عندما تعلّم رام راحوم لغة البرمجة بايثون بحث عن وسيلة لإضفاء الطابع المهني وربما أيضًا لإنشاء شيء يساعد الآخرين الذين يجدون صعوبة في تعلّم هذه اللغة. راحوم هو مبرمِج مواقع محترف، قرّر استعادة أمجاد لغة لوجو التعليمية وأنشأ ‏Python Turtle، بيئة مفتوحة المصدر لتعليم بايثون. وقد اكتشف مؤخرا، بعد مرور ستّ سنوات، بأنّها وصلت إلى مكان غير متوقع؛ إلى النظام التعليمي في السعودية.

“بدأت بتعلّم بايثون ورأيت كم هو صعب تعلّمها. رأيت بعض الأمور التقنية التي يجب معرفتها قبل البدء بدراسة هذه اللغة”، كما يقول لصحيفة “هآرتس”. “تذكّرت لغة اللوجو وقلت هيّا نقوم بشيء مماثل. ظننت أنّ ذلك سيكون جيّدا جدّا بالنسبة لي أن أقوم بمشروع يعمل ويساعد الناس”.

“كل فكرة لغة اللوجو هي تعليم وتقريب التلاميذ من موضوع البرمجة. في برمجة “السلحفاة” (Python Turtle) حاولت أخذ نفس الفكرة ولكن أن أعلّمهم لغة حقيقية، وأن أقرّبهم من شيء عملي يمكن أن يساعدهم في مواصلة حياتهم المهنية”، كما أوضح.

المطوّر الإسرائيلي رام راحوم (facebook)
المطوّر الإسرائيلي رام راحوم (facebook)

Python Turtle‏ هي واحدة فقط من مبادرات عديدة لتعزيز البرمجة والتي وُلدت على خلفية الأهمية المتزايدة للبرمجيات في حياتنا والحاجة المتزايدة للمبُرمِجين في سوق العمل. يمكن، من بين أمور أخرى، العثور على مبادرات مثل “ساعة من البرمجة” في المدارس والتي قامت في الولايات المتحدة، والتي لم تنجح بعد محاولة جلبها إلى البلاد. في المقابل، هناك أيضًا البرامج المختلفة المخصّصة للتسهيل في دخول هذا المجال.

حظيت Python Turtle باحترام كبير في حدّ ذاتها. في السنوات الستّ الأخيرة لها سُجّل على الأقلّ 100 ألف تحميل وقال راحوم إنّه قد تم التواصل معه في الماضي بخصوصها. على سبيل المثال لا الحصر من مدرسة في أستراليا تقوم باستخدام هذا البرنامج. أيضًا معلمّ من بريطانيا ومستخدمون من جنوب إفريقيا قاموا بالتواصل معه.

ولكنه لاحظ في كانون الثاني الماضي أمرا غريبا. حدثت في ذلك الشهر قفزة في تحميل البرنامج في السعودية تحديدا، وتكررت هذه الظاهرة في شهر كانون الثاني من هذا العام. في كلتا الحالتين، لم يكن يعلم ماذا يحدث حتى تواصل مؤخرا مع معلم من السعودية، من أجل الحصول على ملاحظات حول البرنامج. قال له ذلك المعلم إنّ البرنامج دخل بشكل رسمي للنظام التعليمي في البلاد، ويُستخدم في 4,000 مدرسة.

لم تجب وزارة التربية السعودية بعد على سؤال “هآرتس” بهذا الشأن، وأيضا بمساعدة جوجل ليس من السهل جدا العثور على تقارير تؤكد ذلك، ولكن مع ذلك هناك تقرير حول تأهيل المعلّمين في موقع لمجلة سعودية في موضوع التعليم وتقرير في موقع منتديات عن كون البرنامج في قائمة البرامج التي دخلت إلى البرنامج الدراسي.

يُمكن النظر إلى حالة راحوم كمثال آخر على برمجية مفتوحة المصدر تكسر الحواجز والحدود. ولكن، هذا الأمر اليوم أقلّ مفاجأة. إنّ النظرة التي كانت يوما من الأيام خاصة بالمثاليين، غزت التيّار المركزي في السنوات الأخيرة.

“كل برنامج تتم كتابته اليوم يكون مستندا بشكل أو بآخر على برمجية مفتوحة المصدر”، كما قال راحوم. “جميع الشركات الكبرى تقوم بمشاريع مذهلة في البرمجيات مفتوحة المصدر وتساهم في المجتمع مجدّدا. أصبح ذلك مثل رمز للحالة. فهذا يبعث شعورا بأنّها شركة جادّة، تقريبا مثل مليونير يساهم في أهداف مختلفة”.

كانت الردود التي تلقّاها راحوم إيجابية في معظمها، ولكن أحد المعلّقين في فيس بوك كتب مازحا: “في المرة القادمة عندما يقوم قراصنة سعوديون بإسقاط موقع وزارة الداخلية، تذكّر أنّ ذلك كان بفضلك قليلا”.

ولكن راحوم يقول إنّه لم يكن يفكّر في تقييد نشر البرنامج. “أعتقد بأنّه ليس هناك الكثير ممّا يمكن فعله. تضع شيئا ما في الإنترنت ويدخل إليه الناس، لا يمكنني القيام بالتصفية. الردّ الذي كنت سأحصل عليه من عالم البرمجة المفتوحة هو أن تتمّ مقاطعتي وسيُقال بأنّني أنا من بدأت بنوع من المقاطعة منذ البداية”.

نشر هذا المقال للمرة الأولى في‏‎ ‎‏صحيفة ‏‏‎”‎‏هآرتس‏‏‎‏‏‏‏‎“‎‏‏

اقرأوا المزيد: 554 كلمة
عرض أقل