حتى اندلاع الربيع العربيّ عام 2011، بقيت التوترات بين الطوائف والفصائل المختلفة في أنحاء الشرق الأوسط خفية. ومقاومة إسرائيل كانت القضية التي كان عليها إجماع واسع بين السنة والشيعة، بين الثوريين والمحافظين وبين رجال الجيش ورجال الدين. ولكن حقيقة أن نظام الأسد يذبح مواطنيه ويتسبب بموت أشخاص أكثر من كل هجمة إسرائيلية في أي وقت مضى، جعلت القضية الفلسطينية الإسرائيلية أكثر تعقيدا من الماضي.
ومن اعتُبروا في الماضي رأس الحربة في الصراع ضد الصهيونية، ووُصفوا بـمحور المقاومة، التابع لإيران، سوريا، وحزب الله، يُعتبرون اليوم العدوّ الأكبر للعالم العربي، ولا سيما، للمسلمين السنة.
وفي استطلاع أجراه الصحفي فيصل القاسم في أوساط 35,705 من متابعيه في تويتر والذي تناول السؤال أيهما أخطر على المنطقة؟ أجاب 82% أنّ إيران تشكل التهديد الأكبر. في المقابل، أشار 15% إلى إسرائيل، وفقط 3% ذكروا أشاروا إلى تركيا.
ولا عجب أن متابعي فيصل القاسم يعتقدون ذلك، بعد أن أوضح لهم خلال سنوات طويلة مسؤولية إيران وبشار الأسد عن المجازر الفظيعة الدائرة في سوريا. قبل زمن قصير كرّس القاسم برنامجه “الاتجاه المعاكس” للسؤال “هل أصبح حلف المقاومة وإسرائيل بخندق واحد؟” وكانت الإجابة التي سعى القاسم للتأكيد عليها هي: بالطبع نعم.
وأمس (الأحد) فقط، كتب القاسم في صفحته على الفيس بوك: “نظام الأسد حمى إسرائيل من الشعب السوري لعقود طويلة، وعندما ثار عليه الشعب السوري تدخلت إسرائيل بكل أذرعها الأمريكية والأوربية والروسية لحمايته من الشعب السوري”.
وذلك رغم أن رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد أوضح مؤخرا بأنّه من أجل الحفاظ على المصالح الإسرائيل الأمنية، فيعمل الجيش الإسرائيلي في سوريا من أجل إحباط إقامة شبكة إيرانية في هضبة الجولان ومنع نقل السلاح المتطوّر إلى لبنان. فضلًا عن ذلك، ادعت تصريحات مختلفة بأن إسرائيل تقدم مساعدة طبية للاجئين السوريين من أصول سنية والذين يجتازون الحدود عن طريق هضبة الجولان.
لم تمنع هذه الحقائق المعارض السوري بسام جعارة من الادعاء في برنامج القاسم أنّ القصف الإسرائيلي قد وُجّه ضدّ الجيش السوري الحر. فضلا عن ذلك، ادعى جعارة أنّ المشروع الإيراني هو مشروع استيطاني وأخطر من المشروع الاستيطاني الإسرائيلي.
وادعى القاسم أنّه في جميع خطابات زعماء “محور المقاومة”، وخصوصا حسن نصر الله، تتوجه الأسهم الآن إلى السعودية والسنة، أما “العدو الصهيوني” القديم فاختفى تماما. ولكن القاسم لم يشر إلى أنّ العكس صحيح أيضا، ويعتبر السعوديون أيضًا إيران عدوّا أكبر من إسرائيل.
وماذا بالنسبة للإسرائيليين أنفسهم؟ إن الخوف الإسرائيلي من إيران كبير، ولكنهم يخافون أيضًا من جبهة النصرة وداعش. لم يؤدّ النقاش الداخلي في إسرائيل حول الحرب الأهلية السورية إلى دعم النظام السوري، ولكنه لم يؤدّ أيضًا إلى دعم الثوار. يهم إسرائيل أمر واحد فقط، وهو مصلحة مواطنيها الأمنية. ولكن، تستطيع إسرائيل، على الأقل، أن تفرح لأنّ الكراهية تجاهها لا توحّد كل العالم الإسلامي ضدها كما كان في الماضي.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني