يهود أوروبا

مهاجرون إلى إسرائيل (Miriam Alster/Flash90)
مهاجرون إلى إسرائيل (Miriam Alster/Flash90)

الإسرائيليون يغادرون البلاد، والأمريكيون يهاجرون إليها

بلغ عدد السكان النازحين من إسرائيل الذروة، لكن بالمقابل الهجرة إلى إسرائيل من أوروبا وأمريكا تشهد ارتفاعا.. بين المهاجرين من أمريكا نجلة السفير الأمريكي لدى تل أبيب

في السنوات الماضية، بدأت تحدث عمليتان بالتوازي في المجموعة السكانية في إسرائيل. من جهة، يهاجر آلاف اليهود إلى إسرائيل سنويا من الدول الغربية، ويقيمون فيها. ومن جهة أخرى، تشهد البلاد موجة هجرة لأن الإسرائيليين يريدون العيش في دول أخرى، لا سيما في الدول الغربية.

ويتجسد تبادل السكان هذا في المعطيات الأخيرة التي نشرتها دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية. وفق معطيات هذه الدائرة، يتضح من الفحص الأخير الذي أجرته في عام 2015 أن تبادل الإسرائيليين الذين هاجروا البلاد والإسرائيليين الذين عادوا إليها وصل إلى ذروة مدتها ست سنوات.  ففي العام ذاته غادر البلاد 16.7 ألف إسرائيليّ، كان معظمهم عائلات بأكملها. في العام ذاته، عاد إلى إسرائيل 8.500 إسرائيلي بعد فترة طويلة من الانتقال للعيش لعام في خارج البلاد.

وفق دائرة الإحصاء المركزية، منذ قيام الدولة وحتى نهاية عام 2015، انتقل نحو 720 ألف إسرائيلي للعيش خارج البلاد ولم يعودوا أبدا، بما في ذلك مَن توفى أثناء هذه الفترة. تشير التقديرات إلى أنه يعيش خارج البلاد نحو 557 حتى 593 ألف إسرائيلي، لا يتضمن هذا العدد الأطفال الذين وُلدوا لوالدين إسرائيليين يعيشون خارج البلاد.

الشبّان الأمريكيون اليهود يتوقون إلى إسرائيل

بالمُقابل، شهد عام 2015 زيادة نسبتها %10 في عدد المُهاجرين الذين وصلوا إلى إسرائيل مقارنة بعام 2014. وكان معظمهم شبان. في عام 2015، كان نحو %50 من القادمين الجدد شبانا تصل أعمارهم حتى ثلاثين عاما. في السنة الماضية، هاجر إلى إسرائيل نحو ‏8,200‏ شاب عمرهم أقل من ‏19‏.

هبطت أمس في مطار بن غوريون في إسرائيل طائرة فيها 233 مهاجرا أمريكيا وصلوا بهدف العيش في إسرائيل. من بين القادمين، هناك 75 طفلا، 21 عائلة و 99 شابا وشابة عزاب، ومن بينهم 72 شابا وشابة وصلوا وحدهم دون عائلاتهم للتجند في الجيش الإسرائيلي.

وكانت ابنة السفير الأمريكي في إسرائيل، ديفيد فريدمان إحدى المسافرات اللواتي وصلن إلى إسرائيل من بين القادمين الآخرين الذين وصلوا أمس. قال السفير إن ابنته أرادت دائما أن تهاجر إلى إسرائيل، وإن “العائلة فخورة بها”. لا تعد ابنة فريدمان المواطنة الأمريكية الشابة استثنائية بين المُهاجرين إلى إسرائيل. فهناك آلاف آخرين يهاجرون من أمريكا وأوروبا الغربية إلى إسرائيل. في عام 2015، هاجر إلى إسرائيل نحو 10 آلاف من أوروبا الغربية، معظمهم من فرنسا.

اقرأوا المزيد: 335 كلمة
عرض أقل
مؤيدو حزب الليكود في إسرائيل (Noam Moskowitz)
مؤيدو حزب الليكود في إسرائيل (Noam Moskowitz)

العنصرية في إسرائيل تنفجر بعد الانتخابات

تصريحات عنصرية لفنّانين وأكاديميين خاب أملهم من فوز بنيامين نتنياهو في الانتخابات وفتحوا من جديد أحد الجروح التي تقسّم المجتمع الإسرائيلي: الصدع بين يهود أوروبا ويهود دول الإسلام

لدى معرفة نتائج الانتخابات في إسرائيل، كان هناك الكثيرون ممّن خاب أملهم بها. ورغم أنه كان يبدو أن بنيامين نتنياهو في طريقه إلى إخلاء ديوان رئيس الحكومة لصالح يتسحاق هرتسوغ، فقد فاجأ نتنياهو الجميع وحقّق فوزا كاسحا. لكن كان هناك من رفض قبول حكم الشعب.

أثبتت التصريحات أنّ العنصرية بين اليهود في إسرائيل وبين بعضهم البعض، بين القادمين من الدول الأوروبية والقادمين من الدول الإسلامية، لا تزال قائمة.

على مدى سنوات قام في إسرائيل تمييز ضدّ اليهود الذين تعود أصولهم إلى الدول الإسلامية. في أعقاب سنوات من التمييز وعدم المساواة في توزيع الموارد، فهؤلاء اليهود يكسبون مالا أقل، ولا يحصلون على تعليم جامعي مثل اليهود من أصول أوروبية.

البروفيسور الإسرائيلي أمير حتسروني: “لم يكن أمر سيّء ليحدث لو أنّ والديك ظلّا في المغرب وتعفّنا هناك”

اليهود “الشرقيون”، القادمون من العراق، المغرب، مصر، اليمن وإيران، معروفون في إسرائيل بكون الممارسات الدينية اليهودية أقرب إلى قلوبهم. فمن المعتاد في مجتمعهم احترام رأي الحاخامات والتردّد على الكُنس بشكل أكبر. وليس الأمر كذلك لدى اليهود القادمين من أوروبا، “الشكناز”، والذين معظمهم ليس متديّنا.

السياسي  الذي حاول استخدام هذا الصدع هو رئيس حزب شاس أرييه درعي، وهو يهودي متديّن من مواليد المغرب، وقد انطلق بحملة “شرقي يصوّت لشرقي”. في أفلامه الدعائية، انتقد درعي قائلا: “المكان الوحيد الذي فيه شرقيون أكثر من الشكناز (أي اليهود من أصول أوروبية) هو السجون”.

أريه درعي (Isaac Harari,  FLASH90)
أريه درعي (Isaac Harari, FLASH90)

أثبتت نتائج الانتخابات أنّ الغالبية الساحقة من اليهود من أصول شرقية قد صوّتوا لأحزاب اليمين، وساهموا بأن يتم – بخلاف التوقعات – انتخاب نتنياهو من جديد لرئاسة الحكومة. وقد غضب الكثير من الإسرائيليين من أصول أوروبية بسبب ذلك.

الكاتبة ألونا كمحي: “اشربوا السيانيد، أيها الأغبياء اللعناء. انتصرتم”

بعد نشر النتائج فورا، كتبت إحدى أبرز الكاتبات في إسرائيل، ألونا كمحي: “لكل شعب هناك السلطة التي تناسبه. فليحيا الغباء والشرّ، اشربوا السيانيد، أيها الأغبياء اللعناء. انتصرتم. الموت فقط هو الذي سينقذكم من أنفسكم”. بعد مرور بعض الوقت قامت بحذف المنشور، واعتذرت على كلامها الجريء.

ارتبطت تصريحات كمحي مع التصريحات القاسية التي قالها الفنان الإسرائيلي يائير جربوز قبل بضعة أيام من الانتخابات، والتي أدان فيها مؤيّدي نتنياهو لكونهم “يقبّلون التمائم”، أي إنهم يؤمنون بمعتقدات بدائية ومتخلّفة مقارنة بأنصار هرتسوغ.

بالإضافة إليهم، فقد تكلّم أيضًا الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشاع سوبول بشكل مهين عن أنصار نتنياهو ووصفهم بأنهم “مقبّلي عضادات الباب”، وهو وصف انتقاصي لليهود التقليديين.

ولكن ذروة العنصرية، سُجّلت في مقابلة لبروفيسور إسرائيلي اسمه أمير حتسروني، باحث في الإعلام، في القناة الثانية الإسرائيلية. تمّت دعوة حتسروني إلى هناك في أعقاب تصريحات جريئة كتبها في صفحته الفيس بوك عن اليهود الشرقيين، حيث قال فيها إنّ دولة إسرائيل أخطأت حين سمحت لهم بالهجرة إليها من الدول العربيّة، فأنشأت بذلك طبقة كبيرة من السكان المتخلّفين.

كانت التصريحات التي قالها حتسروني في المقابلة، والتي تجادل فيها مع إسرائيلية ولد والداها في المغرب، سيّئة بنفس القدر. قال حتسروني للمرأة: “لم يكن أمر سيّء ليحدث لو أنّ والديك ظلّا في المغرب وتعفّنا هناك”. في أعقاب هذه التصريحات تمّ طرد حتسروني من الأستوديو من قبل مقدّمي البرنامج المصدومين. ومن الواضح الآن للجميع في إسرائيل أنه سوى العنصرية التي تلوّث العلاقات بين اليهود والعرب، تنتشر عنصرية أيضًا داخل المجتمع اليهودي في إسرائيل.

اقرأوا المزيد: 481 كلمة
عرض أقل
وقفة تضامن في كوبنهاجن عاصمة الدنمارك لمقتل يهودي في عملية الكنيس المركزي (AFP)
وقفة تضامن في كوبنهاجن عاصمة الدنمارك لمقتل يهودي في عملية الكنيس المركزي (AFP)

الصراع على يهود أوروبا: بين البقاء والهجرة إلى إسرائيل

يعيش يهود أوروبا في هذه الفترة حيرة عميقة إزاء البقاء في بلادهم في حين تتصاعد العمليات المعادية للسامية، فهل يستجيبون إلى دعوات نتنياهو التي تغضب زعماء أوروبا ويهاجرون إلى إسرائيل؟

17 فبراير 2015 | 10:10

أثارت دعوات رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ليهود أوروبا إلى الهجرة إلى إسرائيل، موطن اليهود، ردود فعل واسعة من قبل قادة أوروبا الذين أكدوا أن مكان يهود أوروبا هو أوروبا. لكن الجالية اليهودية التي تعاني من الحوادث المعادية للسامية المتواصلة منقسمة على نفسها، هل تبقى في أوروبا أم تهاجر إلى إسرائيل؟

وفي الحاضر الجاليتان الرئيسيتان اللتان تواجهان هذه المعضلة هما الجالية اليهودية في فرنسا والجالية اليهودية في الدنمارك، خاصة بعد العمليات الإرهابية التي أسفرت إلى مقتل اليهود في البلدين. فبينما قرر يهود فرنسا تلبية دعوة نتنياهو وزيادة عدد المهاجرين إلى إسرائيل، ما زال يهود الدنمارك متمسكين بدولتهم ورافضين دعوات نتنياهو.

ويعيش في الدنمارك نحو 8000 يهودي معظمهم في كوبنهاغن وبأعداد أقل في مدينتي ارهوس واودينس، طبقا لمصادر الطائفة في الدنمارك.

وقال جيب جوهل المتحدث باسم الطائفة اليهودية في الدنمارك “نحن نشكر نتانياهو جدا على قلقه، ولكن مع ذلك فنحن دنماركيون — نحن يهود دنماركيون ولكننا دنماركيون — ولن يكون الإرهاب هو السبب الذي يجعلنا نذهب إلى إسرائيل”.

رسم بياني يتضمن ارقاما حول هجرة يهود فرنسا (AFP)
رسم بياني يتضمن ارقاما حول هجرة يهود فرنسا (AFP)

أما زعماء أوروبا فقد انتقدوا تصريحات نتنياهو ضمنيا مؤكدين أن أوروبا لن تبقى كما هي من دون اليهود. وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي أكد متوجها إلى هذه الطائفة الأكبر عددا في أوروبا مع 500 ألف أو 600 ألف شخص، أثناء زيارة لمنطقة قريبة من ميلان جنوب باريس أن اليهود “لهم مكانتهم في اوروبا وعلى الاخص في فرنسا”.

وقال هولاند “لن أقبل (…) بتصريحات تصدر في إسرائيل تبعث على الاعتقاد بأن اليهود لم يعد لهم مكانتهم في أوروبا وعلى الأخص في فرنسا”.

بدورها، دعت رئيسة وزراء الدنمارك هيلي تورنينغ شميت الطائفة اليهودية الى عدم تلبية طلب نتانياهو. وقالت في هذا السياق “لن نكون كما نحن من دون الطائفة اليهودية”.

واضافت ان “الطائفة اليهودية تعيش في الدنمارك منذ قرون عدة فهي في مكانها هنا كما انها جزء من هذا المجتمع”. كما أكدت المانيا أنها تريد بقاء اليهود على اراضيها ووعدت بضمان امنهم.

وقالت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ان ألمانيا “مسرورة وممتنة” بوجود طائفة يهودية في البلاد، ردا على سؤال حول دعوة نتانياهو.

وصرحت للصحافيين ان الحكومة الالمانية ستبذل كل ما بوسعها لضمان امن المؤسسات اليهودية والمواطنين اليهود في المانيا.

وأضافت “نود أن نواصل العيش مع اليهود الذين يعيشون في ألمانيا اليوم”.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية في السياق نفسه “نود أن نفعل كل ما بوسعنا حتى يبقى اليهود هنا في ألمانيا وحتى يشعروا بالأمان”.

من جهته، أكد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس للطائفة اليهودية أن “فرنسا مجروحة مثلكم، وفرنسا لا ترغب برحيلكم”.

وأضاف أن فرنسا “تعرب لكم مرة أخرى عن محبتها ودعمها وتضامنها. إن هذه المحبة أقوى من أعمال الحقد المتكررة. واني آسف لتصريحات بنيامين نتانياهو. عندما نكون في حملة انتخابية، هذا لا يعني ان نسمح لأنفسنا بقول أي شيء. مكان يهود فرنسا هو فرنسا”.

وأضاف فالس “لم نتوصل الى أي فرضية حتى الان” بشأن عملية تدنيس مئات المقابر في المدفن اليهودي في سار- اونيون، بالإضافة الى النصب الذي أقيم تخليدا لذكرى ضحايا المحرقة.

وأكد جاك وولف وهو أحد أفراد آخر عائلتين يهوديتين لا تزالان في المنطقة، انه تم “تحطيم” حجارة المقابر “وكذلك الشواهد الرخامية”.

وهو الحادث الاكثر خطورة منذ تدنيس المدفن اليهودي في كاربنتاس (جنوب) في 1990 بيد حليقي الرؤوس.

ودعا فالس من جهة اخرى الإسلام في فرنسا إلى “الاضطلاع بمسؤولياته” حيال “الإسلام الفاشي”، وهو التعبير الذي استخدمه رئيس الحكومة للمرة الاولى.

وتعرض رئيس الوزراء لانتقاد وجهه اليه وزير الخارجية الاسبق الاشتراكي رولان دوما (92 عاما) الذي اعتبر ان مانويل فالس هو “على الارجح” تحت تاثير زوجته آن غرافوان اليهودية.

وندّدت الطبقة السياسية بتصريحات دوما، واعتبرها الحزب الاشتراكي الحاكم بانها “غير مقبولة”.

واعتبر وزير الخارجية النمسوي سيباستيان كورز الاثنين ان “اوروبا من دون اليهود لن تكون اوروبا” وقال في بيان “علينا ان نتخذ كل التدابير لضمان الأمن بحيث لا يجبر من يعتنقون الديانة اليهودية على الهجرة”.

اقرأوا المزيد: 575 كلمة
عرض أقل
بوابة براندنبورغ، برلين (AFP)
بوابة براندنبورغ، برلين (AFP)

الإسرائيليون يحتلّون برلين من جديد

عشرات الآلاف من الإسرائيليين يقيمون اليوم في برلين. بعضهم من أبناء الطبقة الوسطى الذين انهاروا تحت العبء الاقتصادي وبعضهم فنّانون لم يحظوا بدعم من الدولة. هذه هي قصة الإسرائيليين الذين يحتلّون ألمانيا مجدّدًا

في السنوات الأخيرة، ازداد طوفان الإسرائيليين الذين يتدفّقون إلى برلين بوتيرة مثيرة للإعجاب. ليست هناك بيانات دقيقة، وذلك – من بين أمور أخرى – لأنّ الكثير من الإسرائيليين الذين ينتقلون إلى برلين لا يكترثون أبدًا لأن يكونوا مسجلين كمقيمين في الخارج، ولكن تشير التقديرات إلى 10 آلاف حتى 25 ألف إسرائيلي، وهناك من يزعم أنّ 40 ألف إسرائيلي في برلين لا يعتبر تقديرًا مبالغًا فيه.

مبنى الرايخستاغ برلين (AFP)
مبنى الرايخستاغ برلين (AFP)

يعود بعضهم بعد سنوات معدودة، وبعضهم يتواجد في تنقل مستمر بين تل أبيب وبرلين وهناك من يقرّر الاستقرار فيها حتى آخر حياته. يتحدث جميعهم تقريبًا لكلّ من هو مستعد للسماع عن المدينة العالمية، الطوباوية تقريبًا، والتي يمكن لكل أحد فيها أن يقوم بما يرغب فيه وأن يعيش بكرامة.

تتجدّد الجالية الإسرائيلية في برلين وتحديدًا في المدينة التي كانت قبل أقل من 70 عامًا عاصمة النازيين التي طردت يهود أوروبا بالملاحقة. تملك الجالية الإسرائيلية الجديدة التي تشكّلت في برلين محطّة إذاعية، مجلة، حركات شبابية، مطاعم حمّص، أماكن للالتقاء وما لا يُحصى من صفحات الفيس بوك الخاصة بها.

ترتسم من النظرة الأولى صورة لجالية متبلورة بشكل جيّد ويعرف الجميع فيها بعضهم البعض، أو على الأقل يساعدون الواحد الآخر. هل يُعقل أنّ تكون برلين هي حقًا الجنّة المفقودة التي تهرب إليها أفضل العقول الإسرائيلية لتحقّق أهدافها؟

مدينة الرايخ الثالث لا تهدّد أبدًا

المفاجئ هو أنّ الكثير من الإسرائيليين لا يعرّفون برلين باعتبارها مثالية. بالنسبة لهم، كانت سيناء من زمن قريب حلمًا إسرائيليًّا ومثاليًّا لحياة اعتيادية في ظلّ الشرق الأوسط المشتعل والذي لا يهدأ للحظة. هناك من يعرّف برلين بأنّها “سيناء الحضرية”، قرية هائلة الأبعاد مع ميزانية ثقافية لدولة صغيرة، تكرار الشعور بأنها أحد الأحياء الذي له أبعاد مدينة أوروبية متوسطة.

وهذا كما يبدو هو سحرها؛ عدم وجود التهديد فيها. مضحك قليلا، أن نقول عن عاصمة الرايخ الثالث سابقًا إنها تتميّز بقلّة التهديد. ولكن هذه هي الحقيقة. بالنسبة لمعظم الإسرائيليين فإنّ تاريخ برلين غير ذي صلة، إذا لم يواجههم في الحياة اليومية. الصحيح أنّها مكان من السهل جدًا العثور فيه على عمل وكسب ما يكفي من المال من أجل العيش كما ينبغي دون التفكير كلّ الوقت بكيفية البقاء على قيد الحياة في كل شهر.

في الواقع فإنّ برلين هي نقطة جذب ليس للإسرائيليين فحسب، وإنما للناس من جميع أنحاء العالم. يقلّد الإسرائيليون عمومًا ما يفعله الجميع. ما تقدّمه برلين من المزايا اليوم ليس كما كان من قبل. في السابق كانت رخيصة ورائعة، واليوم هي أقل رخصًا وهناك مناطق كاملة كانت مميّزة في يوم من الأيام وأصبحت برجوازية. لم تعد فيها الأجواء السرّية التي كانت فيها سابقًا، فقد أصبحت أكثر تسويقيّة بقليل. تبدّد أثر المدينة الرخيصة، ولكنها ما زالت مكانًا من الجميل أن تكون فيه، لأنّ الثقافة مموّلة من قبل الدولة والمزاج العام لا يزال متسامحًا جدّا وحرّا.

إذًا، لماذا الهرب إلى برلين؟

الكنيش اليهودي في برلين (AFP)
الكنيش اليهودي في برلين (AFP)

لماذا يختار الكثير من الإسرائيليين الانتقال إلى برلين تحديدًا؟

يمكن العثور على الإجابة الأفضل في هذا الموقع: Israelisinberlin.de منذ العام 2010 عرض الموقع لزواره السؤال “لماذا جئت إلى برلين”، وحتى اليوم أجاب على السؤال 1223 متصفّحًا، من بينهم 225 (18%) ذكروا أنّهم قرّروا نقل مكان إقامتهم “بسبب الحبّ”، 202 (16.5%) أشاروا إلى أنّ السبب الرئيسي هو الدراسة، 131 (10.7%) اختاروا الهجرة لأسباب اقتصادية، 120 (9.8%) قالوا إنّ برلين بالنسبة لهم عاصمة الثقافة العالمية، 107 (8.7%) انتقلوا في أعقاب الحصول على عمل، 103 (8.4%) هاجروا لأسباب سياسية وغير ذلك.

بعيدًا عن جميع الإجابات الواضحة، مثل كونها مدينة رخيصة وليبرالية جدّا، ففيها أجواء من الحرّية وليس هناك تأثير للسلطات في الشوارع؛ يجب أيضًا أن نقول شيئا آخر ليس لطيفا جدًا أن نقوله اليوم. السبب الذي يجعل الإسرائيليون يشعرون بشكل جيّد إلى هذه الدرجة بالمقارنة مع دول أخرى في أوروبا هو لأنّه في كل مكان، فلدى كلّ ألماني، يختبئ ضمير سيّء يؤنبه، والإسرائيليون عمومًا يستمتعون بذلك.

الشعور بأنّ الألمان أكثر لطفًا وترحيبًا بالإسرائيليين من الفرنسيين والطليان على سبيل المثال، هو شعور صحيح. الإسرائيلية واليسارية هي بطاقات رابحة في ألمانيا.

اقرأوا المزيد: 598 كلمة
عرض أقل