عشرة أشياء لم تعرفوها عن ياسر عرفات (AFP)
عشرة أشياء لم تعرفوها عن ياسر عرفات (AFP)

عشرة أشياء لم تعرفوها عن ياسر عرفات

علاقته مع والده العنيف، زواجه غير السعيد من سهى والشتائم التي شتمه بها رئيس الولايات المتحدة - في حياته الطويلة كان على ياسر عرفات أن يواجه تحدّيات كثيرة وصعبة

ستحلّ في الأسبوع القادم الذكرى السنوية الحادية عشرة لوفاة زعيم الشعب الفلسطيني، الذي اعتُبر مؤسس الحركة الوطنية الفلسطينية، ياسر عرفات. في هذه الفرصة نقدم لكم قراءنا الأعزاء عشر حقائق مثيرة للاهتمام ربّما لم تعرفوها عن أبو عمار.

1. كانت علاقة الطفل محمد ياسر عبد الرحمن عبد الرؤوف عرفات معقّدة وإشكالية مع والديه. وُلد في القاهرة، وبعد وفاة والدته زهوة فقطن عندما كان في الرابعة من عمره أُرسِل مع أخيه الأصغر فتحي ليسكن عند عمّه في حارة المغاربة في القدس. وعندما كبر، عاد إلى القاهرة. قالت شقيقته الكبرى، إنعام، لكاتب سيرة عرفات إنّ والدها كان يضربه بشدّة. كانت علاقته مع والده سيّئة جدّا، إلى درجة أنّه لم يحضر جنازته عام 1952، بل ولم يزر قبره في غزة أبدا.

بخلاف ذلك، بقيت أمه زهوة لديه كذاكرة بعيدة ودافئة، وبالفعل فقد سمّى ابنته الوحيدة فيما بعد على اسمها.

2. عام 1948 كان يقيم عرفات في القاهرة، وكان حريصا على المشاركة في المعارك ضدّ إسرائيل. تجمّع هو وأصدقاؤه الفلسطينيون في نادي الشباب الفلسطيني، وقرروا أنّ كل من أراد القتال فلينضمّ لإحراق الكتب الدراسية. حرق عرفات كتبه، وانضمّ إلى الحرب. وقد شارك في المعارك على جنوب قطاع غزة.

ياسر عرفات
ياسر عرفات

3. شكلت الهزيمة عام 1967، في الواقع، نقطة انطلاق عرفات مكانة الزعيم. مرّت علاقة عرفات بجمال عبد الناصر بمدّ وجزر. في بداية حياة عرفات العامة وفي الأيام الأولى لحركة فتح، اعتبر عبد الناصر عرفات خائنا بل وعميلا لوكالة الاستخبارات الأمريكية CIA. فقط بعد الهزيمة في حرب حزيران عام 1967 غيّر عبد الناصر رأيه، وتبنّى عرفات وحركة فتح.

4. يعرف الجميع عن زواج عرفات من سهى الطويل عام 1990. ولكن قبل نحو ثلاث سنوات، في شباط عام 2013، قالت سهى في مقابلة مع الصحيفة التركية “صباح” إنّها حاولت الطلاق من عرفات مائة مرة. وأضافت: “عارضت أمي هذا الزواج ولاحقا فقط أدركت لماذا. لو كنت أعلم ما سأمر به، بالتأكيد لم أكن سأتزوج منه”. ومع ذلك، أضافت سهى: “كانت الحياة معه صعبة، ولكن الحياة دونه أصعب”.

الزوجان عرفات: القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وزوجته السيدة سهى الطويل (HUSSEIN HUSSEIN / PPO / AFP)
الزوجان عرفات: القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وزوجته السيدة سهى الطويل (HUSSEIN HUSSEIN / PPO / AFP)

5. كان التتويج النهائي لعرفات كبطل عربي قومي بعد معركة الكرامة في آذار عام 1968، عندما كان الجيش الإسرائيلي في ذروة مجده. ورغم أنّ المعركة انتهت بمقتل 100 فلسطيني، ومئات الجرحى، وعشرات القتلى من الجيش الأردني، و 33 قتيلا فقط من الإسرائيليين – اعتُبرت المعركة هزيمة إسرائيلية واعتبر عرفات كمن قاد شعبه نحو النصر، وقد وقف إصراره ضدّ خنوع زعماء الدول العربيّة.

6. كان يُعتبر عرفات دائما في إسرائيل كإرهابي خطير، يطمح إلى قتل الإسرائيليين بشكل جماعي. حتى الاتفاقات مع إسرائيل لم تحسّن كثيرا من صورة عرفات في أوساط عامة الناس في إسرائيل. الأمر الوحيد الذي حسّن من صورته في إسرائيل هو برنامج ساخر من الدمى، سُمّي “هاحارتسوفيم” وسخر من السياسيين في إسرائيل. تم تقديم عرفات في البرنامج كعجوز محبوب ومرتبك ولكنه ماكر، وقد تحسّنت صورته في أوساط الإسرائيليين في السنوات التي تم بثّ هذا البرنامج فيها.

https://www.youtube.com/watch?v=67My-IB9JfQ

7. في أعقاب حرب عام 1973، أدرك عرفات أنّ الحركة الوطنية الفلسطينية لن تنجح أبدا في التقدّم واكتساب الشرعية الدولية إذا استمرت في الكفاح المسلّح ولم تقم بصياغة برنامج سياسي. هذا الإدراك هو الذي قاده ليقف في تشرين الثاني عام 1974 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وليصرّح قائلا: “لقد جئتكم يا سيادة الرئيس بغصن الزيتون في يدي وببندقية الثائر في يدي، فلا تسقط الغصن الأخضر من يدي،لا تسقط الغصن الأخضر من يدي‎”‎‏.

https://www.youtube.com/watch?v=4VbiDLX1b6A

8. قيل كثيرا عن ميل عرفات للكذب أو لعرض أجزاء مشوّهة من الحقيقة. تحدث يسرائيل حسون مؤخرا، الذي كان نائب رئيس الشاباك وعضوًا في الوفد الإسرائيلي في كامب ديفيد، حول المحادثة التي جرت بين عرفات وبين الرئيس الأمريكي بيل كلينتون والتي كان حاضرا فيها.

فقال حسون: “تحدث عرفات عن طفولته في القدس، كيف كان يستيقظ صباحا، يذهب لإحضار الماء لوالدته من البئر، وبعد ذلك يذهب مشيا على الأقدام إلى المدرسة ويعود في الظهيرة. قال كلينتون إنّ ذلك رائع، وقلت أنا لكلينتون: سيدي، هناك مشكلة واحدة فقط. وهو أنّ المسافة التي قال لك إنّه اجتازها كل صباح هي 40 كيلومترًا من المشي. لو كان باستطاعة عرفات أن يمشي 40 كيلومترًا في ساعة وربع، فخذه للمارينز من اليوم”.

9. كان العقد بين عام 1982 و 1992 كما يبدو هو سنوات الانحسار الأعمق في قيادة عرفات، وذلك رغم اندلاع الانتفاضة في نهاية عام 1987. بدأ الانحسار منذ طرده من بيروت، واستمر في مجزرة صبرا وشاتيلا، والتقويض الذي لا ينتهي لقيادته لمنظمة التحرير الفلسطينية من قبل فصائل منافسة والصراع مع الرئيس السوري حافظ الأسد. في نهاية المطاف، وجد عرفات نفسه في حرب الخليج عام 1991 كمؤيد معزول لصدام حسين، وكانت مكانة منظمة التحرير الفلسطينية في الساحة الدولية منخفضة أكثر من أي وقت مضى. إن التوقيع على اتفاقيات أوسلو مع إسرائيل عام 1993 هو الذي أخرجه من الوحل فقط.

10. في السنوات التي سبقت وفاته، أصبح عرفات منفيّا من قبل المجتمع الدولي. خلافا للرئيس الأمريكي كلينتون، الذي أعطى الشرعية لعرفات واستضافه في البيت الأبيض، كره الرئيس جورج بوش عرفات واعتبره عاملا إشكاليا.

رئيس الحكومة السابق أريئيل شارون ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، عام 1998 (Flash90)
رئيس الحكومة السابق أريئيل شارون ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، عام 1998 (Flash90)

وقد تحدث دوف فايسغلاس، رئيس مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي حينذاك أرئيل شارون، كيف تحدث بوش عن عرفات: “أدرك بوش أن عرفات هو عقبة. وقد استخدم مصطلحا مأخوذا من عالم الملاكمة الأمريكية. قال: ‘‏We are going to kick the shit out of him‏’، أي إنّه (عرفات) سيتلقّى الكثير جدّا من الضربات حتى تخرج إفرازات معينة – والتي تخرج في الوضع الطبيعي بإرادة الشخص – من جسده من تلقاء نفسها”.

