انفجار صاروخ أطلق من غزة مباشرة عل منزل في مدينة أشدود (Flash90/Yossi Zamir)
انفجار صاروخ أطلق من غزة مباشرة عل منزل في مدينة أشدود (Flash90/Yossi Zamir)

تكلفة الحرب حتى الآن- ما يقارب 3 مليار دولار في كل جانب

الحرب في غزة تحصد ثمنًا باهظا من كلا الجانبين. ستقام في إسرائيل "دورية اقتصادية" ستساعد الإسرائيليين على التعويض عن الأضرار المادية، والحكومة الفلسطينية تضع خطة طوارئ

كلما استمرت الحرب، تتزايد الخسائر الاقتصادية لحملة “الجرف الصامد” في قطاع غزة. لقد حصدت الحرب ثمنًا باهظا من اقتصاد غزة المنهار وليس فحسب، بل من اقتصاد إسرائيل الذي يتمتع باستقرار راسخ أيضًا. حسب بعض المصادر في غزة، يُقدّر الضرر الذي ألحقت الحرب حتى الآن باقتصاد القطاع بما يقارب 3 مليار دولار. ويُقدّر مجمل الناتج القومي لقطاع غزة بـ 1.8 مليار دولار فقط، حيث يعتبر ذلك ضررًا فادحًا نسبيًّا.

لقد أعلن مكتب الاقتصاد القومي الفلسطيني أنه سيقيم برنامج إعانة لإصلاح اقتصاد القطاع بالاشتراك مع القطاع الفلسطيني الخاص. لقد قال وزير الاقتصاد القومي، محمد مصطفى، أنه وزملاؤه على اتصال يومي مع مكاتب التجارة ورجال الأعمال الفلسطينيين من أجل تشكيل خطة مواجهة للخسائر الفادحة.

من جانب آخر، تُقدّر الخسائر في الجانب الإسرائيلي بحوالي 2.5 مليار دولار. لقد لحقت غالبية الضرر بالمصانع، التي خسرت حتى الآن 100 مليون دولار، إلى جانبها فرع السياحة الذي شُلّ كليًّا في أعقاب الحملة. أعلنت شركة الطيران الإسرائيلية إل- عال أنها قد تخسر في الربع القريب 50 مليون دولار تقريبًا، رغم أنه كان يُتوقع أن يكون هذا الربع  الأكثر ربحًا في السنة.

أكثر ما تضرر في إسرائيل هي طبعًا المصالح التجارية المحلية التي تقع تحت طائلة القذائف الفلسطينية. ولقد تعرضت هذه المصالح لانخفاض ملحوظ في مجال الأرباح في الأسبوعين الفائتين، ويتوقع أن تستمر خسائرها. قرر مدير إدارة الطوارئ في وزارة الاقتصاد الإسرائيلية أن يشكل هذا الأسبوع طاقمًا تكليفيّا مهمّته أن يساعد منطقة الجنوب على مواجهة الخسائر الاقتصادية.

يهدف الطاقم إلى توفير الحلول لكل المصالح التجارية في منطقة الجنوب التي تواجه صعوبات في العمل في غضون فترة الحرب. سيقدّم الطاقم مساعدة، بما في ذلك للمصدّرين، الأعمال الصغيرة والمتوسطة وللصناعيين، بل وسيساهم في تجنيد القوى العاملة للمصانع التي تعاني نقْصًا في العاملين.

اقرأوا المزيد: 267 كلمة
عرض أقل
رامي ليفي (Yossi Zamir/Flash90)
رامي ليفي (Yossi Zamir/Flash90)

المليونير الإسرائيلي الذي يتنازل عن راتبه

مَن هو رامي ليفي، المليونير الإسرائيلي المتحدِّر من أسرة فقيرة، الذي وصل إلى القمة عبر شبكة متاجر رخيصة، الذي يدعم السلام مع الفلسطينيين، وأحرج زملاءه الأثرياء حين أعلن أنه يتنازل عن ثلث راتبه؟

يُرجَّح أنه خلافًا لمعظمنا، فإنّ رامي ليفي، أحد أكثر رجال الأعمال نجاحًا في إسرائيل، لن يشعر أبدًا بتقليص راتبه بمقدار الثلث، كما أعلن خلال الأيام الماضية.

