب الأحياء الفلسطينية

وفي التفسيرات التي يقدّمها الفلسطينيّون أنفسهم لهذه الظاهرة فإنّهم يذكرون في الغالب ثلاثة عوامل تؤثر على القدس وتبعدها عن الهدوء النسبي الذي في الضفة الغربية: بناء جدار الفصل، والذي أضرّ كثيرا بالمجتمع والاقتصاد في القدس، الزيارات اليهودية المتزايدة للحرم القدسي والمستوطنات اليهودية في قلب الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية. ويضيف تصدقياهو وآخرون إلى ذلك سحق القيادة الفلسطينية في القدس الشرقية. “القيادة الفلسطينية في الضفة هي عنصر مخفِّف، في القدس ليس فقط أنّه يُمنع على السلطة العمل وإنما تم سحق القيادة المحلية”، كما يقول تصدقياهو، وتعمّد الإجراءات المنهجية من قبل إسرائيل لإغلاق المؤسسات وتفريق الفعاليات المرتبطة بالسلطة الفلسطينية في القدس.

أيّا كان تفسير ذلك، فإنّ الظاهرة التي برزت لأول مرة عام 2008 تكرّرت هذا العام. هذه المرة أيضا مدن الضفة هادئة بشكل نسبي، وأيضا تُبرز القدس استقلالها في كلّ ما يتعلّق بالانتفاضة الشعبية وبالإرهاب.

مظاهرة فلسطينية في باب العمود، القدس الشرقية (Flash90/Yonatan Sindel)
مظاهرة فلسطينية في باب العمود، القدس الشرقية (Flash90/Yonatan Sindel)

ولكن شذوذ القدس تمثّل أيضا بتوتّر آخر ومذهل داخل المجتمع الفلسطيني في المدينة. يلاحظ كلّ من يعمل في المجتمع الفلسطيني في القدس الشرقية في السنوات الأخيرة أنّ هناك إجراءات تبدو متناقضة. من جهة، الاندماج في المجتمع الإسرائيلي، ومن جهة أخرى، عمليات الابتعاد عنه وتعزّز القومية الفلسطينية. ويبدو أنّ هذا التناقض قد تمثّل بشكل تامّ بشخصية حجازي، الذي أطلق النار على يهودا غليك، وهو من عناصر الجهاد الإسلامي (سابقًا على الأقل)، أسير أمني محرّر، ولكنه يعمل في مطعم تابع لمركز تراث مناحيم بيغن.

في الواقع، فإنّ هناك عدد من المؤشرات في السنوات الأخيرة والتي تظهر الاندماج في المجتمع اليهودي

وفي الواقع، فإنّ هناك عدد من المؤشرات في السنوات الأخيرة والتي تظهر الاندماج في المجتمع اليهودي؛ فالمزيد من الفلسطينيين يفضّلون امتحانات البجروت الإسرائيلية على ما يقابلها من امتحانات فلسطينية، ويقدّمون طلبات الحصول على الجنسية، ويدرسون العبرية والمزيد منهم يتعاون مع البلدية والسلطات الإسرائيلية. وقد زاد القطار الخفيف أيضا من الاختلاط بي السكان، ويقضي الكثير من الشبان الفلسطينيين والعمال في وسط القدس أوقاتهم في المراكز التجارية غربيّ المدينة. بل إنّ أحداث الأشهر الأخيرة، إلى جانب الهجمات العنيفة ضدّ العرب في وسط المدينة، لم توجّه هذه العجلة إلى الوراء. ولكن إلى جانب هذه الإجراءات، ازداد العنف في القدس الشرقية ولا شكّ إطلاقا بأنّ تطرّفا دينيّا وقوميّا قد بدأ في أوساط سكان القدس الشرقية.

من الصعب جدّا التوفيق بين هذه المتناقضات. “طالما أنّها قضية بقاء وحياة يومية فإنّ هذا سيمرّ. ولكنّ ذلك لا يقول شيئا عن نجاح الاندماج أو “الأسرلة”، هو فقط يُظهر أنّ الحياة أقوى من أي شيء آخر”، كما يقول تصدقياهو.

أمس، وفي محاولة لخفض ألسنة اللهب قليلا، وعد المفتّش العام يوحنان دانينو قائلا “نحن بعيدون جدّا عن الانتفاضة ولن نصل إلى هناك”. ولكنّ الشذوذ المقدسي والإجراءات المتناقضة في المدينة تجعل من الصعب جدّا التنبّؤ إلى أين ستتطوّر الأحداث.

نُشرت المقالة لأول مرة في موقع‏‎ ‎‏هآرتس

اقرأوا المزيد: 1079 كلمة
عرض أقل