عاموس هرئيل

(Amos Ben Gershom / GPO)
(Amos Ben Gershom / GPO)

إسرائيل لم تعد تتابع الحرب السورية عن بعد وتعمل ضد إيران مباشرةً

يرفض الجيش الإسرائيلي التطرق إلى الادعاءات أنه شن هجوما هذه الليلة في سوريا، ولكنه اعترف في الماضي بأنه هاجم قواعد عسكرية بالقرب من حمص. قد يشجع الضوء الأخضر الذي حصلت عليه طهران للتمركز في سوريا التوجه القتالي الإسرائيلي

شهد الشرق الأوسط ليلة مليئة بالعمليات العسكرية. فوفق الادعاءات الروسية، منذ منتصف الليل شنت طائرات إسرائيليّة هجوما ضد قاعدة عسكرية جوية سورية “T-4‎” الواقعة بالقرب من حمص. وبعد وقت قصير من ذلك، وردت تقارير من غزة حول شن هجمات جوية إسرائيلية على شمال قطاع غزة، ضد أهداف لحماس. ما زالت الهزة الإقليمية مستمرة ويبدو أن إسرائيل لم تعد تترقب الأحداث فحسب، بل أصبحت فعالة أكثر بما يدور من حولها.

لقد وضعت إسرائيل خطا أحمر منذ بداية الحرب الأهلية السورية. وأعلنت أنها ستعمل على إحباط عمليات لتهريب الأسلحة المتطورة من سوريا إلى حزب الله في لبنان، ومنذ ذلك الحين نسبت إليها وسائل إعلام أجنبية عشرات الهجمات الجوية ضد قوافل أسلحة ومخازن ذخيرة في سوريا. في السنة الماضية، وضعت إسرائيل خطا أحمر إضافيا لمنع التمركز الإيراني في سوريا. في ظل الهجوم الذي وقع هذه الليلة، هناك تطورات: شن هجوم كيميائي لنظام الأسد ضد الثوار في عشية يوم السبت، تعزز التأثير الروسي – الإيراني في سوريا، وتحذير من قبل إدارة ترامب فيما يتعلق بالتخطيط لإخراج الجنود الأمريكيين من سوريا. إذا شنت إسرائيل هجوما، فيجب اعتباره أنه جاء في ظل الأوضاع الاستراتيجية الشاملة.

إسرائيليا، هناك عدة تأثيرات للأحداث الأخيرة. فهي تعزز التقديرات حول وضع الأسد الأمني والمخطط للعمل بكل الوسائل للسيطرة مجددا على أجزاء واسعة في سوريا، ما قد يؤثر في الأوضاع في جنوب سوريا أيضا. تعزز هذه التقديرات أيضا الشكوك فيما يتعلق بالقرار لوقف إنتاج الحزم الواقية في إسرائيل وتوزيعها على الإسرائيليين.

في نظرة شاملة أكثر، يبدو أن طهرن حظيت في مؤتمر أنقرة بدعم لمتابعة جهودها للتمركز في سوريا، وفي المنطقة القريبة من الحدود مع إسرائيل أيضا. قد تسرّع هذه الخطوات التطورات التي بدأت تظهر منذ بضعة أشهر: ممارسة نشاطات إسرائيلية نشطة ضد القوات الإيرانية، وفق ما جاء في تهديدات رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع، ليبرمان. يحظى هذا التوجه القتالي بدعم رؤساء المنظومة الأمنية، ولكن قد تكون له تأثيرات، بدءا من إرجاء انسحاب القوات الأمريكية من سوريا وانتهاء بتورط إسرائيل في سوريا. أصبح الحبل الذي تسير عليه إسرائيل الآن دقيقا جدا.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في صحيفة “هآرتس‎”

اقرأوا المزيد: 322 كلمة
عرض أقل
الجيش الإسرائيلي يعثر على نفق قرب الحدود الإسرائلية وقطاع غزة - صورة أرشيفية ( AFP)
الجيش الإسرائيلي يعثر على نفق قرب الحدود الإسرائلية وقطاع غزة - صورة أرشيفية ( AFP)

على حماس أن تقرر كيف ستتصرف في ظل تدمير الأنفاق

تشهد نشاطات الجيش الإسرائيلي المتزايدة في غزة على عملية مستمرة ضد الأنفاق. يعكس عدم رد حماس الضائقة التي تمر بها، وعدم قدرتها على تلبية احتياجات سكان القطاع

يعزز تدمير نفق حماس على حدود قطاع غزة هذه الليلة (بين يومي السبت والأحد) الاستنتاج أن إسرائيل نجحت في إيجاد حل دفاعي، رغم أنه ما زال بعيدا عن أن يكون مثاليا ولكنه فعالا جدا ضد تهديد الأنفاق الهجومية من قطاع غزة. ويعتبر النفق الذي كشفته إسرائيل ودمرته بالقرب من معبر كرم أبو سالم في المنطقة الحدودية بينها وبين قطاع غزة ومصر النفق الرابع الذي كشفته في غضون ثلاثة أشهر تقريبا، منذ تشرين الأول الماضي.

يعزز تدمير النفق المشكلة لدى حماس حول كيفية التعامل مع نجاح المنظومة الأمنية في حرمانها تدريجيا لحماس من أحد أهم ممتلكاتها الهجومية الرئيسية. لا يرتبط العثور على النفق الأخير مباشرة ببناء الحاجز ضد الأنفاق على طول حدود قطاع غزة. بل اتضح أنه جزء من  المنطقة التي لم تبدأ فيها الأعمال. ولكن الدمج بين الوسائل – التكنولوجية، الاستخباراتية، والعملياتية- وبين بناء الحاجز، الذي سيُكتمل بناء معظمه حتى نهاية هذا العام، يدل على أن الأمور لا تسير لصالح حماس والجهاد الإسلامي (كان النفق الأول الذي دُمر تابعا لمنظمة صغيرة جدا).

تعتقد قيادة حماس، أن الأنفاق هي مشروع استراتيجي استثمرت فيه مئات ملايين الشواقل طيلة نحو عقد وعمل فيه آلاف عمال الحفريات والناشطون العسكريون. حتّى الآن، لم تعرب حماس عن ردها على الخطوات الإسرائيلية. لم يكن نشطاؤها متورطين بشكل مباشر بإطلاق الصواريخ باتجاه منطقة النقب، بل أطلقها نشطاء سلفيون والجهاد الإسلامي. ويبدو أن عدم رد حماس على تدمير الأنفاق يعكس الأزمة الاستراتيجية التي تواجهها وأنه يصعب عليها تلبية احتياجات سكان غزة الاقتصادية الفورية الذين يصل تعدادهم إلى نحو مليوني مواطن، فضلا عن علاقاتها غير المستقرة مع مصر وتنفيذ اتفاق المصالحة مع السلطة الفلسطينية بشكل بطيء.

بات الاحتجاج ضد أعمال حماس كبيرا هذه المرة. لا يقتصر الأمر على كشف نشاطاتها الهجومية المخطط لها في الأراضي الإسرائيلية، وعلى النفق تحت معبر كرم أبو سالم – وهو الشريان الرئيسي لنقل البضائع إلى قطاع غزة (بالقرب من خطوط الأنابيب التي تزود الغاز والوقود إلى غزة) فحسب – بل على المس بالسيادة المصرية، التي تعتمد عليها حماس في التخفيف من ضائقة القطاع.

وادعت حماس في البداية أن قوات سلاح الجو قصفت نفقا مدنيا مخصصا لتهريب البضائع ولم تكن مسؤولة عن إدارته. ولكن تصر إسرائيل على أن مقاتلي وحدة “النخبة” في حماس شاركوا في حفر النفق، وأن تشعب جزء من النفق تحت المعبر يشير إلى خطة مستقبلية لتنفيذ هجوم في الأراضي الإسرائيلية.

إن استمرار الحفر باتجاه مصر قد يعكس خطة لتهريب الأسلحة من سيناء إلى قطاع غزة أو إرسال إرهابيين من الجانب المصري عند الحاجة لتعزيز الهجوم على المعبر الإسرائيلي. منذ سنوات كانت تعتقد المنظمات الفلسطينية أن المعابر تشكل هدفا مشروعا بل مرغوبا به لشن هجمات، رغم الأضرار التي قد تلحق بسكان قطاع غزة. هناك تاريخ طويل من العمليات الانتحارية واستخدام الأنفاق ضد معابر إيرز، كارني، وكرم أبو سالم منذ منتصف التسعينيات.

تشهد نشاطات الجيش الإسرائيلي المتزايدة في غزة على عملية مستمرة ضد الأنفاق، وعلى أنها ستستغرق وقتا طويلا. على أية حال، فإن الأولويات الإسرائيلية في قطاع غزة واضحة: تركز إسرائيل جهودها على بناء حاجز ضد الأنفاق، وتحديد مكان الأنفاق وتدميرها حتى الانتهاء من بناء الحاجز. ومن المفترض أن الجيش الإسرائيلي يستعد لاحتمال قيام إحدى المنظمات الفلسطينية بشن هجوم مفاجئ، عبر نفق، قبل العثور على الأنفاق الأخرى وتدميرها.

إضافة إلى الخوف من حدوث كارثة إنسانيّة في القطاع، فإن الانشغال بالأنفاق يشكل عاملا كابحا في الاعتبارات الإسرائيلية حول ما إذا كان يجب خوض معركة شاملة مع حماس في غزة. يحتل التخلص من الأنفاق الهجومية سلم الأولويات لدرجة أن الزعماء مستعدون لتجاهل إطلاق الصواريخ من قطاع غزة إلى حد معين، حتى لو استمر وقتا طويلا، طالما لا تقع إصابات في إسرائيل.

في هذه الأثناء، وفق وسائل الإعلام الأجنبية، ما زالت النشاطات الإسرائيلية نشطة ومستمرة ضد إيران وحزب الله في الأراضي السورية. ‎ ‎وبما أن الجهود العسكرية ما زالت قائمة في المنطقة الشمالية وتعمل وفق مبدأ سياسة التعامل حتى النهاية، وباتت تشكل خطرا كبيرا لاندلاع حرب، على إسرائيل أن تحسب خطواتها بعناية لمواصلة نجاحاتها العسكرية وتجنب حدوث صراع في كلا الجبهتين في الوقت ذاته.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في صحيفة “هآرتس”

اقرأوا المزيد: 624 كلمة
عرض أقل
مواجهات عنيفة في الضفة الغربية في أعقاب اعلان ترامب (Flash90)
مواجهات عنيفة في الضفة الغربية في أعقاب اعلان ترامب (Flash90)

المواجهات الأخيرة تثبت أن حماس والسلطة تسعيان إلى الحفاظ على ضبط النفس

كان مستوى الاشتباكات العنيفة منخفضا، ويرجع ذلك أساسا إلى أن رد فعل الجيش الإسرائيلي كان محدودا. يبدو أن الاعتراف بالقدس يثير غضبا أقل في الشارع الفلسطيني مقارنة بالقيادة الفلسطينية

يُذكر أن المواجهات في الأيام الثلاثة الماضية أسفرت عن مقتل أربعة قتلى وعشرات الجرحى الفلسطينيين وذلك في أعقاب الخطاب الذي اعترف فيه الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل. لم يُشعل إعلان ترامب انتفاضة جديدة حتّى الآن، كما هدد بعض القادة الفلسطينيين، على الرغم من أن نهاية الأسبوع كانت متوترة في القدس والضفة الغربية وبشكل رئيسي في حدود قطاع غزة.

ومنذ إعلان ترامب مساء الأربعاء، تنافست السلطة الفلسطينية وحماس في إدانة هذا الإعلان واحتجتا ضد إسرائيل والولايات المتحدة. وقد زاد زعيم حماس، إسماعيل هنية، من هذه التوترات بعد أن أعلن أن هذا هو الوقت المناسب لاندلاع الانتفاضة الثالثة. ولكن كانت الاستجابة الجماهيرية ضئيلة إلى حد معيّن. يوم أمس (السبت) ويوم الجمعة، شارك الآلاف من الفلسطينيين في مظاهرات في أنحاء الضفة الغربية، انتهى بعضها بإلقاء الحجارة على قوات الجيش الإسرائيلي عند نقاط التفتيش والطرقات الرئيسية.

وأدت تعليمات إطلاق النار الصارمة التي عملت قوات الجيش الإسرائيلي بموجبها إلى أن يكون مستوى المواجهات منخفضا نسبيا، وقد أصيب العديد من الفلسطينيين جراء استنشاق الغاز المُسيل للدموع. ذكر الجيش أنه لم يكن هناك إطلاق نار على المتظاهرين في الضفة الغربية، بل أطلِقت النيران في الهواء فقط وأطلِق رصاص مطاطي. سعت السلطة الفلسطينية إلى عرض قوتها على نطاق واسع ضمن الالتزام بالسيطرة، والحفاظ على التنسيق الأمني مع إسرائيل، الذي استؤنف مؤخرا فقط بعد أزمة البوابات الإلكترونية في الحرم القدسي الشريف في شهر تموز الماضي.

الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يعلن اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل (AFP)

لم يُقنع العدد المحدود للمتظاهرين أن الإعلان الأميركي أثار غضب الفلسطينيين في الشارع بشكل مماثل لمستوى الغضب لدى القيادة الفلسطينية. ومع ذلك، وبطريقة غير عادية جدا في السنوات الأخيرة، وربما كجزء من محادثات المصالحة بين الجانبين، نظمت حركة فتح وحماس مظاهرة مشتركة في الخليل، رُفِعت فيها أعلام حماس عَلَنًا، للمرة الأولى، منذ سنوات في الضفة.

في نهاية هذا الأسبوع، كان قطاع غزة الموقع الرئيسي الأكثر توترا، إذ أطلق نشطاء سلفيون متطرفون صواريخ باتجاه النقب خلال ثلاث مرات. ‎ ‎في إحدى الحالات، اعترضت منظومة القبة الحديدية صاروخا، وفي حالة أخرى انفجر صاروخ في مدينة سديروت، مما تسبب في وقوع أضرار ونوبات من الذعر. وورد أن القوات الجوية الإسرائيلية أطلقت النيران على نشيطين من نشطاء حماس وأنهما قُتِلا أثناء تفجيرات مقرات ومستودعات تابعة للجناح العسكري لحماس في إطار السياسة الإسرائيلية التي تفرض على حكومة حماس مسؤولية كبح أنشطة المنظمات الصغيرة.

وفي وقت سابق، أفادت التقارير أن فلسطينيين قُتِلا بنيران قوات الجيش الإسرائيلي أثناء اشتباكات جرت بالقرب من السياج المحيط بالقطاع، شرقي خان يونس. خلافا لإطلاق الصواريخ، في هذه الحالة من الواضح أن حماس هي التي تتزعم التظاهُرات. ولكن في قطاع غزة، كما هو الحال في الضفة الغربية، من الواضح أن حماس تتمالك نفسها في تعاملها مع إسرائيل. وبناء على ذلك، فإن رد الجيش الإسرائيلي كان محدودا نوعا ما ولم يمنع الحركتين من العودة إلى الهدوء المتوتر الذي يُميّز علاقاتهما منذ انتهاء عملية “الجرف الصامد” في قطاع غزة في آب 2014.

