الانتخابات في تونس (AFP)
الانتخابات في تونس (AFP)

تونس: عودة رموز النظام السابق

الاحساس الغلب للانتباه لدى التونسيين هو ان عودة رموز النظام السابق لا تعني عودة النظام السابق بسياساته وشخوصه، فـ"التاريخ يمضي ولا يعود"

يعرف المشهد السياسي التونسي حالة حراك استثنائية، وذلك بمناسبة الإعداد لتنظيم أول استحقاق انتخابي بعد ثورة يناير 2011. وينظر إلى هذا الاستحقاق الانتخابي في الداخل والخارج على أنه سيحدد مستقبل البلاد خلال السنوات القادمة؛ خاصة وأنه يترافق مع حالة ترقب وقلق مجتمعية عامة بسبب الأزمة الاقتصادية وغياب الاستقرار. ولعل أبرز ما يميز هذا الحراك التونسي، الذي يشغل المراقبين والمحلّلين الدوليين، هو العودة القوية لرموز ووزراء نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، و هذه العودة أدّت الى بروز تساؤلات حول نجاح التحول الديمقراطي في تونس.

أحدث مشهد عودة منذر الزنايدي، أحد أبرز وزراء النظام السابق، من باريس بعد ثلاثة سنوات من الإقامة بفرنسا، استفزاز وصدمة لدى قطاع واسع من التونسيين حيث أقيم له استقبال “شعبي” في بهو مطار تونس في قرطاج. وقد سبق الإعداد لهذه العودة عبر تهيئة واسعة للرأي العام، كما حضيت باهتمام إعلامي كبير، خاصة بعد أن أعلن الزنايدي عن الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة. و الزنايدي هو خامس شخصية “كبيرة” من فترة حكم بن علي تعلن عن ترشحها. هذا الأمر عمّق “التخوفات” من إمكانية حكم تونس مستقبلا من قبل أحد “رجالات” بن علي، وبالتالي عودة المنظومة القديمة.

على المستوى الشعبي، أثار ترشح وزراء “الصف الأول” في آخر حكومة قبل الثورة، أي الذين شاركوا في كل حكومات بن علي طيلة 23 سنة، العديد من ردود الأفعال بين رافض لعودتهم للحياة السياسية، باعتبارهم جزء من نظام قامت عليه ثورة شعبية، وطرف أخر مؤيد لهذه العودة بل يرى أنها أصبحت ضرورية لإنقاذ البلاد من حالة التردي التي انتهت إليها بعد ثلاثة سنوات ونصف من ثورة 2011. وفي ذلك احتجاج على عجز حكومات ما بعد الثورة عن تأمين حاجيات الناس، وعن إدارة شؤون البلاد والحكم، نظرا لافتقارها للتجربة والكفاءة الضرورية لمثل هذه المهمة، وهو ما برز بالخصوص أثناء فترة حكم الترويكا بزعامة حزب حركة النهضة الإسلامية.

المرشح الباجي قائد السبسي يصوت  (AFP)
المرشح الباجي قائد السبسي يصوت (AFP)

أما على المستوى السياسي، فان عودة رموز نظام ما قبل الثورة كانت في الواقع سابقة لمرحلة الاعداد للانتخابات. فبعد عامين وسبعة أشهر من سقوط النظام، عاد قيادات حزب التجمع الدستوري الحاكم سابقاً إلى الساحة السياسية. فقدّم الوزير الأول السابق لبن علي حامد القروي طلباً رسمياً للحصول على ترخيص لحزب جديد باسم “الحركة الدستورية،” ويشارك الآن في الانتخابات البرلمانية والرئاسية. كما تنشط أحزاب “دستورية” أخرى يتزعمها رموز ووزراء اشتغلوا مع النظام السابق بل كانوا من أعمدته، على غرار حزب “نداء تونس” بزعامة الباجي قائد السبسي، الذي يعدّ المرشح القوي للرئاسة. إضافة إلى حزب “المبادرة الدستورية” برئاسة وزير الخارجية في عهد بن علي كمال مرجان، الذي له 5 مقاعد في المجلس الوطني التأسيسي.

كما تجدر الإشارة إلى أن هذه العودة تفسر بتمطيط مسار الانتقال الديمقراطي خلال الفترة الانتقالية، وعجز حكومات ما بعد الثورة عن تأمين احتياجات الناس، ويضاف إليها تفجر مظاهر العنف السياسي الذي تطور إلى إرهاب مسلح مارسته جماعات متشددة في “غفلة” أو “تواطؤ” من “حكم الترويكا” بزعامة “النهضة” الإسلامية. أدى هذا الأمر الى التعجيل بإسقاط حكم الاسلاميين بطريقة سلمية عبر رحيل حكومة الترويكا التي جاءت بها “الحالة الثورية”. ومن أبرز سيمات هذا الواقع الجديد بروز دعوات علنية لعودة رموز النظام القديم.

لكن الاحساس الغالب واللافت للانتباه لدى الجميع، بما فيهم رموز ووزراء النظام السابق، هو أن عودتهم لتصدر المشهد السياسي لا تعني “المصالحة” التي تبقى رهينة “الاعتذار” ثم “المحاسبة” ضمن عدالة انتقالية بعيدة عن التشفي. كما أنها لا تعني عودة النظام السابق بسياساته وشخوصه، فـ”التاريخ يمضي ولا يعود،” كما صرح منذر الزنايدي أحد رموز عهد بن علي، وهو من بين العائدين للمشهد.

هنا، يتوجب على رموز النظام القديم، أن يدركوا جيدا بأن عالم ما بعد “الربيع العربي” تغير والى حد كبير عن شكله القديم، حيث وجدت أشكال جديدة وفاعلة وخارج حيز المؤسسات التقليدية. ولا يمكن الاتكاء على الأساليب القديمة وحدها لإنجاز الشرعية السياسية، أو قياس حجم الرضا الشعبي العام.

نشر هذا المقال لأول مرة على موقع منتدى فكرة

اقرأوا المزيد: 585 كلمة
عرض أقل
الباجي قائد السبسي (AFP PHOTO / FETHI BELAID)
الباجي قائد السبسي (AFP PHOTO / FETHI BELAID)

حزب نداء تونس يقول انه لن يحكم البلاد وحده إثر فوزه بالانتخابات التشريعية

الباجي قائد السبسي: "الناس الذين لديهم افكار غير افكارنا نقبلهم ونتحاور معهم ولا نعتبرهم اعداء ليسوا اعداءنا بل منافسينا، ولا اتصور انه بامكاننا تحسين الوضع في اقل من سنتين على الاقل"

اعلن حزب نداء تونس العلماني أنه لن يحكم تونس بمفرده بعد فوزه على حركة النهضة الاسلامية التي حلت ثانية في الانتخابات التشريعية الحاسمة التي أجريت الاحد وقال مراقبو الاتحاد الاوروبي انها اتسمت ب”الشفافة” و”المصداقية”.

وقال الباجي قائد السبسي رئيس ومؤسس حزب نداء تونس في مقابلة بثها تلفزيون “الحوار” التونسي الخاص الليلة الماضية “أنا لا أتحالف مع أحد وإنما أتعامل حسب الواقع”.

واضاف “اخذنا قرارا قبل الانتخابات بأن نداء تونس لن يحكم وحده حتى لو حصل على الاغلبية المطلقة (…) يجب ان نحكم مع غيرنا (…) مع الاقرب الينا من العائلة الديموقراطية، لكن حسب النتائج”.

وسيكون على الحزب الحاصل على اكبر عدد من المقاعد تشكيل ائتلاف ليحصل على الاغلبية (109 مقاعد من 217).

وأقرت حركة النهضة بناء على تقديراتها الخاصة للنتائج، بحلولها ثانية في الانتخابات خلف نداء تونس الذي اعلن “انتصاره”.

وقال المتحدث باسم الحزب زياد العذاري لوكالة فرانس برس ان الفارق بين الحزبين يبلغ نحو 12 مقعدا.

وقال السبسي ان عبارة  “الربيع العربي” هي “اختراع اوروبي”، مضيفا  “ليس هناك ربيع عربي بل بداية ربيع تونسي قد يصبح يوما ما ربيعا عربيا اذا نجح في تونس”

وبحسب تقديرات حزب النهضة فانه حصل على سبعين مقعدا مقابل 80 لنداء تونس. ولم تعلن “الهيئة العليا المستقلة للانتخابات” حتى الان سوى نتائج جزئية لعمليات الاقتراع. ولم يعلن بالتالي حتى الان عن توزيع المقاعد، لكن النظام الانتخابي النسبي بالقوائم يساعد على تمثيل الاحزاب الصغيرة.

وقالت البلجيكية آنمي نايتس أويتبروك رئيسة بعثة مراقبي الاتحاد الاوروبي الاثنين في مؤتمر صحفي بتونس ان “الشعب التونسي عزز التزامه الديموقراطي بفضل انتخابات ذات مصداقية وشفافة مكنت التونسيين من مختلف التوجهات السياسية من التصويت بحرية لمجلس تشريعي وفقا لأول دستور ديموقراطي” في البلاد.

وأضافت أويتبروك وهي عضو بالبرلمان الأوروبي “جرت الحملة الانتخابية على نطاق واسع في هدوء وتمكنت القوائم (الانتخابية المترشحة) من تقديم برامجها بحرية، وقد احترمت عموما معايير الحملة الانتخابية التي ثبت أنها معقدة جدا”.

آنمي نايتس أويتبروك رئيسة بعثة مراقبي الاتحاد الاوروبي (AFP)
آنمي نايتس أويتبروك رئيسة بعثة مراقبي الاتحاد الاوروبي (AFP)

وقال الباجي قائد السبسي في مقابلته مع تلفزيون الحوار التونسي “الناس الذين لديهم افكار غير افكارنا نقبلهم ونتحاور معهم ولا نعتبرهم اعداء (…) ليسوا اعداءنا بل منافسينا” وذلك في اشارة الى حركة النهضة.

وخلال الحملة الانتخابية لم يستبعد الباجي قائد السبسي التحالف مع حركة النهضة بعد الانتخابات.

وشددت حركة النهضة خلال حملتها الانتخابية على ضرورة “التوافق” بين الاحزاب السياسية في تونس بعد الانتخابات.

أما حزب نداء تونس فقد ركز حملته الانتخابية على ابراز ما اعتبره حصيلة “سلبية” لفترة حكم حركة النهضة التي اتهمها بالتراخي في التعامل مع جماعات سلفية جهادية اتهمتها السلطات باغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية وقتل عشرات من عناصر الجيش والشرطة في 2013.

والاثنين اعلن حزب نداء تونس فوزه في الانتخابات التشريعية التي سينبثق عنها أول برلمان وحكومة دائمين في تونس منذ أن اطاحت الثورة في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي هرب الى السعودية.

ويمنح الدستور الجديد الذي تمت المصادقة عليه في 26 كانون الثاني/يناير 2014 صلاحيات واسعة للبرلمان والحكومة، مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية.

وأضاف السبسي إن “تونس في حاجة ملحة للخروج من الوضع (الصعب) التي هي فيه (…) لا اتصور انه بامكاننا تحسين الوضع في اقل من سنتين على الاقل (…) لأن الحالة وصلت الى درجة نهائية” من التردي.

ووعد بـ”ارجاع الدولة” و”الاستقرار” الى تونس التي قال انها تمر بوضع “متدن في كل الميادين” متوقعا ان يساعد الغرب بلاده لكن شرط “وقف التيار الارهابي” .

وقال “نحن لم نعد بشي. الشيء الوحيد الذي وعدت به هو ارجاع الدولة التونسية لاني اعتقد ان كثيرا من مشاكلنا الان والوضع المتدني الذي تمر به بلادنا في كل الميادين (…) الامنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ناجم عن نقص الدولة، الدولة التونسية لم يبق لها حضور”.

وقال ان عبارة  “الربيع العربي” هي “اختراع اوروبي”، مضيفا  “ليس هناك ربيع عربي بل بداية ربيع تونسي قد يصبح يوما ما ربيعا عربيا اذا نجح في تونس”.

واضاف “لا ينقصنا الا السند الاقتصادي، التعليم معمم عندنا، المراة محررة، الطبقة المتوسطة موجودة لا ينقصنا الا السند الاقتصادي”.

والاثنين هنأ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، الباجي قائد السبسي بفوز نداء تونس في الانتخابات.

وتحت عنوان “الروح الرياضية السياسية” قالت يومية “لابريس” التونسية الناطقة بالفرنسية متحدثة عن حركة النهضة إن “الاعتراف بالهزيمة وتهنئة المنافس لا يمكن أن يكون إلا أمرا مريحا ومطمئنا في بلد نجح في انتقاله الديموقراطي”.

راشد الغنوشي: “تونس اليوم رايتها عالية في العالم لأنها البلد الوحيد، الشجرة الوحيدة القائمة في غابة مكسرة في العالم العربي”

وأقام أنصار حركة النهضة تجمعا الليلة الماضية أمام مقر حزبهم احتفالا بـ”العرس الديموقراطي” حضره راشد الغنوشي وعلي العريض الامين العام للحزب الاسلامي. وقال الغنوشي للصحافيين “نهنئ تونس بهذا العرس الديموقراطي الذي بوّأها مرة أخرى موقع الصدارة والقيادة في العالم العربي وجعلها منارة في العالم العربي. نحن نهنئ انفسنا بهذا العرس”.

وخاطب انصار حزبه قائلا “تونس اليوم رايتها عالية في العالم لأنها البلد الوحيد، الشجرة الوحيدة القائمة في غابة مكسرة في العالم العربي”.

وقال علي العريض “نحن ما زلنا اهم ضمانة للحرية والديموقراطية (في تونس) نحن حزب عريق”، بينما هتف أنصار الحزب الذين رفعوا اعلام تونس ورايات حركة النهضة “الشعب مسلم ولا يستسلم” و”أوفياء، أوفياء، لا تجمع لا نداء”.

و”التجمع” هو الحزب الحاكم في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

ويعتبر الاسلاميون نداء تونس الذي يضم منتمين سابقين لحزب التجمع ويساريين ونقابيين  امتدادا للحزب الحاكم في عهد بن علي.

اقرأوا المزيد: 790 كلمة
عرض أقل
تونسيون ينتمون إلى حزب نداء تونس يهتفون بعد فوزهم في الانتخابات التشريعية (AFP)
تونسيون ينتمون إلى حزب نداء تونس يهتفون بعد فوزهم في الانتخابات التشريعية (AFP)

حركة النهضة الاسلامية تقر بهزيمتها في الانتخابات التونسية

اتصل رئيس النهضة راشد الغنوشي برئيس نداء تونس الباجي قائد السبسي لتهنئته بفوز حزبه في الانتخابات التشريعية، بحسب ما اعلنت الاثنين سمية ابنة الغنوشي في تغريدة

أقر حزب النهضة الإسلامي الاثنين بحلول منافسه حزب نداء تونس في المرتبة الاولى في الانتخابات التشريعية التونسية الاحد، وبانه حل ثانيا في هذه الانتخابات الحاسمة في مهد الربيع العربي التي ستمنح تونس اهم مؤسساتها الدائمة اول مجلس شعب في جمهوريتها الثانية.

واتصل رئيس النهضة راشد الغنوشي برئيس نداء تونس الباجي قائد السبسي لتهنئته بفوز حزبه في الانتخابات التشريعية، بحسب ما اعلنت الاثنين سمية ابنة الغنوشي في تغريدة. ونشرت صورة لوالدها يجري اتصالا هاتفيا.

وكان الحزب الاسلامي اقر، بناء على تقديراته الخاصة للنتائج، بان نداء تونس تفوق عليه. وقال المتحدث باسم الحزب زياد العذاري لفرانس برس ان الفارق بين الحزبين يبلغ نحو 12 مقعدا.

وأضاف في تصريحات لاذاعة موزاييك التونسية الخاصة “نهنئهم ليس لدينا اي مشكلة في ذلك”.

وبدا حزب نداء تونس الذي يضم خليطا من رموز النظام السابق والوجوه الوسطية واليسارية، واثقا من فوزه.

وكتب على اعلى صفحة الحزب على فيسبوك منذ صباح الاثنين “انتصرنا والحمد لله .. تحيا تونس”. وكان رئيس الحزب قال مساء الاحد ان لديه “مؤشرات ايجابية” على ان حزبه قد يكون “في الطليعة”.

ولم تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حتى الان سوى نتائج جزئية جدا.

ولم يعلن بالتالي حتى الان عن توزيع المقاعد، لكن النظام الانتخابي النسبي بالقوائم يساعد على تمثيل الاحزاب الصغيرة. وسيكون على الحزب الحاصل على اكبر عدد من المقاعد تشكيل ائتلاف ليحصل على الاغلبية (109 مقاعد من 217). وبحسب تقديرات حزب النهضة فانه حصل على 70 مقعدا مقابل 80 لنداء تونس.

ونشرت هيئة الانتخابات مساء الاثنين نتائج جزئية في ولايتين صغيرتين في الجنوب هما توزر وتطاوين (اقل من 80 الف ناخب) وتعتبران من معاقل النهضة الذي حل فيهما في المقدمة.

زعيم حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي يدلي بصوته في 26 تشرين الاول/اكتوبر 2014 (AFP)
زعيم حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي يدلي بصوته في 26 تشرين الاول/اكتوبر 2014 (AFP)

وقالت الهيئة انها ستنشر باقي النتائج الجزئية تباعا لاحقا.

وبحسب القانون الانتخابي، يتعين على هيئة الانتخابات إعلان “النتائج الاولية” للانتخابات التشريعية في فترة اقصاها الايام الثلاثة التي تلي الاقتراع أي الخميس.

كما يلزم القانون الهيئة بإعلان “النتائج النهائية” خلال فترة 48 ساعة من اخر حكم صادر عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الادارية بخصوص الطعون المتعلقة بالنتائج الاولية.

والباجي قائد السبسي احد اقدم السياسيين في تونس حيث كان تولى مسؤوليات منذ الخمسينات في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة (1957-1987) ثم في عهد الرئيس زين العابدين بن علي (1987-2011). ويعتبر المرشح الاوفر حظا في الانتخابات الرئاسية المقررة في 23 تشرين الثاني/نوفمبر القادم.

وقام نداء تونس بحملة شرسة ضد النهضة واصفا اياها بالظلامية وبالتراخي في التصدي للجماعات السلفية المتطرفة ومركزا على ابراز حصيلة تولي الاسلاميين الحكم في تونس منذ نهاية 2011 وحتى بداية 2014.

وشهدت تونس في 2013 سنة عصيبة شهدت تنامي مجموعات اسلامية متطرفة مسلحة واغتيال اثنين من ابرز القيادات المناهضة للنهضة وازمة سياسية حادة.

وفي نهاية مفاوضات مطولة غادر الاسلاميون وحلفاؤهم الحكم وتم تبني دستور الجمهورية الثانية في 26 كانون الثاني/يناير 2014 الذي حدد تنظيم الانتخابات العامة قبل نهاية العام.

لكن نسبة المشاركة في الانتخابات تراجعت كثيرا عن نسبة المشاركة في انتخابات 2011. وبلغت بحسب معطيات مؤقتة 61,8 بالمئة اي نحو 3,1 ملايين ناخب من اكثر من خمسة ملايين ناخب مسجل واكثر من ثمانية ملايين تونسي في سن التصويت.

وصوت في انتخابات 2011 نحو 4,3 ملايين ناخب تونسي.

ومع ذلك عبر رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات شفيق صرصار عن “ارتياحه الكبير” لنسبة المشاركة بعد حملة انتخابية باهتة تعكس خيبة امل الكثير من التونسيين مع استمرار الفقر والبطالة والتهميش اهم العوامل التي كانت وراء الثورة قبل نحو اربع سنوات.

ورغم مخاوف من حدوث اضطرابات واعمال عنف، فقد جرت الانتخابات دون حوادث تذكر تحت رقابة 80 الف جندي وشرطي.

ويمنح دستور الجمهورية الثانية في تونس منذ استقلالها في 1956، صلاحيات واسعة للبرلمان والحكومة، مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية.

وتهدف الانتخابات التونسية لهذا العام الى تمكين البلاد من مؤسسات مستقرة لولاية من خمس نسوات بعد نحو اربع سنوات من الوضع الانتقالي المتازم سياسيا واقتصاديا وامنيا.

لكن ورغم كل شيء تبقى تونس في اعين المجتمع الدولي والمسؤولين التونسيين، تجسد الامل في نجاح عملية انتقال ديموقراطي في الوقت الذي تغرق فيه معظم دول الربيع العربي في الفوضى والعنف.

واشادت فرنسا بما وصفته بالمحطة “التاريخية” وب “التعلق بالديموقراطية” لدى التونسيين. كما اشاد الرئيس الاميركي باراك اوباما ب “الخطوة المهمة في الانتقال السياسي التاريخي في تونس”.

اقرأوا المزيد: 620 كلمة
عرض أقل
الباجي قائد السبسي (AFP PHOTO / FETHI BELAID)
الباجي قائد السبسي (AFP PHOTO / FETHI BELAID)

هل السبسي هو ماضي تونس أم مستقبلها؟

التخبطات السياسية في مهد الربيع العربي ما زالت تفاجئنا، ونجاح الباجي قائد السبسي يشير إلى تراجع كبير بقوة حركة النهضة

تُعتبر الانتخابات البرلمانية في تونس، التي أُجريت البارحة والانتخابات الرئاسية التي من المزمع أن تبدأ بعد شهر، أهم نقطة تحول في الدولة التي هي مهد الربيع العربي. يبدو أن الثورة التونسية، بعد التقدم الكبير الذي حققه حزب النهضة في الانتخابات السابقة؛ عام 2011 والذي أشار في حينه إلى صعود موجة إسلامية بعد الربيع العربي، تشهد الآن انعطافة حادة أُخرى في طريقها المتعرجة.

كانت نسبة المشاركة الكبيرة بالانتخابات التي وصلت إلى 55% من المعطيات الاستثنائية التي لفتت الانتباه. لا شك أن تحول حزب “نداء تونس” إلى أكبر حزب في البرلمان، متجاوزًا بذلك حزب النهضة، يشير دون شك إلى وجود إحباط متنامِ من طريقة حزب النهضة بإدارة البلاد في السنوات الماضية. تتركز الاتهامات الرئيسية التي توُجه لحزب النهضة في كون أعضاء الحزب عديمي التجربة، وبالضرر الذي تسببت به إدارتهم للاقتصاد التونسي.

حركة نداء تونس هي مجموعة، غريبة بعض الشيء، من الأشخاص. يضم هذا الحزب بين أعضائه سياسيين لديهم أجندات مختلفة ومتناقضة، والقاسم المشترك بينهم هو فقط علمانيتهم

حركة نداء تونس هي مجموعة، غريبة بعض الشيء، من الأشخاص. يضم هذا الحزب بين أعضائه سياسيين لديهم أجندات مختلفة ومتناقضة، والقاسم المشترك بينهم هو فقط علمانيتهم. يمكن أن نجد بينهم من كانوا يومًا الأتباع المخلصين للديكتاتور السابق زين العابدين بن علي، ويمكن أن نرى أشخاصًا ممكن يحملون أجندات اشتراكية ليبرالية – الذين وقفوا معًا ضد أسلمة تونس وحالفهم الفوز هذا الأسبوع. يبدو، على الرغم من ذلك، أنه ليس لديهم الأغلبية وأن عليهم أن يتعاونوا في إطار حكومة ائتلاف.

ربما أن الانتقادات القائلة بعدم وجود خبرة لدى قادة حزب النهضة هو ما يُفسر ذلك الدعم الكبير بقيادة الباجي قائد السبسي، الذي ما يميزه هي خبرته. لا يكفي أن الحديث هو عن قائد عمره 87 عامًا، بل لديه خبرة كرئيس سابق للحكومة الانتقالية عام 2011 وكوزير في حكومة الحبيب بورقيبة. يبدو أن الشعب التونسي يتذكر بشكل إيجابي فترة ولايته كرئيس مؤقت للحكومة خلال عام 2011 لحين وصول حزب النهضة للحكم.

الباجي قائد السبسي يصوت (FADEL SENNA / AFP)
الباجي قائد السبسي يصوت (FADEL SENNA / AFP)

تمتد خبرة الباجي قائد السبسي على طول سنوات عديدة خلال القرن الماضي. بدأ السبسي حياته المهنية كطالب محاماة في باريس في بداية خمسينيات القرن العشرين. ووجد نفسه، عندما عاد إلى تونس، يعمل في أوساط الحزب الحر الدستوري الجديد، وبعد نيل تونس استقلالها عام 1956 أصبح أحد مستشاري الرئيس بورقيبة.

المناصب التي شغلها السبسي لدى النظام التونسي كثيرة ومتنوعة: حتى سنوات الـ 70 شغل منصب مسؤول الحكم المحلي، رئيس إدارة الأمن الوطني، وزير الداخلية، وزير الأمن وسفير تونس في فرنسا.

لم يكن طموحه بتحقيق الديمقراطية في تونس أمرًا خافيًا على أحد. فقد دعا بشكل علني، في عام 1971، بإحداث إصلاحات ديمقراطية في تونس وبعد ذلك استقال من منصبه كسفير في فرنسا عندما لم تتم الاستجابة لنداءاته

إلا أنه على الرغم من ذلك لم يكن طموحه بتحقيق الديمقراطية في تونس أمرًا خافيًا على أحد. فقد دعا بشكل علني، في عام 1971، بإحداث إصلاحات ديمقراطية في تونس وبعد ذلك استقال من منصبه كسفير في فرنسا عندما لم تتم الاستجابة لنداءاته. عاد عام 1981 إلى الحكومة وتم تعيينه وزيرًا للخارجية، ومن ثم سفيرًا في ألمانيا.

الآن، وبعد النتيجة الجيدة في الانتخابات البرلمانية، يبدو الباجي قائد السبسي في نقطة انطلاق جيدة فيما يخص الانتخابات الرئاسية التي ستُقام في نهاية تشرين الثاني. وهذا على الرغم من أن الدستور التونسي الجديد لم يترك الكثير من الصلاحيات لرئيس الدولة والتأثير الكبير سيكون من نصيب رئيس الحكومة.

واجه السبسي خلال الشهر الأخير خلافات مع جهات في حزبه والتي اتهمها بمحاولة إفشال ترشحه للرئاسة ومن المثير أن نرى كيف سيكون تأثير نتائج الانتخابات البرلمانية على الانتخابات الرئاسية. أيًّا كان، يبدو أن هناك في تونس معسكر كبير يُفضل استقرار الحكم السابق على التخبطات الكبيرة التي تحدث خلال السنوات الأربع الأخيرة.

اقرأوا المزيد: 562 كلمة
عرض أقل