هآرتس

طارق عباس نجل الرئيس محمود عباس
طارق عباس نجل الرئيس محمود عباس

وثائق بنما: طارق عباس يمتلك أسهما بقيمة مليون دولار

ملايين الوثائق التي سُرّبت هذا الأسبوع تكشف عن نادي الثروة والسلطة الفلسطينية، والذي يتضمن مسؤولين كبار في السلطة الفلسطينية ومقرّبين من الرئيس، ومن بينهم ابنه طارق عباس

08 أبريل 2016 | 14:49

كشف تحقيق صحيفة “هآرتس” عن وثائق من التسريب الضخم لوثائق بنما، عن نادي الثروة والسلطة الفلسطينية والأشخاص الفاعلين فيه. من بين ذلك، كما نُشر صباح اليوم (الجمعة) في صحيفة “هآرتس”، كشفت الوثائق أن نجل رئيس السلطة، طارق عباس، قد امتلك أسهما بقيمة نحو مليون دولار في شركة لديها علاقة بالسلطة الفلسطينية.

في أيلول عام 1994، سُجّلت في الجزر العذراء البريطانية شركة Arab Palestinian investment company (APIC). بعد ثمانية أشهر من ذلك، في صباح الرابع والعشرين من أيار عام 1995، أقيم في فندق الشيراتون في دبي اجتماع مجلس الإدارة واللقاء الأول لأصحاب الأسهم. كان القرار الأول حول جدول الأعمال هو قبول استقالة خلدون سرور، والذي سُجّل باعتباره مديرا وحيدا للشركة من أجل تسجيلها فقط، ومن ثم تم تنصيب مدير ثابت مكانه. وشغل هذا المنصب رجل أعمال سعودي من أصول فلسطينية: الشيخ عمر العقاد.

شركة APIC
شركة APIC

وفقا لبروتوكول الاجتماع الذي وُجد في الوثائق المسرّبة، فإنّ العقاد قد “تحدّث بشكل عام عن أهداف الشركة، عن الوضع الاقتصادي في العالم العربي وفي الأراضي المحررة، وعن العقبات التي تواجه الاستثمارات. وقد أكد على أنّ هذه الأهداف تُلزم بإنشاء أماكن عمل، لمنع سقوط الاقتصاد الفلسطيني وجعله ضحية للاقتصاد الإسرائيلي”.

مع مرور عقدين من ذلك الوقت، أصبحت شركة “أبيك” (‏APIC) عملاقا اقتصاديا وهي تنشط تقريبا في كل مجال في الاقتصاد الفلسطيني: بدءًا من الطعام والمعدات الطبية، مرورا بالعلاقات العامة والسيارات وصولا إلى مراكز التسوّق. منذ شهر آذار عام 2014 يتم تداولها في البورصة الفلسطينية. يشغل منصب المدير العام ورئيس مجلس الإدارة طارق العقاد، نجل الشيخ عمر العقاد.

منذ عام 1994، ازدادت أيضًا مشاركة السلطة الفلسطينية في الشركة. لا تمتلك السلطة مباشرة أسهما في الشركة، ولكن صندوق الاستثمارات الفلسطيني، Palestinian Investment Fund، والمرتبط بمكتب عباس، يمتلك نحو 18% منها. ويمتلك طارق العقاد وحده حصة أكبر من أسهم الشركة: 27%.

شركة SKY للإعلام الفلسطيني تابعة لطارق عباس
شركة SKY للإعلام الفلسطيني تابعة لطارق عباس

في الماضي، امتلكت السلطة الفلسطينية أسهما في APIC‏ من خلال “شركة الخدمات التجارية في فلسطين” (PCSC). ومع ذلك، بعد أن طالب المجتمع الدولي ياسر عرفات بممارسة الشفافية في الممتلكات والعقارات التي تملكها السلطة، تأسس عام 2003 صندوق الاستثمارات الفلسطيني. بعد إقامة الصندوق، انتقلت الأسهم إليه.

