حقق متشددون مسلحون تقدما في شمال العراق باتجاه عاصمة إقليم كردستان اليوم الخميس مما دفع عشرات الآلاف من المسيحيين إلى الفرار بحياتهم من هجوم يثير قلق حكومة بغداد والقوى الإقليمية.
وشاهد مصورون من رويترز مقاتلين في تنظيم الدولة الإسلامية يسيطرون على نقطة تفتيش عند المنطقة الحدودية لكردستان على بعد 30 دقيقة بالسيارة من مدينة اربيل حيث يعيش 1.5 مليون شخص ويوجد مقر حكومة اقليم كردستان.
وسيطر المتشددون في وقت سابق على قرقوش أكبر بلدة مسيحية في العراق فهرب الكثير من سكانها خوفا من اجبارهم على الاذعان لمطالب المسلحين السنة التي أعلنوها في مناطق أخرى استولوا عليها وهي إما المغادرة أو اعتناق الاسلام أو الموت.
وترى الدولة الاسلامية التي تعتبر أكثر تطرفا من تنظيم القاعدة الغالبية الشيعية في العراق والاقليات مثل المسيحية واليزيدية كفارا.
وفي روما وجه البابا فرنسيس نداء الى زعماء العالم للمساعدة في انهاء الازمة في شمال العراق والتي وصفها الفاتيكان بأنها “مأساة إنسانية مستمرة”. ودعت فرنسا إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي “لمواجهة التهديد الارهابي في العراق.”
وتراجعت أسهم شركات طاقة تعمل في كردستان بعد أنباء تقدم الدولة الإسلامية باتجاه حقول نفط في المنطقة.
وقالت الجماعة المتشددة في بيان عبر حسابها على تويتر ان مقاتليها استولوا على 15 بلدة وعلى سد الموصل الاستراتيجي المقام على نهر دجلة وقاعدة عسكرية في هجوم مستمر بدأته مطلع الاسبوع. ويقول مسؤولون أكراد ان قواتهم ما زالت تسيطر على السد.
وقال شاهدان لرويترز اليوم عبر الهاتف إن مقاتلي الدولة الإسلامية رفعوا العلم الأسود للتنظيم فوق السد الذي قد يسمح لهم باغراق مدن رئيسية أو قطع امدادات الماء والكهرباء.
وألحق المسلحون السنة هزيمة مخزية بالقوات الكردية في مطلع الأسبوع مما اضطر الالاف من أبناء الطائفة اليزيدية الى الفرار من بلدة سنجار الى الجبال المحيطة.
انفجارات في أنحاء متفرقة بالعراق
قال متحدث باسم مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية ان بعضا من عدة الاف يحاصرهم مقاتلو الدولة الاسلامية في جبل سنجار تم انقاذهم في الساعات الاربع والعشرين الماضية مضيفا ان 200 ألف فروا من القتال.
وقال المتحدث ديفيد سوانسون عبر الهاتف “هذه المأساة لها أبعاد هائلة تؤثر على حياة مئات الاف الاشخاص”.
وقال ان العديد من النازحين يحتاجون على وجه السرعة الى مياه وغذاء ودواء. وقال متحدث باسم منظمة الامم المتحدة للطفولة ان العديد من الاطفال في الجبل يعانون من الجفاف وان 40 طفلا على الاقل ماتوا.
ويواجه اليزيديون الذين تنظر الدولة الاسلامية اليهم على انهم “عبدة الشيطان” خطر الاعدام على أيدي المسلحين السنة الذين يسعون لاقامة دولة الخلافة ويعيدون رسم خريطة الشرق الاوسط.
وقال مسؤولون أتراك إن آلاف العراقيين ومعظمهم من اليزيديين يتدفقون على الحدود مع تركيا هربا من القتال.
وفي كركوك قالت الشرطة ومصادر طبية إن 11 شخصا قتلوا في انفجارين بسيارتين ملغومتين اليوم قرب مسجد شيعي يؤوي نازحين في المدينة النفطية الاستراتيجية التي يسيطر عليها الأكراد.
وقتل 14 شخصا في انفجار سيارة ملغومة بمنطقة شيعية في بغداد اليوم.
وأثارت مكاسب الدولة الإسلامية المخاوف من أن يحذو متشددون مسلحون في مناطق أخرى بالعالم العربي حذوها.
وسيطر متشددون سنة على بلدة حدودية في لبنان مطلع الأسبوع لكنهم انسحبوا بالكامل منها فيما يبدو.
واشتبك مقاتلو الدولة الاسلامية – التي أعلنت الخلافة في مناطق من العراق وسوريا – مع القوات الكردية أمس الاربعاء في بلدة مخمور قرب أربيل عاصمة إقليم كردستان شبه المستقل.
وقال شهود ان المسلحين استولوا على بلدة مخمور لكن مسؤولين أكرادا أبلغوا وسائل اعلام محلية ان قواتهم مازالت تسيطر على المنطقة وبثت قنوات تلفزيونية لقطات لمقاتلي البشمركة وهم يجوبون البلدة.
وقال شهود إن المسلحين اجتاحوا أيضا بلدة تلكيف التي يغلب على سكانها المسيحيون فضلا عن بلدة الكوير.
وحدة أراضي العراق في خطر
ويشكل تنظيم الدولة الإسلامية أكبر تهديد لوحدة أراضي العراق منذ سقوط صدام حسين في 2003. ويسيطر مقاتلو التنظيم وحلفاؤهم من السنة على جزء كبير من غرب العراق.
وأجج التنظيم التوترات الطائفية وأعاد إلى الأذهان أيام الحرب الأهلية الدامية التي بلغت ذروتها في عامي 2006 و2007.
وأصبحت التفجيرات وعمليات الخطف والقتل مشهدا يوميا من جديد في العراق. وتواجه الأقليات الدينية والعرقية في سهول محافظة نينوى الشمالية الخطر على نحو خاص.
وينفذ المتشددون السنة عمليات تطهير للشيعة من الشبك وأقلية التركمان العرقية في بلدات وقرى محافظة نينوى وحددوا مهلة للمسيحيين للرحيل عن الموصل عاصمة المحافظة أو القتل.
وقالت مصادر طبية وأمنية إن عدد قتلى تفجيرات في أسواق مزدحمة بمناطق شيعية في بغداد ارتفع الليلة الماضية إلى 59 بالإضافة إلى 125 مصابا.
ودفعت مكاسب الدولة الإسلامية رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى إصدار أوامر للقوات الجوية العراقية بمساعدة الأكراد الذين اهتزت صورتهم كمقاتلين أشداء بعد هزيمتهم.
وشنت القوات الجوية عدة غارات أمس من بينها غارة قالت الحكومة إنها قتلت 60 “ارهابيا” في الموصل لكنها لم تكسر شوكة الدولة الإسلامية فيما يبدو.
وأدت سيطرة الدولة الإسلامية على بلدة سنجار مسقط رأس الأقلية اليزيدية إلى فرار عشرات الآلاف إلى الجبال المحيطة مما يجعلهم عرضة لخطر الموت جوعا.
ويرأس المالكي حكومة تسيير أعمال منذ انتخابات أجريت في ابريل نيسان. ويرفض دعوات الأكراد والسنة والشيعة وإيران للتخلي عن مسعاه لتولي رئاسة الوزراء لفترة ثالثة وإتاحة المجال أمام شخصية قادرة على توحيد العراقيين في مواجهة الدولة الإسلامية.
لكن المالكي الذي لم يكن معروفا عندما تولى رئاسة الوزراء بدعم أمريكي كبير في 2006 يبدو مصمما وحذر من أن أي تدخل في عملية اختيار رئيس وزراء جديد سيفتح “أبواب جهنم” في العراق.