عاموس يدلين (Hadas Parush/Flash90)
عاموس يدلين (Hadas Parush/Flash90)

“لم نشهد شهر أيار خطيرا إلى هذا الحد منذ عام 1967”

رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي السابق، ورئيس مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي الرائد في إسرائيل يحذر: إيران تخطط لتنفيذ عمليات انتقام ضدّ إسرائيل

22 أبريل 2018 | 16:03

تطرق رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، اللواء في الاحتياط، عاموس يدلين، اليوم (الأحد) صباحا، إلى التوتر الأمني الذي تتعرض له إسرائيل من جهة إيران وحماس في ظل الهجوم المنسوب إلى إسرائيل على قاعدة عسكرية إيرانية في سوريا. في مقابلة معه لموقع الأخبار الإسرائيلي YNET، قال يدلين: “عندما أنظر إلى شهر أيار، أقول إننا لم نشهد شهرا خطيرا إلى هذا الحد منذ عام 1967.  ترتكز كل التهديدات في شهر أيار القادم. فهي تتضمن القضية الإسرائيلية – الإيرانية، الرد الإيراني، وقرار ترامب بشأن الاتفاق مع طهران، وكذلك “مسيرة العودة الكبرى” الفلسطينية في 15 أيار”.

أوضح يدلين الذي يشغل منصب رئيس معهد أبحاث الأمن القومي (“INSS”) قائلا: “هناك عدة إمكانيات لدى إيران للإضرار بإسرائيل: إطلاق صواريخ من إيران أو سوريا، تنفيذ عملية على الحدود مع لبنان أو على الحدود مع سوريا، والإمكانية الأخيرة هي تنفيذ عملية خارج البلاد. قد تنفذ إيران عملية في السفارات الإسرائيلية أو ضد السياح الإسرائيليين مثلما حدث في بلغاريا قبل عدة سنوات. يفكر الإيرانيون في إمكانيات مختلفة، ويختارون الأنسب لهم”.

وأشار يدلين إلى أن “إيران ليست قادرة عسكريا على تهديد كيان دولة إسرائيل”. رغم هذا لافت إلى أنها: “ما زالت قادرة على الإضرار بإسرائيل، مقترحا التفكير في هذا تفكيرا جديا”.

وتحدث يدلين عن عدم الاكتراث الإسرائيلي الذي أدى إلى الفشل قبل يوم الغفران: “في مراسم الاحتفال بيوم الاستقلال الأخير، تذكرت مراسم يوم استقلال الدولة في عام 1967″، كان الجميع راضيا ولم ينتبه إلى العملية التي أدت إلى الحرب. عندما يتحدث رؤساء الدولة عن إسرائيل كدولة عظمى، أتذكر الفترة ما قبل حرب الغفران. لهذا علينا أن نكون أكثر تواضعا، حذرا، ونعرف كيف تسير الأمور”.

وقال يدلين فيما يتعلق بتهديدات الجمهورية الإسلامية لتخصيب اليورانيوم مجددا في حال انسحاب أمريكا من الاتّفاق النوويّ: “يشكل انسحاب ترامب من الاتفاق النووي قرارا هاما لدى الإيرانيين. إذ ربما سيفكرون في تأجيل العمل ضد إسرائيل بعد أن يعرفوا ماذا سيعمل ترامب، لأن أكثر شيء لا يرغب الإيرانيون في حدوثه هو أن تعمل إسرائيل والولايات المتّحدة معا ضدهم”.

اقرأوا المزيد: 306 كلمة
عرض أقل
وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان داخل طائرة F-35
 (Ariel Hermoni/Ministry of Defense)
وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان داخل طائرة F-35 (Ariel Hermoni/Ministry of Defense)

هل على إسرائيل التدخل في الحرب السورية؟

إن صورة الوضع العسكري والدبلوماسي في سوريا من وجهة نظر إسرائيل تطرح السؤال إذا كان على إسرائيل التدخل أكثر في سوريا أو العكس

وفق تقديرات معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (‏INSS‏)، بعد مرور أكثر من 6 سنوات على الحرب الدامية، قتل نحو نصف مليون شخص معظمهم مواطنون سوريون، ومليون لاجئ ونازح، هناك تقديرات متزايدة لانتهاء الحرب الأهلية السورية قريبا، ولكن سياسة إسرائيل بالنسبة للشرخ السوري ما زالت غامضة.

في صورة الوضع العسكري الحالي في سوريا، تحتل روسيا مكانة هامة حيث إنها منذ أيلول 2015 قررت التدخل عسكريّا، لمنع سقوط حكم بشار الأسد. بعد السيطرة على مدينة حلب، حقق “الائتلاف الموالي للأسد” نجاحات عسكرية. بالمقابل، تدفع القوات الأمريكية قدما حربا لتحرير الرقة، عاصمة الدولة الإسلامية في سوريا.

في كل هذه العمليات العسكرية، لم تشارك إسرائيل بشكل فعال وعلني وفضلت الوقوف بعيدا إلى حد معين. ولكن هذا الابتعاد يؤثر أيضًا في مكانتها في المعركة الدبلوماسية التي تدور حول سوريا.

في الأشهر الأخيرة، بُذِلت جهود سياسية بقيادة روسيا لتحقيق تسويات تشمل وقف إطلاق النار بشكل مستقر، كخطوة نحو تصميم وجه سوريا ونظامها في المستقبَل. إلى جانب روسيا التي تؤدي دورا رئيسيا، هناك أيضا مصالح لدى تركيا، إيران، وأمريكا.

ولكن في ظل النجاحات الروسية في سوريا، وتحسين مكانتها إقليميا، يتوقع معهد أبحاث الأمن القومي أن موسكو ستطمح إلى التوصل إلى تسويات مع أمريكا وزيادة التنسيق معها للحفاظ على النظام العلوي في سوريا. يمنح الأمريكيون الروس إمكانية إدارة عملية التسوية في سوريا، في حين يتقدمون في جهودهم لهزيمة “الدولة الإسلامية” وتنظيمات سلفية جهادية تابعة للقاعدة، من خلال شن هجوم جوي مكثّف.

دبلوماسيّا، إيران تواجه وضعا حساسا ويبدو أن هناك تناقض في المصالح بينها وبين حليفتها روسيا. فهي لا تنظر نظرة جيدة إلى الدور المركزي الذي تؤديه تركيا في النقاش حول مُستقبل سوريا. بالإضافة إلى ذلك، ليست راضية عن سياسة روسيا فعليا – تقسيم المناطق، بين قوة مُسيّطرة في أرض الواقع وبين استقلالية وإقامة قوة فدرالية فعلية (مثلا، الأكراد في شمال سوريا، أو السنة في منطقة إدلب). تعمل إيران على بسط سيطرة الأسد في مناطق إضافية وما زالت تسلح حزب الله، في الوقت الذي تتعاون فيه مع سوريا.

