شارك مئات الإسرائيليين في جنازة رونين لوبرسكي، الجندي من وحدة دوفدفان بعد أن تعرض لإصابة خطيرة في رأسه أسفرت عن مقتله وذلك بعد إلقاء لوح رخام عليه أثناء حملة عملياتية في مخيم اللاجئين الأمعري، في ضواحي رام الله في الأسبوع الماضي. يوم أمس، السبت، أعلن الأطباء في مستشفى هداسا عين كارم في القدس عن وفاة رونين لهذا دُفن في ساعات الليل في المقبرة العسكرية في جبل هرتسل في القدس. رثى ضابط وحدة دوفدفان لوبرسكي قائلا: “كنت بطلا في موتك، الذي حدث أثناء مشاركتك في عملية للدفاع عن مواطني إسرائيل”.
لوبرسكي هو الجندي الأول من وحدة دوفدفان الذي قُتِل أثناء حملة عملياتية نتيجة عملية إرهابية مباشرة. “هذه كارثة خطيرة”، قال أخ رونين. “عرفنا أن حالة رونين كانت خطيرة ولكن كان لدينا أمل. لقد ظل على قيد الحياة خلال 48 ساعة ولكن في النهاية لم يتحمل جسمه بعد”.
وقال أخ لوبرسكي: “أعتمد على الجيش وأؤمن أنه سيعثر على الفلسطيني الذي قتل أخي سريعا”، هذا ما قاله قاصدا الجهود للعثور على الفلسطيني الذي ألقى لوح رخام على أخيه وقتله، مضيفا: “نحن أقوياء، وعلينا أن نتابع حياتنا بأفضل شكل كجزء من انتصارنا”.
قال قريب عائلة لوبرسكي في جنازته: “لم يعرفك الفلسطيني الذي قتلك. لقد أراد الإضرار بنا جميعا، لكنه لم ينجح”.
قال ممثل الحكومة الإسرائيلية في الجنازة، نائب الوزير إيلي بن دهان: “باسم الجيش الإسرائيلي والمنظومة الأمنية أعدكم أننا سنعمل جاهدين حتى القبض على من أصابك. سنلقي القبض عليه سواء كان حيّا أم ميّتا”.
رئيس الأركان الإسرائيلي، الجنرال غادي أيزنكوت، أعطى أوامر في شهر تموز 2015 السنة الماضية، لإقامة “وحدة الكوماندوز”، وهي وحدة قتالية ممتازة مؤلفة من 4 وحدات خاصة ومخضرمة تعمل في الجيش الإسرائيلي . وحدة مجلان، ريمون، أغوز، ودوفدوفان. في كانون الأول 2015 أقيمت مراسم الاحتفاء بإنشاء الوحدة. لقد أوضحوا في الجيش أن شارة الوحدة تعبّر عن طابعها ومميزاتها: يرمز السهم المزدوج إلى قدرة وصول الجيش إلى أي مكان تستدعي الحاجة الوصول إليه، ويمثل سكين الكوماندوز القتال الميداني.
هدف الوحدة، التي أنهت هذا الأسبوع أول تدريب عسكري لها، هو تشكيل وحدة كوماندوز متاحة، مستقلة ومرنة – مختصة في القتال الميداني وجها لوجه ذات أهداف مركبة، في تنفيذ مداهمات بعيدة المدى وأن يكون لديها القدرة على العمل المستمر في عمق منطقة العدو.
كما ذكرنا فإن وحدة الكوماندوز مؤلفة من 4 فرق خاصة في الجيش: فرقة مجلان – التي تعمل مع وسائل خاصة خلف خطوط العدو، وحدة المستعربين، دوفدوفان، التي تعمل بشكل أساسي ضد مطلوبين في الضفة الغربية، وحدة أغوز التي أقيمت بالأساس في التسعينات لخوض حرب عصابات ضد حزب الله في لبنان ووحدة ريمون، التي أقيمت في عام 2010 من جديد، كوحدة كوماندوز صحراوية لمواجهة تحديات داعش على الحدود المصرية وفي غزة.
شارة وحدة الكوماندوز (IDF)
في الحرب القادمة، مع وجود 140 ألف صاروخ وقذيفة لدى حزب الله وقوتها المدمرة الهائلة في الداخل الإسرائيلي، للمنشآت الاستراتيجية والقواعد العسكرية، فستكون وحدة الكوماندوز من الوحدات الأولى التي ستتحرك إلى عمق منطقة العدو من أجل تشويش عملية إطلاق الصواريخ.
