شيمريت مئير

شيمريت مئير هي المحررة المسؤولة في “المصدر”. أشغلت مئير طيلة سنوات وظائف صحفية في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وخاصة في تغطية العالم العربي والسلطة الفلسطينية. عملت مئير بين السنوات 2002-2009 مراسلة للشؤون العربية في محطة الراديو الإسرائيلية "غالي تساهال". وقد غطت في هذه السنوات أحداثا مصيرية مثل الانتفاضة الثانية، حملة الجدار الواقي في غزة، وفاة عرفات وحرب لبنان الثانية. قبل ذلك، عملت مئير في محطة التلفاز الإسرائيلي، القناة 1 والقناة 2، في طاقم الشؤون العربية.

محمد بن زايد.. التسامُح كنموذج تجاري

محمد بن زايد مع الرئيس ترامب
محمد بن زايد مع الرئيس ترامب

ولي عرش الإمارات العربية المتحدة، يعارض التطرف ويعزز العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، إضافة إلى كونه إحدى الشخصيات الأكثر تأثيرا في الشرق الأوسط

محمد بن زايد الملقب MBZ في واشنطن وفي الجيش الإسرائيلي هو إحدى الشخصيات الأكثر تأثيرا في منطقتنا، لهذا من المؤسف أنه لا يحظى باهتمام معظم الإسرائيليين. خلافا للسيسي، أبو مازن، والملك عبد الله، فإن ولي عرش الإمارات العربية المتحدة لا يعتبر زعيما يسعى إلى الحفاظ على الوضع الراهن، بل يعتبر مسؤولا يعمل على إحداث تغييرات.

الإمارات العربية المتحدة هي دولة صغيرة ذات اقتصاد كبير، رغم هذا فإن تأثير بن زايد يتعدى حدود أبو ظبي أو دبي. فقد جعل من الإمارات الغنية بالنفط في الصحراء العربية نموذجا عربيا جديدا يتضمن: اعتدالا دينيا، معارضة التطرف، سياسة خارجية نشطة وجريئة، والأهم أنه يتضمن الأموال والمصالح التجارية. حقيقة أنه يعمل كالأخ الأكبر والمرشد لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، تزيد من مكانته، وتأثيره. يعتبر بن زايد معاديا للتوجه الإيراني، الحرب (الضروس والفاشلة)، في اليمن والحرب (الباردة والفاشلة أيضا) مع قطر. فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل ويهود الولايات المتحدة، يسير السعوديون في الطريق التي يمليها بن زياد، الذي لديه علاقات متواصلة مع إسرائيليين كثيرين.

تعود قوة محمد بن زايد إلى فطنته، قدرته على تفعيل الأشخاص، والأهم أنه يعرف كيف يُسخّر الأموال بشكل جيد لكسب التأثير. ولكن أكثر من ذلك، تستند الطاقة ولي العرش، ابن 58 عاما، إلى وجهة نظر قاطعة. فهو يعارض إيران، الإخوان المسلمين، والحركات الإسلامية المتطرفة. بالمقابل، يؤيد التسامح، الحوار بين الأديان، لا سيما أنه يؤيد خلق مصادر دخل بديلة للنفط. يعتقد بن زايد أن العلاقات بين الشرق والغرب ودفع صورة الإسلام المعتدل، المتفهم، والمتسامح لا تشكل وجهة نظر دينية فحسب، بل نموذجا تجاريا.

بن زايد مع وزير الدفاع الأمريكي السابق

أبو ظبي هي مركز مصالح تجارية عالمي، ويعيش فيها مهاجرون وعمال أجانب من 200 دولة منهم مسيحيون كثيرون. وهي أشبه بنيو يورك في شبه الجزيرة العربية. لقد استضاف بن زايد هذا الأسبوع البابا، الذي حظي باستقبال باهر، تضمن تغطية إعلامية ملفتة في الغرب، وتعزيزا لمكانة بن زايد بصفته أمير التسامح. في منطقتنا التي تتعرض فيها الأقلية للمطاردة، ولم يبق فيها مسيحيون كثيرون، تجدر الإشارة إلى أن التقاء عشرات الأشخاص في حفل جماهيري واسع يرأسه البابا، في دولة إسلامية، جدير بالتقدير.

الإمارات العربية المتحدة في عصر بن زايد ليست موقعا استثنائيا من الازدهار والتنوع فحسب، بل هي أشبه بمختبر تُفحص فيه الأهداف والعمليات. ربما هي الموقع الوحيد في الشرق الأوسط، فيما عدا إسرائيل، الذي يختار الأشخاص الهجرة إليه من دول الغرب أيضا. ففيها فرص عمل، ماركات عريقة لا يمكن إحصاؤها، ومتحف اللوفر وجوجنهايم في أبوظبي.

شهدت العلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة دفئا في التسعينات، ولكن في السنوات الأخيرة تطورت وتعززت جدا دون الأخذ بعين الاعتبار القضية الفلسطينية، وذلك استنادا إلى المصالح التجارية والعدو الإيراني المشترك. شكلت العلاقات مع ترامب والعامل المشترك في واشنطن سبب دعم إضافيا لتعزيز العلاقات.

يصف يهودي أمريكي كبير، كانت لديه علاقات مع محمد بن زايد طوال سنوات، بن زايد بصفته لا يخشى المواجهات، يسعى إلى الفوز، ويحترم النجاحات. من هنا، تأتي العلاقات الهادفة بينه وبين إسرائيل، وبالمقابل التحفظ من القضية الفلسطينية التي تعتبر مصدر عبء لدى العرب.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في صحيفة “يديعوت أحرونوت”.

اقرأوا المزيد: 471 كلمة
عرض أقل

قبيل المظاهرات عند السياج.. إسرائيل تحذر مواطني غزة

مظاهرات بالقرب من السياج الأمني بين إسرائيل وقطاع غزة (Abed Rahim Khatib/ Flash90)
مظاهرات بالقرب من السياج الأمني بين إسرائيل وقطاع غزة (Abed Rahim Khatib/ Flash90)

تلعب الاعتبارات الداخلية دورا هاما في قرارات إسرائيل وحماس.. إسرائيل تتجه لانتخابات وحماس تخوض خلافات خطيرة مع رئيس السلطة

تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أنه يتوقع أن يسود توتر غدا أكثر من المعتاد في السياج الحدودي بين إسرائيل وغزة، لأسباب مختلفة، منها إعلان التنظيمات بأنها ستفحص تصرفات الجيش الإسرائيلي، بعد أن قُتِل في الأسبوع الماضي 4 فلسطينيين أثناء الفوضى التي سادت بالقرب من السياج.‎

يستعد الجيش الإسرائيلي بشكل خاص للأحداث، فنشر قناصة ووسائل دفاعية أخرى، تحسبا لمحاولات لاختراق السياج أو نشوب حالات عنف جماهيرية، ولكن تشير التقديرات إلى أن حماس ليست معنية بـ “كسر القوانين” قبيل أيام من دخول الدفعة الثالثة من أموال العون القطرية بقيمة 15 مليون دولار للقطاع.

رغم هذا، تجنبا للمخاطرة، نشر قائد مديرية التنسيق والارتباط في غزة، الكولونيل إياد سرحان، رسالة مصورة، توجّه فيها إلى سكان غزة مناشدا المتظاهرين بألا يقتربوا من السياج. “كونوا على بُعد منه وهكذا تحافظوا على سلامتكم‎“ قال سرحان في الفيديو.

يشار إلى أن القرارات في كلا الجانبين متأثرة من الشؤون الداخلية: ففي إسرائيل انطلقت الحملات الانتخابية، ونتنياهو يتعرض لانتقادات بسبب عدم العمل ضد حماس في غزة. وفي الوقت ذاته، تخوض حماس خلافات خطيرة مع أبو مازن، الذي أعلن عن حل المجلس التشريعي، ويتوقع أن يعلن عن خطوات عقابية إضافية ضد غزة في بداية العام 2019.‎

اقرأوا المزيد: 182 كلمة
عرض أقل

لماذا لا يهتم اللبنانيون بأنفاق حزب الله؟‎ ‎

تذكار لصورة حسن نصر الله في لبنان (AFP)
تذكار لصورة حسن نصر الله في لبنان (AFP)

قد يعتقد لبنانيون كثيرون أن الأنفاق الممتدة من لبنان إلى إسرائيل هي محاولة إلى نقل القتال إلى الأراضي الإسرائيلية، لكن الحقيقة هي أن الحرب القادمة ستكون "محسوسة جدا" في لبنان

يعمل الجيش الإسرائيلي جاهدا لإنهاء عملية “درع الشمال” دون أن يمنح حزب الله “ذريعة” لشن معركة قتالية. رغم أن حفر الأنفاق من قبل حزب الله يشكل خرقا سافرا للسيادة الإسرائيلية، يحرص الجنود الإسرائيليون على عدم تجاوز الخط الأزرق أبدا. عند وجود شك، يطلبون من قوات “يونفيل” التدخل، وهي تدعو الجيش اللبناني. الضباط يعملون وفق تعليمات صارمة مفادها: “صفر أخطاء”.

ربما موقف الحريري هو عدم التدخل، لكن حزب الله “يعانق” الجيش اللبناني وهذا يعانقه بدوره أيضا. أصبح جندي لبناني بطلا في لبنان بعد أن دار جدال بينه وبين جنود الجيش الإسرائيلي، وحدث ذلك في وسائل إعلامية أخرى إضافة إلى الوسائل الإعلامية التابعة لحزب الله. يحظى التعامل العدائي ضد إسرائيل بتأييد وتصفيق من كل حدب وصوب، والتصفيق معدٍ كما هو معروف. بالمناسبة، من المعروف أن الجنود اللبنانيين يحترمون عناصر حزب الله الذين يتجولون إلى جانبهم غالبا وهم يرتدون زيا مدنيا، ويحملون بنادق. إذا كان يُنظر إلى مليشيات حزب الله ذات مرة كقوة منافسة للجيش اللبناني، فاليوم أصبحت النظرة العامة إليها أنها قوة مكمّلة.

تسعى إسرائيل إلى إثارة الرأي العام اللبناني حول الأنفاق. لقد توجه نتنياهو إلى اللبنانيين موضحا لهم أن حزب الله يعرضهم للخطر. محاولاته باءت بالفشل لسببين: حزب الله يخدم النقاش اللبناني العام، ويجعله مقتصرا على تغريدات عناصر الشيعة من الجنوب في تويتر، الذين يتبادلون الأقوال اللاذعة مع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي. حتى الآن، فئة قليلة من المسيحيين اللبنانيين تعرب عن معارضتها للأنفاق. ربما سيتغير الوضع إذا اشتعلت المنطقة، ولكن يبدو أن معارضي حزب الله أيضا، راضون عن المنطق الثوري الذي يقف وراء المشروع الكبير التابع لحزب الله: نقل المعركة من الأراضي اللبنانية إلى إسرائيل. إضافة إلى ذلك، يتجسد الردع الذي يمارسه حزب الله أمام إسرائيل، بالطريقة الحذرة التي تنتهجها إسرائيل على الحدود منذ انطلاق الحملة. يفهم اللبنانيون هذه النقطة، وهي تعمل لصالح زعيم حزب الله، حسن نصرالله.‎ ‎

جنود الجيش يشرعون في سد أنفاق عند الحدود مع لبنان (Flash90)

مَن توقع أن يلقي نصرالله عددا من الخطابات كما حدث في حرب لبنان الثانية ربما أصابه الإحباط، ولكن سكوت نصرالله منطقي تماما. يدرك نصرالله جيدا أن ظهوره الإعلامي يجب أن تخدم الاستراتيجية العامة. هدفه طبعا هو إسكات الانتقادات في لبنان، ومن شأن خطابه أن يحقق نتيجة عكسية. بالإضافة إلى ذلك، من الأفضل له ألا يطلق تهديدات وهو يمر في أوقات حرجة بين الإيرانيين والحريري.

منذ كشف الأنفاق، يستخدم حزب الله هاشتاغ “سنعبر”. بكلمات أخرى، ما زال الهدف العام بالنسبة لحزب الله نقل جزء من المعركة إلى الجانب الإسرائيلي، وذلك ربما بسبب وجود علاقة مع قضية الأنفاق أو دونها، الدافعية قد ازدادت بسبب الضجة التي أثارتها الأنفاق. ولكن حقيقة أن اللبنانيين يفضلون عدم التفكير في الموضوع، لا تعفيهم من مسؤولية ما سيحدث. قد تُشعل أنفاق حزب الله حربا، وسيكون اللبنانيون أول من سيدفع ثمنها.‎

اقرأوا المزيد: 417 كلمة
عرض أقل
قوات الأمن الفلسطينية تشتبك مع أنصار حماس خلال مظاهرة بمناسبة الذكرى الحادية والثلاثين لتأسيس الحركة، في مدينة الخليل (AFP)
قوات الأمن الفلسطينية تشتبك مع أنصار حماس خلال مظاهرة بمناسبة الذكرى الحادية والثلاثين لتأسيس الحركة، في مدينة الخليل (AFP)

ما الذي تريده حماس؟

تحتفل حماس بمناسبة 31 عاما على إقامتها، ولكن النجاح في الأسابيع الماضية، لا يتغلب على السنوات الحادية عشرة الماضية الفاشلة من حكم حماس في غزة

بعد سنوات من الهدوء النسبي، أصبح يقف صانعو القرار الإسرائيليون أمام ثلاث حلبات مستعرة. تهدف المصلحة الإسرائيلية إلى تقليل الفوضى المستعرة في هذه الحلبات إلى الحد الأدنى، وتجنب المواجهات التي قد تنتشر، لهذا هناك حاجة إلى العمل الدقيق والمحسوب. في الوقت الحالي، ربما هناك حاجة سياسية إلى هدم منزل في معسكر اللاجئين الذي يتطلب قوى كبيرة ويشعل المنطقة، ولكنه لا يخدم الهدف الأعلى – منع سلسلة النجاحات الأخيرة لحماس من أن تصبح موجة مستمرة تعرّض إسرائيليين كثيرين للخطر وتتطلب المزيد من القوى الأمنية الإسرائيلية التي تنشط في الشمال والجنوب.‎ ‎

تحاول حماس منذ وقت نقل حلبة القتال من غزة المرهقة، والتي تحتاج إلى هدنة، إلى الضفة الغربية. لقد نجحت حماس في الاحتفال بذكرى الـ 31 لإقامتها. يرتكز الضغط الأساسي الذي تمارسه الحركة في رام الله، التي تشكل معقلا للسلطة الفلسطينية. يقول المثل العربي “ضرب عصفورين بحجر واحد”: إن الإضرار بالإسرائيليين كاف بحد ذاته، ولكن هناك فائدة أيضا – الخطوات الهجومية التي تشنها إسرائيل ردا على العمليات تُظهر أبو مازن بصفته ضعيفا وغير مسؤول.‎ ‎

في هذه الأثناء، تستند موجة العمليات إلى حد كبير إلى النواة الكبيرة من داعمي الحركة، وحتى الآن لم تشهد هذه الموجة مشاركة جماهيرية واسعة.  صحيح أن النظرة إلى إسرائيل، لا سيما من جهة الشبيبة الفلسطينيين سلبية أكثر من أي وقت مضى، ولكن، ينظر الجمهور في الضفة إلى غزة، حتى بعد وصول حقائب الدولارات القطرية، ويلاحظ أن %70 من الشباب لا يعملون، إمدادات الكهرباء محدودة، مياه الشرب غير صالحة، والحياة صعبة. للمقارنة، ارتكزت المظاهرات مؤخرا في  قانون التأمين الاجتماعي، الذي يلزم الأفراد أن يدفعوا جزءا من رواتبهم إلى خزينة السلطة. البشرى السارة  هي أن هناك راتبا، وبالمقابل، البشرى السيئة أن حماس لا تحتاج إلى انضمام الجمهور، فهي قادرة على العمل وحدها، على الأقل، حتى يعتاد الجيش الإسرائيلي على الظروف الأمنية المتغيّرة، وسيحدث هذا كما حدث في موجة عمليات الطعن.‎ ‎

هناك علاقة بين حلبات المعارك الثلاث وهي غزة، الضفة، ولبنان، من ناحية الحوار أيضا. ينشط نشطاء حماس والجهاد في الحيز الرقمي ذاته التابع لنشطاء حزب الله. السيناريو السائد في الأشهر الأخيرة هو أن إسرائيل ضعيفة، تسعى إلى منع تصعيد الوضع بكل ثمن، وتستر على إدارتها بلهجة قتالية وتهديدات فارغة. هذه هي الصورة التي يراها نشطاء معسكر “المقاومة”، وكما يحدث في أحيان كثيرة، تؤثر الحملة التسويقية التي يشنها صناع القرار فيهم أيضا.‎ ‎

ستحتفل حماس اليوم بمرور 31 عاما على إقامتها بمشاركة عدد كبير من الجمهور، ويبدو أن الاحتفال سيتضمن مفاجآت من حملات تسويقية تهدف إلى الإضرار بالمعنويات الإسرائيلية كما هو معتاد. يتميز عصر السنوار بالانسجام بين السلاح والسياسة، الجرأة وتهديد الإسرائيليين. كل هذا لا يؤثر في حقيقة أن أحد عشر عاما من حكم حماس في غزة كان بمثابة كارثة، ولكن تنجح حماس مرة تلو الأخرى في التخلص من الانتقادات بسبب إطلاق النيران، في كل مرة تتعرض لها. عندما وصلت الانتقادات إلى الذروة في ظل العقوبات التي فرضها أبو مازن على غزة – توصلت حماس إلى صفقة مع إسرائيل، فاتُهمت بأنها باعت القضية الفلسطينية مقابل القليل من الأموال القطرية – أطلِقت صواريخ على الجنوب وبدأت حملة إرهابية في الضفة. تشن حماس معركة في الأيام الأخيرة ضد أبو مازن والأجهزة الأمنية الفلسطينية. من جهتها، تشكل الأيام الأخيرة تجربة قبيل المعركة الكبيرة القريبة. إذا اعتقدنا أنه يمكن إنهاء توزيع الغنيمة بين كبار فتح دون حماس، فمن الأفضل التفكير مجددا.‎ ‎

اقرأوا المزيد: 516 كلمة
عرض أقل

“عصفوران بحجر”

قوات إسرائيلية تداهم مناطق بالقرب من رام الله (AFP)
قوات إسرائيلية تداهم مناطق بالقرب من رام الله (AFP)

عمليات إطلاق النار الأخيرة لم تقع في منطقة رام الله من باب الصدفة.. حركة حماس تركز على هذه المنطقة لسببين: نقل النيران من غزة إلى الضفة من جهة وإحراج السلطة الفلسطينيّة من جهة ثانية

تتركز سلسلة العمليات ضد الإسرائيليين التي تقف وراءها حماس في الضفة الغربية، خلال الأسابيع والأيام الماضية في منطقة رام الله، وليس ذلك صدفة. فمن جهة حماس، الهدف هو زعزعة “عاصمة” السلطة الفلسطينيّة وإجبار أجهزتها الأمنية على الانحياز إلى جانب ما. وقد وصلت الأمور إلى درجة عمل قوات خاصة إسرائيلية على بُعد نحو 200 متر من المقاطعة.

صباح اليوم، بعد أن عبّر الإسرائيليون عن رضاهم على القبض على منفّذَي العمليتَين، في المنطقة الصناعية “بركان” وفي مفترق عفرة (عملية كانت نتيجتها وفاة رضيع وُلد خديجا، وهو ما غاب لسببٍ ما عن الإعلام الفلسطيني)، سارعت حماس إلى تنفيذ عملية أخرى. تحاول الحركة خلق انطباع أنّ الضفة مشتعلة وأنّ مركز الثقل في محاربة إسرائيل انتقل من غزّة إليها.

السؤال هو: إلى أيّ حد يدعم المواطنون في الضفة الغربية بشكل عامّ أعمال حماس، التي تؤدي إلى سلسلة من الخطوات القاسية من الجانب الإسرائيلي، في منطقة كانت هادئة نسبيًّا لسنوات؟ فعلى سبيل المثال، فُرض على رام الله حصار وحواجز، وهو أمر نادر جدًّا. حتى إنّ الخطوات مرشّحة للتصاعد. بكلمات أخرى، هل سكّان الضفة الغربية معنيّون بتبادل الأدوار مع سكّان القطاع، الذين في حالة وقف إطلاق نار مع إسرائيل حاليًّا، وفي بداية عملية إعادة تأهيل اقتصادية، بمساعدة الأموال القَطرية؟.

في الجانب الإسرائيلي، الضغوط تزداد كثيرًا على الحكومة، لا سيّما مع تسلّم نتنياهو مهامّ وزير الدفاع أيضًا. فالمستوطِنون، الذين يشكّلون حِصن الدعم الأساسي لائتلاف نتنياهو اليميني، يشعرون بتدهور في أمنهم الشخصي. وكون إسرائيل تواجه حاليًّا أنفاق حزب الله شمالًا لا يعنيهم، فهم يريدون أن يلمسوا تغييرًا ملحوظًا. والمرجح أن نتنياهو الذي يخطو نحو انتخابات مبكرة، لا يرغب في خوضها في ظل عدم رضى معظم الشعب عن الوضع الأمني.

اقرأوا المزيد: 257 كلمة
عرض أقل

هناك احتمال نسبته عشرين بالمئة لحدوث استقرار في غزة‎ ‎

عناصر حماس يحصلون على الأموال بعد سماح إسرائيل نقل 15 مليون دلار قطري إلى غزة ( Abed Rahim Khatib/ Flash90)
عناصر حماس يحصلون على الأموال بعد سماح إسرائيل نقل 15 مليون دلار قطري إلى غزة ( Abed Rahim Khatib/ Flash90)

إسرائيل مشغولة في حزب الله، لهذا يتقبل الجمهور أكثر حقيقة نقل الدولارات إلى حماس‎ ‎

في حين سارع إسرائيليون وأمريكيون في نيويورك، بذلوا جهودهم، هددوا وتوعدوا، لنقل اقتراح في الأمم المتحدة لشجب حماس، رافق إسرائيليون آخرون السفير القطري، عبر مطار بن غوريون الدولي حتى معبر إيرز، وهو يحمل حقائب فيها مبلغ خمسة عشر ألف مليون دولار إضافي نقدا إلى حماس.‎ ‎

توضح هذه الحقيقة الفارق بين التصريحات الإسرائيلية العلنية وبين التصريحات العملية، ومدى الجهود التي تبذلها إسرائيل لضمان فترة أخرى من الهدوء على الحدود مع غزة.‎ ‎

أصبح يشعر الجيش الذي اعترض شن عملية في غزة وتعرض لانتقادات جماهيرية كبيرة، بعدم ارتياح بسبب استعراض الدولارات الشهري. رغم أنه بدأت تُبذل جهود كثيرة للتأكد أن الأموال تصل إلى الموظفين المدنيين في حماس فقط، وليس إلى القوى الأمنية فيها، التي تعمل بوظيفة جزئية في كتائب عز الدين القسام، فلا داعي أن نكون مدققي حسابات لكي نعرف أن مبلغ الخمسة عشر مليون دولار الذي وصل إلى حماس، حتى وإن كان معدا لشراء القمح والأرز، يسمح باستغلال الأموال لأهداف أخرى.‎ ‎

بالمناسبة، القطريون معنيون بأجهزة مراقبة شفافة ومصادقة إسرائيلية. السبب الرئيسي الذي يدفعهم نحو توفير أشهر من الهدوء في جنوب إسرائيل هو كسب رضا الإدارة الأمريكية. فهم لا يرغبون في التورط في تمويل الإرهاب، إذ إنهم يقومون بهذه الخطوة بطرق أخرى.‎ ‎

يفهم مَن يدعم التسوية أيضا (التفاهمات بالمعنى الأكثر تواضعا)، أن احتمال أن نشهد فترة هادئة أطول منخفض، وهو يصل إلى 20% فقط. رغم هذا هم مستعدون للتجربة. إذا تم تأجيل المواجهة لمدة سنة، ونجحنا في هذه المرحلة في العمل على أنفاق حزب الله، والاستعداد بجدية للمعركة الكبيرة في غزة، فهذا من الأفضل.

في نهاية الأسبوع الماضي الماطر، وقف الكثيرون في طابور في فروع البريد في غزة وانتظروا الحصول على مبلغ 100 دولار فقط، وحصل آخرون على مبلغ أكبر، ولكن يجدر التذكر أن 15 مليون دولار ليس مبلغا كبيرا عندما يجري الحديث عن مليوني مواطن. يتمتع مقربو حماس بهذه الأموال، ومقابل كل مواطن راض هناك خمسة مواطنين متذمرين، إذ يجري الحديث عن مساعدة طارئة فحسب. لم تتخلَ حماس عن مسيرات العودة الكبرى، وما زالت تجريها كالمعتاد، ويشارك فيها آلاف الغزويين أسبوعيا. عندما لا تسير الأمور وفق رغبتها، تعمل جاهدة.‎ ‎

في هذه الأثناء، تحاول حماس استغلال حقيقة أنها عادت إلى مركز السيطرة مجددا. أصبح التنسيق بين حماس وحزب الله وثيقا أكثر من أي وقت مضى، إذ مكثت بعثة تابعة لحماس في الأيام الأخيرة في لبنان، وتحوّل المصريون من عدو إلى صديق (أثارت صور استقبال مسؤول في الاستخبارات المصرية بحفاوة في مسيرة نظمتها حماس لذكرى الانتصار على الجيش الإسرائيلي في خان يونس، وتبادل القبلات بينه وبين السنوار صدمة في إسرائيل)، حتى أن أبو مازن عمل على منع اتخاذ خطوات ضدهم في الأمم المتحدة.‎ ‎

السؤال هو ما الذي يخططه السنوار، الذي سيطر إلى حد كبير على اتخاذ القرارات في حماس، ويتنقل بين مشاعر من الابتهاج والحزن، وبين مشاعر من الإحباط والانطواء وبين والدهاء والإصرار. هل أصبحت تفهم حماس التي عملت جاهدة في الأشهر الأخيرة لأنها توقعت أن إسرائيل ستسكت، أن الحكومة الإسرائيلية والجيش أصبحا أقرب إلى الخط الأحمر بشأن غزة، وربما نفذ صبرهما؟‎ ‎

اقرأوا المزيد: 468 كلمة
عرض أقل

الانفعال الإسرائيلي مبالغ به

زعيم تاشد يزور متحف "ياد فاشيم" لذكرى ضحايا الهولوكوست (Yonatan SIndel/Flash90)
زعيم تاشد يزور متحف "ياد فاشيم" لذكرى ضحايا الهولوكوست (Yonatan SIndel/Flash90)

إسرائيل دولة قوية وقادرة على المساهمة كثيرا من أجل الدول الجارة، في مجال التكنولوجيا، والطب، والزراعة، وطبعا في مجال الأسلحة والاستخبارات المتقدمة. أقل ما تحتاجه إسرائيل من هذه الدول ذات أنظمة الحكم الدكتاتورية هو الشرعية

إحدى السمات الأساسية في الحمض النووي الإسرائيلي هو التوق، الذي يكون مؤثرا أحيانا ومثيرا للشفقة في أحيان أخرى، من أجل الحصول على الاعتراف، الشرعية، والقبول، في العالم العربي والإسلامي. من أجل التقاط صورة مع زعيم عربي أو مسلم، فإن الزعماء الإسرائيليين من اليسار واليمين، مستعدون للدفع بالعملة الصعبة. رغم أن قيمة هذه الصور ليست كبيرة.

إسرائيل أشبه بجزيرة صغيرة تقع في حيز يسود فيه العداء والعنف، لهذا من الأفضل لها أن تبني جسورا عندما تسنح لها الفرصة، تعقد تحالفات، وأن تبذل قصارى جهودها لتطبيع العلاقات مع الدول التي يمكن القيام بهذه الخطوة معها. شوهد في السنوات الماضية تقدما ملحوظا في هذا المجال، لأسباب كثيرة: انهيار بعض دول المنطقة، ورغبتها في الانضمام إلى “الدول الجارة القوية” التي تعمل ضد إيران، إدارة الفلسطينيين لشؤونهم بشكل فاشل، معارضة موحدة لسياسة أوباما في المنطقة من قبل، واستخدام إسرائيل حاليا كبطاقة تساعد على الدخول إلى البيت الأبيض في عهد ترامب.‎

كل هذه الأمور جيدة، ولكن علينا الانتباه إلى زملائنا الجدد. تعتبر زيارة رئيس تشاد إلى إسرائيل زيارة “تاريخية” لأن هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها رئيس تشاد إسرائيل. عدا ذلك، ليس هناك سبب للانفعال. لن تُقام علاقات دبلوماسية الآن بين البلدين، والعلاقات الاقتصادية بينهما قائمة منذ زمن. ستواصل إسرائيل بيع الأسلحة للرئيس ديبي، وهو رئيس أفريقي آخر، لديه ماض مثير للشك في مجال حقوق الإنسان، ولكنه أجرى الآن زيارة إلى القدس، إلى متحف “ياد فاشيم” والتقط صورا إلى جانب نتنياهو. من المفترض أن ديبي توصل إلى الاستنتاج أن الصور في إسرائيل ستكون مفيدة له، إذ إنه يحتاج إلى مساعدة دولية ودعم من واشنطن، هذه الخطوة هامة أيضا من أجل نتنياهو، الذي يرغب في إظهار إنجازات سياسية قبيل الانتخابات. تجدر الإشارة إلى أن رد الفلسطينيين على هذه الزيارة كان “فاترا”، فالتطبيع بين دول عربية كبرى وإسرائيل يثير اهتماما أكثر لدى الفلسطينيين، وهم يقفون مكتوفي الأيدي نسبيا إزاء هذه الحقيقة.‎

النجاح الإسرائيلي الدبلوماسي المفلت يحصل في الحقيقة مع الدول العربية مثل البحرين، والإمارات العربية، والسعودية طبعا. في هذه العلاقات أيضا، تتصرف إسرائيل وكأن مصلحتها تكمن في إشهار علاقاتها، في حين أنه ليس من المؤكد أن هذا هو الوضع. لقد جنى نتنياهو الذي زوّد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، المتورط بمقتل خاشقجي، بـ “القبة الحديدية” فائدة كبيرة جدا في واشنطن، ولكن لحق بإسرائيل ضرر كبير من هذه الخطوة، لا سيما في وسائل الإعلام الليبرالية. أية فائدة تجني إسرائيل عندما يتصدر اسمها العناوين بقضايا ترتبط بمقتل صحفي معارض لنظام الحكم؟ ما الفائدة التي تجنيها عندما يستخدم ترامب العلاقات السرية بين السعودية وإسرائيل من أجل إبداء تسامحه إزاء جرائم الأمير، الذي يأتي لاعتبارات أخرى مختلفة تماما؟ الفائدة ليست معروفة.

نأمل أن يتذكر بن سلمان هذه العلاقات أكثر من السيسي، الذي عمل نتنياهو كثيرا من أجله في واشنطن، ولكن بعد مرور بضع سنوات من العلاقات والمحادثات مع إسرائيل بشأن حماس، احتضن السيسي حماس ثانية، كما فعل مبارك سابقا.

إسرائيل دولة قوية وقادرة على المساهمة كثيرا من أجل العالم والدول الجارة، في مجال التكنولوجيا، الطب، الزراعة، وطبعا في مجال الأسلحة والاستخبارات المتقدمة. أقل ما تحتاجه إسرائيل من هذه الدول ذات أنظمة الحكم الدكتاتورية هو الشرعية. في الواقع، من الصعب أن نعرف ما هي الفائدة من التقاط صور مع زعيم دولة عربية أو إسلامية مثير للجدل، فيما عدا الفائدة السياسية طبعا، قبيل الانتخابات الإسرائيلية، إذ إن الإسرائيليين كما ذكر آنفا لم يتغلبوا على الرغبة الطفولية لاحتضان العالم العربي والإسلامي.

اقرأوا المزيد: 523 كلمة
عرض أقل

بينيت: “القضاة يقيّدون عمل الجنود”

زعيم حزب "البيت اليهودي" نفتالي بينيت ( Yonatan Sindel)
زعيم حزب "البيت اليهودي" نفتالي بينيت ( Yonatan Sindel)

بعد أن تعرض زعيم حزب "البيت اليهودي"، نفتالي بينيت، لهزيمة سياسية من نتنياهو، انتقل إلى تركيز جهوده على انتقاد الجيش‎، تحديدا القضاء العسكري الذي "يحد من شجاعة المقاتلين الإسرائيليين" حسب وصفه

رغم أن وزير التربية والتعليم، نقتالي بينيت، قد سقط ضحية لمناورة سياسية من نتنياهو، أثبت له نتيناهو خلالها أنه ما زال يحتاج وقتا كثيرا للتعلم والوصول إلى مستواه في السياسة، وعلاوة على أن بينيت اعترف أنه أخطأ عندما أطلق إنذارا لرئيس الحكومة لتعيينه وزيرا للدفاع خلفا لأفيغدور ليبرمان الذي استقال من منصبه، لا يزال بينيت يرفض التراجع عن الانتقادات الخطيرة التي يطلقها ضد الجيش الإسرائيلي، حتى أنه بدأ يكثّف من حدتها.‎

في مقابلة مع بينيت لصحيفة “إسرائيل اليوم”، قال: “من المهم أن أقول لكم إننا نواجه مشكلة خطيرة في منظومة الدفاع التي أدت إلى أن يصبح المقاتلون مقيّدين في عملهم بموجب القانون. أنا عضو قديم في المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية. ربما تصريحاتي خطيرة لكنها صحيحة: لو قصفنا منازل عناصر حماس في حي الشجاعية قبل الهجوم البري الذي شنته وحدة جولاني (في المعركة بين إسرائيل وحماس في غزة في صيف 2014) كنا سنتجنب مقتل الجنود. كانت تلك الحادثة مأسوية. أقول لكم بشكل قاطع إن الخوف من التعرض للمحاكمة في المحكمة الدولية ولاهاي (محكمة تُعنى بجرائم الحرب) مبالغ به ما يفرض قيودا غير ضرورية على الجنود”.

وفق أقوال بينيت: “أنا لا أقلل من شأن المحكمة الدولية، ولكن على الضابط الميداني أن يقرر ما هي الخطوات الصحيحة التي يجب اتباعها وليس المحامون في غرف الحرب. تستمد المحكمة في لاهاي قوتها حاليا من تشويه القيم الأخلاقية في الدول الأوروبية، التي جعلتها وسيلة سياسية. هذه ليست محكمة كان يفترض أن تنظر في قضايا مكافحة الإرهاب ولا في إسرائيل، التي تتميز بمنظومة رقابة ذاتية سليمة وديمقراطية. آمل أن يوفي رئيس الحكومة بوعده لإجراء تغييرات في كل المنظومات، تدمير منازل الإرهابيين كما ينبغي، إخلاء خان الأحمر، وأعدكم أني سأواصل العمل حتى تحقيق هذه الأمور. أعتقد أن رئيس الحكومة ليس لديه وقت كاف لإحداث الثورة الضرورية، ولكن منذ اللحظة التي تحمل فيها هذه المسؤولية سأدعمه من أجل النجاح في إحداثها”.

وأضاف بينيت “في عملية “الجرف الصامد” في غزة في صيف 2014، حدثت حالات كثيرة تسببنا فيها بضرر للجنود لأننا أردنا حماية العدو، وسمحنا له بالهروب. أقول لكم بكل ثقة إن حياة الجنود الإسرائيليين أغلى من حياة أعدائنا. أشعر بالحزن عندما أشاهد الجنود يتراجعون عندما يتعرضون لإلقاء قطع إسمنتية بدلا من أن يطلقوا النيران. عندما أرى فلسطينيين يلحقون ضررا بجزء من السياج الحدودي في غزة ولا يتعرضون لضرر أشعر أن الأمور لا تسير كما ينبغي. كذلك الحال بالنسبة لمطلقي البالونات الحارقة الذين تطلق النيران قريبا منهم وليس بشكل مباشر ضدهم. هذه المواجة ليست أخلاقية. يتمتع الجمهور الإسرائيلي بمشاعر سليمة، وهو يفضل أن يموت العدو بدلا منه”.

اقرأوا المزيد: 396 كلمة
عرض أقل

انتصار نتنياهو

رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (Miriam Alster/FLASH90)
رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (Miriam Alster/FLASH90)

نجح نتنياهو خلال بضع دقائق في الخروج من وضع سياسي صعب والتخلص من التهديدات لإجراء انتخابات في وقت أبكر، عارضا منافسيه كشبان عديمي المسؤولية

في الأسبوع الماضي، وصلت الانتقادات الجماهيرية الموجهة لنتيناهو إلى حجم غير مسبوق. يعتقد نحو %60 من الإسرائيليين أن الأداء الإسرائيلي بشأن التعامل مع غزة سيء، وتعزز الانتقادات الإعلامية ضد الجيش والحكومة الشعور العام أن ضبط النفس النسبي الذي تبديه إسرائيل في تعاملها مع حماس وإزاء أكثر من 500 قذيفة التي تطلقها حماس في اليوم ضد إسرائيل قد اجتاز حدود الصبر.‎ ‎

بعد استقالة ليبرمان من منصب وزير الدفاع، قرر وزير التربية، رئيس حزب “البيت اليهودي”، نفتالي بينيت، أنه آن الأوان للعمل. يرغب بينيت منذ سنوات في أن يشغل منصب وزير الدفاع. هذه الرغبة ليست مرتبطة بالدافع الشخصي لشغل أحد المناصب الأهم في الدولة، التي تؤهله لمنصب رئيس الحكومة، بل تنبع عن أسباب أخرى هامة أكثر: يؤمن بينيت أن هناك مشكلة في إدارة القوة الإسرائيلية. وفق أقواله في خطابه اليوم، يعتقد بينيت أن الجنود يخافون أكثر من المدعي العسكري الرئيسي من يحيى السنوار. كما يتضح منها أن على الجيش أن يكون أقل حذرا، وأن يخاف أقل من المس بالأبرياء، وأن يسعى إلى الانتصار في كل الأحوال.‎ ‎

رغم حقيقة أن أقوال بينيت تنال رضا جزء كبير من الإسرائيليين، نجح نتنياهو في جعل حزب “البيت اليهودي” يتنازل عن التهديدات بالاستقالة، وفي الواقع ضمن أن تواصل الحكومة ولايتها حتى موعد يراه مناسبا لتفكيكها. وفق التقديرات، يُفضل نتنياهو إقامة الانتخابات في وقت متأخر من العام، بعد احتفالات عيد الاستقلال، التي يتلقى فيها رئيس الحكومة تغطية إعلامية كبيرة.‎ ‎

على أية حال، سنشهد توترا في الأسابيع والأشهر القريبة. من المتوقع أن يبدي بينيت وزميلته أييلت شاكيد بعد أن تعرضا للإهانة العلنية من نتنياهو توجها مستقلا في جلسات المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، وسيطالبان بالعمل بيد حديدية أكثر ضد حماس.

اقرأوا المزيد: 262 كلمة
عرض أقل

عن خطاب السنوار

يحيى السنوار
يحيى السنوار

احتفل زعيم حماس في غزة بأسبوع ناجح من الخطاب الذي لن يُنسى، ولكن إسرائيل باتت أقرب إلى الخط الأحمر من جهة التسامح إزاء الاستفزاز الذي تتبعه حماس

هذه ليست المرة الأولى التي يلقي فيها أحد زعماء حماس، الذين تعلم معظمهم لدى حزب الله، خطاب انتصار كاملا مفعما بالحماس، والتهديدات بعد جولة قتال مع إسرائيل. ولكن كان خطاب السنوار يوم الجمعة الماضي مبالغا به، لا سيما عند الأخذ بعين الاعتبار مضمونه.‎ ‎

لا يعتبر السنوار خطيبا قديرا ولا سياسيا متمرسا. فهو إرهابي، فقط. خلافا لهنية، خالد مشعل، ونصرالله، فإن سماع خطابه كان مزعجا. تميّز خطابه بالصراخ، واستخدام لغة الجسد الفظة (كانت ذروتها عندما قدم له أحد مقاتلي حماس، الذي حظي بقبلة، مسدسا ادعى أنه لأحد الجنود الذين شاركوا في عملية في خان يونس)، كما تميز بمظهر السنوار الجميل إلى حد معين. ولكن لو وضعنا جانبا المظهر وركزنا على المضمون، فقد أوضح خطاب السنوار ثانية أن طريق التوصل إلى تسوية مع حماس ما زالت طويلة ومليئة بالفشل.‎ ‎

ارتكز خطاب السنوار على الإشارة إلى: “لن نبيع دمنا مقابل الدولارات والوقود”. كانت هذه النقطة موجهة ضد الانتقادات الخطيرة التي تعرضت لها حماس بعد حصولها على حقائب الدولارات، التي أعتقدُ أنها دفعت حماس إلى استخدام العنف سعيا منها للإثبات “لم يتم شراؤنا بالمال”. يؤكد السنوار على أهمية إعادة ترميم غزة (واصفا هذه الخطوة بـ “الحليب لأطفالنا”، وعلى الحفاظ على القدرات العسكرية وتطويرها والاستعداد لاستخدامها، بشكل عام أثناء التوصل إلى تسوية مع إسرائيل. هذه البشرى ليست جيدة لمن يعتقد إن ترميم غزة سيرافقه وقف تام لإطلاق النيران.‎ ‎

ثمة موضع آخر تباهى به السنوار وهو غرفة العمليات المشتركة التي أقامتها حماس مع سائر المنظمات المسلحة في غزة. أدارت 11 منظمة بالمجمل المعركة في الأسبوع الماضي. كانت هذه تجربة ناجحة جدا (“ركيزة الجيش الفلسيطينيين”)، إذ أنها أتاحت للفلسطينيين تركيز جهودهم والتنسيق فيما بينهم، وكانت حماس المسيطرة في الوقت ذاته. كما وتشكل هذه الخطوة حملة إعلامية أمام فتح وأبو مازن، في الوقت الذي التُقطت فيه صور لأحد زعماء السلطة وهو يساعد جنود إسرائيليين على إصلاح إطار مركبة عسكرية إسرائيلية، أو وفق أقوال السنوار: “السلطة تصلح إطارات سيارات الإسرائيليين ونحن نهتم بتعطيلها”.‎ 

كما حقق السنوار نجاحا بعد أن حضر رؤساء الاستخبارات المصرية، الذين يعملون وسطاء بين حماس وإسرائيل، حفل  تأبين شهداء حماس وسمعوا خطابه. منذ وقت قصير كان المصريون ينعتون حماس منظمة إرهابية. ولكن اليوم أصبحوا يفضلون التقرب منها سيعا للتأثير فيها، وفي الوقت ذاته يشكلون “ذراعا بشرية” للآلاف في الجناح العسكري لحماس، بما في ذلك من أجل السنوار ذاته.‎ ‎

يشير المنطق إلى أن حماس ستستكفي بالإنجازات الكثيرة التي حققتها حتى الآن، وأهمها إستقالة ليبرمان من منصب وزير الدفاع، وستعمل على تهدئة الوضع من أجل الحصول على الشرعية مجددا، ضمان تدفق الأموال، ولكن عمليات حماس مرتبطة بتقديراتها لطبيعة الرد الإسرائيلي، وبتهديدات أبو مازن لفرض عقوبات إضافية على غزة، ما يصعب القيام به عندما تكون المنطقة مستعرة.‎ ‎

في حين كانت غزة منهمكة في الحرب، احتفلت السلطة الفلسطينية بالذكرى السنوية الـ 14 لوفاة عرفات. لم تشدد حماس على التوقيت، وهذا مؤسف: يتابع أبو ابراهيم (السنوار) طريق أبو عمار الحقيقية. في خطابه أمس عرض السنوار دمجا فلسطينيا كلاسيكيا لمجالي حقوق: الحق المفهوم ضمنا لتلقي الأموال، أي المساعدات الدولية، والحق في ممارسة العنف (“المقاومة”). إرث عرفات.  

اقرأوا المزيد: 475 كلمة
عرض أقل