وزير الخارجية كيري ومارتين إنديك (State Department photo)
وزير الخارجية كيري ومارتين إنديك (State Department photo)

هل تلقّى المبعوث الأمريكي رفيع المستوى أموالا من قطر؟

في الولايات المتحدة تمّ الكشف عن أنّ معهد الأبحاث "‏Brookings‏" حظي بمساهمة ضخمة من قطر، والذي حصل على الشيك بشكل شخصي ليس سوى مارتين إنديك، الوسيط الأمريكي للمحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين

ما هي موثوقية معهد الأبحاث الشهير “‏Brookings‏” في واشنطن؟ وعلى نحو أوثق: ما هي دوافع من كان مبعوث الإدارة الأمريكية لمفاوضات السلام، مارتين إنديك؟

كشف مقال في صحيفة “نيويورك تايمز” أنّ معهد الأبحاث تلقّى خلال السنة الماضية مساهمة ضخمة من قطر، بقيمة 14.8 مليون دولار. ووفقًا لتقرير آخر، فقد تمّ تمرير المساهمة عن طريق مارتين إنديك بشكل شخصيّ.

أظهرت صحيفة “التايمز” التفاصيل حول علاقات قطر المتشعّبة بمعاهد الأبحاث والسياسات في واشنطن بشكل غير واضح، وبدلا من ذلك ركّزت تحديدًا على النرويج، ولكن الدخول إلى التفاصيل يكشف بأنّ العلاقة بين “‏Brookings‏” وقطر هي أبعد بكثير من مجرّد مساهمة ضخمة لمرة واحدة. يملك المعهد الأمريكي ثلاثة فروع فحسب خارج الولايات المتحدة: في الصين والهند، وهما قوتان على نطاق عالمي، وفي قطر.

نقلت الصحيفة عن موظف سابق في الفرع القطري زعمه بأنّه في الوقت الذي تم قبوله في المعهد قيل له بأنّ عليه الامتناع عن انتقاد الدولة المضيفة. وقد علّق المعهد في ذلك الوقت على أن الحديث عن موظف مؤقت غادر منذ زمن طويل وأنّه ليس هناك أيّ دليل على أقواله.

مارتن إنديك، الرئيس عباس وصائب عريقات (ABBAS MOMANI / AFP)
مارتن إنديك، الرئيس عباس وصائب عريقات (ABBAS MOMANI / AFP)

تم إجراء مقابلة مع رئيس المعهد في القناة التلفزيونية المحافظة ‘‏FOX‏’ وزعم أنّ الباحثين في المعهد مستقلّون تمامًا، وأنّ تحديد الجهات والأفراد المساهمين ليس له حتى تأثير غير مباشر على محتوى المقالات وأوراق المواقف.

ومع ذلك، فإنّ مراجعة عشوائية للتقارير حول قطر وحماس تُظهر نتائج مختلفة قليلا: قبل عدّة سنوات تم نشر ورقة موقف تعرّف السياسة القطرية باعتبارها إشكالية بالنسبة للأمريكيين، ولكن وعلى النقيض من رأي الكاتب، والذي كان هو أيضًا في مكانة مؤقتة في المعهد، فقد نشر عدّة باحثين آخرين مجموعة كبيرة من الوثائق التي تصف أدوار ومساهمات قطر الفريدة من نوعها في المنطقة. كان عنوان أحد المقالات “الربيع القطري”، وتناول مقال آخر “العلاقات القطرية الأمريكية كوسيلة لتغيير الشرق الأوسط”.

يثير السياق القطري تساؤلات أخرى وكبيرة بشكل خاصّ بشأن نزاهة مارتين إنديك، الذي كان خلال تسعة أشهر صاحب القرار بين إسرائيل والفلسطينيين. بعد وقت قصير من تركه لمنصبه ألقى إنديك باللّوم على إسرائيل بانهيار المحادثات مع الفلسطينيين.

ومع ذلك، يتعيّن على المرء الآن أن يتساءل عن دوافع إنديك السرّية في الوقت الذي كان يتراكض فيه بين الجانبَين. يتساءل لي سميث، الكاتب الكبير في صحيفة نيويورك تايمز، بسخرية في أحد المقالات التي كتبها: “هل تلقّى إنديك الشيك قبل أن يكون وسيطا أم بعد ذلك؟ وربّما وصل المال القطري إلى حساب ‘‏Brookings‏’ فقط بعد أن ألقى مارتين إنديك خطابا، أجرى مقابلات واتّهم من فوق كلّ منبر إسرائيل بفشل المفاوضات؟”.

