عوزي دان

شاب قطري يحتفل باختيار قطر لتستضيف بطولة كأس العالم 2022 (AFP)
شاب قطري يحتفل باختيار قطر لتستضيف بطولة كأس العالم 2022 (AFP)

62 قتيلا لكل 90 دقيقة من كرة القدم في قطر

ما زال العمال الأجانب الذين يبنون الملاعب والبنى التحتية قُبيل كأس العالم 2022 يعملون في ظروف عمل متدنية ومعرضين لخطر الموت، رغم وعود القطريين بالتغيير

قبل عدة أشهر، أعلنت الفيفا وقطر قوانين عمل جديدة في البلاد، من تلك التي ستُحسّن من ظروف العمال الأجانب الذين يعيشون في نصف عبودية، ويدفعون أحيانا حياتهم ثمنا لبناء ملاعب لكأس العالم 2022. ربّما تغيّرت القوانين، ولكنها بقيت حبر على ورق. يستمر العمال، ومعظمهم من شبه القارة الهندية وأيضًا من الشرق الأقصى، في المعاناة من الظروف الفظيعة بل ويموتون.

ويُظهر تقرير “منظمة العفو الدولية” بوضوح أنّ قوانين العمل الجديدة لم تُنفّذ. ولا يهتم القطريون بأولئك العاملين. بالنسبة لهم فهم نوع من العبيد العصريين، وقد تم استثمار معظم جهودهم في إخفاء المشكلة. فعلى سبيل المثال، اعتُقل هذا الأسبوع في قطر مارك لوبل، وهو صحفي من BBC.كانت جريمته الوحيدة هي رغبته في فحص ظروف العمال الأجانب في الدولة النفطية والكتابة عنها.

عامل بناء يبني امللاعب القطرية لاستضافة العاب كأس العالم 2022 في قطر (AFP)
عامل بناء يبني امللاعب القطرية لاستضافة العاب كأس العالم 2022 في قطر (AFP)

ويبدو أنّ ذلك أيضًا لا يهمّ الفيفا. هو نفس الاتحاد الذي سيُناقش في نهاية الأسبوع القادم في مؤتمره اقتراح قرار تعليق مشاركة إسرائيل بسبب حرمان اللاعبين الفلسطينيين من المرور الحرّ. حتى لو كانت هناك إشكالية معيّنة في النهج الإسرائيلي وانتهاك للأنظمة المعيارية، فعلى الأقل في القليل من الحالات هناك حاجة أمنية وعلى أية حال فاقتراح التعليق غير مسبوق وغير متناسب. في المقابل، لا تفعل الفيفا شيئًا عندما تقوم دولة شمولية تقمع حقوق الإنسان باستخدام البشر حتى الموت. إنّ نفاقها ونفاق رئيسها جوزيف بلاتر يصرخ إلى السماء.

“يجب أن يكون هناك عدد أيّا كان من العمال الذين يموتون في البلاد الأغنى في العالم من أجل أن يصبح كأس العالم في قطر غير أخلاقي وغير ممكن سياسيًّا، ولكن ما هو هذا العدد؟”، تساءلت هذا الأسبوع في صحيفة “الجارديان” صاحبة المدونة مريانا هايد، “كم عاملا يجب أن يموت في وقت بناء الملعب من أجل أن يُعتبر بناؤه أمرًا غير مقبول؟ شيء ما يقول لي إنّ ذلك لا يُقلق بلاتر في منامه وإنّه يستمر بالنوم نوما هادئا وهذه ميزة يملكها القليل من القادة الغربيّون”.

الفيفا من جهتها تغضّ الطرف. تحدّث روف هاريس، وهو من وكالة الأنباء “إي-بي” والذي كان في قطر، مع عمال أجانب. بحسب كلامهم، لم يتمّ الإيفاء بوعود تحسين ظروفهم ويحصل بعضهم على رواتب أقل بكثير ممّا وُعدوا به. ومن بينهم أيضًا أولئك الذين يُجبرون على دفع مبلغ باهظ لمجرّد الحصول على عمل، وهو أمر مناقض تماما للقانون القطري.

رئيس فيفا جوزيف سيب بلاتر (AFP)
رئيس فيفا جوزيف سيب بلاتر (AFP)

قد يكون ذلك ليس من باب الرحمة، النبل والحرص على سلامة البؤساء والمقموعين، وإنما هو حساب تكتيكي بارد، وحرص على سمعتهم الجيّدة ومنع الدعاية السلبية: كوكا كولا، فيزا وأديداس، ثلاثة من الرعاة الرئيسيين للفيفا، أعربوا في الأيام الأخيرة عن قلقهم من حالة العمال، الذين يبنون أيضًا الفنادق، الطرق، ناطحات السحاب وغيرها.

كان بيان فيزا هو الأكثر جدّية وقد يُشير إلى التغيير: “ما زلنا نشعر بالقلق من التقارير التي ترد من قطر بخصوص ظروف تشغيل العمال الأجانب المرتبطين بكأس العالم. عبّرنا عن قلقنا الجادّ في الفيفا ونحن ندعو الاتحاد إلى اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لتغيير الوضع وللحرص على صحة العمال”. رغم أنّ هناك تهديد بإزالة الرعاية – 30 مليون دولار في العام تدفعه كل واحدة من الراعيات الكبرى وهو ليس مبلغا تافها أيضًا بالنسبة للفيفا – ولكن حقيقة الأمور تشير أخيرا إلى عدم الصبر.

نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في صحيفة “هآرتس”

اقرأوا المزيد: 480 كلمة
عرض أقل
الفلسطينيون يحتفلون في رام الله فوز المنتخب الفلسطيني لكرة القدم  (AFP)
الفلسطينيون يحتفلون في رام الله فوز المنتخب الفلسطيني لكرة القدم (AFP)

على النجيل في أستراليا يعترفون فعلا بفلسطين

التصويت في الأمم المتحدة أو في محكمة لاهاي؟ المنتخب الفلسطيني لكرة القدم يشارك في الأسبوع القادم ببطولة آسيا، وهو ليس خائفا إطلاقا من استخدام التقدّم التاريخي لأغراض سياسية

رغم أن بطولة آسيا ستبدأ اليوم للمرة الأولى في أستراليا، التي تنتمي إلى الاتحاد الآسيوي، إلا أنّ التاريخ الحقيقي يرتبط بسابقة أخرى. للمرة الأولى، سيشارك منتخب فلسطين. صحيح، أن هناك في إسرائيل من يصرّ على تسميته – بقدر من التبرير – منتخب السلطة الفلسطينية، ولكن في سائر العالم فهو منتخب فلسطين. ظهوره في بطولة القارة هو الإنجاز الأكبر في الرياضة الفلسطينية.

لم تمرّ استعدادات المنتخب لبطولة آسيا بشكل سلس. استقال المدرّب الأردنيّ جمال محمود، الذي قاده إلى البطولة، وتولى منصبه مساعده أحمد الحسن. لم تنل فلسطين الإعجاب في مباريات الاستعداد، على أقلّ تقدير، وقلّصت القيود الأمنية، بما في ذلك خروج اللاعبين من غزة، من عدد التدريبات. وفي المجموعة التي تم وضع المنتخب فيها – مع البطل الاستثنائي اليابان، والبطل الذي قبله العراق والأردن المجاور – ليس لديه الكثير من الاحتمالات لإحراز شيء، ولكن بالطبع ليست هذه هي القصة الحقيقية.

في بطولات آسيا الأربع الأولى، في الخمسينيات والستينيات، فإنّ إسرائيل لم تشارك فحسب، بل وقفت أيضًا على المنصّة، بما في ذلك إحراز فوز واحد عام 1964. بعد ذلك لم تشارك عام 1972، وتم طردها حتى بطولة عام 1976. يُكمل صعود فلسطين الثورة بشكل نهائي، ليس في أعين العالم العربي والإسلامي الذي لم يكن بحاجة إلى ذلك، وإنما في أعين سائر بلدان آسيا، وفي الواقع عالم كرة القدم بأكمله.

10 حقائق عن تأهّل المنتخب الفلسطيني لبطولة آسيا

إنّ أهمية مشاركة فلسطين في البطولة هي قبل كل شيء سياسية، ولا يخفي أحد ذلك. صحيح، ليس من المعتاد الخلط بين السياسة والرياضة، ولكن قولوا ذلك لأولئك الذين يمكنهم من خلال المشاركة التاريخية في بطولة كرة قدم أن يكشفوا عن صالحهم في القصة. ومن المفارقات، أن تُجرى البطولة في أستراليا – الدولة الوحيدة سوى الولايات المتحدة التي صوّتت مؤخرا ضدّ الاقتراح الفلسطيني في مجلس الأمن التابع لأمم المتحدة.

رئيس الفيفا سيب بلاتر مع  رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطينية جبريل رجوب  (Flash90)
رئيس الفيفا سيب بلاتر مع رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطينية جبريل رجوب (Flash90)

لا يخفي أحد شعور المهمة السياسية للمنتخب، وبالتأكيد ليس الحسن “نريد من خلال هذا الفريق تحقيق هدف سياسي”، كما قال حارس مرمى سابق، “أن نُظهر بأنّنا نستحق دولة مستقلة، بحيث يمكننا بناء مؤسساتنا رغم الاحتلال، والفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة والحرب ضدّنا”.

جغرافيًّا، فإنّ الفريق الفلسطيني يمثّل الفلسطينيين جيّدا. يأتي 9 من بين 23 لاعبًا من الفريق من الضفة، سبعة من قطاع غزة، أربعة من عرب إسرائيل وثلاثة من الخارج: مولودون في أمريكا الجنوبية أو أوروبا، من أبناء المهاجرين الفلسطينيين.

إنّ اجتماع كل هؤلاء، بالتأكيد في أراضي السلطة وعلى ضوء حرب غزة (عملية “الجرف الصامد”) هو إشكالي. ترعرع عبد الحميد أبو حبيب، لاعب الفريق، في خان يونس، ولكنه زار القطاع ثلاث مرات فقط في السنوات الستّ الأخيرة. “في كل مرة أذهب فيها أخشى ألا أتمكن من المغادرة”، كما قال لاعب الوسط ابن الخامسة والعشرين عاما، “من أجل الذهاب إلى الضفة الغربية أحتاج للعبور من رفح إلى مصر، السفر إلى الأردن ومن هناك عن طريق جسر الملك حسين إلى رام الله. من الأسهل السفر إلى هاواي”.

لم يُسمح لخمسة لاعبين بالخروج من غزة لرحلة ألعاب الاستعداد في أواخر العام الماضي، بل وتم اعتقال أحدهم من قبل قوات الأمن للاشتباه في كونه ناشطا في حركة حماس ويعمل كمبعوث للحركة لنقل الأموال من الخليج.

في الأراضي المحتلة، الناس متحمّسون للبطولة الحالية. جاء مئات المشجّعين لوداع المنتخب قبل خروجه إلى معسكر التدريب في الإمارات، الكثير منهم مع قمصان كُتب عليها “المحاربون”، “المنقذون”، “أسُود كنعان” أو “الشهداء”. وقد وصل المنتخب في هذه الأثناء إلى أستراليا، وهناك أيضًا تم استقباله بحرارة من قبل الجالية الفلسطينية في البلاد.

وبالتباين، فرغم الصعود المثير للإعجاب في تصنيف الفيفا – خلال عام قفز الفريق من المركز الـ 165 إلى 85 بعد صعوده، قبل أن ينزلق إلى المركز الـ 113 – فلا يعرف الناس في الحقيقة لاعبي المنتخب ولا يميزونهم في الغالب. لا يتم بثّ مباريات الدوري في الضفة، والتي يشارك فيها معظم اللاعبين، في التلفزيون. اللاعبون الذين يلعبون في بولندا، السويد، سلوفينيا والسعودية لا يلعبون في فرق تُتابع بكثرة. ولكن كيف يعرّف المواطن في الضفة ذلك؟ “المهم أنّ علم فلسطين سيرفرف في البطولة الكبيرة، وأننا أيضًا سنتمكّن من مشاهدة منتخبنا هنا. يملؤنا ذلك فخرا”.

ومن الواضح أنّه حتى لو خرجت فلسطين كما هو متوقع بعد مرحلة المجموعات ولم تفز بنقطة واحدة، فقد حققت فعلا الهدف النهائي؛ مجرّد المشاركة والرسالة السياسية الكامنة في ذلك.‎ ‎الكابتن رمزي صلاح البالغ من العمر 34 عاما، شخصية أسطورية في كرة القدم الفلسطينية وحارس المرمى منذ 14 عاما، يدرك ذلك تماما. رغم أنه وُلد في القاهرة وأقام في مصر معظم حياته، فهو ابن لوالدين من غزة ويعبّر غالبًا عن آراء متشدّدة. “نريد نقل رسالة إلى العالم”، قال مؤخرا لوكالة الأنباء الفرنسيّة، وأضاف: “أن نوضح بأنّ الشعب الفلسطيني قائم رغم كل الصعوبات التي تُراكِمها إسرائيل، رغم كل العقبات، رغم كل الشهداء”.
https://www.youtube.com/watch?v=t1hj4tIDbiw
نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في صحيفة “هآرتس”

اقرأوا المزيد: 724 كلمة
عرض أقل