مستوطنة يتسهار

الوزيرة تسيبي  ليفني مع وزير الأمن الداخلي يتسحاك أهرونوفيتش والمستشار القضائي للحكومة (Yonatan Sindel/Flash90)
الوزيرة تسيبي ليفني مع وزير الأمن الداخلي يتسحاك أهرونوفيتش والمستشار القضائي للحكومة (Yonatan Sindel/Flash90)

“ليس في الشريعة ما يمنع قتل جندي”

عاصفة في إسرائيل على إثر تصريحات متطرفة جديدة يُطلقها مستوطنو يتسهار؛ والمسؤولون في المستوطنة يستنكرون هذه التصريحات؛ "سنعالج الأمر بكل حزم"

تمكن مستوطنو يتسهار من إثارة الجدل في المجتمع الإسرائيلي بعد التصريحات والأعمال الموجهة ضد جنود الجيش الإسرائيلي. هذه المرة الحديث عن نقاش في منتدى إلكتروني تناول سؤالاً شرعيًا – دينيًا تجاوز الحد المقبول: هل مسموح قتل جندي إسرائيلي.

على إثر هدم بيوت المستوطنين وطردهم من الكيبوتس قبل شهر قام مستوطنو يتسهار بمهاجمة نقطة عسكرية وهدموها بشكل تام. واليوم أوردت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن تلك الأشياء المريعة رافقتها أيضًا أشياء تشير إلى توجهات ليست أقل خطورة. أثير ضمن شبكة البريد الإلكتروني المغلقة الخاصة بسكان المستوطنة نقاش حول السؤال إذا كان في الدين تبرير يبيح قتل أي جندي يقوم بإخلاء بيت في مستوطنة.

أنا أؤيد إلقاء الحجارة (على اليهود، وعلى العرب بلا أدنى شك) في حالات معيّنة – حتى وإن أدى إلقاء الحجر لقتل الجندي”، قالت إحدى المستوطنات، البالغة 20 عامًا من المجموعة. قال مواطن آخر، وعمره 17 عامًا: “ليس هناك ما يمنع دينيًا من قتل جندي خلال عملية إخلاء ليلية”.

أبلغ مسؤولون من القيادات في المستوطنة، والذين عرفوا بهذا النقاش وأدركوا حجم الضرر الذي يُمكن أن يحدث نتيجة هذه الأفكار، الجيش والشرطة للتحقيق إذا  كان الحديث يدور عن تحريض على العنف. تشير هذه الخطوة من قبل قادة المستوطنين إلى اتساع الفجوة بين التيار المركزي من مستوطني الضفة الغربية وبين المتطرفين في يتسهار، المسؤولين عن أحداث العنف التي تناولتها وسائل الإعلام مؤخرًا. بعد نشر المعلومات، تم اعتقال الشابة التي كتبت هذه الأشياء.

في هذه الأثناء، تأبى ظاهرة أعمال العنف والتخريب المسماة “تدفيع الثمن”  أن تختفي. تمت هذه الليلة مهاجمة عيادة أسنان لطبيب أسنان درزي في المدينة اليهودية يوكنعام الواقعة في شمال إسرائيل. كان ذلك الحادث السادس من نوعه فقط في الأسابيع الأخيرة. الطبيب الذي وصل صباحًا إلى العيادة، وجد على الأبواب عبارة “تدفيع الثمن” و”الموت للعرب”. بالمقابل، تم الإبلاغ البارحة عن أعمال “تدفيع ثمن” قام بها شبان عرب ضد ضريح قديم لحاخام يهودي. تم رسم صلبان معقوفة على القبر وكتبت عبارات “تدفيع الثمن”.

ردت وزيرة العدل الإسرائيلية، تسيبي ليفني، على تلك الأحداث بتصريح مفاده: “يبدو أن جزءًا من المشروع الاستيطاني انقلب على أصحابه. ما بدأ في حينه كمشروع حب للبلاد تحوّل جزء منه اليوم إلى غرب متوحش مزروع بالكراهية ضدّ العرب وضدّ دولة القانون وممثليها – ولا يهم إذا كانوا يرتدون عباءة القاضي، زي الشرطة أو الزي العسكري”. كما أضافت ليفني “كوزيرة للعدل، في الجلسة التي سأعقدها اليوم والتي ستتركز بجرائم (تدفيع الثمن) والتي سيحضرها وزير الأمن الداخلي، سنتأكد من أن العنف ضدّ رجال القانون وضدّ الجيش سيتم علاجه بكل قوة وحزم”.

اقرأوا المزيد: 385 كلمة
عرض أقل
تخريب بيوت في مستوطنة يتسهار (Kobi Gideon / Flash90)
تخريب بيوت في مستوطنة يتسهار (Kobi Gideon / Flash90)

ردود فعل حادّة في إسرائيل ضدّ عنف المستوطِنين

بعد أن خرّب المستوطنون يوم أمس موقعًا للجيش الإسرائيلي، تم اعتقال ثلاثة مشتبهين اليوم. ومسؤولون من اليسار واليمين يدينون بشدّة

ذروة جديدة من العنف بين المستوطِنين والجيش تم تسجيلها أمس (الثلاثاء) في مستوطنة يتسهار، بعد أن ردّ المستوطِنون بعنف حادّ ضدّ الجنود الذين أخلوا المباني غير القانونية في المستوطنة. بعد هذا الحادث خرّب المستوطنون أيضًا مركبات عسكرية، ثم قاموا بتخريب موقع عسكري لهم، والذي يهدف إلى حماية استيطانهم. فقط بعد أن توسّل جنود الاحتياط، تركهم المستوطنون ولم يحرقوا الموقع كلّه.

وقد سُجّلت أمس ردود فعل وإدانات حادّة بشكل خاصّ ضدّ تصرّف المستوطِنين، الذين يضرّون بالجنود الذين يدافعون عنهم، ويتعاملون بعنف كبير وحادّ ضدّ الجيش الإسرائيلي.

قال وزير الدفاع، موشيه يعلون، ردّا على هذه الأفعال: “لن تتحمل دولة إسرائيل هذه النشاطات الإجرامية والتي هي إرهاب بكل معنى الكلمة. سنستمر بمعالجة الأمر بيد من حديد واستثمار الموارد الكثيرة ضدّ المجموعة العنيفة والمتطرّفة، التي لا علاقة بينها وبين الأخلاق اليهودية. سنقوم بجميع التدابير اللازمة من أجل القبض عليهم  وأيضًا على من يثير كراهيتهم ويرسلهم، ولو بقليل، من أجل تنفيذ الأعمال الإرهابية”.

وقد أدان رئيس الدولة، شمعون بيريس، المتواجد في الصين، بشدّة أعمال العنف في يتسهار وقال: “لم يجرؤ إنسان ولم يفكر في إمكانية رفع يده أو صوته على الجيش الإسرائيلي الذي كان دومًا الأكثر موحّدًا. لقد صُدمت حين سمعتُ أنّ مجموعة خطرة وشقيّة تريد الإضرار بأغلى ما نملكه”.

يبدو أن شرطة إسرائيل أيضًا ترى الأمر خطرًا، وبدأت اليوم بموجة من الاعتقالات في أعقاب الحادثة. تم الإخبار بعد الظهر عن اعتقال شخصَين مشتبه بهما واللذين وفقا لادعاء الشرطة كانا مشاركَين بشكل فاعل في تخريب الموقع والإضرار بالجنود، وتُتوقع اعتقالات أخرى. وفي وقت سابق اليوم، قد أحضر إلى محكمة الصُّلح في القدس مراهق عمره 16 عامًا من يتسهار للاشتباه به بأنّه ألقى الحجارة على رجال الشرطة الذين تجوّلوا في المستوطنة خلال المساء.

ومع ذلك، لم يسارع قادة المستوطنين في الاعتذار، وإنّما يتّهمون الجيش والشرطة بأنّهما من بدآ الأمر حين قرّرا هدم المنازل في يتسهار.

اقرأوا المزيد: 284 كلمة
عرض أقل
خشية في إسرائيل من تصاعد عنف المستوطِنين (Flash90/Mendy Hechtman)
خشية في إسرائيل من تصاعد عنف المستوطِنين (Flash90/Mendy Hechtman)

العنف آخذ بالازدياد بين المستوطِنين والجيش

للمرة الثانية خلال يومين، دواليب سيّارات الجيش تُثقب في مستوطنة يتسهار بالقرب من نابلس في الضفة الغربية

للمرة الثانية خلال يومين: ثٌقبت دواليب سيّارات الجيش يوم أمس، الإثنين، في مستوطنة يتسهار في الضفة الغربية. وجاء في إذاعة الجيش أن جنود الاحتياط الذين وصلوا إلى المنطقة اكتشفوا أن دواليب سيّاراتهم قد ثُقبت، وذلك بعد أن ثُقبت يوم أمس دواليب سيّارة قائد لواء شمال الضفة الغربية.

قال الناطق باسم مستوطنة يتسهار ردًّا على ذلك: “نتحفّظ على هذه الأعمال. فليس هناك سبب لإلحاق الضرر بسيّارة جنود الاحتياط”. استنكر الجيش الإسرائيلي الأعمال، وشدد على أنه ينظر بعين القلق إلى أحداث من هذا النوع. “أي ضرر يلحق بضباط وجنود الجيش الإسرائيلي، سواء في الخدمة المنتظمة أو الاحتياط يشكّل اجتيازًا لخط أحمر”، قال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي.

يوم أمس، تطرق وزير الدفاع يعلون إلى الضرر الذي لحق بسيّارة قائد لواء الضفة الغربية، وقال إن الحادث خطر جدًا. “تتطلّب الحادثة تعاملا لا يقبل التسويات مع المسؤولين عن الحادثة”، قال يعلون مضيفًا: “إنه إرهاب بكل معنى الكلمة، وعلينا اقتلاع حالات كهذه من جذورها ومحاربتها حربًا ضروسًا”. وتابع قائلًا إنه لن يسمح “لمجموعة متطرفة، هامشية وعنيفة بالتعدي على سلطة القانون”.

مستوطنو ايش كوديش في قرية قصرة (JAAFAR ASHTIYEH / AFP)
مستوطنو ايش كوديش في قرية قصرة (JAAFAR ASHTIYEH / AFP)

قبل أسبوع، حدثت حادثة خطرة أخرى، كُسِر فيها، في ظروف مشابهة وفي نفس المكان، زجاج سيّارة ضابط في الإدارة المدنية في الضفة الغربية برتبة مقدّم، بعد أن أتمّ جولة مراقبة روتينيّة في المنطقة. فحص الضابط حقلًا كان قد حرثه فلسطيني، بالقرب من مستوطنة يتسهار، وفيما كان في طريق عودته إلى المقر العسكري، أُلقي حجر على سيّارته. أصاب الحجر الزجاج الأمامي من سيارته المحميّة، ولكنّ الضابط لم يُصب بأذى.

مؤخرًا، ذكرت جهات أمنية أنّ عددًا كبيرًا من الشبان من مستوطنة يتسهار قد بادروا إلى عمليات “تدفيع الثمن” ضدّ الفلسطينيين، وأن عددًا لا بأس به منهم لا يخشون المواجهة مع سلطات فرض القانون، الشرطة والجيش الإسرائيلي، في كل مرة يحاولان فيها فرض القانون، اعتقال مطلوبين، أو هدم بيوت أُنشئت خلافًا للقانون.

اقرأوا المزيد: 279 كلمة
عرض أقل
سيّارة قائد لواء شمال الضفة  في مستوطَنة يتسهار (IDF)
سيّارة قائد لواء شمال الضفة في مستوطَنة يتسهار (IDF)

تفاقُم في عُنف المستوطِنين حيال الجيش

سكّان مستوطَنة يتسهار يثقبون دواليب سيّارة قائد اللواء للمرّة الثانية. وزير الدفاع يعلون: هذا إرهاب

المستوطِنون ضدّ الجيش. ثقب مستوطنون مجهولون من مستوطنة يتسهار  صباح اليوم (الأحد) سيّارة قائد لواء شمال الضفة الغربية في الجيش الإسرائيلي، يوآف يروم، الذي زار المستوطَنة. وهذه هي المرّة الثانية التي يحدث فيها أمر كهذا في المستوطَنة نفسها. فقبل ثلاثة أشهر، ثقب المستوطِنون دواليب سيّارة يروم للمرة الأولى.

في المرّة الأولى التي ثُقبت فيها دواليب سيّارته، كان يروم في لقاءٍ دوريّ مع المستوطِنين، وتناقش معهم حول طرق حماية المستوطَنة من الهجمات الإرهابية. لكن يبدو مجدّدًا أنّ الجيش، الذي يريد حماية المستوطِنين من الفلسطينيين، يستصعب حماية نفسه من المستوطِنين.

ردّ وزير الدفاع، موشيه يعلون، بشدّة على الحدث. فحسب تعبيره، “الأمر إرهاب بكل معنى الكلمة. علينا اقتلاع ظواهر كهذه من جذورها ومحاربتها حربًا ضروسًا. سنعمل بجميع الوسائل لوضع أفراد هذه المجموعة المتطرفة الهامشيّة والعنيفة خلف القضبان والأقفال”.

وجاء عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أنّ “الجيش ينظر بعين القلق الشديد إلى أعمال من هذا النوع. إنّ المس بقادة الجيش الإسرائيلي وجنوده، الذين يعملون نهارًا وليلًا لحماية سكّان دولة إسرائيل، هو اجتياز للخطّ الأحمر”. أمّا الناطق باسم مستوطَنة يتسهار فقد نشر إدانة خجولة، غامزًا بوضوح من قناة المنفَّذين. وجاء في الردّ: “نعارض هذه الأعمال ونسعى لمنعها. ولكن بالتباين، لا يمكن تجاهُل التجاوُر الكبير مع عملية هدم بيت أسرة لزر، والعاصفة التي نجمت عن ذلك”.

هُدم بيت أسرة لزر من مستوطنة يتسهار قبل أربعة أيّام. ووفق المستوطِنين، كان يُفترَض تدشين البيت اليوم. وعبّر رؤساء جمعيّات المستوطِنين عن سخطهم لأنّ دولة إسرائيل تفرض قوانين البناء على المستوطِنين تحديدًا، فيما تتجاهل عمل الفلسطينيين في هذا السياق.

في السنوات الماضية، ينتهج مستوطِنو يتسهار وجوارها سياسة التخويف والتهريب، سواء حيال جيرانهم الفلسطينيين، أو حيال الجيش. فقبل بضع سنوات، جرى ضبط المستوطِنين يحرقون سيّارة فلسطينية يوم السبت، الذي يُمنَع فيه على اليهود إشعال النار وفق الشريعة. وقبل سنتَين، صرّح رئيسُ الشاباك، يورام كوهين، أنّ “مستوطِني يتسهار يسبّبون الرعب والخوف للحكومة الإسرائيليّة”.

اقرأوا المزيد: 285 كلمة
عرض أقل
عمليات تدفيع الثمن ضد كنائس قرب القدس (Flash90)
عمليات تدفيع الثمن ضد كنائس قرب القدس (Flash90)

“حان الوقت ليكون مجانين في جانبنا أيضًا”

في إسرائيل يستصعبون التعامُل مع ظاهرة "تدفيع الثمن" – عمليات عُنف لمستوطِنين ضدّ فلسطينيين في الضفة الغربية

“تدفيع الثمن” هو لقب لطريقة عمل غير شرعيّة تُنسَب إلى ناشطي يمين متطرّف إسرائيليين. بدأت هذه النشاطات خلال عام 2008، ويجري في إطارها القيام بأعمال عنيفة ضدّ فلسطينيين وممتلكاتهم: إلقاء حجارة، وضع عوائق على محاور سير تمرّ فيها سيارات فلسطينية، إحراق حقول وبيّارات وإتلاف أشجار، سدّ طرق، إشعال نيران، ونشاطات تمسّ بمساجد وبممتلكات تابعة لشرطة إسرائيل أو الجيش الإسرائيلي. في عدد من الحالات، جرى توثيق أعمال عنف وتسبب بأذى لناشطين يساريين إسرائيليين أو عرب إسرائيليين، وفي عدة حالات بُخّت كتابات على الجدران وأُلحق أذًى بمبانٍ مسيحيّة.

تُنفَّذ هذه النشاطات عادةً ردًّا على هدم مبانٍ غير مرخّصة في المستوطنات من قِبَل شرطة إسرائيل أو الجيش الإسرائيليّ، وكذلك في أعقاب عمليات إرهابية فلسطينية، وتهدف بشكل أساسي إلى الردع عن أعمال كهذه. لكنّ المصطلح يُستخدَم أيضًا للإشارة إلى أعمال كراهية لم يسبقها حدث خاصّ.

بدأت البذور الأولى لأعمال التسيّب تظهر عام 2008، وبدت أعمال “تدفيع الثمن” كالتالي: الجيش الإسرائيلي يُخلي مستوطنة؛ الفلسطينيون يلحقون الأذى بالمستوطِنين عبر الحجارة أو السّلاح، فيخرج شبان من المستوطِنين ويلحقون الأذى بممتلكات فلسطينية، ممتلكات للشرطة، أو للجيش.

مهّد الطريقَ المهندسون المجهولون لسياسة “تدفيع الثمن” قبل نحو 5 سنوات. وتنسب القوى الأمنية إلى بعض سكّان المستوطنات المُبعَدين عن منازلهم عقد اجتماعات، جرى فيها نقل مبادئ “دفع الثمن” و”التعهُّد المتبادل” للناشطين في البلدات.

تقف خلف هذا النهج وجهة نظر بسيطة. وتحدّث شبّان من مستوطنة “يتسهار”، قرب مدينة نابلس الفلسطينية، عنها مؤخرًا للإعلام بما يقارب الهمس: “حان الوقت ليكون لدينا مجانين. أن يكون في جانبنا أيضًا أشخاصٌ لا يمكن ضبطُهم. أشخاص ردودهم (غير متّزنة)، (غير طبيعية)، يقول عنهم العرب أو الجيش الإسرائيلي إنه يجدر عدم التعامل معهم. سيُنظِّم هذا الوضعَ بشكلٍ أفضل. سيفكّر اليهود والفلسطينيون، الذين حوّلونا إلى “كيس اللكم” الخاصّ بهم، مرتَين قبل إلحاق الأذى بنا”.

آباءٌ مؤسّسون

لا أبَ أو أمّ بشكل رسمي لسياسة “تدفيع الثمن”. تربط القوى الأمنية بين أفراد من سكّان المستوطنات النائية وبين طريقة العمل هذه. كذلك لم يجرِ العثور على حاخام يدعم رسميًّا “تدفيع الثمن”، لكنّ الشبان المشاركين يرَون الحاخام يتسحاق غينزبورغ، رئيس المدرسة الدينية “قبر يوسف” في مستوطنة يتسهار، الحاخام دافيد دودكفيتس، حاخام يتسهار، والحاخام يتسحاق شفيرا من يتسهار أيضًا، مرشدين روحيين لهم.

تواجه محاولات إيقاف منفذي عمليات "تدفيع الثمن" ومحاكمتهم عدة عقبات (Flash90)
تواجه محاولات إيقاف منفذي عمليات “تدفيع الثمن” ومحاكمتهم عدة عقبات (Flash90)

ويُقدَّر أنّ نحو 3000 شخص مسؤولون عن هذه السياسة العنيفة، معظمهم من المستوطنات الدينية الأيديولوجية، حيث إنّ أكبر كثافة لهم هي في مناطق الخليل، يتسهار، وحافات معون جنوب جبل الخليل. وليس هؤلاء بحاجةٍ بعد إلى إرشادات. فالعمل يجري بشكل شبه آليّ. بعد تلقي الإشعار عبر الأجهزة الخلوية، يخرجون إلى العمل. معظم النشاطات هي بأسلوب “اضرب واهرُب” ويجري تنفيذها من قِبل أفراد، لا عصابات كبيرة يمكن منع نشاطها بسهولة.

تتحفّظ مؤسّسة المستوطِنين والأكثرية الساحقة من حاخامات المستوطَنات عن هذه الطريقة في العمَل. حتى إنّ قسمًا منهم أدانوا الأمر بشدّة. معظم المستوطِنين لا يشاركون في هذه النشاطات، لكنّ الشبّان والفتيات المحسوبين عليها يرَونها طريقة صحيحة لردع القوى الأمنية والفلسطينيين من إيذاء اليهود، أو بلغة شبانٍ من يتسهار: “ليتعلّموا ألّا يلعبوا معنا”.

سياسة حُكوميّة غير واضحة

تحذر الأجهزة الأمنية والحكومة الإسرائيليّتان من هذه الظاهرة القاسية. وتعود صعوبة التعامُل مع “تدفيع الثمن”، وفق تقدير مختصّين أمنيّين، إلى التعقيد في التعريف الأمني المُعطى للظاهرة.

مستوطِنون يلحقون الأذى بممتلكات فلسطينية (Flash90\Issam Rimawi)
مستوطِنون يلحقون الأذى بممتلكات فلسطينية (Flash90\Issam Rimawi)

ويعمل عدد من الهيئات ضدّ منفذي نشاطات “تدفيع الثمن”: الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية، القسم اليهوديّ في الشاباك (الأمن العام)، وقوات الجيش الإسرائيلي. عام 2011، أنشئت قوة مهمات لمعالجة الأمر، مكوّنة من قوات “يسام” (القوات الخاصة في الشرطة) وكتيبة حرَس الحدود.

وتواجه محاولات إيقاف منفذي عمليات “تدفيع الثمن” ومحاكمتهم عدة عقبات. فحتى تشرين الأول 2010، افتُتح 97 تحقيقًا انتهى دون لوائح اتّهام. ورغم تقدير الشاباك أنّ هوية المنفّذين معروفة، لم تجرِ حيازة أدلة كافية لمحاكمتهم.

وقال العميد نيتسان ألون، قائد “كتيبة يهوذا والسامرة” (حتى 2011) في نهاية خدمته إنّ نشاطات “تدفيع الثمن” التي تنفذها قلة متطرفة يمكن أن تؤدي إلى تصعيد خطير في الوضع الأمني في الضفة الغربية. وذكر أيضًا أنّ المنظومة الأمنية لم تنجح كما يجب في منع الظاهرة واعتقال المتورّطين. وقد تمّ جره هو نفسه إلى مواجهة مع ناشطين يمينيين هاجموا سيارته بالحجارة، كما واجه تظاهرات مستمرة قبالة بيته وقذفًا به، بشخصيته، وحتى بعائلته. ويُعتبَر العميد ألون أحد قادة “كتيبة يهوذا والسامرة” المكروهين بين الناشطين اليمينيّين وشبّان التلال في السنوات الأخيرة.

ووجه عمل الشرطة ضدّ منفذي العمليّات بصعوبات بسبب صعوبة الوصول بسرعة إلى المساجد التي جرى إشعالُها في أراضي السلطة الفلسطينية. واستغلّ معتقَلون مشتبَه فيهم في تنفيذ نشاطات “تدفيع الثمن” حقّ الصمت في التحقيق معهم. أدّى هذا الأمر إلى عدم صياغة لوائح اتّهام ضدّ مشتبَه فيهم في عدد من النشاطات، رغم أنّ نتائج الحمض النووي (DNA) الخاصّ بهم ظهرت في موقع الجريمة.

وفقًا لتقديرات مصادر قانونيّة، يتحدّر معظم منفّذي النشاطات من خارج المستوطَنات، ويبلغ عمرهم بين 12 و23 عامًا، ويعملون في مجموعات صغيرة مستقلة، دون يدٍ موجّهة. واستخدم منفّذو العمليات استراتيجية التقسيم لإخفاء نشاطاتهم.

ونقلت شرطة إسرائيل أنه خلال فترة نحو سنة ونصف، منذ بداية 2012، فُتح 788 ملفًّا لـ”تدفيع الثمن” في الشرطة، اعتُقل 276 مشتبَهًا فيه، وقُدّمت 154 لائحة اتّهام.

عمل إرهابي أم تنظيم محظور

رغم الطابع التخريبي لنشاطات “تدفيع الثمن”، لم تكُن الحكومة الإسرائيليّة واضحة في تعريف تلك الأحداث العنيفة. فالمجلس الوزاري السياسي – الأمني المصغر كلّف في حزيران 2013 وزير الأمن الإعلان عن ناشطي “تدفيع الثمن” بأنهم “تنظيم محظور” – تعريف يختلف عن ذاك الذي ينظر إلى النشاط كحدث إرهابي.

رغم الطابع التخريبي لنشاطات "تدفيع الثمن"، لم تكُن الحكومة الإسرائيليّة واضحة في تعريف هذه الأحداث (Flash90)
رغم الطابع التخريبي لنشاطات “تدفيع الثمن”، لم تكُن الحكومة الإسرائيليّة واضحة في تعريف هذه الأحداث (Flash90)

وأعلن ديوان رئيس الحكومة أنّ القرار “يُتيح لوزير الأمن استخدام صلاحيّاته وفق أنظمة الدفاع ليُعلن عن ناشطي “تدفيع الثمن” كتنظيم محظور بطريقة تقوّي بشكل ملحوظٍ القدرة على محاربة هذه الظاهرة”. كذلك، نُقل أنّ هذا “يزيد بشكل ملحوظ من الأدوات التحقيقية والقانونية لدى القوى الأمنية وقوى فرض القانون بهدف العمل ضدّ النشاطات المدعوّة (تدفيع الثمن)”. بالتوازي، تواصل وزيرة العدل تسيبي ليفني دعم قانون الإرهاب الذي ينظر إلى “تدفيع الثمن” كعملٍ إرهابيّ.

النظرة الشعبية

النظرة الشعبية لأعمال “تدفيع الثمن” هي نظرة استنكار في الغالب. يدين كثيرون من جانبَي قوس قزح السياسية في إسرائيل حملات “تدفيع الثمن”، بمَن فيهم رئيس دولة إسرائيل شمعون بيريس ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وقال رئيس الكنيست السابق رؤوفين ريفلين: “في السنوات الأخيرة، نرى إلحاقًا للأذى بممتلكات عربيّة في ظاهرة تُدعى (تدفيع الثمن)، تشكّل إرهابًا لا غير. هذا إرهاب يهودي، ولا اسم آخر له”.

مظاهرة إسرائيلية ضد العنف وعمليات تدفيع الثمن (Flash90)
مظاهرة إسرائيلية ضد العنف وعمليات تدفيع الثمن (Flash90)

وتطرّق رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى إضرام النار في أحد مساجد الضفة الغربية قائلًا إنّ الأمر هو إعلان حرب من المستوطِنين على الفلسطينيين، داعيًا إلى تدخُّل المجتمع الدولي.

أدان معظم حاخامات الصهيونية الدينية أو تحفظوا عن نشاطات “تدفيع الثمن”؛ سواء لأسباب أخلاقية لمسّها بالأبرياء، لأسباب فقهيَة تتعلق بـ”منع سلب الأممي” (منع أخذ ممتلكات غير يهوديّ بغير إذنه)، أو لأسباب عمليّة لإضعافها دعم الصراع وتشكيل خطر على الاستيطان.

ويتيح فحص الردود في الإنترنت على التقارير حول هجمات المستوطِنين على فلسطينيين معرفة نظرة الشعب الإسرائيلي إلى أعمال تدفيع الثمن: “هؤلاء هم أعداء إسرائيل الحقيقيون”، “لحسن حظنا، يُكتَب عن ذلك في الصحف، وإلّا ما كنّا سنعرف أو نسمع به”، “يجب حظر هذه التنظيمات وإلحاقها بحماس”، هي في الغالب الردود المعارِضة لهذه النشاطات. لكن لا يخلو الأمر من ردود مدافعة: “ما كنتُ لأدعو ذلك أعمالًا إرهابية، ولكنهم في الطريق إليها”، و”إرهاب السلطة ضدّ المستوطِنين يتمثّل في تدمير وهدم بُيوت سكنيّة”.

أيًّا يكُن الأمر، فإنّ الظاهرة العنيفة التي نمت في السنوات الأخيرة بين عددٍ من المستوطنين تقوى وتتسارع، وليس واضحًا إن كانت ستصبح أكثر حدةً في السنوات القادمة إذا لم يجرِ العثور على منفذ سياسي لحلّ الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

اقرأوا المزيد: 1118 كلمة
عرض أقل