أطلِق على التدريب الأول للوحدة الذي اكتمل هذا الأسبوع اسم “ليلة الجسور”: 4 أيام تتحدُ فيها الوحدات الأربع الخاصة وتبذل جهود شن هجوم واحد. وهي عملية تهدف إلى إخلال توازن العدو، خلال تفعيل جهود مشتركة لشن الهجوم. تدربت وحدة الكوماندوز في غور الأردن، ولكن من الأرجح أنها قد فكرت في حزب الله، في المنطقة الشمالية.
لقد اعترف ضباط الوحدة الجديدة للإعلام الإسرائيلي أن وسائل القتال الخاصة بالوحدة تتمثل بالمقاتلين أنفسهم. إنها قوات خاصة، مؤلفة من مقاتلين خضعوا إلى تأهيل هام وطويل ويمكنهم مجابهة التحديات، وأيضا الارتجال الميداني، ولكنهم أيضا يتمتعون بمواهب عديدة نسبيا في مختلف الوسائل القتالية.
مسلسلات التلفزيون الإسرائيلي تمدّ حدود القدرات الأمنية الإسرائيلية إلى أقصى مدى: عمليات خطف، اغتيالات، تجارة بالأسلحة الخطيرة في البلاد وفي الدول العدوّة والجمهور الإسرائيلي يحبّها
في هذه الأيام التي تقوّضَ فيها الأمن في الشارع الإسرائيلي قليلا، فإنّ المورد التلفزيوني الأكثر جذبا بالنسبة للكثير من الإسرائيليين هو: المسلسلات التلفزيونية الأمنية.
تتنافس شبكات التلفزيون الإسرائيلية بينها حول من تُقدّم للمشاهد الإسرائيلي مسلسل الإثارة الأفضل والأكثر إثارة بإيحاء من عمليات الموساد أو الشاباك.
ملصقة لمسلسل فوضى
قبل نحو نصف عام كان ذلك مسلسل “فوضى”، وهو مسلسل إثارة عن عمليات وحدة المستعربين التي يقودها الجيش الإسرائيلي في مدن الضفة الغربية للعثور على الإرهابيين وهذه المرة يجري الحديث عن مسلسل “مزدوجون”، المسلسل الذي غيّر قواعد اللعبة تماما سواء على مستوى الاستثمار الاقتصادي أو مراهنة السيناريو التي لا أساس لها من الصحة.
يتناول المسلسل قصة خمسة مواطنين إسرائيليين، والذين ليس بينهم ظاهريا شيء مشترك، باستثناء حقيقة أنّهم يحملون، بالإضافة إلى المواطَنة الإسرائيلية، جنسية أجنبية وجواز سفر أجنبي. في صباح أحد الأيام خلال عملهم الاعتيادي يكتشفون أنّهم متّهمون بالتورّط في عملية اختطاف أثارت العالم كله – عملية اختطاف وزير الدفاع الإيراني لدى زيارته السرية إلى موسكو في روسيا.
وبعد الاختطاف، تغطي عدسات الأخبار في جميع أنحاء العالم الحدث وهي تبثّ مقاطع فيديو من كاميرات المراقبة في الفندق الذي كان فيه. وتنسب الشبكات الإعلامية العالمية عملية الاختطاف إلى جهاز الموساد الإسرائيلي، وسرعان ما يتحوّل الإسرائيليون الخمسة إلى مطلوبين، ويتم كشف معلوماتهم الشخصية، بما في ذلك جوازات سفرهم وصورهم الشخصية، في التلفزيون ومن ثم تنشر في جميع وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم.
ملصقة لمسلسل المزدوجون
وتثير هذه التغطية الإخبارية التي لا تتوقف لدى الإسرائيليين الخمسة عاصفة علنية مليئة بالتوقعات والمشاعر المختلطة من قبل الجمهور. وكل محاولة منهم لنفي أية علاقة بالتورط في الأمر كانت عبثا. و تتنصّل الحكومة الإسرائيلية والموساد نفسه من أية علاقة بالأحداث والاتهامات، ويبقى الخمسة ليواجهوا كل هذه القصة وحدهم تماما، وإن كان سيُكتشف في نهاية المطاف بأنّهم لم يكونوا أبرياء.
