هجرة المسيحيين

100 عام على الهولوكوست الأرمني (Wikipedia)
100 عام على الهولوكوست الأرمني (Wikipedia)

100 عام على الهولوكوست الأرمني

قتل وشرّد مئات آلاف الأرمن الذين كانوا يعيشون في السلطنة العثمانية في مجازر مروعة ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية وذلك بين عامي 1915 و1917. 5 حقائق حول هولوكوست الأرمن

في النصف الثاني من القرن التاسع عشر اجتاحت الفكرة القومية الأرمن أيضًا، وهم أفراد شعب مسيحي قديم، حيث عاش معظمهم في المنطقة الشرقية من الإمبراطورية العثمانية وما وراء الحدود، في فارس وفي مناطق روسيا القيصرية. انتشر عشرات آلاف الأرمن خلال السنين أيضًا في مدن الإمبراطورية العثمانية، وقد شكّلوا طبقة متعلمة وثرية نسبيا. في الشرق عاش الأرمن في مناطق عديدة إلى جانب الأكراد – الذين رغم كونهم أقلية قومية، إلا أنهم مسلمون دينيا، والذين استغلوا ضعف السلطة من حين إلى آخر من أجل مهاجمة جيرانهم المسيحيين.

في التسعينيات بدأت حركات الأرمن بالتسلّح والتنظيم للدفاع عن النفس. حاولت السلطات العثمانية أيضًا أن تحرّض الأكراد ضدّ الأرمن، وفقا للقاعدة الرومانية “فرّقْ تسُدْ”. كانت النتيجة موجة من المذابح والمجازر ضدّ الأرمن بين عامي 1895-1996، تشير التقديرات إلى أن عدد الضحايا تراوح بين 80 ألفا إلى 200 ألف.

في الحرب العالمية الأولى، والتي اندلعت في آب عام 1914، قاتلت الإمبراطورية العثمانية ضدّ روسيا، ووجد الأرمن أنفسهم بين الجبهتين. دفعت هزائم الجيش العثماني الأرمن إلى شن ثورة في عدة أماكن من الشرق، غير بعيدة عن خطّ الجبهة، وخشي قادة الحكومة بأن يمهّد انتشار التمرّدات الطريق للاحتلال الروسي. شكّلت هذه الخشية ذريعة لسلسلة من الإجراءات القمعية، والتي كانت تهدف إلى تمهيد الأرضية لإبادة جماعية، بل من أجل هذا الغرض أقيم “التنظيم الخاص”، والذي جُنّد إليه سجناء جنائيون أطلق سراحهم لهذا الهدف، وهم أبناء قبائل كردية ومهاجرون من القوقاز والبلقان.

100 عام على الهولوكوست الأرمني (Wikipedia)
100 عام على الهولوكوست الأرمني (Wikipedia)

إذا، لماذا ما زال نفي الهولوكوست الأرمني والذي أبيد فيه وفق التقديرات 1.5 مليون أرمني ساريا؟ إليكم بعض الحقائق حول الهولوكوست الأرمني والإنكار الكاسح لوجوده، حتى اليوم.

1. يتم إحياء ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن، أو هولوكوست الأرمن، كل عام في 24 نيسان. في نفس اليوم عام 1915، في ذروة الحرب العالمية الأولى، اعتقلت حكومة الإمبراطورية العثمانية برئاسة “تركيا الفتاة” نحو 250 من قادة الطائفة الأرمنية وقتلتهم بشكل علني في نفس الليلة. في ذلك الوقت قُتل الأرمن الذي جُنّدوا للجيش التركي من قبل ضباطه.

2. في موازاة المجازر “العفوية” أصدرت الحكومة التركية أوامر تدعو إلى تهجير “العناصر المعادية” إلى خارج الإمبراطورية العثمانية. ونتيجة لذلك طُرد مئات آلاف الأرمن في مسيرات الموت: قُتل المطرودون خلال المسيرات واغتُصبوا. أما أولئك الذين نجوا فقد وُضعوا في معسكرات موت من دون شراب وطعام. وفقا للتقديرات فقد قُتل نحو مليون ونصف المليون أرمني بشكل ممنهج بين عامي 1915-1918 من قبل سلطات الإمبراطورية العثمانية.

مراسم ذكرى ضحايا الهولوكوست الأرمني (AFP)
مراسم ذكرى ضحايا الهولوكوست الأرمني (AFP)

3. الإبادة الجماعية للأرمن هي أول إبادة جماعية في القرن العشرين، وقد سبقت الإبادة التي ارتكبها الألمان بحق اليهود، الهولوكوست، أثناء الحرب العالمية الثانية. لا بل إن أدولف هتلر، عندما قرّر غزو بولندا، عام 1939، طلب من جنرالاته أن يقتلوا كل من ينتمي إلى العرق البولندي بلا رأفة لتأمين مجال ألمانيا الحيوي. وقال لهم لتشجيعهم وإزالة الخوف من نفوسهم: “لا أحد يتحدث في هذه الأيام عما حلّ بالأرمن”.

4. تعترف 20 دولة فقط بالإبادة الأرمنية وهي: الأورغواي، قبرص، روسيا، كندا، لبنان، بلجيكا، فرنسا، اليونان، الفاتيكان، إيطاليا، سويسرا، الأرجنتين، سلوفاكيا، هولندا، فنزويلا، بولندا، ليتوانيا، تشيلي، السويد، وبوليفيا. كذلك تعترف بها 43 ولاية أمريكية. بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، اعترفت تركيا بجرائم الحرب التي ارتكبتها وتبدّى ذلك من مواقف لحكومتها ومن خلال المحاكمة العسكرية لبعض القادة. وأقرت بالإبادة الأرمنية محملةً المسؤولية لزعماء حزب الاتحاد والترقي الذي كان يسيطر على الحكومة. ولكن منذ العام 1921، صار الموقف الرسمي التركي ينكر إبادة الأرمن وهو موقف يستمر إلى الوقت الحاضر.

مراسم ذكرى ضحايا الهولوكوست الأرمني (AFP)
مراسم ذكرى ضحايا الهولوكوست الأرمني (AFP)

5.لا تعترف إسرائيل الرسمية بالإبادة الجماعية للشعب الأرمني وهذا الموضوع لا يندرج في البرامج الدراسية.

في ذكرى الهولوكوست العالمي الأخير افتتح رئيس دولة إسرائيل، رؤوفين ريفلين، خطابه قائلا: “مائة عام من التردّد والإنكار. في أرض إسرائيل حينذاك، والتي ولدتُ فيها، لم يتنكّر أحد للقتل الذي حصل. لقد رأهم سكان القدس، أهلي، قادمين بالآلاف… لقد وجدوا في القدس مأوى ويعيش أحفادهم فيها حتى اليوم”. في الواقع السياسي الحالي في إسرائيل ورغم الصعوبات الكثيرة بين إسرائيل وتركيا لا يبدو أنّه سيحدث تغيير في موقف إسرائيل الرسمية بخصوص التعامل مع هولوكوست الأرمن.

اقرأوا المزيد: 604 كلمة
عرض أقل
مظاهرة للأقباط في مصر (AFP)
مظاهرة للأقباط في مصر (AFP)

المسيحيون في الشرق الأوسط- عالم يتلاشى

لماذا يغادر المسيحيّون الشرق الأوسط؟

أكثر من 100 ألف مواطن مصري مسيحي يتركون مصر في كل سنة، وخاصة منذ بدء “الربيع العربي”. في الواقع، هم لم يتركوا بل هربوا. يكشف معطى مثير للاهتمام عن ظاهرة واسعة منتشرة اليوم في كل دول الشرق الأوسط وتهدد تغيير المزيج الطائفي في إحدى الأماكن الحساسة دينيًّا، في العالم.

في العقد الأخير، طرأ تغيير ديموغرافي غير مسبوق مع هروب، ترك المسحيين بلادهم في دول الشرق الأوسط. في أوساط مجتمع محليّ يتألف من 12 مليون مسيحي في عدد من الدول العربية الإسلامية، بدأت هجرة عن محض إرادة أو عن عدمها لمئات آلاف المسيحيين إلى دول أوروبا، الولايات المتحدة وجنوب أمريكا.