السؤال هو: استنادا إلى تحليل الوضع المذكور أعلاه، هل على إسرائيل أن تزيد من تدخلها في سوريا؟ قال رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مؤخرا في سياق شن هجوم إسرائيلي علني في سوريا:  “سياستنا متسقة للغاية. عندما نشخص محاولات لتحويل أسلحة متقدمة إلى حزب الله ولدينا المعلومات الاستخباراتية والقدرات العملياتية نعمل من أجل إحباط ذلك. هذا ما فعلناه سابقا وهذا ما سنفعله. إصرارنا قوي والدليل على ذلك هو أننا نعمل ويجب على الجميع أن يأخذوا ذلك بعين الاعتبار”. وفق أقوال نتنياهو، يبدو أن التقديرات الإسرائيلية هي أن ميزان القوة في سوريا يتغير ويعمل عكس مصالحها، ولذلك قد تزيد من تدخلها في التطورات في سوريا.

يحذر المحلِّلون من أن على إسرائيل العمل لتجنب زيادة قوة حزب الله في منطقة حدودها، ولكن من دون زعزعة علاقاتها الخاصة مع موسكو ودون تصعيد الأوضاع على الحدود في الشمال.

نُشرت هذه التقديرات مؤخرا في معهد أبحاث الأمن القومي (INSS).

اقرأوا المزيد: 444 كلمة
عرض أقل
الرئيس المصري الإخواني المعزول محمد مرسي (AFP)
الرئيس المصري الإخواني المعزول محمد مرسي (AFP)

تقديرات إسرائيلية: الإخوان المسلمون لن يعودوا إلى الحكم في مصر مُجددا

معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي الرائد (INSS): العلاقات بين إسرائيل ومصر لم تكن في يوم من الأيام أفضل مما هي عليه الآن

ينشر معهد أبحاث الأمن القومي في إسرائيل، سنويا، “تقديرات استراتيجية من أجل إسرائيل”. من بين المواضيع البارزة في هذا العام، الوضع الراهن في مصر والعلاقات بينها وبين إسرائيل.

يحظى التقرير الذي قُدّم إلى رئيس الدولة، باهتمام كبير في أوساط السياسيين، العسكريين، ورجال الاستخبارات، وإعلاميين في إسرائيل. تضمن التقرير هذا العام تقديرا مثيرا للاهتمام للباحث إفرايم كام حول الوضع في مصر.

كُتبَ في التقرير “حاليا” الخطر الذي يُشكّله الإخوان المسلمون على نظام الحكم واحتمال عودتهم إلى الحكم ليسا خطيرين. “صحيح أن انتخابات عام 2012 عندما وصل الإخوان المسلمين إلى الحكم قد أثبتت أن لديهم احتمال كبير للحصول على دعم، ولكن جزءا من هذا الدعم قد تلاشى والخطوات المضادة التي اتخذها النظام أضعفتهم بشكل ملحوظ”، جاء كذلك.

فيما يتعلق باتهامات نظام السيسي لإمكانية تورط الإخوان المسلمين في الإرهاب يقول الباحث: “من الصعب تقدير مدى تورط الإخوان المسلمين في الإرهاب بصفتهم تنظيما، وتحديد مدى مصداقية اتهامات النظام، ولكن ربما مارس أعضاء في التنظيم إرهاب الأفراد أو انضموا إلى تنظيمات إسلامية نشطة في شمال سيناء وفي مناطق مدينية”.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (AFP)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (AFP)

أما بالنسبة لفرص بقاء السيسي في الحكم، يُقدّر كام أن هناك عدة عوامل تعمل لصالح الرئيس المصري: “وصل السيسي إلى سدة الحكم بفضل الدعم العام، وحتى إذا تلاشى هذا الدعم جزئيا، ما زال هناك أمل في مصر أن يكون السيسي قادرا على تحسين الأوضاع. بالإضافة إلى ذلك، فإن الجيش هو الجهة السياسية القوية في الدولة، ورغم الانتقادات ما زال يدعم السيسي. على أية حال، وحَّد عام من الفشل من حكم الإخوان المسلمين معظم الجمهور ضد التنظيم وبات قليلون يرغبون في عودة النظام الإسلامي إلى الحكم”.

وبخصوص العلاقات بين مصر وإسرائيل، يقتبس الكاتب أقوال جهات إسرائيليّة تشهد أن “العلاقات بين البلدين لم تكن في يوم من الأيام أفضل مما هي عليه الآن”. وينسب الكاتب التقارب بين إسرائيل ومصر إلى التعاون في المجال الأمني: “تدعم إسرائيل بشكل فعال الجهود المصرية للقضاء على مراكز الإرهاب في سيناء، لا سيّما أنها سمحت بإدخال القوات العسكرية المصرية إلى سيناء.. وتساعد الجيش المصري من خلال نقل معلومات استخباراتية وربما هناك تعاون بين البلدين من خلال الآخرين”.

اقرأوا المزيد: 319 كلمة
عرض أقل
بنيامين نتنياهو وموشيه يعالون (Haim Zach/GPO/Flash90)
بنيامين نتنياهو وموشيه يعالون (Haim Zach/GPO/Flash90)

ما الذي يقف من وراء قرار نتنياهو؟

رئيس معهد أبحاث الأمن القومي يفسّر لماذا أصاب رئيس الحكومة حين اختار سحب القوات: "خطوة من جانب واحد أفضل من التسوية مع تنظيم إرهابي، وبالتأكيد من "تسوية سيّئة"

لماذا قرّرت إسرائيل سحب قواتها من قطاع غزة وإعادة نشرها؟ نشر رئيس معهد أبحاث الأمن القومي، اللواء الاحتياطي عاموس يدلين، اليوم (الإثنين) مقالا وصف فيه التغيير الاستراتيجي الكبير الذي نفّذته إسرائيل، حسب تعبيره، في نهاية الأسبوع ضدّ حماس في غزة، ويشرح لماذا كان هذا هو الحل الممكن الأفضل بالنسبة لإسرائيل في الوضع الراهن.