عمل كاتب سيناريو المسلسل، المشاهد كثيرا في إسرائيل، في الماضي، كمراسل ومحلل للشؤون العربية في صحيفة “معاريف”، ولذلك فقد تعرّف جيدا على قضية المبحوح الذي كان أحد مصادر الإلهام في إطار كتابة المسلسل.
ويقول كاتب السيناريو ومبدع المسلسل عن عملية الكتابة إن المسلسل موجّه بداية إلى الجمهور الإسرائيلي، ويضيف “أدركنا أنّ هناك قوة جذب عالمية لذلك. ولكن أيضًا عندما فكرنا بجذب جمهور أجنبي، لم نعتقد أنّ المسلسل سيتم استقباله كما هو، وحرصنا على أن تُوقظ شخصياته في النسخة الإسرائيلية تضامن الجمهور المحلي. وقد أردنا أن نحكي قصة إسرائيلية حقيقية. فكانت نقطة البداية لدينا “ماذا كان سيحدث لنا لو”، ومن هناك ابتعدنا عن أحداث الواقع وطوّرنا ذلك باتجاه دراماتيكي… كل موضوع الجوازات المزدوجة هو ذي صلة بإسرائيل. حتى المشهد الافتتاحي للمسلسل الذي نرى فيه شابا يصل بين قطع سلاح مفكّكة أمام شخص بالغ، معروف للإسرائيليين”.
ملصقة لمسلسل المزدوجون
قبل خمس سنوات تقريبا، اغتيل في دبي أحد مسؤولي حماس، محمود المبحوح. وحينها لم تعترف إسرائيل مطلقا بشكل رسمي أنّها كانت تقف خلف عملية الاغتيال، ولكنها لم تنفِ ذلك أيضًا. وقد ربّت الجميع على كتف “الموساد الإسرائيلي”، وهو ما زال حتى اليوم يثير في بعض الأحيان مسلسلات الإثارة والحركة. أما من كان راضيا أقلّ عن ذلك فهم 11 شخصا، من بينهم بعض الإسرائيليين، والذين زوّرت جوازات سفرهم واستغل منفذي عملية الاغتيال أسماءهم. أبطال “المزدوجين” هم أشخاص كهؤلاء، وقد فازوا بـ 15 دقيقة من الشهرة رغما عن إرادتهم. ورغم أنّ الاغتيال كان لمسؤول إيراني وعلى أرض موسكو، ولكن القصة هي القصة نفسها.
وقد أشادت الانتقادات: “إنه مثير – وبخلاف مسلسلات عديدة أخرى، فالإثارة لا تأتي على حساب الحبكة، إنه مصنوع بشكل جيد – تماما من كافة الجوانب، وهو مثير للاهتمام ونجح في أن يكون مختلفا في مشهده، وهو يجتاز الامتحان الأكثر اعتبارا لمسلسل تلفزيوني: لن تشعروا كيف يمرّ الوقت عندما تشاهدونه”، هذا ما جاء في أحد المقالات النقدية في صحيفة “معاريف”.
وقد كانت نسب المشاهدة أيضًا مرتفعة جدّا. حظيت الحلقة الأولى من المسلسل بمعطى مرتفع بنسبة 30% من نسبة المشاهدة، واعتبرت كمسلسل ذات الإطلاق الأعلى منذ العام 2012. وقد حصلت الحلقة الأخيرة على 29.4% نسبة مشاهدة. ووصل معدّل نسبة المشاهدة لكل الموسم (8 حلقات) إلى 26.5% للحلقة. يعتبر “المزدوجون” مسلسل الدراما مع أعداد المشاهدين الأكبر منذ أي وقت مضى في إسرائيل.
الكوماندوز الخاصة بهدف “ملاءمة قدرات قتالية، لكل هذه الوحدات، قدرات تتناسب والخطر الحالي الآخذ بالتطور من قبل التنظيمات الإرهابية”، هذا ما جاء في بيان الناطق باسم الجيش الإسرائيلي.
يضم الجيش الإسرائيلي حاليًا عدة وحدات كوماندوز خاصة، ولقد تم تشكيل كل واحدة منها لمواجهة تهديد خاص ضد أمن دولة إسرائيل. تم تشكيل وحدة “دوفدوفان” للقيام بعمليات مُعقدة، عمليات مُستعربين، في داخل المناطق الفلسطينية، وتم تشكيل وحدة “إيجوز” كوحدة متخصصة للقتال في جنوب لبنان ضد حزب الله، وأقيمت وحدة “ماغلن” من أجل تدمير أهداف هامة في عمق أراضي العدو، وأقيمت في السنوات الأخيرة وحدة “ريمون” لمواجهة الإرهاب من جهة الحدود المصرية.
الهدف من هذا الإجراء هو ليس تشكيل المزيد من الوحدات الجديدة، بل تركيز كل وحدات النخبة البرية تحت قيادة واحدة رئيسية، مثل كتيبة “رينجرز” التابعة لجيش الولايات المُتحدة. يهدف هذا إلى أن يكون تدريب وتأهيل هذه الوحدات شبيهين وتحت منطق عمليات شبيه، حيث أنه عند الحاجة يمكن لهذه الوحدات التعاون بشكل أفضل والعمل ضد العدو.
أحد الأسباب وراء تشكيل هذه الكتيبة هو التهديدات الجديدة التي تواجهها إسرائيل على حدودها، ولا سيما تعاظم قوة تنظيم داعش، سواء كان في الحدود الشمالية مع سوريا، أو في الجنوب، في سيناء، قريبًا من الحدود بين إسرائيل ومصر وداخل قطاع غزة. سيتم تدريب الوحدات، على الأغلب، على القيام بـعمليات سرية في عمق أراضي العدو، والتي من شأنها أن تساعد إسرائيل على مواجهة العمليات الإرهابية ومواجهة التهديدات دون الوصول إلى حالة القتال وجهًا لوجه.
الشركة الأمريكية "نتفليكس" تقتني مسلسل الدراما الإسرائيلي "فوضى"، الذي يسرد قصة ملاحقة أحد أكبر قادة حماس في الضفة الغربية، توفيق حامد، على يد وحدة المستعربين. اقرأوا مقابلة خاصة مع مؤلف المسلسل
في بداية كل حلقة من مسلسل “فوضى”، تظهر عبارة توضيح: “فوضى هو مسلسل خيالي لا يستند إلى الواقع. الأحداث التي فيه هي نتاج الخيال”. ولكن من يشاهده يفهم فورا أن الفصل بين الواقع والخيال ليس بسيطا جدا، حيث إن المسلسل يصف بقدر كبير من الموثوقية الواقع المعقّد والصعب للحياة في الضفة الغربية وإسرائيل. إنه مسلسل خيالي تجري أحداثه يوميّا قريبا جدّا منّا.
يصف المسلسل وحدة من المستعربين؛ وهم جنود في وحدة نخبة في الجيش الإسرائيلي يتسللون إلى الأراضي وهم متنكّرون بعرب وينشطون تحت غطاء، ملاحقين أحد أكبر قادة حماس في الضفة، توفيق حامد، أبو أحمد (كما ذكرنا، الأسماء والشخصيات مختلقة تماما). في المقابل، يتتبّع المسلسل أعضاء حماس، أسرهم وحياتهم الشخصية، ويرسم صورة دائرية للواقع المعقّد.
مؤلفو المسلسل، الصحفي آفي يسخاروف والممثّل ليئور راز، جلبوا الكثير من تجربتهم الشخصية إلى داخل السيناريو، سواء باعتبارهم جنودا في الجيش الإسرائيلي، أو من خلال محاولة استمرت لمدة 15 عاما في التغطية في الأراضي المحتلة من الميدان.
كُتب المسلسل لصالح التلفزيون الإسرائيلي، ولكن من الواضح أنّه سيثير اهتماما كبيرا أيضًا في أوساط الفلسطينيين
وفي حديث مع يسخاروف، يحكي لنا عن عملية التأليف، التفكير والواقع الذي خلف المسلسل، ويعد بتطوّرات مثيرة للاهتمام. نشأت فكرة المسلسل، كما يقول، من خلال محاولة راكمَها خلال السنين عندما كان يغطّي الضفة الغربية وقطاع غزة، من خلال الواقع الذي شاهده، والمحادثات التي أجراها مع أعضاء حماس، فتح، ورؤساء السلطة والأجهزة، وأيضًا مع أعضاء الوحدات الخاصة في الجيش الإسرائيلي الذين يعيشون داخل تلك الأراضي المحتلة. إن لقاءه بكلا الطرفين هو الذي جعله يؤلف هذه السلسلة من خلال وجهتي النظر.
اسم المسلسل، “فوضى”، ليس مفهوما ضمنا فقط. فسوى التفسير العربي للكلمة، فإنّها أيضًا كلمة السر التي يستخدمها المستعربون عندما ينكشفون في المنطقة، من أجل أن يرمز بعضهم لبعض، وأيضا لأعضاء المراقبة المتصلين، بأنّهم انكشفوا (ويفترض أن تحدث فوضى على الفور بعد ذلك، عندما ينقضّ عليهم الكثير من الغضب).
كُتب المسلسل لصالح التلفزيون الإسرائيلي، ولكن بالنسبة ليسخاروف فمن الواضح أنّه سيثير اهتماما كبيرا أيضًا في أوساط الفلسطينيين، وفي العالم العربي عمومًا. “كما أنّه يثير فضولنا أن نرى ونتعرف على الطرف الآخر من الداخل، فهم أيضا فضوليون تجاهنا”، كما يقول. بحسب تعبيره، فلديه أصدقاء في الضفة وفي غزة ينتظرون المسلسل بالفعل. ولا شك لديه بأنّ المسلسل سينشئ ضجّة وسيثير إعجاب الكثيرين. حصلت الحلقة الأولى، التي سيتم بثّها للمرة الأولى في إسرائيل والتي تمّ نشرها فعلا للمشاهدة الكاملة في يوتيوب، على آلاف المشاهدات، وتحتها سلسلة من الطلبات، بالعربية أيضًا، لنشر المسلسل مع الترجمة للعربية، الإنجليزية، ولغات أخرى.
الصحفي آفي يسخاروف، مؤلفو المسلسل
وفي الواقع، فإنّ الحلقة مشوّقة، قوية، ومُخرجة بشكل جيّد. من يشاهدها لا يستطيع ألا ينجرف وراء الشخصيات؛ من جهة، فهناك تماهٍ مع الجنود الذين يخرجون لتنفيذ المهمة، والقبض على أحد قادة حماس المسؤول عن قتل مئات الإسرائيليين. هناك طموح بأن ينجحوا في المهمّة، وقلق حول مصيرهم عندما تبدأ الأمور بالتعقّد. ومن جهة أخرى، يظهر المسلسل، بشكل استثنائي، زاوية نظر أعضاء حماس، الذين من المعتاد جدّا كرههم في إسرائيل.
ويظهر في أحد المشاهد أحد قادة حماس الفارّين عندما يصل للقاء وحده مع شقيقه، في يوم زفافه، بعد أن لم يره منذ أكثر من عام ونصف. الحوار إنسانيّ جدّا، مؤثّر، ويتماهى المشاهدون مع الشخصيات ومشاعرها.
سألتُ يسخاروف: “كيف تعتقد أنّ المشاهد في إسرائيل سيستقبل هذه “الأنسنة” التي تقومون بها لأعضاء حماس”؟ أجاب بأنّه متأكّد بأنه سيكون هناك نقد تجاه هذه المسألة، ولكن هذا عنصر مهمّ وهم ليسوا مستعدّين للتنازل عنه.
“جزء مهمّ من المسلسل هو كسر هذه الوصمات السائدة في إسرائيل. أن نُظهر لهم بأنّ من اعتادوا على رؤيتهم كأعداء تلقائيين، هم آدميّون، ولديهم زوجات يحبّونهنّ، وأطفال صغار الذين يمثّلون كلّ الحياة بالنسبة لهم”، كما يقول. “عندما نرى في إسرائيل أحدا يجلس في غرفة الجلوس في منزله، يحبّ زوجته ولديه ضعف أمام الحلويات، فإنّهم يبدأوا بالإدراك بأنّها شخصية أكثر تعقيدًا”.
“التقيت بزوجة عمر أبو عايشة، أحد الإرهابيين الذين اختطفوا ثلاثة مراهقين إسرائيليين قرب الخليل في الصيف الماضي”
أما التحقيق العميق في المسلسل فقد قام به خلال العمل، كلما أتاح له الواقع ذلك. “التقيت بزوجة عمر أبو عايشة، أحد الإرهابيين الذين اختطفوا ثلاثة مراهقين إسرائيليين قرب الخليل في الصيف الماضي”، كما يقول. “عندما نجلس في غرفة الجلوس في منزلهم، نرى واقع حياة أعضاء حماس، العادات، ماذا يُقال وما لا يُقال، أية عبارات وإيماءات يستخدمون. ومن خلال ذلك قدّمت الكثير من النصائح للممثّلين”.