في إعلانٍ صدر عنه إلى البورصة، جاء أنّ سبب تقليص راتبه هو “لمنح نموذج شخصيّ للعمل من أجل تقليص الفجوات بين الطبقات في المجتمَع في إسرائيل”.

في الفترة الأخيرة، أضحى رامي ليفي واحدًا من أبرز الشخصيات في إسرائيل، بشكل خاصّ على خلفيّة مشاعر العداء التي يكنّها الناس لذوي رؤوس الأموال مع توسّع الفجوات الاجتماعيّة في إسرائيل، وثمّة مَن يدّعي أنّ السياسة نُصب عينيه.

لا يعبّر ليفي عن رأيه في الشأن الاقتصادي فحسب، بل يُبرز أيضًا مواقفه المعتدلة في شأن الصراع مع الفلسطينيين، رغم كونه عضوًا في الحزب الحاكم، “الليكود”.

مَن هو رامي ليفي، الرجل الذي لم ينسَ أصله، حتّى حين أضحى مليونيرًا؟

“حتى ما بعد الجيش، حين كنتُ شابّا في الحادية والعشرين، تشاركت مع أخي في السرير نفسه. كنّا ننام على نفس السرير بعكس بعض. لم يكن لدينا هاتف في البيت وفي البناية التي كنا نسكن فيها، في كل المنطقة لم يكن هناك سوى تلفزيون واحد في بيت امرأة تقية، كان الجميع يأتون إليها للمشاهدة”.

عام 1976، قرر رامي ليفي، جندي مسرّح مع خبرة في دفع العربات في البلدة القديمة، أن يقوم بالأمور بشكل مختلف. فقد أخذ الدكان الصغير لجده في شارع هشكماه في السوق في القدس، وبدأ يبيع بأسعار منخفضة جدا بحيث لم يكن الدكان يربح تقريبا، لكنه بنى جمهور مشترين وليا وسمعة المكان الأفضل للمشتريات، حيث أصبحت طريق التوسع وفتح دكان آخر قصيرة. بعد 37 عاما، رامي ليفي هو صاحب إمبراطورية من المتاجر الكبيرة مع عشرات المتاجر، ومؤخرا صاحب شركة اتصالات خلوية جديدة.

بعد الدكان الصغير في السوق، كان دكان أكبر في القدس استمرارا طبيعيا، ومن هناك انتقل إلى متجر ضخم في المنطقة الصناعية في القدس، ثم إلى عشرات المتاجر الأخرى. وفقا لليفي، جرى الانتقال إلى شبكة قطرية أواخر التسعينات، عندما انتقل عدد لا بأس به من المقدسيين إلى مدينة موديعين، فجاؤوا إليه وتذمروا: “رامي، إنهم يدمروننا في موديعين. تعال إلى موديعين. لذلك، عام 2000، جئتُ إلى موديعين”. وكلما كبرت الشركة، انخفضت الأسعار التي بإمكان ليفي عرضُها أكثر فأكثر. أثار ليفي غضب أصحاب المتاجر الأخرى بحملات عرضت دجاجة كاملة بشاقل مع اقتراب الأعياد، خاض مواجهة مع شركة كوكا كولا بعدما رفض الانصياع لإملاءاتهم بشأن سعر الزجاجات، ووقّع على عقد مع شركة “أبل” ليكون المكان الأرخص في إسرائيل الذي يبيع الآي فون الجديد.

لكنّ ليفي فنان في العلاقات العامة، والاهتمام الذي يحظى به مجد مقابل التكاليف التي يتحملها عند البيع بأسعار خسارة. هكذا حدث عندما دخل يومًا إلى الفرع الحاريدي (لليهود المتزمتين) للشبكة في مدينة بيتار عيليت، وقرر تسريح الضغط الكبير للأدوار على صناديق الدفع عبر طريقة مبتكرة بشكل خصوصي. فقد أعلن في نداء أنّ جميع من يقفون في الدور بإمكانهم مغادرة الفرع مع عرباتهم الممتلئة دون مقابل.

(Nati Shohat/Flash90)
(Nati Shohat/Flash90)

يشرح سر سحره بطريقة بسيطة جدا “رغم أنني لم أمتلك برنامجا تجاريا حين بدأتُ العمل في الدكان في السوق في القدس، لكنني عملتُ لصالح المستهلِك، ما أدّى إلى الطلب على مشروعي. بعد أن تشكّل الطلب توسعت. هذا بسيط. أعمل دون حسبان للوقت، باستثناء يوم السبت، وأحيط نفسي بالأصدقاء وبأفراد الأسرة. يعمل لديّ 18 من أبناء أسرتي – إخوة، أخوات، أصهار، أبناء أصهار، والكثير من أصدقاء الطفولة في حي “هباحيم” في القدس، الذي نشأتُ به. بدأ يوسي سبطو، المدير التجاري، كعتّال، فيما بدأ شموليك ليفي، المدير الإداري، كسائق. أتحدث مع العديد من الأشخاص، أستشيرهم، وأستأنس بآرائهم”.

يمكن إيجاد الجميع في متاجر رامي ليفي. ففي الدكان في “شاعر بنيامين” في الضفة الغربية يعمل عمال عرب ويهود يبيعون للمستوطنين والفلسطينيين الذين يثبتون أنّ بإمكان الأسعار المنخفضة التغلّب على النزاعات السياسية، وفي الدكان في القدس، بين أفراد الطبقة الفقيرة الذين يُضطرون إلى شراء حاجياتهم لدى ليفي لتدبر أمرهم حتى نهاية الشهر، يمكن إيجاد عمّال بيت رئيس الحكومة الذين جاؤوا ليشتروا الحاجيات للمواطن رقم 1(نتنياهو).

حتى قبل عامين، كان ليفي معتادا على المديح، الملاحظات والتهاني، لا سيما من المقدسيين. حوّله الانتشار في كل البلاد إلى شخصية معروفة في كل بيت. في القدس، لا يتردد أحد في الاقتراب منه، وتحييه الغالبية الساحقة من عابري السبيل والزبائن حينما يدخل الدكان، يمر في الطريق، أو يجلس لتناول الطعام.

(Nati Shohat/Flash90)
(Nati Shohat/Flash90)

مؤيد ليكود غير نموذجي

في إسرائيل ما بعد الاحتجاجات الاجتماعية، رامي ليفي هو محط إجماع، فارس الطبقة الدنيا.‎ ‎عندما سُئل في الماضي لماذا لا يستغل شعبيته لدخول المعترك السياسي، أجاب “أنا أصنع سياسة لمليون و300 ألف شخص يدخلون شبكتي شهريًّا. معنى هذا 300 ألف عائلة. لا أعرف الكثير من السياسيين الذين يخدمون كل هذا المقدار من الناس”.

لكن في الفترة الأخيرة، يبدو أنّ أمرا ما يتغير. نهاية العام 2012، تلقى ليفي دعوة من رئيس الحكومة نتنياهو، الذي كان يعاني في تلك الفترة من انخفاض في استطلاعات الرأي جراء الوضع الاقتصادي وازدياد غلاء المعيشة، ويبحث عن ورقة رابحة قبيل الانتخابات. توجه نتنياهو لليفي طالبًا منه أن يكون عضوا في طاقم خاص وظيفته رفع توصيات لنتنياهو لانتهاج سياسة اقتصادية أصحّ تحسّن وضع المواطن العادي.

عندما سُئل عمّا يرغب بتطويره، أجاب: “التقيتُ بنتنياهو مرتين في الأسابيع الأخيرة، وأعجبتُ جدا بما لديه، جلسنا لمدة ساعات، وأوضحتُ له أنّ أهم موضوعَين الآن هما خفض أسعار الإسكان ومنع سحق الطبقة الوسطى. أظنّ أننا ملزمون بتقوية المشاريع الصغيرة والمتوسطة. فهي العمود الفقري للاقتصاد الإسرائيلي، ودونها ينهار الاقتصاد كله”. شدد ليفي “لم آتِ لأكون ورقة تين. إذا حاولوا إذابتي، سأستقيل”

لم يرَ الطاقم النور، وتبدو الأفكار التي تحدث عنها ليفي آنذاك بعيدة جدا عن القرارات التي تتخذها الحكومة الجديدة التي يسيرها نتنياهو. لكنّ ليفي لا يركد، ولا يتوقف عن المفاجأة.

كان ليفي، الذي نشأ في شوارع السوق المقدسي، أحد معاقل الليكود واليمين الإسرائيلي، ناشطا في الليكود ومشجعا لفريق كرة القدم بيتار لسنوات طويلة. وقد أدى ذلك إلى مفاجأة كبرى حين خرج ليفي في تشرين الثاني المنصرم من منزله في أورشليم القدس إلى الضفة الغربية، ولكن ليس ليزور متجره في شاعر بنيامين، بل ليزور بيت الملياردير منيب المصري في نابلس. وكان الهدف هو اللقاء مع الأمين العام السابق للجامعة العربية، عمرو موسى، رئيس الحكومة الأردنية سابقا عبد السلام المجالي، رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني وممثل رئيس السلطة محمود عباس (أبو مازن)، د. محمد مصطفى، مندوب الأمم المتحدة روبرت سري، ممثل الرباعية الدولية الأمير فراس بن رعد، وممثلين آخرين عن تركيا والاتحاد الأوروبي. وقد صدر إعلان عن المشاركين أن هدف الحاضرين هو إبلاغ رسالة تنادي بكسر الجمود في عملية السلام. ليست هذه أقل من خطوة مبتكرة يقوم بها يميني ومؤيد ليكود عريق مثل ليفي في المشهد الإسرائيلي.

تُضاف زيارته الى نابلس إلى زيارة أخرى قام بها ليفي الشهر الماضي إلى القدس. ذهب ليفي، برفقة رجال أعمال بارزين آخرين، إلى مكتب رئيس الحكومة نتنياهو، بهدف التعبير عن القلق من الآثار السلبية على الاقتصاد الإسرائيلي، التي يمكن أن تنجم عن استمرار الجمود السياسي مع الفلسطينيين. أخبر رجالُ الأعمال نتنياهو أنّ انعدام التقدم في اتجاه دولتَين لشعبَين يشكّل خطرًا على ازدهار إسرائيل الاقتصادي.

لكن دخول ليفي المعترك السياسي يبدو مستبعدا حاليا. “لستُ رجلا سياسيا. لستُ أنوي دخول الكنيست أو الوزارة. أنا إنسان طاهر الكف واريد المساعدة”.

 

اقرأوا المزيد: 1078 كلمة
عرض أقل
رامي ليفي (Yossi Zamir/Flash90)
رامي ليفي (Yossi Zamir/Flash90)

رامي ليفي، أحد الشخصيات المثيرة والبارزة في إسرائيل

رامي ليفي بدأ طريقه كعامل بسيط في دكانة صغيرة، واليوم هو تاجر يبيع بالمليارات. بروفيل عن أحد الشخصيات المثيرة والبارزة في إسرائيل

“حتى ما بعد الجيش، حين كنتُ شابّا في الحادية والعشرين، تشاركت مع أخي في السرير نفسه. كنّا ننام على نفس السرير بعكس بعض. لم يكن لدينا هاتف في البيت وفي البناية التي كنا نسكن فيها، في كل المنطقة لم يكن هناك سوى تلفزيون واحد في بيت امرأة تقية، كان الجميع يأتون إليها للمشاهدة”.

عام 1976، قرر رامي ليفي، جندي مسرّح مع خبرة في دفع العربات في البلدة القديمة، أن يقوم بالأمور بشكل مختلف. فقد أخذ الدكان الصغير لجده في شارع هشكماه في السوق في القدس، وبدأ يبيع بأسعار منخفضة جدا بحيث لم يكن الدكان يربح تقريبا، لكنه بنى جمهور مشترين وليا وسمعة المكان الأفضل للمشتريات، حيث أصبحت طريق التوسع وفتح دكان آخر قصيرة. بعد 37 عاما، رامي ليفي هو صاحب إمبراطورية من المتاجر الكبيرة مع عشرات المتاجر، ومؤخرا صاحب شركة اتصالات خلوية جديدة.

بعد الدكان الصغير في السوق، كان دكان أكبر في القدس استمرارا طبيعيا، ومن هناك انتقل إلى متجر ضخم في المنطقة الصناعية في القدس، ثم إلى عشرات المتاجر الأخرى. وفقا لليفي، جرى الانتقال إلى شبكة قطرية أواخر التسعينات، عندما انتقل عدد لا بأس به من المقدسيين إلى مدينة موديعين، فجاؤوا إليه وتذمروا: “رامي، إنهم يدمروننا في موديعين. تعال إلى موديعين. لذلك، عام 2000، جئتُ إلى موديعين”. وكلما كبرت الشركة، انخفضت الأسعار التي بإمكان ليفي عرضُها أكثر فأكثر. أثار ليفي غضب أصحاب المتاجر الأخرى بحملات عرضت دجاجة كاملة بشاقل مع اقتراب الأعياد، خاض مواجهة مع شركة كوكا كولا بعدما رفض الانصياع لإملاءاتهم بشأن سعر الزجاجات، ووقّع على عقد مع شركة “أبل” ليكون المكان الأرخص في إسرائيل الذي يبيع الآي فون الجديد.

لكنّ ليفي فنان في العلاقات العامة، والاهتمام الذي يحظى به مجد مقابل التكاليف التي يتحملها عند البيع بأسعار خسارة. هكذا حدث عندما دخل يومًا إلى الفرع الحاريدي (لليهود المتزمتين) للشبكة في مدينة بيتار عيليت، وقرر تسريح الضغط الكبير للأدوار على صناديق الدفع عبر طريقة مبتكرة بشكل خصوصي. فقد أعلن في نداء أنّ جميع من يقفون في الدور بإمكانهم مغادرة الفرع مع عرباتهم الممتلئة دون مقابل.

(Nati Shohat/Flash90)
(Nati Shohat/Flash90)

يشرح سر سحره بطريقة بسيطة جدا “رغم أنني لم أمتلك برنامجا تجاريا حين بدأتُ العمل في الدكان في السوق في القدس، لكنني عملتُ لصالح المستهلِك، ما أدّى إلى الطلب على مشروعي. بعد أن تشكّل الطلب توسعت. هذا بسيط. أعمل دون حسبان للوقت، باستثناء يوم السبت، وأحيط نفسي بالأصدقاء وبأفراد الأسرة. يعمل لديّ 18 من أبناء أسرتي – إخوة، أخوات، أصهار، أبناء أصهار، والكثير من أصدقاء الطفولة في حي “هباحيم” في القدس، الذي نشأتُ به. بدأ يوسي سبطو، المدير التجاري، كعتّال، فيما بدأ شموليك ليفي، المدير الإداري، كسائق. أتحدث مع العديد من الأشخاص، أستشيرهم، وأستأنس بآرائهم”.

يمكن إيجاد الجميع في متاجر رامي ليفي. ففي الدكان في “شاعر بنيامين” في الضفة الغربية يعمل عمال عرب ويهود يبيعون للمستوطنين والفلسطينيين الذين يثبتون أنّ بإمكان الأسعار المنخفضة التغلّب على النزاعات السياسية، وفي الدكان في القدس، بين أفراد الطبقة الفقيرة الذين يُضطرون إلى شراء حاجياتهم لدى ليفي لتدبر أمرهم حتى نهاية الشهر، يمكن إيجاد عمّال بيت رئيس الحكومة الذين جاؤوا ليشتروا الحاجيات للمواطن رقم 1(نتنياهو).

حتى قبل عامين، كان ليفي معتادا على المديح، الملاحظات والتهاني، لا سيما من المقدسيين. حوّله الانتشار في كل البلاد إلى شخصية معروفة في كل بيت. في القدس، لا يتردد أحد في الاقتراب منه، وتحييه الغالبية الساحقة من عابري السبيل والزبائن حينما يدخل الدكان، يمر في الطريق، أو يجلس لتناول الطعام.

(Nati Shohat/Flash90)
(Nati Shohat/Flash90)

مؤيد ليكود غير نموذجي

في إسرائيل ما بعد الاحتجاجات الاجتماعية، رامي ليفي هو محط إجماع، فارس الطبقة الدنيا.‎ ‎عندما سُئل في الماضي لماذا لا يستغل شعبيته لدخول المعترك السياسي، أجاب “أنا أصنع سياسة لمليون و300 ألف شخص يدخلون شبكتي شهريًّا. معنى هذا 300 ألف عائلة. لا أعرف الكثير من السياسيين الذين يخدمون كل هذا المقدار من الناس”.

لكن في الفترة الأخيرة، يبدو أنّ أمرا ما يتغير. نهاية العام 2012، تلقى ليفي دعوة من رئيس الحكومة نتنياهو، الذي كان يعاني في تلك الفترة من انخفاض في استطلاعات الرأي جراء الوضع الاقتصادي وازدياد غلاء المعيشة، ويبحث عن ورقة رابحة قبيل الانتخابات. توجه نتنياهو لليفي طالبًا منه أن يكون عضوا في طاقم خاص وظيفته رفع توصيات لنتنياهو لانتهاج سياسة اقتصادية أصحّ تحسّن وضع المواطن العادي.

عندما سُئل عمّا يرغب بتطويره، أجاب: “التقيتُ بنتنياهو مرتين في الأسابيع الأخيرة، وأعجبتُ جدا بما لديه، جلسنا لمدة ساعات، وأوضحتُ له أنّ أهم موضوعَين الآن هما خفض أسعار الإسكان ومنع سحق الطبقة الوسطى. أظنّ أننا ملزمون بتقوية المشاريع الصغيرة والمتوسطة. فهي العمود الفقري للاقتصاد الإسرائيلي، ودونها ينهار الاقتصاد كله”. شدد ليفي “لم آتِ لأكون ورقة تين. إذا حاولوا إذابتي، سأستقيل”

لم يرَ الطاقم النور، وتبدو الأفكار التي تحدث عنها ليفي آنذاك بعيدة جدا عن القرارات التي تتخذها الحكومة الجديدة التي يسيرها نتنياهو. لكنّ ليفي لا يركد، ولا يتوقف عن المفاجأة.

كان ليفي، الذي نشأ في شوارع السوق المقدسي، أحد معاقل الليكود واليمين الإسرائيلي، ناشطا في الليكود ومشجعا لفريق كرة القدم بيتار لسنوات طويلة. وقد أدى ذلك إلى مفاجأة كبرى حين خرج ليفي في تشرين الثاني المنصرم من منزله في أورشليم القدس إلى الضفة الغربية، ولكن ليس ليزور متجره في شاعر بنيامين، بل ليزور بيت الملياردير منيب المصري في نابلس. وكان الهدف هو اللقاء مع الأمين العام السابق للجامعة العربية، عمرو موسى، رئيس الحكومة الأردنية سابقا عبد السلام المجالي، رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني وممثل رئيس السلطة محمود عباس (أبو مازن)، د. محمد مصطفى، مندوب الأمم المتحدة روبرت سري، ممثل الرباعية الدولية الأمير فراس بن رعد، وممثلين آخرين عن تركيا والاتحاد الأوروبي. وقد صدر إعلان عن المشاركين أن هدف الحاضرين هو إبلاغ رسالة تنادي بكسر الجمود في عملية السلام. ليست هذه أقل من خطوة مبتكرة يقوم بها يميني ومؤيد ليكود عريق مثل ليفي في المشهد الإسرائيلي.

تُضاف زيارته الى نابلس إلى زيارة أخرى قام بها ليفي الشهر الماضي إلى القدس. ذهب ليفي، برفقة رجال أعمال بارزين آخرين، إلى مكتب رئيس الحكومة نتنياهو، بهدف التعبير عن القلق من الآثار السلبية على الاقتصاد الإسرائيلي، التي يمكن أن تنجم عن استمرار الجمود السياسي مع الفلسطينيين. أخبر رجالُ الأعمال نتنياهو أنّ انعدام التقدم في اتجاه دولتَين لشعبَين يشكّل خطرًا على ازدهار إسرائيل الاقتصادي.

لكن دخول ليفي المعترك السياسي يبدو مستبعدا حاليا. “لستُ رجلا سياسيا. لستُ أنوي دخول الكنيست أو الوزارة. أنا إنسان طاهر الكف واريد المساعدة”.

ليس كل شيء رائعا

لكن لا يجري كل شيء بسلاسة لدى ليفي. للصورة الشعبية التي يرسمها ليفي حسنات، ولكن سيئات أيضا. حتى اليوم، حيث يدير ليفي شركة كبيرة في البورصة، يبدو أنّ الأمور تختلط عليه، فيظن أنه لا يزال مديرا لشركة صغيرة ليست ملزمة بتقديم تقارير للمستثمرين. عدا زوجته التي تعمل أمينة للصندوق في الشركة، يعمل العديد من أفراد الأسرة في الشركة. ابنته يافيت هي مديرة التسويق، زوجها هو مدير “رامي ليفي للاتصالات”، ابنه كوبي هو معاون نائب المدير العام، وابنته الأخرى، رينات، تعمل في القسم القانوني. أخوه وأخته، وأحد أنسبائه، يدير كلٌّ منهم أحد فروع الشبكة. “هؤلاء أشخاص يعملون لديّ منذ ثلاثين سنة”، يتصدى ليفي كقائد جوقة. “إنهم أفراد من العائلة، ولديهم مصلحة بالحفاظ على الشركة”.

لكن الاعتراضات على ترقية مقربين (زوجته هي واحدة من الذين يتقاضون أعلى أجر في الاقتصاد الإسرائيلي) ليست الانتقاد الوحيد الذي يواجهه ليفي، إذ يجري الادعاء، بين أمور أخرى، أنه عمل، كعضو في بلدية القدس، بطرق غير قانونية لتعزيز أعماله التجارية الخاصة.

وماذا بعد؟

يبدو حاليا أنّ الهدف القادم الذي يضعه ليفي هو إدارة أكبر شبكة متاجر في إسرائيل. وإذا استمر في أن يكون المكان الأرخص للقيام بالمشتريات سنة بعد سنة، فلا الانتقاد ولا الانجذاب للسياسة قادران على إيقافه.

اقرأوا المزيد: 1145 كلمة
عرض أقل
حمد الله وعباس (ABBAS MOMANI / AFP)
حمد الله وعباس (ABBAS MOMANI / AFP)

الرجل الصحيح في المكان الصحيح؟

تشهد التقارير الواردة من السلطة الفلسطينية أن رامي الحمد الله والرئيس عباس قد تغلبا على الخلافات في وجهات النظر، التي أدت إلى استقالة الحمد الله، غير أن هناك صعوبات كثيرة أخرى تعترض طريق الحمد الله

تم أمس الأول نشر أنباء مفادها أن رئيس السلطة الفلسطينية أبا مازن قد طلب من رامي الحمد الله، رئيس الحكومة الذي استقال قبل نحو شهرين، إقامة حكومة جديدة وأن الحمد الله قد وافق على الاقتراح. صرح المسؤول في فتح، عزام الأحمد، اليوم، لوكالة معًا أنه يتوقع إقامة حكومة جديدة، خلال أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، من دون تغييرات جوهرية في تركيبة الحكومة السابقة. وأضاف الأحمد “أن الحكومة الجديدة ليست حكومة توافق وطني ولا تسيير أعمال بل حكومة عادية نظرا لفشل تطبيق استحقاق اتفاق المصالحة والذي كان مقررا يوم 14/ 8 بسبب عدم تجاوب حماس مع نداءات فتح بالاجتماع خارج القاهرة للاتفاق على تنفيذ الاتفاق”.

وأفادت وكالة الأنباء رويترز نقلا عن مصدر فلسطيني رفيع المستوى أن من المتوقع أن تُسند إلى رئيس الحكومة صلاحيات كاملة لاختيار وزرائه وأن قراره العودة إلى المنصب ربما يمثل صفقة تم نسجها مع أبي مازن، الذي سيمنح الحمد الله حيز مناورة أوسع. غير أنه يُستشف من تصريحات الأحمد أن تركيبة الحكومة لن تتغير تغييرًا جذريًا، ويمكن التقدير أن الحمد الله قد أدرك أنه سيضطر إلى الموافقة على حجر الرحى التي وضعها الرئيس عباس على عنقه، والتي تتمثل بنائبه محمد مصطفى. وكان مصطفى، وهو أحد الأشخاص المقربين جدًا من الرئيس، على ما يبدو، هو أحد الأسباب التي حذت بالحمد الله إلى الاستقالة قبل شهرَين. وكانت التقديرات أن الحمد الله قد طلب الاعتزال بسبب إدراكه أنه سيضطر إلى انتعال حذاء سلام فياض الكبير، ولكن بالقليل من الاستقلالية التي حظي بها فياض، بسبب النائبين الذين تم فرضهم عليه من قبل الرئيس (مصطفى وزياد أبو عمرو المقرب من الرئيس عباس هو أيضا).

حين تسلم مهامه للمرة الأولى، قدّر المحللون أن الخبير اللغوي يأخذ على عاتقه منصبًا لن يتمكن من النجاح فيه. في الوقت الذي كان فيه مسلحًا بتجربة سياسية ضئيلة، تقتصر على إدارة صراع القوى بين المحاضرين في جامعة النجاح، وقف الحمد الله أمام عدد كبير من الصعوبات، وأكبرها التي يمكن حسبها قياس نجاحه أو فشله، كانت إنقاذ الاقتصاد الفلسطيني من الأزمة التي يمر بها، وفي مقدمة ذلك العثور على تمويل لدفع رواتب عشرات آلاف العاملين في الأجهزة الأمنية والموظفين في السلطة في الضفة الغربية، وإضافة إلى ذلك لـ 70,000 عامل سابق يتواجدون في قطاع غزة.

الزعامة الفلسطينية وكذلك الزعامة الإسرائيلية تعرف أن الخطوة الأولى على طريق الهدوء هي الاهتمام بأن يتقاضى موظفو السطلة رواتبهم، وأبو مازن بحاجة إلى شارع فلسطيني هادئ كي يذهب إلى المفاوضات والطريق الوحيدة للقيام بذلك هي حين يقف موظفو السلطة إلى جانبه. من دواعي سرور الحمد الله أن الطرفين الأمريكي والأوروبي مسؤولان عن جزء لا بأس به من تمويل السلطة، يدركان هذه الحاجة.

قبل الشروع في المفاوضات، وعد وزير الخارجية الأمريكي كيري وعدًا واحدًا وهو تحويل أموال لإنعاش الاقتصاد الفلسطيني. من المعلوم أن الخطة تركز بقدر كبير إلى برنامج الدكتور محمد مصطفى، الذي إضافة إلى كونه نائبًا للحمد الله، فهو يعمل أيضا مديرًا لصندوق الاستثمار الفلسطيني. لذلك، على الرغم من أن الحديث يجري عن أموال ستساعد الحمد الله في القيام بمهامه، غير أنه التقدير سيعود إلى مصطفى والرئيس عباس.

الحكومة الفلسطينية (Issam Rimawi/Flash90)
الحكومة الفلسطينية (Issam Rimawi/Flash90)

هدف عباس الرئيسي من تعيين الحمد الله، عضو فتح، ليحل محل فياض التكنوقراطي، كان تمرير السيطرة على “أنبوب المال” التابع للسلطة ليعود إلى حركة فتح، غير أن هذا الهدف غير خفي عن أعين المسؤولين الكبار في السلطة الذين سئموا في الماضي من المنفعية التي تعود على كبار أعضاء فتح على امتداد السنوات، وعلى الحمد الله أن يثبت أنه نقي اليدين لكي لا يلحق الضرر بسيولة الأموال في السطلة. ولكن مهمة تجنيد الأموال ليست غريبة على رئيس الجامعة السابق، فكثيرون ينسبون نمو ازدهار الجامعة لقدرة الحمد الله على الحصول على المال، 400 مليون دولار على امتداد السنوات حسب تقارير مختلفة.

حين تم تعيين الحمد الله للمرة الأولى، كانت التصريحات أنه سيترأس حكومة انتقالية إلى أن تتم المصالحة بين فتح وحماس وإجراء الانتخابات، غير أن التعيين في هذه المرة يأتي بعد عدم نجاح السلطة وحماس في التوصل إلى تفاهمات، فهي تبدو أبعد من أي وقت مضى، في الوقت الذي أصبحت الوسيطة الدائمة مصر منشغلة بشؤونها الداخلية. تفيد التقديرات أنه حتى بعد هدوء الأوضاع في مصر، فلن تتمكن من العودة لممارسة وظيفتها كوسيط، وبالأساس لأن الأحداث الأخيرة بين الجيش المصري ونشطاء حماس ستمنعها من أن تكون وسيطة غير منحازة.

على الرغم من أن المقربين من الرئيس عباس يتواجدون في كل بقعة في الحكومة الفلسطينية، إلا أن الرئيس ذاته لا يحب أن يتعامل مع الشؤون الداخلية في السطلة، طالما كان الشارع الفلسطيني هادئًا، وعباس معتاد على التجول في دول العالم بهدف دفع القضية الفلسطينية قدمًا. لذلك، يقف الحمد الله في المعركة لوحده، وعلى رجليه أوزان وشروط البدء صعبة، في الوقت الذي يتوجب عليه أن يثبت أنه ليس أقل شأنًا من سابقه المُثقل بالأوسمة.

اقرأوا المزيد: 725 كلمة
عرض أقل