المطربة الإسرائيلية نينيت طايب (Flash90/Yonatan Sindel)
المطربة الإسرائيلية نينيت طايب (Flash90/Yonatan Sindel)

ألن نكفّ عن الغِناء؟

ظهرت البرامج التلفزيونية للكشف عن المواهب الغنائية قبل نحو عقد في إسرائيل، لكنها تأبى الاختفاء، بل تتكاثر؛ 4 صِيَغ، عدد لا يُحصى من ساعات البثّ، وتأثير هائل على الحضارة: إنّها صناعة برامج الواقع في إسرائيل

قد يصعُب تصديق ذلك، ولكنّ برامج الواقع التي تهدف إلى تحديد المطرب الكبير القادم ترافقنا منذ أكثر من عَقد. فعام 2003، جرفت إسرائيل موجةٌ من الحماس غيرُ مسبوقة حول برنامج المواهب الأول على الشاشات، “كوخاف نولاد” (ولادة نجم – برنامج شبه مطابق لبرنامج “سوبر ستار”/ “عرب أيدل”). احتفل البرنامج بعقده الأولى، واحتفاءً بالحدث، غيّر اسمه إلى “النجم القادم” ليجتاز تحوُّلًا جديدًا. لكنّ البداية كانت مع “ولادة نجم”، مع المقدّم تسفيكا هدار، ومع صيغة تُتيح للمشاهدين في بيوتهم التصويت وتحديد هوية الرابحين، عبر إرسال رسائل نصية قصيرة (SMS).

في نهاية صيف السنة نفسِها، بلغ الجنون بالبرنامج ذروته. ففي أمسية النهائي، الذي أقيم في شواطئ نيتسانيم، تجمّع عشرات آلاف الشبّان لمشاهدة الظاهرة الثقافية الأكبر في ذلك الوقت، و”النجوم” التي كانت تولد أمام أعينهم، في حفل أشبه بالمهرجان. في تلك الليلة، تنافست نينيت طايّب مع شيري ميمون وشاي جبسو. كانت المنافسة متقاربة بين الثلاثة، واستأثرت بانتباه نسبة مرتفعة من الشعب الإسرائيليّ. في النهاية، كانت نينيت – التي أظهرت صوتًا رنّانًا ومحرّكًا للمشاعر في أغنية “يام شِل دمَعوت” (بحر من الدموع)، لزوهر أرجوف – هي التي نالت أكثر الأصوات وظفرت بالمركز الأول. وخلافًا لعدد من المشتركين الذين فازوا في المسابقات المختلفة لاحقًا، والذين سنتحدث عن بعضهم، فإنّ نينيت نجحت في الحفاظ على مكانتها في النقاش الموسيقي والحضاري في إسرائيل، خلافًا لكلّ التوقّعات المسبقة.

شاهِدوا لتفهموا لماذا كانت نينيت “نجمة” إسرائيل الأولى (الذروة: بعد 04:23)

بعد النجمة التي أتت من الظل في الموسم الأول، واصل برنامج “كوخاف نولاد” تعميق تحكُّمه في الموسيقى الإسرائيليّة. بدأ البرنامج يحدّد الإيقاع ويجذب مغنّين مشهورين ليكونوا حكّامًا، مساعدين، مدرّبين، وغير ذلك من الوظائف التي تهدف إلى منح دقائق من المجد في “وقت الذروة” في المشاهدة، إذ يشاهد معظم الجمهور شخصيةَ الموسيقيين. وبلغ مغنّون أمثال هاريل مويال وهاريل سقعت (الموسم الثاني) أو يهودا سعدو (الموسم الثالث) المراحل النهائية في البرنامج، عارضين أساليب موسيقية دمجت بين التأثيرات المتوسطية وإيقاعات البوب السريعة.

المطرب عومر آدم (Wikipedia)
المطرب عومر آدم (Wikipedia)

لاءمت أغانٍ مثل “نير عل هحلون” (شمعة على الشباك) التي جدّدها مويال، أو “سادوت شل إيروسيم” (حُقول السوسن) التي غنّاها سعدو، الروح التي حاولت إنتاجها القنوات التلفزيونية التجارية في ذلك الحين: روح الوحدة بين كلّ أطياف الشعب، كما يجري التعبير عنها في الموسيقى التي تمزج مميّزات من تيّارات مختلفة في مضمونها.

أصغوا إلى سعدو في تجديد لأغنية شلومو أرتسي، “سادوت شل إيروسيم” (حقول السوسن)

http://youtu.be/EefIiI0txoo

لاحقًا، كانت ممكنةً ملاحظةُ كيف يعكس البرنامجُ المزاجَ الموسيقيّ في إسرائيل، الذي أصبح يميل أكثر نحو الموسيقى الشرقية، لا سيّما في أسلوب البوب، ولكن أيضًا نحو الكلاسيكيّ أكثر. أصبحت الكمنجات مركزية، وأظهر فوز بوعز معودة (الموسم الخامس)، وكذلك الشعبية التي حظي بها عومر آدم (الموسم السابع) أنّ الأذن العاديّة في إسرائيل تنشُد صوتًا جميلًا، ولكن أيضًا صوتًا قادرًا على غناء “موّال” بطريقة بارعة ورنّانة. صحيح أنّ عومر آدم طُرد من البرنامج في منتصف الموسم، بعد أن تبيّن أنّ عمره (16 عامًا) أصغر ممّا قال، لكنه نجح لاحقًا في التألق ليصبح نجمًا بقواه الذاتيّة.

شاهدوا الشاب عومر آدم يؤدّي “إيشاه نئماناه” (امرأة أمينة) ليشاي ليفي

رغم أنّ الكثير من النقد وُجّه إلى البرنامج على مدار السنوات، لكونه يشجّع على النجاح الفوري على حساب العمل الجادّ والاستثمار للمدى البعيد، لكن قياسًا على النتيجة، فقد نجح بقوّة. صوّت الجمهور حاملًا جهاز التحكّم في يده كلّ مرة من جديد. ورغم أقوال النقّاد المشاكِسين، “ابتلع” الجمهورُ بشهيّة كل ما قُدّم له عبر شاشة التلفاز. قبل ثلاثة أعوام، شهد الصيفُ دليلًا إضافيًّا على النجاح الكبير للبرنامج، حين قررت قناة تلفزيونية أخرى استيراد برنامج العثور على المواهب الموسيقية “The Voice” (الصّوت) من هولندا. ورغم أنّ البرنامج قدّم طريقة لتحديد المواهب مغايرة لتجارب الأداء – أصغى الحُكّام للأغاني مديرين ظهرهم للمغنّين، وفقط مَن استدار حكمٌ تجاهه يحظَ بالانتقال إلى المرحلة القادمة – فإنّ المبدأ ظلّ هو هو. من ثمّ، كان مفاجئًا أنه بعد 8 سنوات من ظهورها لأول مرة، لم تختفِ برامج الغناء. على النقيض من ذلك، فقد سيطرت على المزيد والمزيد من مساحة البثّ في ساعات ذروة المشاهدة.

المطرب الإسرائيلي إيال جولان (Flash90/Nati Shohat)
المطرب الإسرائيلي إيال جولان (Flash90/Nati Shohat)

في البرنامج الجديد، كان مطربون معروفون أكثر، مثل أفيف جيفن وسريت حداد، مدرّبين وحكّامًا في آنٍ واحد. فهم يهيّئون المتسابقين للغناء، ويقيّمونهم بعد انتهاء تقديم مقاطعهم. هنا أيضًا، كانت المتسابقتان البارزتان في الموسمَين الأولَين- يوفال ديان (الموسم الأول) ولينا مخّول (الموسم الثاني)- تملكان صوتًا استثنائيًّا وتحكّمًا كبيرًا في الصوت في سلسلة كبيرة من الأوكتافات. كان مدربهما شلومي شبات، أحد نجوم الغناء المُتوسّطي في إسرائيل، ذو الأغاني الضاربة “أبا” (أبي)، “ييش لاخ” (لديكِ)، و”شتدعي” (فلتعرفي)، والذي يتميّز بالأسلوب التركي، الذي يدمج العزف على الطبول وآلات وترية مختلفة. أمسى البرنامج مع بدايته أمرًا يتحدث عنه الجميع وينشغلون به، بما في ذلك البرامج الحوارية، النقد التهكمي، والصحف.

أصغوا إلى يوفال ديان تغني “شئيريوت شل هحييم” (بقايا الحياة)، أغنية حظيت بملايين المشاهدات على Youtube

وبالتوازي مع ” The Voice”، بدأ برنامج جديد مع أكبر نجوم الغناء المتوسطي، “إيال جولان يدعوكَ”. وبعد أن سجّل البرنامجان موسمَين ناجحَين، وخلافًا للمنطق، تقرّر الشروع في برنامج ثالث، موجّه لجمهور الشباب. “إكس فاكتور”، الذي تقدّمه بار رفائيلي، عارضة الأزياء الإسرائيلية العالمية، هو استيراد آخر لبرنامج من خارج البلاد، وهو دليل على أنّ الجمهور الإسرائيلي لم يضجر بعد من سماع أشخاص يجربون صوتهم ويغنّون أمام الميكروفون.

واحدة من أكثر الفائزين إثارةً للاهتمام هي نسرين قدري، التي اختارها إيال جولان وأصدقاؤه من صناعة الموسيقى – الكتّاب، المغنّين، الملحّنين، والنقّاد – في الموسم الثاني من برنامجه. نجحت قدري، عربية مسلمة من حيفا، في تسمير المشاهدين أمام الشاشة، وهم الذين أرادوا سماع صوتها، ولكن أيضًا السماع عنها وعن نمط حياتها، إذ عرضت مزجًا حديثًا بين الإسلام والحياة الغربية، كفتاة تعمل في حانوت ملابس حققت حلمها وأصبحت شخصية معروفة بين عشيّة وضُحاها. حتّى أشدّ النقاد مهاجمةً لهذه البرامج يعترفون أنه رغم جميع مساوئ البرامج من هذا النوع، فهي تتيح لجماهير لا تنال دائمًا منبرًا أن تنكشف بصورة إيجابية في مركز الحدث الحضاريّ في إسرائيل.

أصغوا إلى نسرين قدري تؤدي بشكل مؤثّر أغنية “كِشِهليف بوخيه” (حينَ يبكي القلب) لسريت حدّاد

http://youtu.be/vTdKzmUJEMI

اقرأوا المزيد: 906 كلمة
عرض أقل
المطربة نينيت طايب (Kobi Gideon/Flash90)
المطربة نينيت طايب (Kobi Gideon/Flash90)

الزوجان الملكيّان ينفصلان ويزعزعان إسرائيل

تصدر عناوين الصحف الإسرائيلية هذا الصباح، أساسًا، الانفصال المفاجئ للزوجين طايب وليفي

لقد انفصلت المطربة نينيت طايب وشريك حياتها في السنوات الثماني الأخيرة، الممثل يهودا ليفي. وقد عصف النبأ حول الانفصال، الذي تم الإعلان عنه بشكل مشترك من قبل وكالة الزوجين، بزوايا الثرثرة والترفيه في أقسام الأخبار في إسرائيل. “لقد تم اتخاذ القرار حول الانفصال بشكل مشترك، بمحبة كبيرة، بصداقة وبتفهم”، قال الزوجان. “بطبيعة الأمور، لن تكون الفترة القريبة فترة سهلة على كلينا”.

ولمن لا يعرف الشخصيتان الرئيسيتان إلى هذا الحد في حياة الثقافة، الموسيقى، السينما والتمثيل في إسرائيل، سيتفاجأ ولن يفهم لماذا كل هذه الضجة. ولكن في إسرائيل، التي تعتبر دولة صغيرة، برز الزوجان نينيت طايب ويهودا ليفي، في السنوات الثماني الأخيرة، وكثيرون انتظروا بفارغ الصبر زواجهما لإكمال فصل آخر في الحياة الثقافية والموسيقية في إسرائيل.

ونينيت طايب هي بحد ذاتها “سندريلا”. لقد ترعرعت طايب وتعلمت في بلدة التطوير كريات غات جنوبي إسرائيل وكانت منذ نعومة أظفارها تتعامل مع الغناء. في العام 2003، وخلال خدمتها العسكرية، تقدمت إلى تجربة الأداء في البرنامج الواقعي”سوبر ستار” الإسرائيلي، الذي تم بثه للمرة الأولى في ذات السنة في القناة الثانية.‎ بتاريخ 28 آب/أغسطس من نفس السنة، شاركت في المرحلة النهائية من البرنامج وغنت أغنية “يوم من الدموع، التي كان يغنيها بالأصل زوهار أرجوف”.‎ وقد فازت طايب بالمرتبة الأولى حسب اختيار الجمهور والحكام، وحصلت على 49% من أصوات المشاهدين. وسرعان ما تحولت طايب إلى مطربة مطلوبة وقامت بتسجيل أربعة ألبومات حيث تحول واحد منها إلى ألبوم دولي أحرز نجاحًا باهرًا. لعبت طايب أدوارًا تمثيلية في عدة مسلسلات تلفزيونية وشاركت في الكثير من العروض الحية، في الاحتفالات الملكية وفي معظم برامج الترفيه المعروفة في إسرائيل.

طايب البالغة من العمر 30 عامًا وليفي البالغ من العمر 34 تعرّفا على بعضهما البعض في مسرحية غنائية، قبل نحو ثماني سنوات. وقد سكنا معًا في تل أبيب وحتى أنهما أعلنا قبل سنة عن خطوبتهما.

النجم يهودا ليفي ووالدته (Mosh Shai/Flash90)
النجم يهودا ليفي ووالدته (Mosh Shai/Flash90)

يهودا ليفي، شريك حياة طايب هو ممثل وعارض أزياء إسرائيلي. بعد خدمته العسكرية، شارك ليفي في عدد من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية. وفضلا لتشكيلة أدواره في الأفلام وفي المسلسلات، فاز ليفي في العام 2002 بجائزة أكاديمية التلفزيون وجوائز قيّمة أخرى وشارك في فيلم المخرج الأمريكي المعروف ستيفان شبيلبرغ “ميونخ”.

وقد نجح الانفصال المفاجئ بإدخال وسائل الإعلام إلى دوامة إعلامية “ضربة”، “صدمة” و “زلزال”، هذا ما كانت تصرخ به عناوين الصحف ونشرات الأخبار. وقد كتبت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، وهي التي تحظى بأكبر نسبة قراءة في إسرائيل “لا يجري الحديث هنا عن مجرد انفصال آخر، بل يجري عن كعكة عيد ميلاد تنفجر في وجه ولد سقطت عليه مفاجأة. هذا هو تصوير تجسيمي من الكمال. مشهوران اثنان بقيا وقتًا طويلا مع بعضهما البعض. حتى عندما كانت تحلق رأسها، حتى عندما كان يربي شعر وجهه. حتى عندما كان يسافر إلى هوليوود، وحتى عندما كانت هي تقوم بتسجيل ألبوم عصابات في حي شبيرا. نينيت ويهودا ربما كانا فنتازيا – ولكنها فنتازيا يصعب البقاء من دونها”.

كان مراسلو زوايا الثرثرة والثقافة يأملون في أن الزوجان سينفصلان عن حب وعن فهم لأنه لا يمكنهما أن يتزوجا بعضهما البعض، وأن كل شيء يتم بتفهم وبمحبة “بعد قليل سوف نراه (يهودا ليفي) يخرج مع فتاة أخرى، وهي (نينيت طايب) مع شاب جديد، وربما رويدًا رويدًا سنتعلم كيف نثق بالسراب التالي، حتى وإن كان سيسحب البساط من تحت أرجل الأسطورة التي نسجناها لأنفسنا”. هذا ما كتبوه في “يديعوت أحرونوت”.

اقرأوا المزيد: 505 كلمة
عرض أقل