جاكي خوري

ترقية جمال حكروش (في الوسط) من كفركنا لرتبة لواء في الشرطة الإسرائيلية (المتحدث باسم الشرطة الاسرائيلية)
ترقية جمال حكروش (في الوسط) من كفركنا لرتبة لواء في الشرطة الإسرائيلية (المتحدث باسم الشرطة الاسرائيلية)

المزيد من أفراد الشرطة العرب لن يحل المشكلة

فتح المزيد من مراكز الشرطة في البلدات العربية لن تأتي بنتائج مثمرة دون تغيير السياسات. سكان المدن العربية هم مواطنون في الدولة، ولا يشكلون تهديدا أمنيا. ولكن عليهم (العرب في إسرائيل) الإجابة عن أسئلة صعبة أيضا

أحد المسلسلات المشهورة في العالم العربي في شهر رمضان هو “باب الحارة”. شخصيات هذا المسلسل السوري الذي يبث في موسمه السابع تتغير طوال الوقت – أما صورة الشرطة المحلية التي تعمل برعاية الانتداب الفرنسي لا زالت على حالها. فالضابط المسؤول في الحي شخص فاسد، ولا يساهم في إرساء أمن المواطنين. لذا بدأ سكان الحي في حل المشاكل بأنفسهم مثل النزاعات وحالات الجريمة الخطيرة، وحتى أنهم يتخلون عن أعمال الشرطة كليا مما يؤدي في أحيان كثيرة إلى مواجهات ونزاعات.

حدثت حالة شبيهة مؤخرا في كفر قاسم. بات يعاني سكان المدينة في السنوات الماضية من عنف قاس يتضمن إطلاق النيران وأصبحوا مقتنعين أن منظمات الإجرام وعائلات الإجرام مسؤولة عن جزء من حالات القتل في السنوات الماضية. منذ بداية السنة، قُتل سبعة مواطنون من كفر قاسم حيث قتل ستة أشخاص على خلفية جنائية، ولم يتم الإبلاغ عن تحليل ملابسات الحادثة.

مركز الشرطة المحلي في كفر قاسم بعد أعمال الشغب هذا الأسبوع (Flash90/)
مركز الشرطة المحلي في كفر قاسم بعد أعمال الشغب هذا الأسبوع (Flash90/)

كان قتيلان، ناشطين في لجنة الحماية المحلية التي تعمل برعاية البلدية منذ سنوات، وفي السنتين الماضيتين أصبحت نشطة أكثر. يقول نشطاء في اللجنة وفي البلدية إن الحديث يدور عن مجموعة تعمل على ملء الفراغ الذي تركته الشرطة. وفق أقوالهم، تؤدي لجنة الحماية دورا رئيسيا في حل النزاع ومنع العنف. يعتقد سكان كفر قاسم أن هذا النشاط أدى إلى نزاع مع عناصر الإجرام المنظم مما أسفر عن سقوط ضحايا.

سواء كان ضروريا أم لا، تؤكد إقامة اللجنة على نقص الثقة التي يشعر بها سكان المدينة إزاء الشرطة. في كفر قاسم، خلافا للبلدات العربية الأخرى، مركز شرطة محلي. ولكن بدلا من أن يساهم المركز في دب الثقة في نفوس المواطنين، فالنتيجة عكسية تمامًا. تزيد الحادثة التي طرأت في بداية الأسبوع التي قتل فيها حارس في مركز الشرطة أحد سكان المدينة، محمد طه، من الشعور بالنفور.

مراسم تشييع جثمان الشاب محمد طه من كفر قاسم (Flash90)
مراسم تشييع جثمان الشاب محمد طه من كفر قاسم (Flash90)

تعمل شرطة إسرائيل منذ أشهر على تجنيد أفراد شرطة عرب وفتح مراكز شرطة جديدة في البلدات العربية. ظاهريا، يبدو أن هذه الخطوة ضرورية لتحسين الخدمات والأمن ولكن فعليا لا يأتي هذا المشروع بثماره. السبب بسيط: لا يتعين على الشرطة زيادة الموارد فحسب بل عليها تغيير سياستها تجاه المواطنين العرب الذين هم مواطنو الدولة ولا يشكلون تهديدا أمنيا. يجب على الشرطة نشر نتائج محاربة الجريمة المنظمة وإحداث تغيير جذري في تعاملها مع المجتمَع العربي. في الدولة العصرية والعادلة يجب أن تعمل مراكز الشرطة لخدمة الجميع ويحظر أن تعمل مراكز لليهود وأخرى للعرب؛ على هذه المراكز أن تعمل في أرض الواقع وليس بالأقوال فقط.

إلى جانب ذلك، على المجتمع العربي أن يواجه أسئلة صعبة أيضًا، وأن يعرف أن الشرطة تشكل عاملا هاما في مكافحة العنف، وحتى أنها ليست الوحيدة. بات النسيج الاجتماعي قابل للتفكك، وتتجذر الجرائم المنظمة في أجزاء كبيرة من المجتمَع. تنجح منظمات الإجرام في العمل في الكثير من البلدات بسبب نقص الأطر الملائمة للكثير من الشبان والتعليم غير الملائم.

يجب أن تتصدر التربية، الثقافة، الحوار العام، والاستثمار في الجيل الشاب سلم الأفضليات لدى الزعماء المحليين والدينيين. يظل المجال العام الذي لا يتصدر سلم أفضليات الجيل المثقف والمؤثر مشتعلا. إذا فهم كلا الجانبين الرسالة ووجدا عاملا مشتركا عندها يمكن التحدث عن مستقبل متفائل أكثر. وإلا ستشكل الأحداث في كفر قاسم حلقة في مسلسل ينزف دما.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في موقع هآرتس

اقرأوا المزيد: 485 كلمة
عرض أقل
العنف في المجتمع العربي من حين الى أخر (Flash90/Omar Samir)
العنف في المجتمع العربي من حين الى أخر (Flash90/Omar Samir)

كسر رقم قياسي آخر للعنف في المجتمَع العربي في إسرائيل

سلسلة من أحداث العنف في الأسبوع الماضي في أم الفحم، إعبلين، وكفر مندا تترك القيادات عاجزة، والسكان خائفين

في الوقت الذي تنزّه فيه معظم الشعب في إسرائيل في عطلة عيد الفصح، تم في المجتمَع العربي كسر رقم قياسي آخر في نطاق العنف، في أربعة بلدات مختلفة وكذلك كسر رقم قياسي من حيث قرب وقوع الأحداث ونطاقها.

في الأسبوع الماضي، قُتل رميا بالرصاص بفارق ساعات قليلة شابان من أم الفحم: حسين محاجنة في الرابعة والعشرين من عمره ومحمد إغبارية في الثالثة والعشرين من عمره. جرى الحادث في حي البير في المدينة، وقُتل الشابان رميا بالرصاص من مسافة قصيرة. أدى إطلاق النار إلى صدمة في المدينة ولم تتأخر الانتقادات عن المجيئ، سواء ضدّ السلطات المحلية أو ضدّ الشرطة. تحدث الناس في أم الفحم عن الصراع العائلي الذي تدهور إلى العنف الخطير، بما في ذلك استخدام الأسلحة النارية. ذكّر هذا الحدث الكثيرين بعملية القتل الثلاثية التي حدثت في المدينة في تشرين الأول في العام 2011، حين قُتل بإطلاق النار والد وابناه. ولكن حتى اليوم لم يتم حلّ لغز عملية القتل تلك.

رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يزور نساء عربيات يقيمن في ملاجاء نسائية بعد حوادث عنف داخل الأسرة (GPO)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يزور نساء عربيات يقيمن في ملاجاء نسائية بعد حوادث عنف داخل الأسرة (GPO)

تم الحديث، حينها أيضًا، في المدينة عن اجتياز الخطّ الأحمر، ولكن بعد خمس سنوات لم يبدُ بأنّ أحدا قد أخذ العبَر. أصدرت الشرطة أمر حظر النشر عن تفاصيل التحقيق وفي المدينة يحاولون إقامة منتدى لتخفيف التوتر وتهدئة النفوس، والذي يشمل ممثلين عن جميع العائلات.

أوضح رئيس البلدية الأسبق، الشيخ هاشم عبد الرحمن، مؤخرا أنّه من أجل التصدّي لهذه الآفة وبشكل أساسي كميات السلاح الهائلة في المجتمع العربي، يجب أن تتجنّد جميع الجهات ذات الصلة، بما في ذلك الشرطة.

وقبل أن تهدأ النفوس في أم الفحم، انتقل مركز الأحداث إلى قرية إعبلين في الجليل الأسفل، حيث أدى هناك صراع محلي إلى قتل مزدوج لإبراهيم نابلسي وهو في الخامسة والثلاثين من عمره ومحمد حسنين وهو في الأربعين من عمره. ومن أجل منع تدهور آخر، نشرت شرطة لواء الشمال قوات كبيرة جدا وفي هذه الحالة أيضًا تم إصدار أمر حظر نشر تفاصيل التحقيق.

في أم الفحم وفي إعبلين أيضًا لم يقف أي ضابط شرطة من أجل التوضيح والإجابة عن الأسئلة بشأن جمع السلاح ومكافحة الجريمة. في كلا اللواءين جاء أن هذه أوامر عليا. ورغم أن الشرطة ووزير الأمن الداخلي يحاولان دعم خطة لتعزيز الشرطة في المجتمَع العربي، ولكنهما لم يستبطنا بعد أنّ الكلمات المفتاحية هي الثقة والتوضيح، وهما أمران غائبان في هذه الأثناء.

“توسعت ظاهرة العنف في السنوات الأخيرة في المجتمع العربي لأسباب مختلفة مثل عجز الشرطة، والتي لا تعمل على جمع السلاح وإدانة المجرمين، بالإضافة إلى سياسة الحكومة التمييزية والتي تؤدي إلى البطالة، الفقر، الازدحام السكني، التوتر النفسي المستمر بالإضافة إلى عوامل اجتماعية داخلية أخرى”، كما يقول المحامي علي حيدر من سكان إعبلين وباحث في المجتمع العربي.

https://www.facebook.com/shireen.younis.7/videos/1095972773757855/

“قد تؤدي ظاهرة العنف إلى تفكيك وانهيار المجتمع العربي من الداخل وعلى الحكومة أن تعمل بالشراكة مع القيادات العربية والخبراء العرب على تشكيل خطة استراتيجية للقضاء على العنف. خطة ذات ميزانية وأهداف واضحة واستخدام آليات رصد ومراقبة”، كما قال المحامي حيدر لصحيفة “هآرتس”.

وبعد يومين من القتل المزدوج في قرية إعبلين، ارتفع التوتر في كفرمندا المجاورة لذروة جديدة، على خلفية انتخابات خاصة لرئاسة المجلس المحلي والتي ستُقام بعد غد. توفي رئيس المجلس الأسبق، طه عبد الحليم، مؤخرا إثر مرض وتقرر أنّ الانتخابات الجديدة ستُقام خلال 60 يوما. ازدادت التوترات عندما رفضت المحكمة العليا في الأسبوع الماضي التماسا لموظف كبير في المجلس، وهو علي زيدان، وذلك أنه لن يتمكن من الترشّح في الانتخابات لأنّه وفقا للقانون فقد كان عليه أن يستقيل قبل 90 يوما على الأقل من الانتخابات. ادعى زيدان أنّ هذا الطلب غير منطقي، حيث لم يكن بالإمكان أن يعرف مسبقا بأنّ رئيس المجلس سيتوفى.

وفي أعقاب عدم اليقين، اندلعت في يوم الأربعاء الماضي وأول أمس في كفرمندا شجارات جماعية. وبخلاف أم الفحم وإعبلين، لم يكن في كفرمندا استخدام للسلاح الناري وإنما استُخدمت فقط الألعاب النارية، المفرقعات، الحجارة والعصيّ. أصيب بعضهم إصابات طفيفة واعتُقل العشرات.

انتقل أعضاء الكنيست، رؤساء السلطات المحلية والشخصيات العامة من إعبلين إلى كفرمندا. مثل هذه الموجة القاتمة غير مألوفة في المجتمع العربي منذ سنوات، من دون ذكر الأحداث القليلة ومن بينها إطلاق النار على بعض البلدات في الجليل الأعلى والنقب والتي كانت في ظلّ الأحداث الشديدة. وقد انضمّ رئيس لجنة المتابعة العربية، محمد بركة، إلى انتقاد الحكومة والشرطة، ولكنه يدرك أيضًا المسؤولية الملقاة على عاتقه. “نحن في صدد أن نقود داخل المجتمع العربي حملة للقضاء على ظاهرة السلاح، والتي ستضع قواعد سلوك فعّالة للتعامل مع أسباب الإجرام في المجتمع العربي”، كما قال بركة، وأضاف قائلا: “في يوم الثلاثاء سنقيم اجتماعا مع المفتّش العامّ للشرطة من أجل مناقشة مسؤولية الشرطة عن توفير الأمن الشخصي والاجتماعي في البلدات العربية”.

الشعور الشائع اليوم في معظم البلدات العربية هو غياب الأمن الشخصي وانهيار القيم والمعايير، والتي ساهمت على مدى الأجيال في كبح مثل هذه الظواهر. ولذلك فالسؤال المطروح اليوم هو ليس كيف نمنع الحدث القادم، وإنما متى سيحدث وأين.

العميد جمال حكروش
العميد جمال حكروش

وقالت الشرطة الإسرائيلية ردا على ذلك: “الشرطة الإسرائيلية تعمل في السنوات الأخيرة بالتعاون مع وزارة الأمن الداخلي على توفير الاستجابة للاحتياجات الخاصة في المجتمع العربي، تقليص الجريمة وتعزيز الشعور بالأمن والثقة بالشرطة وبسيادة القانون في أوساط المواطنين، من بين أمور أخرى، من خلال الإنفاذ الصارم ضدّ منتهكي القانون. في هذه الأيام تُقام في شرطة إسرائيل إدارة حصرية لتعزيز الشرطة في الوسط العربي وتطوير وتقريب خدمات الشرطة في هذا الوسط. وعيّن وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان اللواء جمال حكروش ليترأسها ويكون اللواء المسلم الأول في تاريخ إسرائيل. ومن بين أهداف إقامة هذه الإدارة: التحسين، توسيع وتقريب خدمات الشرطة في الوسط العربي بما في ذلك إقامة مراكز شرطة جديدة، تعزيز نقاط ومراكز الشرطة الموجودة واستثمار الموارد في جمع السلاح غير القانوني.

تم نشر هذا المقال للمرة الأولى في صحيفة “هآرتس”

اقرأوا المزيد: 859 كلمة
عرض أقل
العلم السوري وراء دروز من هضبة الجولان (Haim Azulay /Flash90)
العلم السوري وراء دروز من هضبة الجولان (Haim Azulay /Flash90)

إسرائيل تُطالب من الولايات المتحدة تقديم المساعدة العسكرية للدروز في الحرب بسوريا

طُرح هذا الطلب أمام رئيس الأركان الأمريكي في الأسبوع الماضي. مسؤولون دروز قالوا لأقاربهم في إسرائيل إنّ ثمّة اتفاق يتشكّل مع الإسلاميين لمنع إلحاق الضرر بقرى الطائفة على خطّ المواجهة

طلبت إسرائيل من الولايات المتحدة تعزيز المساعدات للدروز في سوريا، الذين يتعرّضون للهجوم من الثوار السنّة في منطقة “جبل الدروز” جنوب البلاد. وقد تم التعبير عن هذا الطلب في زيارة الوداع التي قام بها رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي في إسرائيل، مارتن ديمبسي، في الأسبوع الماضي.

وقد أجريت في القرى الدرزية في البلاد، في الأيام الماضية، لقاءات دعم لأبناء الطائفة في سوريا، والتي تمّ فيها جمع التبرّعات. شارك في مسيرات في قرية الرامة، يركا وقرى أخرى في منطقة الكرمل العشرات حتى المئات من الأشخاص. وقال الدروز في محافظة السويداء جنوب سوريا في المحادثات مع أقاربهم في إسرائيل إنّه في هذه الأيام تُجرى محادثات بين ممثّلي الطائفة وبين الميليشيات المسلّحة، وبشكل أساسي جبهة النصرة، من أجل إخراج القرى الدرزية من الصراع.

وكما ذكرت صحيفة “هآرتس”، فقد توجّه زعماء الطائفة الدرزية في إسرائيل، مؤخرًا، إلى القيادة السياسية والأمنية مطالبين بمساعدة إخوانهم في سوريا، بسبب هجوم تنظيمات الثوار في جبل الدروز، حوادث حول بلدة حادر في الجانب السوري من الحدود مع إسرائيل في هضبة الجولان ومجزرة حدثت في بلدة درزية أخرى في محافظة إدلب شمال سوريا. ورغم أنّ إسرائيل مستعدة لتقديم المساعدة الإنسانية لسكان حادر المجاورين لحدودها، تم التوضيح في استشارة أجراها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وزير الدفاع موشيه يعلون ورؤساء المنظومة الأمنية، أنّ التدخّل لصالح الدروز في جبل الدروز، في عمق الأراضي السورية، سيُعتبر تدخّلا مباشرا في الحرب الأهلية وقد يورّط إسرائيل في المعارك هناك.

والتقى ديمبسي، الذي زار إسرائيل قبيل انتهاء ولايته، أيضا برئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، رئيس الحكومة، وزير الدفاع، رئيس الأركان جادي إيزنكوت وقادة الجيش الإسرائيلي. وقد طُرح في اللقاءات أمام الضيف القلق الإسرائيلي المتزايد على ضوء حالة أبناء الطائفة الدرزية وتم عرض إمكانية تقديم دعم عسكري وإنساني للدروز في منطقة الجبل، عن طريق الحدود المجاورة للأردن. ويبدو أنّ ديمبسي لم يلتزم بخطوات أمريكية، ولكن قد تتم دراسة القضية بشكل إيجابي في واشنطن.

ووفقا لما نشرته وسائل إعلام عربية، فقد زاد الأردن، السعودية ودول الخليج في الأشهر الأخيرة من جهود التنسيق والمساعدة في جبهات الثوار السنة – “الجبهة الجنوبية” و”جيش الفتح” (الذي يعمل شمال البلاد).

قال نائب الوزير أيوب قرا لصحيفة “هآرتس” إنّه سيلتقي صباح اليوم مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو وسيطرح أمامه عدة قضايا تتعلق بالدروز في سوريا. “من المهم أن نؤكد بأنّنا نعمل في هذا السياق كطائفة، وليس كحكومة إسرائيل. ستكون كل مساعدة ستُقدّم مساعدة للدروز وأنا أعلم أن الدروز في سوريا يعرفون كيف يدافعون عن أنفسهم”.

وقد جرت مساء أمس محادثة بين شيخ كبير من محافظة السويداء وشخصية معروفة من الطائفة الدرزية في البلاد. قال الشيخ السوري في المحادثة إنّ الخطّ المهيّمن الآن هو خطّ “المشايخ الذين لا يعتبرون النظام القائم ولا التنظيمات المتطرّفة، مثل داعش وجبهة النصرة، شركاء لاتفاق طويل الأجل أو حكاما محتملين في المستقبل”. ووفقا لذلك التوجه فلن يدخل مقاتلو التنظيمات إلى قرى الدروز، حتى أولئك الموالين للنظام، وفي المقابل لن يفتح الدروز النار تجاههم. “لدينا سلاح”، قال الشيخ، “ولكننا لا نريد أن يُوجّه هذا السلاح لأية جهة – إذا ما لم تتمّ مهاجمتنا”.

وقد أكّد نفس الشيخ أنّ الدروز في سوريا قد توجّهوا إلى أبناء الطائفة الدرزية في إسرائيل والأردن من أجل تلقّي مساعدات مالية، ولكن ليست عسكرية. “نحن سوريّون وسنظلّ سوريّين”، كما قال. “هدفنا البقاء في سوريا موحّدة ومتقدّمة تحافظ على أبنائها من جميع الطوائف”. وقد زار سفير السلطة الفلسطينية في سوريا في نهاية الأسبوع جبل الدروز، بعد أيام قليلة من لقاء بعثة الطائفة الدرزية في إسرائيل بأبي مازن في المقاطعة وطلبها لتقديم مساعدته.

يعيش 450 ألف من بين نحو 700 ألف درزي في سوريا في جبل الدروز. يشعر الدروز في الجبل بالضيق من تقدّم الثوار من اتجاهين: الجبهة الجنوبية، التي تشمل التنظيم المتطرّف جبهة النصرة، ومن الغرب وبشكل أساسي تنظيم داعش (الدولة الإسلامية) من الشرق. في الأسبوع الماضي، وبعد احتلال قاعدة عسكرية كبيرة لها غربيّ جبل الدروز، سقطت الوحدة 52 التابعة للجيش السوري، وغادرت معظم قواتها منطقة الجبل وانسحبت باتجاه دمشق. وتجري في الأيام الأخيرة معارك حول مطار السويداء العسكري، في منطقة الجبل. وتُبذل الآن جهود من قبل الدروز للانتظام في ميليشيات محلية للدفاع الذاتي، اعتمادا على أسلحة بحوزة السكان. ولكن ينقص هذه الميليشيات نظام قيادة وسيطرة منظّمة وأسلحة ثقيلة أكثر. يبدو أنّ جزءًا من جهود الدفاع ستعتمد على جنود وضباط انشقّوا عن الجيش السوري.

وتعادي الفصائل الأكثر تشدّدا من الثوار السنة الدروز، سواء على خلفية دينية أو بسبب علاقة الطائفة طويلة الأمد مع نظام الأسد. ويأمل الدروز بأن ينجحوا في إقناع الجبهة الجنوبية في عدم التقدّم باتجاه الجبل. بعد مذبحة تمّ تنفيذها بنحو 20 مواطنا درزيّا في إحدى بلدات محافظة إدلب في الشمال، نشر تنظيم جبهة النصرة في نهاية الأسبوع بيان اعتذار وقال إنه سيُحاسب جميع المسؤولين عن ذلك، كما يبدو من بين أعضائه، أمام محكمة إسلامية. ولكن مصدر القلق الرئيسي في جبل الدروز يتعلّق بتقدّم داعش من الشرق، على ضوء المجازر التي قام بها التنظيم باليزيديّين في العراق والأكراد في سوريا والعراق.

وقال الزعيم الدرزي – اللبناني وليد جنبلاط أمس الأول إنّ الدروز في سوريا ينوون طلب اللجوء في إسرائيل. “نحن لا نحتاج لا الأسد ولا إسرائيل”، كما صرّح في مؤتمر صحفي في بيروت. “كلا الطرفين يتحدّث بلهجة طائفية، تهدف إلى تخليد الطائفية وتقسيم البلاد”، كما قال.

وأضاف جنبلاط، وهو من أكبر معارضي الأسد، أنّ مستقبل الدروز في سوريا يكمن في التوصّل إلى تسوية سياسية داخلية تضمن سلامة مؤسسات الدولة وتشكيل حكومة انتقالية في سوريا. وأضاف أنّ الدروز في سوريا هم جزء من الشعب السوري، ولا يمكن الإشارة إليهم بشكل منفصل.

نُشر هذا المقال على‎ ‎‎”‎صحيفة “هآرتس‎”‎

اقرأوا المزيد: 848 كلمة
عرض أقل
جاءت القناة كمبادرة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهي تنضوي تحت سلطة البث الفلسطينية الرسمية(الرئاسة الفلسطينية)
جاءت القناة كمبادرة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهي تنضوي تحت سلطة البث الفلسطينية الرسمية(الرئاسة الفلسطينية)

السلطة الفلسطينية تُطلق قناة تلفزيونية تتوجه للجمهور العربي في إسرائيل

قناة "F48" التي تم إطلاقها أمس تهدف إلى بث مضامين موجهة إلى عرب إسرائيل، وهو جزء من تغيير الخطاب العام للسلطة، ومحاولة تقرب إلى الوسط الذي تجاهلته السلطة حتى الآن

أطلقت السلطة الفلسطينية قناة تلفزيونية جديدة موجهة للجمهور العربي في إسرائيل. القناة اسمها “F48تيمنًا باسم “فلسطين 48″، وسوف تبدأ البث بإطار رزمة التلفزيون الفلسطيني على القمر الاصطناعي. ستنقل القناة، وفق تصريحات مسؤولين على اطلاع بالموضوع، حياة الفلسطينيين، مواطني دولة إسرائيل، وستبث في إطار رزمة  pal sat على الأقمار الاصطناعية.

جاءت القناة كمبادرة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهي تنضوي تحت سلطة البث الفلسطينية الرسمية. يأتي تمويل القناة مُباشرة من منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية. أجرى مدير سلطة البث الفلسطينية، الوزير رياض الحسن، في الأشهر الأخيرة، مشاورات مع العديد من المسؤولين بمحاولة منه للدفع بفكرة القناة قُدمًا. التقي الحسن أيضًا شخصيات جماهيرية، صحفيين وكُتاب من عرب إسرائيل من أجل طرح مضامين لعموم الجمهور الفلسطيني.

ستقوم شركات إنتاج باقتراح وإنتاج برامج من الجليل، النقب والمثلث وسيتم نقل ذلك الإنتاج إلى غرفة البث التي أُقيمت في رام الله ومن هناك سيتم نقل ذلك من خلال بث الأقمار الاصطناعية. في تاريخ 18 حزيران، أول يوم من شهر رمضان، سيبدأ البث التجريبي وسيتم توسيع البث تدريجيًّا.

يستعدون في القناة، في هذه المرحلة، للتركيز على المضامين الاجتماعية والثقافية وليس من الواضح إن كان سيتم بث مضامين إخبارية. هذا بسبب التكلفة الكبيرة للإنتاج الإخباري، وأيضًا بسبب حساسية الوضع واختلاف الآراء لدى شريحة الهدف في إسرائيل.

بث التلفزيون الفلسطيني الرسمي، حتى هذا اليوم، برنامجًا واحدًا، تم إنتاجه من قبل شركات إنتاج ناشطة في المجتمع العربي وخاصة في مجال الثقافة والأدب، إلى جانب برامج حوارية قصيرة تناولت موضوع مواقف الجمهور العربي فيما يخص القضايا الوطنية.

قالت جهات فلسطينية، في حديث لها مع صحيفة “هآرتس”، إن إطلاق هذه القناة هي خطوة إضافية نحو التواصل مع عرب إسرائيل. “باتت تُدرك القيادة الفلسطينية أنه لن يكون هناك حل سياسي في المستقبل المنظور وأيضًا بدأت تُذوّته”، وفق تصريح أحد المسؤولين. وفقًا لكلامه، هذا يؤدي إلى تغيير في سياسة القيادة الفلسطينية أيضًا. إذا تم، حتى هذا اليوم، إخراج الفلسطينيين، مواطني دولة إسرائيل، من منظومة اتخاذ القرارات في إطار الحركة الوطنية الفلسطينية، في السنوات الأخيرة، بتنا نشهد توجهًا مُختلفًا. تسارع ذلك التوجه، وفق كلامه، في الأشهر الأخيرة أيضًا بعد التئام القائمة العربية المُشتركة الأمر الذي أثار حماسة كبيرة داخل السلطة الفلسطينية.

نُشر هذا المقال على‎ ‎‎”‎صحيفة “هآرتس‎”‎

اقرأوا المزيد: 336 كلمة
عرض أقل
النواب جمال زحالقة، حنين زعبي وباسل غطاس في الكنيسيت (Yonatan Sindel/Flash90)
النواب جمال زحالقة، حنين زعبي وباسل غطاس في الكنيسيت (Yonatan Sindel/Flash90)

اتحاد الأحزاب العربية في الانتخابات: قد يحدث ذلك هذه المرة

إمكانية خوض الانتخابات بشكل موحد هو أمر يتم تداوله عند كل دورة انتخابات وتفشل، ربما هذه المرة تقف مسألة نسبة الحسم وأزمة الثقة في الشارع العربي

يتم تداول إمكانية توحيد الأحزاب العربية تقريبًا في كل دورة انتخابات خلال العقدين الأخيرين، إنما ذلك يفشل في كل مرة من جديد بسبب الخلافات الداخلية والمصالح الشخصية، إلى جانب خلافات أيديولوجية وتحديدًا بين الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وبين الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية، التي تشكل عنصرًا أساسيًا في القائمة العربية الموحدة. قد يغير بروز عاملين رئيسين، هذه المرة، الصورة: رفع نسبة الحسم، الذي يُلزم الأحزاب أن تتقلص إلى قائمتين على الأكثر، والخوف من ازدياد الأصوات في الشارع العربي المطالبة بمقاطعة انتخابات الكنيست.

على الأحزاب العربية أن تواجه ادعاءات غياب تأثيرها في الكنيست وفي الحلبة السياسية الإسرائيلية وأن تلك الأحزاب تحولت إلى ورقة التين للديمقراطية الإسرائيلية، لأن أداءها في السنوات الأخيرة لم ينجح بوقف تعاظم اليمين ومشاريع القوانين العنصرية.

اعضاء الكنيست احمد الطيبي وابراهيم صرصور (Miriam Alster/FLASH90)
اعضاء الكنيست احمد الطيبي وابراهيم صرصور (Miriam Alster/FLASH90)

تتجسد أفضلية اتحاد الأحزاب العربية بتفادي القلق من تخطي نسبة الحسم. وأيضًا من شأن ذلك تقليص الخلافات الداخلية والجدل الدائم، الأمران اللذان يشكلان سببًا آخر لمقاطعة الانتخابات من قبل الكثير من الناخبين في الوسط العربي. سيحاول نواب الكنيست عرض جبهة موحدة في الصراع ضد الأحزاب الصهيونية، تتضمن مرشحي شخصيات عربية أيضًا. إذا قررت تلك الأحزاب الاتحاد فعلاً، فستحاول استغلال ذلك الأمر لإقناع عرب إسرائيل أنه بإمكان تلك الأحزاب أن تزيد من تمثيلهم في الكنيست من خلال قائمة أو قوائم مشتركة، وبهذا يُمكن رفع نسبة التصويت في الشارع العربي.

من شأن التعاون بين الأحزاب أن يفيد أيضًا في العمل الميداني والصورة العامة لتلك الأحزاب، بعد الضربة التي تلقتها في انتخابات السلطات المحلية قبل نحو عام وشهرين. حينها، لم تستطع تلك الأحزاب بأن يحظى أي من أعضائها بكرسي رئاسة السلطات المحلية على أساس قائمة حزبية، فقد تم انتخاب معظم رؤساء السلطات المحلية من قوائم مُستقلة تشكلت على أساس عائلي، عشائري أو ديني. أبرز مثال على ذلك هو الناصرة التي تُعتبر معقل الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة التي خسر فيها رئيس البلدية رامز جرايسي لصالح من كان نائبه، علي سلام، الذي ترشح للانتخابات بقائمة مستقلة.

عربية إسرائيلية تدلي بصوتها في الانتخابات المركزية عام 2013 (تصوير: نوعم موسكويتش)
عربية إسرائيلية تدلي بصوتها في الانتخابات المركزية عام 2013 (تصوير: نوعم موسكويتش)

تشهد العلاقة اليوم بين الأحزاب والشارع العربي انقطاعًا، ولكن لا ينبع ذلك من الرأي الشائع الذي يُستخدم لاستفزاز النواب العرب، والذي يدعي أنهم يهتمون أكثر بالمسائل الوطنية الفلسطينية بدل اهتمامهم بالقضايا المحلية.

نتج هذا الانقطاع أساسًا بسبب صراعات القوى الداخلية التي أثرت على الأداء اليومي وأدى إلى اشمئزاز الناخبين. ستكون الانتخابات القادمة بمثابة اختبار لقدرة الأحزاب العربية على التعاون ومخاطبة الجمهور العربي الإسرائيلي الذي يعاني من أزمة ثقة أمام الدولة وأمام ممثليه في الكنيست.

نُشرت هذه المقالة لأول مرة في صحيفة هآرتس

اقرأوا المزيد: 374 كلمة
عرض أقل
وجهاء دروز (Moshe Shai/Flash90)
وجهاء دروز (Moshe Shai/Flash90)

الصراع بين المسلمين والدروز يعود إلى الوراء لعام 1956

الشجار في أبو سنان يُوضح مدى عمق الشرخ بين الوسطين. فهو متجذّر بالتفرقة في النظام التعليمي، في التحديث في العالم العربي والاضطرابات في الشرق الأوسط

لم يدع الشجار الجماعي الذي حدث في أبو سنان الأسبوع الماضي مجالا للشكّ بأنّه ليس حدثًا معزولا بل هو صراع طائفي داخل البلدة. صراع يهدد نسيج العلاقات ويشير إلى بعض التحديات التي تقف أمام قادة المجتمع المحلي خصوصا، والمجتمع العربي بشكل عامّ بجميع لجانه.

ليست هذه هي المرة الأولى التي يتصادم فيها المسلمون والدروز في البلدات المصنفة بأنها مختلطة. فخلال العقد الأخير كان هناك بعض الأحداث القاسية التي انزلقت للعنف بل واستخدام السلاح وشهدت بأنّ هذا الشرخ حيّ وموجود. والسؤال: لماذا تتكرّر تلك الأحداث، في كلّ مرة بظروف مختلفة، وتؤدي إلى البحث عن كبش فداء. ترى الغالبية في ذلك فشلا للمؤسسة، التي تفرّق بين الوسطين في المكان الواحد، ولكن ينتقد كثيرون أيضًا المجتمع نفسه، وخصوصا قادته، الذين لا ينجحون في مواجهة الانفصال سواء من باب الخوف أو بسبب الانشغال بالصراعات السياسية الداخلية.

هذه الصراعات، في نهاية المطاف، ليست هي قضية المسلمين مع الدروز أو العكس. في المجتمع العربي كله أيضًا، بجميع مكوّناته، لا يمكن الحديث عن نسيج واحد وكيان جماعي يلتف حول هوية وطنية فلسطينية. على العكس: فحتى داخل الطائفة الوسط هناك عدد غير قليل من التيارات والآراء التي تضعف في نهاية المطاف النسيج الاجتماعي الموحد وتبرز المفرّق والمقسّم.

ويوضح الدكتور رباح حلبي، وهو محاضر للتربية في الجامعة العبرية وكلية أورانيم، بأنّ جذور الإشكالية في العلاقات بين الدروز والمسلمين تعود إلى العام 1956 وإلى قانون التجنيد الإلزامي لأبناء الطائفة الدرزية. “بالنسبة للسكان العرب، كان ذلك بمثابة اجتياز للخطّ الأحمر، ومنذ ذلك الحين والشرخ آخذ بالاتّساع”، كما قال. “صحيح أنّه يوجد داخل الطائفة الدرزية تيار قومي يعارض التجنيد بشدّة ويعتبر نفسه جزءًا لا يتجزأ من القومية العربية، ولكن على المستوى الرئيسي فإنّ معظم الشباب الدروز اليوم يختارون التجنيد، ليس فقط بدافع التماهي مع الدولة، كما يريد أن يرى جزء من ممثّلي الطائفة، وإنّما لأسباب اقتصادية بحتة والرغبة في دعم الأسرة، انطلاقا من التفكير بأنّ الخدمة العسكرية ستفتح أبوابا لكسب الرزق. في المجتمع العربي، هناك من يعتبر هذا القرار خيانة”.

وفقًا للدكتور حلبي، فإنّ المسؤولية في هذه المسألة ليست همّا حصريّا للدروز، ولكن أيضًا لمن يقود الخطّ القومي داخل المجتمع العربي في إسرائيل. هناك من “تبنى الانفصال بدلا من الاحتضان، ورأى في التجنيد بحدّ ذاته وصمة عار رغم أن صورة الوضع الراهن اليوم أكثر تعقيدا ورغم أنّ هناك من ينخرط في صفوف الجيش داخل الطائفة المسلمة والمسيحية طوعًا وليس بموجب القانون. يشير ذلك إلى تغييرات في المجتمع العربي كافّة، بينما تشجّع الدولة فحسب هذا الانقسام لأنّه من الأسهل السيطرة على طوائف وقبائل من أقلية متماسكة بهوية وطنية واحدة”.

لدى النظر إلى الوراء، فإنّ جزءًا غير قليل من الأحداث التي تطوّرت إلى اشتباكات في الشارع وصدامات على خلفية دينية قد بدأ بجدالات بين طلاب داخل أسواء المدارس أو في شبكة الإنترنت. وسبب ذلك، كما يشرح الدكتور أيمن إغبارية، محاضر في التربية بجامعة حيفا، هو الفصل أيضًا في النظام التعليمي. هناك أجنحة منفصلة للتعليم العربي والتعليم الدرزي وهي تدار كآليّتين منفصلتين. “يؤثّر هذا الفصل أيضًا على تشكيل هوية الطلاب”، كما يؤكّد الدكتور إغبارية ويستمرّ قائلا: “ينظر كل طالب إلى الآخر باعتباره مختلفا رغم أنّهم يتحدّثون نفس اللغة ويعيشون في نفس البلدة. يقع جزء كبير من المسؤولية على المؤسسة، والتي تعتمد هذه السياسة وتعمل على الفصل، ولكن أيضًا داخل المجتمع العربي نفسه لم يتم التعامل مطلقا مع إمكانية التعليم متعدد الأديان والذي سيساعد على فهم الآخر وقبول الآخر”.

يضيف الدكتور إغبارية أنّ “التربية الدينية في المدارس غدت لتصبح مسألة خاصة برجال الدين. وهذا لا يعني أنّه لا ينبغي تعزيز الهوية الوطنية وإنما العكس، فالتربية الدينية الصحيحة تخدم هذا الهدف، ولكن مع الأسف الشديد يخشى المجتمع العربي معالجة ذلك. ولذلك ينتقل الجدل الديني إلى الشارع. الشارع عنيف وليس مثقّفا وتتم ترجمة الأشياء إلى اشتباكات كما رأينا في أبو سنان”.

وبالإضافة إلى قانون التجنيد وآلية الفصل في النظام التعليمي باعتبارها دوافع للانفصال داخل المجتمع العربي، هناك من يرى  الوضع الحالي نتيجة لظروف خارجية. يعرّف عضو الكنيست السابق، أيوب قرا (الليكود)، وهو ابن الطائفة الدرزية، نفسه بأنّه إسرائيلي بكل معنى الكلمة ويرى في أحداث أبو سنان تأثّرا بأحداث الدول العربيّة المجاورة، بما في ذلك سوريا. “لا يجوز كنس الأشياء تحت السطح. جميعنا يرى الأمور ويعرف بأنّ التصرفات – بما في ذلك تصرفات المسلمين في أبو سنان – متأثّرة بما يحدث حولها. إنّ الغالبية الساحقة للمجتمع العربي في البلاد وأيضا داخل الطائفة الدرزية ترغب بالعيش في سلام وكسب العيش الكريم، ولكن هناك من يرى بالولاء الذي تظهره الطائفة تجاه دولة إسرائيل سببا للصراع والعداء. لا شكّ بأنّ ذلك هو بتأثير حفنة من المحرّضين. أعتقد أن الدروز قد فعلوا الأمر الصحيح حين ارتبطوا بالدولة وخدمتها”.

بحسب كلامه: “أنا مقتنع أكثر فأكثر على خلفية ما نراه حولنا وكيف يتم التعامل مع الأقليات، بأنّ الحروب في هذه المنطقة هي حروب دينية وطائفية بالفعل، والتي ينظر المشاركون فيها إلى كل من ليس مسلما باعتباره عدوّا، وهذا يتقاطر إلى أراضي السلطة الفلسطينية وأيضا إلى إسرائيل”.

من ناحية أخرى، ينظر عضو الكنيست السابق سعيد نفاع (التجمع الوطني الديمقراطي)، وهو أيضًا ابن الطائفة الدرزية، إلى الدروز باعتبارهم جزءًا من الأمة العربية. “لا شكّ بأنّ الخطاب الديني قد ازداد في العقدين الماضيين. كلّ خطاب طائفي بخصوص ذلك يؤدي إلى التمزّق والانفصال وهذا ما تريده المؤسسة وتفضّله حتى قبل عام 48. وبالطبع فقد قامت بتعزيز ذلك بعد قيام الدولة، بدءًا من قانون التجنيد ووصولا إلى الفصل في التعليم وفي السلطات المحلية. ومن ثمّ فإنّ الخلاص لن يأتي من المؤسسة أبدا، وإنما من بين ظهرانينا. ولذلك فأنا أطرح دوما السؤال: هل ما نفعله جيّد لأنفسنا، والإجابة للأسف هي لا. إنّ الوحدة القومية وليس الدينية هي المفتاح للحفاظ على نسيج حياتنا كمجتمع عربي فلسطيني داخل إسرائيل، وأنّ كلّ واحد منا يصلّي وفقا لدينه واعتقاده”. حُكم على نفاع في الواقع بالسجن لمدّة عام في شهر أيلول الماضي بعد أن أدين بزيارة دولة عدوّ والاتصال بعميل أجنبي عقب زيارته لسوريا حيث التقى هناك بنائب الأمين العام للجبهة الشعبية.

ويتفق الدكتور أسعد غانم، وهو محاضر للعلوم السياسية في جامعة حيفا، مع كلام نفاع، وهو يدرس التحولات في الهوية الفلسطينية في العقدين الماضيين. “في سنوات الستينيات والسبعينيات بدأ بناء الهوية الوطنية الفلسطينية مع صعود منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن في الـ 20 سنة الأخيرة مرّ المجتمع العربي – وبنظري فالدروز هم جزء لا يتجزأ منه – من خلال عمليات مختلفة: تراجع القيادة الفلسطينية التاريخية، إخراج عرب إسرائيل من الحركة الوطنية الفلسطينية إلى جانب تآكل الرموز الاجتماعية، وظهور قيادة جديدة، أكثر ما بعد حداثية، حيث تعمل أمام الإعلام وبشكل أقل أمام الجمهور والمجتمع”.

بحسب كلامه: “وهذا يعني أنّ التحديث الذي مرّ به المجتمع العربي في هذا السياق لم يكن على ما يرام، ولذلك فقد بدأنا بمشاهدة الانقسام إلى طوائف داخل البلدات المختلطة، قبائل وعشائر داخل كل مجتمع سواء كان مسلما أم درزيّا أم مسيحيّا. وينعكس هذا في الأحداث كما في أبو سنان، حيث يصبح كلّ جدال زنادًا لاشتعال شجار. المشكلة في نظري هي أنّ القيادة قد قبلت هذا التقسيم؛ وإلا فلماذا تقبل لجنة المتابعة ولجنة رؤساء السلطات المحلية حقيقة وجود منتدى مستقلّ للسلطات المحلية الدرزية ولا يتم دعوة ممثّلين عن الطائفة إلى اجتماعات لجنة المتابعة؟”.

تم نشر المقال لأول مرة على موقع صحيفة هآرتس

اقرأوا المزيد: 1096 كلمة
عرض أقل
مجاهد في سوريا من جماعات الدولة الإسلامية، داعش (AFP)
مجاهد في سوريا من جماعات الدولة الإسلامية، داعش (AFP)

ما الذي يجعل عرب إسرائيل يدخلون في “الشق السوري” ؟

يطرح عدد المتجندين الآخذ في الارتفاع- المتدينون، في أغلبهم- للتنظيمات الإسلامية، سؤالا في المجتمَع العربي: على من تقع المسؤولية في علاج الظاهرة؟

في بيتهما في ضواحي قلنسوة يجلس يعقوب نصر الله وزوجته، نهلة، بلا حيلة منذ ستة أشهر. ابنهما البكر، يوسف، ابن 19 ونصف، غادر البيت في يوم من الأيام، بلا إنذار مسبق، وقرر عبور الحدود إلى الأردن ومن ثَمّ لسوريا. كان هدفه الانضمام للتنظيمات المتصارعة مع نظام الأسد، ومنها “الدولة الإسلامية”، المعروفة بداعش. في حين انضوى مواطنون إسرائيليون آخرون تحت لواء المليشيات المسلحة وقُتل بعض منهم في المعارك بسوريا، نصر الله، حسب المعلومات التي وصلت عائلته، حي ومعتقل على يدي الأجهزة الأمنية الموالية للرئيس بشار الأسد. وما وراء ذلك، لا يعرف أهله عن حاله شيئًا وعن المصير الذي يترصّد به.

تتوافق قصة نصر الله مع أولئك العشرات من الشباب مواطني إسرائيل، الذين خرجوا لسوريا للانضمام للتنظيمات المقاتلة فيها، وهي في أغلبها مليشيات إسلامية متطرفة. الاسم البارز الآن هو داعش، “نجم الإعلام العالمي الصاعد”، وهو هدف دول الغرب الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة، ورعب الحكومات العربية في الشرق الأوسط.

الشاب عثمان أبو القيعان (المركز الطبي برزيلاي)
الشاب عثمان أبو القيعان (المركز الطبي برزيلاي)

أغلب العائلات التي انضم أبناؤها للتنظيم الإجرامي تفضل أن يبقى اسمها في الخفاء وتطلب الابتعاد عن الأضواء. “لا نريد التورط”، “اتركونا بسلام”- هذه هي الجمل التي تعود على ذاتها تقريبًا في كل محادثة مع عائلات المتجندين. وهي تمتد من الناصرة إلى حورة النقب، قرى الجليل، منطقة المُثلّث ووادي عارة. القاسم المشترك الوحيد لأغلب المغادرين إلى سوريا هو نمط الحياة المتديّن الذي اتبعوه. أغلبهم من العازبين، لكن ليس دائمًا؛ من بينهم أيضًا أكاديميون، ويبدو أن الوضع الاقتصادي لا يشكل وزنًا في قرارهم.

مؤخرًا، زاد الانشغال في هذه الظاهرة في المجتمَع العربي وأثارت أسئلة عديدة- ما هي دوافع المغادرين وما هي تبعات المغادرة، كيف تحوّل المجتمع العربي إلى أرض خصبة لخطوات من هذا النوع وعلى من تقع المسؤولية في علاج الظاهرة. هذه الحوارات ليست فقط من نصيب الأكاديميين والشخصيات العامة؛ بل تدور أيضًا في الأروقة والمطاعم. في الأسبوعين الماضيَين علت وتيرة الحديث حول الموضوع جرّاء النَشْر عن موت أحمد حبشي من إكسال، الذي انضم إلى داعش وقُتل في العراق، وعن التقارير المتحدثة عن ثلاثة شباب غادروا من يافة الناصرة إلى تركيا، ثم إلى سوريا، في عطلة عيد الأضحى.

إذًا ما هو الدافع لعرب إسرائيل إلى الخروج للقتال في دولة أجنبية؟ قالت عائلات الشباب الذين انضموا لداعش إن صور الجثث، الأطفال القتلى والدمار الكبير في سوريا، التي تبث مرة بعد أخرى في القنوات الفضائية، أثرت كثيرًا على أبنائهم. أحد الأسباب الأخرى هي مواعظ رجال الدين: معلم من منطقة وادي عارة، الذي يعرف نفسه كملتزم ويرتاد المساجد أيام الجمعة، يقول إن الخطب التي تُسمع فيها يمكن أن توحي للشباب ذوي العقلية الثائرة. “تسمع في الدعاء: “اللهم أعن المجاهدين على النظام الظالم في سوريا”، يجب أن يؤخذ في الحسبان في كل دعاء أن شابا في سن العشرين يمكن أن ينجر وراء ذلك بعيدًا. هذا صحيح ليس فقط فيما يخص عرب إسرائيل، بل أوروبا أيضًا وفي كل مكان، نحن جزء من العالم”.

أحمد حبشي (Facebook)
أحمد حبشي (Facebook)

د نهاد علي، عالم اجتماعي من جامعة حيفا، كلية الجليل الغربي، يذكر أن أحد عوامل الظاهرة هو المعارضة لنظام الأسد من الإخوان المسلمين وحليفتها أيديولوجيا في إسرائيل، الحركة الإسلامية. أما من كان حسب تعبيره “فريسة سهلة” للتجنيد فهم مَن تعلموا خارج إسرائيل، وعانوا من الوحدة والتقوا بمؤيدي التنظيم. يتفق علي والمعلم من المثلث أن الانضمام لداعش يمكن أن يجذب من يرى فيه دمجًا ما بين الجهاد المقدس من أجل الإسلام وبين اختبار للرجولة.

تقول عائلة نصر الله إن ابنها قد اتبع مؤخرًا أسلوب حياة متديّن وقوي إيمانه بعد أن فقد صديقًا مقربًا مات بسبب مرضه، لكنه كما عرفوا عنه لم يكن معرض إلى تأثير إلى حد كبير بحيث يجعله يغادر البيت. حسب قولهم، وضْع ابنهم النفسي لم يجعله يتخذ القرار عن وعي كامل.

في 18 من نيسان، هذه السنة، يقول نصر الله، خرج ابنه إلى رحلة للترفيه في طبريا ومعه 3000 شاقل، جواز سفره وبعض الأغراض الشخصية. “في منطقة طبريا، انفصل عن أصدقائه قائلا لهم إنه مسافر للأردن”، قال الأب. “نحن لم نعرف بتاتا أنه خرج إلى هناك، وعندما توجهنا للشرطة تبين أنه قد قطع الحدود في معبر الشيخ حسين”. خرج أبناء العائلة إلى عمان في محاولة لإيجاد يوسف. حسب أقوال الأب، “قابلت ضابط استخبارات أردنيّ، الذي توقع أن يكون ابني قد صار في سوريا. سألت كيف يعبرون الحدود، لأن ابني لديه جواز سفر إسرائيلي، وتبين لي أن سائقي سيارات الأجرة يمكنهم أن يرتبوا لمن يريد دخولا مقابل 10-15 دينارا”. يعتقد والدا يوسف أنه انضم لتنظيم ما واعتقل فورًا بعد أن قطع الحدود، لكن ما من دليل قاطع على ذلك.

“نحن ندعو كل من يمكنه أن يساعدنا في إعادته لنا، لا مكان نبحث فيه عنه في سوريا أو في أي مكان آخر”، قالت أم يوسف، نهلة. أرسل أبوه قبل عدة أيام رسالة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، وطلب منه أن يتدخل من أجل ابنه. “في الجانب الإسرائيلي ليس لدينا من نتوجه إليه”، يوضح الأب، “توجهت لأبي مازن ولأعضاء الكنيست العرب، ربما سيساعدني ذلك في شيء ما”.

بينما تنتظر عائلة نصر الله أي بارقة أمل عن حياة ابنها، تنتظر عائلة أحمد الشوربجي من أم الفحم صدور الحكم في حق ابنها، الذي يمكن أن يصدر في تشرين الثاني. خرج أحمد الشوربجي إلى سوريا في كانون الثاني هذه السنة، مكث فيها ثلاثة أشهر فقط وبعدها ندم وعاد إلى إسرائيل. مع وصوله إلى مطار بن غوريون في 20 نيسان، اعتقلته الشرطة والشاباك، وأدين مؤخرًا في المحكمة المركزية في حيفا بتهمة الخروج غير القانوني إلى دولة عدوة والتدرب بالسلاح.

ربيع شحادة، "ابو مصعب الصفوري ابن مدينة الناصرة"، مواطن إسرائيليّ في صفوف داعش
ربيع شحادة، “ابو مصعب الصفوري ابن مدينة الناصرة”، مواطن إسرائيليّ في صفوف داعش

حسب ادعاء النيابة، فيما كان ماكثا في سوريا، اجتاز الشوربجي تدريبات عسكريّة شملت تشغيل سلاح خفيف، مدفعية ثقيلة، قنابل وقذائف آر بي جي. في البيان الذي نشره الشاباك بعد اعتقاله قيل إنه اشترك على أقلّ تقدير في معركتين ضد قوات الأسد، وخرج مع “الجهاد العالمي” في مناطق مختلفة في سوريا. تطالب النيابة بالحكم على شوربجي بالسجن الفعلي من سنتين إلى أربع سنوات، فيما يطالب محاميه حسين أبو حسين الاكتفاء بأشهر اعتقاله منذ عودته إلى إسرائيل.

قال قريب للعائلة هذا الأسبوع الذي قد عرف الشوربجي جيدا، إن انضمام شوربجي من ناحية أيديولوجية إلى داعش لم يكن مفاجئة: “لقد كان متديّنا جدا، كان يصلي كل الوقت ويقرأ الكتب الدينية. قبل أيام من اختفائه قال لعائلته إنه يريد أن يعتكف في المسجد القريب من بيته، لكن تبين أنه غادر إلى تركيا. حسب التفاصيل المعروفة للعائلة، سافر الشوربجي جوا لإستانبول، وبعد مرور عدة أيام خرج نحو الحدود السورية ووصل إلى منطقة إسكندرون، في الطرف الغربي من الحدود التركية السورية. بعد مرور أسبوعين أجرى اتصالا مع أبيه وأبلغه بأنه سيمكث في سوريا.

حسب أقوال قريب العائلة، طلب الشوربجي بداية الانضمام للمليشيا المعروفة “بجيش محمد”، لكن بعد مرور أسابيع انضم في ظروف غير واضحة إلى داعش. بعد أيام من ذلك، طلب منه حرق جواز سفره الإسرائيلي، وكل مستند آخر يثبت الهوية. لقد أوضح الشوربجي في التحقيق معه أنه خشي أن يُتهم من حزب الله بأنه جاسوس إسرائيلي. عندما قرّر العودة إلى إسرائيل، قطع الحدود التركية بمعاونة مهربين وأجرى اتصالا مع أبيه الذي سافر إلى تركيا. بعد أن نجح الأب في استصدار جواز سفر له عاد الاثنان جوا إلى مطار بن غوريون واعتقل الابن.

مقاتل من جماعة داعش في سوريا (AFP)
مقاتل من جماعة داعش في سوريا (AFP)

يذكر المحامي أبو حسين أن موكله دعي إلى محادثة استيضاح مع الشاباك، إذ يبدو أن رجال المنظومة الأمنية عرفوا عن نيته الخروج إلى سوريا، وأضاف أن الشوربجي قد أجرى اتصالا مع أحد رجال المنظومة الأمنية وطلب منه المساعدة في العودة إلى البلاد. ذكر محامي الدفاع كذلك حالتين إضافيتين، عن شبان من أم الفحم وقرية المشيرفة، الذين خرجوا لسوريا سابقا، وعادوا إلى إسرائيل ولم يعاقبوا. حسب تعبيره، يبدو أن دولة إسرائيل غير متلهفة لمنع انتقال الشباب لسوريا، وعلى عكس دول أخرى في العالم لم تعلن عن داعش تنظيمًا إرهابيًّا: فقط في الشهر الماضي اعتبره وزير الدفاع “تكتلا غير مسموح به”.

في موقع الشاباك، إلى جانب قصة الشوربجي، مذكورة تفاصيل المخاطر المتعلقة في خروج عرب إسرائيل إلى سوريا: نشاطهم في دولة فيها جهات معادية لإسرائيل، تدريبات عسكريّة، إلى جانب تعرضهم لأيديولوجيا دينية متطرفة وإمكانية استغلال المغادرين لعمليات عسكرية أو للحصول على معلومات عن أهداف فيها. مقابل ذلك، قال ضابط استخبارات رفيع يتابع ما يجري في المجتمَع العربي هذا الأسبوع لصحيفة “هآرتس”: “نحن لا نتحدث عن ظاهرة واسعة النطاق تحظى بالتأييد- والدليل على ذلك أن أيا من العائلات لم تبد تأييدها العلني لما حدث. كذلك، ليست الأعداد كبيرة، وهذا يوضح عدم اتخاذ الإجراءات، مما يعني من ناحية القانون أنه كان في الأمر صعوبة ما دامت داعش لم تعرّف تنظيمًا إرهابيًّا”. حسب تعبيره، “نحن نفحص الأمر، لكني لم أكن لأقول إن هذه هي الإشكالية الأكثر إقلاقا من ناحية المنظومة الأمنية.

تم نشر المقال لأول مرة على موقع صحيفة هآرتس

اقرأوا المزيد: 1313 كلمة
عرض أقل
مصحف القرآن الكريم (Flash90/Abed Rahim Khatib)
مصحف القرآن الكريم (Flash90/Abed Rahim Khatib)

ما هو المسار الذي يمر به مواطن إسرائيلي ينوي اعتناق الإسلام؟

يُفترض أن تكون العملية قصيرة نسبيًا، ولكن الأشخاص المطلعين على الأمر قالوا إنه في حالات عديدة الكثير من اليهود الذين ينوون تغيير دينهم تواجههم عقبات وضغوطات من الجهات الدينية

على المواطن الإسرائيلي الذي تجاوز سن 18 عامًا والذي يريد اعتناق الدين الإسلامي أن يتوجه إلى أقرب محكمة شرعية من مكان سكنه، وهناك عليه أن ينطق أمام القاضي بالشهادة- وهي تصريح بوحدانية الله ورسوله. كلمات الشهادة هي: “لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله”. يعتبر النطق بالشهادة والتصريح بها من “أركان الإسلام الخمسة”، الأركان الخمس الأساسية المفروضة على كل مسلم. يصرح الشخص الذي ينوي اعتناق الإسلام، إضافة إلى ذلك، أنه يقبل على نفسه الالتزام بالفرائض الدينية المختلفة التي ستُفرض عليه من الآن فصاعدًا. يسجل القاضي تلك الأمور أمامه ويعطيه وثيقة.

يتوجه الشخص الذي ينوي اعتناق الإسلام، في المرحلة الثانية، إلى وحدة الطوائف المسيحية والتحوّل عن الدين، التي في وزارة العدل، ثم يقدم طلبًا لتغيير دينه وينتظر الموافقة. رسميًا يُفترض أن تكون تلك العملية قصيرة. إلا أن الجهات المطلعة على الموضوع قالت إنه في حالات عديدة يواجه الكثير من اليهود، الذين يُقبلون على تغيير دينهم، عقبات كثيرة مثل تأخير طلبهم والضغط عليهم من قبل جهات دينية تطالبهم بتغيير رأيهم. هذا، بخلاف ما يحدث للمسيحيين الذين يُقبلون على اعتناق الإسلام أو المسلمين الذين يرغبون باعتناق المسيحية.

كنيسة القيامة في القدس وخلفها قبة الصخرة (Miriam Alster/FLASH90)
كنيسة القيامة في القدس وخلفها قبة الصخرة (Miriam Alster/FLASH90)

أضافت تلك المصادر القول إنه من ناحية دينية من يتحوّل عن دينه يُعتبر أنه لا يزال يهوديًا وحالته الرسمية المسجلة هي “مزدوج الدين”. حسب أقوالهم، “لا تتخلى اليهودية عن أبنائها بسهولة”. وأضافت تلك المصادر أيضًا أن أبناء المرأة اليهودية التي تعتنق دينًا آخر يُعتبرون “مزدوجي الدين”.

حسب أقوال الشيخ محمد كيوان، إمام قرية مجد الكروم ورئيس هيئة الأئمة المسلمين في إسرائيل، على الشخص البالغ الذي ينوي اعتناق الدين الإسلامي أن يُثبت أنه قام بهذه الخطوة بإرادته الحرة وأن الدافع وراء هذا القرار هو ديني وليس غير ذلك، مثل أن يكون السبب هو الزواج من فرد مسلم. يُفترض كذلك أن يكون صحيح العقل ومدركًا لأفعاله. أضاف الشيخ كيوان وقال إنه لا يُفرض على الشخص الذي يرغب باعتناق الإسلام أن يكون قد تعلم الدين والقرآن إنما يُفضل أن يعرف أسس الدين.

سُجلت في إسرائيل، وفق معطيات وزارة العدل، منذ شهر كانون الثاني الأخير وحتى شهر تموز الأخير (2014)، 63 حالة تحوّل أشخاص عن الدين اليهودي واعتناق دين آخر. بالمُقابل, سُجلت من كانون الثاني وحتى شهر تموز الأخير 19 حالة تحوّل من الدين الإسلامي إلى دين آخر.

صلاة الجمعة في ساحة الأقصى في شهر رمضان (Sliman Khader/Flash90)
صلاة الجمعة في ساحة الأقصى في شهر رمضان (Sliman Khader/Flash90)

قال المحامي يوسي هارشلر، وهو مسؤول خبير بشؤون الطوائف المسيحية وتغيير الدين في وزارة العدل، إنه تمت في عام 2011؛ في إسرائيل، إجازة 423 عملية تحوّل عن الدين والتي ليست اعتناق للدين اليهودي – كان ثلث تلك الحالات (34%) من اليهودية لأديان أُخرى. وفق كلام المحامي هارشلر، كانت من بين مجموعات حالات تغيير الدين التي أُجيزت في عام 2011، أعلى نسبة تغيير دين من “غير متدين” إلى دين آخر (41%).

وجاء عن تصريح لوزارة العدل أن “الادعاءات التي تتعلق بتأخير طلبات اليهود الراغبين بالتحوّل عن دينهم، تلك الادعاءات المأخوذة عن جهات مجهولة، هي ادعاءات كاذبة. يتم النظر بكل الطلبات المتعلقة بتغيير الدين، ولا يهم من أي دين لأي دين، بما يتناسب والقانون والإجراءات المعمول بها في هذا الخصوص دون تمييز”.

نُشرت هذه المقالة لأول مرة على موقع صحيفة هآرتس

اقرأوا المزيد: 471 كلمة
عرض أقل