فك الإرتباط

إخلاء بؤرة "عمونا" الإستيطانية عام 2006 (Yossi Zamir/Flash90)
إخلاء بؤرة "عمونا" الإستيطانية عام 2006 (Yossi Zamir/Flash90)

الجيش الإسرائيلي يخشى من إخلاء عمونا

المنظومة الأمنية الإسرائيلية تستعد لإخلاء البؤرة الاستيطانية غير القانونية، عمونا. الشرطة الإسرائيلية مسؤولة عن إخلائها ولكن الجيش مسؤول عن ضمان الحماية أثناء عملية الإخلاء المُعقّدة

تستعد المنظومة الأمنية الإسرائيلية لإخلاء عمونا المتوقع في الشهر القادم (موعد الإخلاء الأخير هو 25 كانون الأول 2016)، ويخشى الجيش الإسرائيلي أن يتعرض ضبّاطه وجنوده للانتقاد. حتّى الآن، يبدو أن الإخلاء لن يحدث حتى اللحظة الأخيرة، كما حدث في الماضي في حالات شبيهة.

ويخشى الجيش والشرطة من تكرار المشاهد أثناء الإخلاء التي حدثت في شتاء 2006، عندما هُدمت تسعة منازل في عمونا، ومُورس عنف ضد المستوطِنين الذين حاولوا منع ذلك. وصل عدد المصابين خلال عملية الإخلاء العنيفة قبل عقد إلى 220 شخصا.

تقدّر المنظومة الأمنية أنه من المتوقع أن يشارك مئات رجال الشرطة والجنود في عملية إخلاء 40 مبنى و 50 عائلة. وكما ذُكر آنفًا، ستُخلي قوات شرطة إسرائيل عمونا. وستشارك قوات الجيش في الدوائر الخارجية من عمونا وستشرف على الإخلاء.

بيوت بؤرة "عمونا" الإستيطانية (Miriam Alster/Flash90)
بيوت بؤرة “عمونا” الإستيطانية (Miriam Alster/Flash90)

يخشى الجيش الإسرائيلي من التعرض لانتقادات ثاقبة بسبب مشاركته في عملية الإخلاء. هناك حاجة إلى مشاركة الجيش لأن لواء قيادة المركز وقائد الكتيبة سيشرفان على عملية الإخلاء، بصفتهما مسؤولين عن المنطقة.

مصدر الخوف الأساسي هو من نشطاء اليمين المتطرّف وليس من سكان عامونا تحديدًا. خلافا لموقف السكان، قد تحدث مواجهات بين نشطاء اليمين المتطرف الذين سيصلون تحديدا إلى عمونا احتجاجا على الإخلاء وبين القوات الكبيرة التي ستعمل فيها.

لقد تحدث وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، عن إخلاء عمونا معربا أن “لا حاجة إلى إقحام الجيش في السياسة، فهو ينفذ الأوامر فقط. فالحكومة هي التي تتخذ القرارات”. لا يرغب الجيش في تدهور العلاقات بينه وبين المستوطِنين، كما حدث بعد عملية الانفصال عن بلدات التفافي غزة، في صيف 2005، وإخلاء عمونا في السابق.

اقرأوا المزيد: 236 كلمة
عرض أقل
مستوطنات غزة - الجرح الذي لا يندمل (AFP)
مستوطنات غزة - الجرح الذي لا يندمل (AFP)

مستوطنات غزة – الجرح الذي لا يندمل

مرة واحدة في التاريخ بادرت إسرائيل، بخطوة أحادية الجانب، إلى التخلي عن أراضٍ لصالح الفلسطينيين. كيف تحولت هذه الخطوة إلى إخفاق وطني يُهدد أي اتفاق مستقبلي؟

انقضى أكثر من عشر سنوات على عملية إخلاء مستوطنات قطاع غزة، وهي “فك الارتباط الأحادية الإسرائيلية”، عملية التي اطلقت عليها إسرائيل اسم “الانفصال” ولكن الجرح الذي خلفتها هذه العملية في المجتمع الإسرائيلي لم يندمل بعد.

“فجأة تحول الجنود إلى أعداء.. عندما جاءت المجندات لإخلائنا، جعلنا علم دولتنا الموجود على ملابسهن نتساءل – إن كنّ يمثلن دولة إسرائيل فمن نحن إذًا؟”

قام الجيش الإسرائيلي خلال ثمانية أيام فقط، في شهر آب من العام 2005، بإخلاء كل المستوطنات اليهودية في قطاع غزة وإخلاء بعض المستوطنات أيضًا في شمال الضفة الغربية. فرض شرطيون وجنود إسرائيليون، في 17 آب، أي بعد يومين من تسليم أوامر الإخلاء للمواطنين الإسرائيليين، حصارًا على المستوطنات وبدأوا بإخلاء المواطنين الذين رفضوا أن يُخلوا بيوتهم بمحض إرادتهم بالقوة. تم الانتهاء من إخلاء كل المستوطنات في 22 آب. أنهت قوات أمن إسرائيلية بعد يوم من ذلك عملية إخلاء المستوطنات اليهودية في شمال الضفة الغربية أيضًا.

إخلاء المواطنين الذين رفضوا أن يُخلوا بيوتهم بمحض إرادتهم بالقوة (AFP)
إخلاء المواطنين الذين رفضوا أن يُخلوا بيوتهم بمحض إرادتهم بالقوة (AFP)

شارك نحو 42,000 جندي وشرطي في إخلاء ما يقارب 10,000 شخص من بيوتهم ضمن خطة الانفصال. بلغت تكلفة عملية الانفصال 2.5 مليار دولار، أكثر بضعفين من التكلفة التي كانت متوقعة في البداية. نُقل الذين تم إخلاؤهم إلى مساكن مؤقتة، بدءا من فنادق وصولاً إلى مدن خيام. لم يستقر كل الإسرائيليين الذين تم إخلاؤهم من بيوتهم في قطاع غزة حتى اليوم في بيوت ثابتة ولم تنتهِ بعد عملية إعادة تأهيلهم.

كان الجمهور الإسرائيلي منقسمًا جدًا حول الانسحاب من غزة، لدرجة أنه كانت هناك خشية كبيرة من حدوث عصيان مدني. تحصنت، في أحد المستوطنات، مجموعة من المُعارضين لعملية الإخلاء وأعلنت عن إقامة حركة “حكم ذاتي يهودي” ستناضل من أجل حقها في البقاء في غزة، وهدد قائد تلك المجموعة جنود الجيش الإسرائيلي هناك ببندقية 16‏M. وقام أكثر من ألف جندي إسرائيلي، من بينهم قناصون، بتطويق تلك المستوطنة إلى أن استسلموا.

يشهد على عمق ذلك الجرح الذي شعر به من تم إخلاؤه مقطع من سجلات الصحفية الإسرائيلية، طال نويمن، التي كانت ضمن الذين تم إخلاؤهم: “فجأة تحول الجنود إلى أعداء”، كتبت وأضافت أنه “عندما جاءت المجندات لإخلائنا، جعلنا علم دولتنا الموجود على ملابسهن نتساءل – إن كنّ يمثلن دولة إسرائيل فمن نحن إذًا؟”

في خلال الإخلاء كانت هناك خشية كبيرة من حدوث عصيان مدني (Flash90)
في خلال الإخلاء كانت هناك خشية كبيرة من حدوث عصيان مدني (Flash90)

تُعلمنا قصة المستوطنين الذين تم إخلاؤهم كيف كانت تبدو الحياة في قطاع غزة بأعين يهودية من جهة، وكيف أدى إخلاؤهم إلى انهيار كبير في ثقة الإسرائيليين بعد تسليم مناطق للفلسطينيين من جانب واحد.

انتقل أحد الذين تم إخلاؤهم من غوش قطيف، تسيون يتسحاك، وهو ناشط سياسي محلي كان يمارس عمله في الزراعة مثله  مثل غالبية السكان في غوش قطيف، قبل اندلاع الانتفاضة الأولى. يصف المستوطنة بصفتها مكانًا ريفيًا هادئًا، تطل على مناظر تلال رملية ويسود فيها هواء نقي. يقول “كانت الحياة هناك ساحرة ورائعة”.