اقرأوا المزيد: 379 كلمة
عرض أقل
رئيسة الحكومة الإسرائيلية غولدا مئير  (AFP)
رئيسة الحكومة الإسرائيلية غولدا مئير (AFP)

رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية: “يجب منح مصر وسامًا على الغش في الحرب”

في مؤتمر خاص عُقد في تل أبيب، ادعى من شغل في حينه منصب قائد شعبة الاستخبارات العسكرية، إيلي زعيرا، أن وزير الأمن موشيه ديان قد قدّر أن مصر على وشك شن حرب منذ 5 تشرين 1973

إن ذكريات حرب تشرين (6 أكتوبر 1973) محفورة عميقًا في الذاكرة الجماعية الإسرائيلية، كانكسار أدى إلى نتائج تلك الحرب القاسية. وقد احتفلوا في تل أبيب هذا المساء في مؤتمر خاص تابع لمعهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، بالسنة الـ 40 على مرور الحرب.

كان من بين المتحدثين في المؤتمر، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أثناء حرب تشرين، إيلي زعيرا، الذي كشف وجهًا جديدا لعملية اتخاذ القرار عشية الحرب مدعيًا أن وزير الأمن في حينه، موشيه ديان، كان واعٍ للمفاجئة التي يحضرها السادات قبل أقل من يوم واحد من نشوب الحرب، وأنه كان قلقًا من السؤال كيف يتم تجنيد الاحتياط “توصل ديان في تلك الأيام إلى نفس الاستنتاج تقريبا: المصريون يريدون الهجوم، وهم يريدون أن يكون ذلك مفاجئًا. ليست لدي أية فكرة لماذا اعتقدوا أن الحرب ستبدأ في الغد، في يوم الغفران. الحديث الذي نشأ لم يتمحور حول ما إذا ستنشب حرب، بل كيف يجب تجنيد الاحتياط” ادعى زعيرا.

عبور قنال السويس (Wikimedia)
عبور قنال السويس (Wikimedia)

وادعى زعيرا أيضا أن اللقاء مع وزير الأمن قد تم تحديده بعد تلقي معلومات في ليلة يوم الخميس (4 أكتوبر) حول إخلاء المستشارين الروس، وقام بنقلها على جناح السرعة إلى رئيس الأركان ووزير الأمن. على حد أقوال زعيرا، طلب ديان، كونه كان واثقا من نشوب الحرب، عقد لقاء مع رئيسة الحكومة غولدا مائير. قال فيه لغولدا “إنه يجب تحضير القوات لحرب يوم الغفران”. وأضاف قائلا: “لدينا أنباء باحتمال أكبر وأنباء حول عبور القنال مائة بالمائة’”.

غولدا مئير وموسيه ديان خلال الحرب (Knesset)
غولدا مئير وموسيه ديان خلال الحرب (Knesset)

واعترف زعيرا أيضا قائلا: “يجب أن نمنح مصر وسامًا على الغش في الحرب”، إذ تطرق إلى مسألة تفعيل الوسائل الاستخباراتية الخاصة في الحرب.

وتحدث رئيس الموساد في فترة الحرب، تسفي زمير، هو أيضا في المؤتمر وقال إن أنباء ذات قيمة كانت بحوزة شعبة الاستخبارات العسكرية لم يتم نقلها إلى القادة. “اتضح لي في ذلك الوقت أنه لا توجد في شعبة الاستخبارات العسكرية أي تعاليم تفعيل”، أشار زمير. واتهم: “وصل نبأ استوعبوه، هذا مكتوب في الكتب. من بلد عربي إلى بلد عربي، على يد رجل عسكري، وهو يشرح لماذا يخلي الروس رجالهم من مصر إلى سوريا، ويقول أن هذه حرب. لم يتم نشر هذا النبأ. لقد استغرق أفراد شعبة الاستخبارات العسكرية عشر ساعات ليقرروا كيف ينشرون النبأ. هذا نبأ لا يمكن تأجيله. هذا نبأ تحذير”.

وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال موشيه ديان (AFP)
وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال موشيه ديان (AFP)

وقد روفق النقاش الذي دار في القاعة بين زعيرا وزمير بهتافات مقاطعة من الجمهور الذي كان حاضرا في قاعة المؤتمر. يجدر الذكر أن الشخصيتين الكبيرتين في الاستخبارات آنذاك، زعيرا وزمير، قد تواجدتا للمرة الأولى على نفس المنصة منذ قدّم زعيرا دعوى ضد زمير بالتشهير في العام 2005. وقد جاءت الدعوى بعد أن توجه زمير إلى المستشار القضائي للحكومة، بطلب لفتح تحقيق جنائي ضد زعيرا، الذي كشف في مقابلة أجراها في العام 2004 عن هوية العميل المصري أشرف مروان، الذي حذر من مغبة شن الحرب.

في شهر تموز 2012، أعلن المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشطاين رسميًا عن إقفال ملف التحقيق ضد زعيرا من دون تقديم لائحة اتهام. وقد أقرت لجنة أغرنات، التي حققت في الفشل الاستخباراتي في فترة ما قبل الحرب، أن زعيرا قد فشل في وظيفته، ونتيجة لذلك اعتزل الحياة العسكرية في العام 1974.

اقرأوا المزيد: 476 كلمة
عرض أقل
المعهد العربي للتخطيط
المعهد العربي للتخطيط

معاهد الأبحاث العربية مهتمة أكثر بإسرائيل

تظهر معاهد الأبحاث العربية التي نشأت في ظل أنظمة تسلطية، اهتمامًا متزايدًا بجوانب مختلفة اجتماعية وسياسية في إسرائيل

تظهر ورقة موقف نشرها مؤخرا كمال علي حسان، باحث زميل في متفيم، المعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية الإقليمية، امتدادًا جديدًا وواضحًا فيما يختص بازدهار معاهد الأبحاث في العالم العربي في أعقاب “الربيع العربي”.

فعلى حدّ تعبيره، تتحول معاهد الأبحاث الجديدة شيئًا فشيئًا إلى دفيئة في مجال تطوير المحادثات وتبادل المعرفة حول قِيَم ديمقراطية ومدنية. فممثلوها يعملون على إيضاح، تحليل، ومتابعة التغيّرات في الشرق الأوسط، ويبدون اهتمامًا متزايدًا بجوانب مختلفة تتصل بالمجتمع والسياسة في إسرائيل.

ويشارك ممثلو هذه المعاهد في مناسبات ومؤتمرات هامة في العالم وفي بلدان الشرق الأوسط. ويدلّ هذا الواقع على التغيّر الدراماتيكي في نظرة الدول العربية إلى نفسها وإلى الآخر.

بدأت معاهد الأبحاث العربية تنمو في ظل أنظمة تسلطية، وخدمت كأداة بين يدّي السلطات لمنحها الشرعية. عام 2011، شمل التصنيف العالمي السنوي لمعاهد الأبحاث 6545 معهد بحث في العالم. 323 منها (5%) موجودة في دول الشرق الأوسط. 113 من معاهد البحث في الشرق الأوسط موجودة في دول غير عربية – إسرائيل، إيران، وتركيا. أما المعاهد المائتان والعشرة الباقية فموجودة في العالم العربي، ومعظمها موجود في خمس دول: 34 معهدًا في مصر، 29 معهدًا في العراق، 28 معهدًا في فلسطين، 18 معهدًا في تونس، و16 معهدًا في الأردن. ويوضح حسان أنّ هذه المعطيات تشير إلى “غياب الدعم من جانب الحُكّام، والقمع المتواصل للمثقفين ومنع عمليات الدراسة والبحث في الشؤون الداخلية، ما أدّى، بين أمور أخرى، إلى إخفاقات في التنبؤ بأحداث الربيع العربي نهاية سنة 2010”.

رغم ذلك، تزداد حاجة المنظمات، المعاهد، والمثقفين العرب إلى الشراكة في تعزيز إجراءات “الدمقرطة”، البحث، والمعرفة بين مجتمعات الشرق الأوسط. ويدرك مثقفون عرب أنّ هذا الواقع يمكن أن يسهم في قابلية التنقل الاجتماعية وفي تطوير مجتمعات أكثر ديمقراطية في نفس الدول التي تشهد نمو مجتمع مدني ومعاهد أبحاث.