اقرأوا المزيد: 818 كلمة
عرض أقل
كلينتون، باراك وعرفات في محادثات كامب ديفيد عام 2000 (AFP)
كلينتون، باراك وعرفات في محادثات كامب ديفيد عام 2000 (AFP)

بعد 15 عاما: فشل كامب ديفيد ينكشف

ماذا حدث حقا وراء كواليس محادثات السلام في كامب ديفيد عام 2000؟ إذلال عرفات، الاقتراح بعيد المدى لإيهود باراك وقصص أخرى من الغرف المغلقة تنكشف

في تموز عام 2000، قبل 15 عاما، عُقد في كامب ديفيد مؤتمر السلام الذي كان يفترض أن يؤدي إلى نهاية الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، وكان الحديث عن محادثات على اتفاق دائم. كانت هذه في الواقع هي المرة الأولى بعد 7 سنوات منذ توقيع اتفاقية أوسلو، التي التقى فيها الإسرائيليون والفلسطينيون للحديث عن موضوعات كبيرة: الأراضي، اللاجئين، الترتيبات الأمنية والأهم من كل شيء هو مستقبل القدس.

بعد 15 عاما، “الحكمة التي بعد فوات الأوان”، كما افتتح الصحفي الإسرائيلي، رافيف دروكر برنامج “أسرار محادثات السلام” في القناة العاشرة، للتحقيق في الأسرار الأكثر ظلمة في مفاوضات كامب ديفيد. محاولة صحفية للكشف عن أكبر قدر من الأسرار حول لغز الأسبوعين المفقودين في المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في وقت ما عام 2000، والتي انتهت بخيبة أمل وفشل ذريع.

على مدى عام ونصف أجرى دروكر مقابلات مع مسؤولين من جميع الأطراف: فلسطينيين، إسرائيليين وأمريكيين مِمَن شاركوا في محادثات السلام في تلك السنوات.

الصحفي الإسرائيلي، رافيف دروكر (Flash90/Yonatan Sindel)
الصحفي الإسرائيلي، رافيف دروكر (Flash90/Yonatan Sindel)

كان الخطأ الأكبر لهذا المؤتمر، بحسب رأي دروكر، هو في الطريقة التي انتهى بها. واعترف دروكر أنه سأل مسؤولين أمريكيين، لماذا أعلن الرئيس الأمريكي حينذاك، بيل كلينتون، أنّ المفاوضات كانت فاشلة ولماذا ألقوا باللائمة على الفلسطينيين؟ إن إلقاء اللوم على أحد الأطراف كان مخالفا لوعد كلينتون لعرفات وباراك، وهو الوعد الذي أعطاه قبل القمّة. ولم يخدم أيضًا الحاجة إلى الاستمرار وتعزيز المفاوضات وقد دفع بالفلسطينيين إلى زاوية مستحيلة. واعترف دينيس روس، وهو أحد ممثّلي اللجنة الرباعية حتى وقت قريب، أنّ ذلك كان خطأ.

“هناك تفسير آخر إضافي مهم جدا للطريقة التي تصرف بها الأمريكيون: فقد أراد كلينتون الدفاع عن باراك واعتقد أنّ الطريقة الأمثل للدفاع عنه هي إلقاء كل شيء على عرفات. أخطأ كلينتون وباراك أيضًا”، هذا ما استنتجه دروكر.

كلينتون، باراك وعرفات في محادثات كامب ديفيد عام 2000 (AFP)
كلينتون، باراك وعرفات في محادثات كامب ديفيد عام 2000 (AFP)

إذن فما الذي حدث من أخطاء في مؤتمر السلام الأول بين الفلسطينيين والإسرائيليين حول الاتفاق الدائم، في وقت ما من عام 2000؟

لم يكن الفريقان مستعدين: لم يكن هناك نضج في الجانب الفلسطيني

توصل الكثيرون ممّن حللوا فشل كامب ديفيد إلى نتائج واضحة جدا بخصوص استعدادية الفريقين عند الوصول إلى مؤتمر سلام قسري. تجاهل إيهود باراك تقريبا بشكل تام سلسلة طويلة من التحذيرات التي تلقاها في وقت مبكر من رجاله الذين عرفوا أفضل منه فريق المفاوضات الفلسطيني: لم يكن الفلسطينيون ناضجين، العالم العربي ليس مطلعا على الأمور، لا تدعم الجامعة العربية، ولا تدفع قدما مصر مبارك، صفقة مثل هذه كان ينبغي إعدادها بحرص وتخطيطها بحذر، بما في ذلك أسوأ السيناريوهات في حال انفجار المؤتمر، وهلمّ جرا.

ولكن باراك يتمسك بوجهة نظره، ويريد كامب ديفيد. كانت صورة افتتاح المؤتمر لا تُنسى: باراك وعرفات يتشاجران أمام بوابة الدخول، من سوف يضحّي ويدخل قبل الآخر، عرفات يشير إلى باراك بالدخول، في حين أن باراك يشير له أيضا بالدخول، فيبدأن بالشجار الجسدي، حتى دفع باراك ببساطة عرفات إلى الداخل واختفى الاثنان.

نزاع وثغرات كبيرة حول القضايا الجوهرية

كانت نقاط بدء المفاوضات بين الفريقين في مجموعة متنوعة من القضايا التي كانت في جدول الأعمال كبيرة جدا. فيما يلي مخطط الثغرات، الأولي، في أربع قضايا رئيسية.

الفجوات في مواقف الطرفين
الفجوات في مواقف الطرفين

بعد أيام طويلة من النقاشات المطولة والليلية وبعد التنقل بين الفريقين، كان باراك مستعدّا للتوصل إلى قرار والكشف عن جميع أوراقه والوصول إلى اتفاقات أكثر اتساعا مع فريق المفاوضات الفلسطيني. فيما يلي باختصار كبير وغير كامل أسس الاقتراح الذي قدّمه باراك لعرفات. كان الجانب الفلسطيني مستعدّا، كما ذكرنا، لدراسة هذا الاقتراح فقط بعد انتهاء المؤتمر وبعد جولة من الاستشارات مع قادة العالم العربي والإسلامي، وهو الأمر الذي لم يكن باراك مستعدا لقبوله.

الفجوات في مواقف الطرفين
الفجوات في مواقف الطرفين

ونشير إلى أنه بعد أن سمع كلينتون اقتراح باراك على الفلسطينيين أشار أمامه إلى أنه زعيم شجاع وأنّه “لو لم يقبله عرفات، فإنه بحاجة إلى طبيب نفسي”.

أجواء من عدم الاحترام والكراهية المتبادلة بين الزعماء

محادثات كامب ديفيد: باراك، أولبرايت وعرفات في طريقهم الى طاولة المفاوضات (AFP)
محادثات كامب ديفيد: باراك، أولبرايت وعرفات في طريقهم الى طاولة المفاوضات (AFP)

اعترف كل من كان حاضرا في المؤتمر، تقريبًا، بعد سنوات من ذلك أنّه قد سادت فعلا في المؤتمر الذي استمر لأسبوعين أجواء صعبة من عدم الثقة بين المسؤولين الذين كان يفترض بهم أن يتّخذوا القرار. كان أساس الكراهية والعداء، بين باراك وعرفات.

ويصف دروكر في المقال بعض الحوادث التي كان بالإمكان من خلالها الشعور بأنّ الجليد بين الزعيمين لن يُكسر أبدا، وهو أمر مهم جدا في مثل هذه الأطر من المفاوضات بين الطرفين على مستقبل الصراع الدموي بين الشعبين.

وقد اعترف مسؤولون في فريق إيهود باراك بالفم الملآن أنّ باراك كان ينفر من عرفات. اعترف شلومو بن عامي، وزير الأمن الداخلي في حكومة باراك، أكثر من مرة، أنّ باراك لم يكن قادرا على إجراء حوار مع عرفات. لم يتبادلا كلمة واحدة تقريبا في وجبة مشتركة لجميع الأطراف.

ويتذكر صائب عريقات، وهو عضو دائم في فريق المفاوضات الفلسطيني، حادثة مخجلة ظهر فيها إيهود باراك وهو خارج من مكان إقامته مع إسرائيليَّيْن ويمر أمامه رئيس السلطة الفلسطينية، ياسر عرفات، دون أن يسلّم عليه. “كان ذلك أمرا لا يُصدّق، ركضتُ خلف باراك وقلت له. أنت تعيش في الشرق الأوسط. عملك هذا ليس مقبولا. لا يمكنك تجاهل عرفات هكذا دون التسليم عليه ومصافحته”، كما قال عريقات. فقط بعد أن تدخّل عريقات، عاد باراك ليصافح الرئيس عرفات.

عرفات يعود الى رام الله خائب الأمل (AFP)
عرفات يعود الى رام الله خائب الأمل (AFP)

وأوضح صائب وشركاؤه الإسرائيليون في المفاوضات عدة مرات لباراك أنّ الرئيس عرفات هو شخص فخور وأنّ السلوكيات والإيماءات هي أمر مهم.

كانت هناك أهمية كبيرة، كما يبدو، لقضايا الاحترام والدفء بين طواقم المفاوضات عند الجانب الفلسطيني، وهو الأمر الذي لم يكن واضحا لدى الفريقين الآخرين.

تفرّق مؤتمر كامب ديفيد دون التوصل إلى اتفاق. بعد أشهر من ذلك اندلعت الانتفاضة الثانية، انتفاضة الدماء: قُتل فيها أكثر من ألف مواطن إسرائيلي بريء، وأكثر من 3,000 فلسطيني. انهار معسكر السلام الأكبر والأقوى في إسرائيل وتفكّك، ولم يتعافَ حتى الآن من الصدمة. وقد تحطمت الثقة الهشة بين الجانبين. وتوقفت عملية أوسلو. ولا تزال شظاياها متناثرة حتى اليوم على السطح.

اقرأوا المزيد: 860 كلمة
عرض أقل
وزير الخارجية الاميركي جون كيري (Evan Vucci / POOL / AFP)
وزير الخارجية الاميركي جون كيري (Evan Vucci / POOL / AFP)

كيري يريد “ترتيبات دفاعية اكثر وضوحا” مع دول الخليج

يدعو كيري، قبل ساعات من القمة مع قادة الخليج يستضيفها الرئيس الاميركي باراك اوباما في كامب ديفيد، إلى ترتيبات اساسية من أجل مكافحة الأنشطة الأرهابية التي تجري في المنطقة

دعا وزير الخارجية الاميركي جون كيري الاربعاء إلى ترتيبات دفاعية أوضح بين دول الخليج والولايات المتحدة والحلف الاطلسي من اجل مكافحة الارهاب، متحدثا قبل ساعات من قمة مع قادة الخليج يستضيفها الرئيس الاميركي باراك اوباما في واشنطن.

وقال كيري قبل اجتماع لوزراء خارجية دول الحلف الاطلسي في تركيا “أعتقد أن جميع الدول الأعضاء على قناعة بان وضع … ترتيبات دفاعية أوضح مع دول مجلس التعاون الخليجي وغيرها من الدول الصديقة وبين الولايات المتحدة سيكون اساسيا لمساعدتها على التصدي للإرهاب”.

وتابع كيري ان هذا النوع من الاتفاقات يمكن ان يساعد على مكافحة “بعض الانشطة التي تجري في المنطقة والتي تزعزع جميع هذه الدول” في اشارة الى التمرد الحوثي في اليمن.

اقرأوا المزيد: 107 كلمة
عرض أقل
رئيس الوزراء ووزير الدفاع سابقاً ايهود باراك (AFP)
رئيس الوزراء ووزير الدفاع سابقاً ايهود باراك (AFP)

هل يعود إيهود باراك للسياسة الإسرائيلية؟

بالإضافة إلى ذلك فقد أتّهم رئيس الحكومة السابق في مؤتمر بواشنطن الفلسطينيين بفشل المحادثات وقال إنّه يمكن تدمير البرنامج النووي الإيراني خلال ليلة واحدة

هل الجنرال الإسرائيلي الذي تنكّر لامرأة ووقف على رأس حكومة إسرائيل في طريق عودته للسياسة؟ ألمح إيهود باراك، الذي كان رئيس الحكومة الإسرائيلي، وزير الدفاع، رئيس الأركان والجندي الإسرائيلي صاحب الأوسمة العسكرية الخمسة، إلى أنّه قد يعود للسياسة الإسرائيلية.

نطق باراك بتلميحاته تلك في مؤتمر خاصّ أقيم أمس في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. سُئل باراك، الذي يعرف السياسة الإسرائيلية بشكل ممتاز، خلال المؤتمر إذا ما كان سيعود إلى السياسة الإسرائيلية، وأجاب بأنّه لا يمكن استبعاد ذلك. بل أضاف أنّه حتى بعد 15 عامًا سيكون شابًا أكثر من رئيس الدولة الحالي، شمعون بيريس (سنّ إيهود باراك هو 72، مقابل بيريس الذي يبلغ 91 عامًا).

المحادثات الإسرائيلية – الفلسطينية والنووي الإيراني.

إنّ المعلومات عن احتمال عودة باراك إلى السياسة هي معلومات مثيرة للاهتمام، ولكنّها لم تكن في محور المؤتمر. تحدّث باراك عن الواقع على ضوء فشل المحادثات الإسرائيلية – الفلسطينية من خلال تجربته. أكّد باراك بأنّ إقامة دولة فلسطينية هو أمر إيجابي لمستقبل دولة إسرائيل، ولكنه زعم أنّ الفلسطينيين هم من يحمل مسؤولية فشل المحادثات.

عبّر باراك عن رأيه وقال إنّه فيما لو فشلت المفاوضات، سيكون على إسرائيل تحديد خطّ حدودي يتضمّن الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، ومنح الأراضي الأخرى للفلسطينيين، بما في ذلك إقامة اتصال أرضي بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

وكما هو معلوم، فقد أجرى باراك بصفته رئيس حكومة إسرائيلي محادثات مباشرة مع السلطة الوطنيّة الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات في قمة كامب ديفيد عام 2000. فشلت تلك المحادثات وأدت إلى اندلاع الانتفاضة الثانية.

إيهود باراك, بيل كلينتون وياسر عرفات خلال قمة كامب ديفيد عام 2000 (AFP)
إيهود باراك, بيل كلينتون وياسر عرفات خلال قمة كامب ديفيد عام 2000 (AFP)

فضلا عن ذلك، فقد تحدّث باراك أيضًا حول موضوع البرنامج النووي الإيراني. صرّح باراك بأنّه يجب حلّ المشكلة بجهود دبلوماسيّة، ولكنه أوضح أنّه فيما لو فشلت تلك الجهود، فلا يمكن استبعاد خيار آخر. زعم باراك أنّ الولايات المتحدة تستطيع تدمير جميع المنشآت النووية الإيرانية خلال أقل من ليلة، إذا ما رغبت في ذلك فقط. هجمة كهذه، حسب كلام باراك، ستكون سهلة ومفيدة أكثر من الهجوم الذي خطّطت الولايات المتحدة لتنفيذه في سوريا قبل أقل من عام.

الجندي المتفوّق الذي أصبح رئيس الحكومة للمدة الأقصر

كان باراك جنديّا متفوّقًا وشارك في عمليات كثيرة في الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك عملية فردان، والتي اغتال الجيش الإسرائيلي فيها عشرات من الأشخاص في لبنان عام 1973 وتنكّر خلالها بلباس امرأة. بعد تقاعده من الجيش، الذي قاده باعتباره رئيس الأركان، دخل إلى السياسة الإسرائيلية، وبعد أربع سنوات من ذلك فاز في الانتخابات برئاسة الحكومة مقابل بنيامين نتنياهو.

كانت حيازة باراك على منصب رئيس الحكومة للمدة الأقصر في التاريخ الإسرائيلي: سنة و 245 يومًا. بعد ذلك خرج باراك من السياسة، ولكنّه عاد إليها عام 2007 وشغل منصب وزير الدفاع في حكومتي إيهود أولمرت وبنيامين نتنياهو بصفته رئيسًا لحزب العمل. خلال شغوره لمنصبه في حكومة نتنياهو خرج باراك من حزب العمل، مع أربعة أصدقاء، وأقام معهم حزبًا جديدًا واستمرّ في منصبه كوزير للدفاع. في الانتخابات الأخيرة التي أجريتْ قبل نحو عام قرّر باراك أنّه لن يترشّح وخرج من الحياة السياسية.

اقرأوا المزيد: 449 كلمة
عرض أقل

لماذا نتحدث عن السلام عندما يمكننا التحدث عن المال؟

مؤخرًا يبدو أن من يؤيد الحل بين الإسرائيليين والفلسطينيين ابتعد عن الكلمات الجميلة التي تصف السلام ونهاية الاحتلال واهتم بشكل أكبر بالمقاطعة والوعود بالاستثمارات الاقتصادية لإقناع الطرفين بالقبول بالاتفاق

تفرق أعوام من الشك المتبادل وندوب عاطفية من الماضي بين الإسرائيليين والفلسطينيين. تشهد التجربة على أن أية محاولة للوصول إلى حل بدءًا بأوسلو ومرورًا بكامب ديفيد عام 2000 ، قد انتهت بانفجار وكارثة.

لذا، ليس عجبًا أن جون كيري، المتفائل الذي لا يكلّ، يرى أن احتمال قبول الطرفين للاتفاق ضئيل جدًا. وعندما لا يؤيد الشعب أمرًا ما، يكون إقناع القادة بالقيام بخطوة تاريخية صعبًا.

يشير الاستطلاع الأخير الذي تم إجراؤه، أن 70% من الفلسطينيين يتوقعون فشل المفاوضات مع إسرائيل. رغم ذلك، يؤيد 33% فقط الانتفاضة المسلحة. الوضع مشابه في الجانب الإسرائيلي: هنالك تشاؤم بما يخص السلام لكنهم لا يريدون المواجهة. يلقي كل طرف مسؤولية عدم الاستعداد على الطرف الآخر مدعيًا “أنهم لا يريدون السلام”.  من الصعب إقناع الجمهور باتفاق يتناول مواضيع جوهرية.

تشير معلومات وصلت إلى “المصدر” إلى أن الإحصائيات التي قامت بها جهات أمريكية وأوروبية مؤخرًا إلى أن الإسرائيليين حساسون جدًا بما يتعلق بالنواحي الاقتصادية. هنالك تفسير يجده الإسرائيليون منطقيًّا وهو أن التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين سيؤدي إلى الانتعاش الاقتصادي والانفتاح على العالم العربي، وأما الفشل فسيؤدي إلى انعزال إسرائيل دوليًّا وإلى زيادة المحاولات لمقاطعتها اقتصاديًّا.

لذا، نرى أن هنالك حملة منظمة يقوم بها الأوروبيون والأمريكيون وشخصيات تؤيد الاتفاق في إسرائيل مثل، تسيبي ليفني، يائير لبيد، والرئيس بيريس، بالإضافة إلى جمعيات خاصة حيث نشهد محادثات مكثفة تناقش القضايا الاقتصادية خلال الأسابيع الأخيرة.

نشاهد في معظم مفترقات الطرق في إسرائيل لافتات تناشد نتنياهو إلى قبول مقترحات كيري من أجل إيلاء الاهتمام  بغلاء المعيشة. قام وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بمواجهة نتنياهو إعلاميًّا محذرًا إياه من تكثيف مقاطعة إسرائيل في حال عدم الوصول إلى اتفاق مع الفلسطينيين: “هنالك تحركات متزايدة حول نزع شرعية ما تقوم به إسرائيل. يجري الحديث عن المقاطعة وسيتفاقم الحديث في حال فشل التوصل إلى اتفاق”. أثارت هذه التصريحات غضب نتنياهو حيث قال: “محاولة فرض المقاطعة على إسرائيل ليست أخلاقية وصادقة، ولن تحقق هدفها، وتجعل الفلسطينيين يتمسكون بموقفهم المعارض وبذلك تضع العثرات أمام صنع السلام. إن تفعيل أي ضغط لن يجعلني أتنازل عن مصالح إسرائيل الأساسية وعن أمن المواطنين الإسرائيليين بشكل خاص. نظرًا لهذه الأسباب لن تحقق التهديدات بمقاطعة إسرائيل هدفها المنشود”.

رجال اعمال يناشدو نتنياهو إلى قبول مقترحات كيري
رجال اعمال يناشدو نتنياهو إلى قبول مقترحات كيري

عبّر كيري بعد ذلك عن معارضته للمقاطعة مدعيًا أن أقواله تم تحريفها، لكن ذلك لم يرض وزراء اليمين في الحكومة الإسرائيلية. ادعى وزير الاقتصاد، نفتالي بينيت (البيت اليهودي) أن الحديث عن المقاطعة ليس واقعيًّا. عرض بينيت على صفحة الفيسبوك الخاصة به نبأ جاء فيه أن شركتي مايكروسوفت وأمازون العملاقتين الأمريكيتين تنويان إنشاء مراكز تكنولوجية في إسرائيل وكتب: “يوم آخر من المقاطعة..” لإثبات أن الخوف من انعزال إسرائيل الدولي ليس واقعيًّا. يدعي بينيت أن إسرائيل تشكل قوة اقتصادية كبيرة وتنتج سلع يريد العالم شراءها وخصوصًا في مجال الصناعات المتطوّرة ولن يؤثر الصراع مع الفلسطينيين على ذلك.

مركز شركة ميكرسوفت في تال أبيب
مركز شركة ميكرسوفت في تال أبيب

لفت حادث آخر الأنظار في المنطقة إلى القضية الاقتصادية وهو واقعة صودا ستريم – مصنع للمشروبات الغازية في المنطقة الصناعية أدوميم (خلف الخط الأخضر)، حيث تعرضت الممثلة سكارليت جوهانسون التي تم اختيارها لترويج المنتج إلى هجوم كبير بسبب عملها، لكنها لم تتراجع عن قرارها.

فلسطيني وإسرائيلية في مصنع صودا ستريم (FLASH 90)
فلسطيني وإسرائيلية في مصنع صودا ستريم (FLASH 90)

تثبت واقعة صودا ستريم أن من يتضامن مع دولة فلسطين، في الحقيقة، يتضامن مع الفلسطينيين بشكل أقل: يعمل في المصنع 1300 عامل، 500 منهم فلسطينيون من الضفة الغربية والقدس الشرقية، 450 منهم هم إسرائيليون عرب و 350 هم إسرائيليون يهود. يحصل الفلسطينيون على أجر يفوق ضعفين ونصف  مما يحصلون عليه لقاء عملهم في مناطق السلطة الفلسطينية ويحصلون أيضا على تأمين صحي وحقوق اجتماعية كاملة ويكن مدير المصنع لهم الاحترام ويحافظ على منحهم حقوقهم. في حال تضرر المصنع سيكون العمال الفلسطينيون أول من يدفع الثمن.

اقرأوا المزيد: 550 كلمة
عرض أقل
متظاهرون فلسطينيون يصفون اسرائيل بأنها دولة فصل عنصري (SAIF DAHLAH / AFP)
متظاهرون فلسطينيون يصفون اسرائيل بأنها دولة فصل عنصري (SAIF DAHLAH / AFP)

أسطورة إسرائيل ككيانٍ كولونياليّ: أداة لنزع الشرعيّة عن الدولة اليهوديّة

أداة في صراعٍ سياسيّ لنزع الشرعيّة عن الدولة اليهوديّة، فيما تقدّم الوقت، أصبح واضحًا أنّ الإمبراطوريّة البريطانيّة لم تكن قابلة إعادة ولادة إسرائيل، إنّما العقبة الرئيسية في طريق تلك الولادة

بينما وُلدت إسرائيل العصريّة كنتيجةٍ للانتداب البريطانيّ على فلسطين، الذي دعا إلى إنشاء وطن قوميّ يهوديّ، فإنّ جذورها تسبق وصول البريطانيين إلى الشرق الأوسط.‎ ‎وهكذا، لم تكن بريطانيا دولة إسرائيل الأمّ، كما كانت فرنسا بالنسبة للجزائر.‎ ‎في الواقع، كان اليهود يعيدون تأسيس حضورهم بشكل مستقلّ في أرضهم قبل أن يفكّك البريطانيّون والفرنسيون الإمبراطورية العثمانيّة.

فيما تقدّم الوقت، أصبح واضحًا أنّ الإمبراطوريّة البريطانيّة لم تكن قابلة إعادة ولادة إسرائيل، إنّما العقبة الرئيسية في طريق تلك الولادة.‎ ‎إنّ اتّهام إسرائيل بحيازة جذور استعماريّة لصلتها بالانتداب البريطانيّ هو مفارقة، إذ إنّ معظم الدول العربية يدين بأصوله إلى دخول وسيطرة القوى العظمى الأوروبية.

إنّ الادّعاء أنّ إسرائيل كيانٌ استعماريّ يُطرَح عادةً لتقويض شرعيّة الدولة اليهوديّة.‎ ‎يأتي هذا الادّعاء في مركز معالجة إدوارد سعيد الجدليّة للصراع العربي الإسرائيلي، في كتابه مسألة فلسطين، الذي أعيد نشره عام 1992.‎ ‎ترسّخ الموضوع بشكل كبيرٍ في الأكاديميّة الغربية، تقريبًا دون أيّ نقد.‎ ‎لعُقودٍ، تمّ توظيفه ضدّ إسرائيل في منتدى دُولي تلو الآخَر.

على سبيل المثال، عام 1973، أعطت الجمعية العامة للأمم المتحدة زخمًا لهذه الفِكرة حين أدانت “الحلف غير المقدّس بين الكولونياليّة البرتغاليّة، العنصريّة الجنوب إفريقيّة، الصهيونيّة، والإمبرياليّة الإسرائيلية”.‎ ‎بعد عامَين، تبنت منظّمة الاتّحاد الإفريقيّ قرارًا في اجتماعها على مستوى القمّة يقضي بأنّ “النظام العنصريّ في فلسطين المحتلّة والنظامَين العنصريَّين في زيمبابوي وجنوب إفريقيا لديها جذور إمبرياليّة مشترَكة”.

مهّد ربط إسرائيل بالأنظمة الاستعماريّة السبيل عام 1975 لأشدّ قرارٍ اتخذته الجمعية العامّة ضدّ إسرائيل في تاريخها، إذ اعتبر الصهيونيّة شكلًا من أشكال العنصريّة.‎ ‎ساعد هذا على تثبيت الكتلة الأفرو – آسيويّة خلف القرار وأعطى زخمًا لبدايات حركة نزع الشرعيّة عن إسرائيل.‎ ‎حتّى حين أسقطت الجمعية العامّة القرارَ أخيرًا عام 1991، استمرّت المقارَنات بين الصهيونيّة والكولونياليّة، حتّى إنها أصبحت أكثر شدّة.

نشرت وزارة الإعلام في السلطة الفلسطينيّة كتابًا عام 2012 بعنوان المصطلح في الإعلام والثقافة والسياسة يشدّد على أنّ الفلسطينيّين يجب أن يستخدموا الاصطلاح “كولونياليّة” ضمن ترسانتهم اللغويّة في تعاملهم مع إسرائيل.‎ ‎يحذّر الكتاب من أنّ استخدام معجم الألفاظ السياسيّة الإسرائيلي “يحوّل جوهر المجهود الصهيونيّ من مجهودٍ عنصريّ واستعماريّ إلى مجهود للتعريف الذاتي ولاستقلال الشعب اليهودي”.

ويوصي نصّ السلطة الفلسطينيّة بوضوحٍ قراءه الفلسطينيّين بعدم استخدام اسم “إسرائيل”، بل “الاستعمار الإسرائيلي”.‎ ‎باختصارٍ، تطوّرت مسألة كون إسرائيل “دولة استعماريّة” في السنوات الأخيرة كأداة للنضال السياسي استخدمها الفلسطينيّون، الذين يريدون توظيف اللغة التي يأملون أن تنزع شرعيّة الدولة اليهوديّة.

بخلاف الاتّهامَين بالفصل العنصريّ (الأبارتايد) والعنصريّة، فإنّ النعت “استعماريّ” لا يمكن دحضه بمجرّد النظر إلى إسرائيل العصريّة، حيث المحاكم، المشافي، والجامعات تخدم العرب واليهود على حدٍّ سواء.‎ ‎إنه اتّهام تاريخيّ يتعلّق بكيفيّة نشوء إسرائيل. في الواقع، إنه يعادل الادّعاء أنّ إسرائيل أُسّست كموطئ قدم لقوّة أخرى بعيدة تفرض نفسها عبر غرس سكّان يهود “غرباء” في الأرض بين سكّانها الأصليين.

في مقالة كتبها عام 1966، قبل حرب الأيّام الستة، نُشرت لاحقًا في الكتاب إسرائيل: دولة استيطان كولونيالي؟ عام 1973، قارن المؤرخ الفرنسي الماركسيّ ماكسيم رودنسون بين اليهود في إسرائيل والمستعمِرين الفرنسيين في الجزائر وكذلك البيض في جنوب إفريقيا.2  لكن هل يجوز الادّعاء أنّ اليهود الذين عادوا إلى وطنهم القديم هم غرباء على أرضهم مثل الأوروبيين الذين نُقلوا ليستوطِنوا إفريقيا وآسيا بهدف خدمة مصالح الإمبراطوريّتَين الفرنسية والبريطانيّة؟

ماذا كان دور القوى الاستعماريّة الأوروبية في تأسيس إسرائيل؟

وُلدت إسرائيل العصريّة كنتيجةٍ للانتداب البريطانيّ على فلسطين، الذي دعا إلى إنشاء وطن قوميّ يهوديّ، ولكنّ جذورها تسبق وصول البريطانيين إلى الشرق الأوسط.‎ ‎وهكذا، لم تكن بريطانيا دولة إسرائيل الأمّ، كما كانت فرنسا بالنسبة للجزائر.‎ ‎في الواقع، كان اليهود يعيدون تأسيس حضورهم بشكل مستقلّ في أرضهم قبل أن يفكّك البريطانيّون والفرنسيون الإمبراطورية العثمانيّة.‎ ‎على سبيل المثال، كان الشعب اليهوديّ قد استردّ أكثريته في القدس بحلول عام 1863.

بعد عُقود، اعتبرت بريطانيا وباقي عصبة الأمم الحقوق اليهودية في فلسطين خارج قدرتها على منحها لأنّ تلك الحقوق كانت موجودة لتُقبَل.‎ ‎وهكذا في وثيقة الانتداب، اعترفت عصبة الأمم بـ”العلاقة التاريخية التي تربط الشعب اليهودي بفلسطين”.‎ ‎بكلماتٍ أخرى، اعترفت بحقّ قائمٍ من قَبل.‎ ‎فهي لم تُنشئ هذا الحقّ.‎ ‎كما دعت إلى “إعادة بناء” الوطن القوميّ للشعب اليهودي.‎ ‎جرت المحافظة على الحقوق التي اعترفت بها عصبة الأمم من قِبل خليفتها، الأمم المتحدة، التي اعترفت في البند 80 من ميثاقها بحقوق الدول والشعوب التي كانت موجودة قبل 1945.

بدلًا من الاعتقاد أنّ الشعب اليهودي نال مكانته في الأرض التي أصبحت إسرائيل بسبب بريطانيا، لاحظت المؤرخة إليزابيث مونرو أنّ البريطانيّين هم مَن “تسلّقوا على أكتاف الصهيونيين ليحصلوا على فلسطين البريطانيّة”.4  ما عنته هو أنّ بريطانيا ما كانت لتحصل على الانتداب على فلسطين، التي كان يمكن أن تصبح فرنسيّة أو جزءًا من منطقة دوليّة، لو لم تحصل بريطانيا على دعم النهضة القوميّة اليهوديّة، التي كانت قوّة مستقلة، لا صنيعة الاستعمار.‎ ‎فيما تقدّم الوقت، أصبح واضحًا أنّ الإمبراطوريّة البريطانيّة لم تكن قابلة إعادة ولادة إسرائيل، إنّما العقبة الرئيسية في طريق تلك الولادة.‎ ‎فضلًا عن ذلك، في السنوات التي تلت إصدار وعد بلفور، الذي أكّد على الحق اليهوديّ في وطن قوميّ في فلسطين، أعاد البريطانيّون بشكل منتظم دراسة عددٍ من الحقوق الأولية للشعب اليهودي التي جرى الاعتراف بها مسبقًا، ما وضع اليهود في علاقةٍ متناقضة مع لندن.

أوّل مثالٍ على هذا التغيير كان عام 1922، حين قرّر البريطانيّون إزالة منطقة شرق الأردن من منطقة فلسطين، التي كانت محدّدة لإنشاء الوطن القوميّ اليهوديّ.‎ ‎استمرّ ذلك مع الكتاب الأبيض عام 1939، الذي حدَّ بشكلٍ واضح من الهجرة اليهوديّة إلى فلسطين.‎ ‎في النهاية، واجه البريطانيّون تمردًا مسلّحًا للسكّان اليهود في فلسطين الانتدابيّة، قاده أوّلًا تنظيما “إيتسل” و”لحي”، ثمّ انضمّ إليهما تنظيم “هاغاناه” الذي أصبح ركيزة جيش الدفاع الإسرائيليّ، بعد استقلال إسرائيل.

إنّ اتّهام إسرائيل بحيازة جذور استعماريّة لصلتها بالانتداب البريطانيّ هو مفارقة، إذ إنّ معظم الدول العربية يدين بأصوله إلى دخول وسيطرة القوى العظمى الأوروبية.‎ ‎قبل الحرب العالَميّة، لم تكن الدول العربيّة (العراق، سوريا، لبنان، والأردن) قائمة، بل كانت مجرد مقاطعات في الإمبراطورية العثمانيّة، تحت أسماء مختلفة.‎ ‎أصبحت هذه دُولًا نتيجة للتدخل الأوروبي، حيث وضع البريطانيّون الأسرة الهاشميّة في السلطة في اثنتَين من هذه الدول: العراق (حتّى 1958) والأردن.

أمّا المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأصغر، فقد نشأت نتيجة معاهدات وقّعها قادتها مع الهند البريطانيّة، التي سعت إلى إقصاء خصوم بريطانيا عن اكتساب أي موقع استراتيجيّ في الخليج العربيّ، ولاحقًا الوصول إلى موارد النفط.‎ ‎عبر هذه المعاهدات، اعترف البريطانيّون بشرعيّة أسَر عربيّة محليّة بالحُكم في ما أصبح دُوَلًا مثل الكويت، البحرين، وقطر.5  ومهّدت معاهدة بريطانيّة شبيهة مع آل سعود عام 1915 السبيل لنشوء المملكة العربية السعودية أخيرًا عام 1932.

إضافةً إلى ذلك، خلال حرب 1948، استفادت الجيوش العربيّة مباشرةً من السلاح والتدريب الأوروبيَّين – وأحيانًا من القوى البشريّة.‎ و‎فيما أصبحت الدول العربيّة مستقلّة، كانت لبريطانيا معاهدات خاصّة معها، أمّنت وصول قوّاتها لعددٍ من القواعد في العراق ومصر، فيما كانت تعمل كأساسٍ لتزويد الأسلحة والمستشارين للجيوش العربيّة.‎ ‎قاتل الفيلق العربيّ في القدس أوّلًا مع رسميّين بريطانيّين، فيما كانت القوّات الجويّة الملكيّة البريطانيّة تحمي سماء مصر من القوّات الجويّة الإسرائيلية.‎ ‎في الواقع، تصادمت الطائرات البريطانيّة والإسرائيليّة عام 1949.

كشف ويليام روجر لويس، أحد أبرز المؤرّخين في مجال الاستراتيجيّة الإمبرياليّة البريطانيّة، وثيقة مثيرة في وزارة الخارجيّة البريطانيّة، تعالج موضوع العلاقات الإسرائيليّة بالقوى الأوروبية الاستعماريّة لدى ولادتها.‎ ‎ففي كتابه الصادر عام 1984، الإمبراطوريّة البريطانيّة في الشرق الأوسط، 19451951، يذكر اجتماعًا عُقد في 21 تموز 1949، لرسميّين بريطانيّين خبراء عُقد في نهاية الحرب التي أدّت إلى استقلال إسرائيل.

حينها، قال السير جون تروتبِك، رئيس مكتب الشرق الأوسط البريطانيّ: “كُنّا في وضعٍ يمكننا فيه أن نتحكّم بالحكومات العربيّة، ولكن ليس بإسرائيل”. ثم عبّر عن خشيته من أن يجُرّ الإسرائيليّون الدول العربيّة إلى وضعية كتلة محايدة وحتّى “أن تحاول إخراجنا من مصر”.‎ ‎وعبّرت وثيقة وزارة الخارجيّة الأصليّة أيضًا عن القلق من أن يخسر البريطانيّون قواعدهم الجوية في العراق.‎ ‎عام 1956، تعاونت إسرائيل لفترة قصيرة مع بريطانيا وفرنسا ضدّ مصر الناصريّة، لكنّ هذا لم يغيّر كون إسرائيل عقبة في وجه القوى الإمبرياليّة، لا موطئ قدم.

مع ذلك، ازدادت في السنوات الأخيرة الجهود لتصوير إسرائيل ككيانٍ استعماريّ.‎ ‎فقد أصبح هامًّا لكثير من المتحدثين الفلسطينيّين بشكلٍ خاصّ أن ينكروا الروابط التاريخية للشعب اليهودي في بلاده ويصوّروه كوافدٍ استعماريّ حديث إلى المنطقة، خلافًا للفلسطينيّين، الذين يصوَّرون على أنّهم السكّان الأصليون الأصيلون.

وبلغت هذه الجهود ذروتها حين أنكر ياسر عرفات أنّ الهيكل كان في القدس في نهاية تموز 2000 في قمّة كامب دايفيد مع الرئيس كلينتون.‎ ‎وتطرّق العديد من مندوبيه – من صائب عريقات إلى محمود عبّاس – إلى نفس المحور منذ ذلك الحين.‎ ‎ففيما كان يتحدث في 12 تشرين الثاني 2008، أمام الجمعية العامّة للأمم المتّحدة حول “حوار الأديان والحضارات”، تحدّث رئيس الحكومة الفلسطينيّة، سلام فيّاض، عن العلاقات التاريخية للإسلام والمسيحيّة بالقُدس، لكنه تجاهل بشكلٍ ملحوظ الروابط اليهوديّة بالمدينة المقدّسة.

بشكلٍ مشابه، اعتاد عرفات على إخبار الجماهير الغربيّة أنّ الفلسطينيّين متحدِّرون من اليبوسيّين، وبالتالي ذوو جذور عميقة في الأرض.‎ ‎لكن في المجتمع الفلسطينيّ، يؤسّس المرء مكانته على كونه وافدًا جديدًا نسبيًّا، كان أسلافه من عائلات شبه الجزيرة العربيّة التي رافقت الخليفة الثاني عُمَر بنَ الخطّاب، حين احتلّ واستعمر فلسطين البيزنطيّة في القرن السابع الميلاديّ.

فمحمود عبّاس نفسه، خليفة عرفات، اعترف أنّ الحضور المسيحيّ في المدينة المقدسّة سبق وصول أسلاف القيادة الفلسطينيّة الحاليّة.‎ ‎فإذ انتقد حماس لمهاجمتها مؤسسات مسيحية، أعلن عبّاس عام 2007: “إحدى أقدم الكنائس في فلسطين، التي كانت موجودة قبل وقتٍ طويل من وصولنا، جرى نهبها وإحراقها”.‎ ‎ولذلك، فإنّ الادّعاء أنّ الفلسطينيّين متحدّرون من السكّان القدماء لما هو اليوم إسرائيل رفضه عبّاس نفسه.6‎‏

الشعب اليهودي كشعبٍ أصيل

حتّى في وقت الغزوات العربيّة، كان اليهود لا يزالون أكبر مجموعة – وربّما أكثريّة مع السامريّين – في البلاد، بعد سنّة قرون من تدمير الرومان هيكلهم القديم وتفكيك الكيان اليهوديّ الثاني.‎ ‎ينتج هذا عن عمل البروفسور موشيه جيل التذكاري تاريخ فلسطين: 634 1099. 7 ثمة اعتقاد خاطئ شائع يفيد بأنه عقب الثورة الكبرى ضدّ الإمبراطوريّة الرومانية عام 70 للميلاد، ولا سيّما بعد تمرّد بار كوخبا عام 135، نُفي اليهود وأصبح حضورهم رمزيًّا.

يدحض عمل جيل بوضوحٍ سوء الفهم هذا للتاريخ اليهودي. فهو لا يقتبس مصادر مسيحيّة وغيرها تثبت بقاء حضور يهوديّ قويّ فحسب، بل يقوده بحثه أيضًا إلى الاستنتاج أنّ “السكان اليهود تكوّنوا من متحدِّرين مباشرين من أجيال اليهود الذين عاشوا هنا أيّام يشوع بن نون، بكلمات أخرى – منذ 2000 سنة”.

بدأ عدد السكّان اليهود في فلسطين يقلّ ردًّا على القوانين الشديدة التي فرضها الحكّام المسلمون الجُدد، مثل ضريبتَي الجزية (ضريبة رأس فُرضت على الأفراد غير المسلمين) والخراج (ضريبة أرض)، اللتَين جعلتا اقتناء الأرض مُستحيلًا.‎ ‎لكنّ كثيرًا من الأذى لحق بكميّات كبيرة من بقيّة المجتمع اليهودي، وفق جيل، نتيجةً للحملة الصليبية الأولى عام 1099 والاحتلال الأوروبي لفلسطين في العُقود التالية.

مع ذلك، فإنّ ارتباط الشعب اليهودي بوطنه التاريخيّ استمرّ، وقد قاموا بكلّ جهودهم للعودة على مرّ القرون.‎ ‎فبعد هزيمة المملكة الصليبيّة، هاجر 300 حاخام من بريطانيا وفرنسا إلى فلسطين عامَ 1211.‎ ‎ازدادت وتيرة هجرة اليهود من إسبانيا وإيطاليا إلى درجة أنّ البابا مارتن الخامس (1363 – 1431) منعَ مالكي السفن والقباطنة من نقل اليهود إلى الأرض المقدسة عام 1428.

في عهد محاكم التفتيش الإسبانية عام 1492، تبعت موجة أخرى من الهجرة اليهوديّة إلى الإمبراطورية العثمانيّة عامّةً، وفلسطين خاصّةً، بعد احتلال العثمانيّين لها عام 1517.‎ ‎حدثت نهضة للحياة اليهودية في صفد وطبريّا في القرن السادس عشر، مثّلها تفويض السلطان سليمان القانونيّ للدون يوسف ناسي بإسكان اليهود في طبريّا والقرى المحيطة عام 1651.‎ ‎تظهر دراسة الإحصاءات السكّانية العثمانيّة أنّ آلافًا من اليهود كانوا يعيشون في قرى الجليل في أوائل القرن السادس عشر، بينما شكّل اليهود أكثرية سكّان صفد بحلول عام 1567.‎ ‎وكانت هناك بضع عائلات بإمكانها أن تُرجع أصولها إلى فترة الهيكل الثاني.

بحلول بدايات القرن التاسع عشر، عادت موجات هجرة يهوديّة جديدة إلى البلاد، مدفوعةً غالبًا بالمعتقدات المسيّانيّة الراسخة، عوضًا عن النظريات الاستعماريّة.‎ ‎كان هناك إيمان مشترك بين يهود الشتات بأنّ العام العبري 5000 (1840 للميلاد) كان تاريخ فداء إسرائيل.‎ ‎ليس من المدهش إذًا أن نجد أنه وفقًا لتقارير عديدة، تضاعف السكّان اليهود في فلسطين بين عامَي 1808 و1840.

في عملٍ إعلان شفّاف في شباط 2010، ذهب ناشطون أجانب إلى قرية بلعين في الضفة الغربية وأقنعوا متظاهرين فلسطينيين بدهن أنفسهم بالأزرق بحيث يبدون مثل الشعب المستعمَر من فيلم الخيال العلميّ الشهير “أفاتار”، وبالتالي تعزيز الرواية الفلسطينيّة أمام الإعلام العالميّ بأنّ الصراع الإسرائيليّ – الفلسطينيّ هو بين شعب عربيّ أصيل ووافدين يهود جُدُد.

لكنّ التحقّق من الحقيقة لم يكن أبدًا هدف أولئك الساعين إلى إضفاء صبغة كولونياليّة على إسرائيل.‎ ‎إنّ إعادة السكّان اليهود إلى ما أصبح إسرائيل كانت عمليّة تاريخيّة بدأت قبل قرون من مجيء البريطانيّين.‎ ‎كان هدف ناشري هذه الرواية ببساطةٍ دعمَ الاستنتاج أنّ اليهود أتَوا كقوّة غريبة إلى فلسطين الانتدابيّة، ليعزّزوا المصالح الإمبرياليّة الأوروبيّة، بدلًا من النظر إليهم بصفتهم شعبًا استعاد وطنه التاريخيّ، الذي له فيه جذور عميقة، أصيلة.

اقرأوا المزيد: 1934 كلمة
عرض أقل
انور السادات في لقاء مع ياسر عرفات, 1971 (AFP)
انور السادات في لقاء مع ياسر عرفات, 1971 (AFP)

الـ CIA في العام 1976: سيتم اغتيال السادات وعرفات سيعترف بإسرائيل

مستندات سرية من أيام رئاسة جيمي كارتر تكشف النقاب عن توقعات الاستخبارات الأمريكية الدقيقة فيما يتعلق بالشرق الأوسط

سمحت وكالة الاستخبارات الأمريكية، السي آي إي، أمس بنشر نحو 1400 وثيقة مصنّفة متعلقة بمحادثات السلام بين إسرائيل ومصر التي جرت في كامب ديفيد في العام 1977. وتشمل الوثائق، من بين أمور أخرى، تقارير شخصية حول رئيس الحكومة الإسرائيلية مناحيم بيجن، الرئيس المصري، أنور السادات ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عرفات‎. وتعرض الوثائق، التي سُمح بنشرها الآن فقط، والتي بقت أغلبيتها سرية، توقعات الاستخبارات الأمريكية حول الشرق الأوسط من أواخر السبعينات.

من بين أمور أخرى، طرحت الوثائق احتمال سقوط الرئيس المصري في ذلك الحين، أنور السادات، ضحية لاغتيال سياسي: لقد قدر السي آي إي أن أمرين فقط يمكنهما عزل السادات عن الرئاسة في مصر: نوبة قلبية أو عيارات شخص يغتاله. بعد عدة سنوات من ذلك، وفي العام 1981، تحققت الإمكانية الثانية حين اغتال فرد من أفراد الجهاد الإسلامي الرئيس السادات. وقد كتب السي آي إي عن طبيعة زعامة الرئيس المصري أن “السادات هو ثوري سابق وعنصري متحمس، لكنه زعيم معتدل ودبلوماسي براغماتي”. قُبَيل المفاوضات مع إسرائيل، تم تقديم السادات على أنه داعية سلام يولي أهمية كبرى للشكل الذي سيتذكره التاريخ به.

وفيما يتعلق برئيس حكومة إسرائيل، في حينه، مناحيم بيجن، فكان السي آي إي يعتقد في بداية فترة توليه أن “بيغن سيقود الحكومة بشكل سلطوي كما قاد حزبه”. وقد وصفت المنظمة بيجين كرجل متصلب وغير متهاون، ولكن إلى جانب ذلك كُتب “اتضح أنه زعيم حكيم ومراعٍ للآخرين، رجل استقامة ونزاهة يمكنه تحسين صورة إسرائيل في العالم”. أما البروفيل النفسي الذي تم تحضيره عن بيجن فيبرزه كرجل يميل إلى المبالغة في تصريحاته العلنية، ومحب للمقولات المستفزة.

بالنسبة لياسر عرفات، توقعت المنظمة أنه منذ العام 1977، سوف يكون عرفات مستعدًا للاعتراف بدولة إسرائيل مقابل الاعتراف بدولة فلسطينية. وفي برقية مصنّفة تم التبليغ عن أن عرفات يطلب نقل رسالة إلى رئيس الولايات المتحدة، تقضي بأنه مستعد للعيش بسلام إلى جانب دولة إسرائيل مقابل اعتراف أمريكي بفكرة الدولة الفلسطينية. لم تستجب الولايات المتحدة لإيماءات عرفات، وفي العام 2002 فقط أعربت عن دعمها العلني لإقامة دولة فلسطينية.

وقال الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر، الذي قام بمعاينة المستندات في الوقت الحقيقي حين كان في البيت الأبيض، هذا الأسبوع، أن المستندات ساعدته على فهم الشرق الأوسط وجعلته يلقي بكل ثقله بهدف نجاح المفاوضات السلمية بين إسرائيل وبين مصر. “لقد أردت أن أعرف – ما هي نقاط ضعفهم ونقاط قوتهم؟  ما رأيهم بي؟ ما الذي يقولونه شخصيًا عن الولايات المتحدة، وما يقوله أحدهم عن الآخر” قال كارتر.

اقرأوا المزيد: 375 كلمة
عرض أقل
القوات المسلحة المصرية (AFP)
القوات المسلحة المصرية (AFP)

وزير الخارجية المصري: مصر تتطلع لتنويع مصادر أسلحتها

قال وزير الخارجية المصري نبيل فهمي إن مصر ستتطلع إلى دول أخرى غير الولايات المتحدة للوفاء باحتياجاتها الامنية.

حذر فهمي واشنطن من أنه لم يعد بإمكانها تجاهل المطالب الشعبية وسط التغيرات التي يشهدها العالم العربي.

وقال فهمي في مقابلة امس السبت قبيل زيارة وزير الخارجية الامريكي جون كيري إن الولايات المتحدة ينبغي أن تنظر الى علاقتها مع مصر على المدى الطويل‭‭ ‬‬وان تدرك انه في اعقاب الربيع العربي “عليك أن تتعامل مع الشعوب العربية وليس الحكومات العربية وحسب. هذا يتطلب منك التعامل مع السياسة قصيرة المدى والسياسة الشعبية وليس فقط السياسة والسياسات الاستراتيجية. وبالتالي فإن ما يبدو أنه كيل بمكيالين أو عدم اتساق في السياسة يصبح أكثر خطورة وعاملا في تحديد رد فعل الجماهير.”

وأكد فهمي الحالة “المضطربة” لعلاقات واشنطن مع مصر بعد خفض المساعدات العسكرية بعدما عزل الجيش الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين في يوليو تموز بعد احتجاجات حاشدة على سياساته. وقال إن مصر سيكون عليها تطوير “اختيارات متعددة وخيارات متعددة” لرسم طريقها المستقبلي بما في ذلك العلاقات العسكرية.

وفي مقابلة مع رويترز بعث فهمي برسالة إلى الولايات المتحدة وقال “إذا كانت ستصبح لك مصالح في الشرق الأوسط فإنك تحتاج إلى أن تكون علاقاتك جيدة أو على الأقل تدار جيدا مع الدولة التي هي مركز الشرق الأوسط.”

وتابع “سيكون هذا حوارا صريحا وأمينا بين الأصدقاء.”

وقال عن اجتماعه مع كيري “سنعمل بهذا الأسلوب البناء لتطوير العلاقة ولكن ليس لدينا شك في أننا سنوفي الاحتياجات اللازمة لأمننا القومي كما هي مطلوبة من أي مصدر نحتاجه.”

وكان الوزير وهو شخصية ليبرالية في الحكومة المدعومة من الجيش قام بأول رحلة خارجية رئيسية له إلى روسيا في سبتمبر ايلول وليس إلى الولايات المتحدة التي جمدت أجزاء أساسية من مساعداتها العسكرية للجيش المصري. ويحصل الجيش على 1.3 مليار دولار سنويا في صورة مساعدات عسكرية ونقدية منذ وقعت مصر اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع اسرائيل عام 1979 .

وقال فهمي إن الرسالة التي ستنقلها القاهرة إلى كيري هي أن “العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر مهمة جدا لكن العلاقة أعمق كثيرا من المساعدات أو وقف المساعدات ويجب أن ينظر اليها باعتبارها علاقة استراتيجية أكثر منها علاقة تكتيكية.”

وأكد فهمي وهو سفير سابق لدى واشنطن ظل لفترة طويلة أحد المسؤولين عن رسم السياسات في وزارة الخارجية المصرية أن هذا التحرك لا يمثل إعادة توجيه للسياسة المصرية نحو موسكو التي كانت حليفا لمصر في عهد الاتحاد السوفيتي قبل أن يجذب الرئيس الراحل أنور السادات مصر إلى المعسكر الغربي ويتوصل إلى سلام مع اسرائيل.

وقال “هذه عقلية الحرب الباردة. أنا لا أحاول أن أضع روسيا في مواجهة أمريكا. أنا أحاول أن يصبح هناك 10 و20 و30 شريكا جديدا لمصر.”

ومضى يقول “الحكومة المصرية ملتزمة بتنويع علاقاتها ليس على حساب أصدقائنا ولكن إلى جانب أصدقائنا… هذا ليس موقفا ضد السياسة الأمريكية إنه موقف متسق مع المصالح المصرية.”

وقال فهمي إن بلاده وهي ثاني أكبر متلق للمساعدات العسكرية الامريكية بعد اسرائيل ويعيش بها ربع سكان العالم العربي انزعجت من خفض المساعدات وخاصة الجانب العسكري الذي يتطلب “استدامة واستمرارية واتساقا على المدى الطويل.”

وغضبت السلطات المصرية وحلفاؤها العرب من قرار واشنطن الشهر الماضي بتجميد بعض المساعدات العسكرية وأيضا 260 مليون دولار من المساعدة النقدية بعد حملة ضد جماعة الاخوان المسلمين.

وقال الجيش إنه استجاب لاحتجاجات حاشدة على سياسات مرسي وتدخل لعزله. لكنه قاد فيما بعد حملة قوية على أقدم وأقوى جماعة إسلامية في مصر.

وفي اغسطس آب فضت قوات الأمن اعتصامين لمؤيدي مرسي مما أسفر عن مقتل المئات كما ألقت القبض على قيادات بجماعة الاخوان وآلاف من أنصارها.

ويصل كيري قبل يوم من محاكمة مرسي و14 من قيادات جماعة الاخوان بتهمة التحريض على العنف.

ويعترف فهمي بأن مصر التي شهدت الاطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك في احتجاجات شعبية عام 2011 تمر بفترة انتقالية صعبة لكن الديمقراطية هي السبيل الوحيد للمضي قدما.

وأضاف أن نجاح نموذج مصر أو فشله سيشكل الشرق الاوسط وخاصة الدول التي مرت بانتفاضات شعبية مشابهة أطاحت بحكام مستبدين.

وقال “نحاول أن نحدد هويتنا السياسية وهي عملية صعبة وسيكون هناك هذا الشد والجذب… وسنتعثر… سيستغرق هذا وقتا.”

وقال فهمي إن مصر تحتاج خمسة أعوام كي تصبح ديمقراطية ناضجة.

وأضاف أنه لكي يحدث هذا يجب أن تستعيد مصر الأمن والرخاء. وتأثر قطاعا الاقتصاد والسياحة بشدة بالاضطرابات في البلاد التي يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة.

وقال إن حكومته مكلفة بالإعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية جديدة والتصويت على دستور جديد في استفتاء وبدء عملية مصالحة وتأسيس المؤسسات الديمقراطية لمصر الحديثة.

وردا على الانتقادات التي تقول إن مصر عادت مرة أخرى إلى قبضة الجيش قال فهمي “كلما اتخذنا المزيد من الخطوات لتنفيذ خارطة الطريق سترى وجها مدنيا أكثر لهذه العملية.”

وأضاف أنه لا رجوع عن الديمقراطية في مصر وقال “لماذا يخرج الناس مرتين في عامين ونصف العام ويغيرون رئيسهم؟ هذا لا يتعلق بما إذا كنا نستطيع أم لا بل بالمدة التي سنستغرقها وما هو الثمن.”

ومضى يقول “أقوى صوت في مصر اليوم هو الشعب المصري… أحذر مرة أخرى من تجاهل الشعب المصري.

اقرأوا المزيد: 727 كلمة
عرض أقل

مبعوث إسرائيلي يغادر القاهرة عقب زيارة استغرقت عدة ساعات

غادر مطار القاهرة الدولى، صباح اليوم الخميس، مبعوث إسرائيلى متجها إلى تل أبيب على متن طائرة خاصة عقب زيارة لمصر استغرقت عدة ساعات، التقى خلالها مع عدد من المسئولين الأمنيين لبحث آخر تطورات الوضع فى سيناء

زيارة الوفد الإسرائيلي برئاسة عضو الكنيست حيليك بار الى رام الله (Noam Moskowitcz)
زيارة الوفد الإسرائيلي برئاسة عضو الكنيست حيليك بار الى رام الله (Noam Moskowitcz)

في توقيت سيء ومن دون علم إسرائيلي ـ زيارة “فاترة” إلى رام الله

ضم أبو مازن خلال لقائه مع وفد إسرائيلي، أعضاء كنيست ونشطاء سلام جاءوا بالأمس لزيارة رام الله: "لن يكون مقبولا، في نهاية فترة المفاوضات، بالنسبة لي أو بالنسبة للفلسطينيين التوصل إلى اتفاقيات انتقالية، ونحن نسعى للتوصل إلى اتفاق نهائي".

استضاف رئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن، بالأمس في رام الله وفدًا من مجموعة الضغط الإسرائيلية التي تنشط في مجال الدفع باتجاه التوصل إلى اتفاق إسرائيلي فلسطيني. زيارة الوفد الإسرائيلي برئاسة عضو الكنيست حيليك بار تأتي في إطار الزيارات المتبادلة.

وضم الوفد عشرة أعضاء كنيست، ينتمي تسعة منهم إلى حزب العمل المعارض، وعضو كنيست واحد من أحزاب الائتلاف الحكومي، وهو عضو الكنيست دافيد تسور من حزب الحركة، الذي تتزعمه وزيرة العدل تسيبي ليفني، هذه الزيارة كان قد تم الإعداد لها قبل فترة من الوقت.

ألقت الأنباء الواردة من القدس حول وفاة الحاخام عوفاديا يوسف، بظلالها على اللقاء وعلى المشاركين فيه من أعضاء الكنيست، الذين حرصوا على متابعة ما يحدث في القدس، حتى يعرفوا متى يمكنهم إرسال رسائل التعزية لعائلة الحاخام يوسف ولمناصري حركة شاس، الذين بدأوا يندبون وفاة زعيمهم الحاخام يوسف وذلك تزامنًا مع لقاء أعضاء الكنيست مع عباس في رام الله.

عضو الكنيست من حركة شاس، يتسحاق فاكنين، والمعروف بتأييده العلني لمبادرة جنيف، والذي يشارك في مثل هذه اللقاءات، لم يشارك في اللقاء في رام الله، نظرًا لتدهور صحة الحاخام عوفاديا يوسف في اليوم الذي سبق اللقاء. كما أن بعض أعضاء حزب ميرتس وحزب “هناك مستقبل”، والذين يعتبرون أعضاء في مجموعة الضغط المذكورة، لم يشاركوا في اللقاء، كل شخص لأسباب تتعلق به. وكان يأمل رئيس الوفد الإسرائيلي عضو الكنيست حيليك بار، بمشاركة ما لا يقل عن ثلاثين عضو كنيست في اللقاء، إلا أنه لم يتمكن من تحقيق ذلك، حيث شارك في لقاء الأمس بشكل خاص أعضاء الكتلة النيابية من حزب العمل وبظروف يمكن وصفها بالامتثال والطاعة لرغبة كتلة حزب العمل.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يستضيف أعضاء الكنيست في مقره في رام الله (Noam Moskowitcz)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يستضيف أعضاء الكنيست في مقره في رام الله (Noam Moskowitcz)

وعلى عكس اللقاء الأول الذي عُقد في القدس، والذي أحضر خلاله الوفد البرلماني الفلسطيني علم فلسطين إلى الكنيست، لم يشهد اللقاء بالأمس (الاثنين) في رام الله رفع علم إسرائيل. صحيح أن تعزيز العلاقات بين البرلمانيين، لا يحتاج إلى رفع الأعلام في كل لقاء ولقاء، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك، ومن أجل الرمزية، والتي تعتبر عاملا مهما في مثل تلك اللقاءات، ولم يكن واضحا السبب وراء عدم رفع علم إسرائيل خلال اللقاء في رام الله. وعندما طرحتُ سؤالا حول موضوع رفع علم إسرائيل في اللقاء على عضو الكنيست بار، لم يعطني ردًا واضحًا.

أما من ناحية مضمون اللقاء، فإن الأمور سارت بشكل سلس وبسيط. أظهر أبو مازن خلال اللقاء اهتمامًا كبيرًا بالمسائل الداخلية في إسرائيل، واختار التأكيد على رفض جميع أعمال العنف، وأعرب عن أنه يتمنى أن يعيش الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني جنبًا إلى جنب من دون إراقة للدماء. بالإضافة إلى ذلك، وبعد أقوال رئيس كتلة حزب العمل في الكنيست، عضو الكنيست يتسحاق بوجي هرتسوغ، حول وفاة الحاخام عوفاديا يوسف، انضم أبو مازن إلى أقوال هرتسوغ قائلا: “التقيت هنا في رام الله مع أفراد من عائلة الحاخام عوفاديا يوسف وأنا أقدم التعازي الحارة على وفاته”.

وكانت الابنة الأكبر للحاخام عوفاديا يوسف، عدينا بار شالوم، قد زارت رام الله قبل فترة ليست بالطويلة، والتقت هناك مع أبي مازن. اللقاء المذكور لم يحظ بتغطية إعلامية كافية في وسائل الإعلام الإسرائيلية، ولكن تحدثوا في بعض الأوساط اليسارية في إسرائيل عن البراغماتية التي تتمتع بها الابنة الأكبر للحاخام يوسف، رغم أنها لم تكن من الدائرة المقربة والمؤثرة على الحاخام يوسف، إلا أنها تعتبر من الشخصيات التي تحظى بالاحترام والتقدير في الأوساط السياسية في إسرائيل بسبب نشاطاتها الواسعة على المستوى الشعبي.

وعلاوة على ذلك، كانت تتحلى أقوال أبو مازن بالتفاؤل: “تم تخصيص ستة حتى تسعة أشهر من أجل المفاوضات وهذه المدة الزمنية كافية للتوصل إلى اتفاق. تمت مناقشة جميع المسائل بين الطرفين سابقًا، في كامب ديفيد، طابا أو مع رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت”. وقال عباس إن المفاوضات هي الطريق الوحيد لحل الصراع “على الرغم من أن البعض قال إننا ذهبنا إلى الأمم المتحدة من أجل الحصول على مكانة دولة للسلطة هروبًا وبديلا عن المفاوضات، إلا أن ذلك غير صحيح”.

وبعد الكلمة التي ألقاها أبو مازن، تحدث عضو الكنيست حيليك بار وبعد ذلك جاء دور عضو الكنيست هرتسوغ، ومن ثم عُقد لقاء مغلق بين الجانبين. وخلال اللقاء المُغلق، أكد أبو مازن أن الجانب الفلسطيني لن يقبل باتفاق انتقالي وأنه يجب العمل من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي. كما أكد أبو مازن لأعضاء الكنيست الإسرائيليين، بأنه استمع إلى خطاب نتنياهو الذي ألقاه يوم الأحد، في جامعة بار إيلان، وأنه يدرك أن لنتنياهو حسابات واحتياجات سياسية داخلية.

وباستثناء عضو الكنيست عمر بار ليف، فإن غالبية أعضاء الكنيست من حزب العمل، الذين شاركوا في اللقاء هم من الأعضاء الجدد، وأكدوا أن هذه هي المرة الأولى التي يزورون فيها المقاطعة في رام الله. وشارك من الجانب الفلسطيني مستشار أبي مازن، ياسر عبد ربه، والمتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة بالإضافة إلى المستشار السياسي لأبي مازن نمر حماد.

اقرأوا المزيد: 718 كلمة
عرض أقل