فيما يـأتي ترجمة النص الذي كتبه حسين دوابشة وروني هيرشنزون، كما ظهر في صحيفة “يديعوت أحرونوت”:
نحن، الذين دفنا في هذه الدماء المغرقة أعزّ الناس لدينا، نحن الذين أصبحت حياتنا يرثى لها، نحن الذين رأينا كيف حوّل هذا الصراع الفظيع البشر ليصبحوا حيوانات مفترسة، وكيف يقتلع من شعبنا كل الإنسانية. نحن الذين دفعنا الثمن الأكبر الذي يمكن أن يدفعه إنسان، نوحّد صوتنا من أجل أن يكون واضحا: يمكن ويجب أن يكون الأمر مختلفا.
نحن لا نطالب بالانتقام. فهو لن يعيد لنا أطفالنا وأحفادنا. إنه سيضيف فقط المزيد من جالونات النفط إلى الحريق الذي يلحق بنا، سيضيف الانتقام والمزيد من الانتقاد، الدماء والمزيد منها. عندما نعمل وفق العين بالعين والسن بالسن فنصبح جميعا رويدا رويدا عميانا. لا نستطيع رؤية شيء سوى الكراهية. لا ندرك أنّه ليس هناك خيار آخر سوى أن نعيش مع بعضنا البعض، جنبا إلى جنب. بالتضامن والتكافل.
صدّقونا، نحن نعرف. جرّبنا ذلك على جلدنا. بدمائنا التي تمت تصفيتها. ليس هناك ما يستحقّ أن نضحي بأطفالنا من أجله. ليس هناك شيء يستحقّ قتل المزيد من الأطفال من أجله. ليس هناك ما يستحقّ أن نفقد حياتنا من أجله.
لا تسموا أطفالنا ضحايا. فلم يفقدوا حياتهم من أجل هدف ما. لقد تم حصاد أرواحهم في الحرب التي لا تنتهي. للأسف فقد بتنا نعرف أن نقول إنهم ليسوا الأخيرين، ونحن، الذين بقينا في الخلف، لسنا الأخيرين. يُضاف إلى دائرة العائلات الثكلى المزيد والمزيد من العائلات، والألم.
رغم الآلام والصعوبات، لم نستسلم. وكذلك لم نستسلم تجاه بعضنا البعض. ليس الأمر قضاء مبرما. فيعيش كلا الشعبين هنا، شئنا أم أبينا. وسيستمران في العيش هنا معا. يحقّ لكلا الشعبين الحقّ الأساسي: الحياة والمساواة في الحقوق. على سبيل المثال، وببساطة، القبض على قتلة سعد، ريهام وعلي أيضا. إذا كان وزير الدفاع يعلم من هم، كما قال، فأرجوك – ألق القبض عليهم. تماما كما قبضتم على كل فلسطيني آذى يهوديّا.
من أجل إحداث تغيير حقيقي هناك حاجة إلى أشخاص أقوياء، في كلا الطرفين. لا ينبغي إبقاء ذلك للحكومات فقط، يمكن للأشخاص الصغار، مثلنا ومثلكم، أن يؤثروا أيضًا. بدلا من التأكيد طوال الوقت على الاختلاف، على البعد، تحديدا، في هذه الأوقات يجب الالتقاء ببعضنا البعض، وأن نعثر على المشترك بيننا. وألا نزيد من تفاقم الصدع وإنما أن نحاول رأبه. هكذا فقط يمكن التأثير على المستقبل وجعله أفضل وأقلّ دمارا.
قبل أن ترفعوا يدا أو تدعوا إلى إيذاء الأبرياء، قبل أن تقدّموا يد العون لاستمرار هذا الصراع الدموي، انظروا في وجوه الأطفال المتوفين. علي، أمير، ريهام، إلعاد، سعد. شاهدوا آلاف الأطفال الذين قُتلوا، عشرات آلاف الأسر المحطّمة. انظروا في عيون أطفالكم. وانضمّوا إلينا، إلى أملنا، طموحنا – كفى!
نحن نتقاسم نفس الأرض، سواء كنا نتقاسمها ونحن نعيش عليها أو مدفونين تحتها، فما هو الأفضل؟ وإذا كان طريق الحياة أفضل فإنه يجب العمل من أجل بنائها وليس تمزيقها. علينا جميعا واجب صنع الأمل وطرد اليأس الذي يُستخدم كأرض خصبة للعنف. فلنبدأ من هنا. ويمكننا أن نكتب نهاية أخرى لهذه المأساة.
فقرة إضافية كتبها حسين دوابشة:
“أقول للشاب العربي (دون المقارنة بين الشابين) – لا تأتي الحرية أبدا من خلال إيذاء المواطنين. نحن كشعب علينا أن نكون متّحدين، مع قيادة مشتركة ومع غاية واحدة تهدف إلى تحقيق الحرية في طريق السلام. إذا نجحنا في استغلال جميع طرق السلام، حينها تصبح كل طريق أخرى مشروعة”.