كشف أهم رجل مخابرات منشق عن الاتحاد السوفيتي سابقا، في كتاب جديد، النقاب عن مؤامرة شيوعية سرية، نشط وفقها عملاء جهاز المخابرات السوفيتي، “كي جي بي”، في نشر جذور الكراهية والعداء للولايات المتحدة وإسرائيل في سبعينيات القرن الماضي.
ووفق الكتاب، الذي ألّفه رئيس جهاز المخابرات الروماني في السابق، يون بتشابا، أرسل يوري أندروبوف، رئيس جهاز ال “كي جي بي” لمدة 15 سنة، والذي أصبح لاحقا رئيس الاتحاد السوفيتي، المئات من عملاء ال “كي جي بي”، ومعهم آلاف المواد الدعائية الزائفة، لنشرها في الدول الإسلامية.
وجاء في الكتاب، وعنوانه “ديس إنفورميشن” (ترجمة فورية “تضليل”)، أنه “في عام 1972 عملت ماكنة التضليل التي أقامها أندروبوف على مدار الساعة، لتقنع العالم الإسلامي بأن الولايات المتحدة وإسرائيل تسعيان إلى تحويل المنطقة إلى بقعة صهيونية”.
وورد قول أندروبوف في الكتاب إن “العالم الإسلامي هو مكان لتربية الجراثيم”، يستطيع جهاز ال”كي جي بي” أن يفحص من خلاله العلاقة بين كراهية الولايات المتحدة ونشوء الأفكار الداعمة للتيار الماركسي – اللينيني في الدول الإسلامية.
وتولى أندروبوف عام 1967، قبل وقت قصير من حرب الأيام الستة، منصب رئيس جهاز ال “كي جي بي”. وفي عام 1973 أصبح عضوا في المؤسسة العليا للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي. وبعد موت ليونيد بريجنيف عام 1982، تولى أندروبوف منصب أمين عام الحزب الشيوعي وأصبح رئيسا للاتحاد السوفيتي.
وأمر أندروبوف بترجمة نص “بروتوكولات حكماء صهيون” إلى اللغة العربية. وهو نص زائف انتشر بدوافع المعادة للسامية. ويزعم مؤلفو النص أنه يكشف عن سلسلة لقاءات سرية عُقدت عام 1897 في مدينة بازل في سويسرا، ونُسجت خلالها خطة يهودية للاستيلاء على العالم، بالتعاون مع منظمة “الماسونية”. وقد اعتمد النظام النازي في ألمانيا على هذه البروتوكولات كشهادة لتبرير معاملته لليهود.
طبعة لنص “بروتوكولات حكماء صهيون” صدرت في مصر عام 1976. (وكيبيديا)
ويُظهِر الكتاب أن جهاز ال “كي جي بي” نشر نسخا عديدة لنص “بروتوكولات حكماء صهيون” في الدول الإسلامية، بغرض زيادة الكراهية لليهود والولايات المتحدة. يُذكر أن محكمة سوفيتية أصدرت في عام 1983 حكما يقضي بأن بروتوكولات صهيون هو نص زائف ومعاد للسامية، ومنعت نشره في الاتحاد السوفيتي، أول دولة نُشرت فيها البروتوكولات.
وذكر مؤلف الكتاب، بتشابا، أن جهاز المخابرات الروماني تلقى في عام 1972، نصّا للبروتوكولات بترجمة عربية، كشهادة لمحاولات الصهاينة السيطرة على العالم بمساعدة الأمريكيين. وقال بتشابا إنه تلقى أمرا بنشر البروتوكولات في الدول العربية، كاتبا “لقد وصلتني في السنوات الأخيرة التي قضيتها في رومانيا الآلاف من المواد الدعائية المعدّة للدول الإسلامية، وخلال لقاءاتي مع نظراء لي في بلغاريا وهنغاريا في تلك الفترة، كنت معهم على اتصال وطيد، اكتشفت أنهم تلقوا موادا مشابهة للنشر”.
ويكشف الكتاب كذلك أن السوفيتيين لم ينشروا دعايات مناهضة لإسرائيل واليهود فقط، إنما لجأوا كذلك إلى الإرهاب، ولهم صلة باعتداءين إرهابيين وقعوا في إسرائيل. الأول وقع في مايو (أيار) 1972 في مطار بن غوريون (مطار اللد) مسفرا عن 24 قتيلا، والثاني وقع في يوليو (تموز) 1975 في القدس، مسفرا عن 15 قتيلا.
يذكر أن هناك، في العالم الإسلامي، من يحاولون ترويج “بروتكولات حكماء صهيون” من دون انقطاع، رابطين بين النص الزائف الذي ألّف في الماضي وبين أحداث الحاضر، ومستنبطين أن التاريخ يتصرف وفق خطة قديمة نسجها اليهود للاستيلاء على العالم. حتى أن بعضا ذهبوا إلى القول إن الثورات العربية الراهنة هي أيضا خطة صهيونية – ماسونية، لجعل العرب يقتتلون فيما بينهم حتى يسيطر اليهود على الشرق الأوسط. وللقارئ والمتابع للثورات العربية أن يحكم بنفسه ما هي بالفعل أسباب هذه الثورات.
ويحذّر مروّجو البروتوكولات من أن اليهود يسعون إلى تدمير العالم كله ليسيطروا عليه، ويسأل سائل، من يدمر سوريا اليوم مثلا؟ وهل بشار الأسد ينفذ مجازر بحق شعبه بأمر بروتوكولات صهيون؟
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني