“لا يشعر ببهجة شهر رمضان من فقد والدته”، قالت أمنة كنعان عند بداية الجولة بمناسبة شهر رمضان، التي شاركت فيها مجموعة من الإسرائيليين في كفر قرع. “المرأة فريدة من نوعها، تجمع العائلة، وتقوم بكل خطوة بحب تام. وهي ملكة من حيث سخائها، وتعمل كل الواجبات والمهام المنزلية وحدها – وكل هذا وهي صائمة”، قالت أمنة.
أمنة مع المشاركين في الجولة
بمناسبة شهر رمضان، شاركنا في جولة خاصة في كفر قرع، لمعرفة كيف تستعد البلدات لنهاية صوم رمضان. شارك في الجولة إسرائيليون من مناطق مختلفة، معنيون بمعرفة المزيد عن التقاليد المتبعة في شهر رمضان المبارك، والتعرف إلى روتين حياة جيرانهم المسلمين خلال هذا الشهر الفضيل.
زيارة إلى حانوت الحلويات
نظم الجولة منتدى “دروب متداخلة” الذي يشارك فيه مواطنون ومبادرون عرب ويهود من أنحاء إسرائيل، ويعملون معا لدفع السياحة المشتركة في المنطقة قدما، وكذلك جمعية “النسيج الأخضر في وادي عارة”، وهي جمعية يهودية عربية تدفع السياحة في منطقة وادي عارة في شمال إسرائيل قدما. يعمل منتدى “دروب متداخلة”، الذي يبادر إلى إقامة عدد من النشاطات ويشجع السياحة المشتركة في إسرائيل، علما منه أنه يمكن للنشاطات السياحية تشجيع التعارف الحقيقي البعيد عن الآراء المسبقة، وتشجيع التعاون العربي – اليهودي.
قرية كفر قرع هي بلدة إسلامية وتقع في الجانب الجنوبي من وادي عارة، الذي يتضمن بلدات عربية – إسرائيلية كثيرة. يعيش في القرية نحو 17 ألف مواطن. مرشدة الجولة هي أمنة كنعان، من كفر قرع ومديرة عامة لجمعية “من أجلكِ للتوعية”، التي أقامتها مجموعة من النساء في كفر قرع، بهدف تحسين حياة النساء في المنطقة وخلق بيئة داعمة لتمكين النساء في المجتمَع العربي في إسرائيل.
كفر قرع (لقطة شاشة)
“قال لي والدي دائما – تعرفي على الآخَر وتعطافي معه”، قالت أمنة. وفق أقوالها، أقيمت جمعية “النسيج الأخضر في وادي عارة” قبل 16 عاما، بهدف تشجيع السياحة في المنطقة والتعارف بين القرى المختلفة والمواطنين. “لا يتحدث الأشخاص معا بشكل مباشر. تعلمت العبرية في المدرسة، ولكن حتى سن 17 عاما لم أتحدث مع اليهود”، قالت أمنة. وأضافت: “لم يجرأ اليهود على الالتفات من حولهم. لقد كان صوتي مختلفا عن صوت الآخرين، فتحت منزلي أمام الضيوف، دعوت أشخاصا، وهكذا بدأت بتحقيق حلمي وإقامة الجمعية، وكل ذلك بالتعاون مع طال راز من بلدة ‘كتسير’.”
منطقة وادي عارة (Yossi Zamir / Flash90)
منذ ذلك الحين وحتى اليوم يصل الكثير من السياح من إسرائيل وخارج البلاد إلى قرية كفر قرع والبلدات المجاورة، ويشارك الكثيرون منهم في جولات “ليالي رمضان”. وفق أقوالها، “هناك حروب طيلة الوقت في إسرائيل، لهذا يخاف الأشخاص من الوصول إلى منطقة كفر قرع، ما يؤدي إلى أضرار في المنطقة. كان هدفنا هو أن يزور الإسرائيليون المنطقة، لهذا بدأنا في التفكير كيف يمكن تشجيعهم على ذلك”. وهكذا بدأت جولات “ليالي رمضان” قبل نحو 15 عاما. “ننجح بواسطة هذه الجولات في البلدة والتنقل في أزقتها في تقريب القلوب. كما أني تعلمت في جامعة إسرائيلية وتعرفت إلى اليهود، هكذا أردت أيضا أن يتواصل اليهود معي باللغة العربية”.
بعد أن شرحت أمنة أمام أفراد المجموعة عن بعض التقاليد المتبعة في شهر رمضان، الصلوات المختلفة، الصوم ووجبة الإفطار، أجرينا جولة مميزة داخل كفر قرع، لنتعرف عن قرب كيف تشعر النساء في شهر رمضان. شاهدنا في وسط القرية المارة وهم يشترون المشتريات الأخيرة قبل وجبة الإفطار، زرنا المخابز وحوانيت الحلويات الخاصة بشهر رمضان، وتعلمنا كيف يمكن إعداد القطايف.
امنة تستعد القطايف
تحدثت أمنة كثيرا عن نشاطاتها الاجتماعية في القرية وتعاونها مع جهات ومنظمات أخرى لدفع التعايش بين العرب واليهود في إسرائيل قدما. “أقمنا مدرسة ثنائية اللغة، يتعلم فيها طلاب عرب ويهود معا. تدرّس في المدرسة أوجه الشبه بين الديانات، وبين اللغتين العربية والعبرية، ويُحتفل فيها بكل الأعياد”، قالت أمنة.
مسجد “نداء الحق”
كما وزرنا في وقت لاحق مسجد “نداء الحق” في القرية وشرح لنا فيه رجل دين عن عادات شهر رمضان وأجاب عن أسئلة كثيرة طرحها أفراد المجموعة الفضوليون فيما يتعلق بالوصايا الإسلامية. في نهاية الجولة، تناولت المجموعة وجبة إفطار احتفالية في منزل أمنة كانت قد أعدتها مسبقا. بعد أن سمعنا صوت آذان المغرب وموعد الإفطار في ذلك اليوم، شعرنا فورا بأجواء الاحتفال التي بدأت تسود في القرية وتناولنا وجبة الإفطار.
زيارة الى مسجد “نداء الحق”
خلال الجولة وتناول الوجبة، تحدثت أمنة عن قصص كثيرة مميزة بمناسبة شهر رمضان، من وجهة نظر النساء، وعن نشاطاتها الاجتماعية الكبيرة وتجاربها كامرأة عربية ومسلمة في إسرائيل. “تغيرت مكانة المرأة كليا في يومنا هذا”، قالت أمنة بشكل حازم. “لا يشكل جسم المرأة مصنعا. ففي يومنا هذا، تتعلم النساء وتعمل، وأصبحت تكلفة تربية الأطفال باهظة جدا”. كما وتحدثت أمنة عن كيف فتحت في منزلها جامعة اجتماعيّة، دعت نساء القرية للمشاركة فيها وتعلم مواضيع مختلفة، مثل تخطيط الأسرة، وصحة المرأة. “يتحدث القرآن عن المساواة، ولكن تكمن المشكلة في التحليل. ليس هناك مَن يتحدث أن على المرأة تربية الأطفال والعمل كخادمة”، ادعت أمنة.
إفطار إحتفالي في منزل أمنة
وتحدثت أمنة عن مشروع “نساء يطبخن السلام”، إذ تستضيف في إطاره نساء مسلمات ويهوديات، يطرحن كل المخاوف ويتحدثن عنها، ويدرن حوارا منفتحا. ولكن، وفق أقوالها، يؤثر الوضع الأمني والسياسي في كل مرة من جديدة في نشاطات الحوار والجولات في شهر رمضان التي تعدها. “منذ المعركة الأخيرة في غزة، لم أطبخ. أريد أن أحضر الوجبات ولكن لا أعرف ماذا أحضر. لقد ألغى الزوار طلبات المشاركة في جولات رمضان، لهذا نشعر بالحزن”.
“متى سيمتلأ القدر في منزلي بالحب، الغنى، والمعرفة؟”، تساءلت أمنة وأضافت: “أسعى إلى الحفاظ على النسيج البشري، ولكن هذا لا يتعلق بي. السياسيون هم المسؤولون الكبار عن ذلك”. وأوضحت أنه في حرب غزة في عام 2014، ألغيت جولات رمضان كان قد طلب إسرائيلون المشاركة فيها مسبقا. لقد أكدت أمنة على رغبتها في تغيير الآراء المسبقة التي يحتفظ بها اليهود في إسرائيل عن العرب. “لماذا هناك آراء مسبقة عن التعرض لمخاطر في منطقة وادي عارة؟ لا تصدقوا السياسيين ووسائل الإعلام، ولا تسمحوا للمتطرفين من كلا الجانبي في إدارة حياتنا. عليكم زيارة كفر قرع والحكم على الأمور بأنفسكم، والنظر بتمعن إلى النسيج البشري الجميل في منطقة وادي عارة”، قالت أمنة.
المحادثة تستمر بعد الإفطار
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني