روني بيالر

الصهاينة العرب (كلمتي)
الصهاينة العرب (كلمتي)

من الذي يدفع بوصمة “الصهاينة العرب”؟

“إنّ الصهاينة العرب أكثر سوءًا من الصهاينة أنفسهم، إنهم يعادوننا، يجب إبادتهم، يجب تطهير البيت من الداخل قبل الهجوم ضدّ الاحتلال، يجب إبادتهم قبل أن نبيد الصهاينة، لأنّهم يطعنوننا من الخلف” – هذه الكلمات قالها الدكتور إبراهيم الحمامي، أحد المقرّبين لحماس والذي يعمل كمدير “مركز الشؤون الفلسطينية” في بريطانيا، في البرنامج الحواري الأكثر شعبية في شبكة الجزيرة، “الاتجاه المعاكس”، قبيل نهاية عملية “الجرف الصامد”. استمر حمامي في تصريحاته الحادّة، حيث يجلس أمامه طوال الوقت الكاتب والمحلل المصري القبطي مجدي خليل. ويتّضح أّنّ هذا الأخير، قد ارتكب خطيئة أسوأ من كل شيء: وهي الانحياز لبعض مواقف إسرائيل خلال العملية في غزة.

بل حتى قبل “الجرف الصامد” اتسعت الشقوق في الإجماع العربي، على شكل تغيير في الخطاب المتعلّق بإسرائيل ومعارضة حماس. منذ ذلك الحين، في وقت العملية وبعدها، كانت هناك زيادة في المقالات العربية التي هاجمت حماس بل وعبّرت عن التماهي مع مواقف إسرائيل. أصيب الفلسطينيون ومؤيّدوهم بحالة من الذعر – كما يمكن أن يشار، وهكذا بدأت الاضطهادات، وضع العلامات والتشويه ضدّ أولئك المتحدثين بالعربية، الذين تجرّأوا على الخروج عن الخطّ المنحاز بشكل تلقائي مع أعداء إسرائيل. تلك هي الكلمات التي وجّهها حمامي إلى الكاتب القبطي خلال البثّ:

والجديد اليوم هو أن الفئران خرجت من ثقوبها، ودخل الإسرائيليون إلى الملاجئ تحت الأرض بينما خرج إلينا العشرات من “الصهاينة العرب”… الصهاينة العرب هم أولئك المتخاذلون الذين لا يعرفون مذاق النصر، إنّهم يكرهون “المقاومة” [حماس] دون علاقة فيما إذا هجمت إسرائيل أم لا، لقد تراجعوا عن القيم والهوية وتماهوا مع الطرف الآخر… عندما تسمعه فكأنك تسمع أفيحاي درعي [الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي بالعربية]، أو أوفير غندلمان [الناطق بلسان مكتب رئيس الحكومة] أو مئير كوهين [إسرائيلي من مواليد مصر يظهر كثيرا في الإعلام العربي].

القضاء عليهم وهم لا يزالون صغارا

بينما تحلّق صواريخ حماس فوق رؤوس المواطنين في دولة إسرائيل، قرّر وزير الإعلام الأردني السابق طاهر العدوان في مقابلة مع شبكة الجزيرة، ما هو السلوك المناسب بالنسبة للعربي العادي: “على كلّ عربي محترم الوقوف إلى جانب المقاومة (حماس) وإلى جانب صواريخها التي تسحق إسرائيل، (ولكن) بدلا من أن يصمت هؤلاء (الصهاينة العرب) على الأقل، فإنّهم يقفون لخدمة إسرائيل وإلى جانب عدوانها، ضدّ أولئك المنتفضين ضدّها في قطاع غزة”.

وما هو حكم من يجرؤ على الخروج عن هذا الخطّ؟ من بين الطرق المختلفة لإسكات المعارضين السياسيين، يشتهر في العالم العربي أسلوب “الوصم” بشكل خاصّ؛ حيث يتم إلصاق وصف “خائن” للخصم، وهذا كلّ شيء. بقية العمل يقوم به الشعب، الذي لا ينسى ولا يغفر. مرّ أكثر من شهرين على عملية “الجرف الصامد” ويمكننا اليوم أن نلاحظ ما هي وصمة العار الجديدة الساخنة في الإعلام العربي: “الصهاينة العرب”.

عشرات المشاركين العرب، معظمهم مصريّين من معارضي “الإخوان المسلمين”، والذين تحدّثوا خلال عملية “الجرف الصامد” في الإعلام العربي ضدّ حماس؛ رفعوا للعناوين الرئيسية النقاش حول وجوب وقوف العرب إلى جانب ما يُسمّى “المقاومة”، أي الحرب ضدّ إسرائيل، وواجب الشجب المقدّس لمن تنتقد رسائله الأمة العربية والإسلامية. والآن، جنبا إلى جنب مع كُتّاب آخرين ينتمون إلى تيارات ليبرالية تجرأوا على انتقاد حماس، الإخوان المسلمين، تركيا أو قطر؛ تمّت إضافتهم إلى القائمة السوداء، بل وتم وسمهم في الشبكات الاجتماعية بـ #الصهاينة_العرب.

لقد ذهبت الجزيرة إلى حدّ بعيد ووصفت آراء ومواقف “الصهاينة العرب” بوصف: “تيار فكري يدعم العدوان الإسرائيلي”. وصفت الشبكة القطرية في تقرير خاصّ هذه الظاهرة بأنّها (اقتباس) “في كلّ مرة تندلع حرب، هناك هجوم شديد ضدّ “المقاومة” في وسائل الإعلام والإعلام الاجتماعي… تستغلّ إسرائيل ذلك من أجل عرض صورة للتفرّق العربي حول قضية دعم الفلسطينيين… اتّسعت الظاهرة حتى أدّت إلى نشوء تسمية “الصهاينة العرب”. إسرائيل، وفقا لهم، تحثّ هذه الظاهرة بواسطة وسائل الإعلام الاجتماعية التابعة للجيش الإسرائيلي ووزارة الخارجية باللغة العربية:

(اقتباس) “ولفت الأنظار أن من بين المتهمين بأنهم ضمن تيار “الصهاينة العرب” بعض رجال الدين الذين برز اثنان منهم يدعوان الله للقضاء على حماس وجماعة الإخوان المسلمين، واستخدم أحدهم وسما أطلق عبر تويتر “غزة بين رحى الإخواني والصهيوني”… “كما دخل الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على الخط، عندما رد بالشكر على بعض هؤلاء المغردين، وأعاد نشر تغريدات البعض الآخر، واستشهد بما كتبه فريق ثالث حول أحقية إسرائيل في حربها على “الارهاب” في غزة”.

معارضو حماس: طابور خامس

الصهاينة العرب (عربي 21)
الصهاينة العرب (عربي 21)

ما هو هدف إرفاق وسم “الصهاينة العرب”؟ في أحد المقالات في الجزيرة، تحت عنوان “غزة بين صهاينة اليهود وصهاينة العرب”، سعى التونسي محمد هنيد إلى تعريف الظاهرة وإلى الشرح: لماذا تشكّلت خلال عملية “الجرف الصامد” تحديدًا. هنيد هو مسؤول سابق في الفرع التونسي للإخوان المسلمين، ومستشار إعلامي سابق للرئيس هناك. وهذا ما كتبه:

(اقتباس) التسمية جاءت ردا موضوعيا على ثلاثة مواقف أساسية‎:‎
‎- ‎أولها العجز الرسمي العربي ووقوفه ضمنا مع الاحتلال الصهيوني مع استثناءات نادرة‎.‎‏‏‎ ‎‏

‎- ‎ثانيها أبواق إعلام العار العربي المشجعة على قصف إخوانهم في غزة بحجة الانتماء لحماس‎.‎

‎- ‎ثالثها صمت النخب العربية أو اكتفاؤها بالتنديد بـ”مغامرات المقاومة الفلسطينية” ومنهم “رجال دين” يصلون من أجل القضاء على “إرهاب حماس الإخواني” في فلسطين‎.‎

خصّص هنيد في مقاله أهمية كبيرة للهجوم على “الصهاينة العرب”، وأكّد على كونه يرى في المعركة ضدّهم مقياسا لقياس صحّة الأمة العربية الإسلامية: (اقتباس) “هي من زاوية أعمق أم المعارك العربية والإسلامية دون شك لأنها كانت وستبقى حرب وجود تقاس عبرها طاقات الأمة الفاعلة، وقوى الإبداع داخلها يقاس بها مدى تيقظ خلاياها الحية، ومستوى تحلل خلاياها النائمة هو صراع يقاس به من جهة أخرى حجم الخيانة والعمالة العام منه والخاص الفردي والجماعي الرسمي وغير الرسمي”.

الصهاينة العرب (Jordan News)
الصهاينة العرب (Jordan News)

ومن المهمّ أن نؤكّد بأنّ موضوع “الصهاينة العرب”، ليس حصريّا بالجزيرة، وقد ورد في صحف كثيرة كتعبير عمّن يخون الأمة العربية والإسلامية. في الصحيفة اليومية “القدس العربي”، على سبيل المثال، يُفتتح المقال الذي يعالج هذا الموضوع بهذا الشكل: (اقتباس) “الصهاينة العرب الجدد ظاهرة جديدة غريبة، نشأت مع الانقلابات على ثورات الربيع العربي، خاصة في‏‎ ‎‏مصر، وانسلخت بوضوح عن الثقافة العربية والاسلامية. يتبنون جلية الافكار الصهيونية أكثر من الصهاينة انفسهم. تتفاخر بهم‏‎ ‎‏اسرائيل‏‎ ‎‏وتعرض مقتطفات من حججهم للتدليل على شرعيتها وشرعية جرائمها”.

وقد تناول الموقع المصري SASAPOST هو أيضا مقاطع فيديو وتغريدات في تويتر لأولئك “الداعمين لإسرائيل”، ظاهريًّا، في مقال عنوانه “الصهاينة الجدد.. كتاب وإعلاميون عرب أيدوا الحرب الإسرائيلية على غزة”.وإلى جانبه نشر موقع حزب “الحرية والعدالة” المصري (التابع للإخوان المسلمين) مقالا يتناول ما يسمّيه “الخيانة العربية الداخلية” تحت عنوان “الصهاينة العرب… طابور خامس كشفته مجزرة غزة “: (اقتباس) “في كل حرب هناك “طابور خامس” ، وفي حرب غزة الحالية هناك طابور خامس من (الصهاينة العرب) لا يقتصر علي أسماء كتاب ومذيعين وسياسيين مصريين فقط ، ولكنها قائمة طويلة تضم عربا من دول…”.

الحاج أمين الحسيني كعميل صهيوني

الحاج أمين الحسيني وأدولف هتلر، برلين 1941
الحاج أمين الحسيني وأدولف هتلر، برلين 1941

من المهم أن نفهم إلى أي مدى تعتبر كلمة “صهيوني” كلمة قبيحة ذات تداعيات سلبية باللغة العربية، حتى أنها يمكنها أن تلقي ظلالا من الشكّ على ولاء فلان من الناس للأمة العربية والإسلامية. ولذلك فهي تستخدم من قبل الإسلاميين وأيضا من قبل خصومهم. على سبيل المثال، تمّ اتهام المحرّر الرئيسي السابق للصحيفة السعودية المهمّة “الشرق الأوسط”، طارق حميد، بأنّه “صهيوني عربي” بعد أن كتب مقالا ضدّ حماس في وقت عملية “الرصاص المسكوب” (2008). ومع ذلك، فقد اتهم حميد نفسه زعيم حماس خالد مشعل بأنّه “عميل صهيوني”.

ومن وجهة مختلفة ومثيرة للدهشة، ليس خالد مشعل فحسب، ولكن حتى المفتي الحاج أمين الحسيني، ومعه زعماء عرب آخرون من عهد الانتداب البريطاني، كانوا يحظون باللقب المهين “الصهاينة العرب”. في مقال كتبه وزير الإعلام السابق للكويت في صحيفة “الأنباء”، تمّ وصف هؤلاء بهذا الوصف بسبب رفضهم لقبول اقتراح التقسيم المقدّم من قبل لجنة بيل (1937)، والتي اقترحت على العرب نحو 90% من أرض إسرائيل الغربية، وخطة لجنة الأمم المتحدة بشأن فلسطين (1948) والتي اقترحت على العرب 45% من أرض إسرائيل الغربية. جلب هذا القرار، بحسب رأي الكاتب، الموت والخسائر والإضرار بالمصالح العربية:

(اقتباس) “في العام ‏1937‏ رفض المتشددون والمزايدون من «الصهاينة العرب» قرار «لجنة بيل» الملكية البريطانية الذي دعا لانشاء دولتين فلسطينية على ‏90‏% من الارض ويهودية على ‏10‏%، وقبل اليهود برئاسة وايزمن ذلك القرار وراهنوا على رفض الجانب الفلسطيني المتشدد له، وهو ما تم، وطار زعيم التشدد امين الحسيني إلى هتلر وموسيليني ولم يستمع احد للحكماء الذين دعوا لقبول قرار اللجنة، ولم يحاسب المتشدد الحسيني قط على اجتهاداته الخاطئة، لذا عاد لتكرارها برفضه قرار التقسيم عام ‏1948‏ ودعوته للحرب وسالت الدماء وتمت خسارة المعارك والاراضي تحت رايات التشدد المعتادة التي يحمل راياتها.. الصهاينة العرب‎!‎‏‏‎ ‎‏”

هل ستنجح الظاهرة الجديدة – القديمة في حملة الإسكات؟ هل حقّا لم يتنبّه العرب في ظلّ صعود الجهاديين وتداعيات “الربيع العربيّ” التي تُسقط من الضحايا العرب أكثر بأضعاف ممّا سقط في كلّ الحروب مع إسرائيل مجتمعةً؟ يبدو أنّنا سنكتشف الإجابات على تلك الأسئلة في الجولة القادمة في غزة.

نُشر هذا المقال لأول مرة في موقع “ميدا”

اقرأوا المزيد: 1320 كلمة
عرض أقل
صورة توضيحية حاسوب نقال (Thinkstock)
صورة توضيحية حاسوب نقال (Thinkstock)

العرب الذين يكرهون حماس

متسلحون بلوحة المفاتيح ويتمتعون بسرية اسمهم على الإنترنت، فيكشف متصفحون كثيرون في العالم العربي أمامنا عالمًا جديدًا ومثيرًا من التأييد لإسرائيل، التعاطف معها، وكراهية حماس والبراغماتية. هكذا تشق الشبكة جدار الوحدة العربية حول "القضية الفلسطينية" وتكشف الصوت الآخر

هذه الكلمات ليست مقطعًا من موقع البيان الرسمي لدولة إسرائيل، أو من فم أمريكي يميني مؤيد لإسرائيل. بل كُتبت في أحد مواقع الأخبار الكبرى البارزة في العالم العربي، كرد على اكتشاف جثث الفتيان الثلاثة. ويمكن رؤية ردود مشابهة من العرب في كل أرجاء العالم في مواقع الإنترنت المختلفة لشبكات الأخبار العربية.

وكانت نفس الشبكات، مثل الجزيرة القطرية و RT الروسية (بالعربية طبعًا)، التي تسيّطر عمليًّا على تأطير الحوار وعرض الأحداث في العالم العربي، الأُولى التي نشرت عن اكتشاف جثث القتلى، وقتًا طويلا قبل أن يُسمح بالنشر على الشبكات الإسرائيلية. في معظم القنوات، استُخدمت  تعابير سلبية وتم ذكر الفتيان كـ “مستوطنين مفقودين”- لا شرعية للمستوطنين ودمهم مباح، وللوهلة الأولى؛ مفقودين، على عكس مخطوفين، كي يفتحوا الباب على مصراعيه للاتهامات التي ألقيت على إسرائيل بأنها لفّقت قصة الخطف.

لكن، من ضمن كل هذا كانت مقالة واسعة في شبكة “العربية” السعودية، تحت عنوان “وجدت إسرائيل جثث المخطوفين.. ويهدد نتنياهو حماس”، التي نشرت عن الأحداث بصورة معتدلة وموضوعية نسبيًّا لباقي الشبكات. هذه المقالة استقطبت الكثير من الردود المثيرة والمفاجئة، التي تُلقي ضوءًا على ما يبدو ظاهريًّا جبهة “عربية” موحدة ومتكتلة التي تقول “لا” في كل مرة يذكر فيها اسم إسرائيل. تكشف الردود غيضًا من فيض ما يجري خلف الأبواب- لا جدار بعد الآن وراء ما يُدعى “القضية الفلسطينية”، وإنما آراء أخرى متنوعة، تخرج عن القاعدة العرفية. كما يبدو، كل هذا لم يكن ليحصل لولا تخفية الاسم والغطاء الذي تتيحه شبكة الإنترنت.

يحسدون إسرائيل، ويهاجمون حماس

 

هذا ما كتبه متصفح سمّى نفسه “مهاجر إلى الماضي”، وهو يعبّر عن إعجابه من الصورة التي تتعامل دولة إسرائيل كلها مع الحدث.  وكتب “طارق” من الأردن أيضًا أشياء مشابهة، على خلفية مئات المتطوعين الذين ساهموا في العثور على الجثث: “يبحث آلاف الجنود ومئات المتطوعين عن الفتيان المخطوفين الثلاثة، بينما نحن العرب، لدينا مئات المغتربين ومئات المخطوفين…”

تطرقت ردود أخرى تطرقًا عامًا إلى النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. بل تجرأ بعضهم وأبدى تعاطفًا وتأييدًا للجانب الإسرائيلي: “إسرائيل أرحم من العرب بألف مرة”، كتب أحدهم، “شكرًا لإسرائيل… لو كان بيدي لذهبت للعيش مع الإسرائيليين”. على سبيل النفي، أبدى الكثير منهم رأيه عن حماس، إبداء قاطعًا. مثلا، تحت عنوان “حقك يا نتنياهو”، حضّ متصفح اسمه “فهد” رئيس حكومة إسرائيل “بالإسراع (في ضرب حماس)، والتركيز على إسماعيل هنية”. وكتب حمد رشيد وطالب “بردّ إسرائيلي قوي، وكتب: “هوية القاتل (حماس) معروفة، ستدفع الثمن إن شاء الله”.

بعض الرادّين ردّ محتدّا على الخطف، من ناحية الضرر التكتيكي الذي سببه للفلسطينيين خاصة، والعرب عامة. انتقد المدعو “عقيرب” الخطف، وكتب تحت عنوان “الغبي يبقى غبيًّا” لأن حماس “قتلت ثلاثة مستوطنين وأزهقت أرواحهم، ولم تفكر بأن الشعب الفلسطيني هو من سيدفع الثمن”. ادعى “محمد” بحدّة أن هذه الأفعال تمنح الجيش مبررات:

بل إن المتصفح “حلبي أصلي” حث حماس على عقد مؤتمر صحفي.. وإنكار كل التهم الموجهة لها مطلقًا. يجب عليها أن تعلن أنها متمسكة بحل السلام”، وهذا من أجل منع تمكين جيش الاحتلال” من مهاجمة غزة، وكي “تحافظ على أرواح الناس”.

أكثر صهيونية من الصهيونيين

لكن الجدال هو الجدال، ستجد من يجادل دائمًا. أبدى قسم من الكاتبين غضبًا عارمًا على الردود التي تنتقد الخطف وتدعي أنها “تساعد العدو”. هاجم المتصفح “أحمد رزق” وكتب أن “هؤلاء هم من يعطون للصهيونيين” القوة لتدمير الشعب الفلسطيني، هذه الردود تمكنهم من ذلك… (الخطف) ويشكل جزءًا من أعمال المقاومة للشعب الفلسطيني، من حقنا القانوني وسنستمر في المقاومة… ولن نصغي إليكم أيها المعلقين الذين تعترضون على الموضوع”.

وأكثر من كل ذلك، رد فعل “دبور” يبدي حقًا اشمئزازًا مما يحدث، لكن في نفس الوقت يعكس مدى إحساس قارئ الردود غير العربي:

דבור

تنوع الردود أمامنا يعطينا نظره، صغيرة نعم، من عالم الناطقين بالعربية على الشبكة. بالطبع لا يمكن القول إنه يعكس الوضع، وما تزال ردود كثيرة تتراوح بين اللاسامية وضدّ الصهيونية. لكن، تثبت  هذه الأصوات أنه رغم كل شيء، فإن العالم العربي غير مصنوع من معدن واحد، وأن المصالح متنوعة وكثيرة. الصورة التي ينبغي فيها على كل إنسان لغته الأم عربية أن يدعم تلقائيًّا الفلسطينيين ويعارض وجود إسرائيل، تلاشت وانتهى سريان مفعولها.

من يتعامل مع الإعلام في العالم العربي يكتشف أن أسهم إسرائيل ارتفعت بنسبة منخفضة في السنوات الأخيرة في العالم العربي، وتشمل الأسباب لذلك دخول أصوات إسرائيلية باللغة العربية، الرسمية وغير الرسمية، إلى الجمهور الشرق أوسطي، على طوائفه ومذاهبه المختلفة. من الآن يمكن تذويت أن هنالك في الواقع مجال تعبير كبير مما كان في السابق، وأن تصريحات هذا المسؤول عربي أو ذاك لا تمثل الكل، وإنما هدفها أن تغرس في قلوب القارئين مشاعر وحدة مفبركة من أجل الدعاية، الضرر المبدئي، والحرب النفسية.

روني بيالر هو المحرر الرئيسي لمجلة الإنترنت إسرائيل بالعربية ومتخصص في الإعلام العربي. يوجه الكاتب شكره لسريت شاتس على المساهمة في كتابة المقالة. 

نُشرت المقالة للمرة الأولى في موقع ميدا.‏

اقرأوا المزيد: 717 كلمة
عرض أقل