وفقا لموقعه على الإنترنت، فالصندوق هو شركة استثمارات مستقلّة تهدف “إلى تعزيز الاقتصاد المحلي وتحقيق أقصى قدر من الأرباح لصالح مالكي الأسهم النهائيين فيه: الشعب الفلسطيني”. ولكن في الواقع، يؤثر مكتب السلطة كثيرا في الصندوق. عام 2006، قريبا من فوز حماس في الانتخابات، أصدر عباس أمرا رئاسيا منحه السيطرة شبه الكاملة على مجلس إدارة الصندوق، على حساب الحكومة. “وضع الأمر الرئاسي الصندوق بشكل مباشر تحت هيمنة مكتب الرئيس الفلسطيني”، كما كتب القنصل الأمريكي في القدس آنذاك، في برقية سرية اكتُشفت في تسريبات ويكيليكس. “ستوضع المحفظة الاستثمارية للصندوق، والتي تساوي أكثر من مليار دولار، بشكل أكثر أمنا في أيدي عباس، وفي أيدي مجلس إدارة يختاره…”.

توفي عرفات، لذلك تم تبديل أعضاء مجلس الإدارة

عرفات يعود الى رام الله خائب الأمل (AFP)
عرفات يعود الى رام الله خائب الأمل (AFP)

لم تكن العلاقة بين APIC والسلطة مجرد علاقة اقتصادية، وإنما علاقة شخصية أيضًا: وفقا للوثائق التي أرسلتها الشركة إلى مكتب المحامين في بنما، في عام 2000 عُيّن محمد رشيد مديرا في الشركة؛ وقد كان مسؤولا ماليا ومستشارا مقرّبا من عرفات، وقد تولّى في المقابل أيضًا منصب رئيس صندوق الاستثمارات الفلسطيني. تحديدا، من شأن موعد نهاية ولاية رشيد في منصبه بمجلس الإدارة أن يدلّ على الطابع السياسي لتعيينه: فقد ترك المنصب، مع ثمانية من أعضاء مجلس الإدارة أو المديرين الكبار في الشركة، في 15 كانون الأول عام 2004، بعد نحو شهر واحد فقط من وفاة راعيه السياسي عرفات.

كان رشيد أيضًا مديرا لصندوق الاستثمارات الفلسطيني، ولكن في بداية عام 2006، قريبا من إصدار الأمر بإخضاع الصندوق إلى عباس، تم تغيير رشيد بمحمد مصطفى: المستشار الاقتصادي لعباس. بعد شهرين من ذلك، في آذار عام 2006، دخل مصطفى أيضًا في مجلس إدارة ‏APIC، والذي تركه رشيد قبل عامين من ذلك الوقت. عام 2012، أدانت محكمة فلسطينية رشيد باختلاس أموال بملايين الدولارات، من بين مصادر أخرى من صندوق الاستثمارات الفلسطيني.

عام 2011، عُيّن في مجلس إدارة APIC عضو جديد: طارق عباس، نجل رئيس السلطة الفلسطينية. وفي حين كانت عضوية عباس في مجلس الإدارة علنية ومعروفة، تكشف وثائق بنما أنّه حتى شهر أيلول كان يمتلك أيضًا أسهما في الشركة بقيمة 982 ألف دولار.

معظم الشركات الفلسطينية التي يمتلكها عباس تحت سقف واحد ؟
معظم الشركات الفلسطينية التي يمتلكها عباس تحت سقف واحد ؟

وهناك علاقة أخرى لعباس الابن، وهو عن طريق شركة العلاقات العامة SKY، والتي تسيطر على أجزاء واسعة من سوق الإعلان الفلسطيني وأدارها طارق.‎ ‎تأسست شركة العلاقات العامة SKY، وفقا لكلام المحامي كريم شحادة الذي يمثّل عباس، كمبادرة مشتركة للصحيفة المصرية “الأهرام” و “شركة الخدمات التجارية في فلسطين”. وقد امتلكتها APIC عام 1999، عندما كان طارق عباس مديرا تنفيذيا فيها، وامتلك فيها أسهما بنسبة لا تقل عن 10%. بعد ذلك عُيّن عباس مديرا عاما للشركة، ويشغل اليوم منصب رئيس مجلس الإدارة فيها، نيابة عن شركة APIC.

عام 2009، نشرت وكالة الأنباء رويترز تحقيقا حول الأخوين عباس، طارق وشقيقه البكر ياسر، وبحسبه فإنّ شركات الاثنين قد فازت بمناقصات تبلغ قيمتها ملايين الدولارات أمام الوكالة الأمريكية للتنمية (USAID). ‏‎ ‎وفقا للتحقيق، فقط وقعت شركة Sky عام 2006 على عقد لإطلاق حملة علاقات عامة لتحسين صورة الولايات المتحدة في الأراضي الفلسطينية. وقد أورد الشقيقان آنذاك ردّا على ذلك أنّ كل محاولة للزعم أنّه تم تفضيلهما بسبب قرابتهما الأسرية من رئيس السلطة هي “غير أخلاقية ولا أساس لها من الصحة”.

في حزيران عام ،2012 نشرت مجلة “فورين بوليسي” (Foreign Policy) مقالا عن الشقيقين عباس، تم فيه مسح ثروتهما وتساءل إذا ما كان نجاحهما في مجال العمل متعلقا بوالدهما. وقد كُتب، من بين أمور أخرى، أنّ طارق عباس يتولّى، وفقا لتصريح شركة ‏APIC، منصبا في شركتين فرعيتين تابعتين لها: فعباس هو نائب مدير “شركة المراكز التجارية العربية الفلسطينية”، والتي لديها عدة مراكز تجارية في أراضي السلطة، وهو كذلك مدير في شركة “UNIPAL”، وهي شركة التوزيع الرائدة في السلطة الفلسطينية. إنها تعمل على توزيع العديد من المنتجات: الأطعمة، السجائر ذات الماركات العالمية، منتجات العناية وغيرها. وفقا لموقع ‏APIC على الإنترنت، لا يزال عباس يتولّى منصبا في جميع الشركات.

العلاقة التي تم إغفالها

جواز السفار التابع لطارق عباس كما أرسل الى مكتب المحامة البنمي
جواز السفار التابع لطارق عباس كما أرسل الى مكتب المحامة البنمي

من شأن وجود عباس في APIC أن يدل كم كانت سطحية التحقيقات اللازمة التي أجراها مكتب المحامين البنمي لعملائه. وفقا للوائح الدولية، فعلى المكتب أن يتحقق إذا كان عملاؤه “ذوي مناصب سياسية حساسة” (politically exposed persons — PEP)، موظفين حكوميين، أقاربهم أو شركاؤهم في العمل. وفي حال وُجد شخص كهذا، يجب على المكتب أن يولي انتباها خاصة للتأكد أنّ ذلك الشخص غير متورّط في غسيل الأموال، التهرّب الضريبي أو جرائم فساد أخرى.

ويظهر من الوثائق المسربة أنه تمت التحققات اللازمة التي أجريت للمديرين، وظهر من خلالها أنّه لم يتم التعرف على أن طارق عباس هو نجل رئيس السلطة. ربما يكون السبب خطأ مطبعيا لحرف واحد في أحد أسمائه الوسطى (مقارنة بجواز سفره، الذي أرسل إلى مكتب المحامين). وذلك رغم أن قسما كبيرا من التحقق قد أجري من خلال البحث في جوجل، ويمكن من خلال صفحة النتائج التي أرفقت في التحقق أن نرى أنّ محرّك البحث يعرض نتائج اسمه وهو مكتوب بشكل صحيح إملائيا، ومع ذلك تم إغفال العلاقة.

