يبدو المشهد مثل مشهد فيلم أو سلسة تلفزيونية خيالية. وصل أمس (السبت) عشرات الأشخاص لاستعادة ماضي معركة حطين بينما كانت تسود درجات حرارة مرتفعة معدلها 30 درجة، وهم يركبون الحصن ويضعون الدروع الواقية والخوذات، ويحملون الحربات، ويرفعون الأعلام.
استعادة ماضي معركة حطين (Maor Kinsbursky/Flash90)
كانت هذه المعركة إحدى المعارك الأكثر شهرة في تاريخ المنطقة، حيث انتصر صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين وهكذا انتهى عصر الاحتلال المسيحي في الأراضي المقدّسة. دارت المعركة بين الثالث حتى الرابع من حزيران عام 1187. كانت الظروف الميدانية، حالة الطقس الحارة، وموازين القوى لصالح جيش الإسلام التابع لصلاح الدين، الذي انتصر في نهاية المعركة على المسيحيين الذين كانوا معتادين على حالة الطقس الأوروبية.
استعادة ماضي معركة حطين (Maor Kinsbursky/Flash90)
هذه هي السنة الثامنة على التوالي التي تُقام فيها في إسرائيل مبادرة لاستعادة ماضي المعركة. ففي كل عام، في الفترة القريبة من موعد المعركة الأصلي، يتجمع في منطقة طبريا هواة التاريخ، أعضاء نوادي الفرسان وهواة السيف، ويؤدون الأدوار كجزء من المعركة حيث يرتدون زيا كاملا ويحافظون على قواعد المعارك الخاصة بمعارك الفرسان من القرن الثاني عشر.
استعادة ماضي معركة حطين (Yaniv Nadav / Flash90)
أصبحت استعادة ماضي المعركة عادة متبعة وهي تستقطب إلى الموقع سياحا ومحبي الفضول الذين يرغبون في رؤية المشهد الاستثنائي. يجري “الفرسان” رحلة طولها 30 كيلومترا باتجاه طبريا، حيث خرج منها “جيش الإسلام” ويلتقون في قمة جبل حطين في نقطة مشاهدة رائعة تطل على طبريا، وعندها يستعيدون ماضي المعركة وفق الكتب التاريخية. كما ذُكر آنفًا، الصورة استثنائية ومثيرة للاهتمام. شاهدوا:
مخيم اليرموك بعد القصف، الحرب الأهلية في سوريا مستمرة (AFP)
5 معارك جرت في رمضان وهزّت العالم
في رمضان تحديدًا: يغرق الشرق الأوسط والعالم الإسلامي حتى الأعناق في معارك قاسية، وإليكم قائمة لبعض المعارك التاريخية، في فترة رمضان، والتي هزّت الشرق الأوسط
الشرق الأوسط لا يهدأ: في هذه الأيام من الصوم ومراجعة الذات تحديدًا، يعيش الشرق الأوسط أحداث عنف هي الأقسى في تاريخه. تتبادل حماس والتنظيمات الإرهابية الضربات بينها وبين إسرائيل، وفي سوريا تستمر الحرب الأهلية في جني أرواح المواطنين والمقاتلين كلّ يوم، كذلك، في ليبيا يلعقون جراحهم وفي مصر فإنّ الجيش ليس قادرًا على القيام بأيّ شيء للقضاء على الإرهاب في سيناء.
ولكن ملاحظة التاريخ تُظهر أنّ هناك الكثير من المعارك التي بدأت أو أعلنت خلال شهر رمضان. أمامكم عدد من الأحداث التاريخية التي جرت تحديدًا في رمضان
سنبدأ تحديدًا ببعض الأحداث التاريخية القديمة منذ أيام بداية الإسلام:
غزوة بدر
هي غزوة وقعت في السابع عشر من رمضان في العام الثاني من الهجرة (الموافق 13 مارس 624 م) بين المسلمين بقيادة رسول الإسلام محمد، وقبيلة قريش ومن حالفها من العرب بقيادة عمرو بن هشام المخزومي القرشي. وتُعد غزوةُ بدر أولَ معركةٍ من معارك الإسلام الفاصلة، وقد سُميت بهذا الاسم نسبةً إلى منطقة بدر التي وقعت المعركة فيها، وبدر بئرٌ مشهورةٌ تقع بين مكة والمدينة المنورة.
فتح إسبانيا
جرى الفتح تحت رعاية الأمويين، بين عامي 711-718، من أيدي مملكة القوط الغربيين التي سيطرت على شبه جزيرة أيبيريا منذ بداية القرن السادس.
بدأ الفتح بغزو عسكري لقوة مكوّنة في معظمها من أبناء القبائل البربرية التي تعود إلى شمال إفريقيا تحت قيادة القائد المسلم طارق بن زياد. اجتازت القوة مضيق جبل طارق (في 29 نيسان عام 711، في شهر رمضان) ومضت في طريقها شمالا. بعد الانتصار الإسلامي الحاسم على جيش الملك القوطي رودريك في معركة وادي لكة، تفكّكت المملكة القوطية وخضعت مدنها للرعاية الإسلامية واحدة تلو الأخرى.
معركة حطين
إعادة معركة حطين (Flash90/Gil Eliyahu)
هي معركة جرت في 4 تموز عام 1187، في حطين الواقعة قرب طبريا، بين الصليبيين من مملكة القدس بقيادة غي دي لوزينيان، وبين الأيوبيّين بقيادة صلاح الدين. أحرز الأيّوبيّون في هذه المعركة نصرًا حاسمًا على الصليبيين.
شكلت المعركة ذروة صراع قاده صلاح الدين ضدّ مملكة القدس الصليبية. مثّلت هذه المعركة، التي أحرز فيها صلاح الدين انتصاره الكبير على الصليبيين، نقطة الانهيار لمملكة القدس، والتي بدت بعد تأسيسها في أعقاب الحملة الصليبية الأولى قوةً إقليمية راسخة. بعد معركة حطين بدأ انهيار المملكة حتى التدمير النهائي، وكانت الهزيمة شديدة لدرجة أنّ جميع المدن والحصون الصليبية تقريبًا خضعت لصلاح الدين بعدها، ولم تعد مملكة القدس بعد ذلك تشكّل عاملا مهمّا في الشام.
حرب تشرين
غولدا مئير وموسيه ديان خلال حرب تشرين (Knesset)
بانتقال حادّ نحو التاريخ الحديث للشرق الأوسط، نذكّر بحرب تشرين أو كما تسمّى في العالم العربي أيضًا “حرب أكتوبر” أو “حرب رمضان”. وكما يوحي اسمها بالعبرية (حرب يوم الغفران)، فهي الحرب التي اندلعت في يوم الغفران في إسرائيل والعاشر من رمضان عام 1973.
بدأت الحرب بهجمة مفاجئة لجيوش سوريا ومصر على إسرائيل واستمرّت حتى 24 تشرين الأول عام 1973، وهو اليوم الذي دخل فيه وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ. فاجأت مبادرة الحرب من قبل الدول العربيّة شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي، والتي لم تتوقّع بعد الانتصار الكبير في حرب 1967 اندلاعها، ولا كثافة الهجوم وخصائص القتال للجيوش العربية.
يفهم الإسرائيليون ويناقشون حتى اليوم أهمية تلك الحرب القاسية التي جنت أرواح مئات المقاتلين الإسرائيليين رغم الانتصار الإسرائيلي والإنجازات في الميدان. في مصر كذلك يمدحون حتى اليوم قيادة أنور السادات الذي تجرأ على بدء حرب وعلى تحدّي الدولة في الشمال، إسرائيل، وعلى استعادة شبه جزيرة سيناء مجدّدًا عن طريق المفاوضات ومعاهدة السلام بين البلدين.
الحرب الأهلية في لبنان
صورة من الحرب الأهلية في لبنان عام 1982 (AFP)
اندلعت في 13 نيسان عام 1975 كاستمرار مباشر للصراعات الدينية والمواقف السابقة في لبنان، واستمرّت بين وقف إطلاق النار ووقف إطلاق نار آخر، حتى 13 تشرين الأول عام 1990، مع احتلال شرق بيروت من قبل الجيش السوري.
أكّدت الحكومة اللبنانية أنّ الحرب، بجميع مراحلها، قد أسفرت عن مقتل نحو 150,000 شخص، وجرح 200,000 شخص ونحو 17,500 شخص في عداد المفقودين وتم الإعلان عن وفاتهم. فضلًا عن ذلك، فقد ترك وطنه – طوعا أو كرها – نحو 790,000 شخص ونحو 1,000,000 شخص هاجروا خارج حدود لبنان. قُدّرت الأضرار من قبل صندوق النقد الدولي بنحو 25 مليار دولار. حدثت معظم الأضرار جراء هرب نحو 200,000 من الخبراء والمهنيّين إلى خارج حدود لبنان وتدمير معظم المنشآت الصناعية في البلاد.
كان اللقاء بين الفرسان المسيحيين والرماة المسلمين في ساعات الظهيرة. وكانت درجة الحرارة خارج السيارة المكيّفة أكثر من 30 درجة مئوية، وهو ليس تمامًا طقسًا ملائمًا لارتداء الدروع، الجزم والخوذة الواقية. ولكنّ الصليبيين لم يخفّفوا عن أنفسهم. لقد ارتدوا معدّات يصل وزنها إلى 20 كيلوغرامًا في الحرّ الشديد في شهر تموز، وخرجوا لقتال المسلمين، تمامًا كالصليبيين الأصليين، الذين خسروا في معركة الأرض المقدسة مع صلاح الدين وجيشه، في مثل هذا الأسبوع تمامًا قبل 827 سنة.
هناك من يرى في هذا اللباس ليس فقط على أنه أحد أسباب الهزيمة النكراء، ولكنه يرمز أيضًا إلى عدم انتماء الصليبيين للمنطقة. لقد كانوا أوروبيّين من أبناء القرن الثاني عشر، وعلى هذا النحو كانوا أسرى لتصوّرات حول ما هو الزيّ المناسب للمعركة، حتى في صيف الشرق الأوسط. صلاح الدين انتهى من ارتداء الملابس تمامًا. وكانت ملابسه تلائم المناخ والمنطقة أكثر بكثير: سراويل قطنية طويلة ورقيقة نسبيًّا، وشاح ملفوف حول رأسه. وكان ينتعل جزمة جلدية حتى الركبتين.
هذا المشهد الغريب بين مقاتلين صليبيين ومقاتلين في الجيوش الإسلامية ليس مشهدًا نادرًا بشكل خاصّ في إسرائيل في السنوات الأخيرة. كلّ عام، في تاريخ المعركة الأصلية، يخرج المعسكران ببضع عشرات من الناس لإعادة تمثيل المعركة الشهيرة في تاريخ المنطقة: معركة حطين. يعلم بعض الأعضاء المشاركين في حدث إعادة التمثيل التاريخي، في نوادي المبارزة والرماية ويسعون كلّ عام للمشاركة في حدث إعادة تمثيل الرحلة للمعركة الشهيرة. ومن المعلوم أن الصليبيين هم المبارزون، وأنّ المسلمين هم أعضاء نادي الرماية.
اشتملت إعادة التمثيل نفسها على رحلة من يومين. يقوم جزء من المشاركين بالمعركة وهم يمتطون الخيول ومعظمهم مشيًا على الأقدام، وذلك في أعقاب المسار الأصلي الذي سار به الصليبيّون يومئذ في 3و 4 تموز عام 1187. لقد خرجوا من ينابيع صفورية باتجاه طبريّا، حتى وصلوا إلى حطّين، جبل صغير مع نتوءين، وهناك جرت المعركة التاريخية. على مدى العملية كلها – بدءًا بمسار الرحلة، مرورًا بتجهيز المعدّات، الملابس، الأحذية، الإكسسوارات والأسلحة – يكون الجميع أوفياء لروح القرن الثاني عشر ويجري التنفيذ في الميدان على أساس الدراسات التاريخية لتلك الفترة.