مع ذلك، فإن الوضع في غزة لا يزال متوترا لأسباب أخرى، ليست ذات صلة مباشرة بإعلان ترامب. حتّى الآن‎، قد جُمّد اتفاق المصالحة بين السلطة الفلسطينية وحماس وتم تأجيل تنفيذه. يمكن أن يُسهم الإحباط العام في قطاع غزة بسبب عدم تنفيذ الاتفاق وفتح معبر رفح الذي وعدت به حماس السكان في زيادة التوتر مع إسرائيل. وفي الخلفية، ما زالت نشاطات المنظومة الأمنية الإسرائيلية مستمرة لإقامة الجدار ضد الأنفاق بعد الكشف عن نفق هجومي حفره الجهاد الإسلامي على الحدود في نهاية تشرين الأول. وتسببت هذه الخطوات أيضا في إثارة بعض الغضب لدى المنظمات الإرهابية في قطاع غزة.

دوليا، انتهت ردود الفعل على الخطوة الأمريكية بسلسلة من الإدانات وجهتها الدول الإسلامية والعربية، البيانات التحفظية التي وجهتها الحكومات الغربية، والاحتجاجات في العديد من العواصم الإسلامية. تشكل الأحزاب التابعة لجماعة الإخوان المسلمين المصدر الأكبر للضجة. لذلك، ليس من المُستغرب أن تشجب تركيا إعلان ترامب، وتعقد مؤتمرا لقادة الدول الإسلامية في أنقرة يوم الأربعاء المقبل.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في صحيفة “هآرتس”

اقرأوا المزيد: 594 كلمة
عرض أقل
أطفال فلسطينيون في غزة يجمعون مهملات بغرض بيعها (AFP)
أطفال فلسطينيون في غزة يجمعون مهملات بغرض بيعها (AFP)

ضائقة السكان في غزة تدفع حماس إلى المرونة

وصل قياديو الحركة في القطاع إلى مصر لإجراء محادثات وأعربوا عن استعدادهم لتمويل جزء من الكهرباء للقطاع، في خطوة كانت الحركة قد تجنبتها حتى الآن

قد تشهد الخطوات الأخيرة التي تتخذها قيادة حماس في قطاع غزة، في ظل التقارب من مصر على محاولة لضمان الهدوء في القطاع. هذا الأسبوع، وصلت بعثة من قيادي الحركة إلى القاهرة، وهي تجري محادثات حول الحصار على القطاع بشكل أساسيّ. في هذه الأثناء، وبشكل استثنائي جدا، تعرب حماس عن استعداداها لتوفير الكهرباء للقطاع.

وتفاقم وضع الكهرباء في غزة في الربيع الماضي بعد أن قطعت السلطة الفلسطينية تمويل جزء من الكهرباء في غزة محاولة منها معاقبة حماس. هذا الأسبوع، للمرة الأولى، وافقت حماس على المشاركة في تمويله، بهدف زيادة توفير الكهرباء لتصل إلى ما معدله ست ساعات يوميا. في هذه الأثناء، لم يزداد معدل توفير الكهرباء، لأن شبكة خطوط الكهرباء من مصر إلى القطاع ما زالت لا تلبي معايير متطلبات توفير الكهرباء. تُقدّر إسرائيل أن حماس ستستثمر نحو 90 مليون شيكل في الأشهر القادمة بهدف زيادة إمدادات الكهرباء. قد يؤدي إمداد الكهرباء الذي ستدفع حماس مقابله لمصر، إلى زيادة ساعات توفير الكهرباء من أربع إلى ست ساعات.

وحتى يومنا هذا تجنبت حماس المشاركة في تمويل الكهرباء، لأسباب اقتصادية ورغبة منها فرض التكاليف على السلطة الفلسطينية والحصول على المساعدة الدولية. وردت تقارير في الشهر الماضي في صحيفة “هآرتس” تحدثت عن محادثات بين حماس ومصر بهدف فتح معبر رفح بشكل ثابت والتخفيف بشكل ملحوظ على عملية المرور عبره إذ أن إمكانية التنقل عبره محدودة جدا في يومنا هذا. حتى الآن لم تتحقق التفاهمات. وفق تقارير في وسائل الإعلام العربية، يشارك في وفد حماس إلى القاهرة زعيم الحركة، إسماعيل هنية، القيادي في القطاع، يحيى السنوار، القيادي موسى أبو مرزوق، وزعيم الجناح العسكري، مروان عيس.

وحتى أن هنية أعلن أمس أن الحركة مستعدة لتفكيك حكومة الظل وبدء محادثات مع فتح.

وقد تشكل الخطوات التي تتخذها حماس – المحادثات مع مصر، تمويل الكهرباء والتصريح عن استعدادها لإجراء محادثات تتعلق بالمصالحة – تغييرا إلى حد ما في قيادة الحركة. يبدو أنه خلافا لجزء من التقديرات السابقة، فإن يحيى السنوار تحديدًا، زعيم الجناح العسكري الذي كان مسجونا لأكثر من عشرين عاما في إسرائيل، يدعو إلى التخفيف عن سكان القطاع، وتهدئة التوتر الأمني، وترسيخ الاستقرار قدر المستطاع.

وقال نداف أرغمان، رئيس الشاباك، أمس الأول، للوزراء في جلسة مجلس الوزراء إن حماس تستثمر موارد للاستعداد للاشتباكات العسكريّة المستقبلية مع إسرائيل، واصفا الوضع في القطاع بأنه “هدوء مضلل”. وادعى أن حماس تعاني من ضائقة استراتجية ويصعب عليها عرض إنجازات سياسية أو توفير حل ناجع لحياة السكان الصعبة في القطاع. وقال أيضا إن قياديين في الجناح العسكري لحركة حماس ينشطون مؤخرًا في الأراضي اللبنانية.

وانتقل نشطاء حمساويون للعمل في لبنان قبل أشهر قليلة. ففي السنتَين الماضيتَين، أصبح لبنان المحطة الثالثة التي ينشط فيها نشطاء حماس برئاسة صالح العاروي، الذين كانون قبل ذلك، ينشطون في تركيا، ولكن تم إبعادهم بضغط أمريكي إلى قطر ومن ثم انتقلوا من قطر إلى لبنان، في ظل الضغوطات الشبيهة التي مارستها الإمارات. يرأس العاروري مركز قيادة في لبنان، لديه ذراع في غزة، يبادر إلى ممارسة الإرهاب ضد إسرائيل والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

وفي الآونة الأخيرة، يدور في قطاع غزة صراع القوى الاقتصادية بين قطر والإمارات العربية. فاستثمرت قطر مئات ملايين الدولارات في تأهيل القطاع منذ انتهاء عملية “الجرف الصامد” في صيف 2014. حاليا، هناك محاولة لإبعادها عن غزة، أيضا بسبب الأزمة بينها وبين السعودية والإمارات. في الآونة الأخيرة، بدأت الإمارات العربية المتحدة تستثمر أموالها في القطاع ونقلت مؤخرًا مليون دولار من أجل مشروع البنى التحتية في القطاع عبر القيادي في فتح، محمد دحلان، خصوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

ويبذل دحلان الذي يعيش في جزء من أيام السنة في الخليج، جهودا لتعزيز العلاقات بين مصر والإمارات لتنسيق خطوات حماس والسماح له ولأتباعه بأن تطأ أقدامهم القطاع مجددا. باتت حماس قلقة جدا من نشاطات دحلان في القطاع. في إسرائيل، الآراء حول دحلان متفاوتة. ففي الفترة السابقة، وردت أخبار عن علاقات صداقة بين دحلان ووزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان. يتحفظ مسؤولون آخرون في المنظومة الأمنية وفي القيادة السياسية من دحلان وهم يعتقدون أن كل محاولة لتعزيز تدخله في قطاع غزة معرضة للفشل، كما حدث وهزمته حماس بعد أن سيطرت الحركة على القطاع عسكريّا في حزيران 2007.

وإسرائيل ليست متحمسة لوقف تدخل قطر في القطاع كليا، رغم الحصار السياسي والاقتصادي الذي تمارسه السعودية والإمارات على قطر. فهناك لدى إسرائيل مصلحة معينة في أن تستمر العلاقات بين قيادة حماس ومصر وقطر لا سيما في أوقات الأزمة. فهي ليست معنية بأن تكون متعلقة بأي منهما كوسيط في المحادثات مع حماس.

وفي بداية آب، في ذروة الأزمة السعودية – القطرية، هددت إسرائيل باتخاذ خطوات خطيرة ضد قناة الجزيرة التي تعمل في قطر، إلى درجة إغلاق مكاتبها في إسرائيل مدعية أنها تحرض على الإرهاب. ولاحقا، اكتفت إسرائيل بالتهديد بسحب رخصة عمل مراسل الجزيرة، الياس كرام. وفي النهاية، بعد إجراء جلسة استماع في مكتب الإعلام الحكومي، تم تجميد هذه الخطوة أيضا. يبدو أن هذه التغييرات لا تشهد على التعامل مع المراسل كرام فحسب، بل على العلاقات المعقّدة بين إسرائيل وقطر، ورغبة في حرق كل الجسور معها.

اقرأوا المزيد: 759 كلمة
عرض أقل
الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (Wisam Hashlamoun/Flash90)
الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (Wisam Hashlamoun/Flash90)

إسرائيل تتابع بقلق تدهور حالة عباس الصحية

يأمل الجيش الإسرائيلي أن انخفاض حدة الأحداث في الضفة قد يؤدي إلى هدوء تدريجي. بالمقابل، فإن تدهور حالة رئيس السلطة الفلسطينية الصحية قد تسرّع تبديل نظام الحكم في السلطة

تتابع المنظومة الأمنية الإسرائيلية بقلق حالة رئيس السلطة الفلسطينية الصحية، محمود عباس. دخل عباس أمس صباحا (السبت) المستشفى ومكث فيها ساعات قليلة فقط وأجرى فحوص في مستشفى في رام الله ومن ثم أطلِق سراحه. ادعى قادة السلطة أن الرئيس الفلسطيني دخل المستشفى لأنه كان متعبا، وذلك في أعقاب الأحداث التي طرأت في الأسبوعين الماضيين – التوتر الخطير مع إسرائيل في أعقاب الأزمة في الحرم القدسي الشريف.

وفرضت الأزمة مع إسرائيل على رئيس السلطة جدول أعمال مزدحم من أجل متابعة هذه الأحداث، شمل اجتماعات مكثّفة مع مستشاريه وقيادة حركة فتح والسلطة الفلسطينية، وإجراء اتصالات مكثّفة مع زعماء عرب ودبلوماسيين غربيين. خلال الأزمة، وفي سائر أيام الأسبوع الماضي، صعّدت السطلة من تصريحاتها ضد إسرائيل، ومن بين أمور أخرى، ناشدت لإقامة “يوم غضب” في القدس والضفة الغربية أمس الأول، الجمعة. يبدو أن هذا التوجه جاء بشكل أساسيّ بسبب المنافسة بين عباس وحماس حول قيادة الفلسطينيين في صراعهم حول المسجد الأقصى.

ورغم أنه يبدو أن في بيئة رئيس السلطة الفلسطينية هناك رغبة في تقليل حدة الصعوبات التي يعاني منها الرئيس وتقديم تعليلات بديلة، هناك انطباع فلسطيني وإسرائيلي يشير إلى أن حالة عباس الصحية آخذة بالتدهور إلى حد معين في الأشهر الأخيرة وقد يسرع هذا التدهور التغييرات في الحكم في السلطة. بات عباس قلقا من تعزيز العلاقة بين حماس ومحمد دحلان (برعاية مصرية) ويخشى أن ينسق الجانبان خطوات سياسية أخرى ضده.

ويبلغ عباس 82 عاما وصحته جيدة غالبا. في بداية العقد الماضي، عانى محمود عباس من سرطان البروستات ومن ثم من مشاكل قلبية. ويعد الرئيس الفلسطيني مدخنا ثقيلا، حتى أنه في السنة الماضية أجرى تغييرا وبدأ يستخدم السجائر الإلكترونية.

هذا المقال هو جزء من مقال نُشر للمرة الأولى في صحيفة “هآرتس”

اقرأوا المزيد: 262 كلمة
عرض أقل
فلسطينيون يقفون إلى جانب مجسم للأهرامات في رفح (AFP)
فلسطينيون يقفون إلى جانب مجسم للأهرامات في رفح (AFP)

دعم مصر للقطاع: يقلص المواجهة مع إسرائيل ويضعف عباس

أدت مقاطعة قطر إلى أن تقدم مصر الكهرباء إلى غزة، مقابل دفع مكانة دحلان قدما. وفي حين يفقد عباس إحكام قبضته في القطاع، توافق إسرائيل على تحسين قوة حماس إلى حد معين مقابل تأجيل المواجهة بينمها

قد يؤدي حدوث حالتي صراع القوى العشوائي تقريبًا في العالم العربي، من جهة بين السعودية والدول السنية المحافظة وبين قطر، ومن جهة أخرى بين السلطة الفلسطينية وحماس، إلى تخفيف جزء من حالات الضائقة التي تجتاح قطاع غزة بشكل مؤقت، وإبعاد خطر المواجهة مع إسرائيل نوعًا ما.

في سلسلة أحداث مفاجئة، تحظى الخطوة التي تتخذها مصر – إمداد غزة بالكهرباء مقابل تعزيز مكانة محمد دحلان في القطاع – بدعم الإمارات العربية المتحدة والسعودية وبالمقابل لا تتعرض لمعارضة فعلية إسرائيلية. تتطلب هذه التسوية تنازلات من جهة حماس، ولكنها تلحق ضررا برئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، حيث سيبتعد أكثر فأكثر عن السيطرة على القطاع وسيضطر إلى رؤية كيف ينجح خصمه الداخلي، في تعزيز مكانته في القطاع بدعم علني من القاهرة.

بدأ عباس سلسلة التطورات هذه عندما قرر في شهر أيار الماضي ممارسة ضغط اقتصادي مباشر على حكومة حماس في القطاع. يبدو أن رئيس السلطة قد سئم من تمويل خصومه، في حين يرفضون مطالبه حول اتفاق تسوية للاعتراف بسيطرته على القطاع. أدى تقليص رواتب العمال في السلطة في غزة، وإيقاف دعم أسرى حماس المحررين، لا سيّما تقليص توفير الكهرباء (لأن السلطة توقفت عن دفع الأموال مقابلها إلى إسرائيل) إلى تفاقم ظروف الحياة الصعبة في القطاع، كلما أصبحت درجات الحرارة عالية أكثر في أيام الصيف هذه.

قرر المجلس الوزاري الإسرائيلي المُصغر للشؤون الأمنية والسياسية في الشهر الماضي عدم التدخل في الأزمة وعدم تغطية العجز المالي الناتج إزاء الخطوات التي اتخذتها السلطة. رويدا رويدا، حذرت منظمات الاستخبارات من أن الإحباط المتزايد في القطاع قد يؤدي إلى تدهور الوضع عسكريّا بشكل غير مخطط، وعندها ستتردد حماس فيما إذا كانت ستتواصل العمل ضد القذائف التي تطلقها المنظمات السلفية المتطرفة.

نجحت مصر في التعرّف إلى الخطر الكامن ولكن إلى الفرصة أيضا. إذ شكل الشرخ بين قطر وجاراتها في الخليج ذريعة أمامها للعمل على قطع العلاقة بين قطر وحماس، أما الإمارات العربية المتحدة فقد وافقت على زيادة الدعم المالي للقطاع، وفي الواقع كان حجمه متواضعا مقارنة بالدعم القطري، الذي يُقدّر بنحو 900 مليون دولار حتى وقتنا هذا. بالتباين، اتضح لقادة حماس أنه في ظل الأزمة في الخليج، لن تستطيع الحركة الاعتماد بعد على شبكة الأمان القطرية، التي كانت مضمونة لها في العقد الأخير.

هكذا في نهاية شهر حزيران بدأت تصل شاحنات الوقود عبر معبر رفح بتمويل الإمارات العربية المتحدة وبرئاسة دحلان إلى القطاع، بحيث أصبح يمكن استخدام الكهرباء بين خمس إلى ست ساعات يوميا، مقارنة بثلاث ساعات في ذروة الأزمة. في الأيام العشرة الأخيرة، زارت بعثتان تابعتان لحماس من القطاع القاهرة والتقيتا مع أفراد الاستخبارات المصرية وعناصر دحلان. شارك في أحد اللقاءات يحيى السنوار أيضا، وهو زعيم حماس في غزة.

قال أمس (الثلاثاء)، أحمد يوسف، مستشار رئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية، أن الجانبين يتباحثان وثيقة التسويات التي تتضمن 13 بندا. إنها تتضمن، من بين أمور أخرى، اتفاقيات حول زيادة عمل معبر رفح بشكل يتيح تنقل سكان غزة عبره أكثر، ومنح مكانة جديدة لدحلان وعناصره في معبر رفح. لم يتم توضيح الصلاحيات بعد. بدأت تعمل عناصر دحلان في الأسابيع الماضية على ترميم المعبر، بفضل تمويل حجمه خمسة ملايين دولار من أموال الإمارات العربية المتحدة. رغم ذلك، فإن الأخبار المسربة لوسائل الإعلام العربية التي تشير إلى أن حماس ستوافق على أن يكون دحلان رئيس الحكومة في القطاع يرفضها كل المشاركين في المحادثات.

وفق أقوال يوسف، تتضمن التسويات منح قياديي فتح وعناصر دحلان مصادقة للعودة إلى القطاع، حيث هربوا منه عام 2007، وإقامة لجنة تسوية داخلية لدفع تعويضات لعائلات قتلى عناصر حماس وفتح الذين قُتِلوا أثناء المواجهات بين كلا الجانبين في القطاع حينذاك. كما وتطالب مصر حماس بزيادة العمل في المنطقة المحايدة المضادة للأنفاق في حدود سيناء في رفح وإيقاف العلاقات مع ذراع داعش في سيناء.

كما هو معروف، تحافظ إسرائيل على تنسيق مكثّف مع مصر، ولكنها ليست راضيا تماما عن كافة تفاصيل التسوية المتبلورة. يتطرق القلق الإسرائيلي الأساسي إلى إمكانية استغلال حماس التسهيلات في رفح لتهريب وسائل قتاليّة وكذلك “مواد ثنائية الاستخدام”، مثل الإسمنت، الذي يُستخدم لحفر الأنفاق وإقامة تحصينات تساعد على تحسين منظومة الوسائل القتالية أيضًا. ويبدو أن إسرائيل ما زالت ترغب في المخاطرة بشكل محسوب: قبول المخاطرة إلى حد معين لتعزيز الجناح العسكري لحركة حماس، إذا ضمنت بهذا استبعاد خطر الحرب الفوري في الجنوب وزيادة التأثير المصري في ما يحدث في القطاع.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في موقع “هآرتس

اقرأوا المزيد: 661 كلمة
عرض أقل
صاروخ حزب الله يتجه نحو إسرائيل (AFP)
صاروخ حزب الله يتجه نحو إسرائيل (AFP)

في حرب الأعصاب ضد حزب الله، إسرائيل تلحق به ضربة استباقية

رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية يكشف بشكل رسميّ عن تطوريْن: اختراق حزب الله علنا قرار مجلس الأمم المتحدة الذي يحظر نشر أي قوات عسكرية جنوب نهر الليطاني، وإقامة بنى تحتية من أجل حزب الله لإنتاج أسلحة دقيقة في لبنان على يد إيران

في حرب الأعصاب التي تدور بين إسرائيل وبين حزب الله، وجهت إسرائيل، يوم الخميس، ضربة استباقية.  وذلك بعد أن كشفت عن تغيير ملموس على طول الحدود مع لبنان. يخرق حزب الله حاليا قرار مجلس الأمن 1701، الذي حدد قواعد اللعبة بين الطرفين مع انتهاء حرب لبنان الثانية عام 2006. تتهم إسرائيل قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) بغض النظر المتعمد عن عمليات حزب الله.

إن قرار مجلس الأمن يحظر التواجد العسكري لحزب الله جنوب نهر الليطاني. ولكن التنظيم الشيعي، حزب الله، تجاهل القرار كليا منذ اليوم الأول ونشر قواته في قرى جنوبي لبنان، ولكن يرتدي الجنود زيا مدنيا ويحملون أسلحة مخفية. فقد بنى في هذه القرى منظومة متشعبة من المقرات القيادية، غرف العمليات، ومخازن وسائل قتالية.  عندما حاولت قوات الطوارئ الدولية متابعة الأحداث، انفجرت عبوة ناسفة بالقرب من الكتيبة الإسبانية عام 2007، ما أدى إلى مقتل 6 من أفرادها. فكانت النتيجة واضحة. شهدت حافزية عناصر قوات الطوارئ الدولية تراجعا حول استطلاع ما يحصل.

في السنة الماضية  عمد حزب الله إلى إجراءات أخرى. تحت غطاء منظمة “أخضر بلا حدود” من أجل البيئة، أقام 15 موقعا جديدا لرصد الحدود عن قرب. احتجت إسرائيل على ذلك في رسالة إلى الأمم المتحدة، تضمنت صورا تظهر فيها عناصر مسلحة تابعة لحزب الله قرب الحدود.  تجدر الإشارة إلى أن رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، هرتسي هليفي، قد ادعى في مؤتمر هرتسليا أن “حزب الله بات على مرمى حجر من الحدود”. ودعا قوات الطورائ الدولية إلى “عدم دفن رأسها في الرمال”. وادعى ضابط آخر في قيادة الشمال العسكرية في الجيش الإسرائيلي أن “قوات الطوارئ الدولية بدلت وظيفتها فبدلا من أن تفرض القرار 1701 أصبحت ورقة تين”. وأضاف قائلا لصحيفة “هآرتس”  إن تقدم قوات حزب الله باتجاه الحدود يجري بتنسيق وثيق مع الجيش اللبناني، لا سيما مع الجهاز الاستخباراتي التابع له.

وأضاف الضابط قائلا إن حزب الله  يحاول العودة إلى الوضع الذي كان سائدا على طول الحدود عشية الحرب الأخيرة.  حيث استُخدمت مواقعه لإجراء متابعة وثيقة لنشاط قوات الجيش الإسرائيلي، مما ساعد في التخطيط لعمليات خطف جنديي الاحتياط قرب مستوطنة “زرعيت”، ما تسبب في اندلاع الحرب. إن إعادة نشر مواقع حزب الله في المنطقة قد تساعد حزب الله على جمع معلومات استخباراتية دفاعية، إضافة إلى جمع معلومات استخباراتية لغرض شن عمليات هجومية. يبدو أن حزب الله يشكل تحديا لإسرائيل ويؤكد على أنه لا يولي اهتماما للأمم المتحدة.

كشف هليفي بشكلٍ رسميّ عن تطور آخر تحدثت عنه في الماضي وسائل الإعلام العربية: إيران تعمل على إقامة بنى تحتية لإنتاج أسلحة دقيقة في لبنان لحزب الله. وقد اتخذت خطوة شبيهة مع الثوار الحوثيين في اليمن. يمكن الافتراض أن هدف إيران هو توفير منظومة تهريب متشعبة لنقل وسائل قتاليّة من طهران إلى لبنان عبر سوريا. وفق وسائل إعلام أجنبية، تكثر إسرائيل من مهاجمة إرساليات الأسلحة وهي في طريقها في الأراضي السورية. قال رئيس الأركان، غادي أيزنكوت هذا الأسبوع، إن الجيش الإسرائيلي سيُتابع عمله للقضاء على نقل الأسلحة الدقيقة إلى حزب الله.

لا تشكل المعلومات والتحذيرات الإسرائيلية كما يبدو تغييرا في التقديرات الاستخباراتية بشأن احتمال اندلاع حرب مع حزب الله. يبدو أن احتمالات شن معركة بمبادرة حزب الله في الفترة القريبة منخفضة، لأن التنظيم ما زال يشغّل نحو ثلث قواته في الحرب الأهلية السورية، ولأن الحفاظ على نظام بشار الأسد يتصدر سلم أفضليات الراعي الإيراني لحزب الله.

ومع ذلك، أوضح الضابط أيضا أن إسرائيل تدرك أن سلسلة قصيرة من حوادث وأخطاء متبادلة بينها وبين حزب الله قد تشعل نار الحرب، مثلما حدث في كانون الأول عام 2015، حيث قُتل جنديان من كتبية “غفعاتي” في كمين بواسطة صواريخ مضادة للدبابات، قرب هار دوف، وذلك بعد أن اتهم حزب الله إسرائيل باستهداف قافلة حربية تابعة له في هضبة الجولان السورية. إن احتمال التصعيد بسبب حسابات خاطئة ما زال قائما – وبسبب قلق إسرائيل من نشر قوات حزب الله على طول الحدود اللبنانية أيضا.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في موقع هآرتس.

اقرأوا المزيد: 597 كلمة
عرض أقل
الملك الأردني عبدالله الثاني يشارك في مأدبة إفطار لكبار ضباط القوات المسلحة (flicker)
الملك الأردني عبدالله الثاني يشارك في مأدبة إفطار لكبار ضباط القوات المسلحة (flicker)

إسرائيل والأردن يكثفان العلاقات بينهما في ظل وجود إيران في سوريا

باتت الدولتان قلقتين من تمركز نظام الأسد في جنوب سوريا ومن إمكانية أن تنشر إيران قواتها في المناطق التي تمت السيطرة عليها. وفق تقارير أجنبية، قدمت إسرائيل إلى الأردن مساعدة استختباراتية وأمنية لتعزيز استقراره

كثفت إسرائيل والأردن في الفترة الأخيرة التنسيق السياسي بينهما في ظل الأحداث في جنوب سوريا. الدولتان قلقتان من تمركز نظام بشار الأسد مجددا في الجزء الجنوبي من سوريا، لا سيما بسبب زيادة تأثير إيران في العراق وسوريا. هناك خشية أن تستغل إيران المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد وتنشر قوات الحرس الثوري والمليشيات الشيعية، وعلى رأسها حزب الله، على مقربة من الحدود السورية المشتركة مع الأردن وإسرائيل.

في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقة بين إسرائيل والأردن تعزيزا في ظل الهزة الإقليمية في الشرق الأوسط. وفق تقارير وردت في الصحف الأمريكية والعربية، فقد قدمت إسرائيل إلى المملكة الأردنية الهاشمية مساعدة استخباراتية وأمنية لتعزيز استقرارها في ظل التهديدات المزدوجة – تنفيذ عمليات على يد منظمات سنية متطرفة وعلى رأسها الدولة الإسلامية (داعش)، وزيادة السيطرة الإيرانية في المنطقة.

أعرب مسؤولون إسرائيليون كبار في الماضي في فرص مختلفة عن قلقهم بسبب عدم الاستقرار في الأردن الذي قد يؤثر سلبا في وضع إسرائيل أمنيا. وردت تقارير في شهر آذار الماضي في صحيفة “هآرتس” تحدثت عن أن رئيس الأركان، غادي أيزنكوت، قال في نقاش مغلق في السنة الماضية إنه قلق من تقدير الأوضاع المتشائم الذي أعربت عنه سفيرة إسرائيل في الأردن، عينات شلاين، فيما يتعلق بوضع المملكة، وإنه عند الحاجة ستدعم إسرائيل الأردن.

حذر العاهل الأردني الملك عبد الله في عام 2004، من خطر تشكل “هلال شيعي” برئاسة إيران قد يؤدي إلى زيادة الشرخ في العالم العربي.

تطرقت سلسلة مقالات نشرها الصحفي الأردنيّ، بسام البدارين في الأسابيع الماضية، الذي يعتبر مقربا من الأسرة المالكة، في صحيفة “القدس العربي”، إلى وجود قلق أردني – إسرائيلي مشترك، في ظل التطوّرات في جنوب سوريّا. وفق أقوال البدارين، أقيم مؤخرًا لقاء مغلق بين وزيري خارجية الأردن وروسيا، حيث وضح الأردن لروسيا أنه لا يوافق على تمركز قوات الحرس الثوري الإيراني والمليشيات الشيعية في الحدود الشمالية من الدولة.

ادعى الروس في محادثات مع الأردن أن نشر القوات المتماهية مع نظام الأسد على الحدود سيُبعد خطر داعش، ولكن الأردنيين أوضحوا أن دخول إيران إلى المنطقة يشكل خطرا شبيها. تحدث البدارين عن أن إسرائيل أيضا تنقل إلى الأردن صور التُقطت عبر قمر اصطناعي على طول حدود الأردن مع العراق وسوريا لتعزيز قدرته على حماية نفسه. قبل نحو عامين، وردت تقارير في صحيفة “وول ستريت جورنال”، تحدثت عن أن إسرائيل نقلت إلى الأردن مروحيّات قابلة للاستخدام من طراز كوبرا قديم، بعد أن أغلق سلاح الجو الإسرائيلي سربي كوبرا خاصين به.

أصبحت تستقطب الأحداث في جنوب سوريا وشرقها – منطقة صحراوية غالبا، تمتد على بعد مئات آلاف الكيلومترات – الاهتمام الإقليمي مؤخرًا. باتت الولايات المتحدة قلقة من العلاقة بين الميليشيات الشيعية – العراقية التي تحظى بدعم إيران وتتقدم نحو الحدود من جهة العراق، وبين قوات لديها علاقة بنظام الأسد وتعمل في الجانب السوري.

في الأسابيع الماضية، حدث بعض الحالات العنيفة بين الولايات المتحدة وين الجيش السوري وقوات أخرى، على خلفية خوف أمريكا من أن نظام الأسد  يرغب في إلحاق ضرر بمنظمات الثوار السنية التي تدعمها الولايات المتحدة. نشر الجيش الأمريكي في منطقة التنف التي حدثت فيها غالبية الأحداث منظومات بطاريات مضادة للصواريخ طويلة المدى. يوم الأحد من هذا الأسبوع، أسقطت أمريكا للمرة الأولى طائرة حربية سورية، شكلت خطرا على قوات الثوار وفق ادعاء أمريكي.

رويدا رويدا، عزز نظام الأسد هجماته على منظمات الثوار في مدينة درعا في جنوب سوريا القريبة من الحدود مع الأردن. الطائرات الروسية والسورية هي المسؤولة عن شن هجمات جوية ضد الثوار، ولكن القتال البري يرتكز بين أيدي المليشيات الشيعية، وهناك تقارير في الصحف العربية تتحدث عن تعزيز قوات حزب الله والحرس الثوري الإيراني. تثير هذه التطوّرات قلقا في إسرائيل أيضًا. ليس واضحا بعد إذا كان نظام الأسد ينوي السيطرة مجددا بمساعدة روسيا وإيران على منطقة الحدود الإسرائيلية في هضبة الجولان، التي يسيطر الثوار على معظمها.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في موقع هآرتس.

اقرأوا المزيد: 582 كلمة
عرض أقل
نتنياهو وعباس (AFP)
نتنياهو وعباس (AFP)

من دون هدف واضح في غزة، إسرائيل تراهن وتنجر وراء عباس

يُقدّر المجلس الوزاري الإسرائيلي المُصغّر أنّ حماس ليست معنية حاليا بخوض معركة جديدة، وما زال يأمل بالتوصل إلى حل لمنع تقليص إضافي لتوفير الكهرباء. ولكن قد يتضح لاحقا أن قرار السماح للسلطة بممارسة ضغط على غزة هو قرار خاطئ

يبدو كأن قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي المُصغّر للشؤون الأمنية والسياسية الذي تطرق قبل يومين (الأحد) إلى الوضع في غزة يتضمن تناقضا داخليا. فمن جهة، سمع الوزراء آراء مسؤولي الاستخبارات بشأن الأزمة الإنسانية الأخذة بالازدياد في القطاع، والتي يعود أحد أسبابها إلى قرار السلطة الفلسطينية لوقف دفع مقابل استهلاك الكهرباء لإسرائيل الذي تستهلكه حكومة حماس في غزة. ومن جهة أخرى، قرر المجلس الوزاري الإسرائيلي – بناء على توصية المنظومة الأمنية – قبول طلب  السلطة وعدم التدخل للتوصل إلى تمويل بديل لتلبية احتياجات الكهرباء في القطاع.

توضح منظمات إنسانية حاليا أن التقليصات الأخرى ستضمن تقليص توفير الكهرباء والحد من توفيره لمدة تصل حتى ثلاث ساعات وربما أقل في اليوم، بينما تُحذر حماس من معركة عسكريّة قريبة ضد إسرائيل. رويدا رويدا، ترد معلومات حول تعزيز تسلح حماس واستعدادها لمعركة عسكرية، حيث تثير نواح معينة فيها قلقا استثنائيا.

هناك بعض التحليلات وراء قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي: ليس في وسع حكومة نتنياهو أن تبدو في نظر ناخبي اليمين، وكأنها ترضخ لتهديدات الفلسطينيين وتوافق على تمويل نشاطات حماس؛ ولا ترغب الحكومة في أن تبدو كداعمة لحماس في المواجهات الداخلية في السلطة الفلسطينية؛ تشير معظم التقديرات الاستخباراتية إلى أنه من الصعب على حماس حاليا شن حرب لأنها أصبحت معزولة عن العالم العربي أكثر من أي وقت مضى، ولأنها تخشى من خسارة دعم قطر؛ وما زال الوزراء يعتقدون أن “بولي سيهتم بالأمور” – سينجح منسق عمليات الحكومة في الأراضي، اللواء يؤاف مردخاي بطريقة معينة هذه المرة أيضا في التغلب على الأزمة، تجنيد دعم اقتصادي خارجي للقطاع أو الحد من ضغط السلطة، بشكل يقلل ممارسة الضغط على حماس ويمنع تفاقم الوضع مجددا.

المدفعية الإسرائيلية تقصف غزة خلال حرب "الجرف الصامد" (IDFׂ)
المدفعية الإسرائيلية تقصف غزة خلال حرب “الجرف الصامد” (IDFׂ)

إلا أن كل هذه التعليلات تنضم إلى مراهنة: أصبحت إسرائيل تتماشى مع الموقف الهجومي الجديد الذي تبناه رئيس السلطة، محمود عباس (أبو مازن)، وتأمل خيرا. أضحت الحاجة إلى كسب رضا عباس الشريك الفلسطيني المثالي الوحيد في المنطقة واضحة (حتى وإن اتهمه وزير الدفاع ليبرمان قبل سنة بالفساد ووصفه كعائق أساسي في دفع المسار السياسي قدما). ليس واضحا تماما إذا حددت إسرائيل مصلحتها في القطاع وما هي الخطوات التي تعمل لصالحها.

بدأ يتضح الآن ما هو هدف عباس: محاسبة حماس على الاستخفاف والتحريض اللذين مارستهما طيلة عقد، حيث فشلت خلاله كل محاولات التوصل إلى تسوية فلسطينية داخلية. هناك شك إذا كان عباس يعتمد على أن الضغط الذي يمارسه سيؤدي إلى انتفاضة سكان غزة ضد نظام حماس الدكتاتوري، ولكن يبدو أنه لن يندم بشكل خاص في حال أدى التدهور الحالي إلى جولة قتال إضافية، حيث تُلحق فيها إسرائيل ضربة أقوى بحماس. في حال كانت الحسابات الإسرائيلية خاطئة، فقد تؤدي التطوّرات الحالية إلى ذلك، خلافا لرغبة الحكومة المعلنة.

من المرجح أن عباس يحظى بدعم من سياسة إدارة ترامب. خلافا للرئيس أوباما السابق، فالرئيس الأمريكي الجديد لا يتردد في وصف حماس منظمة إرهابية يجب العمل ضدها بحزم. تُذكّر زيادة حدة تعامل السلطة مع حماس إلى حد معين بالخطوة السعودية ضد قطر. في كلتا الحالتين، تفسّر حكومات سنية يعرضها ترامب بصفتها حكومات “جيدة” دعم الرئيس كتشجيع لاتخاذ خطوات جريئة أكثر ضد منافساتها على السيطرة.

قذائق تطلق من قطاع غزة نحو إسرائيل في 2014 (AFP)
قذائق تطلق من قطاع غزة نحو إسرائيل في 2014 (AFP)

في جلسة الكنيست، التي حدثت في نيسان من العام الماضي، حول تقرير مراقب الدولة بشأن عملية “الجرف الصامد”، أوضح رئيس الحكومة نتنياهو أنه يرغب في تجنب خوض معركة ضد حماس قدر المستطاع. كذلك في النقاشات في الأيام الأخيرة، قال نتنياهو وبعض الوزراء أقوالا شبيهة. في الوقت ذاته، بدا ليبرمان ووزير التربية، نفتالي بينيت، أمس وكأنهما يتنافسان بشكل استثنائي على عرض آراء أكثر اعتدالا فيما يتعلق بغزة. وحذر بينيت في مؤتمر “هآرتس” من تفاقم الوضع الإنساني في القطاع داعيا لاتخاذ العبر من عملية الجرف الصامد؛ قال ليبرمان “لا نرغب في المبادرة إلى عملية عسكريّة في غزة”. يمكن أن نفترض أن نتنياهو يصرح علنا تصريحات شبيهة في وقتنا هذا أيضًا.

