ربما سيتم ذكر حادثة دالاس التي وقعت يوم الجمعة الأخير (08.07.16)، في نهاية مظاهرة غير عنيفة ضدّ عنف الشرطة، والتي أطلق فيها قناص النار على خمسة عناصر شرطة بيض وقتلهم، كنقطة تحول تاريخية في تاريخ العلاقة المعقّدة بين عناصر الشرطة والمدنيين في الولايات المتحدة.
بعد سنوات من العلاقات الإشكالية بين المجتمع الأسود في الولايات المتحدة وبين عناصر الشرطة، سيُحدّد تعامل الشرطة مع مطلق النار، ميكا حباير جونسون، في يوم المظاهرة في دالاس، كسابقة تاريخية، رغم كونه اليوم الأكثر فتكا في الشرطة في الولايات المتحدة منذ عملية 11 أيلول.
كان إطلاق النار دقيقا جدا وقاتلا، حيث قدّرت عناصر الشرطة في البداية أنّ مصدرها من خلية قناصة. بعد أن تحصّن مطلق النار في موقف سيارات في وسط المدينة، وتبادل إطلاق النار مع أفراد الشرطة ورفض الخضوع، قررت الشرطة العمل بشكل غير مسبوق – وإرسال روبوت لقتله.
احدى المظاهرات ضد عنف الشرطة الامريكية (AFP)
ويقدّر خبراء أنّ هذه كانت المرة الأولى التي استخدمت فيها الشرطة روبوت بهدف القتل. استخدمت عناصر الشرطة الروبوت لإبعاد المتفجرات. لقد ربطوا إلى ذراعه عبوة ناسفة وشغلوها عندما كان قريبا من المشتبه به.
يبرر الكثيرون الاستخدام الاستثنائي لهذه الممارسة من قبل الشرطة في ذلك اليوم، حيث إنّ “البدائل الأخرى كانت ستعرّض عناصر الشرطة إلى خطر كبير”، كما قال قائد شرطة دالاس، وقد شكّل مطلق النار فعلا خطرا شديدا على المدنيين وعناصر الشرطة على حدٍّ سواء.
ومع ذلك، يدور الحديث عن ممارسة عسكرية، استخدمها الجيش الأمريكي في العراق، ومن شأنها أن تقرّر سابقة خطيرة في عمل الشرطة مستقبلا. هناك عناصر شرطة يعتقدون أنّه إذا تقررت هذه السابقة يمكن أن تستخدمها الشرطة أيضًا في أماكن أخرى في الولايات المتحدة.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها ادعاءات حول عسكرة الشرطة في الولايات المتحدة. عام 2014، في مظاهرات عقب قتل شاب أسود بفعل نيران الشرطة، استخدمت الشرطة المحلية مركبات مدرّعة ومعدّات عسكرية لتفريق المتظاهرين.
كجزء من خطة توزيع السلاح في البنتاغون، نُقلت أسلحة ومعدّات عسكرية لسلطات إنفاذ القانون في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وأمر الرئيس أوباما في شهر تشرين الأول الأخير بتقليص هذه الخطة، ويجب على الشرطة الآن توفير توضيحات بشأن حاجتها إلى الطائرات من دون طيار، الطائرات أو الوسائل الأخرى لتفريق المظاهرات. ومع ذلك فقد حصلت سلطات إنفاذ القانون المختلفة في أنحاء الولايات المتحدة على معدّات تكنولوجية متطورة، من شأنها فقط أن تزيد من حدّة الحرمان الذي يعاني منه المواطن البسيط أمام الشرطيين المجهّزين جيّدا.
على هذه الخلفية، فإنّ التكتيك الجديد لإرسال آلة يتم التحكّم بها عن بعد من أجل تنفيذ القتل، والذي تم تنفيذه للمرة الأولى يوم الجمعة الأخير في دالاس، يزيد من طمس الخطّ الفاصل بين الشرطة والعسكر. صحيح أن المهمة في الحرب هي القتل، لكن تقف أمام سلطات إنفاذ القانون مهمة أخرى. لذلك فإن استخدام الشرطة للروبوت في دالاس يطرح السؤال إذا ما كانت هذه هي بداية عصر جديد في الشرطة، تستخدم فيه عناصر الشرطة القوة بجهاز التحكّم عن بعد، وإذا كان سيُشكل وعي الشرطة قوة عسكرية مقاتلة؟
فتحت استقالة تشاك هيغل، غير المفاجئة، من منصب وزير الدفاع في الولايات المتحدة، الباب للسباق على هذا المنصب الأمني الأعلى في البيت الأبيض. المنصب الذي يحتاج للمرونة والقدرة على قيادة الولايات المتحدة في ظل الأزمات والمشاكل التي تدق باب تلك البلاد: تفكك ليبيا وتسرب الجماعات الجهادية إلى أفريقيا، الحرب الأهلية في سوريا، الحرب ضد داعش، الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، صراع السيطرة مع روسيا والأهم من أي حرب هو وقف سباق التسلح النووي الإيراني والشرق أوسطي، وكل ذلك دون أن نذكر بعد عشرات التهديدات الأمنية الداخلية.
أول اسم تداولته وسائل الإعلام الأمريكية لهذا المنصب الكبير هي نائبة وزير الدفاع السابق، السيدة ميشيل آنجليك فلورنوي (Michele Angelique Flournoy).
تداولت الصحف اسم السيدة فلوروني (54 عامًا) قبل عام حتى كمرشحة مناسبة لشغل هذا المنصب في حال قاد الديمقراطيون الولايات المتحدة أيضًا في الولاية الرئاسية القادمة في البيت الأبيض وخاصة تحت قيادة هيلاري كلينتون.
كانت في عام 2008 واحدة من طاقم أوباما الانتقالي، قبل دخوله إلى البيت الأبيض. شغلت منذ ذلك الحين منصب نائب وزير الدفاع للشؤون السياسية وظلت في قلب الأحداث عندما قرر الرئيس أوباما وقف الحرب في العراق وتقليص حجم القوات الأمريكية في أفغانستان، عندما أمر بإلغاء سياسة التمييز ضد المثليين في الجيش وعندما حاول البنتاغون رسم استراتيجية جديدة لمواجهة التحديات في آسيا وفي المحيط الهادئ، التهديدات الرقمية وتهديدات الإنترنت والأزمة في الشرق الأوسط – كل ذلك على خلفية التقليصات بميزانية الأمن.
السيدة ميشيل فلورنوري (AFP)
كانت في بداية عملها في البنتاغون، قبل 17 عامًا، امرأة عادية، ديمقراطية – كان زملائها في العمل يجدون صعوبة بالتعامل معها. “ولكن الجيش الأمريكي مبني على أساس الاستحقاقراطية – إن كنت تُحسن ما تفعله، فإن الجميع يتغلبون بسرعة على الشخصية الخارجية بسرعة كبيرة. عندما قمنا لأول مرة بتنظيم وليمة غداء للنساء اللواتي يشغلن مناصب عليا في البنتاغون اجتمعت حول الطاولة 10 نساء، وبعد شهرين من ذلك أطلق الرجال عدة أوصاف وإشاعات وتخمينات – بخصوص ما تحدثنا عنه هناك. اليوم هنالك عدد كبير من الشخصيات النسائية المؤثرة، اللواتي يشغلن وظائف متقدمة ومناصب هامة بمسألة سياسات الدولة، حيث لم تعد مسألة الجنس هي مشكلة”، هذا ما قالته في عدة مقابلات بعد أن تركت منصبها في عام 2012.
مواجهة تبعات الربيع العربي
تعترف الإدارة الأمريكية أنها لا تزال تحاول استيعاب التغييرات التي تركها الربيع العربي على الشعوب العربية، ولكن موجة الثورات في الشرق الأوسط قادتها إلى استنتاج بسيط: “الطريقة الوحيدة لإعادة الاستقرار إلى المنطقة هي التسريع بعملية الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية لحين الانتهاء منها. لا مجال للعودة، وإن حدث، ليس مؤكدًا بأن ذلك مناسب لنا ولمصلحتنا. في حوارنا مع القيادة الجديدة في المنطقة، علينا أن نوضح لتلك القيادة بأن هناك نقاط معينة التي لها أهمية كبيرة بالنسبة لنا وأنها ضرورية لتحافظ بذلك على دعمنا ودعم المجتمع الدولي”، هذا ما قالته في إحدى المقابلات.
التهديد الإيراني
هل سيرشح أوباما السيدة فلورنوني لمنصب وزيرة الدفاع للولايات المتحدة ؟ (Flickr White House)
وما رأيها بخصوص التهديد الإيراني؟ ربما لم تكن فلورنوي ضمن المنظومة الأمنية في الولايات المتحدة طوال عامين، ولكنها عبّرت عن رأيها بالموضوع خلال مؤتمر الأمن القومي الذي عُقد في إسرائيل عام 2012. في ذلك المؤتمر، الذي حضره أيضًا وزير الدفاع السابق إيهود باراك ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، عندما سُئلت عن الاحتمال العسكري ضد إيران وإن كان ذلك لا يزال مطروحًا، فأجابت: “الرئيس قال إن الخيار العسكري لا يزال مطروحًا على الطاولة. عملتُ في البنتاغون ويمكنني أن أقول إن هناك تخطيط وتمرين، لكي يكون أمام الرئيس احتمال تنفيذ ضربة عسكرية. ولكن الإدارة تعتقد أنه لم يحن بعد الوقت لتنفيذ ذلك الاحتمال، بسبب المخاطر المحيطة بذلك – الرد الإيراني، احتمال إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، أو صراع أوسع في الشرق الأوسط. كيف سيكون تأثير تلك الضربة العسكرية على أسعار النفط وعلى اقتصاد كل الدول؟ هذا ليس أمرًا يتم اتخاذه ببساطة، وتحديدًا إذا كانت العملية العسكرية لا تترك أثرًا إلا لعام واحد حتى 3 أعوام، ولا تحل المشكلة تمامًا. من المناسب أن يكون ذلك الاحتمال موضوعًا على الطاولة كخيار، إنما برأيي، علينا أن نفكر أيضًا بخيارات أُخرى”. ويبدو أن هذه هي الأجواء الموجودة هذه الأيام في إدارة أوباما الذي طلب تمديد المفاوضات مع إيران لغاية 30 حزيران من هذا العام.
لا بد أن أوباما يسعه أن يفكر بها إيجابيًا كمرشحة لهذا المنصب الموقر في وزارة الدفاع. مثل هذه الخطوة ستصب في مصلحته وتمنحه نقاطًا كثيرة كونه عيّنَ لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية امرأة كوزيرة للدفاع. ولا يزال من الممكن أن تطلب فلوروني عدم الاستجابة لطلب أوباما وانتظار بداية جديدة إذا تم انتخاب هيلاري كلينتون كرئيسة جديدة للولايات المتحدة، يمكنها هناك أن تُدير من جديد عجلات الأمن بطريقها لتخصيص موارد أكبر لحرب السايبر، للبنتاغون الذي هي داعمة كبيرة له وزيادة كعكة الميزانيات الأمنية في الولايات المتحدة بشكل أكبر.
الرئيس الأمريكي باراك أوباما (The White House Flickr)
أوباما متوافق مع مصالح الإيرانيين؟
يقول د. مايكل دوران، المسؤول السابق في البيت الأبيض والبنتاغون، إنه على الولايات المتحدة أن تتخلى عن مفاوضاتها مع إيران بخصوص الملف النووي: "طهران هي المشكلة الحقيقية" • رغم نمو داعش الوحشي، "المصلحة الأمريكية الأولى هي منع إيران من إنتاج سلاح نووي" • المشكلة في العراق: "مصلحة أوباما تتوافق مع مصلحة الإيرانيين" • يخطئ الرئيس بتوصيف داعش بأنه تنظيم لا علاقة له بالإسلام المتطرف ولا يدرك أسس توظيف القوة
ما زالت الرايات السوداء ترتفع خفاقة في سماء سوريا والعراق، والجزارون الذين يركبون شاحنات التويوتا ما زالت أسماؤهم تتصدر العناوين. بالطريق، يبعدون انتباه العالم الحر، بما في ذلك دولة إسرائيل، عن المشكلة الأساسية في الشرق الأوسط: إيران.
المنشأة النوويّة في آراك (مصدر الصورة: ويكيبيديا)
لهذا لدينا د. مايكل دوران، الخبير في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية في معهد “بروكينغز”، الذي شغل سابقًا مناصب هامة في هيئة الأمن القومي في البيت الأبيض وفي وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون). إنه هنا لكي ينبه ويحذّر. كما فعل سابقًا، أيضًا في هذه الأيام، بينما أعين كل العالم تتجه إلى خطر الإرهاب السني، يطلب دوران التشديد على أنه في نهاية الأمر، القضية الأهم هي المشكلة النووية”.
Dr. Doran Michael
في مقابلة له مع موقع “ميدا”، يقول ان على نتنياهو التمسك بذلك: “طهران هي المشكلة الأساسية، لعدة أسباب: تقود إيران منذ 30 عامًا تحالفًا أو ائتلافًا إقليميًا، الهدف المعلن منه مجابهة السياسات الأمريكية. إن كل رئيس أمريكي يتجاهل الأهداف المعلنة لنظام “آية الله” يرتكب بذلك خطأ كبيرًا. المصلحة الأمريكية العليا هي منع إيران من التوصل إلى إنتاج سلاح نووي”.
عمل قذر ولكنه ضروري
يذكر أيضًا أن هناك سبب آخر يتعلق بشكل مباشر بمسؤولية إيران عن خلق المشكلة التي نواجهها اليوم: “أمريكا لديها هدف وهو منع إنشاء دولة جهاديين إسلاميين، تمتد من الموصل وحتى حلب السورية. كيف وُلدت هذه المشكلة؟ بسبب رفض الأسد والدولة العراقية أيضًا مسألة العمل مع الطائفة السنية. وبالطبع تقف إيران خلف تلك السياسات. مثال على ذلك هي الحرب الأهلية في سوريا. لم تكن حتى سنة 2011 في سوريا أية جهات متطرفة. ولكن خلقت سياسة الأسد – التطرف، الاغتصاب، عمليات الذبح والغارات الجوية المكثّفة – الأجواء لتعاظم تطرف المسلمين السنة. من السذاجة القول أن إيران لا علاقة لها بما يحدث هنا”.
قلت في بداية العام أن أفضل شيء تفعله الولايات المتحدة هي أن تتخذ موقفًا في الصراع الدائر في الشرق الأوسط -مع المسلمين السنة ضد الأسد. يبدو حاليًا أن هذه الجهة صارت تُصنف الآن بشكل تام بأنها تابعة للقاعدة. هل ما زلت متمسكًا برأيك؟ وان كنت كذلك، لماذا؟
“كان من الأفضل التدخل عاجلاً وليس آجلاً. الأمر المثير للسخرية هو أننا تخلينا عن التدخل عندما كانت هناك إمكانية للسيطرة على مدينة حلب ومحيطها وأن نقيم فيها معسكرًا للمسلمين المعتدلين. تم اليوم فرض التدخل على أوباما فرضًا، ولكن دون كل الأفضليات التي كان بإمكاننا تحقيقها حينها: صارت إيران الآن أقوى، تم إنشاء ملاذ آمن للمسلمين المتطرفين وتحاول الدول الحليفة للولايات المتحدة التملص بقدر المستطاع من المشاركة بالحرب”.
لو تدخلت الولايات المتحدة في سوريا من قَبِل لربما ما كنا لنصل إلى المشاكل التي نواجهها اليوم. كانت مسؤوليتنا نحن أن نخلق مركز ثقل ضمن الوسط السني الذي بإمكانه إقصاء الأسد والإسلام المتطرف
“علينا أن ندرك اليوم أن نصف عدد المسلمين السنة تم طردهم من بيوتهم. يريد الإنسان السني العادي فقط أن يعيش بهدوء، ويحاول أن يصمد. لهذا، أنا لا أوافق على القول أن كل المسلمين السنة، أو غالبيتهم، هم تابعون للقاعدة. لو تدخلت الولايات المتحدة في سوريا من قَبِل لربما ما كنا لنصل إلى المشاكل التي نواجهها اليوم. كانت مسؤوليتنا نحن أن نخلق مركز ثقل ضمن الوسط السني الذي بإمكانه إقصاء الأسد والإسلام المتطرف. لا شك أن هذا عمل قذر ولكنه ضروري. ولا أتحدث هنا عن تدخل مثل التدخل الذي كان في العراق، بل أن نكون الدماغ الاستراتيجي لذلك الجهد – التدريب، التسليح، تشكيل تحالف وتحديد الأهداف. إذًا، صحيح أنه ما كان بإمكاننا الوثوق ببعض القوات. إذًا، ماذا يحدث للتحالف الذي ينشئه أوباما اليوم؟ الأمر ذاته تمامًا”.
الكثيرون من قادة داعش خدموا تحت سلطة صدام
مسلحو جماعات داعش (AFP)
حاليًّا، التعاون بين الغرب وإيران آخذ بالتعاظم ويشكل هذا الأمر مصدر قلق لإسرائيل. نشرت صحيفة الوطن السورية يوم الإثنين الأخير أن الولايات المتحدة توفر للأسد معلومات استخباراتية عن داعش. كذلك أشار التقرير إلى أن هناك تواصل بين الدولتين، من خلال طرف ثالث على ما يبدو. وقد صرح الرئيس أوباما، قبل أسبوع من ذلك، لشبكة NBC الإخبارية بأنه يعتقد “أن تلك أخبار سارة، حيث أنه للمرة الأولى يبدو بشكل تام أن مشكلة الدول السنية في المنطقة… ليست إيران فقط. ليست هناك فقط المشكلة السنية – الشيعية”.
بدا أوباما هنا أيضًا يُفوّت الفرصة ثانية ولا يدرك تمامًا موازين القوى في المنطقة. برزت هذه الحقيقة تحديدًا بعد “خطاب الحرب ضد داعش” الذي ألقاه يوم الأربعاء بتاريخ 10/9 حيث قال فيه: “أود توضيح مسألتين: تنظيم الدولة الإسلامية هو ليس إسلاميًا. ما من دين يوافق على قتل الأبرياء وأيضًا غالبية الضحايا هم من المسلمين. داعش ليست دولة أيضًا؛ داعش ليست إلا تنظيمًا إرهابيًّا، وليس لدى هذا التنظيم أي هدف غير قتل كل من يقف بطريقه”.
د. دوران، هل توافق على هذا الطرح؟
https://www.youtube.com/watch?v=spIWGoNZnaU
“لا. لا أوافق عليه. ربما كان داعش هو تنظيم إرهابي يقتل الأبرياء، لكن، داعش ليس فقط هذا. نُشر، منذ مدة ليست ببعيدة، في صحيفة نيويورك تايمز تقرير عن قادة داعش. يبدو أن العديد منهم كانوا يشغلون مناصب في نظام صدام حسين. ما يعني أنه إلى جانب التيار الإسلامي المتطرف هناك أيضًا قاعدة لحزب البعث. علينا أن نعرف تمامًا من هم الذين نواجههم لكي نعرف لماذا نجحوا بهذه السرعة”.
“هنالك أسباب أُخرى لعدم موافقتي على تلك المقولة: أولاً، هذا التنظيم لديه علاقة متينة بالدين. لديه أيديولوجية واضحة جدًا تخص الإسلام المتطرف والتي نعرفها منذ أكثر من 10 سنوات، منذ هجمات 11/9. ثانيًّا، ليس بالإمكان القول إنهم لم يؤسسوا نظام حكم؛ ربما ليس نظامًا محكمًا، ولكنهم بالفعل يديرون اليوم مدنًا كاملة ويمثلون – بنسبة ما – مصالح بعض المواطنين هناك”.
ما المقصود؟ ألم يتم فرض نظام داعش على المواطنين رغمًا عنهم؟
قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني (AFP)
“عندما قامت الولايات المتحدة عام 2003 بإقصاء المسلمين السنة عن الحكم ووضعت مكانهم الشيعة، كانت القوات الأمريكية تتوسط بين المسلمين السنة والشيعة في بغداد. عندما تركنا المنطقة تزعزع توازن القوى في المنطقة. اليوم حتى وإن قيل الأمر بشكل واضح، فإن مصالح أوباما تتوافق مع مصالح الإيرانيين. مثلاً، الحصار الذي فرضه تنظيم داعش على مدينة آمرلي؛ في شمال العراق، دخلتها الميليشيات الشيعية التي تدربت على يد الإيرانيين. حتى قاسم سليماني، قائد قوات القدس الإيرانية، شوهد في المنطقة. ومن الذي شن الغارات الجوية؟ الولايات المتحدة”.
“رأت القوات المحلية والسكان المحليين في المنطقة ذلك وأدركوا المغزى: الخيار الوحيد القائم هو إما إيران أو داعش. والكثيرون منهم غير معنيين بإيران. ربما كان الدين مجرد إيمان، ولكنه في الشرق الأوسط هوية أيضًا. وعلى الرئيس الأمريكي أن يدرك هذا أيضًا”.
نظرية العامل المزعزع
خلال اللقاء، الذي دار بأكمله باللغة العبرية، بدا أن دوران لديه محبة خاصة لدولة إسرائيل. خلال الثمانينات، حين كان لا يزال طالبًا جامعيًا، مكث في البلاد بضع سنوات. منذ ذلك الحين وهو يتحدث اللغة العبرية بشكل تام تقريبًا. بدأ دوران مشواره في جامعة ستانفورد ودرس للقب الثاني والثالث في جامعة برنستون. “خلال ذلك المشوار، مررت بعملية كشف للذات. أدركت أنني مهتم أكثر بالعلاقات الدولية أكثر من موضوع التاريخ فقط في مرحلة متأخرة جدًا، وذلك كان صدفة أيضًا؛ تذكر مبتسمًا.
الزعيم الإيراني أية الله علي خامنئي (AFP)
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مرتبط مباشرة بقصة حياة دوران. “بدأت دراستي عام 2000 في برنستون. كنت من اللحظة الأولى شخصية خلافية بسبب آرائي”. في مساق العلاقات الدولية والدراسات الشرق أوسطية في الأكاديمية، يقول، هنالك سؤال كبير يفصل بين معسكرين: “ما الذي تغير؟ هل الصراع في الشرق الأوسط بدأ فقط بسبب التدخل الغربي أو هو شيء داخلي وحسب؟ ليست لدي إجابة دامغة على هذا السؤال، ولكنني تعمقت جدًا في التاريخ الداخلي لمنطقة الشرق الوسط. واكتشفت أنه في هذا المجال هنالك مكان خاص للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. هذا الصراع هو مميّز. ينافق الكثير من الأكاديميين إذ يدعون أن هذا هو السبب للأزمة في المنطقة. حتى أن هذا ما يعتقده قادتنا. أنا لم أقبل هذا الادعاء منذ اليوم الأول”.
دائمًا نحن نرى ما يفعله العرب على أنه ردة فعل على إسرائيل. سأل الجميع بعد مأساة برجي مركز التجارة العالمي “أين أخطأنا؟” وأنا ادعي أن الأزمة لم تبدأ لكونهم يكرهوننا بل إن الحديث هنا عن جزء من اللعبة العربية الإسلامية التي هدفها السيطرة والسلطة
قال دوران في مقالته التي كتبها لمجلة “Foreign Affiars” ؛وهي المقالة التي جعلت له مكانًا في البيت الأبيض؛ وتحت عنوان “الحرب الأهلية الخاصة بآخرين”، بأن أصل المشاكل في الشرق الأوسط هي صراعات عربية – عربية. دائمًا نحن نرى ما يفعله العرب على أنه ردة فعل على إسرائيل. سأل الجميع بعد مأساة برجي مركز التجارة العالمي “أين أخطأنا؟” وأنا ادعي أن الأزمة لم تبدأ لكونهم يكرهوننا بل إن الحديث هنا عن جزء من اللعبة العربية الإسلامية التي هدفها السيطرة والسلطة. جذبت هذه المقالة الكثير من الانتقادات. كنت قبل هذه المقالة مؤرخًا، ومن ثم تحوّلت إلى سياسي. لم يكن ذلك مخططًا له أبدًا”.
“اكتشفت أنني محافظ أكثر مما توقعت”
مر دوران في المرحلة ذاتها تحولاً آخر. “حتى ذلك الحين كنت أُصوّت للديمقراطيين”، كما قال، “حتى أنني صوتت لآل غور”. لم يحدث ذلك في يوم واحد. مر دوران بمسار بدأ منذ سنوات الـ 90: “لم أتفق سياسيًّا مع زملائي، ولكنني كنت دائمًا أعتقد أنه مجرد خلاف أكاديمي. لم أدرك أبدًا أن هناك فجوة كبيرة بيني وبين الديمقراطيين. فقط عندما بدأت التحدث للجمهور اكتشفت أنني محافظ أكثر مما توقعت”. والأمر لم يتوقف هناك. “تفاجأت أيضًا عندما بدأت أتحدث لعالم المخابرات إذ اكتشفت أن آراءهم أيضًا لا تختلف كثيرًا عن آراء أساتذة الجامعات. حينها صرت “أكثر وعيًا”، وصرت شخصية خلافية أكثر فأكثر في الأكاديمية. وحينها اتصل بي Elliot Abrams (دبلوماسي أمريكي) وكان يريدني أن آتي للعمل في البيت الأبيض”.
في الماضي تم انتقاد الولايات المتحدة كثيرًا لأنها ذهبت للحرب في الشرق الأوسط. اليوم هنالك انتقادات، في داخل أمريكا أيضًا، بخصوص تدخل الولايات المتحدة في الصراعات الخارجية. هل على الولايات المتحدة أن تتدخل بالفعل؟
جنود في الجيش العراقي يستعدون لمواجهة الإسلاميين المتشددين المتوججين إلى بغداد (AFP)
“أجل. شن حرب ضد داعش يعني أن الولايات المتحدة مهتمة بإعادة تنظيم المنطقة، ولا يمكن اليوم إحلال ذلك النظام، الذي يحمي بنهاية الأمر أيضًا المصالح الأمريكية دون شن حرب ضد داعش. هذا التنظيم يتحدى الولايات المتحدة ولا يجب تجاهل ذلك. لا أستهين أبدًا، بخلاف كثيرين آخرين، بأن ردة الفعل جاءت فقط بعد القيام بقطع رأس مواطنين أمريكيين، ويجب أن يكون الرد ملائمًا وقويًا جدًا.
“إلى جانب تهديد أمريكا، إذا لم نفعل شيئًا نكون بذلك قد خذلنا حلفاءنا في المنطقة ولا يجب أن نستهين بذلك. هنالك منظومة كاملة مرتبطة بنا، وعلينا أن نرد لتعزيز قوتها. علي في هذه النقطة أن أشيد بموقف أوباما: بخلاف تصريحاته سابقًا فقد قرر أن يفعل شيئًا. واضح أنه لم يكن راغبًا بفعل شيء، لكنه يفعل على أي حال. ولكن هذا ليس كافيًا لأنه لا يملك استراتيجية محددة”.
قال أوباما في خطابه إن أمريكا ستُهاجِم من الجو وستشكل تحالفًا ضد داعش. “هذه ليست استراتيجية؟
هجمات 11 سبتمبر (Wikipedia)
“لم يصرح عن شيء لم تفعله الولايات المتحدة حتى الآن. ما هي الاستراتيجية في الواقع؟ هي خطة تطرحها ليفعل الأشخاص أشياء لا يمكنهم فعلها دونك ودون هذه الخطة. الشيء الآخر هو الهدف. إذًا، أوباما لديه هدف ولكن وضع حدًا لتحقيقه يصل إلى 3 سنوات – حينها لن يكون رئيسًا. وماهية هذا الأمر واضحة تمامًا. إذا، ربما وكأن لديه استراتيجية ولكن هذا غير صحيح. هو يتملص. لا يمكن تحقيق النصر فعلاً دون عملية برية. فمن جهة، هناك المشكلة الشيعية، ومن ناحية أُخرى القبائل السنية (التي تعارض داعش) لا يمكنها تحقيق نجاح دون مساعدة برية.
الولايات المتحدة هي الرابط الوحيد بينهم وهي الوحيدة التي يمكنها أن تضع استراتيجية معيّنة وتوزيع الأدوار
“ما لا يفهمه أوباما هو أنه إن دخل إنسان إلى غرفة ما وقال أريد دورًا متواضعًا… أنا على أي حال واحد من كثيرين” يكون بهذا يقول إنه هو ليس القائد. لا يدرك دور أمريكا كقوة في المنطقة. لدى الولايات المتحدة الكثير من الحلفاء في الشرق الأوسط والذين بينهم الكثير من الصراعات والاختلافات. الولايات المتحدة هي الرابط الوحيد بينهم وهي الوحيدة التي يمكنها أن تضع استراتيجية معيّنة وتوزيع الأدوار”.
للختام، إن تم اختيار مايك دوران غدًا رئيسًا للولايات المتحدة – ما هي الأشياء الثلاثة الأولى التي ستتغير فيما يخص السياسات الأمريكية الخارجية؟
الرئيس السوري بشار الأسد (AFP PHOTO / HO / SANA)
“أول خطوة أقوم بها هي التخلي عن المفاوضات النووية مع إيران. يجب وضعهم أمام قرار واضح جدًا وهو إما التعاون مع الغرب بهذه النقطة وإما تحمل عواقب الرفض. ويجب أن تكون تبعات ذلك خطيرة جدًا، سواء من ناحية اقتصادية أو عسكرية”.
ثانيًا، أقوم على تشكيل تحالف إقليمي من أجل إعادة التوازن في المجتمع السني من بغداد وحتى حلب السورية. هذا هو التحدي الكبير – مساعدة هذا المجتمع على تشكيل قيادات معتدلة من داخله”.
“وبخصوص الأزمة الأوكرانية، كنت سأحاول تغيير قوانين اللعبة أمام بوتين. ممارسة سياسة أشد. لا أقصد الحرب. هناك أيضًا أهمية للتفاصيل البسيطة. ربما أصاب أوباما عندما اختار ألا يخوض حربًا من أجل أوكرانيا. أعتقد أن هذا كان قرارًا صحيحًا. ولكن، عندما تلغي إمكانية استخدام القوة تكون بذلك قد خسرت اللعبة مسبقًا. وبالطبع، التوقيت ليس أقل أهمية من تنفيذ العمل ذاته”.
شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها للمرة الاولى ليل الاثنين الثلاثاء غارات على مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، مما يشكل مرحلة جديدة من الهجوم على الجهاديين الذين تتم محاربتهم في العراق ايضا.
واكد الرئيس باراك اوباما ان بلاده “ستقوم بكل ما هو ضروري” للتغلب على تنظيم الدولة الاسلامية.
وتعد هذه العملية التدخل الاجنبي الاول منذ اندلاع النزاع منذ اكثر من ثلاث سنوات في سوريا حيث يسيطر التنظيم على مناطق واسعة متاخمة للحدود العراقية التركية في شمال وشرق البلاد.
واكد اوباما في تصريح مقتضب ان “قوة” التحالف الدولي “تكشف بوضوح للعالم انها ليست فقط معركة اميركا”.
وقبل ذلك، تبنت مجموعة مرتبطة بجهاديي تنظيم الدولة الاسلامية الاثنين في شريط فيديو خطف فرنسي في الجزائر وهددت بقتله في الساعات الاربع والعشرين المقبلة اذا لم توقف فرنسا ضرباتها الجوية ضد التنظيم في العراق.
واعلنت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) الاثنين ان الجيش الاميركي و”شركاء” شنوا للمرة الاولى غارات على مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية في سوريا بواسطة مقاتلات وقاذفات وطائرات بدون طيار وتم اطلاق 47 صاروخ توماهوك من سفن اميركية متواجدة في البحر الاحمر ومنطقة الخليج.
وتم للمرة الاولى استخدام القاذفة الشبح اف 22 “رابتور” الاكثر تطورا في الترسانة الجوية للولايات المتحدة.
واضاف البنتاغون ان “الضربات دمرت او الحقت اضرارا بعدة اهداف للدولة الاسلامية بما فيها مقاتلون ومجموعات تدريب ومقار ومنشآت قيادة ومخازن ومركز تمويل وشاحنات امدادات وآليات عسكرية”.
واوضح ان خمس “دول (عربية) شريكة” هي الاردن والبحرين وقطر والسعودية والامارات “شاركت في دعم” هذه الضربات. وقد اكدت كل تلك الدول مشاركتها باستثناء قطر.
واكد النظام السوري الذي تعتبره الولايات المتحدة غير شرعي ان واشنطن ابلغتها مسبقا بشن غارات جوية على تنظيم الدولة الاسلامية في اراضيها، وبعد ساعات من تنفيذ الضربات اعلن عن دعمه “لأي جهد دولي” يصب في مكافحة الارهاب.
تظاهرة في جنوب شرق فرنسا للمطالبة باطلاق سراح الفرنسي ايرفيه بيار الذي تبنت جماعة “جند الخلافة” خطفه (AFP)
ورحبت المعارضة السورية الثلاثاء بالضربات الجوية التي شنها التحالف الدولي داعية الى مواصلة الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد الذي تطالب برحيله.
وشدد الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون على ان الجهاديين يشكلون “تهديدا للسلام والامن الدوليين” ولكن من دون ان يعلن صراحة دعمه للضربات.
ورحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالضربات الجوية التي قادتها الولايات المتحدة وقال للصحافيين الاتراك في نيويورك في تصريحات نقلها التلفزيون التركي “انني انظر اليها (الضربات الجوية) بشكل ايجابي. ومن الخطأ ان تتوقف. يجب ان تستمر خارطة الطريق هذه”.
وردا على سؤال حول المساهمة التركية في العمليات العسكرية، قال “انها تشمل جميع انواع الدعم بما فيها العسكري والسياسي، انها تشمل الدعم السياسي واللوجستي”.
في المقابل، اكد الامين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله ان حزبه يرفض الضربات التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد المقاتلين الجهاديين في سوريا، رافضا الانضمام الى هذا التحالف الذي يخدم “المصالح الاميركية”.
وقال نصرالله في خطاب مساء الثلاثاء “عندنا مبدأ: الاميركيون، سواء هاجم الاميركيون داعش او طالبان او النظام العراقي السابق نحن ضد التدخل العسكري الاميركي وضد تحالف دولي في سوريا”.
وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان التحالف الدولي شن نحو 40 غارة وضربات جوية ضد مواقع “الدولة الاسلامية” اسفرت عن مقتل 120 جهاديا على الاقل.
كما نفذت القوات الاميركية ضربات ضد مجموعة متطرفة اخرى تتواجد في حلب (شمال) هي مجموعة خرسان التي تضم عناصر سابقين من القاعدة.
يزداد في الآونة الأخيرة في المجتمع الإسرائيلي الجدل بشأن الميزانية الأمنية. إن الجيش الإسرائيلي يتعامل مع الكثير من التحديات الأمنية – جنوبًا في مواجهة حماس في قطاع غزة، أما شمالا في التعامل مع أعمال تخريبية والامتناع عن خوض حرب أخرى مع حزب الله في لبنان أو منع تغلغل الحرب الأهلية في سوريا إلى أراضي دولة إسرائيل. كذلك في الغرب توجد للجيش الإسرائيلي تحديات أمنية كبيرة: منع تشكّل منظمات تخريبية في الضفة الغربية والحفاظ على الأمن على الحدود مع الأردن وزيادة الأمن في غور الأردن بسبب الأعمال الإرهابية والجهاد العالمي.
تعتبر ميزانية الأمن في دولة إسرائيل الأعلى نسبيًّا من بين ميزانيات الأمن في دول العالم، وتصل نسبتها لعام 2014 مبلغ 51 مليار شاقل (14.6 مليار دولار في السنة، حيث يُعتبر ذلك انخفاضًا مقارنة بميزانية العام 2013، التي بلغت فيه 14.9 مليار دولار). لا تشمل هذه الميزانية الإضافات الخاصة التي تطلبها المنظومة الأمنية بين الحين والآخر لمواجهة تحديات جديدة وغير متوقعة.
لقد أجريت مؤخرًا مقابلة مع قائد الأركان، بيني غانتس، في وسائل الإعلام، واشتكى بأن أجر جنوده منخفض بشكل فعلي، ما يتطلب منهم إكمال الدخل عن طريق الأعمال المتوفرة أو تلقي الدعم المادي من آبائهم من أجل العيش.
يبيّن فحص دقيق لمعطيات الأجور الخاصة بالمسؤولين الكبار في جيش الدفاع صورة مختلفة تمامًا. بموجب معطيات الأجور لسنة 2012، يتقاضى المسؤولون الكبار في الجيش الإسرائيلي أجرًا ليس قليلا، وحتى أنهم في بعض الحالات يتقاضون راتبًا أعلى من زملائهم في أغنى وأقوى جيش في العالم، وهو جيش الولايات المتحدة.
ديمبسي وغانتس خلال زيارة سابقة (IDF)
في الجيش الإسرائيلي هناك 3 درجات (عميد، لواء، فريق) تقابل مكانة الجنرال والأدميرال في الجيش الأمريكي. ثمة في الجيش الأمريكي عشرات الجنرالات والأدميرالات برتبة عالية من أربع نجوم. يحمل الدرجة ذاتها أيضًا رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية ونائبه، رؤساء الهيئات وضباط ميدانيين، لكن أجرتهم أعلى وتصل 21.147 دولارًا.
سبل الخدمات في الجيش الإسرائيلي والأمريكي ليست نفسها، لكن نتيجتها متشابهة من ناحية الراتب والمخصصات. تؤخذ بالحسبان الأقدمية في أجرة رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي، الفريق بيني غانتس، منذ أن تجند للخدمة الإلزامية في عمر 18. أما الضابط الأمريكي، مثل رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية، الجنرال مارتن ديمبسي، تؤخذ أقدميته بالحسبان فقط منذ عمر 22، بصفته خرّيج الأكاديمية العسكرية الأمريكية West Point (أو الكلية المدنية في دول أخرى). لكنّ ديمبسي سيخرج للتقاعد فقط في عمر 62 حتى 63 عامًا، في حين يُتوقع أن يخرج بني غانتس للتقاعد في جيل 55 أو 56 عامًا.
بيني غانتس يتفقد تمرينا عسكريا (Flash90)
إن راتب غانتس أعلى من راتب الضباط ذوي الدرجة الأرفع في الولايات المتحدة، الذين يستقرون في البنتاغون وذوي رتبة ثلاثة نجوم، مثل رئيس قسم القوى العاملة في الذراع البرية ورئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية. حسب النسبة التي يعادل فيها كل 3.5 شاقل مبلغ دولار- فإن الفريق الإسرائيلي يتقاضى 77,605 شاقلا، أما الأمريكي فيحصل على 61,026 شاقلا. يتقاضى رئيس هيئة الأركان في الجيش أكثر من جنرال ذي أربع نجوم (69,167).
يتقاضى لواء في الجيش 57,476 شاقلا؛ أما نظيره الأمريكي فيبلغ راتبه- 50,183 شاقلا. راتب العميد هو – 48,055 مقابل 43,214 شاقلا. تبدأ الصورة في التغيّر مع العقيد – 36,852 شاقلا مقابل 37,945 شاقلا والمقدَّم (29,021 مقابل 30,362). إن راتب الرائد منخفض بشكل واضح: 19,352 في جيش الدفاع، مقابل 25,746 في الجيش الأمريكي. النقيب الأمريكي يتقاضى ضعفين من الإسرائيلي- 22,057 شاقلا مقابل 11,188 شاقلا.
يهاجم وزير الدفاع الأمريكي السابق، روبرت غيتس، الذي عمل في عهد باراك أوباما وإلى جانبه طيلة سنوات، في كتابه الجديد الرئيس بطريقة غير مسبوقة. “كل ما كان يهم أوباما هو كيفية التراجع”، هكذا كتب غيتس حول سياسة أوباما في أفغانستان.
فاجأ غيتس، الذي يُعدّ واحدًا من أكثر الشخصيات المُعتبرة والضابطة للنفس في السياسة الأمريكية، واشنطن في تصريحاته الناقدة. حيث هاجم غيتس، خلافًا لأسلوبه، الرئيس بكلمات قاسية، خاصة في كتاب السيرة الذاتية “الخدمة: مذكرات وزير خلال الحرب” (Duty: Memoirs of a Secretary at War). يظهر الرئيس في الكتاب على أنه ضعيف ومتردد، حيث بحث، بأي ثمن ممكن، يُمكن إنهاء المهام العسكرية الأمريكية وراء البحار.
كتب غيتس حول الحرب في أفغانستان أن أوباما “لم يؤمن في استراتيجية نفسه ولم ير بالحرب حربًا مسؤولا عنها. بالنسبة له، كان كل شيء يدور حول كيفية الخروج من هناك”. كما وكتب غيتس أن أوباما هو المسؤول عن تعزيز القوات في أفغانستان على حساب التواجد المكثّف في العراق، “كان مقتنع أن هذه الخطوة من شأنها أن تفشل”، ورغم ذلك، أمر بإضافة 30 ألف محارب في الدولة.
كتب غيتس في مقال كانت قد نُشر في صحيفة وول ستريت، على ما يبدو بهدف تعزيز الكتاب، أن “مشكلة أوباما الأساسية في أفغانستان كانت تفضيلاته السياسية والفلسفية، ورغبته في تقليص دور الولايات المتحدة والتي تصادمت مع خطابه العام المؤيد للحرب، ومع توصيات كبار مستشاريه في وزارتي الخارجية و الدفاع بالإجماع تقريبًا، ومع ما يحصل على أرض الواقع أيضًا”.
وقال غيتس (70 عامًا)، الذي عمل تقريبًا مع كل رؤساء الولايات المتحدة منذ عهد نيكسون (باستثناء كلينتون) إن وراء جبهته الهادئة، سيئة السمعة، كان “يغلي” أحياًنا كثيرة، لأنه شعر بأن أوباما وطاقمه لم يثقوا به. ويبدو أن كتابه الجديد هو طريقه للانتقام على ذلك.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض ردًا على الكتاب إن “الرئيس يرحب بالاختلافات في الرأي لدى فريقه الأمني القومي، التي من شأنها توسيع الإمكانيات لتحسين سياساتنا”، مضيفة أن الرئيس أوباما لا يتفق مع ما قاله غيتس.