ظاهرة ثراء الإسرائيليين عبر التجارة الإلكترونية آخذة في الانتشار. على سبيل المثال، لم يظنّ “نير” يومًا أنه سيُمسي مُدير متجر إلكتروني، إذ كان الفضل في ذلك لزوجته. “قالت لي يومًا: (هذا الصندوق ملآن أغراضًا لا نحتاجها. تخلّص منها بالطريقة التي تشاء، على ألّا تبقى في البيت)”. طبعًا، لم يخطر في بالها أن تُدخِل هذه الأغراض الزائدة ما يقارب 13 ألف دولار أمريكي (48 ألف شاقل) إلى حسابهما المصرفي خلال ثلاثة أشهُر. فقد عرض نير الأغراض للبيع على موقع “إيباي” (eBay)، وكان هناك طلَب عليها. “في ذلك الوقت، كان المبلغ أكثر بكثير من راتبي لثلاثة أشهُر”، يخبر نير مُضيفًا: “وقد تمّ ذلك دون أيّ جهد منّي”.
خلال السنوات الأربع الأخيرة، ارتفع مدى تجارة الإسرائيليين في موقع إيباي وحده بنسبة 300%. فعام 2015، بيع مُنتَج إسرائيلي على الموقع كلّ أربع ثوانٍ كمعدّل، والأرقام في ارتفاع مستمرّ.
من أين أتى الإسرائيليون بفكرة التجارة عبر الإنترنت؟ “بسبب الحجم المحدود للسوق في إسرائيل، غياب النقل البريّ في الجوار، والأسعار الباهظة في إسرائيل، اعتاد الكثيرون من المستهلِكين في إسرائيل أن يشتروا بضائع من خارج البلاد عبر الإنترنت، تُرسَل إلى البلاد عبر البريد”. يقول خبير في التسويق، ويُضيف: “ميّز البعض الإمكانيات الكامنة في السوق الافتراضية النامية، وانتقلوا من الشراء إلى البيع”.
يعرض اليوم موقع “أمازون” على الذين يُتاجرون عبره أن يُدير لهم خدمات الخزن، التسويق، الإرساليات، والتزويد، مقابل نسَب مئوية من الأرباح. وكلّ ما عليهم فِعله هو أن يُديروا الصفقات عبر الكمبيوتر، فيما يُخطرهم تطبيق في الهاتف الخلويّ عبر رنّة قصيرة حين يُشتَرى أحد مُنتَجاتهم.

تروي رنا مصالحة من كفر قرع كيف نجحت في تحصيل ما يفوق راتب زوجها دون أن تفارق بيتها. فقد بحثت عن مصدر دخل أثناء إجازة الولادة، لينتهي بها الأمر مُديرةً لقوّة تجارية إلكترونية. تتراوح مداخيلها الشهرية بين 10 آلاف و12 ألف دولار. فهي تبيع كلّ شيء – من أحذية الأطفال وملابسهم إلى المنتجات الغذائية. وسرّ نجاحها هو فهمها المُنتَج الذي يريده المشتري. فحسب قولها، “يرغب الأمريكيون كثيرًا في شراء مُنتَجات محلية، لا تُنتَج في أمريكا، كزيت الزيتون والتمور”.
لكنّ هذا ليس سهلًا في البداية. فالتحدّي الأكبر، وفق الباعة الناجحين، هو تعلّم فعل ذلك بطريقة تُحافظ على رضى الزبائن. ففي التجارة الإلكترونية، سرعان ما تؤدي ردود الفعل السلبية إلى إغلاق المتجر الافتراضي وإلى خسائر كبيرة. “أغلقوا حسابَين لي في البداية، لأنني لم أكن محترفة كما يجب”، تروي رنا. ويختتم نير: “هذه عملية تتطلب الكثير من الصبر والمواظبة، تمامًا كإنشاء محلّ تجاريّ فعليّ. لا يحدث الأمر بين عشية وضُحاها”.