وُلد الجندي “شون تاحان” كطفلة. في أيلول الماضي تجنّد للجيش الإسرائيلي كجندية اسمها “شني تاحان”، ومنذ ذلك الحين، اجتاز خلال خدمته عمليات لتغيير الجنس. واليوم هو رجل، ويعترف الجيش به كجندي. مثل شون، يخدم في الجيش الإسرائيلي عشرات المتحولين جنسيا، اجتاز معظمهم إجراءات تغيير الجنس خلال خدمتهم العسكرية.
“يسمح القانون في إسرائيل بإجراءات تغيير الجنس فوق سن 18، لذلك يختار الكثيرون البدء بهذه الإجراءات خلال خدمتهم العسكرية”، كما قالت لطاقم “المصدر” العقيد ليمور شبتاي، نائبة مستشارة رئيس الأركان لشؤون الجندر. شبتاي هي المسؤولة عن تغيير جنس الجنود الذين يخدمون في الجيش، وترافق المتحولين جنسيا بشكل شخصيّ.
تختلف قصة المتحوّلين جنسيّا من شخص إلى آخر، ولكن هناك مميزات متشابهة لدى الجميع. يدور الحديث عن فتيان وفتيات مروا بأزمة هوية جنسية في سنّ المراهقة، وأدركوا أنّ بإمكانهم اجتياز عملية تغيير الجنس. رغم الاختلاف الاجتماعي، فهم لا يرغبون في التخلي عن واجب التجنّد في الجيش، ويحدث أنهم في سنّ التاسعة عشرة يبدأون بكلا الإجراءين بموازاة بعضهما البعض.
“في سنّ 16 تقريبا، بدأت بالتساؤل حول هويتي الجنسية”، يقول لنا شون. شاركتُ في ورشة “الجنس، الجندر، والجنسانية” والتي مررتها “منظمة الشبيبة المثلية”، وخلال عامين تخبّطتُ في نفسي. أدركت أنني لست أنثى”.
هل هذا أمر رافقك طوال حياتك؟
“منذ أيام الروضة، أذكر أنّني لم أشعر بالانتماء إلى البنين ولا البنات، دائما شعرت شعورا غريبا إلى حد معين. هناك الكثير من الأمور التي فهمتها في وقت لاحق. كرهت ارتداء الفساتين، وأن أبدو كطفلة، فحاولت القيام بكل ما أستطيعه كيلا أكون أنثى. ولم أكن نسويا جدا.
وفي سنّ الثامنة عشرة، شاهدت العديد من الأفلام في الإنترنت التي تعرض “انتقال”، المتحولين والمتحولات جنسيا وتصور كل الإجراءات، بدءا بتناول الهرمونات، من الحقنة الأولى وحتى عام، عامين، وثلاثة أعوام بعد ذلك. وتتضمن الإجراءات أحيانا عمليات أيضًا. عندما شاهدت تلك الأفلام أحببت كثيرا ما شاهدته، وحينها اتضحت لي الأمور. أذكر أنني اتصلت مذعورا بشريكتي وبصديق جيد لي، وهو أيضا متحول جنسيا، وأخبرتهما، ومنذ ذلك الحين بدأت مشواري. كنت حينذاك في الصفّ الثاني عشر.
هل أدركت أنّ الحديث يدور عن إجراءات ستجتازها في الجيش؟
“في البداية لم أفكر بذلك أبدا. والجيش أيضًا لم يعلم بذلك، لأنني اعتزمت أن أخدم لمدة سنة من الخدمة” (سنة يقوم فيها الشبيبة بالتطوع في المجتمع قبل التجنّد للجيش). في تلك الفترة أيضًا لم أكن أعلم بأنّ ذلك ممكن في الجيش. يمكن القول إنّ هذا الموضوع قد تقدّم جدا منذ ذلك الحين. وقد بدأتُ بالإجراءات الذاتية. ففي سنة الخدمة خرجت من الخزانة، وعندها بدأوا بالتعامل معي كرجل وتوجّهوا إلي بلغة المذكر”. علموا بالموضوع في الجيش تحديدا فقط بعد شهرين أو ثلاثة قبل التجنّد.
لم يؤثّر ذلك في تعيينك في الجيش؟
“كلا. علمت أنني سأنضم إلى المعلمات الجنديات. كنت قد اجتزت التصنيفات، وكان تغيير ذلك بمثابة صعوبة معينة”.
وبالفعل، يخدم شون اليوم كمعلم-جندي، بالإضافة إلى جنديتين، تعرف عليهما في سنة الخدمة وبدأ الخدمة العسكرية معهما. في هذه الوظيفة تخدم الجنديات في العادة، ولكن لم تكن هناك مشكلة لدى الجيش بالسماح له بالاستمرار في الإجراءات.
في السنوات الأخيرة، بدأ يبذل الجيش جهود كبيرة من أجل تسهيل الخدمة على المتحولين والمتحولات جنسيا والذين يختارون اجتياز إجراءات التحول خلال الخدمة. مؤخرا تم تغيير الوظيفة التي تدعى “مستشارة رئيس الأركان لشؤون النساء” إلى “مستشارة رئيس الأركان لشؤون الجندر”. عُيّنت العقيد ليمور شبتاي كنائبة للمستشارة، والتي أهم وظائفها هي العناية بالمتحولين جنسيا.
“يتعين على كل جندي يصرح أنّه متحول جنسيا أن يخضع لمتابعة نفسية من قبل طبيب نفسي، والجيش يوفر هذه المتابعة. ويوفر الجيش أيضًا لمن يختار الالتقاء بأخصائي نفسي مدني، في حال بدأت لديه الإجراءات قبل التجنّد. بالإضافة إلى متابعة القائد الشخصي، ففي كل وحدة هناك ممثلات عن وحدة شؤون الجندر. يجتاز القادة الشخصيين مرافقة وإرشادا أيضا كي يعلموا كيف يتعاملون مع الجنود المتحولين جنسيا، وكيف يساعدونهم ويمكّنونهم من الخدمة كالجميع”، كما تقول لنا العقيد شبتاي. بالإضافة إلى ذلك، يساعد الجيش أيضًا الجنود في تمويل الأدوية والهرمونات التي يتناولونها كجزء من الإجراءات، لأنّه وفقا لوزارة الصحة فهذا علاج مدعوم في سلة الخدمات.
أي نوع من التوجهات تتلقّينها من الجنود الذي اجتازوا إجراءات تغيير الجنس؟ ما هي المشاكل الشائعة؟
“إحدى القضايا الشائعة هي كيف يخبرون بقية الجنود الذين يخدمون معهم. كيف يشاركون الجميع أنه فجأة لم تعد تخدم معهم جندية بل جندي. هناك مشكلة شائعة دائما عند الاستحمام. في معظم الحالات، نعطيهم وقتا لينظموا أمورهم وحدهم على انفراد، وهم يختارون أين يشعرون بارتياح أكثر أن يستحمّوا. أحيانا هناك قضايا بخصوص السكن – هل ينامون في سكن الجنود أم الجنديات. نحن نتعامل مع كل حالة على حدة، وفقا لاحتياجات ورغبات الجنود أو الجنديات، وأيضًا وفقا لقدرات الجيش في الميدان. يبذل الجيش كل ما في وسعه ليكون أكثر مرونة في استيعابهم.
هل هناك وظائف في الجيش لا يمكن للمتحولين جنسيا القيام بها؟
ليست هناك وظائف يحظر عليهم القيا بها، ولن تكون هناك حالة يتم فيها إلغاء جندي من الخدمة في وظيفة معينة لكونه متحولا جنسيا. من يتوجّه إلينا هم أولئك الذين يرغبون في التجنّد بشدّة. إنهم يدركون بأنفسهم قيود المنظومة، ولأنّ هناك رغبة جيدة من كلا الطرفين، دائما نجد تسوية معينة بحيث يكون الجميع راضيا. حاليا تجري الأمور جيدا.
كم متحولا جنسيا اليوم في الجيش؟
لا أستطيع أن أشير إلى رقم دقيق، ولكن هناك بضع عشرات الحالات. في السنوات الأخيرة هناك ارتفاع في عدد التوجهات، التي تنبع من زيادة الوعي والذي أتاح تحديدا القيام بهذه الإجراءات خلال الخدمة العسكرية. ليس أن ظاهرة المتحولين جنسيا في المجتمع أصبحت أكثر شيوعا، وإنما لم يكن هناك وعي حولها في الماضي، حينها كان المتحولون جنسيا ينتظرون حتى نهاية الخدمة ومن ثم فقط يبدأون بهذه الإجراءات. كون الجيش يتيح لهم اجتياز هذه الإجراءات فهو يسمح لهم بأن يكونوا من يرغبون، وهذا بالفعل يُسهل عليهم بعض الصعوبات الحياتية. وهكذا فنحن أيضًا نستقبل جنودا أفضل”.
بدأ شون نفسه إجراءات تغيير الجنس بشكلٍ مُستقلّ، من دون مرافقة الجيش. “حصلتُ على موافقة الطبيب لبدء تناول الهرمونات، وبدأت مباشرة بعد التدريبات”. كما يقول. “وفي الحقيقة، فقد دعمني قائدي جدّا. حذِر قليلا في البداية ولم يعلم كثيرا ماذا يفعل، ولكنه كان مشاركا بشكل أكبر بقليل في الإجراءات. تدعمني جدا أيضا الفتيات اللواتي معي في الشقة”.
في إطار وظيفته، يستغل شون عمله مع الشبيبة قبل التجنّد من أجل رفع الوعي بخصوص المتحولين جنسيا، في الجيش خاصة وفي المجتمع عامة أيضًا. “حظيت سابقا بالخروج من الخزانة أمام طلاب صفين في المدرسة التي أعلم فيها” كما يقول.
كيف كانت ردّة فعل الطلاب؟
في المرة الأولى، كان ذلك أمام تلاميذ الصف العاشر. قدّمت المستشارة لهم درسا عن الجندر، ومن بين أمور أخرى، تحدثت عن المتحولين جنسيا. شاركتُ في الدرس أيضًا، وحينها ذكرت أنني متحول جنسيا. كانوا فضوليين جدا. وكانت هناك أيضًا مجموعة متعددة من ردود الفعل غير الفورية، كأسئلة مثل “أية أعضاء جنسية لديك”، ولكني أفهم ذلك، أخذت بالحسبان أنّهم مراهقون صغار وليست لديهم معلومات كافية. ولكني تابعت التحدث عن نفسي أمامهم وكانوا فضوليين ورائعين.
في المرة الثانية، كان ذلك أمام تلاميذ الصفّ الثاني عشر، الذين كانوا أكثر نضجا. قرأت لهم عمودا كتبته، وأيضًا تقريبا كُتب عني في الصحيفة العسكرية، فأثار ذلك اهتمامهم كثيرا. لقد كانوا مبهورين. واهتموا بخدمتي في الجيش. سألوني على سبيل المثال إذا ما كنت قادرا على شغل وظائف ذكورية، وكيف يتعامل الجيش معي. في نهاية الدرس تقدم إليّ أحد الطلاب وقال لي “واو أخي كم أنت شجاع، كل الاحترام” لقد كان متأثرا أيضًا فشعرت بمتعة كبيرة من رد فعله.
أعتقد حقا أنك تقدم للطلاب قيمة مضافة
نعم، أنا أيضًا أؤمن بذلك جدا، لأنّ من بين الأسباب لالتحاقي بالجيش، أنني أؤمن أيضًا أنه يجب التجنّد وأعتقد أنّ المتحولين جنسيا عليهم أن ينضموا إلى الجيش.
هل لديك أصدقاء متحولون جنسيا في الجيش؟
أعرف أشخاصا كانوا في الجيش، بشكل أساسيّ هم متحولون جنسيا ولكني أعرف أيضًا متحولة جنسيا واحدة. وأعرف الآن بعض الآخرين. كما أنني أعلم بأنّ العدد يبلغ 40-50 متحولا ومتحولة جنسيا في الجيش. ربما قد بدأ بعضهم العملية قبلي، أو من بعدي. منذ أن تجنّدت أيضًا توجّه إلي ما لا يقلّ عن خمسة متحولين جنسيا مرشّحين للخدمة الأمنية. أحبّ ذلك، أن أكون متحوّلا جنسيا في الجيش، وأن أكون بمثابة سفير.
هل هناك شيء آخر تودّ أن تقوله؟
إنه مؤثر أن مجتمع المتحولين جنسيا قد بدأ في النموّ وإننا أيضا ندفعه قدما بشدة. وضع مجتمع المتحولين جنسيا في البلاد اليوم صعب جدا. هناك الكثير من عمليات الانتحار، والكثير من المنحدرين إلى عالم الدعارة بسبب الوضع الاقتصادي الصعب وانعدام الدعم. أنا لحسن حظي، فإن عائلتي رائعة وداعمة، ولكن هذا الأمر ليس كذلك دائما. من هذه الناحية تحديدا فالجيش هو مكان يمكن التطوّر فيه… إذن فأنا آمل أن يستمر وضع مجتمع المتحولين بالتحسّن، في الجيش خاصة، وفي المجتمع عامة.