تتيح انتخابات السلطات المحلية التي تجري اليوم في أرجاء البلاد فرصةً نادرة للإعلام الإسرائيلي للانشغال بقضايا محلية وبموضوع الفساد، لكن رغم الإجماع الواضع على أهمية التصويت للسلطات المحلية، يبقى الشعب الإسرائيلي لامباليًا حيال هذا الشأن بمعظمه. “لستُ مهتمًّا”، “لا أسأل”، ولذلك فالانطباع العامّ هو أنّ نسب التصويت في الانتخابات ستكون منخفضة أيضًا. كل نسبة تصويت تتخطى الخمسين بالمئة تُعدّ نجاحًا كبيرًا، لا سيّما في المدن الكبرى، وعلى رأسها تل أبيب.

لكنّ موضوعًا واحدًا لاقى اهتمامًا زائدًا، وهو غياب النساء في الحُكم المحلي. وخصًّص كثير من الصحفيين ووسائل الإعلام مكانًا واسعًا لهذه القضية، مستطلعين النساء المرشّحات، ومتحدثين عن أسباب نسبة التمثيل المنخفِضة.
عدد رئيسات البلديات في إسرائيل اليوم هو 5: اثنتان على رأس مدينتَين (نتانيا وعراد)، وثلاث يترأسن مجالس محلية ذات عدد سكان منخفض، من أصل أكثر من 250 رئيس سلطة، أي نسبة 2%.

بين أعضاء المجالس، نسبة النساء أفضل قليلًا: 10%. رغم أنّ هذه وظائف بلا أجر، وتأثيرها قليل، يصعب تفسير غياب النساء عن الإدارة المحلية.

لكن هل تتمكن الحملة الإعلامية، الوعي للمشكلة، والاستعداد لمناقشتها ونشر الموضوع من مساعدة عشرات السيّدات المرشّحات لرئاسة السلطات؟

عشية انتخابات السلطات المحلية، لا يبدو أنّ الكثير سيتغيّر. مريم فايربرغ ستبقى كما يبدو رئيسةً لبلدية نتانيا، وإذا كان ثمة مرشحة أخرى لديها احتمال – ولو قليل – في الفوز فهي النائب حنين زعبي المرشّحة لرئاسة بلدية الناصرة. رئيسة بلدية عراد، تالي بولسكوف، ليست مرشّحة اليوم، بل في كانون الثاني القادم (لأسباب تقنيّة). ولذلك، يبدو أنّ الميدان سيبقى مقصورًا على الرجال بشكل مطلق.

النساء البارزات اللاتي يحاولنَ الترشح لرئاسة بلديات كبرى مثل ليئال أبو زوهر في ريشون لتسيون، أوريت رشبي في هرتسليا، دافي بيتون في سدروت، عوفرا فينكلشتاين – بوسكيلا في مجدال هعيمق، عينات روتم في حيفا، وليئة ملول أشكلون – يمكن أن يصلنَ في أفضل الأحوال إلى الجولة الثانية. حتّى هذا يبدو صعبًا الآن.

أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو أن لا قيود على عدد ولايات رؤساء البلدية في إسرائيل. يمكن أن يبقى رؤساء البلديات في مناصبهم عقودًا، ويصعب كثيرًا على الشعب أن يستبدلهم، وأحد الأسباب هو أنهم يستخدمون مدّخرات البلدية لتقدّمهم الشخصي.

في أماكن كثيرة، كما رأيتُ في غضون المعركة الانتخابية، استخدم رؤساء البلديات المراقبين البلديين ليصعّبوا على منافسيهم السياسيين تعليق لافتات أو عقد مؤتمرات. في حالات أخرى، يُطلِق رؤساء البلديات مشاريع محلية مثيرة للإعجاب، شوارع عملاقة، أو متنزهات كبيرة في آخر نصف سنة قبل الانتخابات.

نتيجةً لذلك، تستصعب العناصر الجديدة، سيّما النساء، الدخول وإقناع الجمهور بقدراتها القيادية.

إضافةً إلى ذلك، ففي مدن كثيرة في إسرائيل، نسبة كبيرة من السكان هم متديّنون. تصعّب مجموعات الضغط الدينية من البداية عقد صفقات مع قوائم تقودها نساء، ناهيك عن ضمّهن في القوائم في مواقع مضمونة.

الوضع أسوأ في السلطات التي معظم السكان فيها حاريديون أو عرب. إقصاء النساء عن القوائم وعن السياسة المحلية في تلك الأماكن هو بسماح وتفويض من التوراة أو بإيعاز من شيخ العشيرة. بالكاد تمكّنت ميرادة حسون في دالية الكرمل من الحصول على المركز الثالث على قائمة نصر الدين في البلدة، وهذه هي المرة الأولى التي يمكن أن تكون فيها سيّدة في المجلس هناك.

تتطلب نتائج الانتخابات للسلطات المحلية إعادة النظر في إسرائيل في شراكة النساء والمصالح الاجتماعية في اندماجهنّ التامّ في عمليات اتخاذ القرارات.

اقرأوا المزيد: 488 كلمة
عرض أقل