ويذكر حسان بعض الأمثلة على معاهد أبحاث عربية شهيرة، مثل المبادرة المشتركة للأمم المتحدة مع دولة الكويت لإقامة المعهد العربي للتخطيط (API) عام 1966، والتي دفعت دولًا في المنطقة إلى المبادرة لإنشاء معاهد أبحاث وفقًا للنموذج الغربي، ما تجلى في الأهداف، النشاطات، والتوجهات العلمية للتعامل مع شؤون داخلية، ولاحقًا مع قضايا استراتيجية وإقليمية أيضًا. جراء هذه المبادرة، أنشئ عام 1980 المعهد العربي لإنشاء المُدن (AUDI) في السعودية. ويخدم المعهد أكثر من أربعمائة مدينة عربية في اثنتَين وعشرين دولة في الشرق الأوسط.

وعدا الشؤون الداخلية، أو نشر الأفكار والأيديولوجيات العربية المشتركة، عُنيت معاهد الأبحاث كذلك بقضية إسرائيل والحاجة إلى فهم المجتمع الإسرائيلي المجاور. عام 2012، وفقًا لحسان، أعلن مركز دراسات الشرق الأوسط – الأردن، الذي أقيم في المملكة الأردنية عام 1991، عن نشر الترجمة العربية الأولى للتلمود البابلي، في إطار هدفه الذي يقضي بالتعرّف إلى الرواية التاريخية والتراث اليهوديَين. وكان مشروع الترجمة، الذي وُصف كأحد أهم المشاريع في القرن الحادي والعشرين، نتاج عمل دؤوب لعشرات الباحثين من شتى الاختصاصات لنحو خمس سنوات، وعُدّ اختراقًا كبيرًا في العالم العربي من حيث معرفة الآخر في المنطقة.

يُذكَر أنّ عدد المعاهد ازداد بشكل كبير بعد الثورات في العالم العربي مطلع 2011. بالمقابل، شرعت معاهد أبحاث من فترة ما قبل الثورات في عمليات تغيير جذرية، سواءٌ في التنظيم، أو في ماهية وجودة الدراسات. وأحد أهم معاهد الأبحاث في العالم العربي هو مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في مصر. أقيم المركز عام 1968، وركّز على الصراع العربي الإسرائيلي. بدءًا من عام 1972، توسّع نشاطه ليشمل دراسة قضايا دولية مع التشديد على قضايا العالم العربي. ونشر المركز أكثر من 150 كتابًا، وهو يضمّ طاقمًا من نحو 35 باحثًا فقط. وصُنّف المركز بين أفضل خمسين معهد أبحاث في العالَم. منذ الثورة، يختبر المركز تغييرات جذرية وإعادة تنظيم. وبدأ المركز في آذار 2012 عملية تنسيق وإعادة بلورة، عبر ضمّ عاملين جدد من بين الشبان.

د. عزمي بشارة مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (AFP)
د. عزمي بشارة مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (AFP)

كما أدى تطور معاهد الأبحاث إلى إقامة المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. عام 2011، أُنشئ المركز برئاسة د. عزمي بشارة، الذي يدير مكاتب المركز من قطر في الخليج العربي. ويضمّ طاقم المركز 51 باحثًا ومترجمًا، إضافةً إلى محللين سياسيين وكُتّاب أوراق مواقف ومقالات ثابتة تُنشر في الموقع وتُعرَض في المؤتمرات. ويشكّل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني أحد المواضيع المركزية لأبحاث المركز، وبين الذين يكتبون عنه باحثون ومثقفون فلسطينيون من إسرائيل.

إنّ حجم الدراسات في معاهد الأبحاث العربية وجودتها آخذة في الازدياد بفعل القضايا المتعددة المطروحة على بساط البحث جرّاء أمواج الاحتجاجات. ويدّعي حسان في ورقة الموقف التي كتبها أنه “يرى في هذه المعاهد رغبة ومساعي عديدة لإعادة تعريف أهدافها وعملها، ودمج قوى شابة ومختصة جديدة، تشكّل قوة هائلة في العالم العربي في يومنا. كذلك، أضحى الاستعداد للتعاون مع باحثين إسرائيليين جزءًا من الحديث في العالم العربي. ففي مؤتمر أقيم في المغرب برعاية جامعة سيراكيوز من نيويورك، التقيتُ بأكثر من عشرين باحثًا عربيًّا، اقترح بعضهم أو حتى دَعَمَ إجراء دراسات مشتركة مع معاهد أبحاث ومثقفين إسرائيليين”.

اقرأوا المزيد: 723 كلمة
عرض أقل