منذ أكثر من مئة يوم وإسرائيل بلا محافظ للمصرف المركزي، وعلى الرغم من الاجتماع المطول الذي تم عقده يوم أمس (الأربعاء) بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير المالية يائير لبيد، فإنهما لم يتوصلا إلى تحديد شخصية المحافظ القادم.
وعلى ضوء اللقاء بينهما، تزايدت التوقعات في إسرائيل بقرب الإعلان عن المحافظ الجديد. إلا انه كما ذكر فقد خرج الاثنان من الاجتماع دون أن يحملا معهما البشرى بذلك. وجاء في البيان الرسمي الذي أصدرته وزارة المالية أن هوية المحافظ الجديد سيتم الإعلان عنها يوم الأحد القادم.
ونذكر هنا أن منصب المحافظ شاغر منذ فترة طويلة، منذ أن أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بعد أن شغر هذا المنصب، عن عودة محافظ بنك إسرائيل الأسبق البروفيسور يعقوب فرينكل لتولي المنصب وخلافة ستانلي فيشر، الأمر الذي فاجأ الكثيرين على المستويين السياسي والاقتصادي.
إلا أن اسم فيشر ارتبط بقضية مخجلة، لاتهامه بعملية سرقة قام بإخفائها عن لجنة التعيينات المكلفة بتعيين المحافظ، الأمر الذي أثار انتقادات شديدة “ووصمة “في وسائل الإعلام. وفي نهاية الأمر، اضطر فرينكل للانسحاب.
إلا أن هذا لم يكن الأمر المخجل الوحيد في القضية. فبعد يومين فقط من انسحاب فرينكل سارع رئيس الحكومة ووزير المالية للإعلان عن تعيين بديل هو البروفيسور ليو ليدرمان، إلا أن هذا التعيين أيضا انتهى بصورة مفاجئة ومدوية عندما اعلن ليدرمان عن انسحابه من السباق بعد مرور 48 ساعة من الإعلان عن تعيينه، وذلك في أعقاب مجموعة من الشكاوي المتراكمة ضده والتي قدمت للجنة التعيينات. ومذّاك، لا محافظ لبنك إسرائيل.
وتقوم بأعمال محافظ بنك إسرائيل بصورة مؤقتة الدكتورة كرنيت فلوغ، التي كانت تشغل منصب نائب محافظ البنك ستانلي فيشر.
والمرشحون الثلاثة لهذا المنصب حاليا هم، البروفيسور ماريو بلكر، فكتور مدينا، والبروفيسور تسفي أكشتاين. وقد تم تقديم الأسماء الثلاثة للجنة التعيينات، وبعد أن تمت المصادقة عليهم من اللجنة، تبقى المهمة ملقاة على عاتق رئيس الحكومة ووزير المالية، لتحديد مَن مِن بين الثلاثة سيصبح المحافظ. ويعتبر أكشتاين الأوفر حظا من بين الثلاثة، والمعروف انه هو الشخص المفضل لدى وزير المالية لشغل المنصب، كما أنه ليس لرئيس الحكومة أي اعتراض فعلي على تعيينه.
أما المرشح المفضل لرئيس الحكومة فهو فكتور مدينا. لكنّ من المعروف أن وزير المالية يعارض تعيينه. والتقديرات لأسباب معارضة لبيد لتعيينه هي على خلفية الخلافات بينه وبين وزير العلوم والتكنولوجيا يعقوب بيري الذي يحتل المركز الثاني في حزب يش عتيد، وذلك عندما أدار الرجلان (بيري ومدينا) بنك همزراحي – تفحوت.
إلا أن الخلاف بين نتنياهو ولبيد ليس مهنيا فحسب، ولا يدور حول شخصية المحافظ الجديد فحسب، فقد اقدم لبيد على إحراج نتنياهو مرتَين خلال الأسبوعين الأخيرين، عندما أعلن عن عدم موافقته وتحفظه على قرارات رئيس الحكومة في المجال السياسي. فأول مرة كانت عندما انتقد موقف نتنياهو لمطالبته أعضاء الوفد الإسرائيلي بمقاطعة خطاب الرئيس الإيراني حسن روحاني أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وطالبهم بمغادرة القاعة، حيث أصدر لبيد انتقادا علنيا للسياسة الخارجية التي يقودها نتنياهو، قائلًا: “على إسرائيل أن لا تظهر كرافضة دائمة للمفاوضات، وكدولة غير معنية بالحلول السلمية”، مضيفًا: “علينا أن نجعل الإيرانيين يبدون رافضين للسلام، وليس منفتحين على التغييرات”.
وقوبل هذا الانتقاد في إسرائيل باستغراب شديد واحتل العناوين في وسائل الإعلام. إلا أن ذلك لم يمنع لبيد من القيام بذلك مرة أخرى بعد عدة أيام، عندما قال في مقابلة تلفزيونية في الولايات المتحدة، إن نتنياهو مخطئ بمطالبته الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة، كشرط مسبق للاتفاق. حيث رد نتنياهو على ذلك بالقول: “إن لبيد يعبر عن مواقف اليسار وليس عن مواقف الحكومة”.
ويشار إلى أن مواقف لبيد ونتنياهو في الشأن السياسي متعارضة، حيث يؤيد لبيد إقامة دولة فلسطينية، والسعي وراء السلام، وكان قد اشترط دخوله الائتلاف الحكومي مع نتنياهو بعودة الأخير للمفاوضات مع الفلسطينيين. وقد سجلت العديد من الاختلافات بين الطرفين أثناء مفاوضات الائتلاف الحكومي، حيث أبرزت وسائل الإعلام وقتها أن لبيد خرج من المفاوضات منتصرًا له الكلمة الفصل، وهو الأمر الذي يدفع بنتنياهو لعدم إبداء أية مرونة في مسألة تعيين المحافظ.
ومع ذلك، فقد حدّد الرجلان ثلاثة أيام للإعلان عن المحافظ الجديد. وبعد ذلك ليس لهما خيار سوى الاتفاق، على الأقل في هذا الموضوع.