رغم ذلك، لم يتجاهل الإسرائيليون أيضًا، الجوانب المُعقدة المتعلقة بحياتهم كإسرائيليين يهود “وسط مجموعة من الفلسطينيين المُسلمين”، وفقًا لوصف يتسحاك. تحوّل سكان قطاع غزة الإسرائيليين، مع اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987، إلى هدف لمئات الهجمات الإرهابية الفلسطينية – عمليات الدهس واطلاق النار والطعن، وفي الانتفاضة الثانية أُضيفت إلى ذلك أيضًا مئات القذائف وصواريخ القسام التي كانت تسقط على البلدات اليهودية، يوميًّا تقريبًا. “على الرغم من كل ذلك الحزن والأسى”، يقول يتسحاك، “عشنا هناك الحياة بحلوها ومرها”.

"كانت الحياة هناك رائعة"، مسيرة ضد حطة الانفصال في قطاع غزة (AFP)
“كانت الحياة هناك رائعة”، مسيرة ضد حطة الانفصال في قطاع غزة (AFP)

ونشأت، على الرغم من الخطر الأمني، علاقات صداقة قوية جدًا بين بعض الجيران الإسرائيليين والفلسطينيين – “كان هناك متطرفون أيضًا، في كلا الجانبين، إنما ليس ذلك هو ما أثّر في صداقتنا”. وكشف خلال كلامه أن العلاقة بين هؤلاء الجيران لا تزال قائمة حتى اليوم – اليوم يسكن يتسحاك في بلدة قرب أشكلون ويسكن جيرانه داخل قطاع غزة. يقول يتسحاك، الذي يتكلم أيضًا اللغة الفلسطينية المحلية جيدا: “نحن أصدقاء منذ 30 عامًا”. “نتواصل مع بعضنا في الأعياد ونتبادل التهاني. شعر الأصدقاء المُقربون من غزة، من كلا الجانبين، بالأسى فعلاً عندما تمت عملية الانفصال”.

وافق سكان المستوطنة التي كان يسكن فيها تسيون يتسحاك، “بيئات ساديه”، على إخلاء المستوطنة طوعًا مع وصول أوامر الإخلاء التي أصدرتها الحكومة الإسرائيلية، وبعد مفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية تلقى السكان وعدًا أن سكان تلك المستوطنة سيبقون معًا بعد هدم بيوتهم. ولكن، لم تكن كل المستوطنات محظوظة مثلهم. واجه الكثير من تلك المستوطنات الانفصال والتفكك، انتقلت عائلات كثيرة للعيش في بيوت متنقلة مؤقتة، وبات الكثير من المزارعين الذين تم إخلاؤهم من بيوتهم عاطلين عن العمل وواجهوا صعوبات في إعالة عائلاتهم. يقول يتسحاك بألم شديد: “هناك أناس انهاروا تمامًا، ولم يتمكنوا من التعافي تماما حتى اليوم”.

كانت عملية الانفصال خطوة من جانب واحد وكان من المُفترض أن تدفع إسرائيل نحو التوصل إلى ترتيبات ثابتة مع الفلسطينيين والاعتراف بالدولة الفلسطينية أيضا، ولكن رافقت تنفيذ تلك الخطوة إخفاقات متتالية، وكان آخرها، سيطرة حماس على قطاع غزة منذ عام 2007، وتجدد الصراع العنيف مع الفلسطينيين في القطاع. يشعر المُجتمع الإسرائيلي أنه قدّم تضحية كبيرة دون مقابل، ولم تصب تلك التضحية في مصلحة السلام وإنهاء الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، بل بالعكس فقد أدت إلى تصعيد الأوضاع.

اقرأوا المزيد: 743 كلمة
عرض أقل

بالصور.. هكذا كانت المستوطنات الإسرائيلية في غزة

الأطفال يلعبون والجنود يحرسون مستوطنة نتساريم (AFP)
الأطفال يلعبون والجنود يحرسون مستوطنة نتساريم (AFP)

قبل 13 عاما أخلت إسرائيل بشكل أحادي الجانب 21 مستوطنة و 8,600 مستوطِن يهودي. نظرة إلى صور الحياة اليهودية التي توقفت قبل عقد

18 يوليو 2015 | 07:17

تحيي إسرائيل هذا الأسبوع ذكرى مرور 13 عاما سنوات على تنفيذ “خطّة فك الارتباط”، وهي الانسحاب أحادي الجانب لإسرائيل من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية. تم حينها إخلاء 21 مستوطنة عاش فيها 8,600 يهودي في صيف عام 2005، في خطوة يتذكرها الكثير من الإسرائيليين كصدمة لكل الحياة.

“غوش قطيف”، وهو كتلة المستوطنات الأكبر والتي كانت مجاورة لمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، تمت إقامتها بعملية تدريجية وبطيئة على مدى سنوات السبعينيات من القرن العشرين، رغم أنّ فكرة إعادة توطين اليهود في قطاع غزة قد نوقشت مباشرة بعد حرب عام 1967. بعد اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر الذي تضمّن انسحابا إسرائيليا كاملا من سيناء، “عوّضت” الحكومة الإسرائيلية المستوطِنين من خلال تعزيز وزيادة عدد المستوطنات اليهودية في القطاع.

إلى جانب غوش قطيف كانت في قطاع غزة مستوطنات إسرائيلية معزولة أخرى مثل كفار دروم، والتي كانت موجودة بشكل متقطّع منذ العام 1946، ونتساريم التي دُعيتْ على اسم معسكر النصيرات للاجئين المجاور لها. في شمال القطاع قرب بلدة بيت حانون كانت هناك مستوطنات إيلي سيناي، نيتسنيت ودوغيت.

تم إخلاء هذه جميعًا في نفس الصيف، في أعقاب قرار رئيس الحكومة حينذاك أريئيل شارون. بالذات شارون، الذي عمل كثيرا من أجل إقامة المستوطنات وصرّح عام 2003 أنّ “مصير نتساريم كمصير تل أبيب”، كان هو من قرر اقتلاع هذه المستوطنات من جذورها.

وهكذا بدت الحياة في “غوش قطيف”:

نافيه دكاليم، وهي أكبر المستوطنات الإسرائيلية في غزة، وقد عاشت فيها 500 أسرة. يوم الإخلاء انضمّ 2,000 إسرائيلي للسكان وحاولوا منع الإخلاء
نافيه دكاليم، وهي أكبر المستوطنات الإسرائيلية في غزة، وقد عاشت فيها 500 أسرة. يوم الإخلاء انضمّ 2,000 إسرائيلي للسكان وحاولوا منع الإخلاء
نافيه دكاليم (Yakov Ben-Avraham)
نافيه دكاليم (Yakov Ben-Avraham)
جندي إسرائيلي يحرس فندقا على شاطئ بحر غزة في غوش قطيف، في الثمانينيات (AFP)
جندي إسرائيلي يحرس فندقا على شاطئ بحر غزة في غوش قطيف، في الثمانينيات (AFP)
أطفال يلعبون في مستوطنة غديد (AFP)
أطفال يلعبون في مستوطنة غديد (AFP)
العديد من الرضع ولدوا في المستوطنات بغزة (AFP)
العديد من الرضع ولدوا في المستوطنات بغزة (AFP)
مستوطنون إسرائيليون يستحمّون في بحر غزة (AFP)
مستوطنون إسرائيليون يستحمّون في بحر غزة (AFP)
مستوطنون إسرائيليون يستحمّون في بحر غزة (AFP)
مستوطنون إسرائيليون يستحمّون في بحر غزة (AFP)
امرأة فلسطينية تعبر مفترق غوش قطيف (AFP)
امرأة فلسطينية تعبر مفترق غوش قطيف (AFP)
كانت المحاصيل الزراعية في الدفيئات أحد مصادر الرزق الرئيسية لمستوطني غزة (AFP)
كانت المحاصيل الزراعية في الدفيئات أحد مصادر الرزق الرئيسية لمستوطني غزة (AFP)
مستوطن يستريح على شاطئ البحر (AFP)
مستوطن يستريح على شاطئ البحر (AFP)
منازل في غوش قطيف (AFP)
منازل في غوش قطيف (AFP)
كنيس للمستوطنة المعزولة نتساريم، والتي تم إخلاؤها دون مقاومة
كنيس للمستوطنة المعزولة نتساريم، والتي تم إخلاؤها دون مقاومة
منازل المستوطنة الصغيرة سلاف المجاورة لرفح (موتي ساندر)
منازل المستوطنة الصغيرة سلاف المجاورة لرفح (موتي ساندر)
ساحة مستوطنة دوغيت، التي عملت كقرية للصيادين. تم إخلاء سكانها، الذين كان معظمهم من غير المتديّنين، دون أية مقاومة (موتي ساندر)
ساحة مستوطنة دوغيت، التي عملت كقرية للصيادين. تم إخلاء سكانها، الذين كان معظمهم من غير المتديّنين، دون أية مقاومة (موتي ساندر)
اقرأوا المزيد: 207 كلمة
عرض أقل
عملية إخلاء المستوطنات الإسرائيلية من قطاع غزة عام 2005، عملية فك الارتباط (Flash90/Pierre Terdjamn)
عملية إخلاء المستوطنات الإسرائيلية من قطاع غزة عام 2005، عملية فك الارتباط (Flash90/Pierre Terdjamn)

دون ممثّل فلسطيني: الإسرائيليون يفكّرون في انسحاب أحاديّ الجانب من الضفة

قدّورة فارس يغيب عن مؤتمر ناقش مستقبل عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، واستمتع الممثّلون الإسرائيليون بفكرة الإخلاء من جهة واحدة لمائة ألف مستوطن

ليست هناك حاجة إلى أن نكون خبراء كبار في شؤون عملية السلام من أجل أن نفهم بأنّه ليست هناك اليوم عملية سلام حقّا. كان هناك توافق آراء كبير بين المشاركين في مؤتمر معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب اليوم. في الجلسة التي اهتمّت بطرق إحياء هذه العملية، والتي دُعيتْ “حساب المسار من جديد”، حاول المشاركون – دون نجاح كبير – إيجاد أفكار جديدة تقدّم كلا الطرفين باتجاه حلّ الدولتَين.

ما كان بارزا بشكل أكبر من جميع الأمور الأخرى لم يكن محتوى الأقوال لهذا المتحدّث أو ذاك، وإنما غياب أحد المشاركين الذين دُعوا للمؤتمر. صعد جلعاد شير، الشخص الذي قاد جهود الحكومة الإسرائيلية في التوصل إلى اتفاق دائم مع السلطة الفلسطينية عام 2000، إلى المنصّة وأعلن أنّ مدير نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، الذي كان يُفترض أن يمثّل الموقف الفلسطيني في النقاش سيتغيّب. وقد علّق شير تغيّبه على أنه “مشكلة متوقعة”، وهو مصطلح مثير بحدّ ذاته. إذا كانت المشكلة متوقعة، فلماذا لم يتم تجنّبها؟

حل الدولتين، حلم ؟

موشيه تمير، ضابط كبير سابق في الجيش الإسرائيلي (Tomer Neuberg/FLASH90)
موشيه تمير، ضابط كبير سابق في الجيش الإسرائيلي (Tomer Neuberg/FLASH90)

أبرز محتوى الكلمات التي أدلى بها الممثّلون الإسرائيليون الذين ظلّوا على المنصّة هو غياب فارس. كان الأمر أشبه بفريق كرة قدم بقي وحده في الملعب ولم يبق له إلا تمرير الكرة بين اللاعبين وأنفسهم. ولدى غياب الممثّل الفلسطيني، استمتع الإسرائيليون بفكرة قديمة تمّ بعثها: الانسحاب أحادي الجانب من غالبية أراضي الضفة الغربية.

عرض الفكرة موشيه تمير، وهو ضابط كبير سابق في الجيش الإسرائيلي وقد قاد، من بين أمور أخرى، فرقة غزة. ترأس تمير فريقا بحثيّا يهدف إلى أن يدرس إذا ما كانت إسرائيل قادرة على تنفيذ انسحاب حقيقي أحادي الجانب من الضفة الغربية، بشكل لا يضرّ بمصالحها الأمنية بل يحسّنها. الإجابة، بحسب تمير، هي نعم.

ومع ذلك، فقد طرح تمير بعض الاستثناءات: بنظر الفريق الذي ترأّسه، فلدى كلّ انسحاب مستقبلي ستحتاج إسرائيل إلى الحفاظ على وجود الجيش والمستوطنين على جميع طول غور الأردن، ليكون الحدود الأمنية لإسرائيل. التعاون مع الأردن من أجل التأكد بأن الحدود بينه وبين السلطة الفلسطينية ليست مخترقة (كما كانت الحدود بين قطاع غزة ومصر) هو أمر ضروريّ.

“إخلاء المستوطنات الإسرائيلية كارثة”

جندي إسرائيلي يشرف على احدى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية (Gershon Elinson/Flash90)
جندي إسرائيلي يشرف على احدى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية (Gershon Elinson/Flash90)

أوضح تمير قائلا: “الخطأ الرئيسي الذي قمنا به في غزة هو إبقاء الحدود المصرية مفتوحة، ممّا سمح بتعزّز حماس. إذا حصل ذلك في الضفة الغربية فسيشكل ذلك خطرًا، ولذلك فإنّ السيطرة على غور الأردن ومعابره هي أمر ضروريّ”. وبالإضافة إلى ذلك أشار تمير إلى أنّ الخطّة التي تمّت دراستها لا تشمل إخلاء الاستيطان اليهودي في الخليل ومستوطنة كريات أربع.

ثانيا، أكّد تمير على أنّ الجيش الإسرائيلي سيواصل في الحفاظ على حقّه في العمل داخل الأراضي التي سيخليها، كلما كانت هناك حاجة أمنية لذلك.

ثالثا، وربّما هو الأهم من كل شيء: ستشمل هذه العملية إخلاء نحو 100,000 مستوطن من داخل الأراضي المحتلة، وهي عملية أكثر دراماتيكية وأهمية من الانسحاب من قطاع غزة، التي أخليَ فيها 8,600 شخص فقط. سيتمّ تنفيذ هذا الإخلاء تدريجيّا، وليس دفعةً واحدةً، كي تكون هناك إمكانية لدراسة تأثير كل خطوة وإيقافها عند الحاجة.

وأشار تمير إلى أن عملية كهذه قد تنشئ صدعا كبيرا بين مواطني إسرائيل، الذين لا يبدون مستعدّين الآن لخطوة كبيرة جدّا كهذه. وهذا ما قالته أيضًا ممثّلة المستوطِنين في النقاش، تمار أسراف، والتي صعدت إلى المنصّة بعد تمير وقالت: “البرنامج الذي تقترحه هو فصل الشعب الإسرائيلي عن مناطق وطنه، وهذه كارثة. تعزّز هذه العملية من الصراع الداخلي بين الشعب، ولا شيء يمكنه أن يضعفنا أكثر من هذه العملية”.

“التجميد مقابل التجميد”

المبعوث الأمريكي للمفاوضات، مارتين إنديك (Miriam Alster/FLASH90)
المبعوث الأمريكي للمفاوضات، مارتين إنديك (Miriam Alster/FLASH90)

اختتم النقاش مارتين إنديك، وهو أحد “المحاربين القدامى” في عملية أوسلو الطويلة. كان إنديك حاضرا عندما ضغط رابين على يد عرفات وهناك المئات من لحظات الإحباط واليأس التي مرّت منذ ذلك الحين، ولذلك كان وصفه للوضع الحالي قاتما جدّا: فقد وصف التوجّه الفلسطيني للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بأنّه “غبيّ ومدمّر”، بينما عرّف البناء الإسرائيلي للمستوطنات بوصفه الشيء الأكثر مساهمة في عزلتها الدولية. وفي الوقت نفسه، فإنّ أوضاع غزة على ضوء فشل إعادة الإعمار على وشك الانفجار، ويعتمد سكّانها على إسرائيل أكثر من الماضي.

أشار إنديك إلى أنّ العقبة الكبرى التي تقف أمام كلا الطرفين في هذه اللحظة هي انعدام الثقة المتبادَل، والذي ينضمّ إليه فقدان شرعية عبّاس في نظر قطاعات من الشعب الفلسطيني، وعدم اهتمام الشعب الإسرائيلي بالقضية الفلسطينية. ومع ذلك، فهو يعتقد أنّه “إذا قرّرت الحكومة الإسرائيلية حقّا بالفعل بأنّ لديها رغبة في التحرّك باتجاه الدولتَيْن؛ فهناك طريقة للقيام بذلك، بالتعاون مع الأردن، مصر والولايات المتحدة”.

بحسب رأيه، يمكن تجديد المفاوضات بمساعدة “التجميد مقابل التجميد”؛ أي تجميد التوجّه الفلسطيني للمنظّمات الدولية، مقابل تجميد البناء الإسرائيلي للمستوطنات. وإذا استمرّ كلا الطرفين بالرفض؛ فإنّ اتجاه تدخّل المنظّمات الدولية في هذا الصراع سيزداد فحسب.

اقرأوا المزيد: 699 كلمة
عرض أقل
  • البرلمان الأوروبي متمثلا بأعلام أعضائه (facebook)
    البرلمان الأوروبي متمثلا بأعلام أعضائه (facebook)
  • حانوكا، عيد الأنوار اليهودي (Yonatan Sindel/Flash 90)
    حانوكا، عيد الأنوار اليهودي (Yonatan Sindel/Flash 90)
  • قائد حماس في غزة، اسماعيل هنية، خلال احتفالات الانطلاقة ال27 للحركة (AFP)
    قائد حماس في غزة، اسماعيل هنية، خلال احتفالات الانطلاقة ال27 للحركة (AFP)
  • واحدة من رهائن المقهى في سيدني تفر من المكان (AFP)
    واحدة من رهائن المقهى في سيدني تفر من المكان (AFP)
  • كيف تشعر بيونسيه ؟
    كيف تشعر بيونسيه ؟

الأسبوع في 5 صور

حماس تحتفل بذكرى 27 عاما على تأسيسها، هجوم قاتل في سيدني، إسرائيل تحت هجوم سياسي وبيونسا تكشف عن حياتها في الفيديو الأكثر مشاهدة هذا الأسبوع

19 ديسمبر 2014 | 12:43

هذا الأسبوع أيضًا قررنا أن نلخص لكم الأحداث الكبرى التي حدثت في إسرائيل والعالم في خمس صور فقط.

حماس تحتفل بذكرى 27 عاما على تأسيسها

قائد حماس في غزة، اسماعيل هنية، خلال احتفالات الانطلاقة ال27 للحركة (AFP)
قائد حماس في غزة، اسماعيل هنية، خلال احتفالات الانطلاقة ال27 للحركة (AFP)

أحيتْ حركة حماس هذا الأسبوع (14.12) ذكرى مرور 27 عاما على تأسيسها في ظلّ حالة سياسية معقّدة، سواء في الساحة الداخلية أو في الساحة الخارجية. يعتقد محلّلون سياسيّون أنّ التغييرات السياسية التي جرت في الساحة العربية، الإقليمية والدولية في السنوات الأخيرة تدفع الحركة لإعادة النظر في مبادئها الأيديولوجية والسياسية.

تأسست حركة حماس في 14 كانون الأول عام 1987 من قبل بعض قادة حركة الإخوان المسلمين في قطاع غزة، وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين. تعاظمت شعبية الحركة بسرعة بعد أن شاركت في “المقاومة” ضدّ إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة. عام 2006 نجحت حماس في الفوز بغالبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني، ولكن إسرائيل، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رفضوا الاعتراف بنتائج الانتخابات.

رفضت حركة فتح أيضًا، الخصم الرئيسي لحماس، وفصائل فلسطينية أخرى الاعتراف بالوضع الجديد. مما أدى إلى استحواذها على القطاع. أدت جولات العنف القاسية بين حماس وإسرائيل إلى إعلان إسرائيل عن فكّ الارتباط عن القطاع وعزله. وجرى في الصيف الأخير قتال آخر بين إسرائيل والحركة، ويوضح الخبراء السياسيون أنّ القطاع عبارة عن قنبلة موقوتة إذا لم يتم إيجاد حلّ لمشكلة غزة.

هجوم في سيدني، أستراليا

واحدة من رهائن المقهى في سيدني تفر من المكان (AFP)
واحدة من رهائن المقهى في سيدني تفر من المكان (AFP)

وضع رئيس الحكومة الأسترالي، طوني أبوت، مساء الثلاثاء (16.12) الورود قرب نصب تذكاري مؤقت أقيم بالقرب من المقهى في سيدني الذي وقع فيه قبل يوم من ذلك (15.12) هجوم الاختطاف للإسلامي مان هارون مؤنس، والذي قُتل خلاله ثلاثة أشخاص من بينهم الإرهابي نفسه.

بدأت العملية الإجرامية في ساعات الصباح بتوقيت سيدني، عندما دخل مان هارون مؤنس مع حقيبة مليئة بالمواد المتفجرة ومع سلاح بحسب زعمه، إلى مقهى في الحي التجاري في المدينة، وطلب من العمال إغلاق المكان واحتجزهم إضافة إلى الزبائن الذين كانوا في المكان كرهائن.

مؤنس، هو لاجئ إيرانيّ تمت إدانته باعتداء جنسي في أستراليا، عُرف بمواقفه الإسلامية والتي من بينها إرساله في الماضي رسائل كراهية لأسر الجنود الأستراليين الذين قُتلوا وراء البحار، في أفغانستان وأماكن أخرى. أثار الكشف عن شخصيته توترا كبيرا في الإعلام الأسترالي، والذي يشهد على أية حال موجة من معارضة الهجرة.

هجوم دبلوماسيّ على إسرائيل

وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يجتمع بالوفد الفلسطيني وأمين عام الجامعة العربية نبيل العربي في لندن ( Flicker Department of State)
وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يجتمع بالوفد الفلسطيني وأمين عام الجامعة العربية نبيل العربي في لندن ( Flicker Department of State)

كان هذا أسبوعا صعبا جدا من الناحية الدبلوماسية بالنسبة لإسرائيل. على الرغم من جهودها المبذولة لمنع البرلمان الأوروبي من الاعتراف بـ “دولة فلسطين”، فالخطوة موافق عليها بغالبية ساحقة من قبل أعضاء البرلمان.

وقد توجه الفلسطينيون أنفسهم يوم الأربعاء (17.12) إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بطلب الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس. وتعمل إسرائيل في الأيام الأخيرة بشكل مكثّف في محاولة لمنع قرار من جهة واحدة في الأمم المتحدة في الموضوع. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة وأوروبا تقومان بتشكيل اقتراح بديل للاعتراف بدولة فلسطينية تكون صياغته أكثر ملاءمة لإسرائيل، لا يزال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يحاول إقناع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في لقائهما في روما هذا الأسبوع باستخدام حق النقض ضدّ قرار مجلس الأمن.

عيد الحانوكاه – عيد التدشين

حانوكا، عيد الأنوار اليهودي (Yonatan Sindel/Flash 90)
حانوكا، عيد الأنوار اليهودي (Yonatan Sindel/Flash 90)

بدأ الكثير من الإسرائيليين يوم الثلاثاء في جميع أنحاء العالم بالاحتفال بعيد التدشين أو كما يسمّى في إسرائيل “عيد الحانوكاه” الذي يستمر لثمانية أيام. ويرمز العيد وفقا للتقاليد اليهودية إلى تجدّد الولاء للمعبد اليهودي الأول بعد أن دُمّر في المرة الأولى وأعجوبة إناء الزيت الصغير الذي كان كافيا لإشعال الشمعدان لمدة ثمانية أيام. ومن المعتاد في هذه الأيام إشعال شمعة إضافية كل يوم يمرّ في ساعات المساء وتناول المعجّنات وخصوصا سوفغنيّوت (الكعك بالمربّى).

بيونسيه تتحدث عن حياتها الصعبة في ظلّ الشهرة

كيف تشعر بيونسيه ؟
كيف تشعر بيونسيه ؟

بعد أن كشفت بيونسيه في فيلم وثائقي عن تجربتها خلال حملها مع ابنتها، يبدو أنّ النجمة تحمّست لهذا النوع الأدبي، وقرّرت الاستمرار ومشاركة معجبيها بحياتها الشخصية.

في فيلم جديد، شخصي كاشف، تختار بيونسيه أن تسكب ما في قلبها، ومشاركة الصعوبات التي تأتي مع شهرتها، والكشف عن تفاصيل إضافية من حياتها الشخصية.

في أجواء قاتمة ومع موسيقى خلفية تبدأ بيونسيه بالكلمات: “أحيانا أصلّي وأطلب من الله أن أعود لأكون مجهولة وأتجوّل في الشارع كبقية الناس. قبل أن أصبح مشهورة، كنت مجرد فتاة على تلة مع غيتار، الفتاة التي أرادت إطلالة جميلة على البحر فقط. والآن أنا مشهورة، وهذا صعب، صعب جدّا أن أقوم حتى بالأشياء البسيطة جدّا”.

اقرأوا المزيد: 632 كلمة
عرض أقل
اطلاق الصواريخ من غزة على المدن الاسرائيلية (AFP)
اطلاق الصواريخ من غزة على المدن الاسرائيلية (AFP)

خطّ زمني عنيف: القتال في غزة من فكّ الارتباط حتى الجرف الصامد

إنّ العنف المتجدّد كلّ عامين بالمعدّل بين إسرائيل وغزة ليس قضية جديدة، واتّضح أنّ بدء القتال كان قبل خطّة فكّ الارتباط

مرّت عشرة أيام منذ بداية عملية “الجرف الصامد” ويبدو أنّ الطرفين ربّما يبدآن بالتوصل إلى تفاهم بأنّ وقف إطلاق النار ضروريّ في هذه المرحلة، ولكل طرف دوافعه.

نفّذ سلاح الجو الإسرائيلي حتى الآن مئات من الطلعات الهجومية ضدّ أهداف مختلفة لحماس وضدّ البنى التحتية للمدفعية وبالمقابل، أطلِقت من قطاع غزة مئات الصواريخ التي وصلت إلى مدن المركز: تل أبيب، القدس وحتى أكثر شمالا.

فتاة من مستوطنة كفار داروم قبل إخلاء المستوطنة (AFP PHOTO/Menahem Kahana)
فتاة من مستوطنة كفار داروم قبل إخلاء المستوطنة (AFP PHOTO/Menahem Kahana)

في مرحلة مبكّرة من العملية، يبدو أنّ حماس تقوم بما يتطلّبه الأمر كي تحقّق صورة النصر: تطلق الصواريخ تجاه منازل المواطنين، ترسل إلى شواطئ إسرائيل فرق كوماندوز بحريّة وتستخدم الأنفاق للتفجير.

تعتبر الأيام الأخيرة في الواقع مسارًا لحرب جديدة طويلة الأمد ومركزها طنجرة الضغط التي تسمّى قطاع غزة. أطلق صاروخ القسّام الأول تجاه المدينة الجنوبية سديروت في نيسان عام 2001، حين اندلعت الانتفاضة الثانية ورأت التنظيمات الإرهابية كيف أنّ جدار المنظومة الذي أحاط القطاع أوقف جميع العمليات الإرهابية التي حاولوا إخراجها ضدّ مواطني الجنوب.

حي من أحياء غزة بعد قصف إسرائيلي (Flash90/Emad Nasser)
حي من أحياء غزة بعد قصف إسرائيلي (Flash90/Emad Nasser)

تزايد إطلاق الصواريخ من غزة في السنوات التي تلت فكّ الارتباط، مما أدى إلى عمليات واسعة للجيش الإسرائيلي في القطاع. بعد عشرة أيام من بداية عملية الجرف الصامد، حيث أنه ليس من الواضح بعد إذا كانت حماس ستقبل باتفاق التهدئة، قرّرنا النظر إلى الوراء إلى جولات القتال السابقة، التي تزايدت مع الوقت وأصبحت أكثر عنفًا بشكل خاصّ.

2004: عملية أيام الندم

عملية أيام الندم هي العملية الواسعة الأولى التي خرج بها الجيش الإسرائيلي ردّا على إطلاق الصواريخ من القطاع.

تاريخ البدء: 30 أيلول 2004 ردّا على إطلاق الصواريخ والتي قُتل نتيجته طفلان في سديروت. تمركزت قوات الجيش الإسرائيلي خلال العملية في مناطق بيت حانون، بيت لاهيا ومخيّم جباليا للاجئين والتي كانت مناطق إطلاق الصواريخ الأساسية للقسّام تجاه مدينة سديروت.

تمّ تنفيذ العمليات العسكرية البرّية خلال هذه العملية بمساعدة وإطلاق النار الدقيق من الطائرات التي كشفت عن المواقع ودمّرت خلايا إطلاق صواريخ القسّام.

بعد العملية، شملت الإصابات الإسرائيلية جنديّين ومواطنة. وقد وصل عدد الضحايا في الجانب الفلسطيني أكثر من مائة قتيل، من بينهم 87 شخصًا ينتمون إلى التنظيمات الإرهابية المختلفة في القطاع. بالإضافة إلى ذلك، تم تدمير عشرات المنازل التي استخدمتها التنظيمات الإرهابية كمخازن للصواريخ، فخاخ ومواقع لإطلاق النار.

منظومة القبة الحديدية تتعرض لصواريخ اطلقت من قطاع غزة (Flash90)
منظومة القبة الحديدية تتعرض لصواريخ اطلقت من قطاع غزة (Flash90)

خلال العملية، اتهمت إسرائيل الأونروا بمساعدة الإرهابيين بل وكشفت عن فيلم يُثبت نقل صاروخ بسيارة تابعة للأمم المتحدة.

تاريخ الانتهاء: 17 تشرين الأول 2004.

2005: عملية أول الغيث

تاريخ البدء: 25 أيلول 2005. قرّرت إسرائيل الخروج بعملية بعد أنّ نفّذت التنظيمات الفلسطينية إطلاقًا هائلا لصواريخ القسّام تجاه مدينة سديروت. كانت تلك هي العملية الأولى بعد خطّة فكّ الارتباط وكان توقيتها بعد أسبوعين من الانتهاء منها.

كان يكمن المحرّك لبداية العملية في استعراض مسلّح لحماس في القطاع. خلال الاستعراض، انفجر صاروخ قسّام كان يُعرض على سيارة وأدى إلى انفجارات ثانوية لذخائر أخرى كانت على السيارات المجاورة التي شاركت في الاستعراض. نتيجة للانفجار الهائل قُتل 20 فلسطينيًّا من بينهم عدد من الأطفال وجُرح عشرات آخرون. اتّهمت حماس إسرائيل بالانفجار بل وزعمت أنّه في وقت الاستعراض لاحظ عناصر الحركة الطائرات التي كانت في الجوّ. نفت إسرائيل بالطبع ما نُسب لها، ولم يمنع ذلك بطبيعة الحال من إطلاق عشرات الصواريخ تجاه سديروت في نفس الليلة.

امرأة تصب بالهلع جراء القصف الكثيف على البلدات الإسرائيلية (Flash90)
امرأة تصب بالهلع جراء القصف الكثيف على البلدات الإسرائيلية (Flash90)

استمرّت العملية نفسها لعدّة أيام وتم خلالها تدمير مخارط لتصنيع صواريخ القسّام، مخازن للأسلحة، مقرّات ومراكز خدمات لوجستية لحماس. بالإضافة إلى ذلك، نفّذت طائرات الهليكوبتر الحربية التابعة لسلاح الجوّ اغتيالات مركّزة قُتل فيها عدد من الإرهابيين. خلال العملية، وضع الجيش الإسرائيلي أمام القطاع قوات برّية كثيرة، ولكن في نهاية المطاف، لم تدخل إلى القطاع.

تاريخ الانتهاء: 1 تشرين الأول 2005.

2006: عملية أمطار الصيف

جلعاد شاليط (Jack Guez /FLASH90)
جلعاد شاليط (Jack Guez /FLASH90)

تاريخ البدء: 28 حزيران 2006 في حادثة اختطاف جلعاد شاليط والتي قُتل فيها جنديّان من فريق الدبابة الذي كان معه. رافق حادثة الاختطاف إطلاق نار هائل تجاه بلدات الجنوب، وجاءت ضربة قوية بعد أشهر من الرشقات الصاروخية الخفيفة.

وكردّ فعل على حادثة الاختطاف وعلى إطلاق النار الهائل، قصف سلاح الجوّ محطّة توليد الكهرباء في قطاع غزة، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن ثلثي سكّان القطاع. وأيضًا، تمّت مهاجمة عدد من الجسور من أجل إعاقة تهريب الجندي المختطف. بالمقابل، دخلت – وللمرة الأولى منذ فكّ الارتباط – قوات المدرّعات، المشاة والهندسة إلى جنوب القطاع.

في هذه العملية أيضًا نفّذ سلاح الجوّ عددًا من الاغتيالات المركّزة، حيث تمّ قصف معسكرات تدريب ومخازن بالإضافة إلى مبنى وزارة الداخلية الفلسطينية في غزة. استمرّت هذه العملية عدّة أشهر وتدحرجت إلى سلسلة من العمليات الأصغر حجمًا.

قُتل خلال العملية ثلاثة جنود ومواطنان. في الجانب الفلسطيني، قُتل 394 شخصًا، من بينهم 270 إرهابيًا بشكل مؤكّد. فضلًا عن ذلك، جُرح نحو 1000 فلسطيني.

تاريخ الانتهاء: 26 تشرين الثاني 2006.

2008 عملية الشتاء الساخن

انفجار صاروخ أطلق من غزة مباشرة عل منزل في مدينة أشدود (Flash90/Yossi Zamir)
انفجار صاروخ أطلق من غزة مباشرة عل منزل في مدينة أشدود (Flash90/Yossi Zamir)

تاريخ البدء: 27 شباط 2008. هاجمت طائرات سلاح الجوّ سيارة تجارية كان فيها خمسة إرهابيين من حركة حماس عادوا للتوّ من تدريبات في قاعدة تابعة للحرس الثوري في إيران. كان من المفترض أن يدرّب هؤلاء عناصر التنظيم لتنفيذ عمليات نوعية واستخدام أسلحة متطوّرة تمّ تهريبها هي أيضًا من إيران.

ردّا على اغتيال الخمسة، أطلقت حماس نحو خمسين صاروخًا تجاه سديروت بل وأشكلون. قُتل إثر هذا الإطلاق شخص واحد من الجانب الإسرائيلي.

وردّا على إطلاق الصواريخ، هاجم سلاح الجوّ أهدافًا في قطاع غزة وبعد مرور عدّة أيام دخلت إلى الأراضي أيضًا قوات برّية كبيرة. ولكن، استطاعوا في قطاع غزة مواصلة إطلاق الصواريخ تجاه مدن الجنوب، بما في ذلك أشكلون وأشدود.

قُتل عشرة جنود في العملية وجُرح 35 مواطنًا إسرائيليًّا. سجّل الفلسطينيون من جهتهم نحو 170 قتيلا، من بينهم 115 إرهابيًّا والبقية مواطنين وأيضًا 350 جريحًا على الأقل.

تاريخ الانتهاء: 3 آذار 2008

2008-2009‏: عملية الرصاص المصبوب

الجيش الإسرائيلي يستعد لهجوم بري، عملية الرصاص المصبوب (Flash90/Nati Shohat)
الجيش الإسرائيلي يستعد لهجوم بري، عملية الرصاص المصبوب (Flash90/Nati Shohat)

كانت عملية الرصاص المصبوب هي العملية الأكبر التي قام بها الجيش الإسرائيلي في القطاع على الإطلاق.

تاريخ البدء: 27 كانون الأول 2008 بعد فترة طويلة من إطلاق الصواريخ تجاه مدن الجنوب.

بدأت العملية بهجوم جوّي بتكتيك تركيز النيران الكثيفة في وقت قصير. بالمقابل، هاجمت طائرات سلاح الجوّ مئات الأهداف المختلفة، من بينها ساحة الاستعراضات للشرطة الفلسطينية وقت إجراء حفل تخريج لدورة ضبّاط. قُتل في تلك العملية 89 شرطيًّا، معظمهم من عناصر حماس حيث قُتل في الضربة الأولى نحو 150 عنصرًا من حماس بالمجمل.

ألم ودمار كثير في غزة (Flash90/Abed Rahim Khatib)
ألم ودمار كثير في غزة (Flash90/Abed Rahim Khatib)

خرجت هجمة جوّية أخرى في اليوم التالي، حينها تم تدمير – من بين أمور أخرى – نحو أربعين نفق للتهريب. بعد ذلك اجتاحت قوات كبيرة من المشاة، المدرّعات والهندسة وعملت ضدّ مئات الأهداف الإرهابية.

كان التقدير أنّه خلال العملية تمّ تدمير أكثر من 500 منزل استخدمتها التنظيمات الإرهابية لأهداف مختلفة.

لدى الانتهاء من العملية، بلغ عدد قتلى الفلسطينيين 1,160 قتيلا من بينهم 250 قتيلا كانوا – وفق كلام مسؤولين فلسطينيين – من الأبرياء. بلغ عدد الجرحى عدّة آلاف آخرين. تكبّدت إسرائيل في العملية 13 قتيلا من بينهم 3 مواطنين وأكثر من 800 جريح، نحو 550 منهم من المدنيين.

تاريخ الانتهاء: 18 كانون الثاني 2009

2012: عملية عمود السحاب

الجيش الإسرائيلي خلال عمليات تمشيط في القطاع، عملية عمود السحاب (Flah90/Edi Israel)
الجيش الإسرائيلي خلال عمليات تمشيط في القطاع، عملية عمود السحاب (Flah90/Edi Israel)

تاريخ البدء: 14 تشرين الثاني 2012. بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عمود السحاب بعد سلسلة من الأحداث التي أدّت إلى تدهور الوضع الأمني: استخدمت عبوّات ناسفة ضدّ قوات الجيش الإسرائيلي، وأطلقت صواريخ مضادّة للدبّابات تجاه إسرائيل من القطاع وأطلقت الصواريخ تجاه مدن الجنوب.

كانت طلقة البداية للعملية في 14 تشرين الثاني في الساعة الرابعة بعد الظهر، وذلك حين اغتال سلاح الجوّ من كان يُعرف برئيس أركان حماس، أحمد الجعبري. بعد ذلك فورًا، بدأت سلسلة من الهجمات على مخازن الذخيرة وحفر إطلاق الصواريخ التي احتوت على صواريخ أرض أرض من نوع فجر 5 (ذات مدى يصل إلى 75 كيلومترًا). بالمقابل، هاجم سلاح البحريّة عددًا من الأهداف في شمال القطاع من البحر.

خراب هائل بعد قصف إسرائيلي خلال عملية عمود السحاب (Flash90/Abed Rahim Khatib)
خراب هائل بعد قصف إسرائيلي خلال عملية عمود السحاب (Flash90/Abed Rahim Khatib)

رغم النشاط المتزايد لسلاح الجوّ، سلاح البحريّة، سلاح المدرّعات وسلاح المدفعية والتي قامت بتنفيذ 1,500 ضربة في القذائف، استطاع الفلسطينيون أن يطلقوا عشرات بل مئات الصواريخ كلّ يوم.

كانت تلك أيضًا هي العملية العسكرية الأولى التي يبدأ فيها نظام القبة الحديدية بدوره الكبير في اعتراض الصواريخ والقذائف ذات المدى المتوسّط: في اليوم الأول للعملية تم إطلاق 250 صاروخًا تجاه إسرائيل، وتمّ اعتراض 71 منها بواسطة المنظومة العسكرية الجديدة. جنّد الجيش الإسرائيلي قوات كبيرة من الاحتياط، ولكن في نهاية المطاف لم يدخل هؤلاء إلى القطاع.‎ ‎

غارات جوية على القطاع غزة (Flash90/Abed Rahim Khatib)
غارات جوية على القطاع غزة (Flash90/Abed Rahim Khatib)

قُتل خلال العملية سبعة إسرائيليون، من بينهم جنديّان، بالإضافة إلى جرح 240. في الجانب الفلسطيني كان هناك 210 قتيل، من بينهم 58 من المدنيين وجُرح نحو 450 فلسطينيًّا. أطلق خلال العملية تجاه إسرائيل 1,506 صاروخ، سقط من بينها على المدن 58 صاروخًا وتم اعتراض 431، والبقية سقطت في مساحات مفتوحة.

تاريخ الانتهاء: 21 تشرين الثاني 2012.

استمرّت هدنة وقف إطلاق النار لأشهر معدودة حتى زاد ذلك ووصلنا إلى العملية الحالية، الجرف الصامد التي لم تنته بعد رغم الجهود الإقليمية لإنهائها.

اقرأوا المزيد: 1281 كلمة
عرض أقل
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (Flash90/Emil Salman)
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (Flash90/Emil Salman)

خطاب الانفصال لنتنياهو

في نقاش سرّي أمام أعضاء الكنيست، ألمح نتنياهو إلى أنّه يشكّل خطّة للانفصال عن الفلسطينيين. وقد ازدادت مؤخرًا الإشارات حول أنّ إسرائيل ستعمل من جانب واحد قريبًا

هل سيعرض رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خطّة ثورية للانفصال عن الفلسطينيين؟ في الخطاب الذي ألقاه هذا الأسبوع أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي، ألمح نتنياهو إلى أنّ هناك خطّة تتشكّل للانفصال الإسرائيلي عن الفلسطينيين في أراضي الضفة الغربية.

“آن الأوان للانفصال عن الفلسطينيين”، هذا ما كرّره نتنياهو مرّة تلوَ الأخرى في خطابه أمام أعضاء الكنيست المصدومين. عزّز نتنياهو في خطابه من موقفه القوي بأنّ حكومة إسرائيل لن تتفاوض مع حكومة الوحدة الفلسطينية بسبب مشاركة حماس فيها.

حكومة الوفاق الفلسطيني في رام الله (ABBAS MOMANI / AFP)
حكومة الوفاق الفلسطيني في رام الله (ABBAS MOMANI / AFP)

وسُئل نتنياهو في مرحلة ما من قبل أعضاء الكنيست اليساريين ماذا ستفعل إسرائيل، فيما لو كان الفلسطينيون – فرضًا – هم المسؤولين عن انفجار المفاوضات؟ فرفض نتنياهو خيار الدولة الواحدة ثنائيّة القومية.

“لا أريد دولة واحدة من الأردن إلى البحر” أوضح نتنياهو. “حتى لو بقي في الدولة أكثرية يهودية، ففي مثل هذه الحالة فإنّ الأكثرية اليهودية لن تكون واضحة ومن غير المؤكّد أن تكون الدولة ديمقراطية”.

“ولذلك يجب التوصّل إلى الانفصال” كما أوضح نتنياهو. وفقًا لنتنياهو، ففي هذه الخطّة السرّية التي يطرحها ستأخذ إسرائيل أكثرية يهودية مؤكّدة وأيضا قدرة معيّنة على المناورة أمام بعض دول العالم الغربي لفترة معيّنة.

وقد خرج أعضاء الكنيست من الاجتماع مرتبكين. “لا يمكن ألا نتساءل إنْ كان الحديث عن بداية خطّة جديدة لنتنياهو بخصوص الانفصال من جانب واحد عن الفلسطينيين”، كما قال أحدهم. وأشار عضو كنيست آخر إلى أنّ نتنياهو قد استخدم ذات المصطلحات التي سُمعت من أريئيل شارون، في الفترة التي سبقتْ عرضه لخطّة فكّ الارتباط بغزة عام 2005.

فتاة من مستوطنة كفار داروم قبل إخلاء المستوطنة (AFP PHOTO/Menahem Kahana)
فتاة من مستوطنة كفار داروم قبل إخلاء المستوطنة (AFP PHOTO/Menahem Kahana)

تتعالى التلميحات في الجو منذ فترة.

ويتوافق كلام نتنياهو مع مقابلة قدّمها منذ وقت قصير لإحدى قنوات الأخبار الأمريكية بلومبرغ، حيث لمح أنه قد يقوم بخطوات من جانب واحد.

فضلًا عن ذلك، فقد اجتمع هذا الأسبوع المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية وناقش مقترح رئيس حزب البيت اليهودي ووزير الاقتصاد، نفتالي بينيت، في ضمّ أجزاء من الضفة الغربية. لم يُنشر محتوى النقاش، ولكن من المعروف أن المجلس الوزاري قد قرّر إقامة فريق يدرس طرق العمل الإسرائيلية أمام حكومة الوحدة الفلسطينية.

تشير جميع التلميحات إلى أنّ نتنياهو سيعرض في القريب خطّة ما من جانب واحد. ومع ذلك، فمن المتوقع، أنّ يعارض وزير المالية يائير لبيد، ووزيرة العدل تسيبي ليفني، قرار ضمّ أجزاء من الضفة الغربية، ضمًا أحادي الجانب.

وزير المالية يائير لبيد ووزيرة العدل تسيبي ليفني قبل اجتماع لمجلس الوزراء الإسرائيلي (Alex Kolomoisky/POOL/FLASH90)
وزير المالية يائير لبيد ووزيرة العدل تسيبي ليفني قبل اجتماع لمجلس الوزراء الإسرائيلي (Alex Kolomoisky/POOL/FLASH90)

وتُعتبر لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، التي ألقى فيها نتنياهو خطابه، الهيئة المسؤولة عن سنّ القوانين في شؤون الأمن وعن الرقابة على بنود الميزانية المتعلّقة بالأمن، من قبل السلطة التشريعية. بالإضافة إلى ذلك، توافق اللجنة على خطوات مهمّة للحكومة الإسرائيلية والتي تتعلّق بمواضيع أمنية. ويكون للحكومة في أغلب الأحوال أكثرية من بين أعضاء اللجنة، بحيث أنّه في غالبية الحالات توافق اللجنة على قضايا حكومية، ولكن بإمكانها أيضًا عرقلتها.

تُعتبر لجنة الخارجية والأمن سرّية بسبب محتوى الكلام فيها. وهي اللجنة الوحيدة في الكنيست التي لا تُنشر بروتوكولاتها إلى الجمهور وهناك حظر على الصحفيين في الدخول إلى جلساتها. وقد علّقت اللجنة قبل نحو ثلاثة أسابيع عمل عضو الكنيست عومر بار ليف، بعد أن اكتُشف أنّه سرّب لوسائل الإعلام معلومات من نقاشات اللجنة.

