إلى حدّ ما فقد أنهى زوهار أرجوف حياته كما بدأها، مفلسًا، وذلك عندما انتحر في زنزانة الاعتقال التابعة للشرطة الإسرائيلية. كان والدا زوهار أرجوف، عوفاديا ويونا عورقبي، يهوديّين فقيرين من أصول يمنية. كان زوهار الأخ الكبير من بين ثمانية أشقاء؛ ثلاثة إخوة وخمس أخوات، والذين عاشوا جميعهم في فقر مدقع. كان الأب عوفاديا ثملا، واعتاد إحراج زوهار الشاب حين وصل لمدرسته وهو في حالة سكر.
لم يكن لزوهار الشاب أيضا مناص من التدهور إلى عالم الإجرام. فمنذ سنّ صغيرة جرّب المخدّرات الخفيفة من أنواع الماريغوانا والحشيش
ولم يكن لزوهار الشاب أيضا مناص من التدهور إلى عالم الإجرام. فمنذ سنّ صغيرة جرّب المخدّرات الخفيفة من أنواع الماريغوانا والحشيش، ولكن بخلاف سائر أبناء جيله، كانت موهبة الغناء لديه هي التي من المفترض أن تنقذه وتميّزه. برز زوهار عورقبي الشاب منذ فترة المدرسة بصوته الرنّان. حاول تجربة حظّه في الغناء، ولكنه كسب رزقه من العمل في البناء. حين كان في سنّ الثامنة عشرة ولد ابنه الوحيد، جيلي، الذي أصبح مع الأيام هو أيضا مدمنًا على المخدّرات.
غيّر زوهار اسمه من “زوهار عورقبي” ذي النغمة العربية إلى “زوهار أرجوف” الإسرائيلي
كان ميله للسلوك العنيف هو العقبة الكبرى لديه في طريق النجاح، وفي سنّ الثالثة والعشرين وجد نفسه في السجن بعد إدانته باغتصاب امرأة. ومع إطلاق سراحه قرّر تكريس كلّ وقته للموسيقى، بل وغيّر اسمه من “زوهار عورقبي” ذي النغمة العربية إلى “زوهار أرجوف” الإسرائيلي. في عام 1980 حين كان في سنّ الخامسة والعشرين صدرت أغنيته الشهيرة الأولى، “إلينور”، وهي أغنية تمّ تسجيلها بمعدّات بسيطة وبوسائل فقيرة، ولكنها حظيت بنجاح كبير:
كانت تلك هي فترة “الأشرطة” في إسرائيل. وقد رفضت الإذاعة، التي كان يسيطر عليها اليهود من أصول أوروبية، أن تبثّ أغنيات أرجوف اليمني. ولكن ازدهر في محطّات الحافلات في إسرائيل سوق خاصّ للأشرطة الصوتية البسيطة والرخيصة، وقد بيعت فيها أغنيات لأفضل المطربين ذوي النمط الشرق أوسطي. لم يكن هناك شخص لا يعرف “إلينور” والمغني الكبير زوهار أرغوف. مكّنه نجاح الألبوم من تسجيل ألبوم آخر، مع أداء للأغنية العربية المعروفة “لهلا يزيد أكثر”:
ولكن النجاح الكبير لزوهار جاء فقط بعد أن ظهر في “مهرجان المطرب الشرقي” عام 1982، الذي كان مقابلا لبرنامج “أرب آيدول” في تلك الفترة. فاز زوهار أرجوف فيه بالمرتبة الأولى، مع الأغنية التي أصبحت أشهر أغانيه في جميع الأزمنة، وجعلته نجمًا حقيقيّا: “هبيراح بجاني” (الزهرة في حديقتي).
ومع الأسف الشديد، فقد أدى نجاح زوهار أيضا إلى خضوعه لنقاط ضعفه، تلك التي كانت حاسمة في نهاية المطاف. في أعقاب النجاح الكبير لأغنية “هبيراح بجاني”، خرج زوهار أرجوف إلى رحلة ليغني في حفلات في أوساط يهود الولايات المتحدة، وقد أدمن خلالها على مخدّرات الكوكايين والهيروين.
حين عاد إلى إسرائيل، كان شخصًا آخر. في البداية لم يؤثّر الإدمان على نجاحه، واستمرّ في الظهور والاستمتاع بشعبيّته الكبيرة. ولكن حين توقّف عن الذهاب إلى التسجيلات والحفلات، وحين بدأ صوته يصبح مبحوحًا، أدخله متعهّده في عملية إعادة تأهيل استمرّت لأسبوعين. فشلت عملية إعادة التأهيل، واستمر أرجوف في الدخول والخروج من معاهد إعادة التأهيل طوال سنوات عمره الأخيرة. ولم يتوقف طوال الوقت عن استخدام المخدّرات.
في شهر كانون الثاني 1987، قبل عشرة أشهر من شنق نفسه حتى الموت، ظهر زوهار أرجوف في وقت الذروة في التلفزيون الإسرائيلي وادعى أنّه “نظيف من المخدّرات”
في شهر كانون الثاني 1987، قبل عشرة أشهر من شنق نفسه حتى الموت، ظهر زوهار أرجوف في وقت الذروة في التلفزيون الإسرائيلي وادعى أنّه “نظيف من المخدّرات”. ولكن كانت كلماته مشوّشة ومرتبكة، وكان واضحًا أنّه ما زال يتعاطى المخدّرات، وربّما كان مخدّرًا خلال المقابلة. يمكننا أن نسمع في أغاني تلك الفترة كيف أنّ صوته اختفى نتيجة استخدام المخدّرات. وقد سجّل أغنيته “أل نفكش” (لا نطلب) قبل فترة قصيرة من انتحاره.
كان الشهران الأخيران هما الأصعب على الإطلاق. وصل أرجوف إلى المستشفى بعد شجار مع شقيقه، الذي جرحه بواسطة زجاجة مكسورة.
وخلال وجوده في المستشفى أثار أرجوف ضجّة أثناء انتظاره للعلاج، واشتُبه بسرقته لمحفظة طبيبة. اعتقلته الشرطة، وعندما تم إطلاق سراحه اتضح أن أرجوف سرق مسدّسا كان موضوعا على الطاولة في محطّة الشرطة. قضى الأشهر الأخيرة في السجن، وعندما أُطلق سراحه اعتقل مرّة أخرى بعد أنّ ادّعت امرأة أنه حاول اغتصابها. خلال اعتقاله، في 6 تشرين الثاني عام 1987، شنق نفسه حتى الموت بينما كان مخدّرًا.