إن المشاركين في حدث المصارعة الكبير في تركيا هم ليسوا من البشر، وإنما جِمال. وصل (يوم الأحد) ألوف المشاهدين المتحمسين لمنافسة مصارعة الجِمال في مدينة تقع قرب إزمير غرب الدولة.
الإبل في تركيا (AFP)
الحديث عن تقليد تركي منذ أكثر من 2400 سنة. يتم تقسيم مئات الجِمال المشاركة في المصارعة إلى مجموعات حسب الجيل والوزن. تحتج مؤسسات حماية حقوق الحيوان على إقامة هذه المنافسة القديمة، ويدّعي مقيمو المهرجان أنهم استمعوا لهذه الاحتجاجات وقاموا بتحسين حماية وأمان الحيوانات.
https://www.youtube.com/watch?v=7sb7XTSn-vE
في عشرينيات القرن الماضي، تحوّلت مصارعة الجِمال لفرع رياضي منتظم كباقي الفروع. رغم محاولات المواطنين الفردية للتسويق لهذا الفرع في أوروبا والولايات المتحدة، لم ينجح الأمر، بالأساس بسبب معارضة مؤسسات حماية حقوق الحيوان.
في الثمانينيات، بدأت حكومة تركية بتشجيع المواطنين على المشاركة في هذه النشاطات كطريقة لتعظيم الحضارة التاريخية للدولة- وحوّلت الحدث إلى مهرجان.
الإبل (AFP)
“رغم أن هذا يبدو كبربريّ، فالحديث عن جزء مميّز من الحضارة التركية”، روى المشاهدون الذين حضروا لمشاهدة المنافسة، “تتصارع الجِمال فيما بينها أيضًا في الطبيعة، حين تتنافس على قلب الناقة، أنثى الجمل. هذا طبيعي جدًّا”.
في نادي مصارعة نسائي في برلين تضع نساء هناك الرجال في مكانهم الصحيح – مسحوقون تحت مؤخراتهن. تجلس مالكة النادي، المعروفة باسم “أناكوندا” (اسم أفعى)، على وجوه الرجال، تسحق وجوههم بين فخذيها إلى أن يكادوا ينفجرون، حسب طلبهم.
تم افتتاح النادي قبل 3 سنوات، ويعطي فرصة لكل امرأة، من ربة البيت المتزوجة وصولاً إلى المرأة مفتولة العضلات، أن تفرغ غضبها أمام امرأة أُخرى في مباريات مصارعة. تواجه النساء وهن عاريات أو يرتدين أزياء تخص الساديين، ذلك النمط السائد ويثبتن أنه يمكنهن أن يتمتعن بالقوة والحضور وأيضًا أن يتمتعن بالأنوثة والإثارة. يتم استدعاء الرجال أكثر لدخول الحلبة في حال كانوا مستعدين للإذعان.
تصارع أناكوندا الرجال، تهشمهم وتسحقهم نزولاً عند طلبهم، ولكنها لا تستخدم أي سلوك إباحي أو جنسي.
https://www.youtube.com/watch?v=2M7TfYu9_8k
لا تصف السيدة آنا نفسها، رغم قوتها الملفتة، بأنها امرأة قوية. تحب احدودوباتها الأنثوية وأيضًا عضلاتها القوية. تمت مشاهدة ومشاركة فيديوهاتها، التي تظهر فيها وهي تسحق أشياء (مثل البطيخ، أو رأس رجل)، بشكل كبير جدًا عبر الشبكة مما جعلها شخصية معروفة في برلين.
لاعب جودو من سنّ مبكّرة، خدم كمظلّيّ في الجيش وحصل على بطولة العالم في الجيو جيستو. والآن هو أول إسرائيلي يظهر في UFC، وهي بطولة فنون الدفاع الرائدة في العالم. تعرّفوا على نوعاد لاهط
قادته حياته كلّها إلى هذه اللحظة. دروس الجودو في سنّ الخامسة، الفوز ببطولة العالم في الجيو جيتسو البرازيلية، ما لا يحصى من مباريات الـ MMA المرهقة التي شارك بها، وأيضًا 3 سنوات من الخدمة العسكرية كمقاتل في لواء المظليين.
في 23 آذار صعد نوعاد لاهط الإسرائيلي إلى الحلبة في “صالة الألعاب الرياضية نليو دياز” في البرازيل، الأولى من بين أربع مباريات من المرتقب إقامتها في العشرين شهرًا القريبة في قمة فنون الدفاع والمصارعة العالمية، المعروفة بمباريات UFC. بعد دقيقتين و 39 ثانية من إشارة البدء بالمباراة، كان قد أصبح في وضع لا يُحسد عليه، وذلك بعد أن تلقّى ضربة قوية مباشرة على ذقنه من منافسه المحلّي، جودفرودو بابي.
رغم ذلك، يمكن للاهط أن يسجّل لصالحه علامة مهمّة جدّا. “المشاركة في UFC هي كلّ شيء بالنسبة لي. تدرّبت من أجل ذلك لسنوات وأنا متأثر قبيل هذه الفرصة”، هذا ما قاله قبل المباراة والأمور جيّدة بعدها أيضًا. في الواقع، فإنّ القليل من الرياضيين – المقاتلين يحظون بشرف الظهور في إطار الـ UFC، وليس هناك شكّ أنّه بالنسبة لـ “نيو” (لقب في الدوري) فابن 29 عامًا حظى بتقدّم محترف إلى دوري الكبار حقّا، ومن المتوقع أن يشارك في مباريات أخرى يمكنه من خلالها أن يعرض قدراته. الهدف واضح: إقناع قادة المنظمة وتلقّي دعوة على أساس ثابت إلى جولات مباريات الكبار.
شاهدوا الضربات القوية التي تغلّبت على لاهط (وعشرات الآلاف من المتفرّجين على المدرّجات)؛ هل تعرفون أي شخص يقف هناك؟
طول لاهط أقلّ من المعدّل (1.75 م) ووزنه (نحو 66 كيلوغرام) أيضًا ولذلك فهو يتبارى بتصنيف فئة “الوزن الخفيف”. ولكن لا تدعوا هذه الشؤون تخدعكم؛ فهو مليء بالعضلات وقوي بشكل غير عادي. فإلى جانب بياناته الطبيعية والمخيفة، اكتسب تقنيات تعلّم استخدامها في تجاربه الشخصية مع فنون القتال المختلفة، وتحوّل إلى آلة قتال بشرية، ولكنها مرعبة. بدأ في الجودو الشعبي قبل أن يتعلّم في المدرسة ووصل إلى الحزام الأسود، ولكنه تخلّى عنه في وقت لاحق لصالح فرع اكتسب زخمًا في العقد الماضي.
الملاكم نوعاد لاهط (Facebook)
“إلقاء شخص ما على ظهره فهذا جيد دومًا، ولكنه ليس قتالا حقيقيًا. انتقلت إلى الـ جيو جيتسو البرازيلية لأنّهم هناك لا يتوقّفون بعد الإلقاء، وإنّما يستمرّون في الخنق”، هذا ما اعترف به في مقابلة أجريت معه مؤخرًا. تحسّن لاهط بسرعة في هذا الفرع العنيف والمؤلم، الذي يشكّل تحدّيًا، وفي 2010 وجد نفسه في مباراة على لقب بطل العالم في وزن الريشة لذوي الأحزمة البنّية. في نهاية المسابقة تظهر الحماسة، فقد تمكّن من الفوز على منافسه وتسجيل ذروة إنجازاته. على الأقل حتى تلك النقطة.
شاهدوا الذكاء والهدوء اللذين يتغلّب بهما لاهط على منافسه من بطولة العالم في الجيو جيتسو عام 2010:
جاء إلى MMA عن طريق الصدفة تقريبًا. فقد طُلب منه من قبل أحد الأصدقاء المساعدة في التحضير للمباراة وتعرض لعالم القتال النهائي، الذي يجمع أفضل ما في تلك العوالم؛ حيث يمكّن من إلقاء شخص ما على ظهره، تنفيذ الخنق بأسلوب المصارعة اليونانية – الرومانية، لكمه وتسديد ضربات كونغ فو أو جيو جيتسو. “MMA هو الشيخ الحقيقي. الفرع الحرّ الوحيد الذي يسمح للمقاتل من إظهار أفضل ما لديه”، هذا ما قاله لاهط في الماضي ويمكن أن نفهم ما يقصده.
تدرّب في السنوات الأخيرة في سان خوسيه، في الأكاديمية الأمريكية للملاكمة، وتعلّم أيضًا الملاكمة والملاكمة التايلاندية، إلى جانب العمل المرهق في مجال تخصّصه. دُعي قبل عامين تقريبًا إلى مباراة UFC، ولكنه اضطر بسب إصابة للانتظار في المشاركة في مباراة مع بابي، وهي المباراة التي انتهت، مع شديد الأسف، بضربة قوية قاسية. كانت تلك من نوع الخطوات التي تحاول سنوات طويلة من التدريبات أن تحصّنك أمامها، ولكن في اللحظة الحاسمة لا تقدّم لك حلولا وتغطية كاملة. يكتفي المنافس ببريق ثانية لوضع ركبته في الفجوة التي تشكّلت بين يدي لاهط المضمومتين وتقديم المباراة إلى نهايتها في وقت سابق. خطوة محبطة، ولكنها لا تثبّط الإنسان الذي استمرّ لسنوات طويلة جدّا لتحقيق ما وصل إليه.
وها هو “ميسي” الـ UFC: “الوطواط” من البرازيل، أندرسون سيلبا، بأفضل الحركات، نوصي به لمن لم يروه حتّى الآن!
فبعد كلّ شيء، بماذا يتعلّق مستقبل الـ “نيو”؟ هو شخص جدّي جدّا يركّز بشكل تامّ على الهدف الذي يقف أمام عينيه في التدريبات وفي حلبة القتال. “لا أحبّ الكلام البذيء أكثر من اللازم”، لقد حرص على الإيضاح واعترف بأنّه يشعر بالمسؤولية عن أفعاله لأنّه “كل تصرف سأقوم به سيُقال هكذا يتصرّف جميع الإسرائيليين”. من الناحية العقلية، إذن، المادة التي تشكّل منها مقاتلو UFC الجدّيّين تمامًا. سيحتاج إلى صبر كبير وحالة بدنية جيدة ومستقرة للاستمرار بالظهور في أماكن حلم بها، ولكنّه قادر على ذلك بالتأكيد. وهناك مشكلة أخرى، ليست متعلّقة به إطلاقًا.
كما هو معلوم، فإنّ لاهط مقيّد لفئة الوزن حتى 66 كيلوغرامًا، والتي ستفرض عليه حمية غذائية دائمة وصعبة بشكل خاصّ، ولكن كتلك التي من شأنها أيضًا أن تسمح له بدخول المسابقات. إلى جانب حقيقة أنّ هناك عرضًا أقلّ من المباريات في فئة هذا الوزن، فإنّ كلّ محاولة للوصول إلى الوزن المطلوب للدخول إلى الحلبة هو عذاب دائم، والذي يتضمّن تعرّق لفترات طويلة في الساونا خصوصًا، مما يؤدي إلى إنقاص 5-6 كيلوغرام من وزنه. كلّ ذلك من أجل المشاركة، نذكّر فقط، في مباريات مريرة ضدّ منافسين سفّاحين، ذوي وزن 66 كيلوغرامًا “فقط”. من هؤلاء الذين تؤدّي ضرباتهم القوية إلى آلام لا نعرفها نحن البشر العاديّون إطلاقًا. وربّما يكون جيّدًا أن يبقى المقاتلون في الحلبة ونكتفي نحن بالمشاهدة…
للحصول على المزيد: المباراة الكاملة التي أقامها لاهط في الصيف الأخير ضدّ شاد سميث، والتي انتهت بنصر إسرائيلي حاسم: