كان من المفترض أن يكون معرض “ليست هناك ألعاب للأطفال” في “ياد فاشيم” (متحف يخلّد ذكرى الهولوكوست في القدس) معرضا مؤقتا، يعرض للزوّار الصغار مقتنيات طفولية، دمى، ألعاب ورسومات من مجموع الأغراض في المتحف. تم أخذ اسم المعرض من كتاب المؤلف يانوش كورتشاك “قوانين الحياة”. وقد تم افتتاحه عام 1996 لثلاثة أشهر فقط، ولكنه معروض منذ 17 عاما على التوالي، ربما لأنّه من المؤلم إغلاق جناح ينجح إلى درجة كبيرة في إثارة عواطف الزوار من جميع الأعمار. تُعرض في المعرض قصص لأطفال حول ألعاب لعبوا بها في الهولوكوست، كانت بديلا عن آبائهم وأمهاتهم، أو نسجوا من خيالهم، إلى جانب الدمى، ألعاب العلب ورسومات الأطفال.
كتب في الكتالوج لدى افتتاح المعرض: “بخلاف معارض أخرى متعلقة بالهولوكوست، لا يركّز هذا المعرض على التاريخ، الإحصاءات أو أوصاف العنف الجسدي. في هذا المكان، تمثّل لعب الأطفال، الألعاب، الأعمال الفنّية، اليوميات والأشعار المعروضة هنا جزءًا من القصص الشخصية للأطفال، وهي توفّر بذلك لمحة عن حياتهم خلال الهولوكوست. أصبحت الدمى والدباديب جزءًا لا يتجزّأ من حياة الأطفال الذين حملوها خلال الحرب. في كثير من الحالات، رافقت الألعاب أولئك الأطفال خلال الحرب وشكّلت مصدرا رئيسيا للراحة والرفقة. بالنسبة لبعض الأطفال، كانت الدباديب والدمى المقتنيات الأهم التي بقيت معهم لدى انتهاء الحرب”.
يهوديت عنبر مع دمية دبدوب من رومانيا، تصوير إميل سلمان، هآرتس
بعد نصف عام سيتم إغلاق المعرض العريق. سيتم عرض جزء من المعروضات فيه بالإضافة إلى العديد ممّا تمّ جمعه خلال السنين واحتُفظ به في الأرشيف في جناح للمعارض في ياد فاشيم، والذي سيُقام فيه معرض أكثر اتساعا. سيهتمّ المعرض ليس بالألعاب والإبداع فحسب، بل بكل عالم الأطفال في فترة الهولوكوست. ولكن يبقى للمعرض القديم سحره الخاص، وهذه المقالة هي شكل من أشكال الفراق عنه.
هناك الكثير ممّا يمكن تعلّمه من الهولوكوست. إنّ عالم الأطفال عالمٌ إبداعيّ ومثير للإعجاب وفيه الكثير من القوى والتفكير الفريد
تم أخذ الكثير من تلاميذ المدارس الثانوية في إسرائيل لزيارته خلال السنين وليس بالضرورة أنهم قد خرجوا منه حزينين. إلى جانب المعروضات تم وضع مكتبة لكتب الأطفال في موضوع الهولوكوست وفيها أيضا دفاتر وأدوات كتابة. “حافظنا على الدفاتر. معظم الأطفال يكتبون حين يشعرون بالمتعة، لقد تأثروا وكانوا يرغبون بالعودة”، هذا ما تقوله يهوديت عنبر، أمينة المعرض ومديرة متاحف ياد فاشيم، والتي أجرت في الشهر الماضي جولة خاصة في مجموع مقتنيات ومعارض الأطفال القديمة، بمشاركة زوار من صناعة الألعاب في إسرائيل، مخترعين، محاضرين، مصمّمين، مختصّين بالألعاب وأبناء الجيل الثاني والثالث من الناجين من الهولوكوست.
تضيف عنبر: “ربما يكون هذا المعرض الأكثر قسوة مما يمكن التفكير فيه، ولكن ليس هناك أي شيء مخيف فيه. على المستوى الأولي هذه ألعاب قديمة للأطفال. كانت ابنتي في الثامنة حين جاءت لمساعدتي في الصيف في العمل بمتحف ياد فاشيم. وقالت بخصوص هذا المعرض “كان في الهولوكوست أطفال مثلي”. هذا أمر جيّد، لا نحتاج إلى فهم كل القصة القاسية في سنّ كهذا”.
“كابيتال”، مونوبول من بودابست، تصوير إميل سلمان، هآرتس
“حين عملنا على المتحف الكبير، أردت الاشتغال بتجسيد الهولوكوست. في تلك المرحلة كان لدينا لعبة مونوبول وصلت من غيتو تيريزينشتات (الجمهورية التشيكية)، دمية وملابس سجين يهودي وهذا كلّ شيء. فكرت في وضع المونوبولي داخل زجاج، ووضع سجادة وكتب ودعوة الأطفال الذين يزورون المتحف للقراءة والكتابة. ولكنني توقفت حينذاك وقلت لنفسي: “ماذا تعني ألعاب الأطفال؟ في الهولوكوست كان هناك قتل. من لعبَ في الهولوكوست؟” خشيت أن يغضب الناجون منّي. أخبرت البروفيسور يسرائيل غوتمان، أحد الناجين من الهولوكوست وباحث في المجال، بأنّني أخشى أن تكون الألعاب نقطة حساسة. امتلأت عيناه بالدموع. طلب أن أقيم المعرض، وإذا كان لدى أحدهم مشكلة بأنّ يتوجه إليه.
“أرسلت رسائل لبعض الناجين من الهولوكوست، الذين كانوا أطفالا في فترة الحرب. في البداية، تعاملوا مع اللعب خلال الهولوكوست باعتبارها تهمة رهيبة. غضبت إحدى الناجيات من حيفا. هاتفتها وتحدّثنا. بعد ذلك أرسلت لي طوال الوقت رسائل صغيرة مع مذكراتها، بالإضافة إلى الألعاب التي لعبت بها. تحدثت في إحدى الرسائل كيف وصلت إلى أسرتها التي أخفتْها، لقد أعطيتْ لها دمية وقامت بتحطيمها. وكعقاب لها ألقوا بها خارجًا فقامت بالتبوّل على الوحل وصنعت دمية ولعبت معها. فهمت أنني ألمس نقطة مهمة جدّا. كبرتْ المجموعة لتحوي عدة دمى ودباديب وما لا يحصى من القصص، فقرّرت إقامة المعرض هنا.
أطفال يهود في معسكرات الإعتقال خلال فترة احرب العالمية الثانية (AFP)
“توجّهت متحمّسة مع كل المعروضات التي جمعتها إلى المصمّم حنان دي لانجا. قال لي: “لديك بعض اللعب المحطمة، ستنشئين منها معرضا؟ إنْ لم تضيفي لونًا، لن يكون هناك أي شيء”. قلت له إنّ الأسود والرمادي هي ألوان الهولوكوست، فكيف يكون هناك ألوان في ياد فاشيم؟ ولكنّه صدق. كانت في الهولوكوست ألوان. في معسكر أوشفيتز أيضًا كانت السماء زرقاء وكان العشب أخضر، وفي الثقافة الغربية كانت اللعب ملوّنة. توجّهت إلى إدارة ياد فاشيم وقلت لهم إنّنا قرّرنا إضافة الألوان إلى المعرض. لم نرغب بإنشاء شعور مضاد لدى الناجين. وهكذا، كان الزوار على مدى سنوات في ياد فاشيم ينزلون في الدرج، ويبحثون عن المراحيض، يشاهدون ألوانا، ويقولون لأنفسهم: “حسنا، هذا ليس ياد فاشيم”، ويعودون أدراجهم للأعلى.
“هناك الكثير ممّا يمكن تعلّمه من الهولوكوست. إنّ عالم الأطفال عالمٌ إبداعيّ ومثير للإعجاب وفيه الكثير من القوى والتفكير الفريد”، كما تؤكّد عنبر. “هناك إمكانيات هائلة لدى الأطفال، وأحيانا أفكر بأننا نحن الكبار نضع الحواجز أمام إبداعهم. يهمّني شخصيّا كيف تصرّف اليهود في الهولوكوست، كبشر في أزمة، هناك الكثير ممّا يمكن تعلّمه منهم. لم تكن لتنجوَ في الهولوكوست لدقيقة لو لم يساعدوك. واليوم، كيف ننظر للمسنّ، للطفل وللضعيف؟
ما هي لعب الأطفال والألعاب الأكثر إثارة ممّا وصلكم؟
لعب أطفال من فترة الهولوكوست، من داخل المعرض، تصوير إميل سلمان، هآرتس
“لدينا هناك ثلاثة لعب مونوبول من الهولوكوست، لكل واحدة هناك قصة. أعدّ الأولى أب لابنته التي وُلدت عام 1941 في هنغاريا، وهو عام سيّء جدا للولادة فيه، وكانت تستند إلى شوارع بودابست، مع الترام والشوارع الرئيسية. بعد فترة من ذلك اقتيد لكتائب العمل ولم يعدْ. تتطرّق بطاقات اللعبة إلى الأحداث في خلفية الحرب: “ادفع ضريبة الجوع”، “سرقوا لك المحفظة في القطار”، “ادفع ضريبة المرض” وهكذا.
“كانت المونوبولي الثانية من غيتو تيريزينشتات وهي تحمل قصة تراثية. تم صنعها عام 1943 في ورشة رسم عملت في النهار لصالح النازيين وفي المساء لصالح الأطفال. كان الأطفال يمرّرون اللعبة لمن يبقى في الغيتو بعدهم، ولم يعلم من أخذها بأنّها جاءت من طفل تمّ قتله. الجائرة الكبرى فيها هي يوم عطلة. عاش الأطفال في تيريزينشتات عن طريق لعبة المونوبولي هذه وتعلّموا عن الحالة التي يتواجدون فيها. تستند اللعبة على مظهر الغيتو كما يبدو لطائر يطير. وقد تعلّموا منها مكان المطبخ الرئيسي، السجن، الحصن، المستودع، منزل الآباء، وجميع المعلومات إلى جانب عنصر اللعبة. لقد تمت صناعتها بحيث يمكن تلوينها بقدر الإمكان. بالنسبة للأطفال الصغار كانت عبارة عن دفتر رسم. هناك أيضا لعبة مونوبول لعب بها طفل في غيتو شنغهاي، ولكنها تجارية، عادية وبسيطة، نجت معهم في الهولوكوست”.
“إنّ اللعبة عبارة عن وسيلة للنجاة والتي يكون لها في بعض الأحيان أهمية أكبر من الطعام والشراب. ليس هناك أي طفل لم يلعب حتى اللحظة الأخيرة من حياته. نحن نحتفظ هنا بقصص أوري أورلاب. لم يكن طفلا في الهولوكوست، في غيتو وارسو وبيرغن بيلسن، بل كان طرزانًا، ملك الصين، يعيش في اللعبة والخيال. حين جئت إليه لم يكن يرغب بالسماع مني حول المعرض. وفي يوم من الأيام حينذاك دخل، ووضع لي على الطاولة علبة من جنود الرصاص، طلب الحفاظ عليها وذهب”.
موناليزا ياد فاشيم
من الرائع التجوّل في المعرض مع الأمينة عليه، التي تعرف جيّدا قصّة كلّ المعروضات والتي عملت على جمعها وإحضارها للمكان وما زالت تتأثر وتبكي من القصص الأكثر قسوة في المعرض.
دمى من فترة الهولوكوست، من داخل المعرض، تصوير إميل سلمان، هآرتس
“نحن نلتقط لعب الأطفال بملاقط من خلال مقابلات مع أطفال من الناجين من الهولوكوست”، كما تقول عنبر. “أمرّ أحيانا على عشرات المقابلات مع الناجين وأجد أسئلة تاريخية فقط، أبحث عن إجابات على ألعاب ولا أجد. بحثنا عن المقتنيات في جميع أنحاء العالم، في مؤتمرات الناجين بشرق أوروبا، في جمعيات الأطفال الناجين في الولايات المتحدة. تصل المقتنيات دوما نتيجة لعلاقات شخصية، وكل شيء كهذا يكون مشحونا بشكل فظيع”.
اللعبة عبارة عن وسيلة للنجاة ويكون لها في بعض الأحيان أهمية أكبر من الطعام والشراب
“في إحدى الحالات ذهبنا إلى فيلم تم إنتاجه عن أهرون أفلفلد وتنسو لترنسنيستاريا في رومانيا. كان ذلك كابوسا حقيقيا منذ 14 عامًا. التقينا في المقبرة اليهودية بامرأة مسنّة، ثقيلة الحركة. أخبرتنا بأنّ والدتها دخلت إلى الغيتو مع ثلاثة أطفال واكتشفت بأنّها حامل. حين ولدت لها طفلة قرّرت ألا تطعمها. بقيت الطفلة لثلاثة أيام دون طعام وكبرت لتكون هي، المرأة ثقيلة الحركة التي التقينا بها. قدّمت لي دبدوبًا ضخمًا أعطاه إياها إخوتها ونجا معها من الهولوكوست. لقد فهمت بأنّه لن يكون هناك شخص آخر يستطيع أن يقصّ قصّتها. تجوّلت وهذا الدبدوب بيديّ في كلّ رومانيا”، هذا ما قالته وعانقت الدبدوب الروماني السمين.
أما دبدوب فريد ليسينغ، فهو دمية ممزّقة وصغيرة، تصفها عنبر بـ “موناليزا ياد فاشيم”. يدعوه ليسينغ، الذي نجا وهو طفل من الهولوكوست في هولندا ويعيش اليوم في الولايات المتحدة ويشتغل بعلم النفس، باسم “Bear” (دبّ بالإنجليزية) وحتى وقت إنشاء المعرض لم يفترق عنه إطلاقا. كيف وصل مع ذلك إلى ياد فاشيم؟
دبدوب الطفل فريد ليسينغ، الذي تم إخفاؤه عند عائلات مسيحية في هولندا، تصوير ياد فاشيم
“اعتاد ليسينغ كاختصاصي نفسي على تمرير ورشات لليهود الأمريكيين الذين نجوا من الهولوكوست وهم أطفال”، تقول عنبر. “كان يأتي إلى تلك المؤتمرات دومًا مع دبدوبه، الذي نجا معه من الهولوكوست. أخبرتني عنه مديرة منظمة الأطفال الناجين من الهولوكوست في الولايات المتحدة وقالت لي: “يهوديت، ليس لديك أية فرصة، إنّه لا يعطي الدبدوب إلى أيّ كان، إنّه غير مستعدّ للافتراق عنه”. قرّرتُ رغم ذلك محادثته هاتفيا. تحدّثت معه عن المعرض، شرحت له بأنّه مؤقّت لثلاثة أشهر وأنّه يمكننا بواسطة الدبدوب أنّ نحكي قصّته.
“فرّقت والدة فريد أطفالها الثلاثة في الخفاء. وهناك هاجمه كلب ومزّق رأس الدبدوب. كان فريد مريضًا جدّا، عانى من الخنّاق، وعانى من حمّى شديدة جدّا وخشوا بألا يجتاز تلك الليلة. دعوا والدته لتبقى معه في تلك الليلة رغم الخطر. جاءت وسألته عمّا يريد منها أن تفعل، وحينها طلب بأن تصنع لـ Bear رأسًا جديدًا. كيف تفعل ذلك في قلب الليل بالخفاء. أخذت قطعة من باطن معطفه وبطريقة ما خاطتْ له مثل هذا الرأس مع عينين. واليوم يبدو الدبدوب كالجنين. تساقط جميع شعره.
“طلب دراسة ذلك لعدّة أيام. وحينها تحدّثنا مجدّدا. تُفيض الكلمات التي قالها الدموع في عينيّ في كلّ مرة أتذكّرها. قال: “تحدّثت مع Bear، وقرّرنا أنّ مجيئه إلى البلاد ليحكي قصّتنا أهمّ من البقاء معي، وقد حان الوقت لنفترق للمرة الأولى”. لم يعلم حينذاك أنّهما يفترقان إلى الأبد”.
كيف وصل الدبدوب إلى إسرائيل؟
“توجّهت إلى شركة شحن دولية متخصّصة بالفنون، وطلبت إرسال الدبدوب إلى إسرائيل. ومن أجل التأمين سألوني: ما هي قيمة الغرض؟ شعرت بالتوتّر بشكل فظيع. فلا يوجد له ثمن. قلت للموظف: هل تعرف الموناليزا؟ هذا المعروض يساوي أكثر منها لأنّه يحوي روحا لإنسان. كان هادئا عبر الخطّ. بدا لي أنّه أغمي عليه في الجهة الأخرى. وفي جهتي أنا بكيت. شعرتُ بألم فراقهم، لقد سار معه لسنوات طويلة. ويحدث في كثير من الأحيان لمن كان طفلا في فترة الهولوكوست بأنّه يتشبّث بالعديد من الأشياء. اجتاز الأطفال الهولوكوست بالشكل الأكثر صعوبة.
من داخل المعرض، تصوير إميل سلمان، هآرتس
“وحينها، في أحد أيام الجمعة قبيل افتتاح المعرض، وصل الدبدوب إلى البلاد. انتظرت أنا ومديرة قسم المقتنيات في ياد فاشيم تلك الشحنة. جاءت إلى الموقف شاحنة ضخمة وخرج منها صندوق كبير، وكان موظفو الشحن مهتاجين جدّا وصاح أحدهم بالآخر، بينما قلنا نحن لهم بأنّنا لن نذهب إلى البيت حتى يقوموا بتفكيك الحزمة. حينها فتحوا الصندوق، وبدأوا بالتفكيك، وأخرجوا المزيد والمزيد من التعبئة، أوراق التغليف، وأكثر من ذلك. وفي النهاية خرج ذلك الشيء الصغير والمسحوق، والذي يبدو إنسانيّا. كلانا شاهده وانفجرنا ببكاء تاريخي”.
“جلس سائق الشاحنة على الرصيف وقال: “لم أعد أفهم أيّ شيء. قدمت حزمة ضخمة وفي النهاية أجد شيئا يبدو مثل خرقة صغيرة وكلتاكما تبكيان. لماذا؟ قصصنا عليه القصة وبكى بنفسه وتأثّر بشكل كبير”.
“ومنذ ذلك الحين، التقط جميع زعماء العالم الصور مع BEAR الذي يعود لفريد ليسينغ. أطلب دوما تصويرهم لإرسال الصور إلى ليسينغ. كانت هنا مارغريت تاتشر، طوني بلير، جميع رؤساء الأركان، ومن لم يأتِ”.
“حين دُعينا إلى مؤتمر الأطفال الناجين من الهولوكوست في سياتل، اصطحبنا الدبدوب معنا ليلتقي عائدًا بصاحبه. جُننّا تماما من هذا الدبدوب. تركنا ملاحظة على نافذة العرض بأنّ الدبدوب خرج لزيارة عائلية. أعددنا له صندوقا خاصّا، سافرنا والتقينا بفريد، وقد أخذ BEAR لينام معه في المساء. قال في الصباح: “BEAR لكم”. لا زلنا نتراسل حتى اليوم. نرسل له تحيات الأطفال الذين يقفون بجانبه، يعانقون ذلك الصندوق الصغير وينفجرون بالبكاء. ونادرا ما يمرّ الزوار بجانب دبدوب ليسينغ دون أن يقفوا. أحيانا، حين أكون على وشك ترك المكتب في المساء، أبدو حزينة لأنّني سأترك الدبدوب وحده في صندوقه الزجاجي. ولكنني أكون سعيدة في اليوم التالي حين أجده مجددا. من نواح كثيرة، يحمل هذا الدبدوب في داخله الموضوع الرئيسي للهولوكوست. ذلك الألم الرهيب”.
نُشر هذا المقال لأول مرة في موقع “هآرتس”
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني