نكبة اليهود الشرقيين

الروائي الإسرائيلي من أصول عراقية، إيلي عمير(Hadas Parush/Flash 90)
الروائي الإسرائيلي من أصول عراقية، إيلي عمير(Hadas Parush/Flash 90)

تعرفوا إلى نجيب محفوظ الإسرائيلي

شوارع بغداد وأسواقها تشكل المواد الأولية لرواياته. وهمّه الأدبي هو جسر الهوة بين الثقافة الإسرائيلية والثقافة العربية. تعرفوا إلى الكاتب إيلي عمير أو باسمه الأصلي فؤاد إلياس خلاصجي

22 أبريل 2017 | 12:36

ولد فؤاد الياس ناصح خلاصجي في بغداد عام 1937، وهاجر مع عائلته إلى إسرائيل عام 1950 بعد أن تحوّل العراق إلى مكان يعادي مواطنيه اليهود. كان المجتمع اليهودي في الماضي يضم نحو 140 ألف شخص، وكان له دور مهم ومساهمة حقيقية في تطور العراق، لكن قيام دولة إسرائيل دمّر العلاقة بين هذه الجالية والعراقيين. وهذه الفترة التي عشاها الروائي فؤاد خلاصجي، أو باسمه العبري، إيلي عمير، في بغداد، ما زالت حية في ذهنه ورواياته.

يقول عمير في إحدى مقابلاته إنه أرجأ رحلة إلى القاهرة مرة قبل أن ينجز روايته “مطيّر الحمام” – التي تروي قصة هجرة اليهود من العراق وتدور أحداثها في أحياء بغداد وأسواقها- لكي لا تختلط عليه مشاهد القاهرة مع مشاهد بغداد، إذ أراد سرد الأماكن والأجواء في بغداد، العالقة في ذهنه منذ الطفولة، في منتهى الدقة. وبعد إنجاز الرواية المذكورة، سافر الروائي إلى القاهرة، وكانت المناسبة نقل روايته “ياسمين” إلى اللغة العربية ونشرها في مصر. وهي رواية تسرد قصة حب بين شاب يهودي وشابة فلسطينية مسيحية، تجري وقائعها في القدس في الحقبة الزمنية التي تلت حرب 1967 وغيّرت الواقع السياسي في القدس.

وكانت رواية ياسمين الكتاب الذي ختم ثلاثية روايات عمير التي انطلقت في العراق وروت قصة فرار اليهود منه، ومن ثم الوصول إلى أرض الميعاد ومشقات التأقلم، وانتهت بالصراع العربي – الإسرائيلي. وحين سئل عمير إن كان احتذى بثلاثية الروائي المصري العظيم، نجيب محفوظ، نموذجا للثلاثية التي ألّفها، قال إنه لم يكن قرأ ثلاثية محفوظ قبل بدء العمل على عمله الأدبي، لكن المقارنة دعته إلى قراءة كتب محفوظ. ورغم نفي عمير تقليد محفوظ، إلا أن المقاربة بينهما قائمة في إسرائيل، وهنالك من يلقبه ب “نجيب محفوظ الإسرائيلي”.

الروائي الإسرائيلي من أصول عراقية، إيلي عمير(Yossi Zamir/Flash90)
الروائي الإسرائيلي من أصول عراقية، إيلي عمير(Yossi Zamir/Flash90)

وعن صراع الهويات التي يعيشها الروائي يقول “لم أنسَ يوما جذوري ولغتي (العراقية والعربية)، لكنني لم أعارض تقبل حضارة ثانية (الحضارة الإسرائيلية – الغربية) وتبينها. الإنسان في العصر الحديث، باعتقادي، يملك هويات متعددة ولا يعيش هوية واحدة. أنا أعيش بسلام مع كوني إسرائيلي، وأنادي دائما لتعلم اللغة العربية والحضارة العربية على أدبها وقصائدها”.

وقد ناضل عمير طوال سنين نشاطه الأدبي والسياسي من أجل رفع شأن اللغة العربية في إسرائيل، مشدّدا على أهمية دراستها وإتقانها من أجل معرفة ثقافة العرب والإسلام. وإلى جانب ذلك، فهو إسرائيلي فخور بما أنجزت دولة اليهود، يعتز بكونه صهيوني. ويتجسد صراعه هذا في روايته “ياسمين” حيث يقول بطل الرواية عن نفسه: “أنا يهودي ابن عرب، يقدر إنجازات الغرب. يسمع الموسيقى الكلاسيكية في الصباح، والموسيقي العربية في المساء. عصفور مهاجر بين عالمين. قدم هنا وقدم هناك.. وفي مرات كثيرة تحتار قدماي”.

وتمتاز روايات عمير عن غيرها من الأدب الإسرائيلي بأنها ثرية بالكلمات العربية، وقصد الروائي من ذلك الحفاظ على اللغة التي تكلمها في صغره، وربط الحاضر الثقافي في إسرائيل بالماضي الشرقي. ومن هذه المصطلحات كما ظهرت في رواية “مطير الحمام”: استعمال كلمة “الجرّة”، والمقولة الشعبية “الهزيمة غنيمة”، و”الشاي خانة” التي تقدم الشاي فقط لزبائنها، وأكلة “السموبسك”، والحديث عن “شباب الإنقاذ” وهي اسم مجموعة يهودية تأسست سرا للدفاع عن اليهود في العراق في أعقاب أحداث الفرهود، والجلالة أي الأرجوحة وبعد.

الروائي الإسرائيلي من أصول عراقية، إيلي عمير(Hadas Parush/Flash 90)
الروائي الإسرائيلي من أصول عراقية، إيلي عمير(Hadas Parush/Flash 90)

وعدا عن نجاح الروائي الموهوب وتصدر كتبه قوائم الأكثر مبيعا في إسرائيل، يحتل عمير مكانة خاصة في قلوب الإسرائيليين، خاصة اليهود من أصول أوروبية، لكونه كاتب يمزج بين الشرق والغرب على نحو رائع. يحترم إنجازات الغرب وتقدمه مثلما يحب هويته الشرقية، أو كما يصف هو بنفسه “في الصباح أحب الاستماع لبتهوفن، وفي المساء لأم كلثوم”.

ويشدد عمير في مقابلاته على أنه يعتز بالحركة الصهيونية ويعرف نفسه على أنه كاتب “صهيوني يهودي إسرائيلي”، أينما كان، حتى في مصر. ومنبع هذا هو العناء الذي مر به اليهود في أوروبا والدول الإسلامية.

وعن عناء اليهود الشرقيين، يستهل عمير روايته “مطير الحمام” بمشهد شنق التاجر اليهودي الكبير في بغداد، شفيق عدس. فقد اتهمته السلطات العراقية افتراءً ببيع السلاح للمنظمات اليهودية، استنادا على مقالة نشرها محرر صحيفة في العراق رفض عدس التعامل معه، وكان عوّل على أصدقائه المسلمين بالوقوف إلى جانبه في وقت الضيق. وكانت نهاية عدس، إعدامه في أحد ميادين البلد على الملأ، وعلى وقع هتاف السكان المسلمين “الله أكبر”، الدليل القاطع بأن العراق لم يعد يريد سكانه اليهود، ولا أمل في البقاء فيه، على الرغم من أن هنالك في المجتمع اليهودي من دافع عن فكرة البقاء في العراق.

ويعيش عمير اليوم في حي جيلو في القدس، وهو حي يقع بعد حدود 1967. واختار هذا الموقع بالنسبة لعمير يمثل الجانب الصهيوني فيه، فهو يؤمن بأرض إسرائيل الكبرى، لكنه خلافا لغيره من اليهود، يعترف بوجود شعب آخر، وينادي إلى إقامة دولة فلسطينية تمكن هذا الشعب من تحقيق طموحاته. وعن رأيه في حل الدولتين يقول عمير: “أنا تاجر بغدادي. أطمح لأعيش في دولة يهودية وأعترف بطموح الشعب الآخر الذي يعيش بجواري.. لذلك أريد أن أشتري السلام بإعادة الأراضي التي استولت عليها إسرائيل عام 1967”.

وقد اختير الروائي، الذي يبلغ من العمر 80 عاما، قبل وقت قصير، ليكون من موقدي مشاعل يوم الاستقلال، وحظي على هذا الشرف الإسرائيلي لمساهمته العظيمة في سرد تجربة هجرة اليهود الشرقيين، ومن ثم حياتهم في البلاد التي قامت حديثا وما زالت تبحث عن هويتها، والمعاملة السيئة التي لاقاها اليهود الشرقيين من المؤسسة العلمانية الأشكنازية في البلاد.

اقرأوا المزيد: 785 كلمة
عرض أقل
الأسبوع في 5 صور
الأسبوع في 5 صور

الأسبوع في 5 صور

قصة يهود اليمن الذين مرّوا بمذابح مع إعلان خطة التقسيم عام 1947، المرأة الأكبر سنّا في العالم، والغضب في المغرب بسبب برنامج تلفزيوني يُرشد كيفية إخفاء العنف الأسري

02 ديسمبر 2016 | 09:18

هذه هي المواضيع التي تصدّرت عناوين الأخبار في إسرائيل والشرق الأوسط هذا الأسبوع

غضب في المغرب من ورشة مكياج تعلم كيفية التستر على العنف ضدّ النساء

مقطع الفيديو الذي يرشد النساء كيف يخفين الكدمات التي على أجسادهن (لقطة شاشة)
مقطع الفيديو الذي يرشد النساء كيف يخفين الكدمات التي على أجسادهن (لقطة شاشة)

صُدم الكثير من النساء في المغرب هذا الأسبوع بعد أن شاهدن برنامجا بُث في التلفزيون الرسمي، عرض كيف يمكنهن استخدام مستحضَرات التجميل لإخفاء الأدلة على ممارسة العنف الأسري.

خلال البرنامج الصباحي، أوضحت أخصائية تجميل كيفية إخفاء الكدمات. كانت تظهر كدمات سوداء وزرقاء مزيفة على وجه المرأة التي شاركت في البرنامج لتوضيح كيف يجب إخفاء الكدمات عن وجهها. “نأمل أن تساعدك نصائحنا في الاستمرار في الحياة”، كما ذُكر في نهاية الإرشاد، قبل يومين من اليوم العالمي لمكافحة العنف ضدّ النساء.

كانّ ردّ الفعل على الحادثة فوريا وغاضبا. لذلك وقّعت مئات النساء على عريضة تطالب القناة أن تعتذر وأن تُمارس عقوبات ضدّها.

من هم شهداء اليرموك

علم لواء شهداء اليرموك
علم لواء شهداء اليرموك

في بداية الأسبوع هاجمت خلية تابعة للواء شهداء اليرموك، المتماهي مع داعش، بنيران رشاشات ثقيلة وقذائف هاون، كتيبة مشاة من الجيش الإسرائيلي على الحدود السورية – الإسرائيلية. لذلك قتل الجيش أربعة نشطاء بقصف جوي. ولكن من هو لواء شهداء اليرموك الذي يهدّد بإشعال نار الحرب على الحدود الشمالية لدولة إسرائيل، وهو مكان لم يعد يسيطر عليه النظام السوري.

في مثل هذا الأسبوع قبل 69 عاما وُضِعت خطة التقسيم البريطانية

متظاهرون إسرائيليون يحتفلون بعد قرار التقسيم في الأمم المتحدة (ِAFP)
متظاهرون إسرائيليون يحتفلون بعد قرار التقسيم في الأمم المتحدة (ِAFP)

في 23 تشرين الثاني عام 1947 قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة إنهاء الانتداب البريطانيّ وإقامة دولتين على أرض فلسطين – دولة يهودية ودولة عربية. ولكن رفض العرب الاقتراح في حين أيده اليهود بترحيب. حصل طاقم هيئة تحرير “المصدر” على شهادات من ذلك التصويت بين مؤيد ومعارض، وكيف هدّدت مصر بالتأجج الإقليمي.

المرأة الأكبر سنّا في العالم

إيما مورانو: المرأة الأكبر سنا في العالم؟ (AFP)
إيما مورانو: المرأة الأكبر سنا في العالم؟ (AFP)

إيما (Emma) هي امرأة إيطالية الأكبر سنّا في العالم والوحيدة التي تعيش الآن من مواليد القرن التاسع عشر، احتفلت هذا الأسبوع بعيد ميلادها الـ 117 بشكل خاصّ مع كل من إخواتِها، طبيبها الشخصي وصحفيين.

المذابح المنظَّمة ضدّ يهود اليمن عام 1947

منظر للدمار الذي لحق ببيوت يهود مدينة عدن عام 1947 (بيت التراث اليمني)
منظر للدمار الذي لحق ببيوت يهود مدينة عدن عام 1947 (بيت التراث اليمني)

كنُس محروقة، مدارس مُدمّرة، محلات منهوبة، قتلى وجرحى في الشوارع – توثق عشرات الصور القلاقل التي مرت بها الجالية اليهودية القديمة في المدينة الساحلية عدن في بداية شهر كانون الأول 1947. بعد التاسع والعشرين من تشرين الثاني فورا، وهو التاريخ الذي أقرّت به الأمم المتحدة خطة التقسيم التي مهّدت الطريق لإقامة دولة إسرائيل، شنّ عرب المدينة هجوما. التقط أحد أبناء الجالية صورا للقلاقل، التي قُتل فيها 87 شخصا من الجالية وأصيب عشرات آخرون. عرض طاقم هيئة تحرير “المصدر” توثيقا وصورا نادرة من تلك الفترة الصعبة وقصص يهود اليمن الذين مرّوا بتلك المأساة الفظيعة في تلك الأيام.

اقرأوا المزيد: 380 كلمة
عرض أقل
منظر للدمار الذي لحق ببيوت يهود مدينة عدن عام 1947 (بيت التراث اليمني)
منظر للدمار الذي لحق ببيوت يهود مدينة عدن عام 1947 (بيت التراث اليمني)

الثوار قتلوا يهود عدن، وأفراد الشرطة وقفوا مبتسمين

مع إحياء ذكرى خروج اليهود من البلدان العربية وإيران وطردهم، تُكشف صور نادرة حول المذابح بحق يهود عدن عام 1947، إذ قُتل فيها 87 يهوديا بوحشية وأصيب العشرات

01 ديسمبر 2016 | 09:03

كنُس محروقة، مدارس مُدمّرة، محلات منهوبة، قتلى وجرحى في الشوارع – توثق عشرات الصور القلاقل التي مرت بها الجالية اليهودية القديمة في المدينة الساحلية عدن في بداية شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1947. بعد التاسع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر فورا، وهو التاريخ الذي أقرّت به الأمم المتحدة خطة التقسيم التي مهّدت الطريق لإقامة دولة إسرائيل، شنّ السكان العرب في المدينة هجوما على السكان اليهود. التقط أحد أبناء الجالية اليهودية صورا للقلاقل، التي قُتل فيها 87 شخصا من أفراد الجالية وأصيب عشرات آخرون. هذه الصور النادرة، التي يظهر بعضها في هذا المقال، محفوظة اليوم في بيت التراث اليمني، والذي أقيم قبل عدة سنوات في المبنى الذي يقع فيه كنيس مهاجري عدن في شارع ليلينبلوم في تل أبيب.

تحيي إسرائيل في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام، ذكرى “خروج اليهود من البلدان العربية وإيران وطردهم”، وحُدد تاريخ هذه الذكرى بشكل رمزي ليكون في اليوم التالي من تاريخ 29 تشرين الثاني. كان شمعون ساسون، وهو في الرابعة والثمانين من تل أبيب، فتى في الخامسة عشرة عندما اندلعت القلاقل في المدينة. “سمعتُ الأنباء عن التصويت في الأمم المتحدة مع أسرتي عبر المذياع في منزلنا في عدن”، كما قال هذا الأسبوع في مقابلة لصحيفة “هآرتس”. “بعد ذلك خرجنا من المنزل وتحدثنا حول من صوّت لصالح قرار تقسيم البلاد، ومن صوت ضده،ّ ومن امتنع عن التصويت. وعمّت الفرحة”. ولكنها كانت سابقة لأوانها وسرعان ما تبدّلت بالذعر. “لم يكن متوقعا ما حدث تماما وكان مفاجأة”، كما وصف بعد شهر من ذلك عوفاديا طوبيا – عضو الوكالة اليهودية، في رسالة أرسلها إلى أرض إسرائيل.

منظر للدمار الذي لحق ببيوت يهود مدينة عدن عام 1947 (بيت التراث اليمني)
منظر للدمار الذي لحق ببيوت يهود مدينة عدن عام 1947 (بيت التراث اليمني)

في عدن، التي كانت في تلك الفترة مستعمرة بريطانية وتقع اليوم في اليمن، عاشت جالية يهودية قديمة مؤلفة من نحو 5,000 فرد، إلى جانب جالية عربية محلية. بدأت القلاقل في الثاني من كانون الأول عام 1947 واستمرت لثلاثة أيام. “في الثاني من كانون الأول ليلا، بدأ الثوار بحرق سيارات اليهود في شوارع المدينة”، كما وصف ساسون هذا الأسبوع. “ووصلوا في اليوم التالي إلى حارتنا. أصبحت الشوارع فارغة من تماما. ألقينا الزجاجات نحو مثيري الشغب”. بعد مرور يوم من ذلك بدأ العرب بحرق المحلات، أماكن العمل والمنازل التابعة لليهود. “هرب بعض العائلات من منازلهم ووصلوا إلى منزلنا، الذي كان في وسط الحيّ. ففتحتُ الباب واستقبلتُ خمس عائلات”، كما أضاف، مشيرا إلى أسمائها وفق ما تذكره.

طلبت القيادة اليهودية المساعدة من البريطانيين، الذين كانوا يحكمون المدينة. ولكن، ردّا على طلبنا، وصل إلينا رجال شرطة بدو يعملون في صفوف القيادة البريطانية. “منذ تلك اللحظة بدأ الهولوكوست”، كما وصف طوبي في رسالته. “بدأ الثوار الهمجيّون بسرقة المتاجر اليهودية. ولكن وقف رجال الشرطة مبتسمين. بعد لحظات كان يمكن أن نرى كيف أنهم كانوا يساعدون على السرقة والنهب”.

وقف أحد أفراد الشرطة هؤلاء قريبا من منزل ساسون، والذي وجدت فيه العائلات التي فرّت من تهديد مثيري الشغب مأوى. “أعلن البريطانيون حظر تجوّل. لم أكن أعلم حينذاك ماذا يعني ذلك، فصعدت إلى السطح لأشاهد ماذا يحدث في الشارع”، كما قال ساسون. “رأيت أمامي جنديا يحمل بندقية. انحنيت فأطلق النار تجاهي”. لم أصب من الرصاصة، ولكن أصيبت إحدى النساء التي كانت ضيفة في منزلنا – بنينا مناحيم موشيه كوهين، التي كانت حينذاك في ال15 من عمرها تقريبا. “اخترقت الرصاصة رأسها. فماتت فورا. وحدثت فوضى كبيرة في منزلنا”، كما قال. طيلة ثلاثة أيام اضطرّ السكان إلى البقاء على مقربة من الجثّة، حتى كان يمكن إخلاؤها إلى مقبرة جماعية. “أخرجنا الجثة من المنزل وهي مغطاة ببطانية”، كما أضاف، وانفجر باكيا.

منظر للدمار الذي لحق ببيوت يهود مدينة عدن عام 1947 (بيت التراث اليمني)
منظر للدمار الذي لحق ببيوت يهود مدينة عدن عام 1947 (بيت التراث اليمني)

“تعرض كل يهودي دعا إلى المساعدة أو صعد إلى السطح لإطفاء الحريق في منزله أو الفرار منه، إلى وابل من الرصاص. تفطّر القلب من الصرخات الجنونية في حيّ اليهود. تعرضت كل منازل اليهود للتشققات إثر إطلاق النيران. حُرِقت المنازل الواحدة تلوَ الأخرى. سقط عشرات القتلى واحدا تلوَ الآخر”، كما وصف طوبيا، الذي وُلد في عدن عام 1920، وهاجر إلى إسرائيل في طفولته ولكن عاد إلى عدن عام 1945 من أجل تنظيم هجرة اليهود اليمن إلى البلاد.

فقد جبريئل دافيد، الذي كان طفلا حينذاك، جدّه يحيى في القلاقل. تستند ذكرياته إلى قصص سمعها من أسرته في كبره. “قُتِل 87 يهوديا رميا بالرصاص، ذبحا وحرقا حتى الموت. أطلق قنّاص النيران على رأس جدي”، قال دافيد هذا الأسبوع. حدث ذلك بعد أن صعد إلى سطح المنزل لإطفاء النار التي انتشرت في المكان. “لم يمت على الفور”، كما أوضح. “كان ينزف طوال الليل في المنزل”. كان ابن يحيى، تسيون، طفلا في التاسعة في ذلك الوقت. “جلستُ قربه في السرير وكان يئنّ طوال الوقت. كان ينازع أمام أعيننا”، كما قال في شهادة فيديو وثّقها دافيد ورفعها إلى اليوتيوب في إطار عمله لتوثيق تراث الجالية.

في اليوم التالي وصل طاقم الإسعاف لنقل يحيى إلى المستشفى. أصيب أخوه، حاييم، الذي ساعد على إخلائه، برصاصة أيضا. وقُتل الطبيب، الذي لم يكن يهوديا، إثر إطلاق النار عليه. استمرت الاضطرابات أيضًا في المستشفى الذي تم نقل يحيى إليه في النهاية، قبل أن يتوفى فيها متأثرا بجراحه. اضطر ابنه، شمعون، الذي رافقه، إلى الاختباء أيضًا في ذلك المبنى بسبب تهديد المهاجمين، الذين لاحقوه حتى هناك. “دخل العرب إلى المستشفى، وبدأوا بالسؤال: “أين اليهود”؟ كادوا يقتلونني”، كما قال دافيد.

اضطر شمعون إلى التنكر لمريض يتعالج في المكان، وبمساعدة طاقم محلي تمت تغطيته ببطانية كي لا يقتله مثيرو الشغب أيضًا. في اليوم التالي عاد إلى منزله. “كانت تبدو التعاسة على وجهه. لقد سقط على الأرض وبكى مثل طفل صغير”، كما قال تسيون. قُتل أخ آخر ليحيى، وهو سالم (شالوم)، الذي عمل مُطهرا وكان معروفا في الجالية، أثناء أحداث الشغب. “حاول العرب إجباره على اعتناق الإسلام”، كما قال دافيد. “لقد رفض، فقتلوه وقطّعوا أوصاله”.

بعد ثلاثة أيام، عندما دخل الجيش البريطاني أخيرا إلى الحيّ اليهودي، انتهت أعمال الشغب. “في يوم الجمعة صباحا بدأ الجنود بجمع القتلى. انتقلت سيارة بين الشوارع وجمعت الجثث. نقلت كل عائلة الموتى إلى وسط الشارع وتولى لاجئون يمنيّون مهمة دفنهم في مقبرة جماعية دون إجراء مراسم جنازة. سُمع البكاء والنحيب في كل الشوارع”، كما لخص طوبيا، والذي أصبح لاحقا الملحّن والمدير الموسيقيّ لفرقة عنبال.

كتب يتسحاق شور، رئيس حركة “هحالوتس” الصهيونية التي نشطت في عدن، بعد القلاقل، في كانون الثاني 1948، رسالة إلى ابن عمه، موشيه شور، الذي كان يعيش في أرض إسرائيل. وصف في الرسالة الشرخ الفظيع طالبا المساعدة على هجرة الشبيبة إلى أرض إسرائيل. “حالة يُرثى لها”، كما كتب. “مرت كل عائلة بظروف لا يمكن وصفها، ويمكن تأليف كتاب منها. ولكن أقول باختصار أن الجنود قد تآمروا مع الثوار ضدنا ونفّذوا أعمال السرقة والقتل معا”، وفق أقوال يتسحاق.

منظر للدمار الذي لحق ببيوت يهود مدينة عدن عام 1947 (بيت التراث اليمني)
منظر للدمار الذي لحق ببيوت يهود مدينة عدن عام 1947 (بيت التراث اليمني)

وأضاف يتسحاق لاحقا: “أمرنا الجنود بعدم مغادرة المنازل. كل من حاول الفرار من البيت الذي تتصاعد منه النيران أطلِقت النيران عليه فورا. تُرك الناس أحياء في المنازل المشتعلة. ألقي البنزين على الرضّع وحرقوا. قطع العدو أجساد الأطفال إربا إربا. اقتلع عيون الشيوخ. وقطع جثث الرجال إلى قطع وألقِيَت في النيران. ومزق أثداء النساء. نشعر بحزن عندما نكتب عن تلك الفظائع التي لحقت بنا”.

مع مرور شهر على القلاقل أقامت رابطة يهود عدن في أرض إسرائيل ذكرى للقتلى في كنيس الجالية في تل أبيب. ألقى موشيه نتانئيل، ابن الجالية، خطابا في المراسم. “هولوكوست مرعب حلّ بجالية عدن، وهي جالية قديمة جدا، قلقة على الدين ومقدّسات الشعب… لقد اهتزّت أركان هذه الجالية، وأصبحت بين عشية وضُحاها طائفة لاجئين”، كما قال. “يحتاج أفرادها إلى الشعور بالأمن والحرية اللتين سُلبتا منهم ثانية… من هنا يجب أن تخرج صرخة إلى الوكالة، مؤسسات الاستيطان، الجمهور الواسع، ويهود عدن في البلاد، لأن يعملوا على إنقاذ إخوتنا في عدن. تقع على جميعنا مسؤولية بذل كل جهودنا، لأن نساعدهم، ونمكّنهم من الخروج من وادي القتل واستيعابهم في البلاد كما لم يتسنَ لهم في أي وقت مضى”.

إحدى الزوايا في بيت تراث الجالية، المجاور للكنيس، مخصصة لتلك القلاقل. أخبرت قصاصة من صحيفة “يديعوت أحرونوت” والتي تم الاحتفاظ بها في ذلك البيت القرّاء في البلاد بتلك القلاقل. “رسالة صادمة من مدينة القتل البريطانية”، كما جاء في الصحيفة. “دافع يهود عدن عن أنفسهم ببطولة وطردوا مثيري الشغب بسهولة، ولكن تخلت عنهم الشرطة، التي تعاونت مع القتلة”. “دمّر مثيرو الشغب الجالية كليا، دمروها اقتصاديا، تعليميا، ودينيا”، كما قال هذا الأسبوع داني جولدشميد، وهو ابن إحدى الأسر الكريمة في الجالية، والذي أقام بيت التراث ويديره. “ليس هناك اليوم يهود في عدن. فقد أدركت الجالية أنّه ليس لديها ما تبحث عنه فيها”، كما أضاف. يمكن النظر في المكان إلى الكتب ومنشورات الذكرى التي توثق الجالية. في أحد المنشورات، التي أصدرتها جمعية يهود عدن، تم تخليد أسماء ضحايا أعمال الشغب الـ 87 – ومعظمهم من عدن نفسها وبعضهم من شيخ عثمان، وهي من الضواحي المجاورة.

تنقسم قائمة الضحايا الذين قُتلوا فهناك من مات إثر إطلاق النار عليه، مثل مناحيم منصور شموئيل، سعدة شموئيل عوامي، شوشن شلومو نيسيم وإستر سالم. وضحايا ذُبحوا بوحشية، مثل سليمان سعيد صنعاني، سالم سعيد معاطي وشموئيل داود الفورصة. وضحايا ماتوا حرقا، من بينهم وهب إبراهيم حرازي، يعيب طوب أسياك، بالإضافة إلى خمسة أطفال، من سنّ سنة حتى ثلاث سنوات، وأسماؤهم غير معروفة، وضحايا تم تعريفهم كـ “مفقودين لا يُعرف مكان دفنهم”، من بينهم شمعون طيوب شعبين ومنصور حسن قزالة.

“ضحّت جالية عدن بـ 87 شخصا بسبب الإعلان عن دولة اليهود. كان كل ذنبهم هو إقامة دولة إسرائيل”، كما يقول ساسون، الذي اضطر إلى مشاهدة قتل الفتاة التي اختبأت في منزله أمام عينيه. فهو يشعر أن المأساة لم تنتهِ مع انتهاء الأحداث. بعد عدة أشهر من قيام الدولة هاجر وحده إلى إسرائيل. انضمت إليه والدته، التي كانت في الأشهر المتقدّمة من الحمل وإخوته لاحقا. بقي والده في عدن حتى 1967، وغادرها مع خروج البريطانيين منها.

“عندما قدمت والدتي إلى البلاد، ذهبتُ للقائها في مخيم في روش هاعين. عندما دخلت إلى الخيمة، رأيت أنها حامل. بعد شهر من ذلك رزتها مجددا، ولكني لم أرَ طفلا”، كما قال. عندما سأل والدته أين اختفى مولودها، فقالت إنه أثناء الولادة ماتت ابنتها. “هذا كل ما أعرفه. لم نتحدث عن هذا الموضوع كثيرا”، كما قال ساسون.

هكذا اجتمعت معا مأساتان مرّت بهما الجالية: بداية بالقلاقل، وبعد ذلك اختفاء الأطفال. في عدن أيضا، التي هاجر منها اليهود إلى البلاد، ترك أبناء الجالية بعض المفقودين. “ليس كل من أصيب في القلاقل عُثِر عليه في النهاية”، كما يقول ساسون. “هناك من اختفى ولم نعثر عليه. حتى اليوم لا نعرف مكان المفقودين”.

البروفسور ميخال دافيد، طبيب جلد في مهنته وأخ جابي دافيد، يشعر بغضب من الدولة، التي لم تكلف نفسها بالحفاظ على ذكرى القتلى في القلاقل. “عندما يشار في المدرسة إلى التاسع والعشرين من تشرين الثاني ويتم الحديث عن القرار التاريخي في الأمم المتحدة وكل ما يتعلق بذلك، لا يقولون شيئا عن تلك المذبحة، المرتبطة مباشرة بذلك القرار. يا إلهي”، كما قال هذا الأسبوع.

“إنه من الفظيع القيام بهذه المقارنة، و لكن في مذبحة كيشينيف قُتل أشخاص أقل مما قُتِل في عدن. ربما لو كان لدينا بياليك (القصد لحاييم نحمن بياليك، أعظم الشعراء العبريين)، كانت ذاكرتنا ستبدو بشكل مختلف”، كما قال، مشيرا إلى القصيدة المشهورة “في مدينة القتل”، التي كتبها بياليك عام 1903 بعد زيارته إلى مدينة كيشينيف.

نشرت المقالة للمرة الأولى على صحيفة “هآرتس

اقرأوا المزيد: 1691 كلمة
عرض أقل
مجموعة حاخامات يهود في بغداد عام 1910 (Wikipedia)
مجموعة حاخامات يهود في بغداد عام 1910 (Wikipedia)

شرق أوسط مشتعل: الشوق لليهود في العراق

يعيش الإسرائيليون بمعزل عن التطوّرات في العالم العربي الذي حولهم. كلّما كانت حدودهم وحياتهم مهدّدة فإنّهم يستيقظون في حالة من الذعر، ولكنهم ليسوا على بيّنة من التغييرات الإيجابية والمهمّة والتي سيكون لها تأثير على المدى البعيد. كذلك هو حال الخطاب العربي حول الجالية اليهودية التي تمزّقت في العراق، والذي أثير على خلفية المعاناة الصعبة للأقليات الأخرى في البلاد

توفّر لنا الثورة الرقمية اجتياز الحدود الافتراضية دون وساطة. هذا ما حدث معي أيضًا، عندما التقيت في فيس بوك عراقيين متسامحين مع اليهود، بل ويجرؤون على المطالبة بأن يحصل هؤلاء على ممتلكاتهم التي سُلبتْ منهم.

مع الصعب أن نصدّق، من بين أمور أخرى، بسبب أن حكومة إسرائيل نفسها لم تدرك ذلك. ولكن الحنين والشوق ليهود العراق، الواضحين أيضًا في مقالات لكتّاب عراقيين في مواقع عربية، هما ليسا افتراضيين فقط. فهما حاضران بذاتهما أيضًا في لقاءات وجهًا لوجه.

أتاحت لي رحلتي الأخيرة إلى لندن لعرض فيلمي الوثائقي “ظلّ ببغداد”، في إطار منتدى مئير بتسري وبرعاية المركز الثقافي العراقي، محادثات رائعة وأعادت تواصلي من جديد مع ألحان محبّبة.

يتناول الفيلم البحث عن والدي، الذي اختفى في بغداد في بداية السبعينيات بعد أن هربت مع شقيقي من العراق. وقفتُ مندهشة أمام جمهور كبير من العراقيين المسلمين، بعضهم لاجئين من بلادهم، ممّن تماهوا مع مصير والدي المرير ورأوا فيه قصة شائعة من فترة النظام الدموي للبعث في العراق.

“إنها صرخة عشرات آلاف العراقيين الذين تقاطع مصيرهم مع مصير والدك”

اندمج التعاطف في صوت المشاهد العراقي الذي بارك لي على هذا الكشف الشجاع وقال: “إنها صرخة عشرات آلاف العراقيين الذين تقاطع مصيرهم مع مصير والدك”. توجّه لي في الاستراحة طبيب مع زوجته وابنته، والتي وُلدت في بريطانيا، وعانقني. “جعلتِنا نبكي”، كما قال، وحكى لي إنّ ابنته رفضت الذهاب للمنزل قبل أن تشاهد الفيلم كاملا.

سيقول المنتقدون: هؤلاء يعيشون في لندن منذ سنوات وهم ليسوا عراقيّين بعد. أوافق على ذلك، ولكن هذه الأصوات تُسمع الآن في العلن ودون خوف.

تذكر الدكتورة خالدة حاتم، التي نشرت كتابا عن الكتّاب اليهود العراقيين، أنّ اليهود كانوا جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي، الاقتصادي والثقافي في العراق الحديث

إنّنا نعيش بمعزل عن التطوّرات في العالم العربي الذي حولنا. كلّما كانت حدودنا وحياتنا مهدّدة فإنّنا نستيقظ في حالة من الذعر، ولكن نحن لسنا على بيّنة من التغييرات الإيجابية والمهمّة والتي سيكون لها تأثير على المدى البعيد.

يُكثر باحثون وكتّاب عراقيون في السنوات الأخيرة من الحديث عن يهود العراق. الأمر مستَغرَب، إذا نظرنا إلى انهيار البلاد وتفكّكها لمكوّناتها العرقية. ربما يكمن التفسير في المثل اليهودي الذي يقول “عندما تكون حزينًا تذكّر حفل زفافك”.

تذكر الدكتورة خالدة حاتم، التي نشرت كتابا عن الكتّاب اليهود العراقيين، أنّ اليهود كانوا جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي، الاقتصادي والثقافي في العراق الحديث

في موقع “ونلتقي” بالعربية، والذي أنشط فيه مع شركاء عرب من المنطقة، أوضح مدير المركز العراقي للتعدّدية الثقافية، غيث التميمي، بأنّ العودة إلى المسألة اليهودية كامنة في هيمنة ذكرى اليهود في الوعي الجماعي العراقي، وبكون التحوّلات السياسية بعد سقوط نظام صدّام قد أثارت المسألة اليهودية في النقاش العام من جديد، والتي يرتبط العديد من مكوّناتها بما يحدث في العراق اليوم: الحرمان من المواطنة، انتزاع الملكية، طريقة تسوية النزاعات، وإعادة تأهيل الضحايا ودمجهم في المجتمع العراقي من جديد.

وتذكر الدكتورة خالدة حاتم، التي نشرت كتابا عن الكتّاب اليهود العراقيين، أنّ اليهود كانوا جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي، الاقتصادي والثقافي في العراق الحديث (بدءًا من العشرينيات من القرن العشرين). وقد لقيت هذه الكلمات صدى في مقال نُشر في الصحيفة الرائدة “الشرق الأوسط”، والتي تصدر في لندن، حيث قيل فيه إنّ اختفاء يهود العراق وسلبهم من ممتلكاتهم أكثر ملاءمة للتطوّرات الحالية في الشرق الأوسط: السرقة والترحيل التي هي مصير الأقليات في الشرق الأوسط كالمسيحيين واليزيديين.

ليندا منوحين هي صحافية إسرائيلية تكتب في مواقع إخبارية عربية، وقد هربت من العراق إلى إسرائيل في سن العشرين.

نشر هذا المقال للمرة الأولى في موقع ‏Can Think‏

اقرأوا المزيد: 532 كلمة
عرض أقل
  • يهود المغرب
    يهود المغرب
  • الرئيس الإسرائيلي رؤوفين (روبي) ريفلين (Hadas Parush/Flash90)
    الرئيس الإسرائيلي رؤوفين (روبي) ريفلين (Hadas Parush/Flash90)
  • يهود المغرب
    يهود المغرب
  • قدوم يهود اليمن إلى إسرائيل في الخمسينات (Wikipedia)
    قدوم يهود اليمن إلى إسرائيل في الخمسينات (Wikipedia)
  • عائلة حباني اليمنية تحتفل بعيد الفصح للمرة الأولى في إسرائيل (GPO)
    عائلة حباني اليمنية تحتفل بعيد الفصح للمرة الأولى في إسرائيل (GPO)
  • عائلة يهودية عراقية تصل الى مطار اللد عام 1950 (WIKIPEDIA)
    عائلة يهودية عراقية تصل الى مطار اللد عام 1950 (WIKIPEDIA)

ريفلين للدول العربية: “أعيدوا لنا أموال اليهود”

ألقى رئيس دولة إسرائيل كلمات في المراسم الأولى من نوعها لذكرى طرد اليهود من البلاد الإسلامية: "كنوز الثقافة والممتلكات التي بقيت هناك دمرتها حكومات مليئة بالكراهية وسلبتها"

رئيس دولة إسرائيل، رؤوفين ريفلين، ذكر اليوم (الإثنَين) في الحدث الذي أقيم للمرة الأولى في دولة إسرائيل طرد اليهود من الدول الإسلامية، والذين قدموا إلى إسرائيل. حتّى الآن لم يحظ هؤلاء اليهود باعتراف رسمي من دولة إسرائيل. اليوم قال ريفلين: “هذه القصّة يجب أن تُذكر في محتويات الجهاز التربوي، في الإعلام، في الأروقة الثقافية، وفي مؤسسات الدولة الرسمية”.

قال ريفلين في المراسم إنه يجب استرجاع أموال اليهود التي بقيت في تلك الدول، بينما تركها أصحابها الأصليون ولجأوا إلى إسرائيل. “ينبغي ترديد قصة هؤلاء اليهود في الأوساط العالميّة، من أجل تصحيح الظلم التاريخي، بصورة حقيقية، من دفع التعويضات وإرجاع الأموال”.

عبّر ريفلين عن أسفه أنه “حتى اليوم، ما زالت طهران وحلب، مراكش، وبغداد، صنعاء وطرابلس، أماكن ممنوع دخول اليهود الإسرائيليين إليها، وبقيت الكنوز الثقافية والأملاك ودمرت وسلبت، غير مرة، من قبل حكومات تغمرها الكراهية”.

حسبما قال ريفلين “يوم الخروج من الدول العربية وإيران هو فرصة لتطبيق العدل التاريخي، من خلال نظرة معتدلة، جديدة، لا تتجاهل مشاكل الماضي. لكن أكثر من ذلك، يتطلب منا هذا اليوم أن نذكره ونتبنى في قلوبنا الكنوز الثقافية التي انتجتها الجاليات في البلاد العربية وإيران، والاعتراف بمساهمتهم المهمة والفخمة في صنع المستتقبل المشترك، الذي يتشكل اليوم، وفي تاريخ دولة إسرائيل. في المراسم التي أقامها ريفلين تمت استضافة مطربين وفنانين من مواليد الدول العربيّة وإيران.

بل وامتدح ريفلين مساهمة القادمين الجدد من الدول العربيّة وإيران في بنائهم لدولة إسرائيل: “لم يخضع القادمون أبدا. رغم الصعوبات فقد حملوا على كاهلهم قسطا مركزيا من نمو وازدهار دولة إسرائيل. واليوم نحن نحظى بسماع الصوت العالي، المفتخر والأنيق من أفواه أبنائهم وبناتهم”.

 

اقرأوا المزيد: 246 كلمة
عرض أقل
يهود شرقيين يتظاهرون ضد وقف إطلاق النار في غزة (Tomer Neuberg/Flash90)
يهود شرقيين يتظاهرون ضد وقف إطلاق النار في غزة (Tomer Neuberg/Flash90)

لماذا اليهود العرب أكثر كرهًا للعرب؟

كيف يمكن تفسير الكراهية التي يكنها اليهود الشرقيين، القادمون من الدول العربية، للعرب في إسرائيل؟

80% من المصوتين لحزب الليكود، الحزب اليميني الحاكم، من الشرقيين. الكثير منهم يتمسك بآراء يمينية معارضة لإقامة دولة فلسطينية، وتُظهر استطلاعات الرأي أن كثيرًا من الشرقيين، الذي يعانون كثيًرا من الأفكار المقولبة، يتمسكون بآراء مسبقة ضد العرب.

من يُدعون في إسرائيل “بالشرقيين” هم يهود أصولهم من الدول العربية، مثل العراق، الشام، مصر، اليمن أو دول شمال أفريقيا. ثقافتهم وعاداتهم متعلقة بتلك التي للعرب المسلمين في الدول مسقط رأسهم، ويتكلم الكثير منهم العربية أو نشأ في بيت يتحدث العربية، بل وهم شبيهين في لون بشرتهم القمحية وملامح الوجوه الشرق أوسطية.

إذًا كيف أصبح “اليهود العرب”، بالذات، معروفًا عنهم أنهم يكرهون العرب أكثر من غيرهم. ولماذا يتشكل “معسكر السلام” الإسرائيلي في أغلبه بالأساس من اليهود “الأشكناز”، والذين أصلهم من أوروبا وأمريكا الشمالية؟

عائلة يهودية مغربية لدى وصولها الى  إسرائيل (Wikipedia)
عائلة يهودية مغربية لدى وصولها الى إسرائيل (Wikipedia)

نحن لسنا العدوّ

أسباب كثيرة للآراء السلبية التي يتبناها الشرقيون عن العرب مترسخة في السنوات الأولى لإقامة دولة إسرائيل بل وفي السنوات التي سبقتها. في هذه السنوات تصارع اليهود على أرض إسرائيل مع مواطنيها العرب، وعانى سكان البلاد من الأعمال الهمجية، وفي حرب 1948 انضمت الجيوش العربية من مصر، العراق، سوريا لبنان والأردن،  إلى جانب العرب في إسرائيل فورًا مع الإعلان عن قيام دولة إسرائيل.

تحولت الكلمة “عربي” في هذه السنين إلى كلمة تقابل كلمة “عدوّ”. بالموازاة، في هذه السنوات بدأ قدوم يهود بلاد الشرق إلى إسرائيل (أحد الأسباب هي الأعمال الهمجية، ولكن سنصل إلى هذا فيما بعد). بالنسبة للمواطنين “القدامى” الذين أصلهم من أوروبا، والذين رأوا بأنفسهم كمن أقام البلاد من خلال الصراع مع العرب، بدا القادمون الجدد بسطاء، بربريين ويشبهون كثيرًا أعداءهم العرب.

خلال سنوات عديدة عانى اليهود الشرقيون من تمييز فظيع، نقص في الميزانيات الحكومية، التمييز في القبول للوظائف والمؤسسات الرسمية ومعاملة استهتار. أصبح الفقر، البطالة، وانعدام التعلم من نصيبهم، وفي قسط من الحالات يمكن أن نرى الفجوات الاجتماعية حتى اليوم.

تنامت لدى اليهود الشرقيين حاجة ورغبة في الاندماج في المجتمع الإسرائيلي الجديد الذي تكوّن مع إقامة الدولة الجديدة. بواسطة التعبير عن الكراهية للعرب، سعى الشرقيون، بلا وعي منهم، إلى أن يظهروا أنفسهم كمختلفين، وأن يحولوا أنفسهم إلى جزء لا يتجزأ ولا ينفصل عن المجتمع اليهودي، الذي كان، في نفس السنوات، أشكنازيا في أغلبه، وذا سمات أوروبية، مع احتقار استعلائي  للثقافة العربية.

عبد القادر الحسيني والقوات العربية عام 1948
عبد القادر الحسيني والقوات العربية عام 1948

في السنوات الأخيرة، عندما تحول قسم كبير من العرب المسلمين والمسيحيين سكان الدولة لمواطنين إسرائيليين، وإلى جزء من المجتمع الإسرائيلي، كانت الغطرسة تجاههم والتمييز ضدهم (أيضًا، لا شعوريًّا)، أداة جعلت يهود الشرق يرتفعون درجة في سلم المجتمع.

الآن لم يعد الشرقيون في أسفل السلم، والعداوة للسكان العرب جعلت الانسجام أقوى ما بينهم وبين المجتمع الإسرائيلي اليهودي. على نفس الخلفية، بالمناسبة، ألغي التعبير “يهود-عرب” الذي اعتبر مهينًا، وحتى اليوم لم يجر له استعمال إلا وكان مثيرًا للجدل.

عن التمييز والسياسية

ألقت سمات التمييز ضدّ الشرقيين بتداعياتها على المجتمع الإسرائيلي. في سنوات الخمسين والستين كان الحزب الحاكم، “مباي” (في أيامنا حزب العمل) المسيطر الذي لا يشق له غبار على السياسة الإسرائيلية. كانت السيطرة “البيضاء” جليّة، وازداد اليأس عند الباقين. المجتمع، والحكومة، قدسا شخصية الرجل الأشكنازي الاشتراكي العريق، الذي يعد من أقام وبنى الدولة، ولذلك حظي بتسهيلات مُرْضية، على حساب من لم يعدّ كذلك، وخاصة الشرقيون.

حين أقيم حزب الليكود في سنوات السبعين وحمل على عاتقه صراع الطبقات الضعيفة والعمال الشرقيين مع المشاكل اليومية، قام بسهولة بجرف أصوات الشرقيين، الذين أحسوا لأول مرة أن هنالك أذنا صاغية لأمانيّهم، وتمثيلا ملائمًا لهم في الكنيست. كان التصويت لليكود قبل أي شيء اعتراضًا على كل سنوات السيطرة الأشكنازية وإقصائها. كل ما عدا الحزب الحاكم كان في نظرهم أفضل بالتأكيد.

“تجاهل حزب العمل ونكّل واستهتر طوال سنوات كثيرة بالشرائح الضعيفة وأبناء الجاليات الشرقية”، يقول تشارلي بيطون، عضو كنيست سابقًا وناشط اجتماعي شرقي معروف. يُذكر مناحم بيجن كمن نجح، لأول مرة في تاريخ إسرائيل، في إحداث تغيير حين فاز برئاسة الحكومة وهزم حزب اليسار الأشكنازي، طبعًا، بفضل دعم الشرقيين.

مناحم بيجن يخطب في الكنيست. "الشرقيين أحسوا لأول مرة أن هنالك أذنا صاغية لأمانيّهم"
مناحم بيجن يخطب في الكنيست. “الشرقيين أحسوا لأول مرة أن هنالك أذنا صاغية لأمانيّهم”

مع السنوات تحول دعم الليكود إلى تقاليد حقيقية في دوائر شرقية واسعة، على الرغم من أن زعماءه بقَوا أشكنازيين، وتغير مذهبه الاقتصادي حتى أنه بات من المفارقات السخيفة الوضع اليوم والذي يستمر فيه الشرقيون وذوو الطبقة المتدنية في التصويت لحزب أراؤه السياسية هي أكثر الآراء رأسمالية والتي تضر بالطبقة الوسطى والدنيا أكثر من أي حزب آخر.

لكن إلى جانب السياسة الاقتصادية، فالمميز الأكبر في برنامج الليكود هو الجانب السياسي، الذي عارض طوال السنوات التنازل عن مناطق وإقامة دولة فلسطينية، عارض اتفاقيات أوسلو، وتم توجيهه تحت مفهوم “أرض إسرائيل الكاملة” الذي يرى في الضفة وغزة جزءًا لا يتجزأ من إسرائيل.

خلال السنوات، تسربت قيم الحزب، التي أثارت إعجابًا كبيرًا بين الشرقيين،  وتحوّلت إلى رؤيا عالمية شائعة في أوساط هذا الجمهور.  اليوم، ما زال أغلب الشرقيين مستمرين في التصويت لليكود بالأساس بسبب برنامجه السياسي، على الرغم من برنامجه الاجتماعي.

يهود ومحافظون

وجد أخصائي علم الاجتماع سامي سموحة، الذي فحص الفروق بين فئات الشريحة اليهودية في الآراء عن الأقلية العربية، أن أصحاب الآراء الانتقادية والسلبية هم اليهود الحاريديون والمتديّنون، أبناء 18-24، معدومي التعلم الكامل، الذين انتماؤهم الأهم هو الدين اليهودي أو الشعب اليهودي (وليست الهوية الإسرائيلية)، وينتمون لليمين المعتدل ولليمين (وكذلك من لا يقضي وقتًا بين العرب).

في هذا البحث صحيح أنه لم تفحص العلاقة المباشرة، بين الشرقية وبين معاملة العرب، لكن الكثيرين من بين الجمهور الشرقي يعرّفون أنفسهم “محافظين”، أي أنهم لا متديّنون ولا علمانيون، ويواظبون على اتخاذ نمط حياة يهودية بارز.

جندي يرتدي شال الصلاة في ساحة المعركة (Falsh90Mendy Hechtman)
جندي يرتدي شال الصلاة في ساحة المعركة (Falsh90Mendy Hechtman)

المفهوم اليهودي لحق شعب إسرائيل كوعد إلهي انسجم جيدًا مع مفهوم “أرض إسرائيل الكاملة” لليكود وأدى إلى تذويت القيمة بين الشرقيين. حينما يسلبون حق الفلسطينيين في دولة في المناطق التي يعدونها “إسرائيل” لا مفر من أن الصراع، تضارب المصالح وانقسام الآراء بينهم وبين الفلسطينيين، ومنهم عرب إسرائيل أيضًا، أعلى من المعتاد.

ذكرى الملاحقة

فوق كل هذا تضاف الذاكرة الجماعية الشرقية للعرب المسلمين الذين طاردوهم في أرض مولدهم. كره اليهود في الدول العربية ليس بالجديد، وعانى الكثير من اليهود الذين عاشوا فيها من الملاحقات على طول السنوات، وتعلموا أن يخافوا العرب. بعد إقامة الدولة، تحوّلت المضايقات إلى أعمال همجية حقيقة، وطُرد الكثير منهم وفرّوا إلى إسرائيل، وقد تركوا أملاكهم خلفهم. بقي ذكر الهمجية والملاحقة محفورًا في ذاكرتهم، وصورة العربي كعنيف، كاره لليهود، وعدو لهم لم تزدد إلا ترسخًا.

في وسط المجتمع اليهودي الذي حاول أن يشفى من صدمة الهولوكوست الفظيعة، بدا أن معاناة اليهود الشرقيين قد اعتبرت هامشية مقارنة بمعاناة يهود أوروبا الذي عانوا من الهمجية اللاسامية والهولوكوست الكبير. ربما لهذا السبب كان من المهم التأكيد على معاناتهم، وتخليد ذكرى الخوف والكراهية بين العرب واليهود. بالتوازي مع ذكر الهولوكوست والكينونة الإسرائيلية “المطارَدة”، تحولت المقاتلة والحاجة الدائمة للدفاع عن النفس، حتى على حساب الآخرين، إلى قيمة رائدة لدى المجتمع الإسرائيل عامة، وفي الجمهور  الشرقي خاصة.

بالإضافة، على خلفية نفس الملاحقات، أخذ قسم من زعماء الجمهور الشرقي الحق في التصريح أنهم هم بالذات من يعرفهم جيدًا، وأن يستعملوا الوصمات التعميمية مثل “هم يفهمون فقط بالقوة” أو “لا يمكن الثقة بالعرب”، والتي رٌسخت عبر السنوات إلى جانب التعبير عن الكراهية.

مقاطعة معسكر السلام

فيما يعرّف بـ”معسكر السلام”، المؤلف من أحزاب، جمعيات، ومنظمات تهدف إلى تقديم السلام، التعايش المشترك وإقامة دولة فلسطينية، من الصعب إيجاد ناشطين شرقيين بارزين. عبر السنوات، وحتى في السنوات الأخيرة التي تحوّلت بقايا التمييز ضد الشرقيين إلى ضئيلة (وإن لم تختف تمامًا)، كان زعماء اليسار الإسرائيلي يهودًا من أصل أشكنازي، وفي السنوات الأخيرة ينشط فيه غير قليل من الفلسطينيين أصحاب جنسية إسرائيلية.

معسكر السلام: ينقسه ناشطين شرقيين (Michal Fattal/Flash90)
معسكر السلام: ينقسه ناشطين شرقيين (Michal Fattal/Flash90)

في أحزاب مثل ميرتس، التي ترفع علم السلام والعيش المشترك، التي تخصص أماكن للنساء والعرب، لا يتطرقون إلى التمييز العرقي ضد الشرقيين، لا يخصصون لهم أماكن ولا يتطرقون إليهم في البرنامج. يؤدي الأمر بكثير من الناشطين الشرقيين الذي يعرّفون أنفسهم كشرقيين إلى مقاطعة هذه الأحزاب، وفي بعض الحالات يفضلون أحزابًا عربية على أحزاب يهودية التي تقصي الشرقيين.

نفس التمييز على طول السنين ضدّ الشرقيين هو أحد الأسباب لموجة ما بعد الصهيونية وتيار ليقظة يسارية متطرفة بين شباب شرقيين، يطالبون بالمساواة دون تمييز بين كل الأقليات أيًّا كانوا، ومنهم الشرقيون، عرب إسرائيل، القادمون الأفارقة وطالبو اللجوء، النساء، المعوّقون وغيرهم.

يبدو، إذا كان الأمر كذلك، أن التقارب الثقافي بين اليهود الشرقيين وبين المواطنين العرب في الشرق الأوسط لم يُفهم فقط على أنه خيار لتقريب القلوب وحل النزاع، بل كان عبر السنوات حجر عثرة رئيسيًّا، وقد عمّق الكراهية بين الشعبين.

اقرأوا المزيد: 1245 كلمة
عرض أقل
يهود المغرب
يهود المغرب

القانون يوافق: إسرائيل ستحيي ذكرى “نكبة اليهود الشرقيين”

لجنة الكنيست توافق على أن يتم في الثلاثين من تشرين الثاني من كلّ عام إحياء ذكرى يوم مغادرة وطرد اليهود من الدول العربية إحياء رسميًّا

وافقت لجنة التربية في الكنيست اليوم قبيل القراءة الثانية والثالثة على اقتراح قانون لإحياء ذكرى مغادرة وطرد يهود الدول العربية وإيران. سيدخل القانون حيّز التنفيذ بعد الموافقة عليه من قبل الهيئة العامة للكنيست.

في السنوات التي سبقت تأسيس دولة إسرائيل، عاش مئات الآلاف من اليهود في دول شمال إفريقيا، الشرق الأوسط والخليج العربي. وعقب الصراع العربي – الإسرائيلي تضرّر اليهود في الدول العربية وإيران من العنف والقوانين التمييزية على خلفية يهوديّتهم، ولم يحظوا بحماية السلطة الحاكمة في تلك البلاد. حتى أنه في بعض الدول حدث طرد اليهود.

حسب ادعاء المبادرين إلى القانون، فإنّ الأغلبية الساحقة لليهود الذين تركوا تلك البلاد، أو طُردوا منها، تركوا خلفهم ممتلكاتهم أو ممتلكات تابعة للجالية اليهودية وحُظر عليهم حظرًا تامًّا استخدامها  أو إخراجها من البلاد.

جوقة يهودية في الإسكندرية (Wikipedia)
جوقة يهودية في الإسكندرية (Wikipedia)

في العراق وقعت حادثة الفرهود في حزيران عام 1941، وهو اسم أطلق على سلسلة من أعمال الشغب التي قُتل فيها 179 يهودي، وأصيب 2,118، وأصبح 242 طفلا أيتامًا وتمّ نهب الكثير من الممتلكات. وبلغ عدد الأشخاص الذين نُهبتْ ممتلكاتهم خلال الفرهود نحو 50,000 شخص. بعد ذلك، عانى سائر يهود البلاد العربية من المذابح: بعد قرار الأمم المتحدة بإقامة دولة يهودية وعربية في 29 تشرين الثاني عام 1947 أقيمتْ مذابح ضدّ يهود عدن، وقُتل 82 يهوديًّا. وقد أقيمت في المغرب بعد إعلان دولة إسرائيل مذابح وجدة وجرادة والتي قُتل فيها 42 يهوديًّا. هذه هي ثلاثة نماذج من بين مواجهات كثيرة أخرى.

يقترح قانون إحياء ذكرى مغادرة وطرد اليهود من الدول العربية أن يتمّ تحديد يوم الثلاثين من تشرين الثاني، وهو اليوم الذي تلا قرار التقسيم في الجمعية العامة للأمم المتحدة في التاسع والعشرين من تشرين الثاني 1947، باعتباره يوم ذكرى مغادرة وطرد اليهود من الدول العربية وإيران. ستتطرّق الكنيست إلى هذا اليوم في نقاش خاصّ، سيختصّ بحالة يهود الدول العربية وحقوقهم.

اقرأوا المزيد: 276 كلمة
عرض أقل