نوري المالكي

مسلحو جماعات داعش (AFP)
مسلحو جماعات داعش (AFP)

داعش تعزز مكاسبها في شمال العراق وتصل حدود كردستان

سيطر المتشددون في وقت سابق على قرقوش أكبر بلدة مسيحية في العراق فهرب الكثير من سكانها خوفا من اجبارهم على الاذعان لمطالب المسلحين السنة التي أعلنوها في مناطق أخرى استولوا عليها وهي إما المغادرة أو اعتناق الاسلام أو الموت

حقق متشددون مسلحون تقدما في شمال العراق باتجاه عاصمة إقليم كردستان اليوم الخميس مما دفع عشرات الآلاف من المسيحيين إلى الفرار بحياتهم من هجوم يثير قلق حكومة بغداد والقوى الإقليمية.

وشاهد مصورون من رويترز مقاتلين في تنظيم الدولة الإسلامية يسيطرون على نقطة تفتيش عند المنطقة الحدودية لكردستان على بعد 30 دقيقة بالسيارة من مدينة اربيل حيث يعيش 1.5 مليون شخص ويوجد مقر حكومة اقليم كردستان.

وسيطر المتشددون في وقت سابق على قرقوش أكبر بلدة مسيحية في العراق فهرب الكثير من سكانها خوفا من اجبارهم على الاذعان لمطالب المسلحين السنة التي أعلنوها في مناطق أخرى استولوا عليها وهي إما المغادرة أو اعتناق الاسلام أو الموت.

وترى الدولة الاسلامية التي تعتبر أكثر تطرفا من تنظيم القاعدة الغالبية الشيعية في العراق والاقليات مثل المسيحية واليزيدية كفارا.

وفي روما وجه البابا فرنسيس نداء الى زعماء العالم للمساعدة في انهاء الازمة في شمال العراق والتي وصفها الفاتيكان بأنها “مأساة إنسانية مستمرة”. ودعت فرنسا إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي “لمواجهة التهديد الارهابي في العراق.”

وتراجعت أسهم شركات طاقة تعمل في كردستان بعد أنباء تقدم الدولة الإسلامية باتجاه حقول نفط في المنطقة.

وقالت الجماعة المتشددة في بيان عبر حسابها على تويتر ان مقاتليها استولوا على 15 بلدة وعلى سد الموصل الاستراتيجي المقام على نهر دجلة وقاعدة عسكرية في هجوم مستمر بدأته مطلع الاسبوع. ويقول مسؤولون أكراد ان قواتهم ما زالت تسيطر على السد.

وقال شاهدان لرويترز اليوم عبر الهاتف إن مقاتلي الدولة الإسلامية رفعوا العلم الأسود للتنظيم فوق السد الذي قد يسمح لهم باغراق مدن رئيسية أو قطع امدادات الماء والكهرباء.

وألحق المسلحون السنة هزيمة مخزية بالقوات الكردية في مطلع الأسبوع مما اضطر الالاف من أبناء الطائفة اليزيدية الى الفرار من بلدة سنجار الى الجبال المحيطة.

انفجارات في أنحاء متفرقة بالعراق

قال متحدث باسم مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية ان بعضا من عدة الاف يحاصرهم مقاتلو الدولة الاسلامية في جبل سنجار تم انقاذهم في الساعات الاربع والعشرين الماضية مضيفا ان 200 ألف فروا من القتال.

وقال المتحدث ديفيد سوانسون عبر الهاتف “هذه المأساة لها أبعاد هائلة تؤثر على حياة مئات الاف الاشخاص”.

وقال ان العديد من النازحين يحتاجون على وجه السرعة الى مياه وغذاء ودواء. وقال متحدث باسم منظمة الامم المتحدة للطفولة ان العديد من الاطفال في الجبل يعانون من الجفاف وان 40 طفلا على الاقل ماتوا.

ويواجه اليزيديون الذين تنظر الدولة الاسلامية اليهم على انهم “عبدة الشيطان” خطر الاعدام على أيدي المسلحين السنة الذين يسعون لاقامة دولة الخلافة ويعيدون رسم خريطة الشرق الاوسط.

وقال مسؤولون أتراك إن آلاف العراقيين ومعظمهم من اليزيديين يتدفقون على الحدود مع تركيا هربا من القتال.

وفي كركوك قالت الشرطة ومصادر طبية إن 11 شخصا قتلوا في انفجارين بسيارتين ملغومتين اليوم قرب مسجد شيعي يؤوي نازحين في المدينة النفطية الاستراتيجية التي يسيطر عليها الأكراد.

وقتل 14 شخصا في انفجار سيارة ملغومة بمنطقة شيعية في بغداد اليوم.

وأثارت مكاسب الدولة الإسلامية المخاوف من أن يحذو متشددون مسلحون في مناطق أخرى بالعالم العربي حذوها.

وسيطر متشددون سنة على بلدة حدودية في لبنان مطلع الأسبوع لكنهم انسحبوا بالكامل منها فيما يبدو.

واشتبك مقاتلو الدولة الاسلامية – التي أعلنت الخلافة في مناطق من العراق وسوريا – مع القوات الكردية أمس الاربعاء في بلدة مخمور قرب أربيل عاصمة إقليم كردستان شبه المستقل.

وقال شهود ان المسلحين استولوا على بلدة مخمور لكن مسؤولين أكرادا أبلغوا وسائل اعلام محلية ان قواتهم مازالت تسيطر على المنطقة وبثت قنوات تلفزيونية لقطات لمقاتلي البشمركة وهم يجوبون البلدة.

وقال شهود إن المسلحين اجتاحوا أيضا بلدة تلكيف التي يغلب على سكانها المسيحيون فضلا عن بلدة الكوير.

وحدة أراضي العراق في خطر

ويشكل تنظيم الدولة الإسلامية أكبر تهديد لوحدة أراضي العراق منذ سقوط صدام حسين في 2003. ويسيطر مقاتلو التنظيم وحلفاؤهم من السنة على جزء كبير من غرب العراق.

وأجج التنظيم التوترات الطائفية وأعاد إلى الأذهان أيام الحرب الأهلية الدامية التي بلغت ذروتها في عامي 2006 و2007.

وأصبحت التفجيرات وعمليات الخطف والقتل مشهدا يوميا من جديد في العراق. وتواجه الأقليات الدينية والعرقية في سهول محافظة نينوى الشمالية الخطر على نحو خاص.

وينفذ المتشددون السنة عمليات تطهير للشيعة من الشبك وأقلية التركمان العرقية في بلدات وقرى محافظة نينوى وحددوا مهلة للمسيحيين للرحيل عن الموصل عاصمة المحافظة أو القتل.

وقالت مصادر طبية وأمنية إن عدد قتلى تفجيرات في أسواق مزدحمة بمناطق شيعية في بغداد ارتفع الليلة الماضية إلى 59 بالإضافة إلى 125 مصابا.

ودفعت مكاسب الدولة الإسلامية رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى إصدار أوامر للقوات الجوية العراقية بمساعدة الأكراد الذين اهتزت صورتهم كمقاتلين أشداء بعد هزيمتهم.

وشنت القوات الجوية عدة غارات أمس من بينها غارة قالت الحكومة إنها قتلت 60 “ارهابيا” في الموصل لكنها لم تكسر شوكة الدولة الإسلامية فيما يبدو.

وأدت سيطرة الدولة الإسلامية على بلدة سنجار مسقط رأس الأقلية اليزيدية إلى فرار عشرات الآلاف إلى الجبال المحيطة مما يجعلهم عرضة لخطر الموت جوعا.

ويرأس المالكي حكومة تسيير أعمال منذ انتخابات أجريت في ابريل نيسان. ويرفض دعوات الأكراد والسنة والشيعة وإيران للتخلي عن مسعاه لتولي رئاسة الوزراء لفترة ثالثة وإتاحة المجال أمام شخصية قادرة على توحيد العراقيين في مواجهة الدولة الإسلامية.

لكن المالكي الذي لم يكن معروفا عندما تولى رئاسة الوزراء بدعم أمريكي كبير في 2006 يبدو مصمما وحذر من أن أي تدخل في عملية اختيار رئيس وزراء جديد سيفتح “أبواب جهنم” في العراق.

اقرأوا المزيد: 788 كلمة
عرض أقل
جنود عراقيون من الشيعة (AFP)
جنود عراقيون من الشيعة (AFP)

الصدمة في العراق: الزاوية الإيرانية

تجربة السنوات الأخيرة تُظهر، أنّ لإيران ميزة كبيرة على الولايات المتحدة في بناء نفوذها في العراق، وبرزت هذه الميزة أكثر بعد خروج القوات الأمريكية من العراق

يعكس نجاح تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) في السيطرة على مساحة كبيرة وعلى مدن رئيسية في شمال غرب العراق، فشل الأطراف الأخرى أيضًا. إنّه يعكس فشل حكومة نوري المالكي الشيعي، الذي ظهر كحاكم مستبدّ، فاسد وغير فعال، والذي قبل كلّ شيء لم يجلب مصالحة حقيقية مع السنة واستمرّ في عزلهم ودفعهم إلى الزاوية. ويعكس أيضًّا فشل الولايات المتحدة، التي أسّست في العراق قوات أمنية كبيرة، والتي تضمّنت مئات الآلاف من الجنود ورجال الشرطة، والذين لم يكونوا في الحقيقة قادرين على الدفاع عن العراق أمام عدوّ خارجي، ولكن كان من المفترض أن يفرضوا فيها القانون والنظام وتعزيز الاستقرار. في الواقع، فقد ظهر أنّ هذه القوى الأمنية جسم غير متماسك، ويفتقد العزم، والقيادة والكفاءة، ولم تكن قادرة على مواجهة هجمات الميليشيات السنّية، الأصغر منها بكثير، وإدارة القتال في المناطق الحضرية، وخصوصًا في المناطق السنّية.

إنّ نجاح داعش يعكس أيضًا فشل إيران. ففي السنوات الماضية، أصبحت إيران الجهة الخارجية الأهم والأكثر نفوذًا في العراق، وخصوصًا بعد أن خرجت القوات الأمريكية منها في نهاية عام 2011. كان هدف إيران بناء العراق كدولة مستقرة وموحّدة، ضعيفة وغير مهدِّدة من الناحية الأمنية، متعلّقة بإيران وتُقاد من قبل الأغلبية الشيعية المرتبطة بإيران. اعتمدت إيران لتحقيق هذا الهدف على روابطها مع الجهات الشيعية الكثيرة في العراق، ومن ضمنها ميليشيات مسلّحة، أحزاب، قادة سياسيين، رجال دين وهيئات عامة- وذلك بواسطة إقامة علاقات من خلال تقديم مساعدات عسكرية ومالية. كانت لهذا النفوذ حدود، بشكل أساسيّ بسبب اهتمام الجهات الشيعية بألا تكون متعلّقة أكثر من اللازم بإيران، وتحفّظ السنة منها. ولكن عمومًا، كان التدخّل الإيراني في العراق غير مسبوق في العلاقات بين البلدين، ونشأ بسبب ضعف العراق والوصول التاريخي للشيعة إلى السلطة فيه.

كان هدف إيران بناء العراق كدولة مستقرة وموحّدة، ضعيفة وغير مهدِّدة من الناحية الأمنية، متعلّقة بإيران وتُقاد من قبل الأغلبية الشيعية المرتبطة بإيران

إنّ سيطرة تنظيم داعش على أجزاء من أراضي العراق يشكّل سببًا للقلق الكبير في نظر إيران، ويعتبر بالنسبة لها جزءًا من الصراع السنّي الشيعي. وبشكل عام، فإنّ عدم الاستقرار خارج حدود إيران ليس أمرًا مرغوبًا به من جهة إيران، وأيضًا لأنّه قد يتسرّب إلى مجالها ويضرّ باستقرارها، لكونها دولة أقليّات. يضرّ نجاح التنظيم السنّي بالمعسكر الشيعي، والذي يرتكز عليه النفوذ الإيراني في العراق، وبشكل أساسي بالميليشيات الشيعية المسلّحة التي تدعم إيران جزء كبير منها.

تعتبر البؤرة الجهادية في سوريا مكوّنًا مهمّا في مقاومة نظام الأسد، حليف إيران، وقد أجبرتها على التدخّل في سوريا وعلى تقديم المساعدة العسكرية الكبيرة للنظام، وهي خطوة أثارت الانتقادات ضدّها في دول مختلفة. إنّ التدهور الحاصل في العراق، والذي يغذّي كذلك التهديد ضدّ نظام الأسد، قد يُجبر النظام الإيراني بالتدخّل والتورّط في القتال، حتى لو كان محدودًا، في حدود جارته العراق من جهة الغرب. على المدى البعيد، إذًا أدّى التدهور في العراق إلى انفصالها لثلاث دول، فقد يكون لذلك تأثير سلبي على إيران، وخصوصًا على ضوء المكوّن الكردي المتواجد ضمن السكان أيضًا.

جنود عراقيون من الشيعة خلال تدريبات عسكرية (AFP)
جنود عراقيون من الشيعة خلال تدريبات عسكرية (AFP)

وعلى ضوء القلق من استمرار التدهور في العراق، فقد أعلن قادة إيران بأنّهم سيساعدون الحكومة العراقية، في حال طلبت المساعدة، وأنّهم سيدافعون عن الأماكن المقدّسة للشيعة في العراق. وقد أظهرت التقارير القادمة من العراق، بأنّ هناك كتيبتان من قوى “القدس” التابعة للحرس الثوري الإيراني قد دخلتا للعراق، من أجل المساهمة في الدفاع عن بغداد والمدن المقدّسة، النجف وكربلاء، وأنّ قائد الحرس الثوري وصل إلى العراق للتنسيق الأمني مع القوى الأمنية والميليشيات الشيعية هناك. وقد ذكر مسؤولون أمنيّون إيرانيون أنّ إيران تدرس إمكانية إرسال قوات مساعدة أكثر للعراق وأنّها قد عزّزت من استعدادها بالقرب من الحدود مع العراق، وأعلنت أنّها ستعرقل كلّ قوة تقترب لمسافة 100 كيلومتر من الحدود.

إنّ سيطرة تنظيم داعش على أجزاء من أراضي العراق يشكّل سببًا للقلق الكبير في نظر إيران، ويعتبر بالنسبة لها جزءًا من الصراع السنّي الشيعي

إنّ إرسال قوات محدودة من الحرس الثوري إلى العراق هو خيار مرجّح لعدّة أسباب: فالبؤرة الجهادية في العراق تهدّد إيران أيضًا؛ وإيران ملزمة بالدفاع عن الأماكن المقدّسة ومساعدة الميليشيات الشيعية في العراق؛ قوة “القدس” معدّة أيضًا لمهمّات كهذه، ونقل القوات من إيران للعراق أسهل من نقلها إلى سوريا؛ بخلاف المساعدة العسكرية الإيرانية لسوريا، فلن تقف إيران أمام الانتقادات الدولية لمساعدتها للعراق، بل على العكس، سيكون هناك من يرحّب بذلك؛ وإلى جانب المخاطر على إيران، فهناك أيضًا احتمال – عقب تهديد المعسكر الشيعي واحتياجه للدعم الخارجي – أن يزيد التدخّل في العراق من النفوذ الإيراني فيها.

وفي هذا السياق تُطرح إمكانية التعاوُن بين الولايات المتحدة وإيران في القضية الرئيسية. انطلاقًا من المخاوف تجاه التهديد الذي نشأ في العراق، فتكشف الإدارة الأمريكية عن اهتمامها بالتعاون مع إيران، وإنْ كان في ظروف معيّنة ومن خلال الشكّ باحتمال تحقّق ذلك. قال وزير الخارجية، كيري، إنّ الإدارة الأمريكية مستعدة لمناقشة التعاوُن مع إيران بشأن مسألة العراق ولا تستبعد أيّ شيء، طالما أنّ الحديث عن خطوة بنّاءة تساعد في استقرار العراق. وكذلك يؤيّد وزير الدفاع، هيغل، فحص هذا الخيار. وقد أشار الرئيس أوباما إلى أنّه بإمكان إيران أخذ دور بنّاء – ولكن أيضًا دور هدّام – في العراق. في الجانب الإيراني، فإنّ التصريحات ليست موحّدة في هذه المسألة، وتعكس كما يبدو خلافات في القيادة بشأنها. قال الرئيس روحاني إنّ إيران مستعدّة لدراسة التعاوُن مع الولايات المتحدة، فيما لو اتّخذت الأخيرة خطوات ضدّ التنظيمات الإرهابية في العراق. ولكن قال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، ووزير الدفاع السابق، علي شمخاني، إنّ التعاون بين الولايات المتحدة وإيران في الشأن العراقي ليس أمرًا واقعيّا، ويرجّح نائب وزير الخارجية أنّه لا حاجة لمحادثات مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في الشأن العراقي، لأنّ العراق قادرة على الاهتمام بشؤونها.

من الصعب الافتراض أن يكون هناك تعاوُن حقيقي متوقع بينهما في المجال العسكري، ربّما باستثناء تبادل المعلومات الاستخباراتية

على أيّ شيء يمكن أن يرتكز التعاون بين الولايات المتحدة وإيران في الشأن العراقي، في حال تطوّر مثل هذا التعاون؟ من الصعب الافتراض أن يكون هناك تعاوُن حقيقي متوقع بينهما في المجال العسكري، ربّما باستثناء تبادل المعلومات الاستخباراتية. فيما لو اتخذت الولايات المتحدة خطوات عسكرية في العراق – وخصوصًا هجمات جوية – فإنّها لن تحتاج إلى إيران لتنفيذها، وإيران أيضًا لن تكون راغبة بذلك. وقد نفى المتحدّث الرسمي باسم البيت الأبيض احتمال التعاوُن العسكري مع إيران في العراق، وأكّد على أنّ الولايات المتحدة غير راغبة بتنسيق العمل العسكري مع إيران. وأيضًا فإنّ إرسال مساعدات عسكرية للحكومة العراقية؛ كالاستخبارات، السلاح، الدعم اللوجستي، المستشارين والإرشاد؛ لا يحتاج إلى تعاوُن مع إيران. ستكون الإدارة الأمريكية معنيّة أكثر بالتعاون السياسي، لا سيّما استغلال النفوذ الإيراني في المعسكر الشيعي، من أجل تغيير رئيس الحكومة العراقية المالكي، أو على الأقل دفعه لعمل مصالحة حقيقية مع المعسكر السنّي، وذلك من أجل دقّ إسفين بين أهل السنة وداعش وإضعاف التنظيم.

مقاتلون من داعش في العراق (AFP)
مقاتلون من داعش في العراق (AFP)

ستقف عراقيل كثيرة أمام تعاون كهذا. فهناك بين الولايات المتحدة وإيران شكوك عميقة. لا يوجد بينهما تقاليد للتعاون، فيما عدا مجالات محدودة قبيل العملية العسكرية الأمريكية في أفغانستان. والأهمّ من ذلك، فهناك مصلحة مشتركة لدى الدولتين في إيقاف البؤرة الجهادية في العراق والقضاء عليها. ولكن فيما عدا ذلك تختلف أهدافهما، بل تتناقض. وتسعى الولايات المتحدة إلى بناء نظام ديمقراطي في العراق، يكون مرتبطا بها، ويقلّص من النفوذ الإيراني ويطمئن المعسكر السنّي في العراق. بينما تسعى إيران إلى توسيع نفوذها في العراق، وتعزيز المعسكر الشيعي فيها، وفصل العراق عن الولايات المتحدة. إنّ تزايد التدخّل الإيراني في العراق، حتى ولو بالتنسيق مع الولايات المتحدة – خصوصًا إذا تضمّن ذلك إرسال قوات ومساعدات عسكرية – قد يزيد من الاضطرابات في المعسكر السنّي. لهذا السبب، وفقًا للتقارير من العراق، يعارض المالكي التدخّل العسكري الإيراني في بلاده. إنّ تعاونًا كهذا من المتوقّع أن يُقلق أيضًا السعودية ودول الخليج. وفي النهاية، ستطالب إيران بالحصول على مقابل للتعاون مع الولايات المتحدة، بشكل أساسيّ في تحقيق تسوية تكون مقبولة عليها في المسألة النووية.

أظهرت تجربة السنوات الأخيرة، أنّ لإيران ميزة كبيرة على الولايات المتحدة في بناء نفوذها في العراق، وذلك على ضوء علاقاتها مع المعسكر الشيعي الذي يشكّل 60% من مجموع السكّان، وبسبب قربها الجغرافي من العراق. وقد برزت هذه الميزة أكثر بعد خروج القوات الأمريكية من العراق. في هذا الصدد، فإنّ المحاولة الأمريكية لإنشاء تعاوُن مع إيران في العراق – حيث إنّ أهدافهما مضادّة – قد تكون خاطئة.

نُشرت المقالة للمرة الأولى في موقع معهد أبحاث الأمن القومي ‏INSS‏

اقرأوا المزيد: 1260 كلمة
عرض أقل
جون كيري يتجه إلى العراق مغادرا الأردن (State Department photo)
جون كيري يتجه إلى العراق مغادرا الأردن (State Department photo)

كيري في بغداد والمسلحون المتطرفون يسيطرون على معبر ثان مع سوريا

جون كيري يحث نوري المالكي على تشكيل حكومة أوسع نطاقا. المالكي اكد لكيري ان الهجوم الذي يشنه مسلحون متطرفون في العراق يشكل خطرا على "السلم الاقليمي والعالمي"

اكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لوزير الخارجية الاميركي جون كيري في بغداد الاثنين ان الهجوم الذي يشنه مسلحون متطرفون في العراق يشكل خطرا على “السلم الاقليمي والعالمي”، في وقت حقق المسلحون مكاسب جديدة على الارض مع سيطرتهم على معبر ثان على الحدود السورية.

وقال المالكي لكيري بحسب ما نقل عنه بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء “ما يتعرض له العراق حاليا يشكل خطرا ليس على العراق فحسب بل على السلم الاقليمي والعالمي”، داعيا “دول العالم سيما دول المنطقة الى اخذ ذلك على محمل الجد”.

ويشن مسلحون من تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” وتنظيمات سنية متطرفة اخرى هجوما منذ نحو اسبوعين سيطروا خلاله على مناطق واسعة في شمال العراق ووسطه وغربه بينها مدن رئيسية مثل الموصل (350 كلم شمال بغداد) وتكريت (160 كلم شمال بغداد).

واعلن تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” اقوى التنظيمات الاسلامية المتطرفة التي تقاتل في العراق وسوريا، عن نيته الزحف نحو بغداد ومحافظتي كربلاء والنجف اللتين تضمان مراقد شيعية.

وبدأ كيري الاحد جولة جديدة في الشرق الاوسط لبحث هذا الهجوم تشمل عددا من دول المنطقة وعواصم اوروبية، حيث زار القاهرة ثم توجه الى العاصمة الاردنية عمان قبيل وصوله الى بغداد اليوم في زيارة لم يعلن عنها.

واعلنت الولايات المتحدة التي سحبت قواتها من هذا البلد نهاية العام 2011 بعد ثماني سنوات من اجتياحه، استعدادها لارسال 300 عسكري بصفة مستشارين، والقيام بعمل عسكري محدود ومحدد الهدف، علما ان طائراتها تقوم بطلعات جوية في اجواء العراق.

تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر على تكريت (AFP)
تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر على تكريت (AFP)

وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية ان كيري يبحث مع المسؤولين العراقيين في بغداد “التحركات الاميركية لمساعدة العراق في مواجهته لهذا التهديد (…) ويدعوهم للمضي قدما وباسرع ما يمكن في مسار تشكيل حكومة” جديدة.

وفي هذا السياق قال المالكي الذي يتعرض مؤخرا لانتقادات من قبل مسؤولين اميركيين ويواجه اتهامات باعتماد سياسة تهميش بحق السنة، لوزير الخارجية الاميركي بحسب بيان مكتبه ان مسالة “تكليف مرشح الكتلة الاكبر لتشكيل الحكومة الجديدة ينبغي الالتزام بها”.

والمالكي المدعوم من طهران والذي يحكم البلاد منذ العام 2006 ويسعى لولاية ثالثة هو مرشح كتلة “دولة القانون” التي يتزعمها هو والتي فازت باكبر عدد من مقاعد البرلمان (92 مقعدا) في الانتخابات الاخيرة نهاية نيسان/ابريل الماضي.

ميدانيا، حقق المسلحون المتطرفون مكاسب جديدة على الارض حيث فرضوا سيطرتهم على معبر الوليد الرسمي بين العراق وسوريا الواقع في محافظة الانبار الغربية، بحسب ما افادت الاثنين مصادر امنية عراقية، وسط تضارب في الانبار حيال سيطرتهم على معبر طربيل بين العراق والاردن.

ومعبر الوليد القريب من الحدود الاردنية ايضا ثاني معبر حدودي يسيطر عليه المسلحون بعد سيطرتهم على معبر القائم (340 كلم غرب بغداد) الواقع ايضا في محافظة الانبار التي تشترك بحدود بطول نحو 300 كلم مع سوريا.

وقال ضابط برتبة عقيد في حرس الحدود العراقي واخر برتبة نقيب لوكالة فرانس برس ان المسلحين الذين يواصلون منذ يومين تقدمهم في الانبار حيث تسكن غالبية من السنة سيطروا على معبر الوليد امس الاحد بعد انسحاب قوات الجيش وقوات حرس الحدود من محيطه.

وذكر المصدران ان تلك القوات توجهت نحو معبر طربيل الحدودي بين العراق والاردن والذي يقع في منطقة قريبة.

وجاءت سيطرة المسلحين على معبر الوليد بعدما دخلوا في وقت سابق الى مدينة الرطبة (380 كلم غرب بغداد) الواقعة في المنطقة الجغرافية ذاتها والتي تبعد نحو 150 كلم عن المعبر اثر انسحاب القوات الحكومية منها ايضا، وفقا لمسؤول محلي في المدينة.

وبات هؤلاء المسلحون يسيطرون على عدة مدن في محافظة الانبار وسط تراجع القوات الحكومية نحو بغداد بينها القائم، وعنه وراوة القريبتين، وكذلك الفلوجة الخاضعة لسيطرتهم منذ بداية العام والتي لا تبعد سوى 60 كلم عن غرب بغداد.

وفي شمال البلاد، اعلن مسؤول عراقي في قضاء تلعفر وشهود عيان ان المسلحين المتطرفين الذين يقاتلون القوات الحكومية سيطروا الاثنين على القضاء الاستراتيجي، فيما اكدت السلطات الامنية ان القوات العراقية صامدة و”تقاتل بشجاعة”.

جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)
جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)

وقال المسؤول في تصريح لفرانس برس ان “تلعفر (…) اصبح تحت سيطرة المسلحين”، مضيفا ان غالبية السكان وعددهم نحو 400 الف شخص معظم من التركمان الشيعة غادروا القضاء نحو مناطق مجاورة.

واكد شهود عيان في اتصال مع فرانس برس ان المسلحين يفرضون سيطرتهم على قضاء تلعفر (380 كلم شمال بغداد) الاستراتيجي القريب من الحدود العراقية مع تركيا وسوريا.

غير ان المتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة الفريق قاسم عطا قال في مؤتمر صحافي في بغداد ان القوات الحكومية التي تحاول منذ نحو عشرة ايام منع المسلحين من السيطرة على القضاء “صامدة وتقاتل بشجاعة”.

الا انه اكد رغم ذلك ان “الخيارات مفتوحة امام قيادات العمليات بان تتخذ ما تراه مناسبا لتحشيد او سحب القطعات” العسكرية، مضيفا “حتى لو انسحبنا من تلعفر او اي منطقة اخرى هذا لا يعني انها هزيمة او ترك هذه المنطقة بصورة نهائية”.

في موازاة ذلك، اعلن عطا ان تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” قام بذبح وشنق “مئات الجنود” العراقيين خلال الهجوم الذي يشنه في مناطق مختلفة في العراق منذ اسبوعين.

واوضح ان “مئات الجنود ذبحوا وشنقوا ومثل بجثثهم في صلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك والمناطق التي يتواجد فيها الارهابيون” من تنظيم “الدولة الاسلامية”، اقوى المجموعات الجهادية المتطرفة التي تقاتل في العراق وسوريا.

واضاف عطا ان “المجازر” التي ارتكبها هذا التنظيم شملت ايضا مئات المدنيين.

ونشر التنظيم مؤخرا مجموعة من الصور التي تظهر اعدام مقاتليه لعشرات الجنود العراقيين في محافظة صلاح الدين.

من جهة اخرى، قتل 69  سجينا عندما تعرض موكب للشرطة العراقية كان ينقلهم لهجوم من قبل مسلحين في محافظة بابل جنوب بغداد، بحسب ما افادت فرانس برس مصادر امنية وطبية.

ولم توضح المصادر كيفية مقتل هؤلاء السجناء اثناء الاشتباكات، والجهة التي كانت قوات الشرطة تنوي نقلهم اليها.

اقرأوا المزيد: 835 كلمة
عرض أقل
جون كيري يتجه إلى العراق مغادرا الأردن (State Department photo)
جون كيري يتجه إلى العراق مغادرا الأردن (State Department photo)

كيري يصل الى بغداد لمحادثات مع قادة العراق مع تصاعد التمرد

مصادر مخابرات عراقية وأردنية : سيطرة عشائر عاقية سنية على نقطة حدودية مع الاردن بعد انسحاب الجيش العراقي بالكامل

وصل وزير الخارجية الامريكي جون كيري الى العاصمة العراقية بغداد اليوم الاثنين لحث رئيس الوزراء نوري المالكي على تشكيل حكومة تضم المزيد من الطوائف السياسية في مسعى للقضاء على تمرد اجتاح معظم شمال العراق وغربه.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جين ساكي إن كيري “سيناقش التحركات الأمريكية الجارية لمساعدة العراق وهو يتصدى لهذا الخطر وسيحث الزعماء العراقيين على التحرك بأقصى سرعة ممكنة لتشكيل حكومة تمثل مصالح العراقيين.”

وقالت مصادر مخابرات عراقية وأردنية إن عشائر عراقية سنية سيطرت على معبر حدودي بين العراق والاردن الليلة الماضية بعد انسحاب الجيش العراقي من المنطقة عقب اشتباكات مع متشددين مسلحين.

وذكرت المصادر لرويترز اليوم الاثنين ان المسؤولين عن إدارة معبر طريبيل تولوا إدارته استجابة لأوامر مقاتلي عشائر سنية في محافظة الأنبار بغرب العراق.

اقرأوا المزيد: 117 كلمة
عرض أقل
جيش الدولة الإسلامية (AFP)
جيش الدولة الإسلامية (AFP)

الراية السوداء في العراق: عودة الخلافة الإسلامية

الشهاب الجديد في سماء الإرهاب العالمي يتسابق عاصفًا نحو بغداد، والعالم يشعر بالحرج. فتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" يترك وراءه ذيلا من الجثث والأشلاء في جميع أنحاء العراق وسوريا في طريقه ليصبح كيانًا سياسيًّا حقيقيّا

الآن أصبحت هذه حقيقة معروفة: في كلّ مرّة يقوم فيها عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) باحتلال منطقة جديدة يمكننا أن نتوقّع الأسوأ. أصبحت الشهادات على المجازر والتطهير العرقي مسألة شائعة، فمن كل جهة تصل تقارير عن قطع رؤوس علني، جلد وإعدام، بغضّ النظر عن جنس أو عمر الضحية. فعلى سبيل المثال، في حادثة مروّعة حدثت في بداية العام، أطلق عناصر داعش النار حتى الموت على شاب عمره 14 عامًا بعد أن قام بسبّ اسم محمد، وكلّ ذلك أمام عيون والديه.

يقف عناصر التنظيم وراء عمليات صلب الأشخاص المتّهمين بـ “الكفر” والمسيحيين، وأيضًا بتر الأطراف بسبب السرقة وقتل المدنيين والأسرى. مؤخرًا، لم يستطع البابا فرنسيس أيضًا تجاهل الأخبار عن صلب النصارى واستنكر أفعالهم. فهناك نموذج آخر لمستوى الوحشية الذي وصل إلينا في حزيران هذا العام، وفقًا لمنظمة حقوق الإنسان “منظمة العفو” حين  قام عناصر التنظيم باحتلال بلدة كردية في منطقة الحسكة شمال سوريا. ولأنّه تم الاشتباه بسكّانها بمساعدة الانفصاليين الأكراد، قام عناصر التنظيم بقتل الكثير من المدنيين، من بينهم أطفال، نساء ورجال. وتم طرد الكثير غيرهم.

لا يمكن الفصل بين العراق والحرب الأهلية في سوريا، التي تغذي داعش وتزوّد صفوفها بآلاف المقاتلين الأجانب والدم الجديد. أحد هؤلاء المقاتلين الأجانب هو مهدي نموش، وهو الإرهابي الذي نفّذ هجومًا إرهابيًّا على المتحف اليهودي في بروكسل. يعتبر نموش واحدًا فقط من بين آلاف آخرين، يأتون إلى سوريا بسهولة، يجتازون معسكرات التدريب مع سلاح ويتلقّون تثقيفًا متطرّفًا. تشرّع عقيدة داعش القتل العشوائي لـ “الكافر”، الذي يهدّد الأمة الإسلامية، ويسعى – كما يُفترض – إلى إذلالها، التضييق عليها، احتلال أراضيها واستعباد مواردها. ولذلك، فإنّ كلّ إضرار بهؤلاء الكفار المتآمرين هو وصية والتزام مفروض على المسلمين الأصوليّين الذين ينتمون إلى داعش ونظرية الجهاد العالمي.

في الأيام الأخيرة، أنهى تنظيم داعش سيطرته على مدينة الموصل في شمال العراق، وهي إحدى مراكز النفط المهمّة في البلاد المقسّمة والنازفة. بالإضافة إلى ذلك، فقد نجح مقاتلو داعش من احتلال الحدود السورية العراقية وتعزيز قبضتهم على المكان، إلى جانب النجاحات السابقة في جبهات الأنبار، نينوى وصلاح الدين. وحتى الآن فيبدو أنّ الهدف التالي هو العاصمة بغداد. وكما يقول الجهاديون أنفسهم فهو لا ينوون أخذ أسرى.

جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)
جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)

الأسود يعلو

ما هو هدف داعش النهائي؟ الرأي السائد هو أنّ داعش تسعى إلى إقامة دولة الخلافة الإسلامية، إذ تستطيع من خلالها أن تستأنف حربًا عالمية مقدّسة (الجهاد). وكما يبدو، فإنّ الطريق إلى الخلافة الإسلامية الجديدة يمرّ، وسيمرّ، ببرك من الدماء. تشكل سوريا العراق وبلجيكا البداية فقط، ومن المرجح أن نرى “ارتدادات” الحرب في سوريا تنفجر في جميع أنحاء الشرق الأوسط، في أوروبا وربما أيضًا في دولة إسرائيل.

تقول التقارير المختلفة إنّ موجة الاحتلالات قدّ أدّت إلى هروب جماعي للمسيحيين. ونقل أحد مواقع الأخبار الإيرانية عن مقتدى الصدر، وهو أحد الزعماء الشيعة الكبار في العراق، ويدعو المسيحيين والشيعة للاتحاد وإقامة قوات حماية تواجه داعش وتحمي الأماكن المقدسة للمسيحيين والشيعة. كما ونشر الصدر رسالة كتب فيها أنّه مستعد “لتأسيس وحدات سلام (بهدف) حماية الأماكن المقدّسة” والعمل بالتعاون مع الحكومة العراقية برئاسة المالكي.

من المهم أن نفهم بأنّ ذلك ليس حادثًا محلّيًا ينحصر في حدود العراق. إنّ سلسلة الأحداث تهزّ كلّ توازن القوى الإقليمي وأكثر من ذلك. وتؤثّر الآثار الثقيلة حاليًّا وستؤثّر مستقبلا على جميع دول الجوار، بما في ذلك الأردن، سوريا، دولة إسرائيل، إيران، الخليج العربي، وبطبيعة الحال الولايات المتحدة وأوروبا.

ولا تريد أيّ من تلك الجهات التي ذكرناها السماح للجهاديين بأن ينموا. فهناك تقديرات مزعجة بأنّ هذه الأوضاع ستقرّب تحديدًا بين الولايات المتحدة وإيران، ومن المفترض أن يتم ذلك التقارب تحت شعار مكافحة العدو السلفي الجهادي المشترك: ستسمح الولايات المتحدة، التي لا ترغب بإرسال قوات لاحتلال العراق من جديد بالتدخّل العسكري الإيراني، وبالمقابل تذيب الجليد أكثر في علاقتها معها. ومن ناحية التهديد الواقع على الأردن، فهناك خطر بأن يحاول مقاتلو عناصر الإرهاب بالتسلل إلى المملكة وتنفيذ عمليات إرهابية ضدّ أهداف مختلفة داخلها، أو بدلا من ذلك، أن يشجّعوا ويحفّزوا العناصر المتطرّفة في الأردن لمواجهة النظام والقوى الأمنية.

بالنسبة لإيران، فالوضع واضح تمامًا: لا يجوز السماح لداعش والسُنة بالسيّطرة على مناطق استراتيجية في العراق. وقد تمّ التعبير عن هذه الرؤية في كلام الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الذي قال إنّ بلاده مستعدّة لدعم جهود الحكومة العراقية لقتال داعش والقبائل السنّية في البلاد والتي تعارض الحكومة. ووفقًا لتقرير مجلة “الغارديان”، فقد أرسل النظام في طهران نحو 2,000 مقاتل إلى العراق في الأيام الأخيرة، من أجل قتال الجهاديين، وهي خطوة لم تصاحبها أيّ معارضة أمريكية، ممّا يجدر ذكره.

شرق أوسط جديد. مرّة أخرى

إنّ السيّطرة العسكرية – المدنية لداعش على مناطق مختلفة في أنحاء العراق، جنبًا إلى جنب مع ترسّخه في سوريا خلال العامين الماضيين؛ تُكمّل في الواقع تجاوزًا إقليميّا يُلغي الحدود القديمة، والتي فُرضت على سكّان الشرق الأوسط من قبل القوى العظمى الأوروبية بعد الحرب العالمية الأولى. وفقًا لنشرة التنظيم نفسه، فإنّ النجاحات الأخيرة في ساحة المعركة تبشّر بإلغاء اتفاقية “سايكس-بيكو”، والتي تمّ توقيعها بين بريطانيا وفرنسا خلال الحرب العالمية الأولى.

جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام يبشّر بإلغاء اتفاقية "سايكس-بيكو"(Twitter)
جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام يبشّر بإلغاء اتفاقية “سايكس-بيكو”(Twitter)

وفي الخريطة التي تمّ إعدادها من قبل ‏Long War Journal‏، وهو مشروع تابع لـ “صندوق حماية الديمقراطية”، تظهر داعش وهي تسيّطر حتى الآن على 22 بلدة ومدينة في أنحاء العراق، بالإضافة إلى سبع بلدات ومدن في سوريا. جاء في أحد التقارير أنّ “تقدّم داعش الأخير في شمال ووسط العراق يجعل المجموعة الإرهابية (داعش) تسيّطر على ما يقارب ثلث البلاد”. ويتمّ الاحتلال بينما ينهار الجيش العراقي، المموّل والمدرّب من قبل الأمريكيين، تمامًا. انسحبت وحدات كاملة من الجيش العراقي من أمام قوى صغيرة من الجهاديين. وقد جعلت المهانة رئيس حكومة العراق، نوري المالكي، يتّهم جهات مختلفة في الجيش بـ “الخيانة” مدّعيًا أنّ المسؤولية ملقاة على عاتق القوات الأمنية في البلاد وليس عليه.

قال البروفيسور عوزي رابي، وهو خبير في الشؤون الإيرانية من جامعة تل أبيب، في مقابلة ببرنامج “لندن وكيرشنباوم” (الأربعاء، 11 حزيران) إنّه من الممكن “أن نرسم في خريطة افتراضية خطّا في الوسط فيه “شبكات” قوية لجميع الإسلاميين من حلب في سوريا حتى الموصل وربما إلى الأسفل حتى بغداد.  […] المالكي الشيعي يجلس في بغداد، وبشار الأسد يجلس في دمشق، وفي المنتصف هناك نوع من الدولة الافتراضية. إن البروفيسور رابي صادق تمامًا. ومع ذلك، يمكننا أن نضيف بأنّ هذه الدولة ليست افتراضية؛ فسرعان ما تتحوّل الأراضي التي يسيّطر عليها مقاتلو التنظيم إلى معسكرات تدريب ضخمة، يعيش فيها مئات الآلاف من المواطنين. يُدعى أولئك للتجنّد في صفوف التنظيم واعتماد رؤيته الصارمة. بالمقابل، يقوم التنظيم بتوفير حاجياتهم الأساسية ويحلّ مكان السلطات الحكومية المختلفة.

ويدعم باحثون آخرون من مجال الإرهاب العالمي هذا التوجّه في مقالهم، ويدّعون أنّ داعش تحوّلت إلى كيان ماديّ ملموس يسيّطر على المنطقة الإقليمية الواقعة بين العراق وسوريا: “يشكّل هذا الواقع الجديد تحدّيًا يتجاوز المشكلة الشائعة في الحرب على الإرهاب. ولم تعد داعش الآن قائمة باعتبارها خلايا صغيرة يمكن تحييدها بـ (مساعدة) إطلاق صواريخ وفرق كوماندوس صغيرة”، هكذا كتبوا. فلقد أصبحت داعش كيانًا سياسيًّا حقيقيًا، حتى لو لم يكن معترفًا بها من قبل المجتمع الدولي. في الواقع، تُذكّر داعش بتجسّدها الحالي نظام طالبان في أفغانستان أكثر من تنظيم القاعدة.

إعدامات جماعية” لجنود عراقيين في تكريت
إعدامات جماعية” لجنود عراقيين في تكريت

شهاب في سماء الجهاد العالمي

يدّعي الكثيرون اليوم أنّ داعش قد “تجاوزت” قاعدة الظواهري، وتحوّلت إلى أكثر أهمية وتأثيرًا بالنسبة للإسلاميين في أنحاء العالم. يعود أحد أسباب ذلك إلى القائد الاستثنائي للتنظيم: أبو بكر البغدادي.

بعد غزو الولايات المتحدة لأفغانستان (تشرين الأول 2001) انقسمت حركة الجهاد العالمي، عندما هربت القيادة (بزعامة بن لادن، نائبه الظواهري وآخرين) إلى الحدود الباكستانية – الأفغانية. كما وانتقل آخرون إلى إيران ومن هناك في نهاية المطاف إلى العراق. من بين هؤلاء، كان الأردني أبو مصعب الزرقاوي، الذي بدأ يعمل في البلاد بعد الغزو الأمريكي للعراق عام (2003) على رأس تنظيم “التوحيد والجهاد”. كان هذا التنظيم وراء المئات، إنْ لم يكن الآلاف، من العمليات الإرهابية القاتلة ضدّ السكان الشيعة في العراق، والقوات الحكومية وقوات حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة. يعتبر الزرقاوي نفسه مسؤولا عن عدد كبير من عمليات الإعدام للمخطوفين والرهائن الذين تمّ توثيق عمليات قتلهم ونُشرت في الإنترنت. وقد بلغ تعداد أفراد التنظيم، وفقًا للتقديرات، المئات من العناصر، ولكن رغم أنّه لم يكن كبيرًا من الناحية الكمّية، فكان لا يزال يعتبر إحدى الجهات الأكثر خطورة في العراق.

في عام 2004، أقسم الزرقاوي  الولاء لزعيم القاعدة حينذاك أسامة بن لادن، واعتمد اسم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين”. بعد عامين من ذلك، في حزيران 2006، تم اغتياله من قبل الأمريكيين، وانقسم تنظيمه إلى قسمين: قسم استمرّ تحت الاسم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” وقسم آخر تحت اسم “مجلس شورى المجاهدين”. في النهاية، نشأ من التنظيم الثاني تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق”، والذي اعتمد – بعد دخوله إلى الحرب في سوريا – اسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”. وتضمّ داعش في تجسّدها الحالي جيشًا من آلاف المقاتلين (تشير التقديرات إلى أنّ عدد عناصر التنظيم هو 7,000 مقاتل) وعدد كبير من المؤيّدين، الداعمين والمساندين في جميع أنحاء العالم.

“هذا هو الوقت لنسيان الظواهري”، هكذا كتب البروفيسور جان بيير فيليو، المؤرخ والخبير في دراسات الشرق الأوسط: “من اليوم فصاعدًا فإنّ زعيم داعش، أبو بكر البغدادي، هو الذي يمثّل أكبر مصدر إلهام بالنسبة للجهاد العالمي”. وتدعم مجلة “تايم” المرموقة ادّعاء البروفيسور فيليو، والتي اختارت البغدادي ليتألّق في قائمة أكثر 100 شخصية مؤثّرة في العالم للعام 2013. وقد عرّفت صحيفة “واشنطن بوست” زعيم داعش باعتباره “الزعيم الجهادي الأقوى”، ويصفه آخرون بأنّه “أسامة بن لادن الجديد”، على ضوء حجم التأييد والشعبية التي يحظى بها لدى الجهاديين في جميع أنحاء العالم.

جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)
جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)

ستخبرنا الأيام إذا كان النجم الصاعد في سماء الإرهاب العالمي سيسقط بنفس السرعة التي صعد بها، أم سينجح البغدادي في إقامة خلافة إسلامية جديدة، والتي من شأنها أن تغيّر وجه الشرق الأوسط على المدى البعيد.

نُشرت المقالة للمرة الأولى في موقع ميدا.‏

اقرأوا المزيد: 1470 كلمة
عرض أقل
مقاتلو داعش في العراق (AFP)
مقاتلو داعش في العراق (AFP)

المالكي يلقي اللوم على السعودية وقطر في القتال الدائر في العراق

قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اليوم الأربعاء إن العنف الذي يمسك بخناق البلاد لن ينتهي عند حدود العراق بل سيمتد إلى مناطق أخرى.

وأضاف المالكي في حديث تلفزيوني “الذي حصل هو مؤامرة ومخطط اقليمي مشؤوم عقدت له جلسات وصرفت عليه أموال ووضعت له مخططات وصممت له حرب إعلامية هائلة كما ترونها الآن. وقد تعاونوا مع الأسف الشديد مع بعض القوى السياسية المحلية ووقفت إلى خلفهم هذه الدول التي لا تريد للعراق الخير والقوة. ولكن نقول لكل هؤلاء ولكل اشقائنا وأصدقائنا إطمئنوا إن كنتم على خطأ بأن الارهاب لن يتوقف على حدود العراق. سنواجه الارهاب.. سنسقط المؤامرة.. ولكن اعلموا انهم سيفرون إليكم وستشتعل بلدانكم أيضا بحرب وحروب طائفية وحروب ومواجهات داخلية.”

وفي تقدم سريع أخرج مقاتلون سنة قوات جيش الحكومة التي يقودها الشيعة من المدن الرئيسية في شمال العراق واستولوا عليها.

وقادت جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام المقاتلين لكن صفوفهم ضمت كذلك نطاقا واسعا من السنة المعتدلين الغاضبين مما يصفونه بالاضطهاد الذي تمارسه عليهم الحكومة في بغداد.

واتهم المالكي دولا عربية أخرى بمساندة المقاتلين وتأجيج العنف في بلاده التي تعاني من تدهور أمني منذ نحو عشر سنوات.

وقال المالكي “تسمعون الإعلام السعودي والقطري وإعلام بعض الدول يتحدثون أن هؤلاء ثوار وأن هذا الجيش طائفي متناسين أنهم في بلد يعيش على أشد أنواع الطائفية والتهميش والالغاء. العراق موحد بسنته وشيعته.. بعربه وكرده.. وما حصل بالأمس من اجتماع بالقوى السياسية والاعلان على توحيد الموقف في مواجهة القاعدة والتحديات الأمنية هذه هي رسالتنا.”

وتسعى واشنطن ودول غربية أخرى لإبقاء العراق دولة موحدة بالضغط بشدة على رئيس الوزراء الشيعي للتقرب من السنة.

والتقى المالكي بمعارضين من السنة والأكراد الليلة الماضية واختتم اللقاء بظهور جماعي فاتر تلا فيه بيان يدعو إلى الوحدة الوطنية.

لكن حتى الآن تعتمد حكومة المالكي على دعم انصارها من الشيعة وينتقد المسؤولون زعماء السنة ويصمونهم بالخيانة.

اقرأوا المزيد: 255 كلمة
عرض أقل