من المعلوم، أن هناك في إسرائيل قانون للتجنّد الإجباري، حيث تنضم أغلب الفتيات اللاتي بلغن الثامنة عشرة (إلا إن كنّ متزوجات أو متديّنات)، إلى الجيش. فأولئك الفتيات، أنهين لتوّهنّ المدرسة الثانوية، في فترة تعد فترة جميلة في حياة كل امرأة- بعد أن انتهى جيل البلوغ غير المريح، وبدأ الجسم يشكّل صورته الأنثوية. وفي هذا الوقت بالذات، يهدم الانضمام للجيش كل شيء.
لقد تحوّلت ظاهرة السمنة في الجيش منذ مدة إلى ظاهرة معروفة في إسرائيل. فكل امرأة تنضم للجيش سيزداد وزنها بالمعدل ما بين أربعة حتى خمسة كيلوغرامات! فهنا من يزداد وزنها أكثر، أو أن ينخفض، لكن قليلا منهن من تنهي الجيش بوزن أقل مما كانت عليه قبل بدء الخدمة العسكرية، أو على الأقل يماثله.
إذًا لم يحدث هذا؟ يعود السبب الأساسي إلى طعام الجيش. رغم الكثير من المحاولات لإرساء انقلاب صحي في الجيش، فبقي الطعام في مطابخ الجيش مُسْمِنا. والحديث عن غرف أكل عليها أن تطعم مئات بل آلافًا من الجنود (الجائعين)، ولذلك يختار الطهاة على الأغلب أكلا سهلا وسريعَ التحضير، وكذلك يختار مسؤولو الميزانيات الأكل الأرخص تكلفة. النتيجة: أكل مُسْمن، مثل رقائق البطاطا، البطاطا، الأرز والمعكرونة (المطبوخة بزيت كثير)، إلى جانب الدجاج وشرائح الدجاج (شنيتسل) (وهي على الأخص غير خفيفة). أجل، تُضاف سلطات وخضار طازجة مقطعة، لكن هذا ليس بديلا، بل كوجبة إضافية.
وأحد الأسباب الأخرى هو ساعات النشاط الكثيرة. فتخدم الكثير من الجنديات في خدمات تتطلب منهن التركيز والتيقظ لساعات طويلة، حيث تستهلكن خلال الورديات شوكلاطة، حلويات ونقارش محلاة تساعدهن على البقاء يقظات.
بينما ينفذ الجنود نشاطات تشتمل تدريبات جسدية مضنية وحارقة للسعرات، تخدم أغلب المجندات (إن لم يكن كلهن) في مهمات “دعم قتالية”، أي، يقضين أكثر ساعات اليوم جالسات أمام أجهزة الحاسوب، الرادارات، أو أي جهاز آخر. ويعود الاختلاف أيضًا إلى أنهن يفعلن ذلك، طبعًا، وهن جالسات.
وبعد يوم طويل ومتعب في المهمات، هل لديهن القدرة على ممارسة التمارين الرياضية؟ فمن الأسهل الجلوس مساءً مع الصديقات في الثُكنة، وشرب المشروبات المحلاة وأكل النقارش.
وإضافة إلى ذلك، فهناك عادات أكل غير سليمة اعتاد عليها الشباب الإسرائيلي في سنوات بلوغه (مثلا، تفضيل تناول البيتسا على السلطة، الطعام السريع الذي يؤدي إلى السمنة بدلا من الخضار والحبوب الكاملة). وكل هذا يتم في عمر يبدأ فيه تبادل المواد في الجسم بالتباطؤ، ويكون الجسم مفعمًا بالهورمونات. فلا عجب أنْ كانت النتيجة لذلك هي السمنة.
إذًا ما يجب القيام به؟
تمت استشارة الكثير من أخصائيات الحمية الغذائية عبر السنوات فيما يتعلق بسمنة النساء الإسرائيليات اللواتي يخدمن في الجيش. ينصح أكثرهن أن تقلل الفتيات من تناول الطعام المقلي والدهني، وأن تكثر من استهلاك الخضار والفواكه، وأن تتنازل قدر الإمكان عن الشوكلاطة والحلوى، وتحاول القيام بتمارين رياضية ثلاث مرات في الأسبوع، على الأقل.
وهذه النصائح صحيحة لكل واحدة منهن، لكنها لا تتعامل مع كل المشاكل “الجانبية”. وينبغي أن يبدأ التغيير من الفتيات نفسهن. وتقرر في قسم من الثكنات أن تُقلَّل كمية الطعام المقدم للجنود والجنديات الغني بالدهنيات، وأن يستبدل بأكل أكثر صحيًّا مثل السكريات الكاملة، الإكثار من الحبوب، والطعام المخبوز بدلا من المقلي.
كذلك، هنالك محاولات لتمرير ورشات عن التغذية السليمة للجنود والجنديات، والضباط والطباخين الذي يقررون سياسة الغذاء، وفي مواقع مختلفة في الجيش، تعمل أخصائية تغذية بوظيفة كاملة. في عدد من الثكنات، افتتحت غرف لياقة بدنية، لتشجيع الجنود والجنديات على القيام بتمارين، والتخفيف عنهم.
ونصيحة أخرى يمكنها أن تساعد ألا وهي تكوين مجموعة بنات تحافظ كل واحدة منهن على وزنها، وتشجع إحداهن الأخرى، وتخرج للتدريبات معًا.
هل سيتغيّر الواقع قريبًا؟ ليس بالتأكيد. فأسطورة النساء اللاتي يزداد وزنهن في الجيش معروفة من زمن طويل، والحقائق تتحدث عن نفسها. رغم إن النساء واعيات لخطر السمنة مع تجنيدهن، فإنهن لا يستطعن مكافحة الواقع ويزداد وزنهن. ومن المحتمل أن يتقلص نطاق الظاهرة تدريجيًّا، لكن الأسطورة الشعبية تبقى ذاتها، وستستمر النكات عن الخلفية المدوّرة للجنديات، على ما يبدو، في تسلية الجنود والمواطنين معًا حتى بعد سنوات.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني