محاكمة ليبرمان

أفيغدور ليبرمان (Olivier Fitoussi/Flash90)
أفيغدور ليبرمان (Olivier Fitoussi/Flash90)

فردَوس ليبرمان

الإدانة بضرب أطفال، الشبهات في الفساد التي لم تصل إلى مكان، التهديدات لمبارك، والعلاقات بأصحاب رؤوس الأموال - مِن فضيحة إلى أخرى، أفيغدور ليبرمان يعزِّز مكانته السياسية

24 يناير 2014 | 16:53

“كلّ شيء فردَوس” – هكذا يردّ أفيغدور ليبرمان عادةً حين يُسأل عن حاله. أزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية؟ “فردَوس”. لائحة اتّهام خطيرة بالفساد؟ “فردَوس”. إسرائيل ستهاجم إيران؟ الإجابة هي ذاتُها دائمًا. مزاج ممتاز.

روى إلداد يانيف، الذي كان معاوِنًا مقرّبًا من رئيس الحكومة الأسبق إيهود باراك ومحاميًا بارزًا مثّل سياسيين كثيرين، مؤخرا: “كان ليبرمان يستهلّ كل محادثة بالقول: (لديّ جنة عدن، كيف الوضع لديك؟  ما وضع المضاجعات؟)”

شائعات من فيينا

ليس الكثير معروفًا حول علاقة أفيغدور ليبرمان برجل الأعمال اليهودي النمساوي، الملياردير مارتن شلاف. لا أحد يعرف المدى الحقيقي لأعمال الرجل، وكيف جمع ثروته. ما هو معروف أنّ شلاف يمتلك عددًا من الكازينوات، وقسمًا كبيرًا من “بنك أوف أوستريا”. كذلك، فإنّ اسمه معروف في إسرائيل كواحد من أفضل أصدقاء أفيغدور ليبرمان.

مارتن شلاف (AFP)
مارتن شلاف (AFP)

وأوضح يانيف أنّ ليبرمان وشلاف “رجُلان بالغان. إنهما لا يذهبان إلى الحانة. ثمة مكان في فيينا يُدعى (بابيلون)، بإمكانك أن تستأجر نساءً هناك، تخرج معهنّ، تضطجع معهنّ… ومارتِن يدفع”. يُذكَر أنه لم تجرؤ أية صحيفة مركزية في إسرائيل على اقتباس ما نسبه يانيف لليبرمان.

مع ذلك، أدرك كثيرون في الماضي العلاقة الحميمة بين شلاف وليبرمان. فقد نقلت صحيفة “هآرتس” أنّ ليبرمان كان الضيف الإسرائيلي الوحيد في مراسِم ختان نجل شلاف. كان ليبرمان حينذاك وزيرًا للخارجية، وكان الضيف الخصوصي للثريّ النمساويّ. وفق تحقيق الصحيفة، جمع شلاف أيضًا بين ليبرمان ومسؤولين فلسطينيين تربطه صداقة بهم.

“أشبعه ضربًا حتّى انفجر الطفل بالبُكاء”

لكن رغم كلّ الشبهات، الشائعات، والثرثرات في شؤون الفساد، فقد تمّت منذ وقت قصير، في 6 تشرين الثاني 2013، تبرئة ليبرمان بالإجماع من مخالفات الخداع والنكث بالعهود التي اتُّهم بها. كانت هذه نهاية لائحة اتّهام صغيرة ومنكمشة قُدّمت بعد سنواتٍ من التحقيقات، ومنها أيضًا خرج ليبرمان مثل الشعرة من العجينة.

ورغم أنّه حُكم أنّ ليبرمان ليس فاسدًا، فقد أدين في أمرٍ واحد. فعام 1999، تنازع ابن ليبرمان مع شابَّين، يبلغان من العُمر 13 و14 عامًا، قرب بيته في مستوطنة نوكديم في الضفة الغربية. هرع نجل ليبرمان إلى البيت، طالبًا مساعدة أبيه. وبالنسبة لردّ ليبرمان على مشكلة ابنه، تقول لائحة الاتّهام المُقدَّمة في هذا الشأن:

“خرج ليبرمان من بيته، وبدأ بمطاردة الولدَين. وفيما كان يطارِد، رفع حجرًا عن الأرض، وألقاه على ظهر أحد الطفلَين. هربا إلى مكان يختبئان فيه، ولكنّ ليبرمان تمكّن من تحديد مكان الشابَّين اللذَين اختبآ في كرفان (بيت متنقّل). حينها، ضرب أحدَهما على وجهه. من قوّتها [الضربة]، طار الولد نحو الحائط، تأذّى رأسه، وسقط أرضًا. وفيما كان لا يزال مضطجعًا مصعوقًا من الألم، أشبعه ضربًا حتّى انفجر الطفل بالبُكاء”.

أفيغدور ليبرمان بعد النقاش في المحكمة  (Abir Sultan/Flash90)
أفيغدور ليبرمان بعد النقاش في المحكمة (Abir Sultan/Flash90)

توصّل محامو ليبرمان إلى صفقة ادّعاء مع المُشتكين، وأدانته المحكمة بالهجوم، التسبب بالأذى، والتهديدات. صادق القضاة على صفقة الادّعاء، لكنهم عبّروا عن امتعاضهم الشديد لأنّ ليبرمان نفّذ أفعاله عن سابق إصرار وترصُّد، ولم يُعرب عن الندم على ما اقترفت يداه.

الطيبي أشدّ خطورةً من مشعل. مبارك؟ ليذهبْ إلى الجحيم!

إذا كان من مجالٍ تميّز فيه ليبرمان على مرّ سنواته في السياسة الإسرائيلية، فهو شتمُ الآخرين، من أكبرهم إلى أصغرهم. فحتّى حين كان الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، في أوج قوّته، عام 2001، لم يتردد عضو الكنيست حينذاك ليبرمان في مهاجمته وتوجيه تهديد صريح له، إذ قال: “يواصل مبارك العمل ضدّنا والسفر للتشاوُر مع صدّام حسين. إذا نفّذ تهديده بإدخال قوّات إلى سيناء، فإنّ هذا نموذج لخطّ أحمر يجب الردّ عليه بقوّة – بما في ذلك قصف سدّ أسوان”.

بعد بضع سنوات، حين عمل وزيرًا في الحكومة الإسرائيلية، عاد ليبرمان إلى مهاجمة الزعيم المصري، الذي لم يقُم بزيارة إسرائيل، قائلًا: “لم يوافق مطلقًا على القيام بزيارة رسميّة إلى هنا كرئيس. كل زعيم يحترم نفسه يجب أن يشترط لقاءاتٍ كهذه. أيريد أن يتحدث إلينا؟ ليأتِ إلى هنا. لا يريد أن يأتي إلى هنا؟ فليذهبْ إلى الجحيم!” في وقتٍ لاحق، اضطُرّ رئيس الدولة، شمعون بيريس، إلى الاعتذار لنظيره المصري عن هذه الوقاحة.

أفيغدور ليبرمان (Olivier Fitoussi /Flash90)
أفيغدور ليبرمان (Olivier Fitoussi /Flash90)

أمّا هدف الهجوم الأكثر شيوعًا والأحبّ إلى قلب ليبرمان فهو عرب إسرائيل، وعلى رأسهم أعضاء الكنيست العرب. على سبيل المثال، قال ليبرمان للنائب واصل طه: “أنتَ حليف الإرهابيين في الكنيست. آمل أن تهتمّ بك حماس – أنتَ والباقين – يومًا ما. يومكم أيضًا سيأتي، لا تقلقوا”. وعن النائبَين أحمد الطيبي ومحمد بركة قال ليبرمان: “إنهما أخطر من مشعل ونصر الله”.

يشكّل موضوع عرب إسرائيل مسألة حسّاسة بالنسبة ليبرمان، وقد كرّر مؤخرا موقفه بأنّ عرب إسرائيل يجب أن يُصبحوا في نهاية المطاف مواطنين في الدولة الفلسطينية. حتّى إنه قال مؤخرا إنّ عرب إسرائيل “مصابون بالفصام”، فهم لا يستطيعون أن يقرّروا إن كانوا إسرائيليين أم فلسطينيين.

كذلك، لم تعرف علاقات ليبرمان بباقي دول العالم الراحة. فحين كادت تندلع أزمة بين إسرائيل ودول الاتحاد الأوروبي، قال للإعلام الإسرائيلي إنه “يجب القول للأوروبيين بأوضح طريقة دبلوماسيّة: كُفّوا عن إرباك الدماغ”. حقًّا، كلمات غير اعتيادية من وزير خارجيّة!

ليبرمان ونتنياهو قبيل الإنتخابات في إسرائيل (Flash90/Miriam Alster )
ليبرمان ونتنياهو قبيل الإنتخابات في إسرائيل (Flash90/Miriam Alster )

أصوات تسوِية

ومع ذلك، فمنذ تبرئته في تشرين الثاني، يجري الحديث في إسرائيل عن ليبرمان آخر جديد. فقياسًا لموقفه المتطرّف تجاه الفلسطينيين، واتّهاماته المتكررة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بإدارة “إرهاب سياسيّ”، يُبدي ليبرمان انفتاحًا ومرونة حيال مساعي وزير الخارجية  الأمريكي، جون كيري، للتوصُّل إلى اتّفاق بين إسرائيل والفلسطينيين.

“أيّ اقتراح بَديل يمكن أن نتلقّاه من المجتمع الدولي سيكون أسوأ بالنسبة لنا من اقتراح كيري”، قال ليبرمان عن نظيره الأمريكي، مثنيًا على جهوده. وهذا الأسبوع، حين هاجم وزير الدفاع موشيه يعلون كيري مُلقّبًا إياه “المسيحانيّ والمهووس”، كان ليبرمان مَن وقف إلى يمين كيري، داعيًا إلى التهدئة.

أفيغدور ليبرمان مع رئيس دولة إسرائيل شمعون بيريس (Mark Neyman/GPO/FLASH90)
أفيغدور ليبرمان مع رئيس دولة إسرائيل شمعون بيريس (Mark Neyman/GPO/FLASH90)

فهل نشهد تشكّل ليبرمان من طرازٍ آخر؟ إذا سألتم المحلّل السياسي لصحيفة معاريف، شالوم يروشلمي، فإنّ إجابته هي لا. “في رأس الهرم السياسي يدركون أنّ ليبرمان لم يغيّر مواقفه قيد أنملة حول عملية السلام”، يوضح يروشلمي. ويتابع: “غيّر فقط التكتيك السياسي والصورة الزائفة”.‎ ‎

لكن يبدو أنّ رئيس دولة إسرائيل، شمعون بيريس، يصدّق الصورة الجديدة لوزير الخارجية، إذ قال: “ليس منصفًا أن تأخذ منّي صورة البالغ المسؤول”، ممازحًا ليبرمان حول التغيير الذي طرأ عليه، في مؤتمر لوزارة الخارجية. ووفقَ محلِّلين إسرائيليّين، بدأت تتغير النظرة إلى ليبرمان في الولايات المتحدة الأمريكية أيضًا. وإذا صدقت الأنباء، فإنّ الولايات المتحدة أيضًا سلّمت بأنّه عند حلول الوقت، سيرث ليبرمان مكان نتنياهو في مكتب رئيس الحكومة.

اقرأوا المزيد: 920 كلمة
عرض أقل
وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان يخاطب عاملي الخارجية في القدس بعد غياب طال أكثر من سنة لمثوله للمحاكمة (FLASH90)
وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان يخاطب عاملي الخارجية في القدس بعد غياب طال أكثر من سنة لمثوله للمحاكمة (FLASH90)

كيف ومتى سيحسّن ليبرمان العلاقات مع الولايات المتحدة؟

وزير الخارجية الإسرائيلي يبذل جهده لتخفيف التوتُّر بين إسرائيل والولايات المتحدة بعد نحو 24 ساعة من مزاولة مهامّه

بعد أقلّ من 24 ساعة من المصادقة على تعيينه وزيرًا للخارجية في الكنيست، وصل أفيغدور ليبرمان إلى وزارة الخارجية، واختار هذا المكان، لا منصّة الكنيست ليطرح سلّم أولوياته الشعبي مع عودته إلى منصبه القديم – الجديد. “ثمة حاجة إلى تهدئة المواجهة العلنيّة مع الولايات المتحدة”، قال للعاملين.

ونشر الإعلام الإسرائيلي أنباءً عن أنّ ليبرمان هو الذي أجرى اتّصالات مطوّلة مع سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، دان شبيرو، لا سيّما خلال الأيام الماضية، حين طفت إلى السطح مواجهة علنية بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية جون كيري.

“العلاقات مع الإدارة الأمريكية هي حيوية، ثابتة، وجيدة – لا شيء سيغيّر هذا. الخلافات موجودة منذ 1948″، قال ليبرمان للعاملين، منتقدًا تحوّل النقاش بين الدولتَين إلى علنيّ بهذه الصورة.

لكن السؤال الذي يطرَح نفسه في إسرائيل اليوم هو: كيف سيتمكّن وزير الخارجية، الذي نسج علاقات دافئة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولم يوطّد علاقاته بواشنطن، أن يعود إلى مركز العمل الدبلوماسي؟ خلال السنوات التي عمل فيها ليبرمان وزيرًا للخارجيّة، تحوّل إلى شخصيّة غير مرغوب فيها في العاصمة الأمريكية، إذ إنّ هيلاري كلينتون صافحته على سبيل التهذيب في بداية ولايتها، ومرّ نحو عامَين ونصف حتى لقائهما الشخصي التالي. فكيف سينجح ليبرمان الآن في أن يصبح مدعوًّا مرغوبًا فيه هناك؟ كان يُنظَر إليه آنذاك، ولا يزال، بصفته النموذج الأكثر عدائية بين الوزراء الإسرائيليين. حتى اليوم، لم ينسَوا خطاب الجمعية العامة للأمم المتحدة، حين تغَيب نتنياهو وحلّ مكانه ليبرمان خطيبًا رئيسيًّا عن دولة إسرائيل، إذ هاجم مذهب الدولتَين، وضرب عرض الحائط الموقف الحكومي الإسرائيلي. دعي الخطاب في إسرائيل وفي الإعلام العالمي خطابًا حزبيًّا داخليًّا. يريد ليبرمان اليوم مصالحة الأمريكيين.

وضع إسرائيل الدبلوماسي هذه الأيام معقّد أكثر من أيّ وقت مضى. فحين تريد دولة أن تحصل على شيء، عليها أن تعطي شيئًا في المقابل. لكن يبدو أنه لا نتنياهو ولا ليبرمان يعرفان هذه المعادلة. فمنذ سنوات، يرفض الرجلان أي نوع من بوادر حسن النية تجاه الأمريكيين في الشأن الفلسطيني. وجديرة بالذكر في هذا السياق محادثة الوعظ بين نتنياهو وأوباما في الولاية السابقة أو رفض نتنياهو في زيارته الأولى إلى الولايات المتحدة أن يتلفظ بعبارة “الدولتَين”. فكيف سينجح ليبرمان الآن، وبشكل مفاجئ، في تهدئة اللهب، في مكان كان فيه مُثير الحريق؟

المعارضة الصريحة لرئيس الحكومة للاتّفاق الذي تسعى إليه الإدارة الأمريكية في الشأن النووي الإيراني، التوجّه الوقِح للمنظّمات اليهودية الأمريكية أن تفعل شيئًا (توجّه للوزير بينيت، ولكن بدعم من رئيس الحكومة)، وحتى زيارة روسيا التي يخطّط لها رئيس الحكومة الأسبوع القادم – كلّها تُدخِل ليبرمان إلى السّاحة في فترة حسّاسة. ومَن يعرف ليبرمان يدرك أنّ الانتباه للتلميحات، اللغة الرقيقة أو الفهم الملطّف للواقع هي صفات بعيدة كلّ البُعد عنه.

علاوةً على ذلك، ففي سنة غيابه، ومع انتهاء المعركة الانتخابية، حصلت وزيرة العدل تسيبي ليفني على إدارة المفاوضات، وهي التي تمسك بملفّ العلاقات الوثيقة مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري. وليس سرًّا أنّ ليفني، منذ عقد تقريبًا، هي واحدة من أكثر السياسيين المحبوبين في واشنطن. أحبّها مسؤولو إدارة بوش، وكانت علاقاتها ممتازة بنظيرتها كوندوليزا رايس. وفي نظر الإدارة الحاليّة أيضًا، ليفني هي صوت العقل.

ربّما سخط ليبرمان على اليسار الإسرائيلي، الذي هنأه بعض منه على التبرئة، لكنه دعا إلى عدم تعيينه وزيرًا للخارجية لعدم ملاءمته للمنصب، لكنه يُدرك، أنه مع عودته إلى المنصب، فإنّ الكلمات التي قيلت أمس في اليسار تعكس أيضًا النظرة الدبلوماسية في العالم.

اقرأوا المزيد: 509 كلمة
عرض أقل
أفيغدور ليبرمان (UN Photo/Rick Bajornas)
أفيغدور ليبرمان (UN Photo/Rick Bajornas)

ليبرمان وزيرًا لخارجية إسرائيل بعد اتهامه بالفساد

من المقرر أن تصدق الحكومة خلال اجتماعها اليوم الأحد على تعيين عضو الكنيست أفيجدور ليبرمان وزيرًا للخارجية تمهيدًا لطرح هذا القرار على الكنيست لنيل مصادقته

06 نوفمبر 2013 | 12:27

بعد غياب دامَ أكثر من عام عن وزارة الخارجية، سيعود ليبرمان إليها بعد تبرئته، ويُضطرَ إلى مواجهة تحديات ليست بالبسيطة، منها الوضع المتدهور مع تركيا، قرارات الاتحاد الأوروبي، وغيرها

انتهت المحاكمة الجنائية لوزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان اليوم في القدس بتبرئة تامّة، ما يعني أنّ ليبرمان سيعود فورًا إلى وزارة الخارجية، المنصب الذي كان وديعة لدى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الشهور العشرة الأخيرة.

خارج قاعة المحكمة، بدا وجه ليبرمان مُشرقًا كمن تجنّب مصيبة، وقال للمراسلين هناك: “سنوات طويلة من التحقيقات انتهت. أصبح هذا خلف ظهري. أشكر عائلتي والأصدقاء الكثيرين الذين اتصلوا بي في الأيام الماضية لتشجيعي”.

وانهالت التهانئ على ليبرمان فورًا من جميع رؤساء الأحزاب، عدا زعيمة المعارضة شيلي يحيموفيتش، التي دعت المستشار القضائي للحكومة إلى تقديم طعن في التبرئة. وسواءٌ قُدِّم الطعن أم لا، فإنّ ليبرمان سيعود إلى مكانته السابقة: وجه إسرائيل في العالم. وسيكون مثيرًا للاهتمام مراقبة كيف ستستقبله الدبلوماسية الأمريكية برئاسة وزير الخارجية جون كيري. وللتذكير، فإنّ هيلاري كلينتون، طيلة سنواتها كوزيرة للخارجية، تعاملت بلامبالاة مع ليبرمان، تجنبت اللقاء به، وفقط قُبَيل نهاية ولايتها، أجرت معه لقاءَ مجاملة ثانيًا وأخيرًا.

وسارع اليمين الإسرائيلي إلى تقديم التهانئ والتشديد على أنّ عودة ليبرمان إلى منصب بارز “بشارة هامّة للمعسكر القومي”. وقال المتحدث بلسان وزير الاقتصاد نفتالي بينيت إنّ الحسم “سيُعزّز معسكر الأولياء لإسرائيل وغير المُساومين على مصالح إسرائيل في العالم”. أمّا من اليسار السياسي، ممثَّلًا بميرتس، فوصلت رسالة مُفاجئة. فقد قالت زهافا غلؤون، التي تدعم غالبًا الجهاز القضائي وسلطة القانون، إنه يجِب احترام قرار المحكمة، ولكن التحقُّق من سلوك المستشار القضائي للحكومة، فينشتاين.

وليست مهمّة ليبرمان، بعد غياب استمرّ أكثر من عام عن وزارة الخارجية، بسيطة. فمنذ البداية، ومن الولاية السابقة، كان ليبرمان شخصيّة غير محبَّبة في عواصم أوروبا الغربية وأميركا الشمالية. فقد ركّز على تحسين العلاقات مع دُوَل أوروبا الشرقية، أمريكا الجنوبية، وإفريقيا. لكن حتى تحسين تلك العلاقات في الظاهر لم يخُدم المصالح الإسرائيلية، إذ وقفت روسيا ضدّ الموقفَين الإسرائيلي والأمريكي في قرارات مجلس الأمن الخاصّة بإيران وسوريا. كذلك لم تستفِد إسرائيل في المحافل الدولية من تحسُّن علاقاتها بدول أمريكا الجنوبية أو إفريقيا، إذ أصبحت تصريحات الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف أقوى ضدّ إسرائيل.

بالمقابل، تدهورت العلاقات بين إسرائيل وتركيا. وقد كانت مساهمة ليبرمان كوزير للخارجية، ونائبه حينذاك وعدوّه لاحقًا داني أيالون، حاسمة في انهيار العلاقات في الفترة الماضية. لكن حين جرى الكشف مؤخرا عن لقاءات بين مُشغَّلين من الموساد وعملاء إيرانيين على الأراضي التركية، وعن أنّ تركيا نقلت معلومات بهذا الصدد إلى إيران، ردّ ليبرمان، الذي لم يكن وزيرًا للخارجية، بطريقة عنيفة حول العلاقات بين البلدَين، ما يشير إلى أنّ وزارة الخارجية قد تقود العلاقات إلى تدهوُر إضافيّ بعد عودته للمنصب.

وخلال عام غيابه عن وزارة الخارجية، اتخذ الاتحاد الأوروبي قرارًا أنّ الاتفاقات بين الاتحاد وإسرائيل (دعم الأبحاث، المِنَح، وتمويل المبادرات المشترَكة) لن يسري مفعولها في المستوطنات، بحيث ستُضطرّ إسرائيل إلى الإعلان في الاتفاقات الرسمية أن لا شركاء بحث من الأراضي المحتلة، كجامعة أريئيل وغيرها. ويحمل القرار الأوروبي معاني خطيرة بالنسبة لإسرائيل، سواء من حيث التهديد الاقتصادي، آثاره في المجتمع الدولي، أو من الناحية الأخلاقيّة الداخليّة. وتتطلب معالجة هذا الموضوع رقةً، دبلوماسيّة ناعمة، وعلاقات مركبّة، مع أذن حسّاسة لأرقّ الإشارات. يُشكّ في أن يكون ليبرمان يمتلك أصلًا هذه الصفات. مع ذلك، سيكون عليه أن يبدأ بالاهتمام بعُمق بمشاكل من هذا النوع تواجهها إسرائيل.

على هامش القرارات السياسية، سيُضطَرّ رئيس الحكومة إلى تعيين رئيس للجنة الخارجية والأمن خليفةً لليبرمان. ويُعدّ المنصب مهمًّا وحسّاسًا بصورة خاصة، رغم أنه غير معروف للشعب. ويُفترَض أنّ رئيس الحكومة يفضّل تعيين تساحي هنغبي، الذي شغل هذا المنصب في الماضي (حتّى أُدين هو نفسُه واضطُرّ إلى المغادرة). لكنّ ثمةَ آخرين في الليكود يطالبون بالمنصب، بينهم النائب أوفير أكونيس، النائب ياريف ليفين، والنائب ميري ريغف.

اقرأوا المزيد: 572 كلمة
عرض أقل
وزير الخارجية الأسبق, أفيغدور ليبرمان, خارج قاعة المحكمة (Yonatan SindelFlash90)
وزير الخارجية الأسبق, أفيغدور ليبرمان, خارج قاعة المحكمة (Yonatan SindelFlash90)

اليوم المصيري لوزير الخارجية السابق

في حال تمت إدانة وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان، سوف يضطر إلى استبدال طموحاته ليكون زعيم معسكر اليمين التالي، وقد يصل الحزب الذي أقامه إلى نهاية طريقه

05 نوفمبر 2013 | 18:57

ستصدر محكمة الصلح في القدس غدًا صباحا قرار حكمها بحق أفيغدور ليبرمان، وزير الخارجية السابق ورئيس حزب “إسرائيل بيتنا”، الذي مكث قرابة سنة خارج وزارة الخارجية بسبب الملف الجنائي الذي يحوم فوق رأسه. إذا تمت تبرئته، فمن المتوقع أن يعود إلى مركز الحلبة السياسية، وإذا لم يتم ذلك، فسوف يعتزل، وقد ينتهي حزبه “إسرائيل بيتنا”.

حسب السيناريو المتفائل، إذا تمت تبرئته، سيعود ليبرمان في الأيام القريبة إلى مكتب وزير الخارجية وفي المرحلة التالية سوف يبدأ بشق طريقه ليتحول إلى مرشح ريادي لمعسكر اليمين وإلى رئاسة الحكومة، في العهد ما بعد نتنياهو.

أما السيناريو الأكثر تشاؤما من ناحية حزب “إسرائيل بيتنا” فيشمل اعتزال ليبرمان بشكل كامل من الحياة السياسية وترك الحزب ليواجه مصيره. وفي السيناريو الأكثر تطرفًا، سوف يتفتت الحزب من دون زعيمه ذي الحضور وسيفقد طريقه وسيواجه صعوبة في البقاء في المعركة الانتخابية التالية.

يجدر الذكر أن الجولة القضائية لن تنتهي غدًا، لأن الطرفين يمكنهما تقديم استئناف، النيابة العامة في حال التبرئة، وليبرمان في حال الإدانة.

وثمة إجماع بين أوساط رجالات القانون في إسرائيل الذين يتابعون محاكمة‏‎ ‎‏أفيغدور ليبرمان‏‎ أن الإدانة في قضية السفير هي افتراض عمل معقول، وأن التبرئة سوف تكون بمثابة مفاجأة. لا عجب إذًا في أنه قد بدء السباق في الحكومة ‏‎ ‎‏على المقعد الذي سيتم إخلاؤه في وزارة الخارجية.

ويقضم خمسة وزراء على الأقل أظافرهم متوترين استعدادا للمداولة ‏‎ ‎‏بشأن حسم مصير أفيغدور ليبرمان‏‎ ‎‏يوم الأربعاء المقبل. جميعهم يرون أنفسهم مناسبين للجلوس على عرش ‏‎ ‎‏وزير الخارجية‏؛ جميعهم ينتظرون ليعرفوا إذا كان سيتم تبرئة زعيم إسرائيل بيتنا أو أنه ستتم إدانته وسيعتزل الحياة السياسية‎.‎

يوفال شتاينيتس، وزير شؤون الاستخبارات، جلعاد أردان، وزير الاتصالات وحماية الجبهة الداخلية، سيلفان شالوم، وزير الطاقة والبنى التحتية، وغدعون ساعر وزير الداخلية، جميعهم من الليكود وجميعهم يعتبرون ملائمين للمنصب. كذلك، نائب وزير الخارجية، زئيف ألكين، من حزب ليبرمان، يوجه ناظريه إلى هذه الوظيفة، وإلى جانبه يحاول وزير الزراعة، يائير شامير، أن يتقدم باتجاه المنصب إذا اعتزل ليبرمان الحياة السياسية وترك رئاسة “إسرائيل بيتنا” له.

إلا أن المقربين من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يبرّدون الجو. فقد قدر أحد المقربين من رئيس الحكومة هذا الأسبوع أن حقيبة الخارجية سيتم إشغالها حتى وإن تمت إدانة ليبرمان ولم يتمكن من مزاولة وظيفته.‏‎ ‎‏

وكتب محللون إسرائيليون أن نتنياهو لن يذرف أية دمعة إذا تمت إدانة ليبرمان، على الرغم من الاتحاد السياسي بينهما، فمن ناحيته هناك منافس سياسي قوي سوف يخلي الحلبة.

اقرأوا المزيد: 367 كلمة
عرض أقل