إن الحروب الضارية في الشرق الأوسط، صعود حركات سلفية ونظام حكم موالي للإسلام، الحرب في العراق وطرد صدام حسين، والذي دافع نسبيًّا عن المجتمع المسيحي في العراق، تفكك سوريا في الحرب الأهلية القاسية وصعود حماس في غزة سدة الحكم، كل هذه سرّعت جدا رغبة الكثير من المسيحيين لترك الشرق الأوسط.

مظاهرة للأقباط في مصر (AFP)
مظاهرة للأقباط في مصر (AFP)

ها هي الفرصة لفحص حالة الشريحة السكانية المسيحية في الشرق الأوسط على خلفية التغييرات الجارية في المنطقة. ويظهر فحص أوضاع المسيحيين صورة قاتمة جدّا من الاضطهاد المتزايد والهجرة السلبية.

بشكل عام، فإنّ الشريحة المسيحية في الشرق الأوسط يمكنها أن تقسّم اندماجها في الدول العربيّة إلى قبل وبعد أحداث “الربيع العربيّ” التي بدأت عام 2011. فإذا كان المسيحيون قد تمتّعوا حتى الربيع العربيّ بالأمن، فإنّهم يعانون بعده من المضايقات من الحركات الإسلامية، وفي الوقت الذي تجد السلطات صعوبة في حمايتهم، يختار الكثيرون الهجرة إلى أماكن أخرى يحيون بها دون اضطهاد وتهديدات مستمرّة، وفي الواقع فقد رافق الربيع العربيّ “تطهير عرقي” لم ير الشرق الأوسط مثله خلال مئات السنين.

الغالبية العظمى من المسيحيين الذين يعيشون في الشرق الأوسط هم ذوي قومية عربية، حيث إنّ لغتهم الأساسية هي العربية. في العقود الأخيرة كانوا جزءًا لا يتجزّأ من الدول التي عاشوا بها، ولكن كما ذكرنا فإنّ الاضطرابات القوية التي يمرّ بها الشرق الأوسط لم تقفز عنهم أيضًا.

يعارض الدين الإسلامي بشكلٍ رسميّ هذا الاضطهاد، ولكن حركات الجهاد المتطرفة تؤذي المسيحيين طوال الوقت، ولا تستطيع السلطات منحهم الحماية المرجوّة. يبيّن تقرير خاصّ أعدّه فريق البحث البريطانيّ سيفيتاس (Civitas) ونُشر قبل عامين، أنّ المسيحيين في دول الشرق الأوسط “أقلّ شأنًا من الناحية الاجتماعية، مضطهدون أو مقموعون بشكل كبير بسبب عقيدتهم”.

مصر

في الشرق الأوسط، فإنّ المكان الذي فيه أقوى موجة لاضطهاد المسيحيين على الإطلاق هو تحديدًا مصر، حيث رفرف فيها علم الربيع العربيّ مع المليونيات في ميدان التحرير. منذ سقوط نظام حسني مبارك، بدأت مضايقات الشريحة السكانية المسيحية، والتي احتدّت مع صعود “الإخوان المسلمون” إلى السلطة، وأدّت إلى هجرة مئات الآلاف من المسيحيين (من بين شريحة سكانية تقدّر بسبعة ملايين مسيحي).

أقباط مصريون يسيرون في طريق الآلام  (JACK GUEZ / AFP)
أقباط مصريون يسيرون في طريق الآلام (JACK GUEZ / AFP)

يعاني المسيحيون في مصر من التحريض الكبير ضدّهم من قبل المجموعات التي تنتمي إلى الإسلام المتطرّف، بداية من القتل في ضوء النهار، حرق الكنائس، المذابح والشعور الكبير بغياب الحماية من قبل السلطات. ويمكن للأحداث التي جرتْ بعد اندلاع الثورة مباشرة أن تبيّن لنا أكثر الوضع الجديد وغير المشجّع لمسيحيّي مصر.

قبل نحو ثلاث سنوات، مع اندلاع الاحتجاجات، حدث انفجار في كنيسة قبطية في الإسكندرية قُتل فيه 21 من المصلّين المسيحيين وأصيب نحو مائة. بعد وقت غير طويل من ذلك، في تشرين الثاني عام 2011، تظاهر مسيحيّون أقباط في ميدان التحرير احتجاجا على حرق كنيسة وعدم كفاءة السلطات في حمايتهم. لم تنظر القوى الأمنية المصرية إلى هذه المظاهرة بإيجابية واشتبكت بعنف مع المحتجّين. قُتل في هذه المواجهات العنيفة جنديّان و22 مواطنا مصريّا، معظمهم مسيحيّون، وأصيب أكثر من 200.

فهم المسيحيون المصريّون أنّهم لن يحظوا على ما يبدو بحياة سلميّة في مصر فقط بسبب دينهم ومعتقداتهم. بالإضافة إلى هجرة مئات الآلاف من المسيحيين إلى خارج مصر، نُشر مؤخرا أنّ مئات الآلاف من الآخرين قد قدّموا في السنوات الأخيرة طلبات للهجرة إلى دول أوروبية وإلى الولايات المتحدة.

لبنان

لم يؤدّ الربيع العربيّ إلى حدوث ثورة في لبنان، ولكنّ صعود قوّة حزب الله يؤثّر هو أيضًا على السكان المسيحيين في البلاد. المزيد والمزيد من المسيحيين يتحدّثون عن فقدان الأمن والشعور المتزايد لديهم بعدم الانتماء مقابل صعود قوة حزب الله.

حتى الحرب الأهلية في لبنان عام 1975 كانت نسبة المسيحيين من السكان نحو 50%، واليوم فإنّ التقديرات هي أنّ نسبتهم لا تتجاوز 35%. يهاجر الكثير من المسيحيين إلى خارج لبنان، وبالأساس إلى أوروبا، أمريكا الشمالية والجنوبية.

وقد تمّ في السنوات الأخيرة معاينة حالات كثيرة باع فيها مسيحيّون لبنانيّون أرضهم للمسلمين، حيث تمّ تمويل عمليات الشراء بواسطة شركات واجهة إيرانية مرتبطة بالنظام الإيراني، والهدف المعلن من العملية هو السيطرة على مناطق يعيش فيها المسيحيّون و”دفعهم” إلى خارج البلاد.

السلطة الفلسطينية، الضفة الغربية

كاهن مسيحي في بيت لحم (Flash90/Issam Rimawi)
كاهن مسيحي في بيت لحم (Flash90/Issam Rimawi)

 

تظهر بعض الدراسات أنّه بينما شعر المسيحيون والمسلمون الفلسطينيون بالمصير المشترك في السنوات الأولى من قيام دولة إسرائيل، فقد حدث انقسام بين المجموعات في العقود الأخيرة. يشعر المسيحيّون بنسبة أقلّ من الانتماء للرواية الفلسطينية، ونما لديهم شعور قويّ بالهوية الجماعية التي تعبّر عن غضبها من أنّ الرواية الفلسطينية تحوّلت باتجاه كونها رواية إسلامية، بحيث يُستثنى منها الجانب المسيحي.

وبالإضافة إلى هذه المشاعر، فإنّ حالات المضايقات وخصوصا من قبل الشباب المسلم الفلسطيني تجاه المسيحيين الفلسطينيين لم تعد أمرا نادرا، ومن الصعب القول بأنّ الأجهزة الأمنية الفلسطينية تتّخذ موقفا قويا تجاه هذه الظاهرة.

المحافظة التي يمكن أن نلاحظ فيها بصورة واضحة جدّا التغيير في أوضاع المسيحيين هي محافظة بيت لحم. تعتبر بيت لحم، والتي هي وفقا للمعتقد المدينة التي ولد فيها المسيح، مدينة مسيحية طوال الزمن. عام 1947 كان 85% من سكانها من المسيحيين، ولكن المسيحيّين اليوم يشكّلون نحو 20-25% من سكّان المدينة فقط. كانت احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم دائما جزءًا لا يتجزّأ من مشاهد المدينة، ولكنها تقلّصت في السنوات الأخيرة. قبل نحو عام، ومع تصاعد هذا الشعور، تمّ وضع لافتة ضخمة في أحد الميادين المركزية في المدينة قبل عيد الميلاد، وكتب عليها “عيسى ولد وقام للإحياء. الوقت الذي لقلبك حيث يمكنك أن تكون سعيدا. عيد سعيد”. أثارت اللافتة البريئة ردود فعل غاضبة، وخلال أقلّ من أسبوعين تم قطع كابلات إضاءة اللافتة، وفي النهاية تمّت إزالتها.

هذه الظواهر، بالإضافة إلى الشعور بالاستثناء من الرواية الفلسطينية، أدّت بالكثير من الفلسطينيين إلى قرار الهجرة خارج أراضي السلطة الفلسطينية. بالإضافة إلى ذلك، يعرب الكثير من المسيحيين الفلسطينيين عن قلقهم وخوفهم من إمكانية سيطرة حركة حماس على الضفة الغربية كما سيطرت على قطاع غزة، بعد مشاهدتهم لاضطهاد المسيحيين الذين لا زالوا يعيشون في غزة مضطهدين من قبل السلطات. يهاجر المغادرون إلى خارج أراضي السلطة الفلسطينية بشكل أساسيّ إلى أمريكا الجنوبية، حيث تتواجد هناك جاليات فلسطينية كبيرة. في تشيلي، على سبيل المثال، هناك – وفق التقديرات – نحو نصف مليون فلسطيني.

 قطاع غزة

يعتبر قطاع غزة أحد الأماكن الأكثر اضطهادا للمسيحيين في الشرق الأوسط على الإطلاق. حتى في الماضي لم يشعر الكثير من المسيحيين بالأمان الكامل، ولكن أوضاعهم ساءت كثيرًا مع سيطرة حماس على القطاع عام 2007.

منذ سيطرة حماس على القطاع، وصعود قوّة الجهات الإسلامية المتطرّفة مثل الحركات السلفية، يعاني المسيحيّون من الاضطهاد، سواء من قبل المواطنين أو من الجهات الحكومية. بعد أشهر من الانقلاب، نفّذت حماس سلسلة من الاعتقالات في صفوف المسيحيين.

ويحاول المسيحيون الذين بقوا الحفاظ على الهدوء وضبط النفس من أجل البقاء على قيد الحياة. إنّهم يقيمون تقاليدهم بتواضع خشية اتهامهم من قبل حماس بمحاولات التنصير. ومن بين أمور أخرى، فهم يستخدمون النبيذ بصورة سرّية، بالأساس من أجل إقامة الشعائر الدينية، وذلك رغم حظر تناول الكحول في قطاع غزة وفقا للشريعة الإسلامية.

وتشير التقديرات المحدّثة أنّه بعد وقت ليس بطويل ستختفي الشريحة السكانية المسيحية تماما من قطاع غزة. حتى عام 2007 عاش في قطاع غزة نحو 3,000 مسيحي، وعام 2011 كان الرقم 1,400، ننيجة لهجرة المسيحيين من غزة إلى الضفة الغربية ودول أخرى، والتي هي بالأساس: أستراليا، الولايات المتحدة، السويد أو أي مكان لهم فيه أقارب.

المسيحيون في غزة (AFP)
المسيحيون في غزة (AFP)

هجرة سهلة نسبيًّا بالمقارنة مع المسلمين

إذا كان الأمر كذلك، فالظواهر التي يعاني منها المسيحييون في كلّ واحد من هذه الأماكن متشابهة: قتل المواطنين المسيحيين ورجال الكنيسة، تدمير الكنائس بل وهناك عدد من الشواهد على جبي الجزية بالقوة والتي لم تؤخذ من المسيحيين واليهود منذ القرن التاسع عشر.

يغادر المسيحيّون الذين يشعرون بالتهديد الشرق الأوسط بأعداد كبيرة. وبجميع الأحوال فإنّ الزيادة الطبيعية لديهم أقلّ من المسلمين، وظاهرة الهجرة السلبية تُقلّص من أعدادهم في المنطقة أكثر وأكثر. هناك من يشبّه تدفّق المسيحيين الحالي بتدفّق نحو 900,000 يهودي من الدول العربيّة، والذين فرّت غالبيّتهم العظمى من أماكن عيشهم بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948، وذلك لشعورهم بالتهديد وانعدام الحماية من السلطات.

يمكنا أن نقرّر بالعموم أنّه يسهل على العرب المسيحيين أن يهاجروا أكثر من العرب المسلمين. نسبيّا فإنّ تعليمهم أعلى، وأوروبا وأمريكا هي دول مسيحية في غالبيّتها. ومع وصولهم إلى البلاد الجديدة فهم يحافظون عادةً على المجتمعات الأصلية، ولكنّ التأثير يقلّ مع مرور الزمن، ويعبّر الجيل الثاني عن رغبته بالاندماج في المجتمع الذي نشأ وترعرع فيه، والاندماج بالمجتمع المحلّي كبير، بالطبع مقارنةً مع الهجرة المسلمة.

إنّ النظر إلى هجرة المسيحيين في الشرق الأوسط يمكنه أن يشير إلى انتشار الحركات الإسلامية المتطرّفة، مثل “الإخوان المسلمون” والحركات السلفية. فالمضايقات الكثيرة للمسيحيين من مقبل هذه الجماعات، مقابل صمت وعدم تدخّل الغرب، تُسرّع من فرار المسيحيّين المهدّدين. يمكننا إذن أن نفهم بأنّ قوة سيطرة الإسلاميين في المنطقة هي أحد المعطيات في الشرق الأوسط ضمن معطيات فرار المسيحيين من المنطقة.

اقرأوا المزيد: 1397 كلمة
عرض أقل
مسيحيو العراق (AFP)
مسيحيو العراق (AFP)

كاهن بغداد: “بينما كان المسيحيون يُذبحون في العراق كان العالم منشغلاً في غزة”

أحد قادة طائفة المسيحيين في العراق، الطائفة التي يُقتل أفرادها بشكل متوحش على يد مقاتلي داعش، هرب إلى إسرائيل وروى لوسائل الإعلام الإسرائيلية عن "المحرقة التي يتعرض لها أبناء الأقليات الدينية في العراق

يسكن الكاهن في بغداد وشاهد كيف يتم ذبح أبناء الطائفة المسيحية في العراق على يد مقاتلي الدولة الإسلامية، “داعش”. الكاهن البريطاني آندرو وايت (Andrew white) معروف جدًا في العراق، فهو من قادة الأقلية المسيحية البارزين في بغداد. صمد خلال حكم نظام صدام حسين الدكتاتوري، عمل بشكل دؤوب على التقريب بين الطوائف خلال الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003 وهذه المرة يؤمن أن نهاية الأقليات الإثنية والدينية في العراق ستكون مريعة. يزور في هذه الفترة إسرائيل وخلال مقابلة معه لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، الصحيفة الأكثر انتشارًا في إسرائيل، تحدث الكاهن عن الخداع العالمي “هل تعرف ماذا حدث الأسبوع الماضي؟ قطعوا رؤوس أفراد أبرشيتي ولم يكتب أحدًا عن ذلك (في الصحف)”.

يعيش هناك منذ 16 عامًا، معظم الوقت داخل منطقة محصنة تضم كنيسة القديس جورج في وسط بغداد. في البداية تحت حكم صدام حسين، ومن ثم تحت الاحتلال الأمريكي ووصولاً إلى الحرب الأهلية المندلعة هناك والتي لا يبدو أن هناك نهاية قريبة لها. كان يُعتبر الكاهن صوت الجالية المسيحية في الدولة – واحدة من الجاليات المسيحية الأقدم في العالم، التي اختفت اليوم تمامًا بعد أن هاجر معظم المسيحيين من هناك.

قدّم وايت خدماته أيضًا للكثير من الجنود الأمريكيين الذين خدموا في بغداد، وأطلقت عليه وسائل الإعلام العالمية لقب “كاهن بغداد” (Vicar Of Baghdad)، وهذا لقب شرف لمن يُعتبر رسولاً هاماً للكنيسة.

واجه وايت كل المخاطر الممكنة: قُبض عليه، ضُرب وتم إصدار فتاوى بحقه من قِبل رجال دين مسلمين. رأى أصدقاء له وجماعات كاملة تُمحى عن وجه الأرض بسبب العمليات الإرهابية المتوحشة في الدولة في ذروة الصراع المسلح بين الجماعات السنية والشيعية في العراق. كان أحيانًا يخضع لحماية من قبل أكثر من 30 عنصرًا ولكن وايت استمر بخدمة أبناء طائفته ومساعدة الكثير من المسلمين الذين التجأوا إليه لسنوات طويلة. أنشأ عيادة لعلاج الأسنان وتقديم المساعدة الطبية، مدرسة للأطفال، حاول التقريب بين الطوائف من خلال عقد لقاءات كثيرة ومشحونة وعمل بالتحديد على الحفاظ على ما تبقى من أبناء الطائفة المسيحية الصغيرة والقديمة التي بقيت في بغداد. فعل كل ذلك رغم معاناته مع مرض ضمور الشرايين ورغم وجود زوجته وأولاده بعيدًا عنه، في وطنه، بريطانيا. بقي في العراق الممزق حتى هذه اللحظة، لحظة بدأ تنظيم داعش يعيث الخراب ويقطع رأس كل من لا يعتنق الإسلام.

ما رأيه بإسرائيل؟

تجمع وايت علاقة قوية بإسرائيل. درس الكهنوت هنا وأيضًا كان طالبًا في الجامعة العبرية في القدس قبل أن ينتقل إلى العراق عام 1998. وذكر في مقابلته مع صحيفة “يديعوت أحرونوت”: “السبب الوحيد الذي دفعني للذهاب إلى العراق هي أنني كنت في القدس وتم إرسالي إلى بغداد من قبل الكنيسة. بقيت هناك 16 عامًا وتجاوزت كل الصعاب”.

الكاهن آندرو وايت في الزاوية اليسرى من الصورة خلال لقاء يهدف للتقريب بين الطوائف في بغداد (AFP)
الكاهن آندرو وايت في الزاوية اليسرى من الصورة خلال لقاء يهدف للتقريب بين الطوائف في بغداد (AFP)

ينظر وايت نظرة خوف على ما يحدث في المكان الذي كان يومًا بيته “ما يحدث هناك مأساة… فوضى عارمة. هرب نصف أبناء الطائفة المسيحية الذين بقوا في شمال العراق – نتحدث عن ربع مليون إنسان؛ مليون إنسان إذا أحصينا أيضًا اليزيديين وأبناء الأقليات الأُخرى الذين يلاحقهم تنظيم داعش، من بيوتهم. خسروا كل شيء: بيوتهم، أعمالهم، عائلاتهم”.

لدى وايت انتقادات شديدة على تعامل الأنظمة والدول الغربية مع المسألة إذ يقول إنهم تذكروا في وقت متأخر جدًا أن هناك خطر إبادة يتهدد الكثير من الأشخاص في العراق. وجه كلامًا شديد اللهجة للدول الغربية على تقاعسها عن محاربة داعش وقال خلال المقابلة: “الغرب قال لا بأس، يمكننا التعامل مع داعش. سنُلقي عليهم بعض القنابل، سنلقي بعض إمدادات الطعام للاجئين، وفقط”. فقط ليقولوا إنهم فعلوا شيئًا. لا أقول إن ما يحدث في العراق اليوم هو ما حدث في الهولوكوست. كانت الكارثة شيئًا ليس استثنائيًا. ولكن بدأت الأمور هناك تشير وتُذكر بما حدث في الهولوكوست”.

لاجئون مسيحيون في العراق (AFP)
لاجئون مسيحيون في العراق (AFP)

تطرق أيضًا، كونه الآن في إسرائيل، لعملية “الجرف الصامد” ولحرب الصيف الأخير بين إسرائيل وحماس. “هذا لا يُصدّق. عندما ترى كيف تناولت وسائل الإعلام البريطانية والعالمية مسألة العملية العسكرية على غزة بينما كان المسيحيون يُذبحون في العراق”، قال وايت. إجابته على سؤال إن كان موافقًا على مقولة إن آخر عملية عسكرية شنتها إسرائيل ضد حماس كانت ضرورية كان: “بالتأكيد. أعتقد أن ما حدث في غزة كان يجب أن يحدث. لا يمكن أبدًا مهاجمة دولة ما وقتل مواطنيها، كما فعلت حماس، والاعتقاد أن الأمور ستمر بسلام. إسرائيل هي الدولة الوحيدة الديمقراطية في الشرق الأوسط ولهذا لن يفهموها”.

وفي رده على سؤال إن كان متفائلاً من مستقبل العلاقة بين إسرائيل والفلسطينيين أجاب: “كنت متفائلاً. ولكنني الآن ولأول مرة صرت أرى الأمور بشكل مختلف. أخشى أن كثيرين لن يتغيّروا. انظر إلى ما يحدث في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. الناس ليسوا مستعدين أبدًا للانفتاح على قصة الآخر ورؤية وجهة نظره. كل طرف من الطرفين ملتزم بوجهة نظره هو وحده، قصته وحده”، قال خاتمًا كلامه.

اقرأوا المزيد: 708 كلمة
عرض أقل
البابا فرنسيس الأول مترئسا اجتماع استثنائيا في الفاتيكان (AFP)
البابا فرنسيس الأول مترئسا اجتماع استثنائيا في الفاتيكان (AFP)

قمة للكرادلة حول النزاعات في الشرق الاوسط

البابا فرنسيس يرى بالوضع الراهن مثل "حرب عالمية ثالثة بالتقسيط"

اعلن الفاتيكان الأمس (الثلاثاء) ان كرادلة العالم اجمع، الذين سيعقدون مجمعا للكرادلة في 20 تشرين الاول/اكتوبر، سيناقشون النزاعات في الشرق الاوسط وخصوصا في العراق وسوريا حيث تواجه الاقليات المسيحية وسواها اضطهادا من قبل تنظيم الدولة الاسلامية.

ومجمع الكرادلة هو ارفع هيئة يمكن ان يدعوها البابا الى الانعقاد.

وكان من المقرر ان يناقش هذا المجمع العادي المداولات المقبلة لدعاوى التقديس، لكن البابا فرنسيس الذي يرى الوضع الراهن مثل “حرب عالمية ثالثة بالتقسيط”، حرص على توسيع جدول الاعمال الى مسألة الشرق الاوسط المشتعل.

وقد اعتقل كاهن فرنسيسكاني وعشرون آخرون من المسيحيين ليل الاحد الاثنين من قبل جبهة النصرة في قرية قنية السورية (شمال غرب).

واوضح المتحدث باسم البابا، ان الكرادلة سيستلهمون نتائج مناقشات السفراء البابويين في كل انحاء الشرق الاوسط الذين اجتمعوا اخيرا بطلب من البابا.

وكان هؤلاء السفراء اعربوا عن الامل في الا تبقى المجموعة الدولية “مكتوفة الايدي” حيال “قتل الاشخاص بسبب انتمائهم الديني والاثني فقط” و”نزوح الاف الاشخاص وتدمير اماكن العبادة”.

وبالاضافة الى “رد عسكري”، طلبوا معالجة “اسباب” الايديولوجيا المتطرفة من خلال تشجيع “الحوار والتعليم”.

وعقدت شبكة كاريتاس الخيرية التابعة للكنيسة والناشطة جدا على صعيد لاجئي الشرق الاوسط، اجتماعا عاجلا في الفترة الاخيرة في روما.

ويأمل اساقفة من المنطقة بمبادرات اكثر تشددا من الكرسي الرسولي، معتبرين ان تصريحات حسن النوايا باتت لا تكفي.

اقرأوا المزيد: 195 كلمة
عرض أقل
مقاتل من جماعة داعش في سوريا (AFP)
مقاتل من جماعة داعش في سوريا (AFP)

10 حقائق مُثيرة للاهتمام حول الدولة الإسلاميّة (داعش)

أمامكم عشرُ حقائق ربما لم تعرفوها عن المنظمة الإسلاميّة المتطرّفة التي لا تزال على جدول أعمال العالم

في حين تقوم دول الحلفاء، بزعامة الولايات المتحدة، بقيادة حرب مستمرة ضد التنظيم الإرهابيّ الإسلاميّ المتطرّف “الدولة الإسلاميّة” (داعش)، من المهمّ القيام بترتيب مُعيّن للمعلومات الكثيرة المتدفّقة حول هذا التنظيم.

يدور الحديث حتى الآن حول بضع آلاف المُحاربين، الذين قد تضاعف عددهم ثلاث مرات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وفقا لما أشارت له منظمات استخباراتيّة عالميّة، والذين يُسيطرون على أراضي واسعة في العراق وسوريا، ويُشكّلون خطرًا على حدود الدول العربية الأخرى كلبنان، مصر وليبيا.

يُفلِحُ هذا التنظيم الإرهابيّ الذي يقوم بشراء رفاقٍ له، مُجنّدين وحلفاءَ من دول عديدة في العالم، بما في ذلك من دول أوروبيّة (بريطانيا)، بفرض نفسِه كقوّة قادرة على الإخلال بالنظام العالميّ الحاليّ عن طريق نشر تعاليمه ومفاهيمه المتطرّفة، ونشر أشرطة تُبدي الترهيبَ، الدعاية، قتلَ الأقلّيّات، قطعَ الرؤوس والتمسّك بقوانين الشريعة.

نجح هذا التنظيم السنّيّ في القيام بشيء بارزٍ واحد، وهو استعمال الوسائل الغربيّة كشبكات التواصل الاجتماعي وموقع يوتيوب لزرع الذعر والعصيان داخلَ مواطني العالم الحرّ ولنزع النوم من عيون الكثير من القادة الذين أعلنوا في الأسابيعَ الأخيرة فقط الحربَ الشاملة ضد التنظيم.

من أجل ترتيب المعلومات، قمنا بعرض عدة معطيات مثيرة للاهتمام أمامكم حولَ التنظيم الذي تصدّر العناوين خلال منتصف العام الأخير:

أبو بكر البغدادي (AFP)
أبو بكر البغدادي (AFP)

يُلقّب قائد التنظيم بأبي بكر البغدادي. الاسم الحقيقيّ لهذا الشخص، الذي يرتدي عادة عباءة سوداء ويُربّي لحية كثيفة، هو إبراهيم عوض إبراهيم علي البدري، والذي وُلد عام 1971 في مدينة سامراء، الواقعة في منطقة المثلث السنّي في العراق، ما يُقارب 130 كيلومترا شمالَ غرب بغداد. وُلِد البغدادي لعائلة تقليديّة سُنّيّة مُتديّنة وتربّى في أحضان نهجٍ راديكالي للإسلام. أنهى دراسته للشريعة وحتى أنّه حصل على شهادة الدكتوراه في مجال العلوم الإسلاميّة من الجامعة الإسلاميّة في بغداد.

https://www.youtube.com/watch?v=LP7Wgr3bSLc

تصدّر اسم البغدادي رادارات وكالات الاستخبارات الأمريكيّة منذ عام 2003 مع بداية الاجتياح الأمريكي للعراق بهدف الإطاحة بصدّام حسين. تمّ اعتقاله بين عامَيْ 2004 وَ 2005 بسبب أنشطته العسكريّة ضد القوى الأمريكيّة، وأُطلِقَ سراحُهُ عام 2009. ومُنذ عام 2010 أعلنَ وضعَ اللبنة الأولى لما سيُسمّى لاحقا بتنظيم الدولة الإسلاميّة. وعلى رأسه عُرِضَت مذ ذاك الوقت جائزة بمبلغ 10 مليون دولار.

عمليات إرهابية في العراق (AFP)
عمليات إرهابية في العراق (AFP)

صبّ تنظيمُ الدولة الإسلاميّة الذي جنّد إلى صفوفه، في البداية، مُحاربينَ سُنّيّين سئموا من السيطرة الشيعيّة ومُضايقات النظام المركزيّ في بغداد ومن التدخّل العسكري الأمريكيّ في العراق، جامَ غضبه ضد السكان الشيعة في العراق وكان المسئولَ عن بعض الهجمات الكبيرة ضد الحشود السكانيّة والمساجد الشيعيّة في الدولة. قام المُحاربون الأوائل فيما بعد بتوفير الدعم والتأييد العسكري والاقتصادي لمنظّمات المعارَضة السوريّة في كفاحها ضد بشّار الأسد وتنظيم حزب الله الشيعيّ في سوريا. وانضم المزيد من مئات المُقاتلين إلى التنظيم إذ أُشبِعوا من التدريبات في صفوف البغداديّ. والخطوة الإضافيّة التي أظهرها البغدادي هي الانفصال عن التنظيم الأصلي، القاعدة، إلى جانب إنشاء وترسيخ عقيدة ونهج مُختلفين عن ذانك اللذين للقاعدة.

من أجل إقامة الخلافة الإسلاميّة، تعاونَ البغدادي مع نائبَيْن: أبي مسلم التركماني، المسؤول عن إدارة أعمال الإرهاب والسيطرة على أراضي تحت حكم التنظيم في العراق. وأبي علي العنبري، المسؤول عن أعمال المنظمة وأنشطتها في سوريا. وفقا لمصادر غربيّة فإنّ كلا النائبَيْن هما أفراد جيش سابقا، واللذين عمِلا في جيش صدام حسين.

جماعات الدولة الإسلامية (داعش) في العرق تستعد للمعارك (AFP)
جماعات الدولة الإسلامية (داعش) في العرق تستعد للمعارك (AFP)

وظيفة هذين النائبَيْن هي: مُلائمة أعمال عسكريّة مع قادة القوى المُسلّحة، العمل في الأمن والشرطة، تنسيق مقابلات مدنيّة مع زعماء المناطق والمدن الواقعة تحت سيطرة الدولة الإسلاميّة، إدارة الحياة اليوميّة والبيروقراطيّة المدنيّة. كلا النائبين يقبعان في المرتبة الثانية بسُلّم الرُتب، بعد البغدادي، ومن الممكن أن يستبدلاه في حال توفّي أو قُتِل.

إلى جانب هؤلاء النائبَيْن هُناك هيئات إداريّة ثانويّة تقوم بإدارة الدولة الإسلاميّة. أحد هذه الهيئات الإداريّة الاستشاريّة المهمّة هو مجلس الوزراء الإداري المكوّن من أعضاء عسكريّين وأشخاص مُقرّبين للبغداديّ (بينهم اثنان من النوّاب). هناك هيئة أخرى مُلقّبة بمجلس الشورى للتنظيم: علماء ورجال الدين، الذين يتمّ استشارتهم في قضايا الدين والشريعة، ويقومون في الأساس بتدبّر مسائل حكم الشريعة وملائمة القوانين بما يتّفق مع تشكيل الخلافة الإسلاميّة.

قيادة الدولة الإسلامية (داعش)
قيادة الدولة الإسلامية (داعش)

يُسيطر التنظيم على أراضي تمتد لـ 13000 كم مترٍ مربّع – أراضي تمتدّ من العراق إلى سوريا. هناك تقييمات أخرى تُشير إلى مساحات تصل إلى 56 ألف كم. يتواجد عشرة مليون مواطن في أراضي تابعة لحكم التنظيم – حوالي ثلث أراضي العراق، وثلث أراضي سوريا. وفيما عدا سوريا والعراق، تتواجد القوى الإسلاميّة هذه في تركيا ولبنان. حسب التخمينات، فإنّ للتنظيم ممتلكات وعقارات تبلغ قيمتها نحو مليارَي دولار.

في كلّ يوم تكسِب “الدولة الإسلاميّة” حوالي 300 مليون دولار من بيع النفط والغاز الذي سيطروا عليه بالإكراه. وكذلك، إنّ مُعظم وسائل المواصلات المُستخدَمة هي من صُنع أمريكيّ أُخذت من جيش العراق. مؤخّرا، بدأ اللبنانيّون بالشعور بالقلق نحو الغزو الإسلاميّ، وذلك بعد قتال عنيف بين تابعي “الدولة الإسلاميّة” والقوى العسكريّة في منطقة المدينة الشرقيّة عرسال. حذّر قائد الجيش اللبنانيّ، الجنرال جان قهوجي، من محاولة التنظيم “قلْبَ لبنان إلى عراق آخر”.

نازحون يزيديون يفرون من القتل (AFP)
نازحون يزيديون يفرون من القتل (AFP)

لم يتبقَّ في مدينة الموصل، الواقعة في العراق، أيّ مسيحيّ بعد وصول التنظيم إلى هناك وارتكاب مجازر من دون رحمة. يتواجد نصف مليون شخص من دون كهرباء وماء بسبب استحواذ المنظمة على السدود والسيطرة عليها. وإذا قام التنظيم بتنفيذ تهديده بتفجير السدود، فسيصل ارتفاع الماء إلى 65 قدمًا – ما سيُسبّب غرق مدينة الموصل كلّها تحت الماء.

أكثر من خمسمائة من اليزيديّين تمّ ذبحهم على يد الدولة الإسلاميّة، بما في ذلك، رجال، نساء وأطفال. وتمّ قتل 1922 شخصًا في العراق في حزيران السابق، ما أدّى إلى تسميته (شهرَ حزيران) الشهرَ الأكثر دمويّة في العراق منذ عام 2007. يوجد للتنظيم ما بين 30 إلى 50 ألفَ مُقاتلٍ.

