إسرائيل ليست معروفة كرائدة في كرة القدم. حتى أن المنتخب لم يشارك في المونديال هذا العام، وبات المشجعون معتادين على الخسارة كثيرا. بالإضافة إلى هذا، عانت كرة القدم طوال سنوات كثيرة من العنصرية، لا سيما فريق “بيتار القدس”، إذ إن انتصار المنتخب في المباريات، أمس الاحد، أدى إلى فرحة مزدوجة.
المنتخب الاسرائيلي في المباراة ضد اسكتلندا (AFP)
أصبح المنتخب الإسرائيلي لكرة القدم، بإشراف المدرب أندي هرتسوغ، بعيدا نقطة واحدة فقط عن التقدم إلى المربع الذهبي (Playoffs) في دوري الأمم الأوروبية، بعد أن تغلب أمس على ألبانيا بنتيجة 0:2. الهدف الذي حققه تومر حيمد في الدقيقة الـ 8 بالتعاون مع الحارس أرئيل هاروش، وكذلك الهدف الذي حققه ضياء سبع في الدقيقة الـ 83، أديا إلى أن يحتل المنتخب المرتبة الأولى من المجموعة الأولى من المستوى الثالث، وتنتظر المنتخب مباراة واحدة في غلاسكو مع منتخب اسكتلندا في العشرين من الشهر القادم، وفي حال حقق المنتخب تعادلا أو فوزا سيتمكن من اللعب في مرحلة “البلاي أوف” في دوري الأمم الأوربية، ومنها تكون الطريقة ممهدة للتأهل ليوريو 2020.
في هذه الفترة، هناك أكبر عدد من اللاعبين العرب في المنتخب الإسرائيلي – في هذه اللعبة شارك أربعة لاعبين وكان أربعة لاعبين على أهبة الاستعداد للمشاركة في اللعبة. كابتن المنتخب هو بيبرس ناتخو، وهو شركسي الأصل، والبقية لاعبين مسلمين.
مشجعو المنتخب الوطني الإسرائيلي (Yonatan Sindel/Flash90)
كرة القدم الإسرائيلية: تسعة عقود من الرياضة والسياسة
كرة القدم والسياسة بالنسبة لإسرائيل، مرتبطتان ببعضهما البعض منذ القِدم: أحبطت سلطات الانتداب البريطاني سنة 1930 نية إسرائيل إرسال منتخبها للمشاركة في ألعاب المونديال؛ في السبعينات، جعلت المقاطعة العربية إسرائيلَ تنتقل من آسيا إلى أستراليا، والآن يحاول جبريل الرجوب أن يُسخّر ألعاب الفيفا لصالح الصراع الفلسطيني
لم تكن السياسة، بالنسبة للإسرائيليين، منقطعة أبدًا عن الحياة اليومية على كافة الأصعدة، بما في ذلك الرياضة. وطبعًا، تُشكل كرة القدم جزءًا من الأمر، وكانت دومًا مرتبطة بالسياسة المحلية والعالمية. أقيمت فرق “هبوعيل” المختلفة التي نشطت وتنشط في أرجاء إسرائيل، على يد الحركة الإشتراكية الإسرائيلية، وليس صدفة أن لون زي فريق “هبوعيل” الأحمر مماثلا للعلم الاشتراكي. أٌقيمت فرق “مكابي” و “بيتار”، بشكل خاصّ، على يد الحركات اليمينية.
لا يزال جزء من الفروقات التاريخية هذه قائمًا حتى يومنا هذا إلى حد كبير. يُعتبر فريق بيتار القدس فريق كرة القدم المُفضّل لدى اليمين الإسرائيلي، ويُعرَف مشجعو الفريق بمواقفهم اليمينية هذه. وهو أيضًا الفريق المُفضّل لدى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وعضو الكنيست أفيغدور ليبرمان، اللذين يُشاهدا مباريات الفريق بين الحين والآخر، ولكن بالأساس في مواسم الإنتخابات.
ليبرمان يشاهد مباراة فريق بيتار القدس (Yonatan SindelFlash90)
في سنة 1929، حاول ممثلو الاتحاد الإسرائيلي إقامة منتخب وطني من أجل المشاركة في ألعاب المونديال الأولى
وقد عمل النظام الصهيوني، منذ عشرينيات القرن الماضي، على تعزيز الرياضة، وفي سنة 1928 أُقيم الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم الذي نشط ضمن إطار ألعاب الفيفا. في سنة 1929، حاول ممثلو الاتحاد الإسرائيلي إقامة منتخب وطني من أجل المشاركة في ألعاب المونديال الأولى، التي أُقيمت في الأوروغواي سنة 1930. ولكن سلطات الانتداب البريطاني، التي سيطرت على البلاد، قاطعت، في ذلك الوقت، منظمة الفيفا التي تأسست من قبل فرنسا، ولذلك لم يتمكن المنتخب من المشاركة في المونديال.
في شهر نيسان عام 1930، تأسس المنتخَب الأول لاتحاد كرة القدم، الذي نشط تحت رعاية الانتداب البريطاني وتكون من ستة لاعبين يهود، لاعب عربي واحد وتسعة لاعبين بريطانيين من فترة الانتداب. لعب المنتخَب ضد فرق محلية مصرية من القاهرة والإسكندرية وقد هُزم بنتيجة 0-5 و 0-2.
صورة مشتركة للمنتخبين الإسرائيلي والمصري عام 1934
يعرف القليل من الأشخاص أنه بتاريخ 16 آذار عام 1934 قد أُقيمت مباراة بين المنتخب الإسرائيلي المكوّن من لاعبين يهود فقط وبين المُنتخب المصري
كما هو معلوم لدى الجميع، هناك معاهدة سلام منذ 36 سنة بين إسرائيل ومصر، ولكن القليل من المواطنين المصريين يجرؤون على دعم وتشجيع مباريات كرة القدم هذه بين المنتخب الإسرائيلي والمنتخب الوطني المصري، عَلَنًا، وذلك بسبب التحفظ العربي الذي لا لبس فيه على التطبيع بكل أشكاله. ولكن، يعرف القليل من الأشخاص أنه بتاريخ 16 آذار عام 1934 قد أُقيمت، وكجزء من المباريات الأولى لمونديال 1934، مباراة بين المنتخب الإسرائيلي المكوّن من لاعبين يهود فقط وبين المُنتخب المصري. لعب المنتخَب المصري، بقيادة النجم محمد مختار من فريق أرسنال القاهرة. في مباراة الإياب، التي أُقيمت في تل أبيب، فاز المصريون مرة أخرى 1-4.
لقد أدت الحقيقة أن إسرائيل تقع في الشرق الأوسط، وأنها مُحاطة بدول عربية ومسلمة، بها، تقريبًا، لتتأهل تلقائيًّا لمونديال عام 1958، وذلك بعد أن رفض منتخب تركيا، إندونيسيا، مصر والسودان المشاركة في مباراة ضدها.
كان من المفروض أن يمنح هذا الأمر إسرائيل المكان بشكل تلقائي في الدوري دون أن تشارك في أية مباريات أولية، ولكن الفيفا قررت أنه لا يمكن لمنتخب أن يتأهل دون أن يشارك في مباراة واحدة، وبحسب القرعة وقع الخيار على أن تتبارى إسرائيل ضد منتخب ويلز، والذي انهى الدوري كنائب في أحد البيوت الأوروبية.
كانت هذه سنوات الذروة بالنسبة لكرة القدم الإسرائيلية: الفوز بكأس آسيا عام 1964، التأهل لدوري كأس آسيا في طهران عام 1968، تأهل لربع نهائي الألعاب الأولمبية في العام ذاته وتأهل وحيد للمونديال عام 1970.
على ضوء الضغط العربي والدولي، والرفض المُستمر للعب ضد المُنتخب الإسرائيلي، في السبعينيات اتخذت الفيفا أحد أغرب القرارات في تاريخها عندما أمرت إسرائيل باللعب في مجموعة أوقيانوسيا، مع دول مثل أستراليا، نيوزيلاند وتايوان – التي تبعد آلاف الكيلومترات عن إسرائيل. تغيّرت هذه الحال في التسعينيات فقط، عندما تم قبول إسرائيل في الاتحاد الأوروبي.
امتعضت جهات إسرائيلية، في التسعينيات، لأن اللاعب العربي الموهوب نجوان غريب لا يُغني النشيد الوطني الإسرائيلي واعترف غريب أنه لا يعرف كلمات النشيد
وما عدا الضغوطات الدولية، عكس المُنتخب الإسرائيلي أيضًا تنوع المجتمع الإسرائيلي المُكون من عرب ويهود، وأيضًا بهذا الخصوص ظهرت ضغوطات وتوترات بين الحين والآخر. كان علي عُثمان، ابن قرية بيت صفافا، أول عربي يرتدي زي المُنتخب الإسرائيلي. ومن ثم جاء كثيرون ومميّزون بعده وكان من بينهم زاهي أرملي، من شفاعمرو، ووليد بدير من كفر قاسم، رفعت ترك؛ من يافا، الذي لعب مع المُنتخب في أولمبياد 1976، عباس سوان الذي أحرز هدف التعادل في الدقيقة الأخيرة في مباراة المُنتخب مع إيرلندا في الدور التمهيدي لمونديال عام 2006، وسليم طعمة ابن مدينة اللد.
إنما كما ذكرنا، أثارت مشاركة أولئك اللاعبين التوترات، لدى الفلسطينيين، الذين قالوا إنه يجب مقاطعة المُنتخب الوطني الإسرائيلي، وبين الإسرائيليين على حدِّ سواء. امتعضت جهات إسرائيلية، في التسعينيات، لأن اللاعب العربي الموهوب نجوان غريب لا يُغني النشيد الوطني الإسرائيلي واعترف غريب بذاته أنه لا يعرف كلمات النشيد.
جبريل الرجوب مع رئيس فيفا سيب بلاتر (AFP)
واليوم، جبريل الرجوب هو الاسم اللامع في عالم كرة القدم الإسرائيلية والذي دفع قُدمًا كل مسألة الحرب الدبلوماسية ضد إسرائيل من خلال الرياضة، عندما دفع نحو خطوة فصل إسرائيل عن الفيفا. يدعي الرجوب أن إسرائيل تُميّز ضد اللاعبين الفلسطينيين، ولا تتيح لهم التحرك بين غزة والضفة الغربية، تُشرك فرقًا من المستوطنات ولا تعمل ضد عنصرية الجماهير.
سوف يُطرح اقتراح الرجوب لفصل إسرائيل للتصويت بعد أقل من أسبوعين، في 29 أيار. وصرّح الرجوب، هذا الأسبوع، لصحيفة “يديعوت أحرونوت” أنه سيُفكر بالتراجع عن هذه الخطوة إن استجابت إسرائيل لطلبات الفلسطينيين. على أي حال، يبدو أن الرياضة الإسرائيلية والسياسة، في الشرق الأوسط، ستبقيان متعلقتان ببعضهما لسنوات قادمة.
أدار وزير الاقتصاد ورئيس حزب البيت اليهودي، نفتالي بينيت، حتى الآن حملة ممتازة للانتخابات. نشر بينيت في الإنترنت مقاطع فيديو عديدة، حظيت بشعبية كبيرة ومشاهدات غير قليلة، وبالإضافة إلى ذلك تكثر استضافته في استديوهات التلفزيون ومهاجمة وسائل الإعلام بشكل كاسح، والتي تعادي حزبه بحسب زعمه، وذلك تحت شعار “لا نعتذر”.
بالإضافة إلى ذلك، فقد وصلت “قضية أوحنا” صباح اليوم إلى نهايتها والتي سيرغب بينيت بنسيانها سريعًا، ويأمل أن ينساها الناخبون أيضًا. بدأت القضية قبل يومين، عندما أعلن بينيت في الأستوديو بشكل مفاجئ أنّ إيلي أوحنا سيترشّح في الحزب، وهو أحد أكبر اللاعبين في تاريخ كرة القدم الإسرائيلية ومدرّب منتخب إسرائيلي حتى سنّ 19.
نفتالي بينيت زعيم حزب “البيت اليهودي” (Flash90)
وقد أثار الإعلان الذي رافقته صور مشتركة لأوحنا وبينيت بالإضافة إلى مقطع فيديو يردّد فيه أوحنا شعارات حزب “البيت اليهودي”، عاصفة كبيرة داخل الحزب وللمرة الأولى في المعركة الانتخابية نقدًا داخليّا وحادّا لبينيت، وأعلن أوحنا صباح اليوم أنّه يسحب ترشّحه.
يعتبر إيلي أوحنا أحد كبار لاعبي كرة القدم الإسرائيليين لكل الأزمنة، وقد تألّق في فريق كرة القدم بيتار القدس، الذي يعتبر اليوم فريقا لديه جمهور عنصري غير مستعدّ بأن يلعب في صفوف الفريق لاعبون مسلمون. ربما كان أحد أسباب ضمّ أوحنا للحزب هو جلب الأصوات من مشجّعي بيتار القدس، والذي يُعدّ واحدا من الفرق التي لديها أكبر جمهور في إسرائيل.
خلال معظم الثمانينيات، تألّق أوحنا في صفوف بيتار القدس، وفاز معه ببطولة إسرائيل، وبعدد من الكؤوس الإسرائيلية. انتقل أوحنا بفضل قدراته العالية للّعب في فريق ميكلين البلجيكي، ووصل في صفوفه إلى إنجاز لم ينجزه أي لاعب إسرائيلي في أي وقت مضى: الفوز بكأس أوروبي (كأس الكؤوس الأوروبية)، كما أنّه كان هو من طهى هدف الفوز في المباراة النهائية.
إيلي أوحنا يفوز بالكأس الإسرائيلي (Moshe Shai/FLASH90)
بعد ثلاث سنوات في بلجيكا، انتقل أوحنا للّعب في سبورتينغ براغا البرتغالي. بعد عام في البرتغال، عاد أوحنا إلى إسرائيل ليلعب في صفوف بيتار، الذي لعب في دوري الدرجة الثانية. صعد بيتار إلى دوري أعلى بقيادة أوحنا، وفاز ببطولة إسرائيل في الموسم الذي تلا ذلك. لعب أوحنا لعدّة سنوات أخرى في بيتار، فاز فيه ببطولتين أخريين، حتى تقاعد عن كرة القدم عام 1999. بالإضافة إلى ذلك، تألّق لعدة سنوات أيضًا في زيّ المنتخب الإسرائيلي لكرة القدم.
يعتبر ولاء أوحنا لبيتار، والذي هو الفريق الإسرائيلي الوحيد الذي لعب فيه، أمرا نادرا في كرة القدم الإسرائيلية بل والعالمية، ويعتبر حتى اليوم واحدا من اللاعبَين الأكبر في تاريخ الفريق، ولاعب يحبّه مشجّعو الفريق. درّب أوحنا بعد تقاعده عددا من الفرق (بما في ذلك بيتار نفسها) دون نجاح كبير، ومنذ العام 2008 عمل كمدرّب للمنتخب الإسرائيلي حتى سنّ 19. وبالتباين مع عمله كمدرّب، يكثر أوحنا من تحليل مباريات كرة القدم ومن الجلوس في استوديوهات كرة القدم المختلفة.
عندما كان لاعبا، لم يخف من التعبير عن آرائه السياسية، والتي كانت دائما متماهية مع حزب الليكود اليميني. كان تواصل أوحنا، الذي نشأ في أسرة فقيرة، مع مشجّعي بيتار، الذين كان قسم كبير منهم أشخاصا فقراء يحملون آراء يمينية، نتيجة طبيعيّة لذلك ولقد رأوا فيه نموذجا للمحاكاة والإعجاب. يبدو أنّ هذا هو أحد الأسباب التي جعلت بينيت يرغب في أن يكون أوحنا ضمن حزبه. بالإضافة إلى ذلك، فقد حدث تطرّف خطير في السنوات الماضية في السلوك العنصري لمشجّعي بيتار، وأعرب أوحنا أكثر من مرة بشكل علنّي عن عدم إعجابه بهذا السلوك.
وفي بيان انسحابه من حزب “البيت اليهودي”، أعلن أوحنا أنّه لم يتوقع بأن يثير انضمامه للسياسة مثل هذه العاصفة. هناك احتمال كبير بأن يكون انسحابه “الطوعيّ” نابعًا من طلب شخصي لبينيت، والذي لم يتوقّع هو أيضًا بأن يثير انضمام أوحنا معارضة كبيرة كهذه داخل حزبه.
وبهذا كما يبدو تصل إلى نهايتها الحياة السياسية القصيرة لأحد لاعبي كرة القدم الإسرائيليين ذوي المسيرة الأكثر تألّقا. وكذلك، فللمرة الأولى منذ بداية حملته الانتخابية الناجحة، يبدو أنّ بينيت أيضًا قد اضطرّ أخيرا للاعتذار.
احتفال المشجعين: قام فربق مكابي تل أبيب لكرة القدم بخطوة أخرى في طريق الـ 32 فرقة الأخيرة في الدوري الأوروبي، في الوقت الذي أكمل فيه جناح كرة السلّة في النادي التأهّل للمرحلة القادمة في الدوري الأوروبي، بعد فوز كبير في مباراة خارجية.
