تحليل إسرائيلي: مصر في طريقها إلى تحمل عبء غزة

إسماعيل هنية في غزة (AFP)
إسماعيل هنية في غزة (AFP)

محلل "يديعوت أحرونوت": إسرائيل تغلق كرم أبو سالم فتنقل مسؤولية القطاع إلى الجانب المصري، والجانب المصري يفتح منفذ رفح محبطا عقوبات أبو مازن لكي يعود إلى مفاوضات المصالحة فتنقل المسؤولية إليه

11 يوليو 2018 | 12:28

كتب المحلل العسكري والأمني لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، ألكس فيشمان، في تحليل للوضع في غزة، نشر اليوم الأربعاء في الصحيفة، أن إسرائيل لا تملك سياسة واضحة إزاء الوضع في غزة، لكن الخطوة الأخيرة التي اتخذتها، إغلاق معبر كرم أبو سالم للبضائع، ربما تضح لاحقا من القرارات الهامة التي ستحدد مصير غزة.

وكتب فيشمان أن إسرائيل قد تحقق حلما قديما من دون قصد، وهو نقل مسؤولية القطاع للجانب المصري، موضحا “كلما قللت إسرائيل من البضائع التي ستنقل من كرم أبو سالم، سيزيد الضغط على مصر لإبقاء منفذ رفح مفتوح. إضافة إلى ذلك، الإغراء المالي الذي تعرضه الولايات المتحدة لتطوير شمال سيناء ربما يقنع المصريين بتحمل مزيد من المسؤولية في القطاع”.

أما عن خطة مصر، فكتب المحلل أنها تضغط بدورها على السلطة الفلسطينية لتحمل مسؤولية غزة. “معبر رفح يشهد ازدهارا رغم أنف السلطة الفلسطينية.. كما أن مصر حصلت على وعود من دول عربية غنية بنقل الأموال من أجل نباء مناطق صناعية مشتركة في شمال سيناء، وإقامة مخازن وقود للقطاع على أراضٍ مصرية. بالمقابل، تعهد المصريون بمضاعفة كمية الكهرباء المنقولة لغزة، والآن يدور الحديث هناك عن إنشاء مطار وميناء في العريش لصالح غزة” كتب فيشمان.

وتابع “الخطوات المصرية تخفف عن القطاع من الناحية الاقتصادية من جهة، وتمس بالعقوبات الاقتصادية التي يفرضها أبو مازن على القطاع من جهة ثانية، فهي تقلل من تأثيرها”، وحسب الكاتب الإسرائيلي، ستحفز الرئيس إلى العودة إلى المفاوضات مع حماس، وفي نهاية المطاف ستقع مسؤولية القطاع على السلطة.

وأشار فيشمان إلى أن المسؤولين المصريين خرجوا المرة عن عادتهم والتقوا مسؤولين من حكومة حماس في القطاع، وليس قياديين، وذلك دليل على تحسين العلاقات الاقتصادية بين مصر وحكومة حماس في القطاع، وتجاوز السلطة الفلسطينية حسب وصف الكاتب.

اقرأوا المزيد: 260 كلمة
عرض أقل
المظاهرات على حدود غزة (Abed Rahim Khatib / Flash90)
المظاهرات على حدود غزة (Abed Rahim Khatib / Flash90)

مصائب “مسيرة العودة الكبرى” من خلف الكواليس

مسؤولون مصريون وسعوديون سيصلون إلى غزة سعيا لإنهاء "مسيرة العودة الكبرى"؛ هناك خلاف بين حماس ومنظمي المسيرة الرئيسيين

في الأيام الماضية، أفادت وسائل إعلام عربية أنه في إطار المساعي للتخلص من التوتر في قطاع غزة وإنهاء المسيرات الأسبوعية على الحُدود مع غزة، ستصل إلى غزة هذا الأسبوع بعثة أمنية مؤلفة من مسؤولين مصريين. من المتوقع أن يلتقي المسؤولون المصريون مع كبار المسؤولين في حماس ويتباحثوا معهم حول إمكانية إنهاء المظاهرات على الحُدود.

نُشر في نهاية الأسبوع، أن مسؤولين سعوديين سيصلون في الأيام القريبة إلى غزة أيضًا. وفق التقارير، سيقترح السعوديون والمصريون على حماس فتح معبر رفح من كلا الجانبين بشكل ثابت، بالمقابل تلتزم حماس بإنهاء “مسيرات العودة الكبرى” الأسبوعية على الحدود مع إسرائيل. اقتُبست أقوال عن مسؤول في وزارة الخارجية المصرية جاء فيها: “تشكل مسيرة العودة الكبرى إحراجا لدول عربية كثيرة، كانت قد تخلت عن القضية الفلسطينية، ولكنها تعمل الآن جاهدة لإتاحة ‘صفقة القرن’ لترامب، ولكن المواجهات على الحدود مع إسرائيل تعيق هذه الخطوة”.

معبر رفح (Abed Rahim Khatib / Flash90)

في هذه الأثناء، وردت تقارير في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي حول خلافات بين مسؤولي حماس والمبادرين إلى “مسيرة العودة الكبرى”، عندما أعرب أحد المبادرين الرئيسيين عن انتقاداته ضد إدارة حماس وإقامة “يوم الكاوتشوك”. وقد اقترح متابعو صفحته على الفيس بوك استبدال إشعال إطارات السيارات بنشر الورود.

وفق أقوال المستشرق، بنحاس عنبري من المركز المقدسي للشؤون العامة والدولة، “أوضح أحمد أبو ارتيمة، ممثل المنظمات الأوروبية غير الحكومية المبادرة إلى المسيرات، أن هدف التجمع على الحدود هو الاستعداد للمسيرة الكبرى ليوم النكبة، وليس اختراق الحدود منذ الآن. وترى حماس أن أبو ارتيمة بالغ عندما قال إن الشهداء ‘ماتوا سدى’ مدعيا أنه لأجل نجاح النضال الوطني لا داعي للتضحية بالشهداء أبدا”.

أثارت هذه الأقوال ردود فعل غاضبة في حماس، التي اتهمته بالخيانة، ولكن أبو ارتيمة أوضح أن هذه التهم لا تؤثر فيه. وفق أقوال المستشرق عبنري، لم تذكر عناصر حماس اللاجئين وحق العودة أبدا في “يوم الكاوتشوك” في نهاية الأسبوع الماضي، ما يؤكد أنها تفضل الحصول على المساعدات وفتح المعابر أولا.

اقرأوا المزيد: 291 كلمة
عرض أقل
صورة عبد الفتاح السيسي في معبر رفح بعد تسليم زمام السيطرة عليه لأبي مازن (Abed Rahim Khatib/Flash90)
صورة عبد الفتاح السيسي في معبر رفح بعد تسليم زمام السيطرة عليه لأبي مازن (Abed Rahim Khatib/Flash90)

أسبوع الاختبار ليحيى السنوار

بدءا من تفجير النفق الهجومي الذي كاد يؤدي إلى تصعيد الأوضاع في غزة وصولا إلى استلام أبو مازن زمام السيطرة على معبر رفح: خطوات السنوار قيد الاختبار

متى نعرف أن حماس تتعرض لضائقة؟ عندما تطلق تسجيلا “حصريا” أيا كان. للمرة الأولى، أطلقت حماس اليوم تسجيلا منذ فترة أسر جلعاد شاليط. لم تبدِ وسائل الإعلام الإسرائيلية اهتماما بهذه التسجيلات، لأن جلعاد شاليط أصبح بين أحضان عائلته، ولديه شريكة حياة جميلة، ويتنزه كلاهما في أنحاء العالم، ويرفعان صورا على الإنستجرام. أي أن هذه التسجيلات أصبحت ماض لا يهتم بها أحد.

ولكن يبدو أن حماس تريد إبعاد اهتمام وسائل الإعلام في لحظتين صعبتين من جهتها: قرار عدم الرد على تفجير النفق التابع للجهاد الإسلامي، وطبعا  الاحتفال الرسمي الذي تسلمت  فيه السلطة الفلسطينية السيطرة على معبر رفح.

حتى إذا كنتم أنتم أيضا كسائر المحلِّلين والجمهور، تشككون جدا في احتمالات التسوية بين حماس وفتح، فلا شك أن السنوار يبدي التزاما واهتماما كبيرا في هذا السياق. أصر أبو مازن والمصريون على إقامة احتفال رسمي، لنقل السيطرة على غزة. يحظى التظاهر هنا بأهمية كبيرة، ويهدف إلى إظهار أن مشروع السيطرة الحصرية الخاص بحماس في غزة قد فشل. في الواقع، استغرقت هذه السيطرة عشر سنوات، وشهدت خلالها غزة أزمة خطيرة، ولكن لا يشكل اتفاق التسوية سوى اعترافا من حماس: نحن لسنا قادرين على إدارة دولة وحدنا.

يحيى السنوار، قائد حركة حماس في غزة (AFP)
يحيى السنوار، قائد حركة حماس في غزة (AFP)

في حين كانت تُجرى المراسم في رفح علق نشطاء حماس في شبكات التواصل الاجتماعي وهم محبطون. “تنقص هنا صورة نتنياهو”، كتب ناشط حمساوي عند رؤية صورة السيسي وأبو مازن الكبير معلقة في معبر رفح.

يفرض السنوار الذي كان عضوا في الذراع العسكري في حماس والذي تعتبر آراؤه متطرفة، رأيه على قيادة حماس المعتادة على حل الخلافات بالإجماع. منذ أن قرر أن لا خيار أمام حماس سوى أن تسعى إلى التسوية مع أبو مازن، بهدف استئناف تدفق الأموال والكهرباء إلى القطاع، وإلى عقد المصالحة مع مصر، وألا تتحمل مسؤولية المواطنين، أصبح يهتم السنوار بالأمور كما يجب.

ونجح السنوار أيضا في التخلص من الضغط الذي مارسه الجهاد الإسلامي للرد على تفجير النفق، بعد أن تلقى توضيحات إسرائيلية، عبر مصر، تشير إلى أن ليس هناك هدف لتصعيد الأوضاع وأن القتلى وصلوا إلى الموقع بعد التفجير بمبادرتهم.

إذا نجح السنوار بطريقته البرغماتية، فسيشكره مواطني غزة، ولكن ستضع هذه الحقيقة تساؤلات حول قدرة حماس المستقبلية في الادعاء أنها قادرة على قيادة الشعب الفلسطيني.

اقرأوا المزيد: 333 كلمة
عرض أقل
الشبان في غزة يعانون من الملل ويخشون التمرد (Flash90/Abed Rahim Khatib)
الشبان في غزة يعانون من الملل ويخشون التمرد (Flash90/Abed Rahim Khatib)

الشبان في غزة يعانون من الملل ويخشون التمرد

يشهد قطاع غزة بطالة هائلة، ولا يعثر خريجو الكليات على عمل، وهم ينامون حتى ساعات الظهر وليست لديهم علاقات مع حماس لدفع مصالحهم قدما

يقترح تحقيق صحفي شامل نُشر أمس (الأحد 06.08.2017) في صحيفة “‏Washington Post‏” إلقاء لمحة نادرة على حياة الشبان الغزيين، من الجيل الكامل الذي ترعرع في ظل حكم حماس، الحركة الإسلامية العسكرية. لقد مروا بثلاث حروب ضد إسرائيل وحصار متواصل، ويشعرون أنه من الصعب عليهم التقدم في الحياة.

يعتاش سبعة غزيين من بين عشرة على المساعدات الإنسانية

ومن الصعب العثور على شبان في العشرينيات من عمرهم ولديهم مكان عمل وراتب شهري منتظم. وينعت الشبان أبناء جيلهم بـ “الجيل الضائع”. بعد عشر سنوات من سيطرة حماس على غزة، بات يواجه الاقتصاد في قطاع غزة التي يعيش فيها مليوني مواطن تدهورا، حروبا، وحصارا. ولكن تنجح غزة في الصمود بفضل ذكاء السكان، والفضلات التي تتبرع بها الحكومات الأجنبية بعد إعادة تدويرها. يعتاش سبعة غزيين من بين عشرة على المساعدات الإنسانية.

ويشير الشبّان إلى أنهم سئموا من الملل. وباتوا قلقين لأن معظم أصدقائهم يتعاطون المخدّرات – وهم لا يستخدمون المخدّرات المثيرة للابتهاج بل أقراص معدّة لتخدير الحيوانات، ومهرّبة من سيناء. في ظل هذه الحال، زادت حماس في الفترة الأخيرة عقوبة الموت بسبب تهريب المخدّرات.

يعتاش سبعة غزيين من بين عشرة على المساعدات الإنسانية (Flash90/Abed Rahim Khatib)
يعتاش سبعة غزيين من بين عشرة على المساعدات الإنسانية (Flash90/Abed Rahim Khatib)

ويجرأ الشبان في غزة على التحدث قليلا عن الموضوع. تشير الحقائق التي كُشف النقاب عنها في برنامج التحقيقات أن الشبان غاضبون جدا من زعمائهم المسؤولين عن فشلهم، ويتحدثون عن أن إسرائيل ومصر تشدان الخناق حولهم.

لمَ لا يتمرد الشبان؟ إنهم يضحكون. بما أنه لا تُجرى انتخابات فمن الصعب إقالة الحكومة الحالية.

ولا يجد شبان كثيرون أنهوا دراستهم الجامعية عملا ملائما لهذا يكتفون بأعمال مؤقتة: يبيعون الملابس، يعملون في مقاه وحوانيت. يتلقى العمال مبلغا ضئيلا مقابل هذه الأعمال يصل إلى نحو 10 دولار.

الغزيون يعانون من مياه الصرف الصحي

تجري مياه الصرف الصحي إلى الشواطئ. تبدو مياه البحر زرقاء في المناطق التي تبحر فيها سفن الاستطلاع الإسرائيلية، وتفرض فيها حصارا مائيا. ولكن لون مياه السباحة في المنطقة المتاحة أمام الغزيين بني.

شباب غزة:”يفضّلون خوض الصراع في تل أبيب بحثا عن العمل بدلا من محاربة الإسرائيليين”

ولم يغادر معظم شبان غزة القطاع – ليس عبر إسرائيل، وهي إمكانية غير ممكنة تقريبًا، وليس عبر معبر رفح من جهة مصر، الذي كان مغلقا طيلة السنوات الأربع الأخيرة معظم الوقت. كان توفير الكهرباء في غزة مقتصرا لمدة أربع ساعات. وماذا بالنسبة للنشطاء الشبان في مخيّمات اللاجئين الذين تجرأوا في أيار على التظاهر ضد قطع اتصال الكهرباء؟ اعتُقِلوا.

الشبان الغزيون يتمسكون بالحياة

شهدت البطالة في غزة لدى البالغين ما معدله %60 (Flash90/Abed Rahim Khatib)
شهدت البطالة في غزة لدى البالغين ما معدله %60 (Flash90/Abed Rahim Khatib)

يقضي الشبان الغزيون أوقاتهم وهم منشغلون بهواتفهم الخلوية يوميا. ويقتصر عالمهم على شاشات صغيرة يشاهدون عبرها أفلام فيديو في “يوتيوب” ويجرون إلى ما لا نهاية من الدردشات.

وشهدت البطالة في غزة لدى البالغين ما معدله %60. هذا المُعطى رهيب وهو الأعلى في الشرق الأوسط وفي العالم. يُحذر خبراء في معاهد أبحاث من أن نسبة البطالة لدى الشبان المصريين التي نسبتها %30، هي بمثابة “قنبلة موقوتة”. بالمقابل، نسبة البطالة في غزة أعلى بضعفين‎.‎‎ ‎

ونسبة القادرين على القراءة والكتابة في غزة هي نحو %96.8 وهو مُعطى أعلى بكثير من نسبتهم في سائر مدن الضفة الغربية. كانت الهجرة في الماضي منفذا للبحث عن حياة أفضل خارج البلاد، ولكن في وقتنا هذا لم يعد هذا المنفذ متاحا. فلا يغادر غزة سكانها في هذه الأيام.

وقبل عامين، حذرت الأمم المتحدة من أنه حتى عام 2020 “لا يمكن العيش في غزة”. أعرب مسؤولون في الأمم المتحدة في الفترة الأخيرة عن أنهم كانوا متفائلين جدا: سيتدهور الحال في السنة القادمة في قطاع غزة، وفق تقديراتهم.

ويوضح الكثير من شبان غزة في وقتنا هذا في المقابلات معهم أنهم يفضّلون خوض الصراع في تل أبيب بحثا عن العمل بدلا من محاربة الإسرائيليين.

تمتد غزة على طول نحو أربعين كيلومترًا على شاطئ البحر وهي مسافة أقل من مسافة الماراثون (Flash90/Emad Nassar)
تمتد غزة على طول نحو أربعين كيلومترًا على شاطئ البحر وهي مسافة أقل من مسافة الماراثون (Flash90/Emad Nassar)

وتعد تسمية غزة “سجن مفتوح” كلاما مبتذلا، ولكن هناك شعور لدى الكثيرين أن لا مخرج منها فحسب، بل أن الغزيين محاصرون أيضا. تمتد غزة على طول نحو أربعين كيلومترًا على شاطئ البحر وهي مسافة أقل من مسافة الماراثون. عرضها في أضيق نقطة هو نحو خمس كيلومترات، وهي مسافة تستغرق ساعة من المشي على الأقدام لاجتيازها.

وغزة محاطة بجدار إسرائيلي، مزوّد بكاميرات، أبراج مراقبة، ووسائل إطلاق نيران تعمل عبر السيطرة عن بُعد. في جهة الحدود المصرية التي كانت مزوّدة في الماضي بأنفاق التهريب التابعة لحماس، هناك الآن منطقة عازلة كبيرة، عملت وسائل نقل على جعلها مستوية، ويُحظر دخولها كليا.

وماذا بخصوص البحر؟ تحظر سفن سلاح البحريّة الإسرائيلي على صيادي غزة الإبحار على بعد يزيد عن ستة أميال مائية. مياه البحر في غزة ملوّثة بمياه الصرف الصحي غير المُعتنى بها، وحظرت وزارة الصحة المستحمين من دخولها.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في صحيفة ‏Washington Post

اقرأوا المزيد: 672 كلمة
عرض أقل
إسماعيل هنية وعبد الفتاح السيسي (Flash 90/AFP)
إسماعيل هنية وعبد الفتاح السيسي (Flash 90/AFP)

كيف على إسرائيل التعامل مع “الصفحة الجديدة” للعلاقات بين مصر وحماس؟

إن التحول البادي في الآونة الأخيرة في العلاقات بين مصر وحماس ناتج عن التقاء المصالح المتبادلة لكلا الجانبين في المجالات الأمنية والسياسية

من دون عقد مراسم رسمية وبعيدا عن وسائل الإعلام، توصلت مصر وحماس في مستهلّ عام 2017 إلى عدد من التفاهمات الأمنية، السياسية، والاقتصادية، تهدف إلى تشكيل أساس لتحسين العلاقات بينهما. زارت بعثة تابعة لحماس برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية، وعضوَي المكتب السياسي، موسى أبو مرزوق وروحي مشتهى، في نهاية شهر كانون الثاني القاهرة لبضعة أيام، التقت خلالها بجهات أمنية مصرية، أهمها رئيس الاستخبارات المصري، اللواء خالد فوزي. كما وزارت بعثة أمنية تابعة لحماس، تضمنت ممثلا قياديا عن الجناح العسكري “عز الدين القسام” مصر أيضا في بداية شهر شباط. كانت زيارات البعثات الرسمية ذروة تخمينات غير رسمية في شهرّي تشرين الأول وتشرين الثاني عام 2016، وتضمنت زيارات لشخصيات إعلامية، أكاديميّة، ورجال أعمال من غزة ومصر.

وفق تقارير صحفية، وافقت البثعة السياسية على مطالب القاهرة فيما يتعلق بمنع تهريب الأسلحة وحظر تسلل المقاتلين عبر الحدود بين غزة وسيناء ومنع استخدام جهات جهادية متطرفة في غزة أساسا للتخطيط لهجمات ضد قوات الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء. أكدت حماس في بيان لها أنها تحرص على “عدم التدخل في الشؤون المصرية الداخلية”، ملمحة إلى التزامها بعدم اتخاذ موقف في النزاع بين نظام السيسي وحركة الأم – الإخوان المسلمين. تطرقت المحادثات بين الجانبَين أيضًا إلى قائمة المطلوبين التي نقلتها مصر إلى حماس، ترتيب تدابير متفق عليها لفتح معبر رفح، توسيع علاقات التجارة بين مصر وغزة، وقف الهجوم الإعلامي، وإلى الوساطة المصرية بين حماس وإسرائيل، وبين حماس وفتح.

التقاء مصالح متبادلة

منذ تموز 2013، مع إطاحة الجيش المصري الرئيس المصري المنتمي للإخوان المسلمين، محمد مرسي، ساد توتر حاد بين حماس ونظام الحكم في مصر ولم تجرَ لقاءات رفيعة المستوى بين الجانبَين. كان من الصعب على حماس الحفاظ على علاقاتها مع مصر بسبب هويتها المنظماتية بصفتها ذراعا فلسطينيا للإخوان المسلمين وبسبب العلاقات الفكرية والعملية بين جهات في الحركة وبين الإخوان المسلمين في مصر وجماعات سلفية جهادية في شبه جزيرة سيناء. نظرت مصر من جهتها، إلى الحركة بصفتها “جناحا عسكريا” غير رسمي للإخوان المسلمين في مصر واتهمتها بالتعاون مع الإرهاب في الدولة، ومن ضمن ذلك تورطها في تموز 2015 باغتيال النائب العام المصري، هشام بركات. إن التحوّل البادي في الآونة الأخيرة في العلاقات بين مصر وحماس ناتج عن التقاء المصالح المتبادلة لكلا الجانبين في مجالات مختلفة:‎ ‎

أمنيا – اعترفت مصر – التي خسرت مئات الجنود في سيناء – بأهمية التعاون مع حماس للحسم في نزاعها ضد ذراع “الدولة الإسلامية” في سيناء، الذي يستخدم غزة مقرا للتدريبات ومصدرا ثنائي الاتجاه لتهريب وسائل قتاليّة، مقاتلين، وجرحى. حماس من جهتها، معنية أيضا بحظر العلاقات بين جهات سلفية جهادية تسعى إلى تقويض صلاحيتها في غزة وبين شركاء أيديولوجيين في سيناء.

الجيش المصري يكشف عن انفاق التهريب في منطقة رفح (AFP)
الجيش المصري يكشف عن انفاق التهريب في منطقة رفح (AFP)

سياسيا – مصر معنية بتعزيز مكانتها كجهة إقليمية مُسيطرة في قطاع غزة، قادرة على توحيد صفوق الفلسطينيين وتحضير الأرضية لاستئناف عملية السلام. تعتقد القاهرة أنه من الأفضل فحص إمكانية التوصل إلى تفاهمات متبادلة مع حماس، بدلا من إدارة نزاع صفري مقابل الحركة الذي قد يدفعها إلى حضن خصوم إقليمي مثل تركيا، قطر، وإيران، وتحديد دورها كجهة تسعى إلى دعم الإخوان المسلمين في مصر وتشكل فشلا في التسوية السياسية مع إسرائيل. هذا إضافة إلى أن مصر معنية بعرض نفسها كوسيط مقبول في محادثات التسوية الداخلية الفلسطينية بين حماس وفتح، وفي حالات الأزمة، وصفقات تبادل الأسرى المستقبلية بين حماس وإسرائيل. وفق رؤيتها، سترفع هذه الأدوار من شأنها إقليميا ودوليا بصفتها تعمل على إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط، وستجعلها تحتفظ بأوراق ذات أهمية أمام الإدارة الأمريكية الجديدة. من جهة حماس، فإن محاولاتها لتخطي مصر بمساعدة الرعاة الإقليميين الآخرين قد فشلت حتى الآن لأن نقل المساعدة إلى القطاع منوط بالتعاون مع مصر. لم يثبت هؤلاء الرعاة أيضا أنفسهم كوسطاء ناجعين بينها وبين إسرائيل، الذين قد يشكلون بديلا لمصر.

هناك سبب سياسي آخر للتقارب بين كلا الجانبين يتعلق بالأزمة التي طرأت في الأشهر الأخيرة بين القاهرة ورام الله إثر دفء العلاقات بين السلطة الفلسطينية، قطر، وتركيا، وعدم استعداد محمود عباس دمج محمد دحلان، المقرّب من مصر، في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية. هذه هي الحال أيضا من جهة حماس: إن حلف المصالح بينها وبين دحلان – الذي يشكل معارضة لقيادة عباس في السلطة الفلسطينية – يشكل أرضية مريحة للحوار مع مصر.

اقتصاديا – تُظهر مصر انفتاحا كبيرا مقارنة بالماضي لتوسيع العلاقات التجارية مع قطاع غزة، خطوة من شأنها أن تساعد القبائل في سيناء، التي تضررت في أعقاب سد أنفاق التهريب إلى غزة. إن تنظيم حركة نقل البضاعة بشكل شرعي عبر معبر رفح سيساهم في التخفيف عن الضائقة الاقتصادية في الجانب المصري وسيساعد على وقوف السكان إلى جانب النظام في النزاع ضد ذراع الدولة الإسلامية في سيناء. في المقابل، هناك مصالح اقتصادية لدى حماس أيضا لتحسين العلاقات مع مصر لأن المعبر الحدودي القانوني في رفح يشكل منفذا وحيدا لقطاع غزة إلى العالم الخارجي الذي لا تسيطر عليه إسرائيل، لا سيما- بعد الضرر الذي لحق بأنفاق التهريب التي استخدمتها حماس لأهداف اقتصادية ومدنية.

معبر رفح (Rahim Khatib/Flash90)
معبر رفح (Rahim Khatib/Flash90)

شعبيا – تأمل مصر أن يؤدي تحسُّن علاقاتها مع حماس إلى تحسين شرعية النظام المصري في الرأي العام المصري خاصة والعربي عامة. إن تنظيم فتح معبر رفح سيسحب السجادة من تحت أقدام متهمي مصر بالتعاون مع إسرائيل في الحصار على غزة وتجاهلها الضائقة الإنسانية الفلسطينية. كذلك سيشكل تحسين العلاقات بين حماس ومصر وفتح معبر رفح إنجازا لحماس، يمكنها أن تلوح به أمام الرأي العام الداخلي.

تعود التفاهمات المتبلورة بين مصر وحماس إلى المصالح المشتركة ومصادر الضغط، والترهيب المتبادلة. تعرب هذه التفاهمات عن براغماتية سياسية ملائمة للوقت الراهن، ولكن لا يمكن تفسيرها في هذه المرحلة كتغيير استراتيجي جذري لدى أي من الجانبين: لا يخفف التعاون المصري المتساهل تجاه حماس من النزاع الذي يديره النظام المصري ضد الإخوان المسلمين؛ وفي الوقت ذاته، فإن مصادقة حماس على جزء من الدعاوى الأمنية المصرية لا تشكل تراجعا عن التزامها الأساسي بالنزاع ضد إسرائيل وعن المبادئ الايدلوجية لجماعة الإخوان المسلمين.

اختبار العلاقات الاستراتيجية بين إسرائيل ومصر‎ ‎

ألرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس (AFPFlash90)
ألرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس (AFPFlash90)

إسرائيليا – إن التحوّل في العلاقات بين مصر وحماس يشكل اختبارا هاما للتنسيق الأمني الذي تقدم في السنوات الماضية بين إسرائيل ومصر على خلفية مواجهتهما المشتركة لتحديات الإرهاب في سيناء وغزة. في إطار هذا التنسيق، على إسرائيل أن تتأكد أن التفاهمات الأمنية المتبلورة بين مصر وحماس لن تُبقي أمام حماس منفذا “شرعيا” لتهريب الأسلحة، من خلال تجاهل مصري علني أو خفي لزيادة قوتها ضد إسرائيل. لمنع عودة عدم القدرة التي ميزت نزاع نظام مبارك ضد أنفاق التهريب، على إسرائيل أن توضح للقاهرة الفشل المخطط والخطير من جهة مصر أيضا والكامن في كل تسوية تمنح حماس تسهيلات على حساب أمن إسرائيل وألا تتطرق إلى مكافحة الإرهاب في سيناء وغزة كمجمل مدمج.

في الوقت ذاته، إذا استوفت التفاهمات بين مصر وحماس الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية، قد تخدم مصالحها لعدة أسباب: أولا، التخفيف عن الضائقة الإنسانية في قطاع غزة التي قد تصل إلى إسرائيل، وفي حال استمرت قد تشكل وقودا لجولة قتال عسكرية جديدة ضد حماس؛ ثانيا، تقويض العلاقات المتبادلة بين حماس وجهات سلفية جهادية في سيناء تشكل تهديدا محتملا على أمن إسرائيل وعائقا أمام جهود مصر لتحقيق الاستقرار الأمني الداخلي وتحسين الوضع الاقتصادي؛ ثالثا، إن تعزير علاقات تعلق حماس بمصر سيقلل دافعية حماس نحو جولة قتال عسكرية ضد إسرائيل، وسيعزز مكانة مصر بصفتها وسيطا ناجحا قادرا على إنهاء أزمات مستقبلية بين حماس وإسرائيل بسرعة.

للإجمال، إن موقف إسرائيل فيما يتعلق بالتفاهمات بين مصر وحماس يجب أن يُتخذ بناء على جودة المنظومة الأمنية التي ستُبلور في إطارها. إضافة إلى ذلك، يجدر بإسرائيل والقاهرة أن تستغلا الفرصة لإدارة حوار استراتيجي يهدف إلى بلورة تفاهمات طويلة الأمد حول مستقبل قطاع غزة بهدف تصميم واقع جديد يخدم مصالح كلا الدولتين. تتيح الضائقة الكبيرة التي تواجهها حماس الآن في الداخل والخارج أيضا، لإسرائيل ومصر أن تدفعا حماس نحو اختيار براغماتية سياسية مقابل إعادة إعمار اقتصادي من جهة، وبين التمسك بالنزاع العنيف الذي يعني زيادة عزلة القطاع من جهة أخرى.

نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في موقع معهد أبحاث الأمن القومي INSS‏

اقرأوا المزيد: 1206 كلمة
عرض أقل
القيادي الحمساوي، إسماعيل هنية (Flash90/Abed Rahim Khatib)
القيادي الحمساوي، إسماعيل هنية (Flash90/Abed Rahim Khatib)

مصر تعمدت تأخير إسماعيل هنية عن السفر

هنية يغادر غزة من معبر رفح لأول مرة منذ عام 2013 لأداء فريضة الحج ومشعل يلعب دوراً مهماً للسماح له بالمغادرة

06 سبتمبر 2016 | 09:45

قالت مصادر فلسطينية إن القيادة المصرية تعمدت تأخير خروج القيادي الحمساوي، إسماعيل هنية من غزة إلى أراضيها لعدة أيام قبيل نقله للملكة العربية السعودية لأداء مناسك الحج.

وقالت المصادر أن هنية تقدم منذ 4 أسابيع بطلب للسماح له بالخروج مع حجاج قطاع غزة إلى السعودية، ولم توافق القيادة المصرية على خروجه حتى ساعات ما قبل ظهر يوم أمس الاثنين الذي شهد مغادرته غزة.

وذكرت المصادر أن القيادي موسى أبو مرزوق كان له دور كبير في إجراء اتصالات كبيرة مع المسؤولين المصريين للسماح لهنية بالمغادرة وأن خالد مشعل المتواجد في الأردن استغل اتصالا جرى بينه وبين مدير المخابرات المصرية، اللواء خالد فوزي، لتعزيته بوفاة والدته، لطلب السماح لهنية بالمغادرة.

المعلومات التي تتوارد في أوساط حماس أن هنية سيستقر في قطر لفترة وقد يعود لغزة في حال فشل التوافق على توليه منصب رئيس المكتب السياسي للحركة بديلا لخالد مشعل الذي سيغادر مع نهاية العام منصبه.

اقرأوا المزيد: 140 كلمة
عرض أقل
فلسطينيون يتزاحمون عند معبر رفح للحصول على تاشيرة للعبور (AFP)
فلسطينيون يتزاحمون عند معبر رفح للحصول على تاشيرة للعبور (AFP)

معبر رفح: لنشطاء حماس فقط؟

هاجم معلقون من غزة سياسة حماس إزاء معبر رفح، ملاحظين أن الحركة تميّز بين سكان القطاع وتسهل عبور المنتمين إليها على حساب البقية

09 مارس 2016 | 17:29

لم يعد يُخفى على سكان قطاع غزة، أن حماس تستغل فتح معبر رفح، ليس فقط من قبل متنفذيها بدفع الأموال مقابل السماح لبعض المسافرين بوضعهم على مقدمة الكشوفات للسفر، بل تعمل على السماح لنشطائها بالخروج كحالات إنسانية للسفر إلى الخارج.

أحد المظاهر التي لوحظت في غزة، خروج عدد كبير من نشطاء حماس لاستكمال دراستهم في ماليزيا وتركيا، من خلال منحٍ تقدمها تلك الدول للحركة، التي تحكم سيطرتها على القطاع.

فقد خرج المئات من عناصر حماس في السنوات الأربعة الأخيرة، من غزة للدراسة في تركيا وماليزيا، وعدد قليل منهم عاد، فيما بقي الآخرون يتلقون تعليمهم هناك، وبعضهم يتدرج في العمل التنظيمي بالمكاتب الناشطة للحركة، ويغادرون من ماليزيا وتركيا إلى الدوحة وبيروت، لتلقي دورات تدريبية تنظيمية خاصة بحماس.

وكان خالد مشعل، خلال زيارته الأخيرة لماليزيا، قد التقى مع أكثر من 150 ناشطا من حماس يتلقون تعليمهم المختلف هناك، وتحدث معهم بالعديد من القضايا التنظيمية، قبل أن ينظم لقاء مفتوح مع جميع الطلبة الفلسطينيين، والماليزيين في إحدى الجامعات.

ومن بين من غادروا قطاع غزة، المتحدث باسم حكومة حماس، إيهاب الغصين، الذي خرج للعلاج في تركيا وثم ذهب إلى قطر. ولا زال هناك يتنقل بين البلدين، بالإضافة إلى مسؤول جهاز الإعلام في وزارة الداخلية، إبراهيم صلاح، الذي خرج واستقر في قطر، وأصبح مديرا لمكتب موسى أبو مرزوق ويواصل دراسته حيث يتنقل أحيانا إلى تركيا للدراسة.

وانتقد الصحفي في ال “مونيتور”، من غزة، محمد عثمان، ما يجري، وكتب على صفحته في “فيسبوك”: “حاجة لاحظتها.. وتحملوني فيها! .. حركة حماس، بتقول للناس في البلد تحمّلوا واصبروا وووو غيره كتير من العبر.. لكن تعالوا شووفوا مين بيطلع للمنح والماجستير برا البلد لما يفتح المعبر.. المنتمين لحماس! وفعليا هم اللي قادرين يطلعوا! ..وفي منهم كتير ما بيرجعوا.. كتيرررررا! ..طيب ليش؟ كيف؟ وين؟؟ بطّلت فاهم اشي انا”.

ولاقى ما كتبه عثمان الكثير من ردود الأفعال، كانت إحداها من صحفية في “صوت الشعب” التابع للجبهة الشعبية بغزة، سهير الخراز، التي كتبت معلقة على عثمان: “الشعب بنظرهم بالزبط زي حجار الشطرنج بينصف للمصلحه .. الدور الباقي عاللي نايم ومش فاهم لا ومضحوك عليه خخخخ”.

وأجمع غالبية المعلقين على ما كتب عثمان على أن الواسطة والمنح الدراسية التي تمنح للفلسطينيين في غزة باسم “السكان” تذهب لصالح نشطاء حماس فقط.

اقرأوا المزيد: 340 كلمة
عرض أقل
معبر رفح (Flash90/Abed Rahim Khatib)
معبر رفح (Flash90/Abed Rahim Khatib)

فشل حماس بفتح معبر رفح قد يُكلفها كثيرًا

"تُجار الدم" في حركة حماس يُحاولون عادة أن يكسبوا من الصراعات المُسلحة مع إسرائيل، ولكن انتفاضة السكاكين وإغلاق معبر رفح يضعان الحركة في وضع مُحرج

يتصدّر معبر رفح، بين الحين والآخر، العناوين ويُذكّر الجمهور بالوضع الخانق الذي يعيشه قطاع غزة، وتحديدًا على الحدود المصرية. فالحركة على معابر غزة قليلة جدًا، ويبدو أن الأيام، التي كانت تشهد عبور عشرات آلاف الأشخاص في المعبر كل يوم للعمل في إسرائيل أو التجوال في مصر، باتت حلما بعيدا.

وقد أعربت حماس مؤخرًا عن استعدادها للتواصل مع أية جهة من أجل العمل على فتح المعبر، وهذا نتيجة الضغط الكبير الذي تتعرض له.

ويكفي الاستماع إلى الأحكام التي أصدرتها المحكمة المصرية بحق أعضاء جماعة الإخوان المُسلمين بقضايا مُختلفة وعلى رأسها قضية “اقتحام السجون” التي كانت حماس مُتورطة فيها، لنُدرك مدى كراهية النظام المصري لحركة حماس.

افراد قوات الامن الفلسطينية في معبر رفح. الأرشيف عام 2005 (AFP)
افراد قوات الامن الفلسطينية في معبر رفح. الأرشيف عام 2005 (AFP)

ومن الصعب أن ننسى تصريحات غازي حمد قبل شهرين حين قال: “نجد أنه دخل وخرج من معبر بيت حانون (إيرز) في شهر مايو فقط (نحو 34 ألفا) ما يعادل ما خرج من معبر رفح في  ثلاث سنوات أو أكثر”.

كانت خلال العمليات العسكرية الثلاث في قطاع غزة، خلال السنوات الأخيرة، عملية “الرصاص المسكوب” عام 2008، عملية “عامود السحاب” عام 2012 وعملية “الجرف الصامد” في صيف 2014، نسبة دعم حماس حرجة حيث شهدت صعودا وهبوطا دائما: بدايةً، كان هناك صعود حاد بدعم الحركة في الأيام الأولى، ومن ثم تراجع تدريجيا عندما هدأت رياح الحرب وبقي سكان غزة يواجهون نتائج المأساة.

ويبدو أن الانتفاضة الأخيرة التي تدور رحاها في الضفة الغربية تُضعف حماس. فلم يعد مُقاتلو القسام يقفون في أول خط المقاومة وحل شُبان الخليل والقدس مكانهم. وباتت حماس تجد نفسها كعامل تهدئة وكبح، يعمل على لجم مسألة إطلاق القذائف على إسرائيل؛ خوفًا من دخول غزة أيضًا في دوامة العنف.

إلى جانب القيود التي تفرضها إسرائيل على غزة حول مسألة دخول الأشخاص والبضائع ومناطق صيد الأسماك لا يُمكن تجاهل حقيقة أن حكومة قطاع غزة فاشلة تمامًا. ترفض حماس تقبّل المُعادلة التي تقول إن إلغاء نتائج الانقلاب الذي حدث في عام 2007 من شأنه أن يُعيد وضع معبر رفح إلى ما كان عليه، ولكن، كُلما ازداد الضغط يزداد الاحتمال أنه سيُرافق فتح معبر رفح تحقيق إنجاز هام للسلطة الفلسطينية.

اقرأوا المزيد: 313 كلمة
عرض أقل
أهالي غزة بانتظار فتح معبر رفح (Flash90/Abed Rahim Khatib)
أهالي غزة بانتظار فتح معبر رفح (Flash90/Abed Rahim Khatib)

فتح معبر رفح وحملة مناكفات سياسية واعلامية فلسطينية

أعاد فتح معبر رفح أمام سكان قطاع غزة، أزمة قديمة – جديدة بين السياسيين الفلسطينيين في ظل المطالبات بفتحه باستمرار وربط ذلك بسيطرة السلطة الفلسطينية عليه بشكل دائم

وحسب مصادر سياسية فلسطينية، فإن السلطة الفلسطينية اشترطت، عبر وسطاء من الفصائل، أن تسلم حماس المعبر بشكل كامل لحرس الرئاسة الأمني لضمان استمرارية فتح المعبر. مبينةً أن حماس ناقشت تلك القضية في الشهرين الأخيرين عدة مرات إلا أنها كانت تشترط أن يبقى عناصرها متواجدون على المعبر وهو ما ترفضه السلطة. وفقا لما قالته تلك المصادر لـ موقع المصدر.

تلك المصادر أشارت إلى أن القيادي في حماس، محمود الزهار، وخلال اللقاءات الداخلية التي عقدت، رفض أن يتم تسليم السلطة المعبر ودعمه بعض القيادات من بينهم فتحي حماد إلا أن الغالبية فضلت في حال أجبرت الحركة على التسليم، أن يشترط وجود موظفيها ورفض عودة المراقبين الأوربيين والعمل باتفاقية 2005.

وبينما تقول مصادر فلسطينية أن مصر تدعم السلطة في مطالبها. تشير مصادر مصرية في حديث لـ المصدر أن الجانب المصري يعتبر قضية معبر رفح قضية نموذجية لكيفية التعاطي مع معابر غزة وإدارة القطاع حيث تهدف لأن يكون بيد الجهة المعترف بها من الحكومة المصرية وهي السلطة الفلسطينية. مشيرةً إلى الجهود المصرية اصطدمت ببعض العثرات بعد رفض الرئيس، محمود عباس، اتمام المصالحة مع القيادي الفتحاوي محمد دحلان والذي تعتبره الحكومة المصرية لاعبا اساسيا في اعادة ترتيب أوراق غزة.

ونقلت سائل إعلام فلسطينية صبيحة السبت عن القيادي في حماس، موسى أبو مرزوق، قوله أن حركته هي من طرحت تسليم المعبر لحرس الرئاسة وأن السلطة الفلسطينية رفضت ذلك. قائلا “حماس ليست قوة احتلال لتسلم المعبر وما يجري مسألة سياسية بحتة”.

أهالي غزة بانتظار فتح معبر رفح (Flash90/Abed Rahim Khatib)
أهالي غزة بانتظار فتح معبر رفح (Flash90/Abed Rahim Khatib)

وبينما تشهد الساحة السياسية مناكفات كبيرة، يتحدث مسافرون فلسطينيون عن سوق سوداء يدفع من خلالها نحو 3 آلاف دولار لكل مسافر من أجل تسهيل مهامهم وسفرهم في حين يعاني من لا يملك المال بانتظار الأمل المعقود على أن تفتح البوابة لجميع المسافرين دون أي واسطة ودون دفع أي مبالغ مالية للمتنفذين بغزة وغيرها.

ولعل المعاناة الإنسانية الكبيرة للآلاف من المسافرين الفلسطينيين والتي غطتها وسائل الإعلام الدولية خلال اليومين الماضيين، تظهر حقيقة المعاناة بمطالب النشطاء عبر شبكات التواصل الاجتماعي بتسليم المعبر من خلال تدشين هاشتاغ تحت عنوان “#سلموا_المعبر”.

وثار جدلا بين عناصر نشطاء حماس على الانترنت من جهة وآخرين من فصائل وإعلاميين ومستقلين من جهة أخرى خاصةً بعد أن كتب المسئول الإعلامي في حماس إيهاب الغصين عبر صفحته أن تسليم المعبر هدفه رأس وسلاح المقاومة قبل أن يقدم على حذف البوست الذي كتبه بعد الهجوم الكبير الذي تعرض له من تعليقات اتهمته بالسفر بالواسطة وفتح المعبر خصيصا له بعد أن ألمت به وعكة صحية شديدة.

اقرأوا المزيد: 372 كلمة
عرض أقل
معبر رفح (Flash90/Abed Rahim Khatib)
معبر رفح (Flash90/Abed Rahim Khatib)

فتح معبر رفح يُقلق إسرائيل

القيادي في حركة حماس أحمد يوسف يقول: "هنالك دلالات على فتح صفحة جديدة مع مصر"، وصحيفة إسرائيلية تحذر: 18 ألف طن من الإسمنت دخلت من معبر رفح وستُستخدم لحفر الأنفاق

يُثير التقارب الملحوظ بين مصر وحركة حماس في غزة قلق مسؤولين إسرائيليين. نشرت الصحيفة الإسرائيلية، واسعة الانتشار، “يديعوت أحرونوت” عنوانًا يدعو لقلق إسرائيل: “هدية لشهر رمضان: 18 ألف طن إسمنت”. يُتيح الفتح الدائم لمعبر رفح، وفقًا للتقرير، بمناسبة شهر رمضان، عملية مرور حر لمواد البناء من مصر إلى القطاع، ووفق ادعاءات جهات أمنية إسرائيلية فإن تلك المواد ستُستخدم في إعادة ترميم أنفاق التهريب والهجوم.

وجاء في التقرير “أن إسرائيل تُتابع، بقلق، التطورات الأخيرة، إنما، تمتنع الجهات الرسمية الإسرائيلية، حاليًا، من انتقاد المصريين خشية من الإضرار بالعلاقات الحساسة بين الدولتين، التي شهدت تحسنًا في العام الأخير ويتمثل ذلك بالتعاون الأمني بينهما.

وجاء من الجانب الفلسطيني أن فتح معبر رفح لأيام متواصلة هو أمر كان في الفترة الأخيرة أشبه بالحلم. قال وكيل الوزارة الخارجية سابقا أحمد يوسف لموقع “دنيا الوطن” الفلسطيني إنه في الشهريين الماضيين كان هناك أكثر من اتصال ولقاء في القاهرة والدوحة الأمر الذي أعطى مؤشرات لفتح صفحة جديدة مع الجانب المصري‎ “.

وأضاف يوسف، عضو حركة حماس، أن هناك اتفاق حول التعاون الوثيق بين غزة ومصر الذي يضمن أمن وسلامة مصر، بقوله:‎ ” ‎هناك خطوط عريضة تم الاتفاق عليها بيننا وبين الجانب المصري ومن أهمها تأمين الحدود بيننا حتى لا يكون هناك مجال لاختراقات أمنية وأن نعمل على تنسيق ومعرفة كل من يدخل ويخرج من جانبنا لكي لا تحدث مشاكل لأمن مصر‎.”‎

وعبّر يوسف عن أمله بأن يُتاح فتح معبر رفح بشكل نظامي ودائم إن لاحظ النظام المصري عدم وجود أعمال إرهابية في سيناء، والمرتبطة بغزة. طالب بنبذ تلك الجهات وأكّدَ أن السلطات في غزة ستتعامل معها بيد من حديد.

اقرأوا المزيد: 247 كلمة
عرض أقل