قرية الحورة

المليونير البدوي يعقوب أبو القيعان (لفطة شاشة / Mako)
المليونير البدوي يعقوب أبو القيعان (لفطة شاشة / Mako)

البدوي الإسرائيلي الذي يعيش في بيت من ذهب

تعرفوا إلى رجل الأعمال البدوي، الذي كان فقيرا في صغره وعاش في مسكن بظروف سيئة ولكنه أصبح الآن المليونير الأكثر إثارة للدهشة في إسرائيل

كيف أصبح فتى فقير، كسب أقل من ثمانية شواقل (نحو دولارين) في الساعة، مليونيرا مثيرا للدهشة في إسرائيل؟ أمس (السبت) تصدر هذا السؤال مركز برنامج المقابلات في القناة الثانية الإسرائيلية، الذي تناول قصة المليونير البدوي يعقوب أبو القيعان. أبو القيعان، ابن 43 عاما، متزوج مرتان ولديه سبعة أطفال، وهو صاحب شركات عقارات، تنظيف، زراعة وأطعمة، ويكسب نحو 100 مليون شاقل سنويا.

أجريت المقابلة معه في منزله الفاخر في البلدة البدوية حورة، الذي يصفه بـ “قصر أردنيّ”، المليء بالأثاث، التحف الفنية المذهبة التي اشتراها من الأردن، مصر، السعودية، ودُول أخرى. أبو القيعان هو أحد أغنى البدو في إسرائيل، ولكن لا تشير فخامة منزل رجل الأعمال هذا الذي ترعرع في مسكن ذي ظروف متدنية في قرية حورة إلى ماضيه.

منزل أبو القيعان في البلدة البدوية حورة (لفطة شاشة / Mako)

“عشت في مسكن دون ماء وكهرباء”، قال أبو القيعان عن طفولته الصعبة. “لم يكن لدي سرير، ونمت على الأرض”. وأضاف، أنه شعر في مرحلة معنية بأنه غير قادر على العيش بهذه الظروف فقرر البحث عن مصدر رزق، متخيلا نجاحا باهرا وثروة كبيرة. أثناء المرحلة الثانوية، بدأ بالعمل في مجال الصرف الصحي، الزراعة، وكسب مبلغا ضئيلا حجمه 70 شاقلا (نحو 20 دولارا) مقابل يوم عمل.

مع مرور الوقت، بدأ أبو القيعان بتشغيل عمال آخرين في الزراعة. في البداية كان ينقلهم بسيارته الخصوصية يوميا، ولكن سريعا ازداد عددهم فاضطر إلى نقل عشرات عمال الزراعة بالحافلات من القرية البدوية إلى البلدات المجاورة. “رُوَيدًا رُوَيدًا، بدأت بالتقدم وفتحت شركتي الأولى للموارد البشرية، ثم بدأت أفكر في مجال البناء”، قال أبو القيعان. لقد قرر التقدم أكثر فأكثر، وإقامة شركة مقاول بناء، لبناء مشاريع كبيرة في مدن إسرائيلية كثيرة.

شهدت أعماله نجاحا، لهذا بدأ اليوم الاهتمام بمجال الأطعمة والأدوية أيضا. في يومنا هذا ما زال أبو القيعان، مالك الطائرة الخاصة، يطمح كثيرا: “أحلم بأن أكون واحدا من بين مئة أغنياء العالم”. رغم الغنى والنجاح الباهر، لا ينسى أبو القيعان ماضيه، ويحاول أن يزور البلدة التي ترعرع فيها سنويا. “عندما نملك الرغبة نملك العالم. كنت متأكدا أني سأنجح وأحقق أحلامي”، قال في المقابلة.

يبدو قصره الفاخرة استثنائيا في بلدة حورة، التي تقع في أسفل قائمة التنصيف الاجتماعي الاقتصادي في إسرائيل، والتي يكافح جزء من مواطنيها من أجل تلبية احتياجاتهم الضرورية. أشار أبو القيعان في مقابلة معه أن يتعرض للكثير من الحسد من جهة المواطنين في بلدة الحورة، موضحا أن “الله هو المسؤول عن كل شيء”، ولافتا إلى أنه عمل كثيرا خلال حياته. وتمنى أن يقوم أبناء قبيلته وشعبه بالأعمال التي قام بها وأن يحتذوا به.

منزل أبو القيعان في البلدة البدوية حورة (لفطة شاشة / Mako)

رغم أن منزله فاخر، فهو يقضي معظم أوقاته في البلدة اليهودية ميتار، القريبة من بئر السبع، التي يعيش فيها مع إحدى زوجيته وأطفاله الصغار. وفق أقواله، يمكن القول إنه إسرائيلي، بدوي ومسلم، وهو يحب دولة إسرائيل جدا. “لقد ساهمت دولة إسرائيل والشعب اليهودي في نجاحي”، قال أبو القيعان.

اقرأوا المزيد: 427 كلمة
عرض أقل
شباب قرية الحورة يواجهون مخاطر الوقوع في فخاخ االتنظيمات الإرهابية (Flash90/HadasParush)
شباب قرية الحورة يواجهون مخاطر الوقوع في فخاخ االتنظيمات الإرهابية (Flash90/HadasParush)

هل وجدت خلايا داعش موطئ قدم بقرية حورة الجنوبية؟

ملف الشبان البدو الذين يطلقون النار تجاه الإسرائيليين ومحاولات إقامة علاقات مع خلايا الدولة الإسلامية في الدول المجاورة: عمليات الأسلمة تتسارع وشعور بعدم الانتماء

هناك قلق لدى المنظومة الأمنية في إسرائيل والشاباك في السنوات الأخيرة من عمليات الأسلمة المتسارعة التي يمرّ بها الكثير من الشبان البدو في مناطق قرية حورة في إسرائيل.

مجددا، بعد شهرين من إطلاق النار تجاه إسرائيليين في المحطّة المركزية بمدينة بئر السبع الجنوبية، والذي نفذه مهند العقبي، رُبط اسم البلدة البدوية حورة بالإرهاب.

وقد اعتُقل فهدي داهود محمد (19) ابن المنطقة باشتباه أنه انتمى إلى خلية إرهابية تابعة لحماس.

مهند العقبي
مهند العقبي

وليست هذه هي المرة الأولى التي ينفذ فيها شاب بدوي من بلدة حورة عمليات إطلاق النار أو الطعن.‎ ‎ففي نيسان 2009، وصلت فتاة من سكان المنطقة إلى مدخل ثكنة حرس الحدود وأطلقت النار من مسدّس. فأطلق عليها حارس المكان النار وقتلها. ولا يزال دافع العملية حتى اليوم بمثابة لغز. بعد خمس سنوات من ذلك اعتُقل مواطن من حورة بعد أن اتضح في تحقيقات الشاباك أنّه ساعد بدويَين من سكان النقب على الخروج إلى سوريا والانضمام إلى التنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي.

وفي شهر تموز الماضي تصدّرت علاقة البدو بداعش العناوين مجدّدا، بعد أن نشر ستّة من سكان حورة، ومن بينهم معلّمون، أيديولوجيّة التنظيم السني – وهذه المرة أيضًا بعد أن تعرّضوا لعقيدة هذا التنظيم المتطرف في مواقع التواصل الاجتماعي. وقد عزت المنظومة الأمنية أهمية كبيرة لحقيقة أنّهم يعملون في مجال التربية، حيث إنهم ذوو تأثير كبير على الجيل الصغير في مكان سكناهم.

ولكن، ما الذي يقود هؤلاء الشبان البدو، الذين يعيشون في أراضي دولة إسرائيل، إلى إقامة علاقات مع خلايا إرهابية تابعة لداعش وحماس؟

قرية الحورة تواحه سياسة هدم البيوت (Flash90/Hadas Parush)
قرية الحورة تواحه سياسة هدم البيوت (Flash90/Hadas Parush)

من خلال دراسة الحالات، تظهر صورة جديدة ومقلقة جدّا: الإحساس بالاغتراب، الفقر المدقع، عمليات الأسلمة المتسارعة بل والرغبة في “الانتقام” من سياسة هدم القرى غير المعترف بها في المجتمع البدوي في النقب وبشكل أساسي الكراهية الشديدة لكل ما هو مؤسسي.

وبشكل عام، يظهر من خلال البيانات المنشورة من قبل التأمين الوطني في إسرائيل وبيانات دائرة الإحصاء المركزية أنّ معدّل الفقر في أوساط الأسر البدوية هو أكبر بضعفين من معدّل الفقر العام.

قرية الحورة في النقب (Flash90/Hadas Parush)
قرية الحورة في النقب (Flash90/Hadas Parush)

وهناك حقيقة أخرى وبالغة الأهمية وهي أنّ نحو 3000 طالب جامعي بدوي يتوجهون كل يوم للتعلم في جامعات تابعة للسلطة الفلسطينية. هكذا على سبيل المثال مدينة رهط، المدينة الثانية في حجمها في النقب، ويعيش فيها 67 ألف مواطن من بينهم 18000 تلميذا. معدّل التسرب من المداس هو من أعلى المعدلات في الجهاز التربوي في إسرائيل ويبلغ 14%. يحدث بعض هذا التسرب بمبادرة من الأهل الذين يدفعون أولادهم إلى الخروج للعمل في سنّ مبكرة بسبب الوضع الاقتصادي الصعب. تعاني المدينة من بطالة تصل إلى 34%.

ليست هناك كلية ملائمة للشباب من الوسط البدوي الذين يجدون صعوبة بسبب الفجوات في اللغة وفي قبولهم للتعلم في جامعات البلاد.

سكان قرية الحورة يتظاهرون ضد سياسة هدم البيوت (Flash90/Hadas Parush)
سكان قرية الحورة يتظاهرون ضد سياسة هدم البيوت (Flash90/Hadas Parush)

في مقابلة مع الإعلام الإسرائيلي، قال نائب رئيس مجلس حورة إنّها مسؤولية ملقاة على أكتاف الحكومة الإسرائيلية “من يمكنه أن يكون مسؤولا عن شبان يواجهون هناك (في الجامعات) حالة يمكنهم فيها الالتقاء بالكثير جدا من الأشخاص المنتمين لتنظيمات مختلفة؟ فكل موضوع داعش يبدأ هناك. إنهم يلتقون هناك بأشخاص من إيران والسعودية”.

عثمان عبد القيعان
عثمان عبد القيعان

ومن السمات الأخرى والحاسمة أيضًا هي سياسة هدم المنازل وإخلاء القرى البدوية غير المعترف بها في النقب. يذكر الجميع النضال الكبير الذي قاده البدو بمساعدة جمعيات إسرائيلية وأعضاء كنيست عرب لإلغاء مخطط برافر الذي يهدف إلى تنظيم الاستيطان البدوي في النقب ومصادرة مئات الدونمات من الأراضي الزراعية والمنازل البدائية في المجتمع البدوي. عام 2012، وافقت دولة إسرائيل على خطوة غير مسبوقة لهدم القرية البدوية أم الحيران لصالح مستوطنة يهودية.

إحدى السمات المهيمنة الأخرى هي العلاقات العائلية الواسعة القائمة بين قسم من التجمّعات البدوية في حورة مع قطاع غزة. فهناك لدى الكثير من الشباب الذين قرروا تنفيذ عملية إطلاق نار أو طعن علاقات عائلية كبيرة متجاوزة للحدود مع قطاع غزة. إحدى العائلات التي كانت متورطة بعدة حوادث أمنية في الماضي، هي عائلة أبو القيعان، ذات علاقات أسرية مع غزة. قبل نحو خمسة أشهر اعتُقل أربعة معلّمين من هذه العائلة باشتباه نشرهم لمضامين تابعة لداعش. وقبل نحو عام ورد أن عثمان عبد القيعان، وهو طبيب متخصص عمل في مستشفى بمدينة أشكلون، قد انضمّ إلى داعش وقُتل حين كان يقاتل في صفوف التنظيم.

تشكل هذه السمات صورة العديد من الشباب البدو من قرية حورة والذين يقيمون علاقات مع خلايا نشطة كامنة أو عناصر من داعش أو حماس سواء في القرية نفسها أو خارج حدود دولة إسرائيل في السعودية، الأردن أو قطاع غزة.

اقرأوا المزيد: 655 كلمة
عرض أقل
الشرطة الإسرائيلية تواجه المظاهرات ضد مخطط برافر في قرية الحورة (FLASH90)
الشرطة الإسرائيلية تواجه المظاهرات ضد مخطط برافر في قرية الحورة (FLASH90)

عاصفة قانون برافر تأبى الهدوء

الوزير المكلَّف من قِبل الحكومة الإسرائيلية بمعالجة موضوع البدو يفاجئ: لم أعرض برنامجي على البدو، ولم أقل إنّهم مُوافِقون

09 ديسمبر 2013 | 15:24

يواصل مخطَّط برافر التاريخي لتنظيم أراضي البدو في النقب إثارة عاصفة. والآن، يدّعي الوزير السابق بيني بيغن، المكلَّف من قِبل الحكومة بمعالجة الشأن وبلورة اقتراح القانون، في رسالة مفاجِئة صباح اليوم (الإثنين) أمام لجنة الداخلية في الكنيست، أنّ البدو لم يوافقوا إطلاقًا على المخطَّط المطروح.

وكتب بيغن في رسالته إلى المفوَّض من قبل مكتب رئيس الحكومة بتطبيق البرنامج، دورون ألموغ: “أريد التوضيح أنه خلافًا لما ادُّعي في الأسابيع الماضية، لم أخبر أحدًا أنّ البدو موافقون على المشروع. وسبب ذلك بسيط: لم أقل ذلك لأنه لم يكن ممكنًا أن أقول ذلك، لأنني لم أعرض عليهم البرنامج”.

الوزير في السابق بيني بيغن (FLASH90)
الوزير في السابق بيني بيغن (FLASH90)

ولم يَلزم رئيس الائتلاف ياريف ليفين، الذي نال نسخة من رسالة بيغن، الصمتَ، إذ أوضح أنه وفق ما وصله، كان هذا الترتيبُ الوحيدَ الذي وافق عليه البدو بأكثريتهم الساحقة. و ذكر ليفين أنّ بيغن هو الذي قال قبل المصادقة على اقتراح القانون إنّ المخطّط يحظى بإجماع.

والآن، قُبَيل استمرار النقاشات حول الصيغة النهائية في لجنة الداخلية، دعا ليفين إلى تغيير القانون “بشكل ملحوظ”، لأنه لا مبرّر لمنح البدو مكافآت كبيرة، في حين ليس واضحًا إن كان ممكنًا التفاهُم معهم.

وقال النائب العربي، محمد بركة (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة)، خلال النقاش في لجنة الداخلية هذا الصباح، إنّ القانون كلّه يُعنى بالإخفاء عِوض التنظيم. وقال بركة إنه من خلال استيضاحه الشركات التي تقدّمت للمناقصة، تبيّن له أنّ الشركات فُرض عليها واجب التكتُّم. وحسب تعبيره، “إنّ قناع الأكاذيب ومسيرة الأقنعة مستمرّان. لا يذكر البرنامج أين يُؤخَذ، وليس فيه شيء واضح”.

وفي غضون ذلك، تظاهر المئات أمس الأول في تل أبيب ضدّ القانون. وقالت إحدى منظّمات التظاهُرة، عيريت نعمان، لصحيفة “هآرتس” إنّ الاحتجاج بدأ منذ أشهر طويلة، لكنّه بلغ وعي الشعب فقط في أعقاب تظاهرتَي حيفا وحورة.

وكشفت صحيفة “هآرتس” أنّ 13 معتقَلًا، بينهم خمسة قاصرين، جرى احتجازهم إثر الاضطرابات في التظاهرة المناوئة لمخطّط برافر التي حدثت في حورة قبل أكثر من أسبوع، لا يزالون محتجَزين.

ويتشابه معظم لوائح الاتّهام المقدَّمة ضدّ المعتقَلين، وبينها اتّهامات بالهجوم على شرطي، الإخلال بالنظام العامّ، التسبّب بأذى للممتلكات وللحيوانات. ووفق المحامين الذين يمثّلون المعتقَلين، هذا وضع استثنائيّ تريد الدولة فيه مواصلة احتجاز أشخاص لا يشكّلون خطرًا على الجمهور، بتُهم ليست خطيرة جدًّا”.

اقرأوا المزيد: 330 كلمة
عرض أقل