من الجانب الإسرائيلي، فقد كان التحقيق أكثر سهولة، وإن كان معقّدا. “المستعربون هم نماذج خاصة. رغم أنّ هناك حاجة إلى لغة عربية جيّدة جدّا وإلى مظهر صحيح من أجل أن تبدو مستعربا، ولكن ذلك لا يكفي. فأنت بحاجة لتكون مجنونا في هذا الأمر، أن تحبّ المخاطرة والأدرينالين، إنهم أشخاص متشرّبون جدّا لأهدافهم. بل إنّهم مدمنون على ذلك”. ويقول أيضًا إنّ المستعربين يعتمدون الثقافة العربية في حياتهم الشخصية أيضًا، يتحدّثون فيما بينهم بالعربية (كما يمكن أن نرى في أحد مشاهد المسلسل)، يستمعون إلى موسيقى عربية، فهذا جزء لا يتجزأ من حياتهم.
الحلقة الأولى مشوّقة جدّا، ووفقا لوعود يسخاروف، فإنّ ذلك سيأخذ بالازدياد. سيكون بعض السيناريوهات سخيفًا، وربما، متخيّل، وبعيد عن الواقع الذي نعرفه، من أجل الحفاظ على الدراما. ولكن كل من عاش هنا يعلم بأنّ الواقع أحيانًا يتجاوز كلّ خيال. شاهِدوا الحلقة الأولى:
المستعربون هو وصف رجال قوات الأمن الإسرائيليين الذين يموّهون أنفسهم كأنّهم من العرب، من أجل الاندماج في المجتمع العربي النموذجي، ويكون ذلك عادة لأغراض أمنية معيّنة. هناك عدد من الوحدات من المستعربين في إسرائيل والتي تنتمي إلى أجهزة أمنية مختلفة. المعروفة من بينها هي وحدات المستعربين التي تنتمي إلى حرس الحدود وتلك المنتمية إلى وحدة “دوفدوفان” (الكرز – وحدة معيّنة خاصّة، للقتال في أراضي الضفة الغربية، سنتحدّث عنها في التقارير القادمة).
ومصدر اسم المستعربين هو كنية عن نشاط “الاستعراب” الذي يقومون به، وتشكّلت الكلمة من خلال الالتحام بين كلمة “الاعتداء” (بالعبرية: הסתערות) وكلمة “عرب” (بالعبرية: ערבים)، ويعبّر الاسم عن الاندماج في الأراضي وكأنهم عرب، حتى لحظة الهجوم. وقد التصق وصف المستعربين بجميع المقاتلين المندمجين في صفوف السكان في المناطق القريبة من العدوّ، حتى حين تكون مهمّتهم المعرّفة ليست هي الهجوم وإنّما جمع المعلومات الاستخباراتية فقط.
كلا وحدتي المستعربين التابعة للجيش الإسرائيلي، تلك المنتمية لوحدة “دوفدوفان” والأخرى المنتمية لحرس الحدود، تقومان بإجراء ترسانة من العمليات الهائلة والسرية والتي لديهما معجبين متحمّسين. عملية كلتاهما جعلتا من مهمّة الاستعراب ميزة في العمليات، وكلتاهما تعملان في الأراضي يوميًّا.
عرب حرس الحدود
جلب المعلومات الاستخباراتية، الخطف، الكشف عن المخرّبين، الاغتيالات، معالجة أعمال الشغب والاعتقالات؛ تلك هي المهامّ التي تقوم بها وحدة المستعربين التابعة لحرس الحدود، في منطقة معادية وفي ظروف صعبة، ولا تصبح أبسط عند تنفيذ العملية خلال الاندماج مع السكّان المحلّيين.
تعمل وحدة النخبة منذ سنوات التسعينات باستخدام أساليب التمويه، الاندماج في المنطقة والتنكّر، وكلّ ذلك من أجل الوصول بأقرب ما يكون إلى الأهداف دون إثارة الشكوك. وتتميّز عمليات مكافحة الإرهاب بفرق عمل صغيرة تقوم بالتلاعب بالأهداف، مع استخدام المعلومات الاستخباراتية والتعاون مع وحدات أخرى. وخلال تأهيلها، يتعلّم مقاتلو وحدات المستعربين عادات القرى المختلفة، طريقة الكلام، عن العشائر وموازين القوى بينها، ويستخدمون هذه المعلومات المهمّة للاستعراب.
مع اندلاع الانتفاضة الأولى (1987) فُرض على الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود على حدِّ سواء بأنّ يخفّضا مستوى العنف في الأراضي المحتلة. وفي هذا الإطار تم تأسيس وحدة المستعربين التابعة لحرس الحدود، إلى جانب وحدة المستعربين التابعة لوحدة “دوفدوفان”.
لا تزال معظم المعلومات عن العمليات الاستطلاعية سرّية. وبفضل هؤلاء المقاتلين تم إجراء المئات من عمليات الاعتقال الناجحة للمخرّبين، وإجراء عمليات مكثّفة هناك. وقد حظيت وحدات الاستطلاع المختلفة على مرّ السنين بمجموعة متنوعة من الميداليات، على العمليات المميّزة في الحرب على الإرهاب وعلى إظهار الجرأة، الشجاعة، المثابرة في المهمّات والبرود.
يندمجون في الميدان، وحدة المستعربين في الجيش الإسرائيلي (IDF Flickr)
وتتكوّن وحدة المستعربين التي تعمل في إطار حرس الحدود والشاباك من عدد من الوحدات الفرعية المنتشرة في البلاد وفقًا للمناطق والمقاطعات. تعمل وحدات المستعربين في منطقة الضفة الغربية تحت قيادة الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام، وهي متخصّصة في حرب في مناطق فيها أبنية سكنية، فقد عملت وحدة المستعربين سابقًا في قطاع غزة، ولكن بعد فكّ الارتباط انتقلت للعمل ضدّ المخرّبين الذين يحاولون الدخول إلى إسرائيل من غزة أو مصر، وتعمل وحدة مستعربين القدس في منطقة القدس وهي متخصّصة في العمل الاستعرابي في أوساط سكّان المنطقة الشرقية.
رجال “دوفدوفان”: مستعربون متخصّصون
تعتبر وحدة “دوفدوفان” وحدة مشاة نخبة تمّ تأسيسها عام 1986، وهي تعمل في أراضي الضفة الغربية من أجل منع الأعمال الإرهابية العدائية. وتنفّذ أنشطتها الرئيسية بطريقة استعرابية، حيث يقوم مقاتلوها بالتنكّر بزي العرب والاندماج وسط السكان المحلّيين. وتقوم الوحدة أحيانًا بتنفيذ مهامّها بطريقة علنية، وهي تتواجد في استدعاء دائم للعمليات على مدار أيام السنة، لأنّها تتعامل إمّا مع عمليات تم تحديدها مسبقًا أو وفقًا للحاجة بموجب تحذيرات من الشاباك. وتتفرّد الوحدة بتنفيذ العمليات الخطرة في قلب المدن الفلسطينية.
ويستغرق مسار خدمة المقاتل في الوحدة نحو عام وأربعة أشهر. في البداية يكون المسار مشابهًا جدًّا لمسار تدريب مقاتلي المشاة ويشمل تدريبات أساسية وتدريبات متقدّمة، ولكن في وقت لاحق تتوسّع المضامين أكثر وتشمل تدريبات قتالية خاصّة وتدريبات متخصّصة. بعد ذلك يمرّ المقاتلون بتدريب مكافحة الإرهاب، القتال الصغير (حرب العصابات)، الهبوط، القنص، تدريبات ملاحية على مستوى عالٍ (ملاحة المناطق المفتوحة والمبنية) والقتال القريب. أيضًا، يمرّ بعض المقاتلين بتدريبات في دراسة اللغة العربية الفصحى والمحكية والتمويه.
ومن المعتاد أن يقال إنّ وحدة “دوفدوفان” هي أحد الأسباب الرئيسية في أنّ معدّل النشاط الإرهابي في المدن الإسرائيلية انخفض إلى ما يقارب 0% وهذا على عكس ما كان يحصل في إسرائيل في منتصف التسعينات. ويقال أيضًا إنّ مقاتلي وحدة “دوفدوفان” هم نوع من الآلات الحربية والاستعراب، وأنّهم يدفعون ثمنًا شخصيّا ثقيلا لإدارة حياة مزدوجة.