اقرأوا المزيد: 823 كلمة
عرض أقل
مظاهرة للأقباط في مصر (AFP)
مظاهرة للأقباط في مصر (AFP)

كاهن مسيحي: “إسرائيل هي المكان الآمن للمسيحيين في الشرق الأوسط”

الكاهن العربي - الإسرائيلي جبرائيل نداف ألقى كلمة أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وطالب العالم بمساندة إسرائيل في حربها ضد الإرهاب

ألقى الكاهن العربي – الإسرائيلي، جبرائيل نداف، الذي يشغل منصب كاهن الكنيسة اليونانية الأرثوذوكسية في بلدة يافا الناصرة والذي يعتبر رجل دين يشجع على تطوع العرب – الإسرائيليين المسيحيين في صفوف الجيش الإسرائيلي، البارحة (الثلاثاء) خطابًا نادرًا أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وهاجم بشدة تعامل الدول العربية مع أبناء الديانة المسيحية. بالمقابل، أثنى الكاهن نداف على تعامل إسرائيل مع المسيحيين. كما ودعا في خطابه المجتمع الدولي بالوقوف إلى جانب إسرائيل في حربها ضد الإرهاب: “من يريد تدمير الدولة اليهودية يكون بذلك قد حكم بالموت على آخر المسيحيين الأحرار في الأراضي المقدسة”.

رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو مع الأب جبرائيل نداف كاهن الطائفة الأرثوذكسية-اليونانية في الناصرة  (FLASH 90)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو مع الأب جبرائيل نداف كاهن الطائفة الأرثوذكسية-اليونانية في الناصرة (FLASH 90)

“في العقد الأخير قُتل مئة ألف مسيحي في الشرق الأوسط. معنى ذلك أنه كل خمس دقائق هناك مسيحي يُقتل بسبب إيمانه… من تمكنوا من الهرب من المتطرفين الإسلاميين هربوا ومن لم يتمكنوا لا يزالوا يعيشون كمواطنين من الدرجة الثانية إن لم يكن الثالثة، تحت حكم حكام مسلمين”، كما جاء على لسان الكاهن نداف.

“في هذه الأيام في الشرق الأوسط هناك دولة وحيدة لا يلاحق فيها المسيحيون. والأكثر من ذلك، هنالك حرية تعبير، وحرية عبادة تُمنح بمحبة كبيرة… في إسرائيل، مدينة اليهود. إسرائيل هي المكان الوحيد في الشرق الأوسط الذي يعيش فيه المسيحيون بأمان. أيها القادة، يا دعاة السلام، أوقفوا ملاحقتكم العابثة للدولة الحرة الوحيدة في المنطقة”.

احتفالات عيد الفصح المجيد في الكنائس المقدسية (AFP)
احتفالات عيد الفصح المجيد في الكنائس المقدسية (AFP)

تم إرسال نداف إلى جنيف برعاية منظمة “وجه إسرائيل” وهي منظمة إسرائيلية تمثل إسرائيل في المحافل الدولية من خلال التأثير على متخذي القرار والمؤثرين في الرأي العالمي من المجتمع المدني، وكذلك على الجماعات الثقافية والدينية المتنوعة حول العالم. تشكلت منظمة “وجه إسرائيل” كمنبر متسق للتعاون بين المنظمات الداعمة لإسرائيل وتوفر أبحاثًا وتحليلات حول الأخطار التي تهدد شرعية إسرائيل الدولية.

اقرأوا المزيد: 255 كلمة
عرض أقل
مسلحو جماعات داعش (AFP)
مسلحو جماعات داعش (AFP)

داعش تعزز مكاسبها في شمال العراق وتصل حدود كردستان

سيطر المتشددون في وقت سابق على قرقوش أكبر بلدة مسيحية في العراق فهرب الكثير من سكانها خوفا من اجبارهم على الاذعان لمطالب المسلحين السنة التي أعلنوها في مناطق أخرى استولوا عليها وهي إما المغادرة أو اعتناق الاسلام أو الموت

حقق متشددون مسلحون تقدما في شمال العراق باتجاه عاصمة إقليم كردستان اليوم الخميس مما دفع عشرات الآلاف من المسيحيين إلى الفرار بحياتهم من هجوم يثير قلق حكومة بغداد والقوى الإقليمية.

وشاهد مصورون من رويترز مقاتلين في تنظيم الدولة الإسلامية يسيطرون على نقطة تفتيش عند المنطقة الحدودية لكردستان على بعد 30 دقيقة بالسيارة من مدينة اربيل حيث يعيش 1.5 مليون شخص ويوجد مقر حكومة اقليم كردستان.

وسيطر المتشددون في وقت سابق على قرقوش أكبر بلدة مسيحية في العراق فهرب الكثير من سكانها خوفا من اجبارهم على الاذعان لمطالب المسلحين السنة التي أعلنوها في مناطق أخرى استولوا عليها وهي إما المغادرة أو اعتناق الاسلام أو الموت.

وترى الدولة الاسلامية التي تعتبر أكثر تطرفا من تنظيم القاعدة الغالبية الشيعية في العراق والاقليات مثل المسيحية واليزيدية كفارا.

وفي روما وجه البابا فرنسيس نداء الى زعماء العالم للمساعدة في انهاء الازمة في شمال العراق والتي وصفها الفاتيكان بأنها “مأساة إنسانية مستمرة”. ودعت فرنسا إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي “لمواجهة التهديد الارهابي في العراق.”

وتراجعت أسهم شركات طاقة تعمل في كردستان بعد أنباء تقدم الدولة الإسلامية باتجاه حقول نفط في المنطقة.

وقالت الجماعة المتشددة في بيان عبر حسابها على تويتر ان مقاتليها استولوا على 15 بلدة وعلى سد الموصل الاستراتيجي المقام على نهر دجلة وقاعدة عسكرية في هجوم مستمر بدأته مطلع الاسبوع. ويقول مسؤولون أكراد ان قواتهم ما زالت تسيطر على السد.

وقال شاهدان لرويترز اليوم عبر الهاتف إن مقاتلي الدولة الإسلامية رفعوا العلم الأسود للتنظيم فوق السد الذي قد يسمح لهم باغراق مدن رئيسية أو قطع امدادات الماء والكهرباء.

وألحق المسلحون السنة هزيمة مخزية بالقوات الكردية في مطلع الأسبوع مما اضطر الالاف من أبناء الطائفة اليزيدية الى الفرار من بلدة سنجار الى الجبال المحيطة.

انفجارات في أنحاء متفرقة بالعراق

قال متحدث باسم مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية ان بعضا من عدة الاف يحاصرهم مقاتلو الدولة الاسلامية في جبل سنجار تم انقاذهم في الساعات الاربع والعشرين الماضية مضيفا ان 200 ألف فروا من القتال.

وقال المتحدث ديفيد سوانسون عبر الهاتف “هذه المأساة لها أبعاد هائلة تؤثر على حياة مئات الاف الاشخاص”.

وقال ان العديد من النازحين يحتاجون على وجه السرعة الى مياه وغذاء ودواء. وقال متحدث باسم منظمة الامم المتحدة للطفولة ان العديد من الاطفال في الجبل يعانون من الجفاف وان 40 طفلا على الاقل ماتوا.

ويواجه اليزيديون الذين تنظر الدولة الاسلامية اليهم على انهم “عبدة الشيطان” خطر الاعدام على أيدي المسلحين السنة الذين يسعون لاقامة دولة الخلافة ويعيدون رسم خريطة الشرق الاوسط.

وقال مسؤولون أتراك إن آلاف العراقيين ومعظمهم من اليزيديين يتدفقون على الحدود مع تركيا هربا من القتال.

وفي كركوك قالت الشرطة ومصادر طبية إن 11 شخصا قتلوا في انفجارين بسيارتين ملغومتين اليوم قرب مسجد شيعي يؤوي نازحين في المدينة النفطية الاستراتيجية التي يسيطر عليها الأكراد.

وقتل 14 شخصا في انفجار سيارة ملغومة بمنطقة شيعية في بغداد اليوم.

وأثارت مكاسب الدولة الإسلامية المخاوف من أن يحذو متشددون مسلحون في مناطق أخرى بالعالم العربي حذوها.

وسيطر متشددون سنة على بلدة حدودية في لبنان مطلع الأسبوع لكنهم انسحبوا بالكامل منها فيما يبدو.

واشتبك مقاتلو الدولة الاسلامية – التي أعلنت الخلافة في مناطق من العراق وسوريا – مع القوات الكردية أمس الاربعاء في بلدة مخمور قرب أربيل عاصمة إقليم كردستان شبه المستقل.

وقال شهود ان المسلحين استولوا على بلدة مخمور لكن مسؤولين أكرادا أبلغوا وسائل اعلام محلية ان قواتهم مازالت تسيطر على المنطقة وبثت قنوات تلفزيونية لقطات لمقاتلي البشمركة وهم يجوبون البلدة.

وقال شهود إن المسلحين اجتاحوا أيضا بلدة تلكيف التي يغلب على سكانها المسيحيون فضلا عن بلدة الكوير.

وحدة أراضي العراق في خطر

ويشكل تنظيم الدولة الإسلامية أكبر تهديد لوحدة أراضي العراق منذ سقوط صدام حسين في 2003. ويسيطر مقاتلو التنظيم وحلفاؤهم من السنة على جزء كبير من غرب العراق.

وأجج التنظيم التوترات الطائفية وأعاد إلى الأذهان أيام الحرب الأهلية الدامية التي بلغت ذروتها في عامي 2006 و2007.

وأصبحت التفجيرات وعمليات الخطف والقتل مشهدا يوميا من جديد في العراق. وتواجه الأقليات الدينية والعرقية في سهول محافظة نينوى الشمالية الخطر على نحو خاص.

وينفذ المتشددون السنة عمليات تطهير للشيعة من الشبك وأقلية التركمان العرقية في بلدات وقرى محافظة نينوى وحددوا مهلة للمسيحيين للرحيل عن الموصل عاصمة المحافظة أو القتل.

وقالت مصادر طبية وأمنية إن عدد قتلى تفجيرات في أسواق مزدحمة بمناطق شيعية في بغداد ارتفع الليلة الماضية إلى 59 بالإضافة إلى 125 مصابا.

ودفعت مكاسب الدولة الإسلامية رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى إصدار أوامر للقوات الجوية العراقية بمساعدة الأكراد الذين اهتزت صورتهم كمقاتلين أشداء بعد هزيمتهم.

وشنت القوات الجوية عدة غارات أمس من بينها غارة قالت الحكومة إنها قتلت 60 “ارهابيا” في الموصل لكنها لم تكسر شوكة الدولة الإسلامية فيما يبدو.

وأدت سيطرة الدولة الإسلامية على بلدة سنجار مسقط رأس الأقلية اليزيدية إلى فرار عشرات الآلاف إلى الجبال المحيطة مما يجعلهم عرضة لخطر الموت جوعا.

ويرأس المالكي حكومة تسيير أعمال منذ انتخابات أجريت في ابريل نيسان. ويرفض دعوات الأكراد والسنة والشيعة وإيران للتخلي عن مسعاه لتولي رئاسة الوزراء لفترة ثالثة وإتاحة المجال أمام شخصية قادرة على توحيد العراقيين في مواجهة الدولة الإسلامية.

لكن المالكي الذي لم يكن معروفا عندما تولى رئاسة الوزراء بدعم أمريكي كبير في 2006 يبدو مصمما وحذر من أن أي تدخل في عملية اختيار رئيس وزراء جديد سيفتح “أبواب جهنم” في العراق.

اقرأوا المزيد: 788 كلمة
عرض أقل
مظاهرة للأقباط في مصر (AFP)
مظاهرة للأقباط في مصر (AFP)

المسيحيون في الشرق الأوسط- عالم يتلاشى

لماذا يغادر المسيحيّون الشرق الأوسط؟

تمثّل زيارة البابا فرنسيس إلى الأراضي المقدسة فرصة لفحص حالة الشريحة السكانية المسيحية في الشرق الأوسط على خلفية التغييرات الجارية في المنطقة. ويظهر فحص أوضاع المسيحيين صورة قاتمة جدّا من الاضطهاد المتزايد والهجرة السلبية.

بشكل عام، فإنّ الشريحة المسيحية في الشرق الأوسط يمكنها أن تقسّم اندماجها في الدول العربيّة إلى قبل وبعد أحداث “الربيع العربيّ” التي بدأت عام 2011. فإذا كان المسيحيون قد تمتّعوا حتى الربيع العربيّ بالأمن، فإنّهم يعانون بعده من المضايقات من الحركات الإسلامية، وفي الوقت الذي تجد السلطات صعوبة في حمايتهم، يختار الكثيرون الهجرة إلى أماكن أخرى يحيون بها دون اضطهاد وتهديدات مستمرّة، وفي الواقع فقد رافق الربيع العربيّ “تطهير عرقي” لم ير الشرق الأوسط مثله خلال مئات السنين.

الغالبية العظمى من المسيحيين الذين يعيشون في الشرق الأوسط هم ذوي قومية عربية، حيث إنّ لغتهم الأساسية هي العربية. في العقود الأخيرة كانوا جزءًا لا يتجزّأ من الدول التي عاشوا بها، ولكن كما ذكرنا فإنّ الاضطرابات القوية التي يمرّ بها الشرق الأوسط لم تقفز عنهم أيضًا.

يعارض الدين الإسلامي بشكلٍ رسميّ هذا الاضطهاد، ولكن حركات الجهاد المتطرفة تؤذي المسيحيين طوال الوقت، ولا تستطيع السلطات منحهم الحماية المرجوّة. يبيّن تقرير خاصّ أعدّه فريق البحث البريطانيّ سيفيتاس (Civitas) ونُشر قبل عامين، أنّ المسيحيين في دول الشرق الأوسط “أقلّ شأنًا من الناحية الاجتماعية، مضطهدون أو مقموعون بشكل كبير بسبب عقيدتهم”.

مصر

في الشرق الأوسط، فإنّ المكان الذي فيه أقوى موجة لاضطهاد المسيحيين على الإطلاق هو تحديدًا مصر، حيث رفرف فيها علم الربيع العربيّ مع المليونيات في ميدان التحرير. منذ سقوط نظام حسني مبارك، بدأت مضايقات الشريحة السكانية المسيحية، والتي احتدّت مع صعود “الإخوان المسلمون” إلى السلطة، وأدّت إلى هجرة مئات الآلاف من المسيحيين (من بين شريحة سكانية تقدّر بسبعة ملايين مسيحي).

يعاني المسيحيون في مصر من التحريض الكبير ضدّهم من قبل المجموعات التي تنتمي إلى الإسلام المتطرّف، بداية من القتل في ضوء النهار، حرق الكنائس، المذابح والشعور الكبير بغياب الحماية من قبل السلطات. ويمكن للأحداث التي جرتْ بعد اندلاع الثورة مباشرة أن تبيّن لنا أكثر الوضع الجديد وغير المشجّع لمسيحيّي مصر.

قبل نحو ثلاث سنوات، مع اندلاع الاحتجاجات، حدث انفجار في كنيسة قبطية في الإسكندرية قُتل فيه 21 من المصلّين المسيحيين وأصيب نحو مائة. بعد وقت غير طويل من ذلك، في تشرين الثاني عام 2011، تظاهر مسيحيّون أقباط في ميدان التحرير احتجاجا على حرق كنيسة وعدم كفاءة السلطات في حمايتهم. لم تنظر القوى الأمنية المصرية إلى هذه المظاهرة بإيجابية واشتبكت بعنف مع المحتجّين. قُتل في هذه المواجهات العنيفة جنديّان و22 مواطنا مصريّا، معظمهم مسيحيّون، وأصيب أكثر من 200.

فهم المسيحيون المصريّون أنّهم لن يحظوا على ما يبدو بحياة سلميّة في مصر فقط بسبب دينهم ومعتقداتهم. بالإضافة إلى هجرة مئات الآلاف من المسيحيين إلى خارج مصر، نُشر مؤخرا أنّ مئات الآلاف من الآخرين قد قدّموا في السنوات الأخيرة طلبات للهجرة إلى دول أوروبية وإلى الولايات المتحدة.

مظاهرة للأقباط في مصر (AFP)
مظاهرة للأقباط في مصر (AFP)

لبنان

لم يؤدّ الربيع العربيّ إلى حدوث ثورة في لبنان، ولكنّ صعود قوّة حزب الله يؤثّر هو أيضًا على السكان المسيحيين في البلاد. المزيد والمزيد من المسيحيين يتحدّثون عن فقدان الأمن والشعور المتزايد لديهم بعدم الانتماء مقابل صعود قوة حزب الله.

حتى الحرب الأهلية في لبنان عام 1975 كانت نسبة المسيحيين من السكان نحو 50%، واليوم فإنّ التقديرات هي أنّ نسبتهم لا تتجاوز 35%. يهاجر الكثير من المسيحيين إلى خارج لبنان، وبالأساس إلى أوروبا، أمريكا الشمالية والجنوبية.

وقد تمّ في السنوات الأخيرة معاينة حالات كثيرة باع فيها مسيحيّون لبنانيّون أرضهم للمسلمين، حيث تمّ تمويل عمليات الشراء بواسطة شركات واجهة إيرانية مرتبطة بالنظام الإيراني، والهدف المعلن من العملية هو السيطرة على مناطق يعيش فيها المسيحيّون و”دفعهم” إلى خارج البلاد.

السلطة الفلسطينية، الضفة الغربية

تظهر بعض الدراسات أنّه بينما شعر المسيحيون والمسلمون الفلسطينيون بالمصير المشترك في السنوات الأولى من قيام دولة إسرائيل، فقد حدث انقسام بين المجموعات في العقود الأخيرة. يشعر المسيحيّون بنسبة أقلّ من الانتماء للرواية الفلسطينية، ونما لديهم شعور قويّ بالهوية الجماعية التي تعبّر عن غضبها من أنّ الرواية الفلسطينية تحوّلت باتجاه كونها رواية إسلامية، بحيث يُستثنى منها الجانب المسيحي.

وبالإضافة إلى هذه المشاعر، فإنّ حالات المضايقات وخصوصا من قبل الشباب المسلم الفلسطيني تجاه المسيحيين الفلسطينيين لم تعد أمرا نادرا، ومن الصعب القول بأنّ الأجهزة الأمنية الفلسطينية تتّخذ موقفا قويا تجاه هذه الظاهرة.

المحافظة التي يمكن أن نلاحظ فيها بصورة واضحة جدّا التغيير في أوضاع المسيحيين هي محافظة بيت لحم. تعتبر بيت لحم، والتي هي وفقا للمعتقد المدينة التي ولد فيها المسيح، مدينة مسيحية طوال الزمن. عام 1947 كان 85% من سكانها من المسيحيين، ولكن المسيحيّين اليوم يشكّلون نحو 20-25% من سكّان المدينة فقط. كانت احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم دائما جزءًا لا يتجزّأ من مشاهد المدينة، ولكنها تقلّصت في السنوات الأخيرة. قبل نحو عام، ومع تصاعد هذا الشعور، تمّ وضع لافتة ضخمة في أحد الميادين المركزية في المدينة قبل عيد الميلاد، وكتب عليها “عيسى ولد وقام للإحياء. الوقت الذي لقلبك حيث يمكنك أن تكون سعيدا. عيد سعيد”. أثارت اللافتة البريئة ردود فعل غاضبة، وخلال أقلّ من أسبوعين تم قطع كابلات إضاءة اللافتة، وفي النهاية تمّت إزالتها.

هذه الظواهر، بالإضافة إلى الشعور بالاستثناء من الرواية الفلسطينية، أدّت بالكثير من الفلسطينيين إلى قرار الهجرة خارج أراضي السلطة الفلسطينية. بالإضافة إلى ذلك، يعرب الكثير من المسيحيين الفلسطينيين عن قلقهم وخوفهم من إمكانية سيطرة حركة حماس على الضفة الغربية كما سيطرت على قطاع غزة، بعد مشاهدتهم لاضطهاد المسيحيين الذين لا زالوا يعيشون في غزة مضطهدين من قبل السلطات. يهاجر المغادرون إلى خارج أراضي السلطة الفلسطينية بشكل أساسيّ إلى أمريكا الجنوبية، حيث تتواجد هناك جاليات فلسطينية كبيرة. في تشيلي، على سبيل المثال، هناك – وفق التقديرات – نحو نصف مليون فلسطيني.

 قطاع غزة

يعتبر قطاع غزة أحد الأماكن الأكثر اضطهادا للمسيحيين في الشرق الأوسط على الإطلاق. حتى في الماضي لم يشعر الكثير من المسيحيين بالأمان الكامل، ولكن أوضاعهم ساءت كثيرًا مع سيطرة حماس على القطاع عام 2007.

منذ سيطرة حماس على القطاع، وصعود قوّة الجهات الإسلامية المتطرّفة مثل الحركات السلفية، يعاني المسيحيّون من الاضطهاد، سواء من قبل المواطنين أو من الجهات الحكومية. بعد أشهر من الانقلاب، نفّذت حماس سلسلة من الاعتقالات في صفوف المسيحيين.

ويحاول المسيحيون الذين بقوا الحفاظ على الهدوء وضبط النفس من أجل البقاء على قيد الحياة. إنّهم يقيمون تقاليدهم بتواضع خشية اتهامهم من قبل حماس بمحاولات التنصير. ومن بين أمور أخرى، فهم يستخدمون النبيذ بصورة سرّية، بالأساس من أجل إقامة الشعائر الدينية، وذلك رغم حظر تناول الكحول في قطاع غزة وفقا للشريعة الإسلامية.

وتشير التقديرات المحدّثة أنّه بعد وقت ليس بطويل ستختفي الشريحة السكانية المسيحية تماما من قطاع غزة. حتى عام 2007 عاش في قطاع غزة نحو 3,000 مسيحي، وعام 2011 كان الرقم 1,400، ننيجة لهجرة المسيحيين من غزة إلى الضفة الغربية ودول أخرى، والتي هي بالأساس: أستراليا، الولايات المتحدة، السويد أو أي مكان لهم فيه أقارب.

المسيحيون في غزة (AFP)
المسيحيون في غزة (AFP)

هجرة سهلة نسبيًّا بالمقارنة مع المسلمين

إذا كان الأمر كذلك، فالظواهر التي يعاني منها المسيحييون في كلّ واحد من هذه الأماكن متشابهة: قتل المواطنين المسيحيين ورجال الكنيسة، تدمير الكنائس بل وهناك عدد من الشواهد على جبي الجزية بالقوة والتي لم تؤخذ من المسيحيين واليهود منذ القرن التاسع عشر.

يغادر المسيحيّون الذين يشعرون بالتهديد الشرق الأوسط بأعداد كبيرة. وبجميع الأحوال فإنّ الزيادة الطبيعية لديهم أقلّ من المسلمين، وظاهرة الهجرة السلبية تُقلّص من أعدادهم في المنطقة أكثر وأكثر. هناك من يشبّه تدفّق المسيحيين الحالي بتدفّق نحو 900,000 يهودي من الدول العربيّة، والذين فرّت غالبيّتهم العظمى من أماكن عيشهم بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948، وذلك لشعورهم بالتهديد وانعدام الحماية من السلطات.

يمكنا أن نقرّر بالعموم أنّه يسهل على العرب المسيحيين أن يهاجروا أكثر من العرب المسلمين. نسبيّا فإنّ تعليمهم أعلى، وأوروبا وأمريكا هي دول مسيحية في غالبيّتها. ومع وصولهم إلى البلاد الجديدة فهم يحافظون عادةً على المجتمعات الأصلية، ولكنّ التأثير يقلّ مع مرور الزمن، ويعبّر الجيل الثاني عن رغبته بالاندماج في المجتمع الذي نشأ وترعرع فيه، والاندماج بالمجتمع المحلّي كبير، بالطبع مقارنةً مع الهجرة المسلمة.

إنّ النظر إلى هجرة المسيحيين في الشرق الأوسط يمكنه أن يشير إلى انتشار الحركات الإسلامية المتطرّفة، مثل “الإخوان المسلمون” والحركات السلفية. فالمضايقات الكثيرة للمسيحيين من مقبل هذه الجماعات، مقابل صمت وعدم تدخّل الغرب، تُسرّع من فرار المسيحيّين المهدّدين. يمكننا إذن أن نفهم بأنّ قوة سيطرة الإسلاميين في المنطقة هي أحد المعطيات في الشرق الأوسط ضمن معطيات فرار المسيحيين من المنطقة.

اقرأوا المزيد: 1256 كلمة
عرض أقل