ترك أكثر من 3000 أوروبيّ وأمريكيّ عائلاتهم من أجل الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). أُعتُقِل عدد من الشبان الذين كانوا في طريقهم إلى التنظيم، تمامًا كثلاث شابات من كولورادو اللواتي سرقن من أهاليهن 2000 دولار وسافرن إلى تركيا، ولكن تم اعتقالهن من قِبل عامل مخابرات لصالح مكتب التحقيقات الفيدرالي وتمت إعادتهن إلى عائلاتهن. ولكن ما هو مصير الشبان الذين ينجحون بالوصول إلى مناطق سيطرة النظام ومن ثم يندمون ويحنّون للعودة إلى المنزل؟

“يُمكن القول إنني لم أعمل شيئًا سوى طي الغسيل وتوزيع الطعام. كما وأساعد على تنظيف السلاح ونقل الجثث من الجبهة. قد حلّ الشتاء وسيبدأ الوضع بالتردّي هنا”، كتب أحد الشبان الذي التحق بمقاتلي مدينة حلب في سوريا إلى عائلته، وقد نُشِرت رسالته في صحيفة لو فيغارو الفرنسية وأيضًا نُشرت رسائل أخرى لشبان فرنسيين تجندوا لصالح التنظيم كانوا قد أرسلوها إلى عائلاتهم. “سئمت، فإن الآي باد الخاص بي لا يعمل هنا. يجب عليّ العودة إلى المنزل”، كتب آخر. “يريدون أن يرسلوني إلى الجبهة، ولكن أنا لا أعرف القتال”، كتب شاب آخر. كتب آخرون أنهم متخوفون من أن أبنائهم الذين وُلِدوا في سوريا لن يحصلوا على الجنسية الفرنسية.

نوافذ أخرى مشابهة، مثل شهادة مُرتّد هندي الذي ترك التنظيم لأنهم طلبوا منه تنظيف الحمامات وبالتالي صرّح جون ستيوارت في برنامجه الكوميدي أن من شأن شبان مدللين أن يؤدوا إلى انهيار “الدولة الإسلامية”. “ليست الوحشية التي تسبب لهم خيبة أمل من الجهاد، بل لأنهم ليسوا قادرين على الاستماع إلى الألبوم الأخير لتايلور سويفت”، قال ستيوارت.

ولكن، ليس كل الشبان يهربون بسبب نقص الترف. أجرت إحدى المرتدّات عن التنظيم مقابلة تحت اسم بدوي وهو خديجة، روت فيها أنها هربت بسبب خوفها على حياتها. تجندت خديجة لصالح شرطة العفة في مدينة الرقة وتعلمت استعمال السلاح، وكسبت 200 دولار في الشهر. “في البداية، كنت راضية عن عملي. أحسست أن لدي سلطة بالشارع. ولكن، بدأت لاحقا أشعر بالخوف من نفسي. فكرت، هذه ليست أنا، درست التربية”، قالت في مقابلة للسي إن إن.

صورة عن موقع ولاية الرقة الجهادي في 30 حزيران/يونيو يظهر فيها ما يبدو انهم مقاتلون من تنظيم الدولة الاسلامية في مدينة الرقة في شمال العراق (AFP)
صورة عن موقع ولاية الرقة الجهادي في 30 حزيران/يونيو يظهر فيها ما يبدو انهم مقاتلون من تنظيم الدولة الاسلامية في مدينة الرقة في شمال العراق (AFP)

عندما تجندت خديجة لصالح التنظيم، أعلمتها قائدة اللواء أن العنف موجّه فقط ضد “الكافرات”، ومع ذلك بدأت تخاف على حياتها. حسب أقوالها، من بين الناس الخطرين الذين قابلتهم كان المسؤول عن تزويج النساء لمقاتلي التنظيم. “يتصرف المقاتلون الأغراب بوحشية كبيرة تجاه النساء وكذلك تجاه نسائهم. كانت هناك حوادث أدت بنسائهم للوصول إلى غرف الطوارئ بسبب العنف الجنسي”، روت خديجة التي هربت إلى تركيا حين بدأوا يضغطون عليها في مقر اللواء أن تتزوج من أحد المقاتلين.

في الخريف، تواصل مواطن بريطاني مع مركز أبحاث التطرف في لندن وروى لهم أن نحو 30 مقاتلا يريدون العودة إلى البيت ولكنهم يخافون العقاب في بريطانيا. ولكن، رغم أن الشبان النادمين ينتظرهم عقاب في موطنهم، فالخطر المباشر الذي يهددهم هو انتقام التنظيم. في نهاية كانون الأول، في مدينة الرقة، تم إعدام 100 مقاتل غريب حاولوا الهروب من داعش، وتمت إقامة وحدة خاصة وظيفتها معاقبة المقاتلين الذي يحاولون التملص من القتال، هكذا جاء في تصريح International Buisness Times ‎‏. خلال إحدى عملياتها في مدينة الرقة، اعتقلت الوحدة 400 مقاتل لم يتواجدوا في قاعدة التنظيم في الوقت.

“بعد أن شاركوا في الاقتتال من أجل داعش، فهموا أن مهما كانت حياتهم سيئة في الغرب حسب رأيهم، ما زالت أفضل بكثير مما هي عليه الآن. بالنسبة لهم، هذه دعوة لرفع الوعي، وعلى ما يبدو فستفتح لهم هذه التجربة آفاقًا جديدة حينما يعودون”، قال البروفسور لعلوم السياسية في بيروت، هلال خشان، الذي طالب من دول الغرب بالسماح للشبان بالعودة لموطنهم في مقابلة لقناة العربية “على الغرب أن يتطّرق لتصرفات الشبان مثل ما يتطرق إلى الظواهر النفسية، وليس كظاهرة جنائية”.

نشر هذا المقال للمرة الأولى في صحيفة “هآرتس”

اقرأوا المزيد: 557 كلمة
عرض أقل