محمد بن زايد الملقب MBZ في واشنطن وفي الجيش الإسرائيلي هو إحدى الشخصيات الأكثر تأثيرا في منطقتنا، لهذا من المؤسف أنه لا يحظى باهتمام معظم الإسرائيليين. خلافا للسيسي، أبو مازن، والملك عبد الله، فإن ولي عرش الإمارات العربية المتحدة لا يعتبر زعيما يسعى إلى الحفاظ على الوضع الراهن، بل يعتبر مسؤولا يعمل على إحداث تغييرات.
الإمارات العربية المتحدة هي دولة صغيرة ذات اقتصاد كبير، رغم هذا فإن تأثير بن زايد يتعدى حدود أبو ظبي أو دبي. فقد جعل من الإمارات الغنية بالنفط في الصحراء العربية نموذجا عربيا جديدا يتضمن: اعتدالا دينيا، معارضة التطرف، سياسة خارجية نشطة وجريئة، والأهم أنه يتضمن الأموال والمصالح التجارية. حقيقة أنه يعمل كالأخ الأكبر والمرشد لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، تزيد من مكانته، وتأثيره. يعتبر بن زايد معاديا للتوجه الإيراني، الحرب (الضروس والفاشلة)، في اليمن والحرب (الباردة والفاشلة أيضا) مع قطر. فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل ويهود الولايات المتحدة، يسير السعوديون في الطريق التي يمليها بن زياد، الذي لديه علاقات متواصلة مع إسرائيليين كثيرين.
تعود قوة محمد بن زايد إلى فطنته، قدرته على تفعيل الأشخاص، والأهم أنه يعرف كيف يُسخّر الأموال بشكل جيد لكسب التأثير. ولكن أكثر من ذلك، تستند الطاقة ولي العرش، ابن 58 عاما، إلى وجهة نظر قاطعة. فهو يعارض إيران، الإخوان المسلمين، والحركات الإسلامية المتطرفة. بالمقابل، يؤيد التسامح، الحوار بين الأديان، لا سيما أنه يؤيد خلق مصادر دخل بديلة للنفط. يعتقد بن زايد أن العلاقات بين الشرق والغرب ودفع صورة الإسلام المعتدل، المتفهم، والمتسامح لا تشكل وجهة نظر دينية فحسب، بل نموذجا تجاريا.
أبو ظبي هي مركز مصالح تجارية عالمي، ويعيش فيها مهاجرون وعمال أجانب من 200 دولة منهم مسيحيون كثيرون. وهي أشبه بنيو يورك في شبه الجزيرة العربية. لقد استضاف بن زايد هذا الأسبوع البابا، الذي حظي باستقبال باهر، تضمن تغطية إعلامية ملفتة في الغرب، وتعزيزا لمكانة بن زايد بصفته أمير التسامح. في منطقتنا التي تتعرض فيها الأقلية للمطاردة، ولم يبق فيها مسيحيون كثيرون، تجدر الإشارة إلى أن التقاء عشرات الأشخاص في حفل جماهيري واسع يرأسه البابا، في دولة إسلامية، جدير بالتقدير.
الإمارات العربية المتحدة في عصر بن زايد ليست موقعا استثنائيا من الازدهار والتنوع فحسب، بل هي أشبه بمختبر تُفحص فيه الأهداف والعمليات. ربما هي الموقع الوحيد في الشرق الأوسط، فيما عدا إسرائيل، الذي يختار الأشخاص الهجرة إليه من دول الغرب أيضا. ففيها فرص عمل، ماركات عريقة لا يمكن إحصاؤها، ومتحف اللوفر وجوجنهايم في أبوظبي.
شهدت العلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة دفئا في التسعينات، ولكن في السنوات الأخيرة تطورت وتعززت جدا دون الأخذ بعين الاعتبار القضية الفلسطينية، وذلك استنادا إلى المصالح التجارية والعدو الإيراني المشترك. شكلت العلاقات مع ترامب والعامل المشترك في واشنطن سبب دعم إضافيا لتعزيز العلاقات.
يصف يهودي أمريكي كبير، كانت لديه علاقات مع محمد بن زايد طوال سنوات، بن زايد بصفته لا يخشى المواجهات، يسعى إلى الفوز، ويحترم النجاحات. من هنا، تأتي العلاقات الهادفة بينه وبين إسرائيل، وبالمقابل التحفظ من القضية الفلسطينية التي تعتبر مصدر عبء لدى العرب.
نُشر هذا المقال للمرة الأولى في صحيفة “يديعوت أحرونوت”.