يقترب الدوري الأوروبي من الانتهاء من مرحلة المجموعات، وأجريت يوم الخميس (28 تشرين الثاني 2013) مباريات الدورة الخامسة وقبل الأخيرة، حول العالم. وحين كان الحسم قاب قوسين أو أدنى، رافق الألعابَ توتر كبير، ولم يتم إحراز أهداف كثيرة كما في دورات سابقة. رغم ذلك، هناك في إسرائيل من يمكنه أن يفرح بانتهاء تلك الليلة، وهم مشجّعو نادي مكابي تل أبيب، لفريق كرة القدم وفريق كرة السلّة التابعيّْن له.
سافر مشجّعو جناح كرة القدم بشكل جماعي إلى الجزيرة الجارة “قبرص”، بهدف العودة مع نتيجة التعادل التي سوف تضمن على الأقل بشكل مؤكد الصعود للمرحلة القادمة في الدوري الأوروبي، مرحلة الـ 32 الأخيرة، وفي إطارها يمكنهم الاجتماع مع فرق عريقة والتي سوف تسقط من المركز الثالث في مجموعات دوري أبطال أوروبا المختلفة. انتهت المباراة الأولى أمام “هبوعيل”، والتي أقيمت في إسرائيل، بالتعادل 0:0 ووقّع مشجّعو مكابي على نتيجة مماثلة في لقاء الإياب.
شاهدوا مشجعي مكابي وهم يسيطرون على الجو في مدرّج نيقوسيا:
رغم محاولات كثيرة خلال المباراة، لم يفلح لاعبو المكابي في إحراز أهداف في مرمى القبرصيين. من ناحية أخرى، بقي مرمى “خوان بابلو” الإسباني نظيفا أيضًا، وكما خمّنتم انتهت المباراة الثانية أيضًا بتعادل سلبي دون أهداف. حاليا تقف مكابي في موقع ممتاز تجاه الدورة الأخيرة، والتي ستجرى بعد أسبوعين. إن التعادل في المباراة الأخيرة التي ستجرى في ملعب الفريق أمام بوردو الفرنسي – والذي أظهر هذا الموسم قدرة ضعيفة بشكل خاص – كافٍ لضمان المركز الثاني في المجموعة. ولكن، حتى في حالة الخسارة فإن الأمر منته تقريبًا، في ضوء فارق الأهداف لصالح الصُّفر مقابل نيقوسيا، سيمنع سيناريو لا مبرر له تمامًا المشجعين الصفر من الاستمرار إلى الشتاء الساخن الذي ينشدونه.
لاعب فريق مكابي تل أبيب أمام أحد نجوم فريق “بلجراد” (AFP)
ومن شتاء ساخن، لشتاء أكثر سخونة. يجد فريق مكابي تل أبيب لكرة السلة صعوبة في الواقع في الإطار المحلي وقد سجّل ثلاث خسارات في مبارياتها الثماني الأولى، ولكنه يقوم في الدوري الأوروبي تحديدًا بعمل رائع. وصل الفريق إلى المباراة أمام النجم الأحمر “بلجراد” مع معرفته بأن الفوز سوف يكفي من أجل ضمان الصعود إلى مرحلة “أفضل 16” في بطولة كرة السلة الأكبر في القارة. افتتحت المباراة بطريقة مترددة، ولكن كلما تمسّك لاعبو الفريق الأصفر بخطتهم الأصلية وقاموا بتمرير الكرات للاعب الصدارة العظيم “سوفوكليس شحورتشيانتيس” بدأت الأمور بالاستقرار والتحسّن.
شاهدوا ملخص الفوز الكبير للمكابي في صربيا، أمام قاعة هادرة بالمشجعين المجانين:
كان لاعب الوسط العملاق، الذي يزن نحو 150 كيلوغرامًا، غير قابل للإيقاف وأنهى اللعبة بـ 22 نقطة، معظمها في الغالب من خطوات قريبة من السلة. بفضل قدرته العالية ومبادرات عدد من اللاعبين الآخرين، بينهم نجم الفريق “ديفين سميث”، ولاعب الهجوم الإسرائيلي “جاي فنيني”، نجح فريق مكابي في الفوز 76:78 في قاعة محلية جدًا، أمام أحد أكثر جماهير المشجعين – التي عرفها عالم الرياضة – إخافة وتأثيرا. تأتي المكافأة بطبيعة الحال في شكل المواصلة بالموسم الأوروبي، عميقًا داخل أشهر الشتاء الباردة.
شاهدوا التسديدة على ل الرائعة لـ “سوفو”، والتي تدلّل على قدراته المذهلة:
وراء كل الصفر الذين احتفلوا بعشية رياضية كبيرة، ووراء خسارات مكابي حيفا (خسر 2:0 لصالح “إي زد ألكمار” الهولندي) وجاي لوزون (خسر “ستاندار دو لييج” مرة أخرى، 2:1 لصالح “أسبرج” الدنماركي)، وراء كل ذلك كان هناك ممثّل إسرائيلي إضافي قد تألق أمس مع فريقه: “بيبرس ناتخو”، لاعب خط الوسط في فريق “روبين قازان” الروسي. وصل فريق “ماريبور” السلوفيني كضيف إلى روسيا، واحتاج قازان لنقطة واحدة من أجل ضمان صعوده إلى مرحلة الـ 32 الأخيرة في الدوري الأوروبي، من المركز الأول في المجموعة.
جرت المباراة بشكل سلس حتى الدقيقة 43 حين لوّح ناتخو برجله اليمنى وسدّد بقوة كرة ملتفة في مرمى سلوفينيا، والتي مرّت فوق الحارس وفاجأت الفريق الضيف. قام الفريق المنافس بمعادلة النتيجة في الواقع، ولكن بفضل هدف ناتخو يمكن إقامة الاحتفالات في روسيا المتجمدة. ومن يعلم؟ قد يلتقي في المرحلة القادمة ناتخو وأصدقاؤه تحديدا مع… مكابي تل أبيب؟
فيما يواجه منتخب إسرائيل للكبار صعوبةً أمام منتخبات ضعيفة، ويقدّم كرة قدم ضعيفة للغاية أمام المنتخَبات الجيّدة، فإنّ منتخَب الشباب يبدي قدرته. ظهور ناجح في بطولة أوروبا لمنتخَبات الشباب، التي أقيمت الصيف الماضي في إسرائيل، فتح شهية اللاعبين الشباب. بدأ المنتخَب حملة تصفيات بطولة أوروبا القادمة بابتهاج كبير. والنجم القادم هو مؤنس دبّور، مهاجم مكابي تل أبيب. مع أرقام مذهلة (8 أهداف في 5 مباريات)، فلا عجبَ أنّ الشاب الناصري، ابن الحادية والعشرين، هو حديث الساعة في الرياضة المحلية.
خلال الأسبوع الماضي، دخل صفحات تاريخ كرة القدم الإسرائيلية. وقد فعل ذلك في مباراتَين متتاليتَين، مع رباعية ضدّ النروج (1:4 لإسرائيل) وهدف التقدم ضدّ البرتغال (في مباراة كانت تشويقًا حقيقيًّا، خسر فيها المنتخَب في الدقيقة الأخيرة بنتيجة 3 مقابل 4)، وإبداء قدرات مهاجم منطقة جزاء تقليديّ: جذب لاعبي الدفاع معه، خلق مساحات فارغة، تحديد أوضاع سانحة للتسديد، وركلات حادّة ودقيقة.
شاهدوا دبّور يقود الإسرائيليين إلى تقدّم مفاجئ أمام البرتغال:
لكن مَن هو مؤنس دبّور؟ من أين ظهر في عالم كرة القدم؟ نشأ في قسم الشباب في مكابي الإخاء الناصرة، أحد أبرز الأندية العربية في الوسط العربي في إسرائيل. في موسمه الأول في الدرجة العُليا، موسم 2009/2010، شارك في خمس مباريات فقط، ولم يجِد طريقه إلى الشِّباك. قرّر أنّ عليه إيجاد أسس أخرى للّعب، وانتقل إلى قسم الشباب في مكابي تل أبيب. في نهاية موسم جيّد، رُقّي إلى فريق الكبار التابع للنادي، ليبدأ بإظهار قدراته. في الموسم الأول، سجّل ثمانية أهداف، وساهم في 3 أخرى. في الموسم الثاني، طوّر مهاراته ليسجّل 10 أهداف و5 تمريرات حاسمة في الدوري، ويحرز اللقب.
دبّور يُظهر أنه قادر على التسجيل بالرأس أيضًا، في الطريق للّقب الموسم الماضي:
الصيف الماضي، استدعاه غاي لوزون، مدرّب منتخَب الشباب حينذاك، إلى المنتخَب قُبَيل بطولة أوروبا. لعب أساسيًّا في مباراتَين، في الخسارة أمام إيطاليا والفوز على إنجلترا، لكنه لم يبرز كما في النادي. لذلك، كانت الدهشة شديدة حين عاد من تأخره كمَن أصيب بعيار ناري. فإضافةً إلى الاتّزان المذهل في الحملة الجديدة لمنتخَب الشباب، مزّق شِباك حرّاس الدرجة العُليا 3 مرّات أخرى، ويبدو مصيبًا الهدف بأفضل طريقة.
مثال ممتاز على الإحساس بالمكان الذي يتمتع به المهاجم الشاب، من الانتصار على “عيروني كريات شمونه”:
وكانت الذروة، كما ذُكر آنفًا، الأسبوع الماضي. فقد سبق وشاهدتم الهدف أمام البرتغال، في واحدة من أفضل مباريات المنتخَب في السنوات الأخيرة (رغم انتهائها بالخسارة). وإذا كان هذا أشبه بكرزة واحدة، فإنّ مشاركة دبّور أمام النروج، قبل ذلك بأيّام، كانت أشبه بوجبة كاملة مع كعك، فطائر حلوة، وبقلاوة. فقد كان المهاجم الرائع في كل مكان، سجّل في ختام ألعاب جماعية، وخلق أوضاعًا مريحة للتسجيل. من المعروف أنه حينما يكون بكامل تركيزه، فإنه لا يواجه صعوبة في التغلّب على المدافعين وإيجاد نفسه أمام الحارس وجهًا لوجه.
شاهدوا وابتهجوا بالعرض الرائع لدبّور – رباعية في شباك النروج:
فإلى أين يمكنه الوصول؟ في الجيل الأخير، اختصّ معظم اللاعبين العرب الناجحين في الدفاع (نجوان غريّب وصالح حصارمة)، أو على الأكثر في مركز خطّ الوسط الخلفي (وليد بدير وبيرم كيال). إذا حاولنا تذكُّر مهاجم إسرائيلي بلغ مراتب عالية في كرة القدم المحلية وأظهر ثباتًا، وحظي بتمثيل المنتخَب، فعلينا العودة أكثر من 20 عامًا إلى الوراء، إلى أيّام زاهي أرملي، مهاجم مكابي حيفا وهدّافها التاريخي. لكن يبدو أنّ دبّور يتمتّع بكل الصفات المناسبة على أرض الملعب، مُضافًا إليها التصميم والعزم، لذا تبدو دعوته إلى منتخَب الكبار مسألة وقت لا أكثر.
وفي النهاية، الدليل على أنه يستطيع تهديد الشباك حتى عن بُعد، من الانتصار على أبناء سخنين:
ينظر مشجّعو كرة القدم في إسرائيل إلى الجار الأردني غيرَ مصدّقين: كيف وصل المنتخَب المعروف بضعفه إلى حافة التأهل للكأس العالميّة؟ الطريق المتشعّبة، انقطاع الكهرباء، والحماس المحيط بـ"النشامى"
الشهر الماضي، انتهت حملة متوسطة أخرى للمنتخب الإسرائيلي. يواصل مشجّعو كرة القدم في البلاد التحسّر على الخيبة من مستوى اللّعب المنخفض واللياقة البدنية السيئة للّاعبين، الذين سيشاهدون كأس العالم في البرازيل من بيوتهم. وحين يصوّب المشجّعون أنظارهم نحو الشرق، يصبح الوضع أسوأ. ففيما تخفق إسرائيل في التأهل لبطولة كبرى عبر التصفيات الأوروبية، وحتى للمنافسة في الملحق على التأهُّل، فإنّ الجار الأردني، الذي لم يشارك في كأس العالم في حياته، يظهر قدرة لا بأس بها.
يوم الأربعاء، سيدخل الأردنيون أرضية ملعب “الملك عبد الله” في عمّان محاولين إتمام المهمّة وخلق نبأ مثير بمقياس عالميّ. سيكون في انتظار الأردنيين في الجانب الآخر من الملعب، منتخب الأوروغواي المميَّز، الذي حلّ خامسًا في مجموعة التصفيات الأمريكية الجنوبية، ولذلك سيواجه الأردن، ممثّل آسيا، في مباراتَي ملحق. أمّا مباراة الإياب فستُقام بعد أسبوع بالضبط من مباراة الذهاب، وذلك على ملعب “سنتيناريو” في مونتيفيديو. وسينتظر كلُّ من دييغو فورلان، إدينسون كافاني، ولويس سواريز المنافسَ المجهول.
لا تشارك منتخبات الشرق الأوسط وشبه الجزيرة العربية كثيرًا في بطولة كرة القدم الأهم عالميًّا. فباستثناء المشاركة السعودية أعوام 1994، 1998، 2002، و2006، كانت مصر والإمارات العربية المتحدة (1990)، العراق (1986)، الكويت (1982)، وإسرائيل (1970) آخر الذين حظوا باستعراض قدراتهم الرياضية على المنصة الموقّرة عالميًّا. لكن حتى في المقاييس المتوسطة لكرة القدم الإقليمية، يُعتبَر الأردن منتخبًا ضعيفًا، ضعيفًا جدًّا. ذروة إنجازاته في كرة القدم العالمية كانت الوصول لربع نهائي كأس أمم آسيا عامَي 2004 و2011، حيث خرج أمام كل من اليابان وأوزبكستان. لذلك، فإنّ مجرد كون 180 دقيقة فقط تفصل بينه وبين كأس العالم مذهل حقًّا.
بدأ الأردنيون طريقهم الطويلة نحو كأس العالم في البرازيل في تموز 2011، بعد شهور معدودة من مشاركتهم الناجحة نسبيًّا في البطولة الآسيويّة. وقد كانت قرعتهم في الجولة الثانية أمام النيبال، حيث فازوا بتسعة أهداف نظيفة في الذهاب، وتعادلوا بهدف لمثله في الإياب، لينتقلوا إلى دور المجموعات مع العراق، الصين، وسنغافورة. كان الفوزان على العراق والصين، إلى جانب النقاط الست التي أُحرزت في المواجهتَين أمام سنغافورة، كافية لضمان التأهل لدور المجموعات القادم، بعد مجرّد أربع مباريات. والمميّز خصوصًا في تلك المرحلة كان المهاجم عبد الله ذيب، الذي يلعب في صفوف نادي العروبة في الدوري السعودي.
شاهدوا هدف ذيب الهامّ أمام العراق
في المرحلة الرابعة من التصفيات، كان المنتخب الأردني في مجموعة تضمّ اليابان، أستراليا، عُمان، وغريمه التقليدي، العراق. بعد مباراتَين، بدا وضعُ الأردنيين سيّئًا جدًّا. فبالكاد حقّقوا تعادلًا بيتيًّا أمام العراق، فيما هُزموا بستّة للا شيء أمام اليابان، وبدَوا في الحضيض. لكنّ انتصارَين باثنَين مقابل واحد على أستراليا القوية واليابان جاءا. وفجأة، أصبح النشامى (تعبير يُشير إلى البسالة البدوية الأردنية) أبرز المرشّحين للمنافسة على المركز الثالث المؤهِّل لمرحلة ملحق إضافية (تأهل المنتخَبان اللذان حلّا في المركزَين الأولَين بشكل مباشر لكأس العالم). في الجولة الأخيرة في المجموعة التقَوا بعُمان في مباراة بيتيّة، وفازوا بهدف نظيف من تسجيل أحمد هايل، الذي كان إلى جانب عُدَي الصيفي، من أبرز لاعبي المنتخَب في هذه المرحلة.
في الحقيقة، يكمُن تميّز المنتخَب الأردنيّ في المساهمة الكبرى التي يقدّمها عددٌمن اللاعبين، كلٌّ في توقيتٍ مختلف. ورث المدرّب المصري، حُسام حسن، المنتخَبَ من المدرّب العراقي، عدنان حمد، وتابع الدرب نفسه: كثافة دفاعيّة، عَدو لاعبي الأطراف بأقصى سُرعة لهجمات مرتدّة، والكثير من التصميم، الإقدام، والتضحية. كان أمام حسن، أحد أعظم لاعبي إفريقيا في التاريخ، شهران فقط لتحضير المنتخَب للقاءَي الملحق أمام أوزبكستان، المنتخَب نفسه الذي أطاح بالأردن من كأس آسيا قبل عامَين فقط.
انتهت المباراة الأولى، التي استضافها الأردن، بالتعادل 1:1، بعد أن تقدّم الأردن من هدف للاعب الوسط المُهاجم، مُصعَب اللحّام. بعد أربعة أيّام، خرج تلامذة حسن من غرفة تبديل الملابس إلى أرضية ملعب “بونيودكور” في طشقند. بعد 5 دقائق على الافتتاح، سجّل أنزور إسمائيلوف لصالح أوزبكستان، ليذهب بعيدًا في حُلم مونديال البرازيل. لكن في الدقيقة الثانية والأربعين، أطلق لاعب الوسط سعيد مرجان قذيفة هائلة لا تُصدّ ولا تُردّ من 25 مترًا، سكنت الشباك لتحقّق التعادُل.
المنتخب الأردني لكرة القدم (AFP)
بعد 90 دقيقة، دخلت المباراة الوقت الإضافيّ. في الدقيقة 100، تعطّلت الكهرباء في الملعب، لتُستأنَف المباراة بعد 18 دقيقة. انتهز الأردنيّون وقت الراحة الذي سنح لهم، فعادوا إلى الملعب بطاقةٍ إضافية لينجحوا في الحفاظ على نظافة شباكهم وسَحب أوزبكستان إلى معركة ركلات ترجيح من 11 مترًا. فوّت أوديل أحمدوف ركلة الأوزبكيين الأولى، فيما سجّل الأردنيّون كل الركلات الأربع الأولى حتى يتمكنوا من الحسم في الركلة الخامسة، لكنّ هايل أخطأ الشباك نتيجة الإهمال.
فقط بعد 10 ضربات لكل فريق، وبعد مواصلة الأردنيّين التسجيل في مرمى زوخوروف، أتى الحسم. فإسمائيلوف تحديدًا، الذي سجّل هدف أوزبكستان، سدّد كرة ضعيفة، لتجد الحارس عامر شفيع في انتظارها، فتصدّى لها لتُحسم النتيجة بـ 9 مقابل 8 بركلات الترجيح، في الطريق للمرحلة القادمة الحاسمة حقًّا. سنتابع باهتمام شديد المباراتَين أمام الأوروغواي ونؤازر جيراننا. فرغم الغيرة، نحن مع الحلقة الأضعف…
تلقت الرياضة الإسرائيلية هذا الأسبوع عددًا من الهزائم المخيّبة والمؤلمة. أداء مُخزٍ في كرة السلة أمام بريطانيا وأوكرانيا، عرضٌ فاشل لمنتخب كرة القدم مقابل أذربيجان. إنه وقت حساب الذات!
تام الأسبوع الماضي في إسرائيل الاحتفاء ببدء السنة الجديدة، وفقًا للتقويم العبري. ويلائم الأيامَ التي مرّت مذّاك على منتخبَي إسرائيل في كرة السلة وكرة القدم الوصفُ الديني “الأيام العسيرة” – الأيام التي تفصل بين رأس السنة ويوم الكفّارة، وهي أيام مخصصة للتكفير عن المعاصي وطلب المغفرة، كل من رفيقه، حسب الإيمان اليهودي.
افتتح منتخب إسرائيل في كرة السلة مبارياته في بطولة أوروبا (يورو باسكت) في سلوفينيا بشكل مخيّب جدًّا للآمال. فقد وضعته القرعة في مواجهة منتخب بريطانيا، الذي اعتُبر قبل البطولة الأضعفَ في مجموعته إذ يغيب عنه عدد من أهمّ لاعبيه، مثل لول دينج، الذي يلعب في فريق شيكاغو بولز، من فرق دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين (NBA). رغم ذلك، استصعب اللاعبون الإسرائيليون تنفيذ خطة اللعب، ليجدوا السلات تنهمر عليهم، وليحاولوا ملاحقة البريطانيين طيلة النصف الأول. في النصف الثاني، حسّن الإسرائيليون لعبهم، وتقدّموا بفارق تسع نقاط قبل ثلاث دقائق من انتهاء المباراة. لكنّ عددًا من فقدان الكرات، إهدار رميات الجزاء، والتمريرات العشوائية أدّى بالمنتخب إلى التمديد، الذي فازت بريطانيا في نهايته بنتيجة 75 مقابل 71.
شاهدوا بريطانيا تُدهش إسرائيل:
منذ هذه اللحظة، ثمة من نصح اللاعبين بأن يطلبوا الصفح على أدائهم على أرضية الملعب. تعاظمت هذه المشاعر بعد أن واجهت إسرائيل في المباراة التالية منتخب أوكرانيا، الذي يدربّه المدرب القدير مايك بارتلو. استهانت إسرائيل بالخصم الذي يبدو الكثير من لاعبيه غير رشيقين، رغم وفرة المواهب الشابة والمتجنّس الجيّد، لاعب الارتكاز الأمريكي، بو جيتر. لم تجرِ رياح المباراة، كما يمكنكم التوقع، كما اشتهت السفن الإسرائيلية. تقدّم الأوكرانيون منذ مرحلة مبكرة غيرَ ناظرين إلى الخلف. وأبدى عمري كسبي، نجم المنتخب الإسرائيلي الذي يلعب في صفوف يوستن روكتس في الـ NBA، ويوجيف أوحايون، لاعب ارتكاز مكابي تل أبيب، قدرات متواضعة، لتنتهي المباراة بفوز أوكرانيا بنتيجة 74 مقابل 67.
شاهدوا خطف الكرة والتسجيل الحاسم لمكسيم كورنيينكو:
لا شكّ أنّ المباراة أمام فرنسا، أحد أقوى المنتخبات في البطولة، لم تكن ما تتمناه إسرائيل. فطوني باركر، أحد أفضل لاعبي الارتكاز في العالم في العقد الأخير، يقود المنتخب الفرنسي ويملي وتيرة لعبٍ مرتفعة. وفيما كان يُتوَقَع من إسرائيل تحقيق النصر في مباراتَيها الأوليَين، ففي هذه المباراة كانت موازين القوى واضحة من البداية، وأصبحت أكثر جلاءً خلال المباراة. فدون أيّ جهد خاص، قاد باركر باثنتَي عشرة نقطة وألكسيس أجينسا بثلاث عشرة نقطة، مجهودًا جماعيًّا رائعًا أسفر عن فوز منتخبهما على إسرائيل بنتيجة 82 مقابل 63.
شاهدوا ناندو دي كولو يرسل كرةً سريعة إلى نيكولاس باتوم الذي يسدّد من الجوّ:
وإذا لم تكن هذه الهزائم الثلاث المتتالية كافية لتعكير جوّ عيد رأس السنة، فقد تكفّل بذلك منتخب إسرائيل لكرة القدم، الذي استضاف يوم السبت منتخبَ أذربيجان. ورغم أنّ إسرائيل لم تنجح في الانتصار في مباراة الذهاب، التي جرت العام الماضي في العاصمة الأذرية باكو واكتفت بالتعادل بهدف لهدف، فإنّ معظم مشجّعي كرة القدم كانوا واثقين من أنّ أبناء المدرّب إيلي غوتمان سيفوزون على الأذريين بسهولة ليحافظوا على احتمالات التأهل إلى مونديال البرازيل الصيف القادم. فنصف لاعبي إسرائيل يلعبون في الدوريات الأوروبية، وأمام الجمهور البيتي في الملعب الوطني في رمات جان، يُفترَض بلاعبين أمثال مؤور مليكسون، بيبرس ناتخو، وليئور رفائيلوف أن يصنعوا الفارق.
دودو أوات (JACK GUEZ / AFP)
أثبت الواقع، بالطبع، أن لا قيمة للأسماء، إن لم ترافقها لياقة في اللعب وحافز قوي. قد لا يمتلك لاعبو وسط أذربيجان – التي يدربّها أسطورة كرة القدم الألماني، بيرتي فورجس – المهارات التقنية كلاعبي الوسط الإسرائيليين، لكنهم كانوا أكثر اندفاعًا وقاتلوا على كل كرة. لم يُكثِروا من الهجوم، لكنهم أظهروا عيوب أسلوب اللعب الإسرائيلي. وأرعب رهيد أميرغولييف منتخب غوتمان بتسجيله هدفًا رائعًا من مسافة 30 مترًا في الدقيقة الحادية والستين. أكثرت إسرائيل من إرسال الكرات بعد تأخرّها، وعادلت النتيجة في الدقيقة الثالثة والسبعين (بقدمَي إيتي شختر)، لكنّ هذا كان قليلَا جدا، ومتأخرًا جدًّا. أحبط التعادل آمال إسرائيل في بلوغ كأس العالم، لتستمر سلسلة الأيام العسيرة لمشجعي الرياضة الإسرائيلية، الذين سيفضّلون، فيما يختص بكرة القدم على الأقل، تجاهل وجود مباراة أخرى (يوم الثلاثاء، أمام روسيا القوية في سانت بطرسبرغ).
شاهدوا أميرغولييف يسدّد كرة رائعة إلى شباك دودو أوات:
http://youtu.be/ToISWl68y7M
بعد أن سار الزملاء في منتخب كرة القدم على نفس الدرب، وخيبوا الآمال هم أيضًا، عاد منتخب كرة السلة إلى سكّة الانتصارات. أفيك نسيم، المدافع العريق الذي لم يحظَ أبدًا بتقدير هواة كرة السلة في إسرائيل، أخذ المباراة على عاتقه، سجّل 23 نقطة، وقاد المنتخب للفوز على بلجيكا بنتيجة 87 مقابل 69. لكن رغم الفوز والقدرة المحسّنة، فإنّ إسرائيل لا تحتاج أفيك نسيم فقط، بل عدّة عجائب للتأهل إلى الدور القادم، بما فيها فوز على ألمانيا وخسارة بلجيكا أمام فرنسا. رغم كل خيبات الأمل التي جلبوها لنا هذا الأسبوع، نقدّم لهم تحية.
المدرّب غاي لوزون يحطم أرقامًا قياسية في بلجيكا خلافًا للتوقعات
لقد وصل إلى ستندارد لييج مجهول الهوية تمامًا، ولكن ثلاثة أشهر كانت كافية لغاي لوزون، المدرّب الشاب، ليتحول إلى أشهر من نار على علم. أحد عشر انتصارًا متواصلا واحتفالات مبالغ بها غيّرت كل شيء
قبل أقل من 100 يوم، عُرف اسم المدرب الجديد في النادي الراقي البلجيكي ستاندرد لييج. صحيح أن قليلين من المشجعين البلجيكيين كانوا يعرفون غاي لوزون، إلا أنه بعد افتتاح المدرب الإسرائيلي الرائع للموسم – تحول إلى أحد أصدقاء المدينة. يمكن أن نفهم لماذا: 11 فوزًا في 11 مباراة؛ المرتبة الأولى في الدوري البلجيكي، من دون تلقي حتى هدف واحد (!)؛ وارتقاء سلس إلى مرحلة المجموعات في الدوري الأوروبي. كل هذه الأمور تعرض فقط الوجه المهني لنجاحه. لوزون هو شخصية ملوّنة، وهو ينجح في مشهد كرة القدم المبتذل في خلق اهتمام لدى وسائل الإعلام، في الملعب وخارجه.
إذن من هو غاي لوزون بالفعل؟ وماذا فعل حتى لمع في سماء كرة القدم البلجيكية؟ في سن 38 سنة لديه سيرة ذاتية مليئة بشكل خاص. لقد تم تعيينه مدربًا رئيسيا في فريق مكابي بيتح تكفا في سن 26 سنة، وبالأساس بفضل قرابته العائلية من مدراء النادي ومالكيه: عماه، عاموس وآفي لوزون. بعد 6 سنوات، كان قد سجل خلالها مشاركة في نهائي كأس الدولة وفي مرحلة المجموعات في الدوري الأوروبي، حصل لوزون على فرصته في نادٍ أكبر وأكثر احترامًا في إسرائيل – هبوعيل تل أبيب. على الرغم من أنه قاد النادي إلى نجاح نسبي في أوروبا، اضطر إلى الاستقالة في أعقاب الفشل في الدوري الإسرائيلي وتابع طريقه من هناك إلى بني يهودا. بعد إنهاء سنتين ناجحتين، وبتشجيع من عمه آفي، رئيس اتحاد كرة القدم في إسرائيل، تقلد منصب مدرب المنتخب الأولمبي الإسرائيلي. بعد أن تسنى للجميع في إسرائيل أن يعرفوا حالات الجنون لدى المدرب ذي العلاقات، كانت فرصته لينكشف على عالم كرة القدم الدولية.
شاهدوا غاي لوزون يستعد ليورو المنتخبات الشابة الذي أقيم في إسرائيل:
لقد نجح منتخب لوزون في البطولة، والذي كان يُعتبر ضعيفًا في الدوري، في إحراز تعادل أمام النرويج وهُزمت هزيمة نكراء أمام إيطاليا. وصل المنتخب إلى اللعبة الأخيرة أمام إنجلترا باحتمالات ضئيلة جدا للارتقاء، وقد أنهى المنتخب بالفعل طريقه في الدوري. غير أن فوزًا 1:0 صغيرا (ومثيرًا للدهشة) كان كافيا للوزون لكي ينطلق إلى أرض الملعب و”يسرق” الاهتمام من مُحرز الهدف، أوفير كرايف. بالمناسبة، هذه لم تكن المرة الأولى التي كانت احتفالاته تغطي على الأهداف ذاتها.
شاهدوا لوزون وهو مصاب بالجنون بسبب هدف لا أهمية له أحرزه منتخب الشباب الإسرائيلي:
http://youtu.be/9enRMysT8tE
في نهاية الدوري، تفرّغ لوزون لمنصبه الجديد في لييج. كانت نقطة انطلاقه منخفضة بشكل خاص: المشجعون لم يعرفوه وسخروا من المالك، رولان دوشطاله، الذي وعد من جهته بمستقبل باهر مع المدرب الذي سيدفع الشباب قدمًا، وسخرت وسائل الإعلام من تعيينه مدرب لا تجربة له في المستويات المرتفعة في كرة القدم الأوروبية، لوزون نفسه لا يتحدث الفرنسية، الهولندية ولا حتى الإنجليزية. وفيما عدا لاعبين إسرائيليين – دودو بيطون وطال بن حاييم – لا يجد أية لغة مشتركة مع أفراد الفريق. إنه يستعين بمترجم، ولكنه سرعان ما أثبت أن كرة القدم هي لغة شمولية، وما يحتاجه هو أن يعرف كيف يتوجه إلى اللاعبين.
شاهدوا لاعب الوسط، يوني بوينس، يروي عن إرشادات الفيديو الخاصة بلوزون:
وافتتحت لييج الموسم كهبوب العاصفة. فوز على مخلين (2:0) وليارسا (3:0) تم تلقيهما بالشكوك، ولكن حين قاد لوزون لاعبيه إلى فوز (2:0) على غنك القوية وفي ملعبها، بدأ الشك يختفي. منذ ذلك الحين كان هناك فوزان آخران في الدوري، عل لوبن (1:0) ومونس (2:0)، وتحول المدرب الإسرائيلي المفاجئ إلى شخصية محبوبة بشكل خاص. إحدى المذيعات طلبت أن يوقع لها على كرة المبارة بعد الفوز على لوبن، وبدأ المشجعون يغنون له أغاني في المدرج، وحتى وسائل الإعلام بذلت جهودها وبحثت عن الإطراء الأكثر دقة للمدرب الذي وصل من لا مكان وهو يبث الجنون في كرة القدم البلجيكية. على فكرة، لقد وعدتكم بسوء تصرف آخر من قبل المدرب في الملعب، وها هو لم يتأخر في المجيء. بعد أن أحرز كانو البرازيلي الهدف الثاني أمام مونس، ركض إلى دكة الاحتياط ليحتفل مع لوزون. كان واثقًا من أن لوزون لن يركض معه إلى داخل الملعب…
شاهدوا كانو المنذهل ولوزون المجنون:
http://youtu.be/kHpKxnZAcJg?t=3m50s
إضافة إلى النجاح في الدوري، قاد لوزون لييج أيضا إلى مرحلة المجموعات في الدوري الأوروبي، حيث ستنتظهره هناك رد بول زلتسبرغ النمساوي، ألفسبورغ السويدي وأسبايرغ الدنيماركي. ضمّت الطريق إلى هناك ستة انتصارات متواصلة، وزيارات إلى آيسلندا (3:1 في اللقاءين أمام كي آر)، اليونان (2:1 في كل واحدة من المبارتين أمام سانتي) وبلاروس (2:0 في ملعب دينامو مينسك و 3:1 في المباراة البيتية). بعد الفوز الأخير مباشرة، وهو الفوز الحادي عشر على التوالي منذ تعيينه مدربًا، تجمع اللاعبون حوله وسكبوا عليه ماءً باردًا، في إطار الاحتفالات بالارتقاء إلى المرحلة التالية في الدوري الأوروبي. ولكن قبل ذلك، حظي بأكبر اعتراف بالجميل – من الجمهور ذاته. هل سينجح في إبقاء لاعبيه يتمتعون بالتركيز؟ هل سيحصل على فرص كثيرة للاحتفال والتعبير عن شخصيته الملوّنة؟ أعدكم بأنني سأتابعه وسأروي لكم إحدى أكثر القصص إثارة في كرة القدم الأوروبية.
لوكا مودريتش (R) من كرواتيا يحارب اللاعب وليد بدير(L) على الكرة (AFP)
وداع أسطورة كرة قدم إسرائيلية
حان الوقت لنقول إلى اللقاء لبدير، الذي تحول إلى مدافع ولاعب وسط بارز، فاز بخمس بطولات وخمس كؤوس دولة، ووفر ذكريات لا يمكن نسيانها لمشجعي كرة القدم في إسرائيل
أحد وعشرون موسمًا، خمس بطولات، خمس كؤوس دولة وحتى مغامرة خلف البحار. اعتزل وليد بدير، لاعب فريق هبوعيل تل أبيب في المواسم الثمانية الماضية، في الصيف الأخير، كرة القدم وخلف تراثا محترما وذكريات كثيرة وجيدة بين أوساط كافة مشجعي كرة القدم في إسرائيل. تم أمس (الأحد)، قبل مباراة افتتاح الموسم بين هبوعيل تل أبيب وأبناء سخنين، إجراء احتفال وداع رسمي ومثير للمشاعر للاعب.
وقد احتفل بدير في شهر آذار المنصرم بعيد ميلاده التاسع والثلاثين. لقد بدأ مسيرته في فريق الشبيبة في هبوعيل كفر قاسم، مسقط رأسه. منذ جيل 14 سنة، استحوذ على اهتمام هبوعيل بيتاح تيكفا، بعد أن تميّز في مباراة بين فريقي الشبيبة في الناديين، ولعب في خط الهجوم. مع مرور السنوات انتقل للعب في خط الوسط الخلفي، وكان معروفًا بأنه معرقل ناجح وكان يبسط النظام في وسط الملعب. وقد ارتقى إلى فريق البالغين في العام 1992، واحتل مكانًا دائما في تشكيلة فريق هبوعيل بيتاح تيكفا، في السنوات السبع التالية، وقد سجل 192 مباراة وأحرز 22 هدفًا. منذ بداية طريقه، كان المشجعون يعتبرونه “لاعبا من كل قلبه”: لاعب ينفذ العمل الأسود عوضًا عن لاعبين آخرين ويقدم كل ما لديه دائمًا. إن دخوله إلى قلوب المشجعين قد زاد فضلا لهدف أحرزه في إحدى مباريات الديربي الأولى التي شارك فيها، أمام مكابي بيتاح تيكفا.
شاهدوا هدف وليد بدير الفتى، في ديربي بيتاح تيكفا:
في العام 1999 فاجأ عالم كرة القدم الإسرائيلية ووقع عقدا مع نادي ويمبلدون من البريمير ليغ، الذي عُرف في تلك السنوات بلاعبيه “الملوّنين” الذين يكادون يصلون إلى حد الجنون. على الرغم من الأداء الجيد الذي أبداه، وتم إشراكه في 21 مباراة، إلا أنه واجه صعوبة في الانخراط في الجو الخشن وقرر العودة إلى إسرائيل في نهاية الموسم ذاته. لقد أبقى ذكرى لمشجعي ويمبلدون على شكل هدف أحرزه في أولد ترافورد أمام مانشستر يونايتد.
مع عودته إلى إسرائيل، انضم إلى صفوف مكابي حيفا، وشكل في السنوات الخمس الأولى عاملاً هامًا في الفريق الذي فاز بأربع بطولات دوري. ناهيك عن النجاح الباهر الذي حققه في الإطار المحلي، كان بدير شريكًا في إحدى الحملات الأوروبية الناجحة التي خاضها فريق إسرائيلي ذات مرة، حيث ارتقت حيفا إلى مرحلة البيوت في دوري الأبطال، وسجلت فيه انتصارات كبيرة على أوليمبياكوس اليوناني ومانشستر سيتي، بنتيجة مشابهة – 3:0. وقد لعب بدير ما مجموعه مئتان واثنتان من المباريات مع الخُضر الحيفاويين، وسجل 44 هدفًا – وهو رصيد جميل جدا بالنسبة للاعب خلفي مهمته الرئيسية هي كبح هجمات الخصم. ويتذكر المشجعون العريقون هدف الـ “وولا” الرائع الذي أحرزه أمام مكابي تل أبيب في موسمه الثاني في النادي، والهدف الذي أحرزه أمام روزنبورغ النرويجية، إذ حاولت حيفا الارتقاء إلى دوري الأبطال للمرة الثانية على التوالي.
شاهدوا بدير يطلق صاروخا عن بُعد ليسكن في الشباك مباشرة:
وهدف كاد يوصله إلى دوري الأبطال:
وفي العام 1997، كانت له أول مباراة بين صفوف منتخب إسرائيل، في مباراة وُدية ضد منتخب بلروس. طيلة عقد كامل كان ركنّا هاما في المنتخب، وحتى أنه لعب أحيانا كمهاجم، كما كان في صباه. سجل 74 مباراة في صفوف المنتخب، في فترة كادت ترتقي فيها إسرائيل إلى المونديال واليورو. لقد ترك بصمته على عدّة أهداف رائعة، وخاصة الرأسيات. كانت أقصى ذرواته حين وصل إلى تصفيات مونديال 2006. وقد استضافت إسرائيل فرنسا، التي وصلت لاحقا إلى نهائي كأس العالم، وبعد تأخر إسرائيل بنتيجة 1:0، في الدقيقة 83، رفع الظهير الأيسر، أدورام كيسي، كرة عرضية مرت فوق رؤوس جميع المدافعين. ركض بدير باتجاه الكرة وضربها برأسه بسرعة فائقة، بطريقها إلى حارس المرمى المشهور، فابيان بارتيز.
شاهدوا رأس وليد الذهبي الرائع:
في العام 2005، أعلن عن انضمامه إلى صفوف هبوعيل تل أبيب، حيث لعب في الفريق في المواسم الثمانية التالية، والتي ودعه مشجعوه أمس بدموع الفرح والحزن – على ما كان وانتهى. بسبب سنه، قرر مدربوه نقله إلى موقع المدافع، حيث يمكنهم هناك استغلال تجربته الكبيرة ورؤيته للّعب، بهدف التعويض عن السرعة في الحركة التي كانت تميزه كلاعب شاب. وقد سجل من هذا الموقع فصلا رائعا في مسيرته، حيث أضاف خلاله إلى خزينة كؤوسه بطولة دوري أخرى وخمس كؤوس دولة. تم تعيينه قائدًا للفريق، وحظي بتقدير كبير لقاء قدراته المهنية وقدراته على القيادة، على أرض الملعب وخارجها.
استمعوا إلى الأغنية التي ألفها مشجعو هبوعيل تل أبيب:
لقد تميزت سنواته في زيّ الحُمر بالنجاح على الحلبة الأوروبية، عندما عزز فريق هبوعيل تل أبيب موقعه وارتقى ثلاث مرات إلى مرحلة المجموعات في الدوري الأوروبي. في العام 2010 أضاف إنجازًا آخر وكان أول لاعب إسرائيلي يشارك في دوري الأبطال بين صفوف ناديين مختلفين. لن تكون مفاجأة، إذًا، أن نعرف أن 91 مباراة له في الأطر الأوروبية تشكل رقمًا قياسيًا إسرائيليًا رائعًا، وهي تُضاف إلى مرتبته الثالثة في قائمة أصحاب الأرقام القياسية في دوري الدرجة العليا في تاريخ الدوري.
شاهدوا الهدف الذي أحرزه بدير في الفوز على خيتافي الإسباني في الدوري الأوروبي:
من المؤكد أن الأوصاف ومقاطع الأفلام القصيرة التي عرضتها أمامكم سوف تعرّفكم على شخصية بدير المميزة: لاعب يبذل جهدا في كل لحظة؛ لاعب كرة قدم ذو ركلة ممتازة خارج منطقة الجزاء ومهارات دفاعية من الدرجة الأولى؛ قائد يصغي إليه كافة اللاعبين ولا يرفع صوته، لا في التدريبات ولا في المباريات؛ شخصية دمثة يطمح إلى الانخراط في تدريب الأولاد والشبيبة، حيث يمكنه هناك أن يساهم بخبرته وأحاسيسه القوية.
لذلك، ليس من المفاجئ حين بدأت أنباء اعتزاله كرة القدم، منذ أكثر من سنة، كان مشجعو فريق هبوعيل تل أبيب ينشدون له: “ابقَ، ابقَ”. وقد بقي موسمًا آخر بالفعل، في أعقاب أناشيد المشجعين، واعتزل بعد أن أكمل 359 مباراة في الفريق، أحرز خلالها 33 هدفًا. وكان مسك ختام مسيرته الكروية مباراة ضد فريقه الأسبق، مكابي حيفا، ولا يمكنه ألا يعتزل بشكل أرقى من هذا الشكل…
شاهدوا المشجعين يتوسلون أمامه كي لا يعتزل:
شاهدوا الهدف الأخير الذي أحرزه بدير، قبل لحظة من اعتزاله كرة القدم:
تم هذا الأسبوع افتتاح الدوري الفرنسي في نهاية الأسبوع، وكذلك موسم كرة القدم لثلاثة إسرائيليين: المهاجمان إليران عطار من فريق ريمس وعيدن بن بسات من طولوز، ولاعب الوسط الأمامي مئور مليكسون من فلنساين. في الوقت الذي دخل فيه عطار كلاعب تبديل فقط في الدقيقة الـ 70، ولم ينجح في منع الخسارة أمام ران بنتيجة 1:0، فتح مليكسون وبن بسات اللعب بتشكيلة فريقيهما في “الديربي” الإسرائيلي الأول في هذا الموسم، حيث استضيف طولوز لدى فلنساين.
بدأت المباراة بمحاولات من قبل الطرفين للهجوم بكرات طويلة، غير أن الفريقين لم يبديا أداءً حسنًا بشكل خاص. في الدقيقة 36، حدث تحول هام في المباراة، إذ اخترقت كرة طويلة دفاع طولوز واضطر فاوروس سبايتش، لاعب الدفاع الصربي إلى ارتكاب مخالفة في صندوق الجزاء لمنع هدف محقق من قبل فلنساين. وقد شاهد حكم المباراة الحدث، أخرج بطاقة حمراء لسبايتش وأشار إلى نقطة الجزاء.
بالنسبة لبن بسات، كانت هذه الخطوة إشارة إلى نهاية المواجهة، لأن مدربه اضطر إلى التبديل وتعزيز الدفاع بظهير إضافي؛ أما بالنسبة لمليكسون فقد كانت هذه هدية من السماء – فرصة لإحراز هدف “جزاء” وتسجيل باكورة من الأحلام في اللعبة. مليكسون هو لاعب وسط متفوق، بدأ اللعب في الدوري الفرنسي في منتصف الموسم الماضي – بعد سنتين ناجحتين في فيسله كراكوف من قمة الدوري البولندي – وهو معروف بإبداعه الكبير الذي يبديه في اللعب. غير أن من يعرفه عن قرب أيضا، ورأوه يحرز أهدافا ويمرر لإحراز أهداف رائعة في بولندا، لم يتوقع خطواته القادمة.
شاهدوا مليكسون يهزم حارس مرمى طولوز ويحتفل بافتتاح الموسم بالكثير من الستايل (0:48 دقيقة في الفيلم):
http://www.youtube.com/watch?v=AzCTc7hOT2Y
توجه مليكسون إلى الكرة بلياقة، داعبها بنعومة وركلها لتقفز بحركة دائرية إلى مركز المرمى، على يمين حارس المرمى المنذهل. لقد شاهد الكرة وهي تجتاز خط المرمى، استدار وركض نحو الجمهور المتحمس للاحتفال معه. وقد أخذ لاعب الوسط الموهوب والمتفوق مخاطرة كبيرة على عاتقه: لو شعر حارس المرمى بالخطوة الذكية، لكان سيحوّل اللاعب الإسرائيلي إلى نكتة في الدوري، منذ أسبوعه الأول. ولكن خلال عفوية المباراة من الصعب – بل ومن المستحيل – تخيل إمكانية ركلة “بننكا”.
ولكن من أين جاءت فكرة استغلال ركلة الجزاء من 11 مترًا لمصلحة قفزة ضعيفة للكرة إلى مركز المرمى؟ صحيح أنه من الناحية الجمالية يجري الحديث عن هدف رائع بشكل خاص. وبالفعل، فإن حراس المرمى يميلون إلى اختيار زاوية، يُمنى أو يُسرى، والقفز باتجاهها بكل قوتهم. غير أنه ما زالت هناك وجبة من الثقة ورباطة الجأش بهدف إخراج هذه الخطوة إلى حيز التنفيذ. كان أول من فعل ذلك، وأطلق اسمه على الركلة، هو أنطونين بننكا، لاعب منتخب تشيكوسلوفاكيا. في نهائي بطولة أوروبا للعام 1976، التقى منتخبه مع منتخب ألمانيا الغربية. بعد انتهاء 120 دقيقة، كانت نتيجة اللقاء 2:2، وتوجه الفريقان لإنجاز الركلات الترجيحية. حين كانت النتيجة 4:3 لصالح التشيكوسلوفاكيين، توجه بننكا إلى الكرة، ركلها إلى الوسط ورأى سف ماير، حارس المرمى الألماني الأسطوري، يقفز إلى الزاوية اليسرى من مرماه. دخلت الكرة بسهولة وتم تسجيل بننكا في كتب التاريخ كـ “نابغة” وكـ “مجنون”.
شاهدوا الـ “بننكا” الأصلية، التي منحت لقبا تاريخيا لتشكوسلوفاكيا:
مليكسون لم يكن الأول. منذ تلك الركلة التي أنجزها بننكا، حاول كثيرون تقليد الأسلوب وإحراز أهداف بلياقة. وقد استغل زين الدين زيدان، أسطورة كرة القدم الفرنسية، ركلة الجزاء التي تم إعطاؤها لمنتخبه في نهائية كأس العالم
في العام 2006، أمام المنتخب الإيطالي، وأرسل كرة مقوّسة بسلاسة باتجاه وسط المرمى. لم يتوقع جيانلوايجي بوفون، أحد أفضل حراس المرمة وأكثرهم دقة في العالم، أن “زيزو” سوف يجرؤ على استغلال الحدث لمثل هذه الألعوبة. لقد مد جسده على العشب، باتجاه الزاوية اليمنى، ورأى الكرة تمر من فوقه وتنغرس في العارضة، في طريقها إلى الشبكة الداخلية.
شاهدوا زين الدين زيدان يرسل كرة قوسية فوق بوفون في نهائيات كأس العالم في ألمانيا:
عمليًا، منذ أن قلد زيدان النابعة التشيكوسلوفاكي، كان يبدو أنه في كل دوري هناك من يحاول التألق وترك بصمته على عالم كرة القدم عن طريق الانضمام إلى النادي الراقي لمن يركلون ركلة “بننكا”. وكان هذا سبستيان أبراو، في كأس العالم الذي أجري في جنوب أفريقيا في العام 2010، المهاجم البديل في الأرغواي، الذي تغلب على غانا في ربع النهائي، بركلة قفزة مصممة؛ في ربع نهائي اليورو 2012، خاطر أندريه بيرلو البالغ من العمر 33 عامًا، وحين تأخر فريقه بنتيجة 2:1 أمام إنجلترا، في خضم معركة ركلات ترجيحية هامة لم يسبق لها مثيل – انضم إلى النادي المحترم. أثارت ركلته ثقة الإنجليز، الذين بدءوا يفوّتون الركلات وتم إبعادهم عن مواصلة الدوري.
شاهدوا الكلاسيكا لبيرلو:
كان هناك أيضًا، بالطبع، من أخطأ في حالات مشابهة. لحسن حظهم، التاريخ يحب أن يتذكر النجاحات وليس الفشل. مئور مليكسون شريك في هذا الحظ. سوف يسطع نجمه في المواقع الرياضية التي تغطي أحداث الدوري الفرنسي وقد ربح نقاطا لصالحه في معركة مشجعي كرة القدم الجميلة عامة، ومشجعي فلنساين بشكل خاص. السؤال المثير للاهتمام هو ما الذي سيحدث في المرة القادمة التي سيتوجه فيها لركلة جزاء: هل سيركل بقوة إلى إحدى زاويتي المرمى، برفعة أو على الأرض، أم أنه سيجرب حظه مرة أخرى ويخاطر بتلقي انتقادات لاذعة. لأن “بننكا” هي رائعة وذكية، إن نجحت. حين تفشل، فإن كل المشاهدين في الملعب سيشعرون بالارتباك وسيشفقون على اللاعب. فيما يلي مثالين لمحاولات فاشلة للاعبين من الدرجة الأولى في العالم.
نيمار يفوّت هدفًا في مباراة ودية لسنتوس، فريقه السابق. لحسن حظه، فاز فريقه في المباراة في نهاية الأمر.
فرنشسكو توتي، أسطورة روما، حاول أيضا إحراز “بننكا” وفشل: