يشهد الشرق الأوسط قصصا غامضة وغريبة أحيانا، تربط بين شخصيات غير متوقعة وبين المصالح المعقدة في المنطقة. ففي هذه الأيام برزت عضوة الكنيست، نافا بوكر (حزب الليكود) في قضية كهذه، تتعلق بالمونديال القادم، وتنخرط في معركة العداوة والتوتر الكبيرين بين قطر ودول الخليج، وتثير إحراجا في إسرائيل.
كشف موقع الأخبار الإسرائيلي “والاه” أن عضوة الكنيست بوكر تواصلت مع المبعوث القطري الخاص إلى قطاع غزة، محمد العمادي، دون أن يعرف أحد في المنظومة السياسية والأمنية بذلك، حتى أن تواصلها معه أثار توترا مع المملكة في الخليج.
تعتبر قطر الدولة العدوة الأكبر لإسرائيل من بين دول الخليج، والداعمة لإيران، حماس، والإخوان المسلمين. ليست هناك علاقة دبلوماسية رسمية بين إسرائيل وبينها، ولكن في السنوات الأخيرة أصبحت الدوحة تلعب دورا هاما في بذل الجهود لإعمار قطاع غزة. كما أنها تعمل وسيطا بين إسرائيل وحماس في قضايا الأسرى والمفقودين، وترسل مبعوثها، العمادي، في أحيان قريبة للبحث في الموضوع. هناك علاقات بين العمادي وكبار المسؤولين في المنظومة الأمنية والتجارية المرتبطة بمجال عمله، ولكن تطرح تساؤلات كثيرة حول الحقيقة وراء لقاءه مع عضوة الكنيست بوكر، وهي عضوة لا تشغل منصبا هاما، ولا تربطها علاقة بالموضوع.
بدأت القصة عبر رسالة ساذجة أرسلتها بوكر، هذا الأسبوع، إلى رئيس اتحاد كرة القدم العالمي، الفيفا، طلبت منه فيها عدم استضافة قطر للمونديال القادم. “باسم حقوق الإنسان، الرغبة في صنع السلام العالمي الشامل، نطلب حرمان قطر من استضافة المونديال عام 2022، وإعطاء فرصة لدول أخرى غير مشاركة في الإرهاب، والمعاناة الإنسانية لاستضافته”، كتبت بوكر في رسالتها، موضحة أن طلبها جاء بسبب دعم قطر لحماس وحزب الله، وعلاقتها الوطيدة مع إيران. تعمل الفيفا جاهدة لصنع السلام العالمي الحقيقي، عبر الرياضة الأكثر شعبية – كرة القدم. ماذا ستكون ردود الفعل بعد أن تسمح الفيفا بإقامة المونديال في دولة الظلم والإرهاب؟”، كتبت النائبة الليكودية.
يتضح أن الرسالة التي بعثتها بوكر إلى الفيفا لم تُنسق مع أية جهة سياسية أو حكومية رسمية مسؤولة عن الموضوع. تجنبت إسرائيل التدخل في الخلافات الداخلية في العالم العربي، ودعم أي جانب في الخلافات التي دارت في العام الماضي بين قطر ودول الخليج.
أثارت رسالة بوكر إلى رئيس الفيفا ضجة كبيرة في وسائل الإعلام الإسرائيلية، والعربية أيضا، التي أشارت إليها كتغطية إسرائيلية رسمية للحملة التسويقية التي تديرها السعودية ضد إجراء المونديال في الدوحة. منصب بوكر الرسمي، بصفتها نائبة رئيس الكنيست، وحقيقة أنها مشرّعة من حزب الليكود، أديا إلى أن تبدو الرسالة كرسالة رسمية إسرائيلية، وتدخل لصالح السعودية والإمارات العربية المتحدة التي تحاول وفق أقوال قطر التحريض ضدها والإضرار بالمونديال.
غضبت الدوحة بشكل أساسي بسبب ما ووصفه مسؤولون إسرائيليون “تملق” بوكر، لأنها حتى وقت قصير طالبت بالتعاون مع المملكة. في نهاية الأسبوع، نُشر في برنامج “أولبان شيشي” المشهور لشركة الأخبار الإسرائيلية، أنه في شهر آذار الماضي أجرت بوكر لقاء خاصا مع المبعوث القطري في فندق في القدس، حتى أنها أرسلت إليه في وقت لاحق رسالة شكر طالبة متابعة فحص التعاون. العمادي المعروف كسفير قطر في غزة، هو الممثل الرسمي للمملكة في رام الله، ويزور إسرائيل بشكل ثابت كجزء من تدخل قطر في إعادة إعمار غزة. وفق أقوال جهات مطلعة على الموضوع، بوكر هي المبادرة إلى اللقاء، الذي تناول “سبل تحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة”.
هذا الأسبوع، جاء على لسان مكتب رئيس الحكومة، وزارة الخارجية، وقسم العلاقات الخارجية في الكنيست، أن جميعها لم يعرف بشأن اللقاء، ولم يُنسق معها مسبقا، ولم تعرف بمجرياته. كما وجاء على لسان مقر وزير الدفاع المسؤول عن العلاقات مع العمادي: “لا نعرف عن الموضوع”.
رفضت بوكر الكشف عن تفاصيل لقائها مع الممثل القطري أو الرد على أسئلة حول الموضوع.