لقد وفرت الثورة المصرية، في الأسابيع الأخيرة، ضجة إعلامية غير مسبوقة. آلاف وسائل الإعلام في العالم وإسرائيل على وجه الخصوص، نقلت عشرات الساعات من البث الحي من ميدان التحرير ومن الميادين الأخرى في أحياء أخرى في بلاد النيل. فإلى جانب المحللين السياسيين والخبراء للشؤون المصرية، أمّ الاستديوهات أيضا مواطنون مصريون عاديون، يتحدثون العبرية، ونقلوا في أكثر من مرّة، بواسطة برمجية السكايب، تحليلاتهم وتجاربهم الشخصية.

يجري شبان مصريون، في الأيام الأخيرة مقابلات مع وسائل الإعلام وهم يتحدثون العبرية بطلاقة. وأما ما فاجأ إسرائيليين كثيرين، لم يكن اهتمام مصريين كثيرين باللغة العبرية، بل جودة اللغة التي يتحدثونها بطلاقة.

من الناحية العملية، هناك 12 جامعة مصرية وكليات خاصة تدرّس مئات الطلاب اللغة العبرية بمستوى عالٍ كجزء من مساق الاستشراق. سبب التعليم هو العمل في الشركات الدولية، في السياحة أو الترجمة. وإلى جانب الدوافع التاريخية الأمنية الواضحة التي تقول “اعرف لغة عدوك”، يعترف هؤلاء الشبان أنهم يرغبون في التعرف على جيرانهم الإسرائيليين بشكل أفضل.

منير محمد، صحافي مصري، استجاب إلى طلبات طاقم محطات التلفاز الإسرائيلية والمشاركة في بث حي وتقديم تحليلات حول تطورات الأحداث السياسية من الميادين، قد صرح أن هناك “عشرات الآلاف من الملمين بالعبرية في مصر”. وأضاف منير أن “شبان كثيرون يرغبون، إضافة إلى اجتياز التأهيل المهني باللغة، أن يتعلموا اللغة العامية، الثقافة، أن يتعلموا عن الصهيونية وعن السياسة الإسرائيلية والحياة الاجتماعية”.

وقد اتضح أن عدد الذين يتعلمون العبرية في مصر هم كثيرون وأنه وفي البيانات التي تنشرها الجامعات والكليات في مصر، يُنهي في كل عام 500 خريج دراسة اللغة العبرية في مساقات دراسات المشرق. كما أن في جامعة الأزهر، معقل الإخوان المسلمين، يعملون على تمرير دراسة اللغة العبرية في إطار مساق الاستشراق.

لقطة لشاشة القناة الثانية للتلفيزيون الإسرائيلي، مصريون يحللون الثورة
لقطة لشاشة القناة الثانية للتلفيزيون الإسرائيلي، مصريون يحللون الثورة

إذا كانت شبكة الفيس بوك قد لعبت الدور الرائد، في مطلع الربيع العربي، في خلق علاقة بين الجماهير، تنظيمهم ونشر المعلومات، فمن يلعب هذا الدور الآن هو تطبيق سكايب (Skype). بواسطة منظومة السكايب، نجح مذيعون من نشرات الأخبار الإسرائيلية في نقل البث إلى المواطنين المصريين في قلب القاهرة، للحصول على تحليلات مثيرة وتغطيات واسعة لمجريات الأمور وكل ذلك بمستوى عالٍ من اللغة العبرية.

إحدى نجوم البث الحي من قبل القاهرة كانت الصحافية المصرية، هبة حمدي أبو سيف، التي تتحدث العبرية والتي ظهرت وهي تلبس الحجاب وروت بحماس عن الجو السائد بين أوساط المتظاهرين ضد الرئيس. تقول هبة “نحن لن نتنازل وأنا أومن أننا سوف نسقطه”. أما عن تحولها إلى نجمة في إسرائيل في أعقاب المقابلات التي منحتها لوسائل الإعلام الإسرائيلية فهي تقول “يقولون أنني خائنة ولكني لا أخاف”. كان معظم المحللين والمواطنين الذين شاركوا في البث هم من أفراد المعارضة وقد قدموا تفسيرا أفضل للتوترات السائدة بين المعارضة والليبراليين وبين أتباع الرئيس المعزول، الإخوان المسلمين.

وحتى قبل وقت قليل، كان بيت الطلاب الجامعيين فيما يتعلق باللغة العبرية هو “المركز الأكاديمي الإسرائيلي” في القاهرة، الذي تم تأسيسه بعد التوقيع على اتفاقية السلام بين البلدين. وقد كان المركز في الماضي نشطا جدا: أدباء، فنانون ومفكرون إسرائيليون كانوا يحضرون إلى مصر لإلقاء المحاضرات أمام الطلاب الجامعيين المصريين.‎ ‎ولكن بسبب التوترات السياسية القوية وتواصل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، تخلى كثيرون، في الآونة الأخيرة، عن المركز وتوجهوا للتعلم في كليات خاصة بغية عدم إقامة علاقات مباشرة مع مؤسسات إسرائيلية. ويوضح السيد محمد مشمش، محلل للشؤون الإسرائيلية، أنه إلى جانب المخاوف من إنشاء علاقات وثيقة مع جهات إسرائيلية رسمية، “ينكشف الطلاب المصريون على الثقافة والتاريخ الإسرائيليين، وخلافا لزملائهم الذين يرون في إسرائيل مصدر كراهية واحتلال فقط، فهم يتعلمون التعرف عليها من زوايا أخرى تماما”.

اقرأوا المزيد: 531 كلمة
عرض أقل