يعود مصدر هذا المقال ونُشر اليوم صباحا في صحيفة “هآرتس”

اقرأوا المزيد: 1070 كلمة
عرض أقل
رئيس مصر السيد عبد الفتاح السيسي (AFP)
رئيس مصر السيد عبد الفتاح السيسي (AFP)

السيسي يُفجّر الفقاعة

فجَّر خطاب السيسي، وهو أكثر قائد عربي يحظى بقبول في أوساط الجمهور الإسرائيلي، الفقاعة التي ينفخها نتنياهو وليبرمان (معلنا): لا يمكن تجاهل الفلسطينيين

مشاريع السلام التي يطرحها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تتطرق فقط إلى التعاون مع جهات أُخرى في العالم العربي – مثل السعودية، الكويت، مصر والأردن. ويحظى الفلسطينيون بالتجاهل في أفضل الحالات أو ضمهم إلى محور الشر (داعش تساوي حماس، محمود عباس هو ناكر للهولوكوست، وكلاهما ليس إلا استمرارية للظلم النازي). ويصرح وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، هو أيضًا مؤخرًا تصريحات شبيهة بخصوص التعاون الإقليمي، الذي سيحل الصراع بشكل سحري، عندما يتم وضع الفلسطينيين في الخلف وكأنهم كانوا شركاء غير جديرين بالعملية.

وأثبت خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال افتتاح مؤتمر إعادة إعمار غزة، إلى أي درجة هذه التصريحات هي واهية ولا أساس لها. أوضح السيسي، الذي دعا الإسرائيليين لتبني مبادرة السلام العربية – تلك المبادرة التي تجاهلتها الجهات الإسرائيلية تمامًا منذ نُشرت عام 2002 – أن الطريق إلى القاهرة وأبو ظبي تبدأ من رام الله؛ حيث لا يمكن حدوث تعاون سياسي، دبلوماسي واقتصادي مع الدول الميسورة أكثر في العالم العربي، تلك الدول البعيدة عن إسرائيل والتي ليست هناك دعاوى قائمة من قبلها تجاه إسرائيل، طالما بقيت الأحوال في الأراضي المحتلة على حالها – أي، احتلال وبناء المستوطنات، تلك القضايا التي تهدد انهيار أية إمكانية لفصل الدولتين وإيجاد تسوية على الأرض.

وفجَّر خطاب السيسي، وهو أكثر قائد عربي يحظى بقبول في أوساط الجمهور الإسرائيلي، الفقاعة التي ينفخها نتنياهو وليبرمان: لا يمكن تجاهل الفلسطينيين، لا يمكن التغاضي عن الاحتلال، يجب حل الصراع بطرق التسوية من أجل وضع حدٍ لسفك الدماء.

يجب على نتنياهو، بدل أن يلهي الجمهور الإسرائيلي من خلال تسويق حلول غير واقعية والتي ليست إلا تلاعبًا لفظيًا يخفي حقيقة رفض حكومة نتنياهو للسلام؛ وبدل محاولة تشويش العالم بطرح رسائل متناقضة، أن يبدأ بعملية سياسية تتم فيها مناقشة كل القضايا الأساسية الخاصة بالصراع: الحدود، حق العودة ووضع مدينة القدس. أي اقتراح أو مبادرة أُخرى هو أشبه بخداع، استعراض واهٍ للرغبة بالبدء بعملية سياسية ووظيفة ذلك الاستعراض ليست إلا إبعاد أي احتمال لإيجاد حل.

على قادة إسرائيل أن يفهموا ما يدركه السيسي وهو أن إسرائيل لا يمكنها أن تكون دولة آمنة مستقبلاً دون وجود تسوية سياسية. وإلا لكان القادة يراهنون، بشيء من عدم المسؤولية، على مستقبل الدولة.

نُشرت هذه المقالة لأول مرة على موقع صحيفة هآرتس

اقرأوا المزيد: 338 كلمة
عرض أقل