صادف أمس مرور ثلاث سنوات منذ خطف الجنود الإسرائيليين في غوش عتصيون على يد عناصر حماس. ولكن بعد مرور أسبوعين ونصف عُثر على جثث الشبان، حيث دفنهم القتلة في الأرض في منطقة غربي الخليل. غمرت إسرائيل أثناء هذه الفترة أجواء صعبة، غاضبة، وحتى أنه ساد توق لشن حرب. رويدا رويدا، طرأت توترات في منطقة حدود غزة على خلفية وجود شك لدى إسرائيل أن حماس تنوي تنفيذ عملية خطف كبيرة. وبعد مرور أسبوع من العثور على الجثث في الضفة، خاضت إسرائيل وحماس معركة في غزة.

قال وزير الدفاع أثناء الحرب، موشيه يعلون، أمس في مؤتمر “هآرتس” إن حماس  لم ترغب في خوض الحرب في صيف 2014، ولكنها خاضتها بسبب اعتبارات خاطئة. رغم التفاؤل النسبي لدى المسؤولين في الاستخبارات، ورغم عدم وجود نية للتصعيد، قد تؤدي مظاهرة في غزة بجانب الحدود وتخرج عن السيطرة وتنتهي بقتلى إزاء إطلاق نيران على يد الجيش الإسرائيلي، إلى تدهور الأوضاع. هناك مقولة لمارك توين تدعي أن التاريخ لا يعيد نفسه تماما ولكنه يتشابه كثيرا.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في موقع هآرتس.

اقرأوا المزيد: 737 كلمة
عرض أقل
بنيامين نتنياهو وفلاديمير بوتين في موسكو (AFP)
بنيامين نتنياهو وفلاديمير بوتين في موسكو (AFP)

ما هي المصلحة الإسرائيلية من الاتفاق المرحلي في سوريا؟

روسيا تحث الولايات المتحدة نحو القيام بعملية سياسية في سوريا لإنهاء الحرب وتقف وراء هذه المبادرة مصلحتان إسرائيليان كبيرتان

قد يشهد الإعلان المفاجئ عن زيارة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى واشنطن على تطورات جديدة سعيا لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا. من المتوقع أن يلتقي لافروف مع نظيره الأمريكي، ريكس تيلرسون، على خلفية عمليتين تقودهما روسيا في الوقت ذاته: مبادرة للإعلان عن مناطق آمنة (أو “مناطق تشهد مستوى أقل من التصعيد”) في عدة مناطق في سوريا، ومحاولة تحريك اتفاق أوسع لتقسيم مناطق السيطرة في الدولة، قد يؤدي إلى وقف إطلاق النار في المستقبَل.

سبقت زيارة لافروف التي أعلنت عنها روسيا أول البارحة، محادثات هاتفية بين لافروف وبين نظيره تيلرسون وبين الرئيسين، فلاديمير بوتين ودونالد ترامب. من الصعب أن نصدّق أن لافروف كان سيبذل جهودا ويزور واشنطن للتحدث عن مواقع المناطق الآمنة فقط، التي يتعين على جيوش سلاحي الجو الروسي والسوري تجنب شن هجوم فيها. فهذه خطوة يمكن للوهلة الأولى أن تتفق عليها القيادة العسكرية، لا سيما أن ظاهريًّا تحاول الإدارة الأمريكية تجنب التدخل في القضية. يبدو أن روسيا تحاول حث أمريكا على استئناف عمليات لتحقيق اتفاق شامل.

في تصريحات رسمية، وفي الزيارات الأخيرة التي أجراها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، على حدة، إلى الولايات المتحدة وروسيا، أشارت القيادة الإسرائيلية إلى نقطتي اهتمام مركزيتين من جهتها في سوريا: متابعة الجهود لمنع تزوّد حزب الله بوسائل قتالية نوعية (من خلال شن هجوم جوي إسرائيلي في سوريا أيضا، الذي تتطرق إليه وسائل الإعلام العربية بشكل أساسي)، ومنع اقتراب عناصر حزب الله وقوات الحرس الثوري الإيراني من الحدود السورية الإسرائيلية في هضبة الجولان.

محادثات أستانة (AFP)
محادثات أستانة (AFP)

بالنسبة للمناطق الآمنة، يبدو أن إسرائيل لديها مصلحتان واضحتان: الأولى – ألا تكون ملزمة بموجب أي اتفاق كهذا بعدم شن هجوم جوي، في حال كانت هناك حاجة أمنية طارئة من وجهة نظرها. الثانية – أن تتضمن المناطق الآمنة منطقة الحدود في هضبة الجولان (وهكذا تحصل إسرائيل على التزام بعدم شن هجوم جوي سوري على مقربة من حدودها). في محادثات في أستانة عاصمة كازاخستان، تم التطرق إلى المناطق الآمنة في سوريا، من بين أمور أخرى، إلى مدينة درعا الجنوبية، المجاورة للحدود الأردنية التي تقع على بعد نحو 40 كيلومترًا من شرقي الجولان السوري.

وقّع على مبادرة المناطق الآمنة في الأسبوع الماضي في أستانة ممثلو روسيا، تركيا، وإيران. إلا أنه رفض بعض تنظيمات الثوار السورية التي شاركت في المحادثات التوقيع على الاتفاق. لم تشارك تنظيمات متطرفة أكثر مثل جبهة النصر المحسوبة على القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، في المفاوضات أبدا.

الحدود الإسرائيلية السورية (Basel Awidat/Flash90)
الحدود الإسرائيلية السورية (Basel Awidat/Flash90)

إضافة إلى المناطق الآمنة يبدو أن موسكو لديها نوايا وطموحات أكثر. فتعتقد روسيا أنه في حال نجحت مبادَرة المناطق الآمنة إلى حد معين، يمكن استغلال هذا النجاح لدفع حل سياسي قدما، إنهاء القتال في إطاره تدريجيا، وازدهار سوريا مجددا، كفدرالية غير مستقرة من حيث مناطق السيطرة، إذ ستُقسّم غالبية المناطق وفق طوائف. تعارض إيران ونظام الأسد هذه التسوية، بسبب خوفهما من أن توافق سوريا في ظروف كهذه على الإطاحة بالأسد من منصب الرئيس، بينما يتم ضمان سلامة الطائفة العلوية والحفاظ على المصالح العسكرية والاقتصادية الروسية المعروفة في سوريا.

احتلت التطوّرات في سوريا مكانة مركزية في زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي، الجنرال جوزيف دنفورد، إلى إسرائيل. التقى دانفور رئيس الحكومة، وزير الدفاع، ورئيس هيئة الأركان العامة، جادي أيزنكوت، وكبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي. إضافة إلى الخطوات الروسية في سوريا، تم التطرق إلى الهجوم بقيادة الولايات المتحدة على داعش في سوريا والعراق، وتشارك إسرائيل فيه بشكل أساسيّ من خلال نقل معلومات استخباراتية. هذه هي الزيارة الثالثة للجنرال دانفورد إلى إسرائيل منذ أن بدأ يشغل منصبا في أيلول عام 2015.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في صحيفة “هآرتس”

اقرأوا المزيد: 541 كلمة
عرض أقل