ماثيو ليفيت

زميل فرومر - ويكسلر ومدير برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن
كتائب الإمام علي
كتائب الإمام علي

“كتائب الإمام علي”: لمحة عن ميليشيا شيعية عراقية متشددة تحارب “داعش”

جماعات ارهابية شيعية توسع نفوذها في العراق وتعمل على تلبية هدف إيران الاستراتيجي المتمثل بتكوين المزيد من المنظمات التي تتحدى داعش وتتخذ من "المقاومة الإسلامية" أسلوباً لها

يدّعي حالياً أكثر من خمسين تنظيماً ميليشيوياً شيعياً في سوريا والعراق أنهم يتدربون ويقاتلون ضد تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش). وتشكل عدة تنظيمات منها فروعاً مسلحة لأحزاب سياسية قائمة أو تتبع رجال دين منفردين، كما تُعتبر البعض منها واجهات لجماعات قائمة فيما تُطور جماعات أخرى هويتها الخاصة ووجودها الخاص.

بالإضافة إلى ذلك، تشكلت ميليشيات جديدة على غرار «الحشد الشعبي» وهي تنمو بالحجم والنفوذ. ورغم أن عدداً من هذه الجماعات يصد بالفعل تقدم تنظيم “الدولة الإسلامية”، إلا أن بعضها مرتبط بقادة وفصائل من المتطرفين المناهضين للولايات المتحدة، لا سيما “كتائب الإمام علي”. وتمثل هذه الميليشيات تهديدات إضافية على الأمن القومي ومصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

“كتائب الإمام علي”

ظهرت “كتائب الإمام علي” فجأة على الساحة في نهاية حزيران/يونيو كجناح مسلح لـحركة العراق الإسلامية الحديثة المنشأ. وقد ارتدى أعضاؤها زياً رسمياً وكانوا مدججين بالسلاح. وبرز نشاط لا بأس به لها في مناطق آمرلي وطوز وديالى وهي تحارب إلى جانب ميليشيات شيعية عراقية أخرى، تعمل كلها بتفويض إيراني. وفي محافظة صلاح الدين، نشر محاربون من الجماعة أشرطة فيديو تُظهر الرؤوس المقطوعة لأعدائها المذبوحين. وفي أواخر كانون الأول/ديسمبر، شرعت الجماعة حتى في تدريب مسيحيين بهدف تشكيل جماعة فرعية تُدعى “كتائب روح الله عيسى ابن مريم”.

ظهرت “كتائب الإمام علي” فجأة على الساحة في نهاية حزيران/يونيو 2014 كجناح مسلح لـحركة العراق الإسلامية الحديثة المنشأ. وقد ارتدى أعضاؤها زياً رسمياً وكانوا مدججين بالسلاح

وبرز اسم الأمين العام لـكتائب الإمام علي شبل الزيدي، الذي كان سابقاً شخصية معروفة في صفوف “جيش المهدي” التابع لمقتدى الصدر، ويُزعم أنه أحد أكثر قادته المذهبيين شراسة. وكان قد سُجن أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق إلا أن الحكومة العراقية أطلقت سراحه في عام ٢٠١٠. وفي الصيف الماضي، وبينما كانت كتائب الإمام علي تفرض نفسها على الساحة بعد ظهورها في حزيران/يونيو، تم تصوير الزيدي مع قائد “قوة القدس” التابعة لـ «فيلق الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني قاسم سليماني. وعلى ما يبدو، لدى الجماعة أيضاً روابط متينة مع الحكومة العراقية؛ ففي آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر، نُشرت صوراً للزيدي على متن مروحية تابعة للجيش العراقي ولأحد قادة الميليشيا الميدانيين المعروف بأبو عزرائيل وهو يستخدم سلاحاً رشاشاً تابعاً لمروحية أخرى.

ومع ذلك، يبدو أن قائداً آخر مرتبطاً بـفيلق الحرس الثوري الإسلامي، وهو أبو مهدي المهندس، قد تولى قيادة عمليات كتائب الإمام علي وجهودها من ناحية التوسع، ويفسر وجوده نمو الجماعة بسرعة قياسية. ويُعتبر المهندس، الذي يحمل شارة الميليشيا ويظهر في عدد من الصور وهو يعانق الزيدي، قائداً يتمتع بخبرة كبيرة فيما يتعلق بإنشاء جماعات شيعية متطرفة جديدة ولديه تاريخ حافل من الهجمات ضد الأمريكيين والمصالح الأمريكية.

المهندس و”قوة القدس”

لقد لعب المتطرفون الشيعة العراقيون بشكل عام، والمهندس بشكل خاص، دوراً بارزاً ضمن العاملين الإقليميين بتفويض إيراني لعدة سنوات. وكانت بعض الشخصيات العراقية الأكثر نشاطاً والتي بدأت العمل مع طهران منذ عام ٢٠٠٣ قد ظهرت منذ عشرين عاماً قبل ذلك كعناصر مفوَّضة من قبل إيران.

https://www.youtube.com/watch?v=vX8ijEPwiVU

إن المهندس (المعروف أيضاً باسم جمال جعفر محمد علي) برز في بادئ الأمر كأحد الإرهابيين التابعين لـ “حزب الدعوة” العراقي والذين اشتركوا مع “حزب الله” في تفجيرات السفارة في الكويت عام ١٩٨٣ ومحاولة اغتيال أمير الكويت عام ١٩٨٥. وبعد أن حُكم عليه غيابياً نظراً لدوره في شن تلك الهجمات، استمر المهندس في نشاطاته وتولى بعد ذلك قيادة “فيلق بدر”، وهو الجناح العسكري لـ “المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق”. ولم يحارب “فيلق بدر” إلى جانب القوات الإيرانية في خلال الحرب العراقية الإيرانية فحسب، بل شارك أيضاً في أعمال تخريب وإرهاب استهدفت نظام صدام حسين. وعمل المهندس مباشرةً مع “قوة القدس” ومتشددين آخرين من الشيعة العراقيين الذين عارضوا صدام.

ووفقاً لوثائق عراقية حصلت عليها قوات التحالف، كان هادي العامري رئيس هيئة الأركان في فيلق بدر، وقد ترأس فيما بعد منظمة بدر (أُعيدت تسميتها على هذا النحو في محاولة لإعادة فرض نفسها كحزب سياسي) وأصبح نائباً بعد الإطاحة بصدام حسين. وفي خلال التسعينيات، أصبح أبو مصطفى الشيباني خلفاً للمهندس، كقائد لـفيلق بدر. وفي هذه المرحلة، كان المهندس قد حصل على الجنسية الإيرانية وأصبح مستشاراً لقائد قوة القدس قاسم سليماني. وقد سكن المهندس والشيباني في المجمع ذاته التابع لـفيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني لبعض الوقت، وتحولا لاحقاً مع العامري إلى قادة عسكريين شيعة متشددين وأساسيين في الفترة التي تلت اجتياح العراق عام ٢٠٠٣. وفي عام ٢٠٠٨، نشر “مركز مكافحة الإرهاب” في الأكاديمية العسكرية الأمريكية “وست بوينت” تقريراً استنتج فيه أن “بعض المتمردين الشيعة الذين هم من أبرز المطلوبين للعدالة في العراق يرتبطون، على غرار «فيلق بدر»، بسياسيين عراقيين يعملون علناً في بغداد”.

https://www.youtube.com/watch?v=3Giz1cadlL8

واليوم، ما زالت هناك روابط قائمة بين منظمة بدر والميليشيات الحديثة المنشأ. على سبيل المثال، يترأس أحد أعضاء المنظمة السابقين، وهو النائب والقائد الميليشيوي الشيخ عدنان الشحماني، جماعة “التيار الرسالي”. ويبدو أن لدى “كتائب الإمام علي” روابط مماثلة بتلك الميليشات؛ ففي أيلول/سبتمبر، أُعدت ملصقات عن الشهادة تحيي ذكرى القائد الراحل لـمنظمة بدر أبو زهرة الغفاري. وقد تفسر مثل هذه الروابط كيف نمت كتائب الإمام علي بهذه السرعة الكبيرة وكانت تتضمن بالفعل عدداً مهماً من المقاتلين المدرّبين على ما يبدو.

نموذج “كتائب حزب الله”

حتى خلال دعم إيران لحلفائها السياسيين مثل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ومقتدى الصدر، دعمت طهران أيضاً أجنحتهم العسكرية المتمثلة بـفيلق بدر وجيش المهدي. وعندما خاضت منظمة بدر، التي أُعيدت تسميتها، غمار السياسة، شجعت إيران المتطرفين على الانشقاق وتشكيل جماعات عسكرية خاصة بهم، تماماً كما شجعت سابقاً المتطرفين الشيعة على الانشقاق من حزب أمل اللبناني وإقامة حزب الله. وبالتالي، فك كل من الشيباني والمهندس ارتباطهما بمنظمة بدر وأسّسا جماعات إرهابية اضطلعت بدور مركزي ضمن شبكات إيران بالوكالة.