إنّ قرار السعي نحو وقف إطلاق النار من جانب واحد، سواء تم التوصل إليه باتفاق أو بخلاف ذلك من خلال تعميق القتال، كما يشرح يدلين، هو القرار الوحيد الذي يضع إسرائيل قُدمًا أمام حماس، ويخرج التنظيم الإرهابي واضعًا يده في القاع، ليس مهمّا ماذا سيختار أن يقوم به “فيما وراء إشكالية الاتفاق مع تنظيم إرهابي والدروس الإشكالية المستمدّة من تعزّز قوة حماس تحت أوضاع التسوية في الماضي”، كما كتب يدلين، وأضاف: “يبدو أنّه لا يمكن تحقيق تسوية جيدة/معقولة في ظروف استراتيجية تشعر فيها حماس أنّها خرجت من المعركة مع “قصة انتصار”.

حسب تعبيره، بالانتهاك الواضح لوقف إطلاق النار من قبل حماس يوم الجمعة الأخير، بإرسال إرهابي انتحاري ومحاولة اختطاف الجندي، سمحت حماس لإسرائيل بتغيير توجّهها الاستراتيجي واختيار بديل الذي هو على الأقل على المدى القصير يضع حماس في وضع استراتيجي صعب. عادت إسرائيل وفازت بالشرعية الدولية لعمليّتها، وعُرضت حماس مجدّدًا كتنظيم إرهابي غير موثوق، والذي ينتهك للمرّة السادسة وقف إطلاق النار الذي بادر إليه المجتمع الدولي وقبلته إسرائيل.

عاموس يدلين، رئيس الاستخبارات الإسرائيلية الأسبق، ورئيس المركز الإسرائيلي لأبحاث الأمن القومي في الحاضر (Gideon Markowicz/FLASH90)
عاموس يدلين، رئيس الاستخبارات الإسرائيلية الأسبق، ورئيس المركز الإسرائيلي لأبحاث الأمن القومي في الحاضر (Gideon Markowicz/FLASH90)

في الوضع الجديد الذي نشأ، كما يقول يدلين، تقول إسرائيل لحماس أربعة مقولات، والتي تعرض أمامها الوضع الاستراتيجي الجديد:

أ. جميع المطالبات التي خرجتم للمعركة من أجل تحقيقها ليست على جدول الأعمال بعد. بقيتم دون رفع الحصار، دون مطار وميناء، دون رواتب، دون إطلاق سراح الأسرى ودون إعادة إعمار غزة. حالتكم اليوم أسوأ بكثير مما كانت عليه عشية المعركة.‎ ‎

ب. بقيتم مع غزة مدمّرة، أزمة إنسانية، مئات كثيرة من القتلى، آلاف الجرحى وربع مليون لاجئ. أنتم مسؤولون عن “تسونامي الذي ضرب غزة” ولا تملكون أدوات مواجهته. سوف يحاسبكم الشعب في غزة، الذي وعدتموه بتحقيق إنجازات في الحرب، لأنه ليس بوسعكم توفيرها له دون تسوية.

ج. إذا استمريتم بإطلاق النار فإن إسرائيل تملك القوة المفضّلة وبكثير؛ وستستمرّ بضربكم، وهذه المرة ليس بضرب معسكرات التدريب الفارغة وإنما بهجمات مؤلمة على الأهداف الأهم لحماس. ستستمر قيادة حماس السياسية والعسكرية في العيش بالمخابئ تحت الأرض وستجد صعوبة في بثّ مزاعم ذات مصداقية حول انتصارات كاذبة.

د. بخلاف الجولات السابقة فإنّ إسرائيل ومصر تضمنان عدم قدرة حماس على النموّ وبناء قوّتها العسكرية من جديد.

قوات الجيش الإسرائيلي في غزة (IDF)
قوات الجيش الإسرائيلي في غزة (IDF)

ستدار المرحلة القادمة وفق الاستراتيجية التي ستختارها حماس. إذا اختارت الانضمام إلى وقف إطلاق النار من جانب واحد (بشكل مشابه لما حدث في “الرصاص المصبوب”)، ستحاول الحركة تعزيز التسوية لتخفيف الحصار المفروض على القطاع، وستحظى إسرائيل بالهدوء الذي سعت إلى تحقيقه. ستُدرس سائر الأهداف حول تعزيز الردع وإضعاف حماس؛ فقط مع مرور الوقت. من ناحية أخرى، إذا اختارت حماس الاستمرار بإطلاق النار على إسرائيل بشكل مكثّف، فسيتحدّى الأمر حكومة إسرائيل ويجبرها – في حالة عدم كفاية القصف الجوّي – على إعادة النظر في خيار تعميق العملية.‎ ‎‏ “قد تكون خطوة التعميق الكبير في هذه الحالة أكثر تخطيطا، أكثر مفاجأة، دون “الأهمية” التي كانت لمهمّة الأنفاق، وستستند على دروس التحقيق في الأسابيع الثلاثة الأولى من العملية”. هكذا يقدّر يدلين.

في النهاية يلخّص: “تفتح هذه الخطوة من جانب واحد لإسرائيل مجموعة واسعة من الخيارات. قد تستمرّ في ضرب حماس وإضعافها، وتعطي فرصة لوقف إطلاق النار وإقامة تهدئة مستمرّة، وتتيح صياغة تعاون دولي وإقليمي لمعالجة ملفّ غزة وتمكّن أيضًا من الوصول إلى تفاهمات وتسوية بواسطة المصريين مع السلطة وحماس… تشكل خطوة من جانب واحد كهذه بديلا أفضل من “التسوية السيّئة” التي تسعى حماس إليها في هذا الوقت”.

اقرأوا المزيد: 555 كلمة
عرض أقل
"احتمال حدوث انتفاضة ثالثة ضئيل جدًا" (FLASH 90)
"احتمال حدوث انتفاضة ثالثة ضئيل جدًا" (FLASH 90)

“احتمال حدوث انتفاضة ثالثة ضئيل جدًا”

سلسلة من المقالات الخاصة التي تستند على التقييم السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي.المقال الخامس من بين المقالات التي تتطرق، في اللحظة الحقيقية، إلى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. هل سيفشل كيري؟ وفي حال فشل - ما هي المرحلة التالية؟

تشير التقديرات  إلى أن إدارة أوباما – التي فشلت في دفع المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين قدمًا في فترة ولايته الأولى – سيولي اهتمامًا ثانويًا في فترة ولايته الثانية، إلا أنه يبدو أن أوباما وبضغط كبير عليه من وزير الخارجية، كيري، قد وافق على منح المفاوضات فرصة أخرى.

نجح إصرار كيري في أن يؤدي إلى تنازل الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني عن شروط مسبقة، وتم تخصيص تسعة أشهر لجولة المحادثات والتي ستنتهي في شهر نيسان 2014. يقدر معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أن احتمال نجاح المحادثات ضئيل: إن الفجوات بين الطرفين كبيرة، هنالك عدم ثقة متبادل على المستوى الأساسي: لا يؤمن الإسرائيليون أن الفلسطينيين سيوافقون على اتفاق يضمن أمن إسرائيل، إنهاء النزاع والشكاوى، والتنازل عن حق العودة للاجئين. أما الفلسطينيون فلا يؤمنون أن الإسرائيليين مستعدون فعلا إلى العودة إلى حدود عام 1967، والسماح لهم بأن تكون القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية.  يرى الفلسطينيون أن إسرائيل ترغب بمتابعة سيطرتها على الضفة الغربية بطريقة أخرى، وبعد الانسحاب أيضًا.

محمود عباس مع جون كيري (FLASH 90)
محمود عباس مع جون كيري (FLASH 90)

كان الاعتقاد الأمريكي أنه في حال تم التوصل إلى اتفاق بشأن الأمن، سيكون من الأسهل شق الطريق في القضايا الأخرى، على افتراض أن الأمر الأكثر ردعًا للرأي العام الإسرائيلي  لدعم الاتفاق هو عودة الإرهاب وتحويل الضفة الغربية إلى “غزة 2”. لذلك، فإن الجنرال جون ألين وطاقمه، الذين وضعوا الاقتراح الأمريكي حول الأمور الأمنية، قد أجروا محادثات مع الجانب الإسرائيلي تحديدًا. ولكن هذا التكتيك لم يثبت نجاعته حتى الآن: لم يبد الفلسطينيون تساهلا في مجال الترتيبات الأمنية وهو المجال الذي يعتبر الأقل إثارة للجدل، لذلك من الصعب التوقع أنهم سيتساهلون في مسألة الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة يهودية أو بحق العودة للاجئين.

تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن المفاوضات ستستمر حتى نيسان 2014. يترقبون في إسرائيل التحضيرات الفلسطينية “لليوم ما بعد” فشل المحادثات. إن تقديرات حدوث انتفاضة ثالثة مسلحة وعنيفة منخفضة، وخاصة بسبب تحفظ أغلبية الجمهور الفلسطيني من التوجه ثانية إلى طريق لم تؤدي إلى أي مكان وقد دفعوا تكاليف باهظة مقابلها. رغم ذلك، يبدو أن الفلسطينيين، برئاسة أبي مازن، يخططون إلى “انتفاضة سياسية”: التوجه إلى مؤسسات الأمم المتحدة، بما في ذلك، إلى المحكمة الدولية في لاهاي، التشجيع على مقاطعة إسرائيل، القيام باحتجاجات جماهيرية وغيرها.

رغم ذلك، من المرجح أن تكون السلطة الفلسطينية حذرة في إشعال “معارضة شعبية” من هذا النوع، وذلك بناء على خوف يستند إلى الربيع العربي، حيث قد يعمل الكثير من الجمهور ضد الزعامة الفلسطينية.

ماذا سيكون بالنسبة لغزة؟

في هذه المرحلة، يبدو أن إسرائيل، السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة قد تبنوا التوجه إلى أنه ستطبق الاتفاقيات التي يتم التوصل إليها في الضفة الغربية. رغم ذلك، لا يمكن تجاهل غزة إلى الأبد.

معرض عسكري لحماس في غزة (FLASH 90)
معرض عسكري لحماس في غزة (FLASH 90)

السياسية الحالية هي “استيعاب” حماس، غير أنه يصعب على إسرائيل فعل ذلك على ضوء الضغط الذي تشغّله مصر على الحركة، التي تنظر إليها على أنها حليفة للإخوان المسلمين. ضعفت حماس كثيرًا في الآونة الأخيرة، ولذلك ازداد تعلقها بإسرائيل. إضافةً إلى ذلك، هنالك تخوف من أن تعود إلى المواجهة بسبب الضائقة التي تواجهها. غير أنه في حال سقوط حكم حماس، بمساعدة المصريين، من الصعب ملاحظة أن السلطة الفلسطينية تنجح في تشيكل بدائل حكم أفضل.

ماذا ستفعل إسرائيل؟

الائتلاف اليميني الخاص بنتنياهو وحقيقة أنه ليس واثقًا من نوايا الفلسطينيين، يجعلان نتنياهو يقدم مواقف متصلبة في المفاوضات. رغم ذلك، وبناء على تفعيل ضغط أمريكي على نتنياهو، فقد يتساهل في مواقفه، بما في ذلك المواقف الحساسة.

صلاة جماعية في القدس ضد خطة كيري (FLASH 90)
صلاة جماعية في القدس ضد خطة كيري (FLASH 90)

الأمر الأهم بالنسبة لنتنياهو، على ما يبدو، هو اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية، بشكل يوضح أن الاتفاق يشكّل نهاية النزاع وليس محاولة أخرى للسيطرة على المنطقة.

 مقابلة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس:

اقرأوا المزيد: 537 كلمة
عرض أقل
صاروخ بالستي ايراني (AFP PHOTO/FARS NEWS)
صاروخ بالستي ايراني (AFP PHOTO/FARS NEWS)

“إيران على بُعد سنة عن القنبلة النووية”

سلسلة من المقالات الخاصة التي تستند على التقييم السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي. المقال الرابع: هل تخدع إيران العالم مجددًا أم إننا في الطريق إلى حل أزمة كبيرة بطرق سلمية

إذا اعتمدنا على أقوال عاموس يدلين، رئيس الاستخبارات الإسرائيلية سابقًا ومدير معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي حاليًّا، فإن بناء مُفاعل المياه الثقيلة في أراك وتطوير المسار الذي يستند إلى البلوتونيوم، ساعدا على اقتراب إيران من قدرة إحداث اختراق نحو السلاح النووي في وقت قصير. ستحتاج إلى أشهر قليلة حتى التوصل إلى منشأة نووية أولية، ونحو سنة للتوصل إلى سلاح قتالي.

مع تحويل المُفاعِل النووي في أراك إلى “ساخن”، لن يكون ممكنًا بواسطة وسائل عسكريّة إيقاف القدرة الإيرانية على الحصول على سلاح نووي، وخاصة بسب الضرر البيئي الكثير الذي سيحدثه الهجوم.

هذه التطورات إلى جانب الخوف من الهجوم الإسرائيلي على إيران، أدت إلى أن تفهم الولايات المتحدة والغرب حاجة التوصل إلى نقطة حاسمة: الهجوم عسكريًّا، تشديد العقوبات، أو التوصل إلى حل دبلوماسيّ.

أدّى وضع إيران الاقتصادي السيء في أعقاب العقوبات في حزيران عام 2013، إلى انتخاب حسن روحاني، المرشّح الأكثر “اعتدالا”، الذي دعا خلال الانتخابات إلى تليين موقف إيران في الشأن النووي وتحسين العلاقات مع الغرب. يعكس هذا التوجه فهمًا بأنّ المشروع النووي، الذي استثُمر فيه أكثر من مليار دولار حتّى الآن، تحوّل إلى عبء على إيران، قد يهدد صمود نظام الملالي.

حسن روحاني يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى الإيراني (AFP)
حسن روحاني يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى الإيراني (AFP)

واجهت الاتفاقية المرحلية التي وقعت مع إيران انتقادات لاذعة من الجانب الإسرائيلي ومن دول في الخليج. الادعاء هو أن الغرب أعرب عن استعداده للتوصل إلى اتفاق يبقي أمام إيران إمكانية إحداث اختراق نحو السلاح النووي خلال فترة قصيرة.

تهدف إيران إلى التوصل إلى إزالة العقوبات (ويبدو أنها تحقق نجاحات ليست بقليلة في هذا المجال) وإزالة إمكانية الهجوم العسكري، الأمريكي أو الإسرائيلي.

ماذا ستفعل إسرائيل؟

على إسرائيل أن تتخذ قرارات، وذلك لأن المشروع النووي الإيراني لديه قدرة خاصة على التهديد. أولا، من الواضح أنه ليست أمام إسرائيل في فترة المفاوضات إمكانية تفعيل الخيار العسكري. رغم ذلك، في حال اجتازت المفاوضات الفترة المخصصة لها، ستضطر الحكومة إلى التفكير بذلك ثانية. ولكن ماذا سيحدث إذا فشلت المفاوضات؟ هل ستنفذ إسرائيل فورًا الخيار العسكري أم إنها ستمنح وقتًا إضافيًّا لتشديد العقوبات (على افتراض أن نظام العقوبات لن يتفكك كليًّا حتى ذلك الوقت).

المقدم "أمير" وطائرة F16I في قاعدة حاتسيريم الجوية
المقدم “أمير” وطائرة F16I في قاعدة حاتسيريم الجوية

يبدو حتى الآن، أن السؤال المركزي الذي يتعيّن على إسرائيل مواجهته هو كيف يمكن أن تدفع الولايات المتحدة وسائر الدول العظمى، إلى عدم التنازل عن البنود الهامة في الاتفاق المستقبلي، التي ستمنع إيران من الوصول إلى القنبلة في وقتٍ قصير.

إن الطريق إلى ذلك، هي بواسطة الاستثمار في حوار استراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة وخاصة حول تحسين العلاقات مع الرئيس أوباما، هذا ما يقوله يدلين. إضافةً إلى ذلك، يتعيّن على إسرائيل الحفاظ على الخيار العسكري ضدّ إيران على الطاولة، في حل فشل كافة الوسائل الأخرى.

اقرأوا المزيد: 395 كلمة
عرض أقل
الرئيس الأمريكي باراك أوباما (AFP)
الرئيس الأمريكي باراك أوباما (AFP)

أوباما: الرجل الذي وحّد إسرائيل والعرب

سلسلة من المقالات الخاصة التي تستند إلى التقييم السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي. المقالة الثالثة: هل فقدت الولايات المتحدة اهتمامها بالشرق الأوسط؟ وكيف ساعد التحفظ من خطوات أوباما على التقارب بين إسرائيل والدول العربية؟

ركز الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في خطاب “حالة الاتحاد” السنوي، وهو خطابه السنويّ الأكثر أهمية، على المواضيع الاقتصادية والاجتماعية التي تُقلق الأمريكيين. بالمقابل، لم يكرّس سوى جزء صغير من خطابه للسياسة الخارجية. على سبيل المثال، لم يتم ذكر مصر حتى مرة واحدة، رغم التطوّرات الدراماتيكية التي حدثت فيها في الأيام التي سبقت الخطاب.

يتذكر الكثيرون الانفعال الذي تميّز به أوباما عند انتخابه، وخاصة، في خطابه المشهور الذي ألقاه في جامعة القاهرة، ذلك الخطاب الذي يبدو أنه لم يتبقَ منه الكثير. يستثمر الرئيس طاقته في البيت، داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فيما يبدو أنّ الأمور الأخرى تحظى بأهمية أقل. ورغم أن الرئيس ليس مسالمًا، فإنه يُفضل حل النزاعات دبلوماسيًّا، في كلٍّ من سوريا وإيران، وكذلك كل ما يتعلق بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

كابيتول الولايات المتحدة، بناء المقر الرئيسي للحكومة الأمريكية في العاصمة واشنطن (AFP)
كابيتول الولايات المتحدة، بناء المقر الرئيسي للحكومة الأمريكية في العاصمة واشنطن (AFP)

تسبب سلوك إدارة أوباما بالإحباط لدى حلفاء الولايات المتحدة التقليديين وبنشوء علاقات غريبة مثل العلاقة بين إسرائيل ودول الخليج، حيث وجد الجانبان نفسَيهما في جبهة واحدة ضدّ الأمريكيين، إذ شعرا بتجاهل مصالحهما لصالح محاولات التسوية مع إيران والإخوان المسلمين.

ولكن، يدّعي تقرير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن هنالك فجوة بين صورة الولايات المتحدة في الإقليم وبين تصرفها الفعلي. ففي حين تبدو صورتها كدولة عظمى تختبر عملية تراجع وانفصال عن المنطقة، ليس هذا هو ما يجري على أرض الواقع.

فوفقًا لما جاء في التقرير، تعود صورة الولايات المتحدة المترددة إلى خشيتها من استخدام القوة، حتّى في الحالات الحرجة، مثل سوريا، نظرًا لتجربتها المريرة في كلٍّ من العراق وأفغانستان. ويُنظَر إلى تصرف الولايات المتحدة في مواضيع مثل الربيع العربي وعملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين على أنه تصرف متردّدًا ومتلعثمًا.

هنالك سبب آخر للشعور بأن الأمريكيين “تنازلوا عن المنطقة”، وقد تطرق أوباما إليه بشكل خاص وبإسهاب في خطابه – فالتقديرات تُشير إلى أن التعلّق الأمريكي بالنفط الشرق أوسطي على وشك الانتهاء (وفقًا للتقديرات، يجري الحديث عن عام 2020).

منذ بدء الثورة المدنيّة في مصر في كانون الثاني 2011، وُجهت انتقادات إلى الولايات المتحدة، وخاصة من جهة الأنظمة المحافظة – الملكية في العالم العربي، لأنها ساعدت، على ما يبدو، على الإطاحة السريعة بالرئيس مبارك، ما أدى إلى صعود الإخوان المسلمين إلى الحكم. من وجهة نظر الحكام في دول شبه الجزيرة العربية، يُعتبر استسلام الولايات المتحدة لخلع الرئيس مبارك بمثابة نكث بالعهود من حليف، ما أثار لديهم تخوفًا من أنهم لن يكونوا قادرين في ظروف مشابهة من الاستناد إلى المساعدة الأمريكية للحفاظ على أنظمة حكمهم.

متظاهر مصري (AFP)
متظاهر مصري (AFP)

كون إدارة أوباما أقامت علاقة عمل مع مرسي وحكومته، وكان ردّها حازمًا على الانقلاب العسكري الذي أدى إلى إنهاء حُكم “الإخوان المسلمين”، لم يكن عاملًا مساعدًا في بناء الثقة مع نظام الحكم الجديد في مصر، ناهيك عن كونها أعاقت المساعدة العسكرية بمبلغ ربع مليون دولار.

يصعب على إسرائيل والخليج فهم تصرف الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بالشأن المصري، وكذلك في الشأن الإيراني. ويُقدَّر أنه رغم أنّ المملكة العربية السعودية وإسرائيل لا تمتلكان بدائل عمليّة للاتّكال على الولايات المتحدة في الشأن الأمنيّ، يبدو أنّ واشنطن تتعرّض لنقدٍ إقليميّ إلى حدٍّ ما، رغم إصرارها على استنفاد الخيار الدبلوماسي مع إيران.

أوباما ونتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض (AFP)
أوباما ونتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض (AFP)

يقدّر المعهد أنه في السنوات القادمة ستواجه الولايات المتحدة دولتَين منافستَين ناشطتَين في المنطقة: روسيا والصين، ورغم أن الدولتين تحاولان اكتساب مزيدٍ من النفوذ في المنطقة، إلا أنه لا يمكن الاستنتاج أنه قد انتهى العهد الأمريكي في الشرق الأوسط، فواشنطن لا تزال تنفق موارد هائلة في المنطقة، دبلوماسيًّا وعسكريًّا على حد سواء.

اقرأوا المزيد: 511 كلمة
عرض أقل
مظاهرة ضد بشار الأسد في جنيف (AFP)
مظاهرة ضد بشار الأسد في جنيف (AFP)

سر صمود الأسد

سلسلة من المقالات الخاصة التي تستند على التقييم السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي. التقرير الثاني في السلسلة: من سينتصر في سوريا؟

بعد مرور عامين منذ أن قدّر وزير الدفاع الإسرائيلي أن نهاية الأسد وشيكة – لا يزال الأسد حيًّا يرزق متربعًا على عرشه. بفضل من ما زال نظام الرئيس السوري قائمًا، وهل ستُحسم الحرب الأهلية السورية في العام القادم؟

 لقد تحوّلت الثورة الشعبية التي اندلعت في سوريا في شهر آذار من عام 2011 إلى حرب أهلية، ولا تبدو نهايتها قريبة. ليس بمقدور أي من الأطراف – قوات بشار الأسد ومختلف الأحزاب الثائرة ضده – السيطرة على الطرف الآخر. حتى في العام الثالث للثورة في سوريا، لا يزال النظام قادرًا على الاحتفاظ بالسيطرة على جزء كبير من مركز الدولة، في الوقت الذي يرتكز فيه على الائتلاف التقليدي الذي أسسه حافظ الأسد.

مظاهرة ضد بشار الأسد في جنيف (AFP)
مظاهرة ضد بشار الأسد في جنيف (AFP)

 يسلط التقرير الذي يحلل صورة الوضع الحالي في سوريا، والذي تمت كتابته من قِبل معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، الضوء على الجهات التي يسيطر بفضلها بشار الأسد يائسًا على النظام. أولا وقبل كل شيء، حسب ما ذُكر في التقرير – يتوجب على الأسد أن يتقدم بالشكر إلى الجيش السوري، الذي على خلاف الجيش المصري، لم يتخلى عن  النظام، على الأقل حتى الآن: “لقد التزم الجيش وخدمات الأمن بالولاء للنظام، رغم تسجيل نسب كبيرة من الانشقاق. الأمر مخيف، باعتبار أن الجيش في سوريا يرتكز على التجنيد الإجباري، بما معناه أن أصل معظم الجنود هو سُني”. رغم ذلك، فإن تقديرات المحللين هي أنه قد تمت تعبئة وحدات الجيش الهامة من قبل النظام بالجنود والضباط من أصل علوي، من أجل ضمان الولاء.

 يذكِّر التقرير أن أجهزة الاستخبارات ووسائل الإعلام في الغرب – وفي إسرائيل أيضًا، قد أخطأت في تقييم قدرة صمود النظام السوري. لقد كانت التقديرات في المرحلة الأولى من الثورة، من خلال تأثير الأحداث في مصر وتونس، أن نهاية الأسد باتت قريبة (كما ذُكر آنفا، لقد تنبأ وزير الدفاع الإسرائيلي في تلك الفترة، إيهود باراك، عام 2011 أن الأسد سينهار في غضون وقت قصير).

إن نجاحات الجيش السوري في الانتقال بسرعة من التأهيل لمواجهة الجيش الإسرائيلي، إلى مواجهة الثورة الشعبية، وفيما بعد إلى مواجهة الميليشيات، تمت بواسطة تأهيل مجدد للجنود وإنشاء ميليشيا علوية، بمساعدة من إيران وحزب الله، اللذين زوّدا النظام السوري بمساعدة قيِّمة عن طريق تقديم الاستشارة، التدريب، والمعدّات المناسبة.

 لقد نجح النظام، إذ كان الأمر كذلك، في الحفاظ على سيطرته على المركز، وخاصة على محور دمشق – حمص – منطقة الشاطئ، في حين سيطر الثوار على أراضٍ واسعة على الحدود، حيث يدور نزاع دائم على المدينة الهامة حلب، ويسيطر كل جانب على أجزاء منها.

النزاع على القصير – نقطة التحوّل – بفضل حزب الله

حسب ما تبدو الأمور الآن عليه في سوريا، يمكن فقط لتدخل خارجي أن يغيّر موازين القوى بين الأطراف، كما حدث فعلا في النزاع على القصير في شهر حزيران من عام 2013. التقديرات هي أن حزب الله قد أرسل إلى ساحة المعركة أكثر من ألف مقاتل، حاسمًا بذلك المعركة فعلا، وكابحًا الشعور بأن النظام سيلقى انتكاسة. رغم ذلك، إن الشعور الذي ساد بعد القتال في القصير، كما لو أن هذه هي نقطة تحوّل ستقود الأسد إلى النصر، قد تلاشى، من بين أمور أخرى بسبب الخسائر التي مُني بها حزب الله في القتال إلى جانب قوات الأسد، والضغوطات السياسية التي تم تشغيلها عليه من داخل لبنان، والتي أدت إلى اتخاذ قرار بتقليص تدخله في المعارك.

جنازة لأحد مقاتلي حزب الله في قرية خيام اللبنانية بعد مشاركته في الحرب السورية (ALI DIA / AFP)
جنازة لأحد مقاتلي حزب الله في قرية خيام اللبنانية بعد مشاركته في الحرب السورية (ALI DIA / AFP)

 لقد أكسبت قضية السلاح الكيميائي الأسد وقتًا إضافيًا: ثمة الآن مصلحة للجميع في ضمان صموده، من أجل التأكد من أنه يتم إجراء تفكيك منظم للسلاح الكيميائي، وأنه لا يقع في حوزة الجماعات الإرهابية. لقد تحوّلت إبادة السلاح الكيميائي، بذلك، إلى شهادة تأمين بالنسبة للنظام، لفترة محدودة على الأقل.

يقدِّرون في INSS أن الحرب الأهلية السورية ستمتد لوقت أطول وليس واضحًا حتى الآن، من سيكون في الجانب المنتصر: الأسد، الثوار، أم أنه سيتم إيجاد حل آخر: تفكيك سوريا على أساس طائفي. الإمكانية الأخرى هي امتداد الحرب أكثر فأكثر، في حين تنهار سوريا تمامًا.

اقرأوا المزيد: 589 كلمة
عرض أقل
عباس ونتنياهو في لقائهما عام 2010 (AFP)
عباس ونتنياهو في لقائهما عام 2010 (AFP)

“الجمهور الإسرائيلي سيدعم أي اتفاق يقترحه نتنياهو”

وفقًا لاستطلاع أجراه معهد أبحاث الأمن القومي، يؤيد نحو نصف الإسرائيليين الاتفاق الدائم مع الفلسطينيين الذي يرتكز على مبدأ حل الدولتين لشعبين، والأكثرية مستعدة للتنازلات الإقليمية الهامة

يشير استطلاع أجراه معهد أبحاث الأمن القومي (‏INSS‏) إلى أنه سيكون دعم جمهوري كبير للاتفاق السياسي. بموجب الاستطلاع، الذي تم عرضه في المؤتمر السنوي للمعهد، الذي عُقد اليوم (الثلاثاء)، سيصوّت نحو نصف الإسرائيليين (‏49%‏) إلى جانب الاتفاق الدائم مع الفلسطينيين الذي يرتكز على مبدأ حل الدولتين لشعبَين في حال تم طرحه لاستفتاء شعبي. سيصوّت 25%‏ من الإسرائيليين ضد الاتفاق، بينما 26% لا يعرفون أو أنهم ليسوا متأكدين.

عندما كان السؤال أكثر مفصلا واشتمل على تنازلات مهمة، فقد كان الدعم أكثر: رد ‏51%‏  من الإسرائيليين على السؤال إذا اقترحت حكومة إسرائيل برئاسة نتنياهو اتفاق يشتمل على إقامة دولة فلسطينية على مساحة 95% من أراضي الضفة والقطاع بما في ذلك الأحياء العربية في القدس، الاعتراف بإسرائيل كدولة الشعب اليهودي، الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية، الأحياء اليهودية في القدس والحي اليهودي في المدينة القديمة ووجود عسكري في غور الأردن، في الوقت الذي يعلن فيه الفلسطينيون عن نهاية الشكاوى والنزاع، وتتم إعادة اللاجئين إلى الدولة الفلسطينية فقط، ويكون جبل الهيكل تحت “سيادة الله”، أنهم سيصوّتون لصالح الاتفاق وأجاب 24%‏ أنهم سيعارضونه.

تظهر نقطة هامة أخرى من البحث، وهي استعداد الجمهور للتسويات الإقليمية وإخلاء معيّن للبلدات اليهودية في إطار الاتفاق الدائم. أجاب 54% من الجمهور الإسرائيلي أنهم مستعدون، في إطار اتفاق دائم، دعم إخلاء البلدات الصغيرة والمعزولة والتي ليست كتل استيطانية ويشكل هذا ارتفاع بنسبة 6% مقارنة بالاستطلاع الذي تم إجراؤه في عام 2012. رغم ذلك، يعتقد 34%‏ أنه لا ينبغي الإخلاء في أي حال من الأحوال ويشكل هذا هبوط بنسبة 2% مقارنة بالاستطلاع السابق. 12%‏ من المستطلعة آراؤهم مستعدون لإخلاء البلدات بما في ذلك الكتل الاستيطانية (كانت النسبة 15%  في الاستطلاع السابق).

عندما طرح السؤال “هل تدعم حل الدولتين لشعبين”؟، أجاب 23% من المستطلعة آراؤهم “بالتأكيد” وأجاب 40% “ندعم إلى حد كاف”. رغم ذلك، ورغم الاستعداد والدعم للاتفاق، يتضح أن الشعب الإسرائيلي يشكك بقدرة التوصل إلى اتفاق دائم. يقدّر 67% من الإسرائيليين أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين. ويقدّر 49% أن الفلسطينيين يريدون السلام.

أجري استطلاع “الأمن القومي والرأي العام” بين أوساط 1200 شخص، وهم يشكّلون شريحة ممثلة للسكان اليهود البالغين، ويُجرى الاستطلاع سنويًا.

تظهر صورة بين أوساط الفلسطينيين مماثلة للصورة التي تظهر بين أوساط الجمهور الإسرائيلي. وُجد في الاستطلاع الذي أجراه الدكتور خليل الشقاقي،  رئيس المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية (PSR‏)، لمركز المفاوضات التطبيقي في معهد أبحاث الأمن القومي، أن أكثرية الفلسطينيين يعارضون بدء انتفاضة ثالثة. عندما طُرح السؤال هل ستدعم انتفاضة ثالثة في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق أي كان في المفاوضات، فقد أجاب 54.5%‏ بالنفي، أما 43.7%‏  فقد عبّروا عن دعم الفكرة.

وفقًا لهذا الاستطلاع، يعارض 60% من الفلسطينيين الاتفاق المرحلي، الذي يتضمن إقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة، دون التوصل إلى اتفاق بشأن القدس، اللاجئين والحدود الثابتة. عبّر 38.2% عن دعم الاتفاق الدائم الجزئي.

يؤيد نصف الجمهور الفلسطيني في الضفة والقطاع المفاوضات مع إسرائيل، ولكن يعارض ما يزيد عن ثلاثة أرباع الجمهور الاتفاق الدائم الذي يشتمل على مرحلة انتقالية من عشر سنوات يبقى فيها الجيش الإسرائيلي في غور الأردن. 70% متفائلون فيما يتعلق باحتمال الترتيبات ويفترضون أن المحادثات ستفشل، ولكن أكثرية الجمهور (‏53%‏) يؤيدون فكرة حل الدولتين، ويعتقد 57%‏ أنه إذا توصل محمود عباس إلى اتفاق مع نتنياهو، ستؤيد الأكثرية من الفلسطنيين الاتفاق.

شمل الاستطلاع على 1,270‏ شخصًا، من خلال المقابلات وجهًا لوجه، وجرت في 127 موقعًا في الضفة والقطاع.

اقرأوا المزيد: 513 كلمة
عرض أقل
مظاهرة في ميدان التحرير (AFP)
مظاهرة في ميدان التحرير (AFP)

“الإخوان المسلمون لن يعودوا إلى السلطة في مصر”

سلسلة من المقالات الخاصة التي تستند إلى التقييم السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، والأولى تبحث مستقبل مصر السياسي ومن الرابحون والخاسرون بعد صعود السيسي

INSS: “لا شكّ بأنّ إسرائيل هي أحد الرابحين من تغيير السلطة في مصر”

يرسم تقييم الأوضاع السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي  الإسرائيلي، كل عام، حقيقة الأوضاع في الشرق الأوسط. يؤثّر هذا المعهد للدراسات المهمّ، والذي يترأسه الجنرال كبير التأثير، اللواء المتقاعد عاموس يدلين، الذي كان رئيسًا لقسم الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وتمتّع بمقربة كبيرة من مصادر المعلومات في إسرائيل، على الرؤية الاستراتيجية الإسرائيلية، بشكل كبير. وفي هذا السياق، تجمّع صحفيّون وباحثون كثر لسماع تقييم الأوضاع السنوي للمعهد، والذي يتنافس تقريبًا مع أجهزة الاستخبارات.

لن تكون هناك مفاجآت أخرى حول موضوع مصر والربيع العربي: ينسب المعهد الأوضاع السياسية الحالية للإخوان المسلمين، الذين ناضلوا على مدى عقود من أجل الوصول إلى السلطة، ولكن لم يعرفوا ماذا يفعلون  منذ لحظة وقوع الفرصة بين أيديهم: “الإخوان المسلمون لم يستغلّوا هذه الفرصة التي سنحت بين أيديهم لحكم مصر، وبفقدان الكفاءة والحكمة ساهموا في سقوطهم. والآن عليهم أن يقرّوا هل يندمجون في العملية السياسية، والتي يمكنهم التأثير فيها، غير أنهم لن يكونوا العامل الرئيسي، أم يندمجون في النضال العنيف والمشبع بالمخاطر عليهم وعلى بلادهم”.

محاكمة الرئيس المصري السابق محمد مرسي (AFP)
محاكمة الرئيس المصري السابق محمد مرسي (AFP)

ويستمر الوضع الاقتصادي في مصر، بحسب أقوال الباحثين، في أن يكون مفتاح النجاح أو الفشل لكل من يتزعم الدولة: “على الرغم من أنه في الأشهر الأخيرة من عام 2013 لوحظَ تحسُّن في الوضع الاقتصادي، ولكنه لا يزال صعبًا”.

إنّ مفتاح مستقبل مصر في السنوات القادمة، وفق تقييم المعهد، يكمن كما ذكرنا في السؤال: ماذا سيقرر الإخوان المسلمون أن يفعلوا. سيناريو يختار فيه “الإخوان” طريق الكفاح العنيف، حيث سيجبر الجيش على البقاء في السلطة وقتًا طويلا.

“لم تُبْنَ الديمقراطية في مصر تدريجيًّا خلال فترة من الوقت، من الأسفل إلى الأعلى، حيث إن الانتخابات الحرّة هي قيمة مهمّة في هذا المبنى، ولكنّها ليست القيمة الوحيدة. حين تكون القيم الجوهرية الأخرى مفقودة أو تشوبها العيوب، فتكون النتيجة عملية ديمقراطية سريعة قد تؤدّي إلى هزّات وعدم استقرار، وفقدان الضبط والتوازن، وإلى حالة يستخدم فيها الفائز وسائل ليست ديمقراطية لاضطهاد المعارضة”.

مظاهرة في ميدان التحرير (AFP)
مظاهرة في ميدان التحرير (AFP)

من الرابح ومن الخاسر؟

بادئ ذي بدء، وبشكل مفهوم مسبقًا، سيضرّ سقوط الإخوان المسلمين في مصر بفروع “الجماعة الأمّ” في كل أنحاء المنطقة، من تونس، مرورًا بالأردن، وصولا إلى حماس، التي يرى فيها النظام العسكري المصري عنصرًا إرهابيًّا وجزءًا لا يتجزّأ من الإخوان المسلمين، مشاركًا بشكل كبير بما يحدث داخل مصر، ومؤثرًا سلبًا في استقرارها.

الخاسر الإضافيّ، وفقًا للمعهد، هو إيران، والتي أملت بأن تعمل حكومة الإخوان المسلمين على تعزيز الإسلام السياسي في المنطقة، التقارب السنّي-الشيعي وتجديد العلاقات الدبلوماسية مع مصر، وهو الأمر الذي كان سيساعدها على تعزيز تأثيرها في المنطقة.

أما روسيا فهي من بين الرابحين، والتي دخلت إلى الصدع الذي تجنّبته حكومة أوباما، والتي دعمت في الواقع سلطة الإخوان المسلمين، و”راهنت على الفرس الخاسر”، وإسرائيل أيضًا، التي تقيم علاقات طبيعية مع الجيش المصري، وبشكل خاص في كلّ ما يتعلّق بالحرب على المجموعات الإرهابية المتطرّفة في سيناء. بل حاولت جهات مواليه لإسرائيل أن تساعد السيسي في واشنطن، ولكن بنجاح جزئيّ فقط.

http://www.youtube.com/watch?v=_ETI-mMFAUU

اقرأوا المزيد: 446 كلمة
عرض أقل