نوف عثامنة إسماعيل

مهرجان الشام (فيسبوك)
مهرجان الشام (فيسبوك)

مهرجان “الشام” في حيفا يستقطب الطهاة العرب والمنتقدين

يثير مهرجان "الشام" المزمع إقامته في منتصف الشهر الجاري في حيفا، اهتماما كبيرا لدى الطهاة العرب واليهود في إسرائيل، وفي الشق الآخر، انتقادات من قبل متابعين فلسطينيين وجزء من الإعلام العربي

03 ديسمبر 2015 | 15:56

تقيم بلدية حيفا، الأسبوع المقبل (8-11 ديسمبر)، مهرجانا خاصا بالمطبخ الشامي، عنوانه مهرجان “الشام” (كيف لا؟)، تتوزع نشاطاته بين تحضير المأكولات الشامية والحديث عن المطبخ الشامي في الماضي والحاضر، وما طرأ عليه من تغييرات في دول المنطقة التي اعتبرت يوما “الشام”. واللافت في هذا المهرجان أنه “نجح” في أمرين، قبل انطلاقه، الأول استقطاب عدد كبير من الطهاة العرب للمشاركة فيه، والثاني إثارة انتقادات في الإعلام الفلسطيني والعربي بادعاء أن المهرجان يندرج تحت محاولات إسرائيل “الاستيلاء على الموروث الشامي والفلسطيني”.

وجاء على صحفة المهرجان في خانة التعريف عنه (الاقتباس كما ظهر في الأصل) “الى جانب القدور الموضوعة على النار التي ستطبخ بها اكلات شعبيه مألوفة وغير مألوفة، ستقام ندوات حوار، ورشات طبخ وعروض موسيقية جميعها مكرسه للثقافة العربية”. ويلاحظ في قائمة الطهاة المشاركين في الحدث، الحضور العربي، ومن الأسماء التي ظهرت: حمودي أبو العافية، بلقيس أبو ربيع، حبيب داود، أسامة دلال، علاء موسى، إلياس مطر، حسام عباس، دخل صفدي وبعد.

مهرجان الشام (فيسبوك)
مهرجان الشام (فيسبوك)

ومن المساهمين العرب البارزين في إنجاح المهرجان، دكتور نوف عثامنة، وهي طاهية معروفة في إسرائيل، اكتسبت شهرتها بعد أن فازت بلقب “ماستر شيف الإسرائيلي، وعدا عن مهاراتها في مجال الطهي، هي حاصلة على لقب دكتوراه في البيولوجيا. ووصفت عثامنة، المسؤولة عن الإدارة الفنية، الحدث، بأنه “جسر” بين الثقافتين، العربية واليهودية، في إسرائيل.

نوف عثامنة، في برنامج الطهي "ماستر شيف" (PR)
نوف عثامنة، في برنامج الطهي “ماستر شيف” (PR)

وقالت في حديث مع الصحيفة الإسرائيلية، “كلكاليست”، المعنية بالشؤون الاقتصادية “لقد شهدنا السنة رقما قياسيا في التعاون العربي – اليهودي في مجال الطبخ، على الرغم من الوضع الأمني الراهن”. وتابعت “وظيفتنا كطهاة أن نظهر أنه بوسعنا أن نعيش على نحو آخر. يمكننا أن نستعمل السكاكين من أجل تحقيق المتعة وصنع الذكريات الإيجابية”.

وإلى جانب اهتمام الطهاة بهذا الحدث المميز، جرّ المهرجان انتقادات من قبل من يرى أنه حدث يندرج ضمن محاولات إسرائيل، الممثلة ببلدية حيفا، “الاستيلاء على الموروث الشامي والفلسطيني”. وبرزت جريدة “السفير” اللبنانية في انتقادها للمهرجان، واصفة إياه “مرحلة “جديدة” في الاستفزاز”.

وأورد المقال الخاص بالمهرجان احتجاجات وتعليقات كتبها فلسطينيون وسوريون ضد المهرجان. وقد ساندت كاتبة المقال هذه الاحتجاجات معتبرة أن أهميتها تكمن في “ضرورة عدم السكوت… وحثّ المشاركين الفلسطينيين في المهرجان على إلغاء مشاركاتهم”.

اقرأوا المزيد: 320 كلمة
عرض أقل
طبق من مطعم الجميلة في يافا (Facebook)
طبق من مطعم الجميلة في يافا (Facebook)

المطبخ العربي الجديد يعود للحياة ويُغري الذوق الإسرائيلي

طباخون جدد، أطباق الجدة، عرض مُلفت لمأكولات شعبية وتحديدًا رغبة بعرض الطعام الأصلي الملائم للذوق الإسرائيلي

يعرض المطبخ العربي، للعام 2014، في لوائح طعام المطاعم الفاخرة في تل أبيب أطباق ما كنتم لتصدقوا أن أصلها من المطبخ العربي – الفلسطيني: قطع لبنة، باستا خبيزة مجففة، بودرة زيتون أسود وقشدة كبة.

الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)
الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)

عندما قدمت نوف عثامنة، المشاركة العربية في برنامج الطبخ الأكثر متابعة في إسرائيل “ماستر شيف”، طبق فتة الحمص مع كافيار الطماطم، لم يصدّق الحكام ما رأوه. أرادت نوف أن تضع “مطبخ الفقراء”، المطبخ “العربي الفلسطيني” في وقت ذروة المشاهدة في التلفزيون. منح نجاحها وفوزها للمشاهدين الإسرائيليين نظرة مميزة للقدرة الكبيرة لهذا المطبخ التقليدي الذي يمكنه تقديمها. بدأت رياح التغيير والبراعة للمطبخ العربي بالتغيّر، بشكل غير مسبوق، وبدأ يتوجه من الطابع التقليدي والمعروف إلى العصري والممتاز.

ادعى الشيف يوسف حنا، رئيس الطباخين في مطعم “مجدلينا” في شمال إسرائيل، في مقابلة له مع وسائل إعلام إسرائيلية، بخصوص التغيير الذي طال المطبخ العربي، “لا شك أنني أعتقد أننا في ذروة ثورة كبيرة”. مجدلينا هو مطعم عربي متطور، يُترجم المطعم الريفي القديم إلى أطباق عصرية وجميلة بشكل مميز جدًا.

طبق من مطعم مجدلينا (Facebook)
طبق من مطعم مجدلينا (Facebook)

“نحن متأثرون جدًا من المطبخ الإسرائيلي الجديد”، اعترف حنا، “أنا على علاقة بالكثير من الطباخين اليهود، وهم الذين دفعوني بشكل قوي بأن أمضي قُدمًا بمطبخي. وأن أفعل شيئًا مختلفًا. إن كنا سابقًا نقوم بحشي كتف خروف ووضعه على المائدة اليوم نرى أطباق صغيرة وأكثر نعومة. لا يعني هذا أننا ابتعدنا تمامًا عن الأصل وعن مذاقاتنا، لكننا أعطينا الطعام تنوعًا جديدًا. نحن الآن نستثمر أكثر بطريقة تقديم الطعام العصرية وبتقنيات عصرية. سابقًا، كان معروفًا أنه يتم حشو الكبة باللحم. اليوم أقوم بحشي الكبة بالفواكه البحرية. في مطبخنا (الفلسطيني) لم تكن هناك قشدة، ولكنني اليوم أرى بأن قشدة الباذنجان، قشدة القرنبيط وقشدة الجذور هي طريقة ممتازة للحفاظ على مذاقاتنا بتقنيات جديدة وملفتة”.

طباخون في مطعم مجدلينا (Facebook)
طباخون في مطعم مجدلينا (Facebook)

يدمج الكثيرون من الطباخين العرب، من الجيل الجديد، في مطابخهم تقنيات طبخ عصرية. على سبيل المثال، يُحضّر الشيف عُمر علوان في مطعم حج كحيل في يافا بودرة زيتون أسود وباستا من الخبيزة تم طحن أوراقها جيدًا.

يعترف طباخون إسرائيليون من الدرجة الأولى أنهم ينفتحون أكثر للتجديدات التي تحدث في العالم، وكذلك في العالم الغربي والعربي – سوريا، لبنان والأردن. هناك التقنية هي دمج المطبخ التقليدي مع المطبخ العصري الجديد. مثلاً، تحضير الكبة النيئة على طريقة القشدة والموسية.

طبق  الحلوى من مطعم مجدلينا (Facebook)
طبق الحلوى من مطعم مجدلينا (Facebook)

أحد النماذج البارزة هو التوجه لتحضير طعام صحي. تخلص الناس من كميات الدهون، واليوم يبحثون عن بديل للقلي بالزيت العميق والمطبخ العربي الفلسطيني يعجُ بالأطباق التي تلائم الخُضريين، النباتيين ومن يحبون تناول الطعام قليل الدسم.

ليس هناك المزيد من “الحمص – التشيبس – المشاوي”

يمر المطبخ العربي مؤخرًا بتطور نوعي متسارع. تجذر في الوعي الإسرائيلي، على مدى تاريخ مجال الطبخ، أن المطبخ العربي هو مطبخ بسيط يُقدم في أفضل الحالات “الحمص، التشيبس والمشاوي”، إلا أنه مؤخرًا تحول إلى الحديث الرئيسي لدى الذواقين.

طبق من مطعم الجميلة في يافا (Facebook)
طبق من مطعم الجميلة في يافا (Facebook)

تنوي د. نوف عثامنة هذه الأيام إقامة مدرسة يهودية – عربية للطبخ. “تقبل الوسط اليهودي في إسرائيل المطبخ العربي التقليدي بمحبة كبيرة أيضًا عندما كان يقدم “الحمص، التشيبس والمشاوي”، حسب قولها، “وهذه إشارة إلى أن الذائقة المحلية تحب النكهات العربية. حصل التجديد في المطاعم العربية الفاخرة التي تم افتتاحها مؤخرًا وفتح المجال لفرصة أوسع للتعرف على هذا المطبخ. لا يزال هناك الكثير من الأطباق التقليدية غير المعروفة هنا، ولم يتم بعد القيام بعمليات دمج كافية وأنماط تقديم جديدة لتعريف هذا المطبخ. انقرض جزء من الأطباق المحلية تقريبًا، وتُميز بعض الأطباق مناطق بعينها، مثل زعتر باقة الغربية الذي يحتوي على الشومر البري المطحون والذي يختلف عن الزعتر في أماكن أخرى. إن الكباب السوري طبق يستحق التعرف عليه والذي يحتوي على كرز حامض، ويتميز اللبنانيون بالجبنة المعفنة التي تميز منطقتنا”.

هناك حاجة لوجود نساء في المطابخ العربية المتميزة

طبق من مطعم الحج كحيل في يافا (Facebook)
طبق من مطعم الحج كحيل في يافا (Facebook)

رغم كل تلك التجديدات العصرية والتقنيات الحديثة التي يتباهى بها المطبخ العربي، معروف أن هذا المطبخ لا يزال يسيطر عليه الرجال. يمكن إحصاء عدد النساء اللواتي يعملن في المطابخ على أصابع اليد.

“أتوق أن تتجرأ النساء العربيات بدخول مطابخ المطاعم”، يقول الشيف الياس مطر، الذي كان حتى فترة قريب شيف مطعم دانتيه في الناصرة، “المرأة لها يد مختلفة في المطبخ، طاقة مختلفة، نعومة وروح لا يمكن أن نجدها في طبخ الرجال. أنا مُستعد لتبني أي شابة تريد أن تندمج بهذه المهنة، حتى وإن كانت لا تعرف شيئًا وتحتاج أن أُعلمها كل شيء من البداية. حتى أنه في مجتمعاتنا معروف أن للفتيات فقط مسموح مساعدة الأمهات بتحضير الطعام، ويطّلعن على ما يحدث في المطبخ من سن صغيرة. ولكن، لم يحدث ذلك كمهنة بعد. صحيح، العمل في مطبخ مطعم هو شيء صعب من نواحٍ كثيرة: جسديًا، عقليًا ونفسيًا. هذا ما يجعل النساء العربيات لا يدخلن هذا المجال، ولكنني أتمنى أن يتغير ذلك”.

المطبخ العربي يحتل العالم

طبق  الحلوى من مطعم مجدلينا (Facebook)
طبق الحلوى من مطعم مجدلينا (Facebook)

في أوروبا والولايات المتحدة تُحقق المطاعم العربية نجاحًا باهرًا في السنوات الأخيرة، لأنه لا يمكن منافسة المذاقات الرائعة لهذا المطبخ. بدأت تلك الثورة في إسرائيل بشكل متأخر نسبيًا ولكنها تتسارع بشكل كبير جدًا.

ينجح المطبخ العربي باحتلال العناوين في العالم بفضل جانب الصحة العالمي. المطبخ العربي الفلسطيني دقيق بنكهاته، يدمج النبات بشكل كبير في أطباقه ويعرف كيف يُخرج أفضل الأطباق من اللحوم والأسماك وهي الأطباق التي تُميز الشرق الأوسط.

لم يصل مرشد ميشلن للطبخ إلى الشرق الأوسط بعد، ونشك إن كان سيصل يومًا، لذا من الصعب أن نجد نجوم ميشلن تتطاير في مطاعم الناصرة، حيفا أو يافا. ولكن، إذا تصفحنا مواقع الطعام المختلفة الخاصة بهذه الأماكن نكتشف أماكن فاخرة جدًا، بوجود مطاعم مميزة وأطباق يتم تركيبها تركيبًا ملفتًا وعصريًا.

اقرأوا المزيد: 821 كلمة
عرض أقل
الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)
الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)

العرب في وقت الذروة في التلفزيون الإسرائيلي

نوف عثامنة إسماعيل، الفائزة ببرنامج الطبخ "ماستر شيف" أمس، هي مجرّد عربيّة واحدة من كثيرين نجحوا في الآونة الأخيرة بأسر مشاهدي برامج وقت الذروة الإسرائيلية بسحرِهم. فكيف ينظر إليهم المجتمَع الإسرائيلي، وماذا يمثِّلون؟

وقت حبس الأنفاس – بعد ثوانٍ سيُعرف الفائز بلقب “ماستر شيف”، برنامج الواقع في مجال الطبخ الأكثر مشاهدةً على التلفزيون الإسرائيلي. فجأةً، يحدث الأمر – “نوف، أنتِ “الماستر” القادمة في إسرائيل”، يُعلن أحد الحكّام في البرنامج.

عثامنة (37 عامًا) هي دكتورة في علم الأحياء من باقة الغربية، تعِد، وعيناها مغرورقتان بدموع الفرح، بأنها ستسعى لتحقيق حلمها إنشاء مدرسة للطبخ يرتادها التلاميذ العرب واليهود من جميع أرجاء البلاد لدراسة أسرار الطبخ الشرق أوسطيّ المعاصِر.

رآها مشاهدو البرنامج طيلة حلقات الموسم حائرة في الهوية: عربية، إسرائيلية، تحترم المكان الذي منه أتت والمجتمع الذي تمثّل، لكنها غير مستعدّة لقبول كلّ الإملاءات والقيود التي فرضها ويفرضها المجتمع العربي على المرأة. أوضحت عثامنة نفسها أنّه كان صعبًا عليها مواجهة هويّتها المشطورة إزاء المجتمَع اليهودي الإسرائيلي. فقد كان يهمّها أن تجيد النطق بالعبريّة دون طريقة لفظ مختلفة حتّى لا توسم على أنها من “الأقليات” في المدرسة، كما كان يهمهّا تحصيل إنجازات هامّة في الحياة لتثبت أنها ليست عربيّة تقليدية، تجيد الطبخ، ومكانها المطبخ. ورغم كونها أمًّا لثلاثة أطفال، وحائزة على دكتوراة في الأحياء الدقيقة، فقد كسرت أساطير ومسلّمات اجتماعيّة وخاصّة بالطبخ. فمَن فكّر في وضع سمك في الكبّة؟ وأن يكون لها أيضًا مذاق تابل هنديّ خاصّ؟ ولسببٍ ما، فُتن الحُكّام بسحرها.

السنة الماضية، شاركت سلمى فيومي، عربية متديّنة من كفر قاسم، هي الأخرى في برنامج الواقع “ماستر شيف”، وكادت تخطف المركز الأول، الذي حصل عليه متسابِق آخر نجح في التغلُّب عليها. وتلقّت سلمى عددًا غير قليل من ردود الفعل العنصرية في الإنترنت بادّعاء أنّ وصولها إلى النهائي كان لسبب التمييز المصحِّح.

سلمى فيومي
سلمى فيومي

كان بعض التعليقات المكتوبة حولها في المواقع المختلفة عنصريًّا حقًّا. “هذه الردود لا تفاجئني”، ردّت في مقابلات بعد انتهاء الموسم الماضي من “ماستر شيف”. “تلحق هذه التصريحات الأذى بي، وتغضبني العنصرية دائمًا، لكنّ الناس يدّعون وجود نوعٍ من التفضيل منذ بداية الموسم، وأعلم أنّ هذا ليس أمرًا شخصيًّا. فضلًا عن ذلك، إذا نظرتم إلى نسبة مشاهدة البرنامج والمحبّة التي أجدها في الشارع، تفهمون أنّ هذه الردود تعبّر عن أقليّة. فهي لا تمثّل ما يجري على الأرض. قال لي أشخاص إنهم ظنوا قبل أن يرَوني أنّ العرب لا يجيدون الحديث والتعبير عن أنفسهم، وإنني غيرتُ رأيهم. أنا فخورة بذلك”.

منذ سنوات، يواجه المشاركون العرب في برامج الواقع التعقيد الغريب الذي يرافق مشاركتهم في البرامج الأكثر شعبية في التلفزيون الإسرائيلي. فمن جهة، تراك الدولة كلّها، والشارع يفيض حبًّا. ومن جهة ثانية، ثمة دائمًا أشخاص يجيدون إغاظتهم، لأنهم عرب حصرًا.

“أذكر أنّ البعض قال في الإنترنت إنه لا يحقّ لي أن أغني وأنّ علي الذهاب للغناء في الدول العربية”، تروي مريم طوقان، المشترِكة في الموسم الخامس من برنامج الواقع الموسيقيّ “كوخاف نولاد” (ولادة نجم). وتضيف: “لكنّ هذا لا يثيرني. فهذا لا يساوي شيئًا مقابل الأمور الجيّدة التي حصلتُ عليها من البرنامج”.

توافق فتنة جابر، المشتركة التي وصلت إلى نهائيات “الأخ الأكبر 2” على هذه المقاربة، وتسارع إلى القول: “اتصلت بي نساء من مستوطنة كريات أربع وقلنَ لي إنهن بدأنَ دراسة العربية بسببي، وقالت لي امرأة من بيسان إنها قبل أن تراني لم تستطع أن تسمع عن العرب، أمّا بعد “الأخ الأكبر” فقد أجّرت شقتَها لزوجَين عربيَّين. حتّى إنّ حاخامًا من كندا أتى للقائي. غيّرتُ الكثير، وأشعر بذلك حتى اليوم. فقد ظنّ الناس أنّ المسلمة المتديّنة لا يمكنها أن تبدو مثلي، لكنّ الناس اليوم لديهم نظرة أخرى. ينظرون بشكل مختلف إلى الدين، وإلى آراء العرب وعقليّتهم. من ناحيتي، أظهرتُ أنّ ثمة إمكانية للعيش معًا”.

فتنة جابر
فتنة جابر

برامج الواقع، كما هو معلوم، تحاول جمع متنافسين من شتّى الخلفيات في بيتٍ واحد، ثمّ تمنحهم الفرصة ليجعلوا واحدهم الآخَر يبدون على حقيقتهم. تساعد مشاركتهم بشكلٍ عامّ على إظهار جوانب إضافية في القوالب التي اعتدنا عليها، وتساعد على إعادة خلق الصُّوَر بطريقة حيويّة. لكنّ ما هو صحيح بالنسبة للمشترك “الشاذّ جنسيًّا”، المشترك من جنس “الشرقيّ الحارّ” أو “التل – أبيبية رفيعة الثقافة”، لا يصحّ بالضرورة على المشاركين العرب. فالبروفسور أمل جمال، رئيس برنامج الإعلام السياسي للمديرين في جامعة تل أبيب، يعتقد أنّ مشاركتهم في برامج الواقع تفعل العكس تمامًا: ترسّخ النظرة النمطيّة.

“إنّ حضورهم في هذه البرامج لا يكسر الأفكار المقولَبة مطلقًا، بل يحافظ عليها، فالدراسات تظهر أنّ العربي في برامج الواقع أمر مثير للضحك لا أكثر. إنه نوعٌ من الحيوانات الأليفة التي تُحضَر لزيادة نسبة المشاهدة”. ويتابع: “لاحِظوا مثلًا، أنه في كلّ برنامج واقع هناك عربي أو عربيّة، شخص واحد لا أكثر. يظهر العرب عادةً كشخصيات متديّنة تتجوّل في المطبخ أو عربيات انفعاليّات. إذا سألتِني، فهذه تتمّة مباشرة للعرض المشوَّه للعرب في الإعلام العامّ، حيث يجري عرضنا كمخالِفين أو عوامل تهديد فقط”.

وعدا واقع تحوّل العنصريّة في السنوات الماضية إلى جزء لا يتجزأ من الواقع ومن المجتمَع الإسرائيلي، تجاه القادمين الجدد، الإثيوبيين، العرب، اليهود، المتدينين، والشاذّين جنسيًّا، فإنّ برامج الواقع تُنتج بشكل طبيعي مشاعر عديدة. فعند وصول أشخاص ينتمون إلى هذه المجموعات إلى النهائي، أو فوزهم باللقب، تتضاعف هذه المشاعر، بحيث يتابع كلّ مشاهِد مع مرشّحه حتى النهاية.

تحوّلت برامج الواقع إلى الملعب شبه الوحيد الذي يُعطى فيه تمثيل للوسط العربي على الشاشة الإسرائيلية. فمشتركون مثل فتنة جابر ورنين بولس (“الأخ الأكبر”)، نسرين غندور (“سرفايفر”)، مريم طوقان (“ولادة نجم”)، فراس حليحل (“المليون”)، ولينا مخول ومنار شهاب (“ذا فويس”)، أدّوا إلى وضع فيه برامج الواقع هي المكان المركزي، شبه الوحيد، الذي يلتقي فيه المشاهد الإسرائيلي الشعب العربي، الذي يعرفه غالبًا عبر تقارير إخبارية في شأن النزاعات والعُنف.

المثير للاهتمام هو معرفة نظرة المجتمع العربي في إسرائيل لظهور شخصيات عربية ومشاركتها في برامج التلفزيون الشهيرة. يظهر استطلاع أجري عام 2013 لصالح الموقع الإخباري الاقتصادي “غلوبس” وموقع الإنترنت العربي “بانيت” أنّ 78% من المتصفِّحين يدعمون مشاركة أبناء المجتمع العربي في مثل هذه البرامج. وهذا اتّجاه معاكس لاستطلاع مماثل أجراه الموقع عام 2009. وينتج من الاستطلاع أيضًا أنّ 63% يعتقدون أنّ المشاركة تؤثر في وجهة نظر المجتمَع بين المشاهِدين عامّة، إذ يذكر 40% أنّ التأثير إيجابي، مقابل 23% يرون التأثير سلبيًّا.

وأظهرت دراسة أخرى أجراها في هذا الشأن المركز المتعدد المجالات في هرتسليا أنّ برامج الواقع التي كان فيها مشترِكون عرب منحتهم إمكانية للظهور ووقتًا جيّدَين، ولكن بنسبة لا تزيد عن نسبتهم بين السكّان (20%)، حتّى في حالة فوز المشترِكين العرب. مع ذلك، غابت لغتهم الأم، اللغة العربية، بشكل كليّ تقريبًا عن الشاشة.

ويظهر أيضًا من الدراسة، التي تطرقت إلى الأعوام 2003 – 2007، أنّ النزاع والهوّة بين اليهود والعرب لم يكونا في مركز البرامج التي فُحصت، ولكن في جميع البرامج كانت لحظات طُرح فيها الموضوع بشكل واضح، بما في ذلك النظرة السلبية للمشترِكين اليهود للمشترِك العربي.

في الوقت الراهن، رغم الدراسات التي تثبت غياب التمثيل المناسب والحقيقي للمجتمع العربي في إسرائيل في الذروة التلفزيونية الإسرائيلية، يبقى فقط الأمل بأن يكون المشترِكون العرب يومًا ما، جزءًا لا يتجزأ من الأحلام، خيبات الأمل، الأحاسيس، وقصص النجاح في المجتمَع الإسرائيلي، بحيث لا يجري إدراجهم في إطار “وسط” و”أقلية” مع جميع الأفكار النمطية المرتبطة بهذَين اللقبَين.

اقرأوا المزيد: 1049 كلمة
عرض أقل
الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)
الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)

الفائزة العربية التي تنجح في إبهار كبار الطهاة في إسرائيل

لقد انتظرت فصلا كاملا هذه اللحظة: في نهاية مساء مملوء بالتوتر والانفعال وبعد أن اجتازت كثيرًا من المهمات على الطريق، تحظى نوف بلقب الماستر شيف الإسرائيلي القادم

مع انتهاء مساء النهائي للفصل الرابع من “ماستر شيف”، لدينا رابح أخيرًا: بعد المنافسة وجهًا لوجه أمام المتباري القوي، عيدو، منح المحكّمون النصر لنوف بفارق 11 نقطة حاسمة.

قَدّمتْ للمحكّمين لمدة فصل كامل وجبات بعد وجبات تركتهم يطلبون المزيد، وتحدثت عن طموحها لإظهار الجانب العصري للمطبخ العربي وعن حلمها في فتح مدرسة يهودية- عربية للطهي.

أمس، قامت نوف عثامنة إسماعيل بعمل ذلك مرة أخرى ونجحت في أن تُريَ المحكمين، المتذوقين، وباقي المجموعة التي تتنافس معها أنها المتبارية الأجدر في أن تحظى بلقب ماستر شيف الإسرائيلي القادم.

يبدو أنها وصلت للنهائي متجهزة ونجحت في إبهار المحكمين حتى قبل أن تصل لمرحلة المعركة الثنائية: قدمت في الوجبة الأولى سلطة فتوش مع حمص ووافق المحكمون بصوت واحد أن الوجبة ممتازة. قدمت في الوجبة الأساسية سمك لقّز مع الفريكة والعلت، وكما في الوجبة السابقة، عرفوا أيضًا في هذه المرة كيف يميّزون فورًا صنع يديها.

الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)
الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)

كانت وجبتها للتحلية فطيرة تفاح مع بوظة طيبة إلى جانبها، وكانت وجبتها المنتصرة سمك سلطان أبراهيم (بربون) مقلي توّجها باللقب: “هذا أسعد يوم في حياتي”، قالت والدموع في عينيها.

نوف عثامنة إسماعيل، دكتورة في البيولوجيا (33عامًا)، تسكن في بلدة باقة الغربية مع زوجها وثلاثة أولادها. في لحظة الفوز قالت منفعلة: “رغم الصعوبات، كانت هذه التجربة من أكثر التجارب إثارة في حياتي. شكرًا للمحكمين والمنتجين، شكرًا لعائلتي”.

خلال الفصل الرائع، تحدثت عثامنة عن حلمها لفتح مدرسة يهودية عربية للطهي، يؤمّها تلاميذ من كل أرجاء البلاد، والآن ستحاول بالمال الذي ربحته أن تحقق حلمها. عدا عن درجة الدكتوراة في البيولوجيا، فهي تحوز ما لا يقل عن أربعة ألقاب إضافية ما بعد الدكتوراة وتربي ثلاثة أولاد مع زوجها. أم نوف، معلمة للغة العربية، منحت ابنتها اسمَ نوف بعد أن بُث في التلفزيون الأردني مسلسل فيه فتاة بهذا الاسم الشائع في الصحراء. معنى الاسم هو المكان الأعلى في سنام الجمل.

اقرأوا المزيد: 280 كلمة
عرض أقل