كما هو الحال مع الجهات الأخرى المفوضة من قبل إيران، كانت كتائب حزب الله قد سبقت الحكومة العراقية ورجال الدين التقليديين في دعواتهم العامة إلى حشد شيعة العراق ضد “داعش”

وفي عام ٢٠٠٧، شكّل المهندس كتائب حزب الله. ونظراً لارتباطه القديم بـحزب الدعوة وقوة القدس، لم يكن من المفاجئ أن تتلقى جماعته الجديدة تدريبات متقدمة ومعدات مهمة أكثر من تلك المتوفرة لدى جميع اللاعبين الآخرين المفوضين من قبل إيران في العراق. وبالرغم من أن كتائب حزب الله كانت منفصلة مبدئياً عن المنظمة التي تحمل الاسم نفسه في لبنان، إلا أنها طورت روابط وثيقة مع “وحدة ٣٨٠٠”، وهي الكيان التابع لـحزب الله اللبناني والمخصص لتسليح الجماعات الشيعية المسلحة في العراق وتدريبها.

كتائب حزب الله في العراق
كتائب حزب الله في العراق

وفي تموز/يوليو ٢٠٠٩، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية المهندس و«كتائب حزب الله» على اللائحة السوداء نظراً “لالتزامهم، توجيههم، دعمهم أو تشكيلهم خطراً كبيراً لارتكاب أعمال عنف ضد قوات التحالف وقوات الأمن العراقية”. وعُيّن الطرفان بموجب القرار التنفيذي رقم ١٣٤٣٨، الذي يستهدف جماعات المتمردين والميليشيات وداعميها؛ فضلاً عن ذلك، أُضيفت كتائب حزب الله إلى قائمة “المنظمات الإرهابية الأجنبية التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية”.
ووفقاً للمعلومات التي نُشرت في زمن هذه التعيينات، كان المهندس يوظف خبراء لبنانيين من حزب الله منذ بداية ٢٠٠٧، وذلك لتدريب كتائب حزب الله وجماعات خاصة مقاتلة شيعية أخرى على حرب العصابات واستخدام المتفجرات وأسلحة متنوعة (بما في ذلك، صواريخ وقذائف مورتر وبنادق قناصة) ضد قوات التحالف. وتولى المهندس أيضاً قيادة شبكات تهريب كانت تنقل الذخائر والأسلحة (على سبيل المثال، المتفجرات الخارقة للدروع وبنادق قناصة) من إيران إلى العراق لتسليمها لتلك الميليشيات. بالإضافة إلى ذلك، قدم المهندس أشكالاً أخرى من الدعم اللوجستي لشن هجمات ضد القوات العراقية وقوات التحالف، مثل تسهيل حركة أفراد الميليشيات الشيعية المحلية.

الجماعات الشيعية الجديدة تمكّن طهران من تنويع حقيبتها السياسية والعسكرية في العراق وسوريا

وتحت إمرة المهندس، كانت كتائب حزب الله أول من انضوى في حرب سوريا من بين الجهات المفوضة من قبل إيران. وفي آذار/مارس ٢٠١٣، بعد تشييع عدة أعضاء لبنانيين من حزب الله كانوا قد قُتلوا في سوريا، أصبحت «كتائب حزب الله» الجماعة الثانية التي تعلن خسارتها مقاتلين هناك. وتزعم الجماعة أنها فقدت حوالي ٤٠ مقاتلاً بالإجمال، حتى أنها خصصت قسماً جديداً لدفن الشهداء في مقبرة «وادي السلام» في مدينة النجف. كما ساهمت في إنشاء ميليشيات شيعية تتخذ من سوريا مقراً لها مثل «لواء أبو الفضل العباس»، وجماعات تتخذ من العراق مقراً لها مثل «حركة حزب الله النجباء».
ولكنّ القتال في سوريا لم يصرف أنظار كتائب حزب الله عن التفاقم السريع في أعمال العنف في العراق خلال العام الماضي. وكما هو الحال مع الجهات الأخرى المفوضة من قبل إيران، كانت كتائب حزب الله قد سبقت الحكومة العراقية ورجال الدين التقليديين في دعواتهم العامة إلى حشد شيعة العراق ضد “داعش”. وفي نيسان/أبريل، أطلقت ميليشيا جديدة وهي “سرايا الدفاع الشعبي”، دعوات لانضمام المتطوعين إليها. وفي بداية أيار/مايو، زعمت كتائب حزب الله أنها فقدت مقاتلين اثنين تابعين لها في محافظة الأنبار، وهما أول ضحيتين سقطتا في قتالها ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ومنذ ذلك الحين، تعمل كتائب حزب الله وسرايا الدفاع الشعبي في جميع أنحاء وسط العراق، من أنبار إلى سامراء وصولاً إلى ديالى.

لماذا هناك الكثير من الميليشيات؟

من خلال مساهمة المهندس في نمو «كتائب حزب الله» و«كتائب الإمام علي»، يتضح أن الجهات المتطرفة المفوضة من قبل إيران تتخذ أشكالاً ووظائف متعددة، حتى أن بعضها يكتسب استقلالية عبر توسيع حجمها أو دخول معترك السياسة العراقية.

https://www.youtube.com/watch?v=Ir1eBds11bA

وبخلاف الجماعات المتطرفة الشيعية الإيرانية الأخرى، لم تخض كتائب حزب الله غمار السياسة، بل ارتأت ممارسة نفوذها عبر بقائها في العراق كجماعة مسلحة، فيما أبقت جماعات أخرى على بنيتها الميليشيوية ولكن أدرجتها ضمن أجهزة الدولة العراقية.

ومن جهتها، قد تسعى كتائب الإمام علي إلى الاضطلاع بدور سياسي في المستقبل من خلال زعمها قيام روابط بينها وبين أحد الأحزاب الأم. أما في الوقت الراهن، فقد توسع نفوذها من جنوب العراق عبر بغداد وصولاً إلى معظم المناطق الساخنة الواقعة تحت سيطرة داعش على الجبهات الأمامية، فيما تعمل على تدريب مقاتلين جدد وتلبية هدف إيران الاستراتيجي المتمثل بتكوين المزيد من المنظمات التي تتخذ من “المقاومة الإسلامية” أسلوباً لها.
قد يبدو إنشاء ميليشيات جديدة غير منطقي أو مخالفاً للتوقعات عندما يكون هناك بالفعل العديد من الجماعات الراسخة التي يمكن تطويرها بصورة أكثر. غير أن الجماعات الجديدة تمكّن طهران من تنويع حقيبتها السياسية والعسكرية في العراق. وتعتمد إيران هذه الباقة الواسعة من المنظمات كطريقة لإرساء إيديولوجيتها وسلطتها ببطء داخل العراق وتشريعهما. وتنمو هذه الظاهرة ببطء في سوريا أيضاً.

على الولايات المتحدة أن تستعد الآن لليوم الذي سوف تنقلب فيه الميليشيات الشيعية المتطرفة المرتبطة بإيران بشكل أكثر فعالية على مصالح أمريكا وحلفائها

ويرى صناع السياسات الغربيون والإقليميون أن العدد الكبير للجماعات وجهات الاتصال ومناطق النفوذ المتداخلة يخلق المزيد من الفوضى، مما يتيح لإيران ولوكلائها المزيد من القابلية لنفي تأثيرها بشكل منطقي إذا ما دعت الحاجة. كما يخلق هذا الوضع وهماً قائماً على حرية الاختيار والاستقلال بالنسبة إلى أولئك الذين ينضمون إلى هذه الميليشيات والأحزاب الشيعية المتطرفة أو يدعمونها.

والأهم من ذلك، من الخطأ الافتراض بأن نشاط هذه الجماعات يقتصر على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية أو العمل في سوريا أو العراق وحدهما. وتركز طهران وجِهاتها المفوَّضة بشكل أساسي على هذه الميادين في الوقت الحاضر، ولكنّ الميليشيات الشيعية المتطرفة بدأت بالتصرف كعناصر إقليمية تتوخى أهدافاً أوسع. فعلى سبيل المثال، وجهت كتائب حزب الله وكتائب الإمام علي وجماعات مماثلة تهديدات متكررة إلى المملكة العربية السعودية على خلفية حكم الإعدام الصادر بحق رجل الدين الشيعي نمر النمر، بعد إدانته بتهم إشعال الفتنة الطائفية وجرائم مرتبطة بها في تشرين الأول/أكتوبر. وبالرغم من أن هذه الميليشات المتطرفة تحارب داعش بالتزامن مع الجهود التي تقودها الولايات المتحدة، إلا أن أعمالها وأجنداتها المذهبية منفصلة عن تلك التي يعتمدها التحالف وتناقض الهدف المتمثل بتشكيل حكومات ومجتمعات دامجة في العراق وسوريا. وفي الواقع، تهدد كتائب الإمام علي ومثيلاتها الاستقرار الإقليمي ومصالح الولايات المتحدة على المدى الطويل. وعلى الرغم من تركيز واشنطن على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، فقد يكون مفيداً أن تستعد الآن لليوم الذي سوف تنقلب فيه الميليشيات الشيعية المتطرفة المرتبطة بإيران بشكل أكثر فعالية على مصالح أمريكا وحلفائها.

نشر هذا التحليل لأول مرة على موقع “معهد واشنطن”

اقرأوا المزيد: 1779 كلمة
عرض أقل
مروحية للجيس العراقي فوق نهر الفرات (AFP)
مروحية للجيس العراقي فوق نهر الفرات (AFP)

التدخل العسكري ضد داعش قد يكون محفوفاً بالمخاطر، لكن لعلّه الخيار الوحيد الجيد

بالإضافة إلى ضرب داعش في العراق وسوريا، ينبغي على الولايات المتحدة استهداف البنية التحتية العسكرية لنظام الأسد

لا يخلو الهجوم على تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” من المخاطر، ولكن بعض هذه المخاطر أكثر طواعية من غيرها. وإذا عنى الرئيس الأمريكي أوباما جدياً ما قاله عن أن الهدف الآن هو “إضعاف وتدمير” «داعش»، فيحب عندئذٍ رفع وتيرة الضربات الجوية الأمريكية ضد “الدولة الإسلامية”.

ولا يمكن للولايات المتحدة أن تكتفي بالاعتماد على المشورة العسكرية للجيش العراقي واتفاق سياسي عراقي وعدد قليل من الضربات الجوية هنا وهناك. كما لا يمكنها كذلك أن تتوقف عند الحدود العراقية السورية لأن «داعش» حتماً لا تتوقف عندها. ولن يتم الإجهاز على تنظيم «الدولة الإسلامية» إلا بتوجيه ضربة قاضية في كل من شمال العراق وشرق سوريا.

غير أنه لا يجدر بالولايات المتحدة أن تمنح الرئيس السوري بشار الأسد الضوء الأخضر للتحرك فيما تتولى هي القضاء على أعدائه. إذ لا ينفك المسؤولون يرددون أنه في سوريا، عدو عدونا ليس بالضرورة صديقنا. وهذا مبدأ ينبغي على الحكومة الأمريكية الإلتزام به في ضوء الخيارات القليلة المخاطر التي يتيحها أمامها.

قوات الجيش السوري في دمشق (AFP)
قوات الجيش السوري في دمشق (AFP)

ولا يملك الأسد سوى 15 إلى 18 مدرجاً متطوراً قادراً على استيعاب طائرات الشحن الروسية والإيرانية الضخمة التي تصله مدججة بالأسلحة. لذلك فإن قصف عدد بسيط من هذه المدارج لتعطيلها عن العمل سيؤثر جذرياً على قدرة الأسد على إعادة تموين ترسانته.

كما أن ضرب كل من الأسد و «داعش» سيحقق منفعة إضافية وهي دعم الثوار المعتدلين في سوريا. وإلا ثمة خطر بأن تؤدي العملية ضد «الدولة الإسلامية» إلى إتاحة الفرصة للرئيس الأسد لتخصيص موارد إضافية لهزيمة الحركات التي لم تصنفها الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب.

وعوضاً عن ذلك، بوسع الولايات المتحدة كسب الوقت للمساعدة في تسليح المعتدلين وتدريبهم. فلا يجوز لواشنطن أن تضحي بهم [لأغراضها الخاصة] كنتيجة غير مقصودة لعدم تمكنها من إضعاف إمكانيات الأسد على الأقل في طور إضعاف أحد أخطر خصومه.

مقاتلو داعش في العراق (AFP)
مقاتلو داعش في العراق (AFP)

ولربما كان الرئيس أوباما محقاً في تكراره أنه لا يوجد حل عسكري في العراق أو سوريا. ومع ذلك، فمن الصعب تصوّر قيام حل سياسي قابل للاستمرار دون حدوث تحسن في الوضع العسكري. وفي الواقع خاطر الرئيس أوباما كثيراً بسمعته حينما أخرج القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان، وليس من المستغرب ألا يرغب في العودة إليهما. بيد أن التنظيم الإسلامي الأشد تطرفاً في العالم أجمع يسيطر اليوم على مساحات شاسعة من الأراضي في مختلف أنحاء العراق وسوريا.

وعلى الرغم من أن الرئيس أوباما أبقى الولايات المتحدة خارج النزاع على أساس مبدأ “عدم ارتكاب الحماقات”، إلا أنه من الصعب معرفة كيف كان يمكن للتدخل العسكري أن يفاقم الوضع. والآن من الصعب معرفة كيف يمكن للوضع أن يتحسن بدونه.

نشر المقال للمرة الأولى في موقع معهد واشنطن.

 ماثيو ليفيت هو زميل فرومر- ويكسلر ومدير برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن.

اقرأوا المزيد: 401 كلمة
عرض أقل