مصطفى كمال أتاتورك

رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، في مقره الجديد (AFP)
رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، في مقره الجديد (AFP)

هكذا يبدو قصر السلطان أردوغان

91 ألف متر مربع، غرف محصنة تحت الأرض، خنادق ضد الهجمات الكيميائية، "غرفة صامتة" وأنظمة ضد هجمات السايبر

احتفلت تركيا البارحة (الأربعاء) بالذكرى الـ 91 لتأسيس الجمهورية، وبالنسبة لرجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء السابق ورئيس الدولة الحالي، هذا هو التوقيت الأمثل للكشف عن مشروعه العملاق في ضواحي أنقرة: مقر إقامة الرئيس الجديد – القصر الأبيض”. يدور الحديث عن مبنى فاخر جدًا والذي تعرض لانتقادات شديدة من المعارضة التي تدعي أن هذا دليل آخر على طموحات أردوغان الاستبدادية.

رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، في مقره الجديد (AFP)
رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، في مقره الجديد (AFP)

يقع مقر الرئيس الجديد في منطقة “التلال الخمس”. نتحدث عن مشروع ضخم يمتد على مساحة نحو 200 ألف متر ويضم 1100 غرفة. وصلت كُلفته إلى نحو 350 مليون دولار ويأتي تصميمه دمجًا بين الطراز الحديث والطراز السجوقي القديم من القرون الوسطى.

وذكرت مصادر إعلامية تركية أن تصميم أحد المكاتب في القصر يشبه تصميم الغرفة الإهليجية في البيت الأبيض في واشنطن.

رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، في مقره الجديد (AFP)
رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، في مقره الجديد (AFP)

كان مقر الرئيس سابقًا دائمًا في قصر الرئاسة “كانكايا” في وسط أنقرة. كان ذلك القصر مقر الرئيس التركي منذ تأسيس الجمهورية العصرية على يد مصطفى كمال أتاتورك وكان يُعتبر بالنسبة للكثيرين رمزًا لتاريخ تركيا الحديث كدولة علمانية تقدمية. كان يشكل قصر كانكايا منذ أتاتورك وحتى أردوغان مقر 12 رئيسًا في تركيا. يُعتبر الانتقال إلى قصر جديد دلالة واضحة جدًا على محاولة أردوغان تأسيس “تركيا حديثة”.

يُعتبر القصر الجديد، بنظر المعارضة، دلالة على خيانة أردوغان للنهج العلماني للدولة التركية التي أسسها أتاتورك، الذي اهتم بوجود فصل تام بين الدين والدولة. تتهم المعارضة أردوغان، الذي تم انتخابه رئيسًا لتركيا في شهر آب بعد أن بقي رئيسًا لحكومتها لمدة 10 سنوات، بالقيام بأسلمة الدولة تدريجيًا وتقويض ديمقراطيتها.

نثر أردوغان المزيد من الملح على الجروح، حسب رأي المعارضة، بقراره افتتاح القصر الرئاسي الجديد في الذكرى السنوية لتأسيس الجمهورية، أهم مناسبة بالنسبة للعلمانيين في تركيا. أعلنت الأحزاب الثلاثة المعارضة في البرلمان نيتها مقاطعة هذه المناسبة.

لا يمكن أن نتجاهل أبدًا أن اسم القصر الجديد، “إيك سراي”، يتضمن اسم الحزب الحاكم، “حزب العدالة والتنمية” أو كما يُعرف باختصار AK.

اقرأوا المزيد: 286 كلمة
عرض أقل
متظاهر تركي في سيليفري (OZAN KOSE / AFP)
متظاهر تركي في سيليفري (OZAN KOSE / AFP)

انتصار كبير للإسلاميين

قرار المحكمة ضد المتّهمين بمحاولة الانقلاب على أردوغان يزيد من الاستقطاب التركي

بعد طول انتظار، انتهت يوم الإثنين المحاكمة، التي كان يبدو أن لا نهاية لها، لمئات المتهمين بالتآمر للانقلاب على الحكومة المنتخبة ديموقراطيًا في تركيا بصدور أحكام أحدثت صدمة. فبعد خمس سنوات، أصدرت المحكمة التركية في سيليفري – وهي بلدة واقعة في ضواحي إسطنبول- حكمًا على 17 شخصا من بينهم اللواء إيلكر باسبيرج، القائد السابق للقوات المسلحة، بالسجن المؤبد. ويقول باحث في الاستخبارات الإسرائيلية في الشؤون التركية “إن هذا يعد نصرا كبيرًا آخر لرئيس الوزراء وحزبه الإسلامي، حيث يمضيان قدمًا لترسيخ سلطتهم الممتدة فعلا”.

تم القبض على 275 متهمًا من التيارات الرئيسية العلمانية في تركيا – بينهم ضباط حاليون وسابقون في الجيش وسياسيون وأساتذة جامعيون وصحفيون- عام 2008 واتهامهم بتهم خطيرة.

تضمنت هذه التهم التآمر لإسقاط حكومة الحزب الإسلامي الحاكم، حزب العدالة والتنمية، برئاسة رجب طيب أردوغان، والتخطيط لإحداث اضطرابات لتبرير التدخل العسكري ضد الحكومة، والتخطيط لاغتيال السيد أردوغان وقتل زعماء الأقليات فضلًا عن تفجير مساجد.

وقد تلقى ستون متهمًا أحكامًا أخف بينما تمت تبرئة الآخرين.

استنادًا على الأسس التي وضعها مصطفى كمال (أتاتورك) مؤسس الجمهورية التركية الحديثة منذ ما يقارب 100 عام؛ وتمّ تفويض الجيش بمهمة الدفاع عن المجتمع الحر الديموقراطي العلماني في تركيا . منذ ذلك الحين، قام الجيش بانقلابات أعوام 1960 و 1971 و 1980، وضغط على الحكومة لتقديم استقالتها عام 1997 بنيّة الحفاظ على روح الدستور، أو كذريعة للاستيلاء على السلطة.

تعد هذه المحاكمة علامة فارقة في تاريخ البلاد. وفي حين أن كثيرًا من مواطني تركيا البالغ عددهم 80 مليون مواطن يؤمنون بتآمر المتهمين ضد الحكومة، ثمة قطاع كبير أيضًا من السكان يعتقد بأن ما نشأ كان بمثابة “محاكمة استعراضية” وصورة زائفة للعدالة ومثال آخر على النمط الاستبدادي لرئيس الوزراء الذي أجرى عمليات اصطياد لخصومه.

في حزيران، خرج الآلاف من المواطنين، معظمهم من الشباب، في المدن التركية الكبرى في مظاهرات حاشدة مناهضة للحكومة ولتدخلها الاستبدادي في الحياة اليومية العادية للمواطنين. يزعم بعض المراقبين أن أحد تداعيات المحاكمة يمكن أن يكون جولة أخرى من الاحتجاج الشعبي.

وما لا يقل أهمية هو خروج تركيا من هذه القضية بوصفها مجتمعًا أكثر استقطابًا بين الشريحة العسكرية العلمانية الليبرالية من السكان التي تتمسك بميراث أتاتورك القديم، والجماهير الإسلامية الصاعدة التي تنشُد تحويل البلاد إلى نظام ثيوقراطي خفيف.

تزيد المحاكمة أيضًا من جهود حكومة أردوغان النظامية لتطهير الجيش والدوائر الأمنية والقضاء والمؤسسات السياسية والاجتماعية الأخرى المهمة وتعيين الذين تثق بهم.

ما يتضح الآن لأغلب المراقبين هو قيام أردوغان وحزبه بمزيد من الترسيخ والتوسيع لقبضته على السلطة وتمديد احتكاره السياسي مع إدارة ظهورهم الآن إلى الغرب وقيمه.

اقرأوا المزيد: 384 كلمة
عرض أقل