الأسبوع الماضي، قبل يوم واحد من انتهاء دورة الكنيست، نجح عضو كنيست من المعارضة، جديد نسبيًّا، أن يصنع حدثًا تاريخيًّا في البرلمان الإسرائيلي. فكرئيس للوبي دعم حلّ الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، استضاف النائب حيليك بار وفدًا رسميًّا من قِبل رئيس السلطة الفلسطينية أبي مازن، حتّى إنه لوّح بعلمي إسرائيل وفلسطين، واحدهما إلى جانب الآخر، خلال جلسة اللوبي.

وترأس الوفد الرسمي رئيس لجنة التواصل في السلطة محمد مدني، وانضم إليه نائب وزير الخارجية السابق عبد الله عبد الله، وزير شؤون الأسرى السابق أشرف العجرمي، والناشطَين الفلسطينيَين وليد سالم وإلياس زنانيري. وأتى نحو 40 عضو كنيست، بينهم وزيران: وزيرة الصحة ياعيل جرمان (هناك مستقبل)، ووزير جودة البيئة عمير بيرتس (الحركة) للمشاركة في اللقاء، إذ تحوّل مجرد عقده إلى عامل جذب.

وفيما يزور مسؤولون إسرائيليون رئيس السلطة في رام الله على مدى السنوات الماضية، فإنّ دخول مسؤولين فلسطينيين إلى إسرائيل أعقد بكثير. فلم يسبق على الإطلاق أن رُفع علم فلسطين في مقر الكنيست (رغم أنّ العلم وُضع في بيت رئيس الحكومة أثناء لقاءات رسمية).

صائب عريقات وحيليك بار (Miriam Alster/ FLASH90)
صائب عريقات وحيليك بار (Miriam Alster/ FLASH90)

بار هو أحد أعضاء الكنيست الجدد الذين انتُخبوا مؤخرا لعضوية الكنيست الـ 19. ففي سن مبكرة، 38 عاما، دخل الكنيست بفضل كونه الأمين العام لحزب العمل، وهو ما أمّن له المكان السابع على لائحة الحزب للكنيست.

وقد أجرينا اللقاء هاتفيًّا، حيث إنّ بار موجود في تايوان، التي سافر إليها برفقة وفد رسمي للكنيست بعد بضعة أيّام من انتهاء الدورة الصيفية، وبدء العطلة.

هل تشعر هناك، في تايوان، كما قال وزير الاقتصاد نفتالي بينيت أثناء زيارته الأخيرة إلى الصين، أن لا أحد في العالم، بما فيه الشرق الأقصى، مهتم بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني؟

“كلا على الإطلاق. فهم يسألوننا كل الوقت عن الموضوع الإسرائيلي – الفلسطيني، وكل من نتحدث إليه يهنئنا ببدء المحادثات بين الطرفَين. والمذهل أنّ ثمة إجماعًا واسعًا حول قضية حل الدولتَين. فكل الحديث في إسرائيل، لمتطرفين من اليمين أو من اليسار، يدور حول دولة ثنائية القومية، لا أثرَ لها خارج البلاد. فمن الواضح للجميع أنّ حل الدولتَين وحده سينهي الصراع”.

أنتَ برلماني مبتدئ وقليل الخبرة، وقد انتهت للتو معركة انتخابية لم يرفع فيها حزبك الراية السياسية، حتى إنه عبّر عن دعم صريح لعملية الاستيطان. لماذا كانت إقامة لوبي حل الصراع أول أمر اخترتَ التركيز عليه؟

“أنا نشيط جدًّا في الإعلام في الشأن السياسي منذ عام 2003. كل الوقت، ترأستُ وبادرت إلى حلقات دراسية بين إسرائيليين وفلسطينيين. وللأسف، تم إهمال ذلك خلال الحملة الانتخابية. لكنني أظن أنّ حزب العمل برئاسة شيلي يحيموفيتش قد نحّى جانبًا هذا الموضوع لإعادة رفع الراية الاجتماعية. لطالما رفع حزب العمل كلتا الرايتَين، السياسية والاجتماعية. لكن بعد اغتيال رابين، ركّز الحزب كثيرًا على الشأن السياسي، وأرى أنّ الحملة الأخيرة كانت محاولة للتصويب. انشغال مكثّف بالشأن الاقتصادي – الاجتماعي، لأنّ هذا أيضًا عكس طابع يحيموفيتش وعملها”.

وهل ألحق ذلك الضرر بكم؟ ليس بالضرورة الضرر الانتخابي، بل أي ضرر؟

“ربّما ألحق ذلك الأذى، سواء من ناحية عدد المقاعد أو من ناحية السياسة. ربما خسرنا مقعدَين أو ثلاثة لهذا السبب، حصدتهما “حركة” تسيبي ليفني وميرتس. لكنني أعتقد أنه إذا سألتِ أي مواطن إسرائيلي عن موقف حزب العمل في الشأن السياسي، فسيجيبكِ وعيناه مغمضتان: دولتان لشعبَين، ومفاوضات على أساس حدود 1967. من الصعب، وربما من المستحيل، محو هذا من إرث حزب العمل”.

ألم يزعجك ذلك شخصيا خلال الحملة؟

“نعم، أزعجني ذلك. لكن الحملة كانت بقيادة يحيموفيتش، وهي ملكة الاقتصاد والمجتمع، ولذلك اتفقنا على أنّ الوقت حان لخوض معركة اجتماعية أكثر. خططتُ أن أعيد رفع الراية السياسية فورَ دخولي الكنيست”.

حينما تنشط وتقيم اللوبي من أجل حل الدولتَين، ويعود حزب العمل طوال سنوات على الشعارات نفسها، وبالمقابل يذهب اليمين إلى المزيد من التطرف ويدّعي أنه لم ولن تقوم دولة فلسطينية، أنّ الشعب الفلسطيني اختراع، وما شابه ذلك – فألا يحتاج توجهكم إلى تعديل؟

“حزب العمل هو في وسط اليسار. لسنا بحاجة إلى الذهاب إلى أقصى اليسار فقط لأنّ الليكود أصبح أكثر تشدّدا. قيمنا واضحة، ونحن ملتزمون بموقف رابين، وهو الدفاع عن إسرائيل كأنه لا سلام، والتقدم في السلام كأنه لا أعداء. إنها بوصلتنا وضميرنا، على نقيض اليسار المتطرف، الذي يقود عمليات تؤذي إسرائيل أحيانا”.

اللوبي لحل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني (Flash90/Miriam Alster)
اللوبي لحل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني (Flash90/Miriam Alster)

لكن لماذا لا تتحدون الخطاب؟ فقد الناس اهتمامهم حقًّا

“لاحظي أنها المرة الأولى التي يدخل فيها علم فلسطين إلى الكنيست. وهذا عمل اللوبي الذي أترأسه، وساعدتني منظمتا “صوت واحد” و”معهد النقب”. أنا أستضيف وفدًا فلسطينيًّا رسميًّا، ولا أخجل بعلمهم، وهذا أمر يتحفظ عنه اليمين بشدة. ففي كل وفد سياسي آخر، نضع علم الدولة الضيفة، وهنا فقط ثمة صعوبة. نحن لسنا مع اليمين الذي يتصرف كأن الفلسطينيين غير موجودين، بل حزب يريد التفاوض، ومن الطبيعي أن نرى علمهم لدينا”.

هل كانت خشية قبل اجتماع اللوبي بألا ينجح ذلك؟

“أعترف أنني خشيتُ، ولذلك في الأيام التي سبقت الاجتماع، حاولتُ تجنب الحديث عن ذلك، لخشيتي من أن تحاول أوساط يمينية عرقلة الحدث. خفتُ من طرق وصول الفلسطينيين إلى الكنيست، أن يصعّبوا عليهم في الطريق، وخفتُ من الحدث بحد ذاته. لكنهم وصلوا، وتطلّب ذلك شجاعة منهم، وقد جذب الحدث 36 عضوًا في الكنيست، ووزيرَين، وجلس جميعهم في قاعة الاجتماع إلى جانب علم فلسطين”.

كيف نجحتَ في تمرير قضية إدخال العلم إلى الكنيست؟

“توجهتُ مسبقًا إلى المستشار القضائي للكنيست لنيل الموافقة على ذلك، وقلتُ له إنني لا أريد عروضًا مسرحيّة بخصوص ذلك. لم يجرِ إعلام رئيس الكنيست، يولي إيدلشتاين، بذلك مسبقًا، لعدم الحاجة إلى ذلك. لم أرِد أن يدخل مكانًا يشعر فيه بالإحراج. لم يفرض المستشار القضائي للكنيست أي حظر أو تقييد عليّ، ولم يقل شيئًا. في نهاية اليوم نفسه، قال رئيس الكنيست من على المنصة إنّ هذا لم يكن استقبالًا رسميًّا للكنيست، بل للوبي الخاص بنا فقط. وأضاف أمرًا آخر، مثيرًا للاهتمام أكثر بنظري، وهو أنّ الكنيست دعت وفودًا فلسطينية في السابق، لم تستجب لها حتى الآن. آمل أن يكون ضيوفنا من السلطة قد رأوا النوايا الحسنة للّوبي الخاص بنا وللكنيست أيضًا”.

كيف تخطط للتقدم في عمل اللوبي؟ هل تخططون لعلاقات دائمة بين برلمانيين من القدس ورام الله؟

“تلقينا دعوة رسمية من الرئيس عباس لحضور اجتماع في المقاطعة، وأخطط للذهاب خلال العطلة. هدف اللوبي هو إبقاء الموضوع على جدول الأعمال العام. وسنحاول أن نقود كل نشاط، بما فيه الحديث في هذا الاتجاه. أشعر أنه رغم السنوات القاسية للانتفاضة، فإنّ الفترة الحالية ليست سهلة على الإطلاق. إن كان إرهاب فإنه يأتي من غزة، وفي السنوات الأخيرة كان الصراع مع رام الله غير عنيف. لكن النقص في الثقة بين الطرفَين كبير جدا. فقد فقدا الثقة، ولا يظنان أنه يمكن التوصل إلى حل، ويصعب جدا عليّ قبول ذلك. لأنه حينما انتهج قادة فلسطينيون مسلكًا عنيفًا، لم يتحدثوا إليهم. في السنوات الأخيرة، حماس هي من يتحدثون إليه، في قضية جلعاد شاليط، في قضية وقف إطلاق النار. أمّا أبو مازن، الذي يسير في طريق اللاعنف طوال السنوات العشرين الماضية، فتوقفوا عن التحدث إليه منذ 4 سنوات. هذا ليس حكيمًا. إنها حماقة كبرى”.

هل تفهم أنّ الضغوط الاقتصادية التي مارسوها، سواء عبر الاتحاد الأوروبي أو عبر حركة BDS تجدي نفعًا؟

“لستُ متأكّدًا. جاء قرار الاتحاد الأوروبي بخصوص الاتفاقات بين إسرائيل والاتحاد بعد أن اتخذ نتنياهو القرارات، وبعد أن زار جون كيري المنطقة مرارًا، وذلك لم تسهم هذه المفاجأة من الاتحاد في تقدّم المحادثات. فالضغوط الاقتصادية تحديدًا تدفع إسرائيل إلى الانعزال. أومن أنّ سياسة ليّ اليدَين لا تجدي نفعًا”.

ما رأيك في المقاطعة؟

“أعارض بشدة. لن تفيد المقاطعة، أقول ذلك بصدق”.

ما هي جملتك الختامية؟

“أظنّ أن عناصر متشددة جدا، بعضها في مواقع رسمية، تحاول إعاقة العملية. يمكن أن نذكر بينها نائب وزير الأمن داني دانون، أو وزير الاقتصاد نفتالي بينيت. فالأخير يصرّح، خلال المفاوضات، ضدّ الحكومة وضدّ الدولة. يهدّد الاتحاد الأوروبي. أخشى أنه يحاول تعطيل مساعي كيري وأعماله، فهي نفاق تامّ من جهته. إذا كنتَ مشاركًا في الحكومة، فلا يمكنك أن تتحدث هكذا. إذا لم تناسبك الإجراءات، استقِل.

هل تريد أن ترى حزب العمل داخل الحكومة، بدلًا من البيت اليهودي؟

ليس في هذه المرحلة. سيدخل العمل فقط في حال لم يكن هناك خيار آخر، وكانوا محتاجين إلينا لدعم الليكود ورئيس الحكومة عشية توقيع اتفاق. لن نأخذ مناصب ولا حقائب، بل ندخل للدعم فقط”.

اقرأوا المزيد: 1217 كلمة
عرض أقل