هيئة تحرير “المصدر” تأخذ قراءها المحترمين في جولة مذهلة إلى المواقع الأكثر قداسة للديانات التوحيدية الثلاث: اليهودية، المسيحية، والإسلام في الأراضي المقدّسة.
في هذا الجزء سنولي اهتماما خاصا بالمساجد الأقدم، الأجمل والأكثر تميزا في إسرائيل والتي تم الحفاظ عليها على مدى عقود كثيرة.
مسجد الأقصى، القدس
مسجد الأقصى، القدس (Flash90/Nati Shohat)
في البداية سنتحدث طبعا عن أكثر مسجد يرمز إلى الإسلام في القدس. مسجد الأقصى كما هو معروف هو المسجد الثالث في أهميته في الإسلام. وفقا للتراث الإسلامي فهذا هو المكان الذي ذهب إليه النبي محمد في رحلته الليلية من مكة إلى القدس. يقع المسجد في منطقة مواقع الصلاة والأماكن الدينية المعروفة بالحرم القدسي الشريف.
أقيم المسجد بعد عشرات السنين من وفاة النبي محمد. ولا يُعرف تاريخ بنائه الدقيق. بُني الأقصى بداية من الخشب وسمّي باسم مسجد بيت المقدس. وفقا للتراث الإسلامي فقد بُني المسجد بأمر من الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وعلى أية حال فمن المعروف أن المسجد كان قائما منذ عام 679 للميلاد.
في مرحلة متأخرة أكثر، بُني في المكان مبنى حجري. ينسب معظم المؤرخين العرب في القرون الوسطى بناءه إلى عبد الملك، باني مسجد قبة الصخرة ويفترضون أنّ بناء المسجد الحجري بدأ عام 691 وانتهى تقريبا في عام 705. أقيم المبنى، بأسلوب البازيليكا البيزنطية، من جديد وتم ترميمه خمس مرات على الأقل. وقد دُمّر تماما مرة واحدة على الأقل في زلزال في منتصف القرن الثامن. كانت إعادة البناء الأخيرة في عام 1035.
-
-
المصلى المرواني في المسجد الأقصى (Wikipedia)
-
-
المصلى القبلي من الداخل (Wikipedia)
-
-
مصلى الأقصى القديم (Wikipedia)
-
-
مصلى البراق (Wikipedia)
في المسجد الأقصى نفسه وحوله، هناك مكان لـ 5,000 مصلّ تقريبا. حتى بناء المسجد الأكبر في الشرق الأوسط – المسجد المرواني في إسطبلات سليمان – كان المسجد الأقصى هو المسجد الأكبر في القدس. لقد تميّز بعدة أساليب بناء، ومن بينها أيضًا الأسلوب الصليبي من الفترة التي احتل فيها الصليبيين القدس.
بعد حرب عام 1948، انتقل المسجد إضافة إلى القدس الشرقية إلى سيطرة المملكة الأردنية. قُتل عبد الله الأول، ملك الأردن، عندما زار وصلى في المسجد في 20 تموز عام 1951. كان المغتال فلسطينيا من أفراد عائلة الحسيني.
مسجد قبة الصخرة، القدس (AFP)
في 21 آب عام 1969، أُشعل شاب أسترالي كان مختلّا عقليّا النيران في المسجد، واعترف أنّه قام بذلك من أجل تسريع مجيء المسيح. على مدى سنوات طويلة تمت في المسجد أعمال إعادة إعمار وترميم مع تبرعات بمئات ملايين الدولارات والتي جاءت بعد الحريق.
مسجد الجزار، عكا
مسجد الجزار، عكا (Flash90/Miriam Alster)
مسجد الجزار هو مسجد يقع في شارع الجزار شماليّ المدينة القديمة في عكا. وقد سُمّي على اسم بانيه، حاكم شمال فلسطين نيابة عن الإمبراطورية العثمانية في نهاية القرن الثامن عشر، أحمد الجزار، ويُعرف أيضًا باسم “جامع الباشا”.
مسجد الجزار، عكا (David Katz)
إنه المسجد الأكبر، الأهم، والأفخم من بين المساجد الثمانية الموجودة في عكا القديمة اليوم، وهو المسجد الرئيسي الذي تستخدمه الجالية المسلمة في المدينة. حتى عام 1967، عندما احتُلّت المدينة القديمة في القدس، كان هو المسجد الأكبر في إسرائيل (واليوم هو الثالث في مساحته في إسرائيل).
داخل مسجد الجزار في عكا (David Katz)
يُحتفظ في علبة داخل المسجد بشعرات منسوبة وفقا للتقاليد المحلية إلى النبي محمد، وهي تُعرض علنا مرة واحدة في السنة، في عيد الفطر. تم شراء هذه الشعرات عام 1901 من المسجد الأزرق في إسطنبول لصالح مسجد الجزار.
وأقيم المسجد عام 1781 على أنقاض كنيسة صليبية. وأقيمت كنيسة الصليب المقدّس بدورها على بقايا “مسجد الجمعة” من الفترة العربية. ومن أجل إقامة المسجد جلب الجزار الصناع من اليونان وقبرص. في البداية عُرف المسجد باسم “جامع الأنوار” و “المسجد الأبيض”، وهو اسم أعطي له بسبب قبته، التي كانت ملوّنة باللونين الفضّي والأبيض.
مسجد حسن بك، تل أبيب – يافا
مسجد حسن بك، يافا (Flash90/Lior Mizrahi)
رغم أن مسجد حسن بك هو مسجد صغير ومتواضع ولكن له أهمية رئيسية في مشهد المدينة العربية اليهودية، تل أبيب – يافا.
حسن بك هو في الواقع مسجد عثماني، بُني في أحد الأحياء القديمة بين تل أبيب ويافا عام 1916، من قبل حاكم يافا العسكري، حسن بك، بهدف الحد من انتشار المدينة العبرية الأولى، تل أبيب.
بُني المسجد من الآجر وليس من الحجر الرملي المحلي الغامق. زُيّنت الجدران بنماذج معقدة من النوافذ مع زجاج ملون. في المسجد مئذنة عالية وقاعة صلاة مربّعة مغطاة بسقف إسمنتي مسطّح وفي وسطه قبّة منخفضة.
بُني المسجد، الذي خططه مهندس مدينة يافا اليهودي، مع مئذنة عالية بشكل لا يتناسب مع المبنى نفسه، وهو مهيمن على محيطه. من أجل إقامة المسجد، والذي خصصه لنفسه، شغّل حسن بك الكثير من العمال بالسخرة، والذين أمرهم بالعمل ليلا نهارا، من أجل الانتهاء من بنائه بسرعة. كانت الجهود كبيرة جدا، إلى درجة أن عددا غير قليل من العمال أصيبوا بل وماتوا خلال البناء.
مسجد حسن بك، يافا (AFP)
جمع حسن بك المال لإقامة المسجد من رعاياه بذرائع مختلفة وخصوصا من مالكي السينما الأولى في تل أبيب اليهود. يُقال إنّ حسن بك كان محبّا متعطّشا للسينما، واعتاد على الذهاب إلى العرض الأول للأفلام السنيمائية المختلفة مع حاشيته. خلال العرض وُضع جندي للحفاظ على أمين الصندوق حتى لا يخفوا قرشا واحدا من الإيرادات، وفي نهاية العرض كان ينتقل المبلغ بأكمله إلى الحاكم، حسن بك.
أُخذت مواد البناء من سكان المنطقة الذين أُجبِروا على التوقيع أنّهم يقدّمون المواد هدية.
لم يستطع حسن بك إنهاء بناء المسجد قبل إنهاء منصبه في آذار عام 1916. استثمر المجلس الإسلامي الأعلى، الذي أدرك أهمية المسجد للقضية القومية العربية، الأموال المطلوبة واكتمل بناء المسجد عام 1923.
مسجد حسن بك، يافا (AFP)
وبعد الاحتلال عام 1948، كان المسجد مهجورا. وفي عام 1967 أقيمت في يافا لجنة رعاية الأماكن المقدسة. وأصبح مسجد حسن بك وكرا للمخدّرات قرب مجمع الفنادق الأكبر في مدينة تل أبيب.
عام 1983 انهارت مئذنة المسجد، فركّز الحدث الانتباه الشعبي نحو حال المسجد ودعت الحركة الإسلامية إلى تجديد الصلوات فيه. تم ترميم المسجد بمساعدة مالية من منظمة إسلامية من عمان وأوقاف القدس. وفي إطار التجديدات تمت زيادة ارتفاع مئذنة المسجد إلى أن تعدى الارتفاع الأصلي، تقريبا ضعف ارتفاعها الأصلي.
المسجد الجديد في أبو غوش
الحكومة الشيشانية قامت بتخصيص أكثر من مليوني دولار من أجل تمويل عملية البناء (Noam Moskowitz)
زار الرئيس الشيشاني، رمضان قديروف، إسرائيل في آذار عام 2014 في ضواحي مدينة القدس، من أجل تأسيس المسجد الجديد في أبو غوش، والذي موّلت الحكومة الشيشانية معظم بنائه. إنه أحد أكبر وأجمل المساجد في إسرائيل وتقدّر تكلفة بنائه بنحو 10 ملايين دولار.
بدأت العلاقات بين الشيشان وبين قرية أبو غوش، المجاورة للقدس، قبل نحو خمس سنوات من خلال وسيط يهودي مولود في الشيشان. بالنسبة لسكان أبو غوش، تهدف هذه العلاقة إلى تجديد العلاقة التاريخية بينهم وبين القوقاز. يعتبر سكان القرية أنفسهم أحفادا لمهاجرين من منطقة الشيشان.
أعمال تشييد المسجد في قرية أبو غوش (Noam Moskowitz)
يعتبر المسجد اليوم ثاني أكبر مسجد في إسرائيل (بعد المسجد الأقصى). ترتفع مآذن المسجد الأربع فوق مبنى تبلغ مساحته 4000 متر مربع. وقد بُني على الطراز العثماني – مع أربع مآذن، بخلاف مساجد الشرق الأوسط التي فيها مئذنة واحدة فقط. إنه المسجد الوحيد في البلاد من هذا النوع. بُني المسجد بأبّهة كبيرة، مع استخدام الذهب والعناصر المعمارية من القوقاز. دفعت الحكومة الشيشانية ستة ملايين دولار، من تكلفة تقدّر بـ 10 ملايين استُخدمت لبناء المسجد. وقد تم تجنيد بقية المبلغ من سكان القرية.
أعمال تشييد المسجد في قرية أبو غوش (Noam Moskowitz)
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني