منذ سنوات طويلة كان التمويه أحد العوامل المهمة جدًا في ميدان المعركة. من ينجح في التمويه عن نفسه يتمتع بأفضلية رائعة في كونه يرى ولا يُرى، ويستطيع أن يشاهد العدوّ بل والإضرار به دون أن يلاحظه. وكلّما تطوّرت التكنولوجيا الحديثة، كلّما تزايدت إمكانيات التمويه. تستطيع المنظومة التي بيد الجيش الإسرائيلي تحويل كل جسم – تقريبًا – حتى لو كان دبّابة ليست قابلة للكشف.
لم يكن التمويه في الماضي ممكنًا بالمرة، فقد اعتادت جيوش العالم على القتال في الصفوف بحيث يرتدي الجنود زيّا موحّدًا ومثيرًا للإعجاب، والمصمّم لردع العدوّ. فضّل المقاتلون معرفة بعضهم البعض في ظروف الظلام، وليس الاختفاء عن العدوّ. وسرعان ما فهم المقاتلون أنّ ما يسهّل عليهم التعرّف على بعضهم البعض يسهّل أيضًا على العدوّ.
مصدر إلهام التمويه العسكري هو بالطبع الطبيعة، والتي توفر نماذج مفيدة، سواء للدفاع أو للهجوم. فعلى سبيل المثال، فإنّ عنق الأسد يمكّنه من التحرك بين الشُجيرات دون أن تلاحظه الفريسة، وأن يسبب الضرب بشكل مفاجئ تمامًا. وتستخدم خطوط الحمار الوحشيّ أيضًا للتمويه الدفاعي، مما يسبّب للمفترس بأن يختلط عليه الأمر وألا يفرق بين حمار وحشيّ وآخر. شاهدوا على سبيل المثال هذه الوعول وهي تموّه عن نفسها في الصحراء على صخرة الجبل:
الوعول تموّه عن نفسها في الصحراء (Wikipedia)
يحاكي التمويه العسكري الأكثر شعبيّة التمويه الموجود في الطبيعة، ويركّز على الاندماج مع المكان. يرتدي الجنود سُترات للتمويه وزيّا يصعّب على المُشاهد عملية التفريق بينهم وبين البيئة. وفي الكثير من الأحيان يرتدي الجنود أغطية رأس، قبّعات أو أغطية جسم مرقّطة أو ذات لون بنّي – أخضر من أجل إرباك المشاهد وإيجاد وهم بصري.
وفي أحيان أخرى يغطي المحارب نفسه بالنباتات، بطريقة تصعّب التعرّف عليه أكثر. التمويه مهمّ بشكل خاصّ إزاء القنّاصة، والذين يحتاجون إلى تحقيق أكبر قدر من الدقّة دون قلقهم حول ما إذا كانوا سيتعرّضون للخطر. وبطبيعة الحال، فإنّ المركبات العسكرية كذلك والدبابات، الجيبات بل والطائرات والمروحيّات يتم طلاؤها بألوان خضراء وبنّية مصفرّة كي لا تبرز في الحقول أو في الأراضي الصحراوية.
من السهل أن تقوم بالقنص وأنت مستتر بين الشجيرات (IDF)
نريد التركيز على التمويه الكلاسيكي لمقاتلي الميدان، وهناك بعض المبادئ لمثل هذا التمويه. قبل كل شيء، كما ذكرنا، يجب الحرص على استخدام لون ليس بارزًا عن البيئة. ثانيًا، يجب إزالة كلّ شيء يمكنه أن يبرز أو أن يتألّق لمسافات كالساعة، الأقراط، القلائد والمجوهرات المختلفة.
ثالثًا، يجب الحرص بقدر المستطاع على عدم الظهور كشخصية إنسان، وإنما كشُجيرة بشكل أكبر، صخرة أو شجرة. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الجندي المستتر أن يحاول بألا يبرز من خلال الارتفاع، وأن يبقى قريبًا قدر الإمكان من الأرض. وفي النهاية، ربّما كنتم ستُفاجؤون حين تعلمون بأنّ أحد الأمور الأكثر تسهيلا على العدوّ في الكشف عنكم هو ما تتركونه في الميدان. يحرص المقاتل المستتر على عدم إبقاء شيء خلفه: فضلات الطعام، آثار الأقدام على الأرض، بل وحتّى البول والبراز لا ينبغي إبقاؤهما في الأرض. إليكم النماذج:
يموّه هؤلاء الجنود اليابانيّون أنفسهم ومركباتهم (AFP / KAZUHIRO NOGI)
حين ننظر من بعيد، سيبدو كلّ رأس وكأنه صخرة (IDF)
بعد بناء ملجأ آمن، يستطيع جنود “جولاني” أن يرتاحوا بسلام (IDF)
حين يأتي المساء، لن يُلاحظه أحد (Flash90)
هذا جندي من وحدة “جبعاتي” قرّر أن يتحوّل لشُجيرة (IDF)
من المستحسن الحرص على ماكياج مناسب (AFP/SVEN NACKSTRAND)
لون السيارة يصعّب الكشف عنها (IDF)
ماذا ترون؟ (IDF)
هذه ليست شجرة، هذا جندي (IDF)
يبدو كصخرة؟ انظروا جيّدًا أكثر (IDF)
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني