تنشغل وسائل الإعلام في العالم العربي بشكل عام، والفلسطينية بشكل خاص، بشكل كبير في اليومين المنصرمين بالتوقيع غير المسبوق لـ 43 من أفراد “وحدة الاستخبارات العسكرية 8200” على تصريح يرفضون من خلاله الاشتراك في أعمال ضد الفلسطينيين. قضية “رافضي الخدمة في وحدة الاستخبارات العسكرية 8200“، والتي تم الكشف عنها في نهاية الأسبوع من قبل صحيفة “يديعوت أحرونوت”، تصدّرت تقريبًا جميع عناوين الصحف العربية وغيرها.
برز بشكل واضح من بين التقارير الصحفية في وسائل الإعلام العربية التي تناولت هذا الموضوع الاستعمال المفرط لكلمات مثل “تمرد” و “متمرد” مرارا وتكرار، في محاولة لتضخيم القضية أكثر فأكثر. “جيش الاحتلال منقسم”: تمرد ضد الخدمة العسكرية”، دوّى العنوان في موقع الأخبار الرائد “العربي الجديد”. كُتب في أحد العناوين في الموقع الفلسطيني “هلا فلسطين” أن الحديث يدور عن “تمرد عسكري”.
يتم أحيانا استعمال كلمات مبالغ بها أكثر من التمرد. مثلا، في موقع فلسطيني آخر باسم “كوفية برس”، ادعوا أن الحديث يجري عن “انقلاب ضباط”. إن استعمال الكلمات “انقلاب ضباط” ليس مفاجئًا في الحضارة العربية وهو يذكرنا بـ “انقلاب الضباط الأحرار” الذي حدث في سنة 1952 والذي تم خلاله إقصاء الملك فاروق الأول. كانت لهذا الانقلاب أبعاد كثيرة على العالم العربي، ومن المحتمل أن الموقع يحاول التنويه أنه ستكون أيضا لقضية رافضي الخدمة في وحدة الاستخبارات العسكرية 8200 أبعاد كثيرة.
بالإضافة إلى ذلك، تتناول الكثير من التقارير الصحفية حالة الهيجان التي سببتها الرسالة داخل إسرائيل والردود الكثيرة للجمهور الإسرائيلي لهذا الموضوع. الكلمات “ضجيج” و “هيجان” طغتا على النقاش الفلسطيني حول هذا الموضوع. كذلك تمت الإشارة إلى أن إسرائيل أُحرِجت بسبب هذه القضية. في موقع “فلسطين اليوم”، والذي يعمل من داخل غزة، كُتب على سبيل المثال أن “رسالة رافضي الخدمة العسكرية” أربكت دولة إسرائيل وأحرجتها.
في إيران أيضا استغلوا هذه القضية وادعوا أن رسالة الضباط “تثبت جرائم إسرائيل”. ضللت صحيفة “كيهان” الإيرانية قراءها وكتبت أن الحديث هنا عن ضباط برتب عالية في وحدات خاصة، في حين أن الأمر يتعلق بجنود اعتياديين والقليل من الضباط ذات رتب منخفضة. قامت الصحيفة بتحريف وتهويل أقوال الجنود وكتبت أنهم رفضوا الخدمة لأنهم “غير مستعدين أن يشاركوا في الجرائم التي ينفذها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وسحق حقوق ملايين الأشخاص”، في حن أن هذا النص لم يظهر بتاتا في رسالتهم.
من ناحية أخرى، سُجلت بعض الردود المفاجئة. كتب سيد شعبان في موقع شبكة “العربية”: “بالرغم من عدائنا لإسرائيل يجب علينا أن نعترف أن جنود الجيش الدفاع الإسرائيلي يلتزمون بمقاييس عالية من الاحترام”. وبشكل عام، التزمت الكثير من المواقع في العالم العربي، على تغطية محايدة نسبيا لهذه القضية، دون تحريف وتضخيم الأمور.
نُشر المقال للمرة الأولى على موقع “ميدل نيوز“