اقرأوا المزيد: 459 كلمة
عرض أقل
انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000 (SVEN NACKSTRAND / AFP)
انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000 (SVEN NACKSTRAND / AFP)

14 عامًا على الانسحاب الإسرائيلي من لبنان: عودة عصر الانسحاب أحادي الجانب؟

اليوم قبل 14 عامًا، خرج الجيش الإسرائيلي من الشريط الأمني في جنوب لبنان، وأنشأ واقعًا جديدًا من التوازن بين إسرائيل وحزب الله. أصبحت فكرة الانسحاب من طرف واحد غير شعبية في إسرائيل، ولكنها لم تدفن نهائيًّا

قبل 14 عامًا تمامًا، في صباح 25.5 عام 2000، استيقظ سكّان شمال إسرائيل على صباح جديد. 18 سنة من الحرب في لبنان، سيطر خلالها الجيش الإسرائيلي على جميع منطقة الجنوب اللبناني، انتهت في ليلة واحدة بالانسحاب السريع. وعد رئيس الحكومة حينذاك، إيهود باراك، مع انتخابه عام 1999 بأنّه سيعمل على تحقيق الانسحاب الإسرائيلي من المنطقة التي سمّيت “الشريط الأمني”، والتي خُصّصتْ لحماية سلام سكّان شمال إسرائيل من إطلاق صواريخ الكاتيوشا.

“كان ذلك بمثابة وعد الانتخابات الوحيد الذي قام إيهود باراك بتحقيقه كرئيس للحكومة ووزير للدفاع خلال تولّيه لمنصبه لفترة قصيرة”، هذا ما قاله اليوم المحامي ألدد يانيف، الذي كان مستشار باراك القريب. أراد باراك في البداية أن ينسحب من لبنان في إطار اتفاق شامل مع نظام حافظ الأسد الذي كان يسيّطر على لبنان، ولكن حين خاب أمله من ذلك الأمر وحين فهم الجيش الإسرائيلي أنّ قوات الميليشيا التابعة لأنطوان لحد (التي كانت تتعاون مع إسرائيل) قد انهارت تمامًا تقريبًا، أمر رئيس الحكومة بالانسحاب الفوري حتى خطّ الحدود.

أيّدتْ غالبية الشعب الإسرائيلي ذلك القرار وقام بدعمه. رغم ذلك، لم تحظ حكومة باراك بشعبية كبيرة، وبعد أقلّ من عام انهارت وتم تغيير باراك بأريئيل شارون. وقد تمّ استبدال الانتقادات الجارحة بالدعم العلني الذي أعطي لباراك. كان أحد أكبر منتقدي الانسحاب رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، حيث قال عام 2007: “كان هذا الانسحاب المتسرّع من جنوب لبنان هروبًا غير مسؤول”، وقد أدى إلى اندلاع حرب لبنان الثانية عام 2006.

جنود اسرائيليون في لبنان خلال حرب تموز 2006 (Pierre Terdjman / Flash90)
جنود اسرائيليون في لبنان خلال حرب تموز 2006 (Pierre Terdjman / Flash90)

وقد اختار أريئيل شارون أيضًا المضيّ في مسار الانسحاب من طرف واحد، وذلك حين قاد عام 2005 برنامج فكّ الارتباط والذي انسحبت خلاله جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وتم خلاله أيضًا إخلاء 8,600 مستوطن من منازلهم. وقد جلب تفاقم الإرهاب وإطلاق القذائف من قطاع غزة في أعقاب الانسحاب الإسرائيلي الانتقادات الحادّة لإسرائيل، بشكل أساسيّ من فم نتنياهو (رغم أنّه صوّت لصالح البرنامج). بعد أن انتُخب نتنياهو مجدّدًا لرئاسة الحكومة عاد وصرّح قائلا “لن نعود إلى خطأ فكّ الارتباط”.

ويعتقد البعض الآن أنّ نتنياهو نفسه يدرس إمكانية العودة للمسار من طرف واحد يقدّر محلّلون إسرائيليون أنّ نتنياهو معنيّ بدراسة فكرة الانسحاب من طرف واحد في الضفة الغربية، حيث يترك الأراضي الفلسطينية خارج مجال إسرائيل. -وفي المقابلة التي أجراها مع وكالة “بلومبرغ” قال نتنياهو هذا الأسبوع: “إنّ فكرة الخطوات من طرف واحد تكتسب زخمًا في إسرائيل، بدءًا بمعسكر مركز اليسار وانتهاءً بمركز اليمين”. طرح نتنياهو الفكرة كطريقة لمواجهة فقدان الرغبة بدولة ثنائية القومية.

بنيامين نتنياهو (Kobi Gideon / GPO)
بنيامين نتنياهو (Kobi Gideon / GPO)

ومع ذلك، عاد نتنياهو وذكّر أنّ إسرائيل ليست معنيّة بالعودة إلى الأخطاء التي نُفّذتْ لدى فكّ الارتباط. وقد أسرعت وزارة الخارجية الأمريكية في الردّ والتعبير عن معارضتها لفكرة أنّ يحدّد أحد الطرفين في المفاوضات حقائق على أرض الواقع من جهة واحدة، ولم يُسجّل في إسرائيل أيضًا تحمّس كبير لتلميحات نتنياهو.

وقال الوزير عوزي لنداو، الذي يعارض بشدّة كلّ خطوة للتنازل أمام الفلسطينيين، إنّ كلام نتنياهو لا لزوم له ومن شأنه أن يجلب ضغوطات كبيرة على إسرائيل لاستمرار فكرة الانسحاب. ” إنّ الحديث عن خطوات من طرف واحد سيُفهم بأنّه استعداد إسرائيلي للتنازل من طرف واحد”، هذا ما قاله لنداو.

بعد 14 عامًا من خروج آخر جندي من لبنان، ما زالت فكرة الانسحاب من طرف واحد حيّة في إسرائيل، رغم جميع الانتقادات التي وُجّهتْ إليها. وستخبرنا الأيام إنْ كان نتنياهو، وهو المنتقد الأشد للانسحاب من طرف واحد والذي نفّذته إسرائيل في جنوب لبنان وقطاع غزة،  هو تحديدًا من سيعيد الحياة للفكرة ويقود انسحابًا آخر.

اقرأوا المزيد: 524 كلمة
عرض أقل
  • بنيامين نتنياهو يستقبل جلعاد شاليط بعد اطلاق صراحه (IDF)
    بنيامين نتنياهو يستقبل جلعاد شاليط بعد اطلاق صراحه (IDF)
  • ‫مظاهرة ضخمة ضد غلاء المعيشة وحكومة نتنياهو في تل أبيب عام 2011  (Dimai Vazinovich / Flash90)
    ‫مظاهرة ضخمة ضد غلاء المعيشة وحكومة نتنياهو في تل أبيب عام 2011 (Dimai Vazinovich / Flash90)
  • مُقاتِلين من لواء "المظلّيّين" في حائط المبكى في القدس (AFP)
    مُقاتِلين من لواء "المظلّيّين" في حائط المبكى في القدس (AFP)
  • فتاة من مستوطنة كفار داروم قبل إخلاء المستوطنة (AFP PHOTO/Menahem Kahana)
    فتاة من مستوطنة كفار داروم قبل إخلاء المستوطنة (AFP PHOTO/Menahem Kahana)
  • الملك حسين ملك الأردن الراحل ورئيس الوزراء الراحل اسحاق رابين (ويكيبيديا)
    الملك حسين ملك الأردن الراحل ورئيس الوزراء الراحل اسحاق رابين (ويكيبيديا)

عشرُ لحظاتٍ لا تُنسى في تاريخ دولة إسرائيل

دولة إسرائيل تحيي اليوم الذكرى السادسة والستّين لتأسيسها. إليكم عشر لحظاتٍ سعيدة، حزينة، مؤثّرة، وتاريخية مطبوعة في ذاكرة كلّ إسرائيلي

06 مايو 2014 | 10:04

تحيي دولة إسرائيل اليوم الذكرى السادسة والستّين لاستقلالها. منذ 1948 حتّى اليوم، مرّت هذه الدولة الصغيرة في قلب الشرق الأوسط بالكثير من اللحظات التي لا ينساها أحد. بينها لحظات تاريخيّة مثّلت تغييرات هائلة، لحظات انكسار، ولحظات تحوّل، فضلًا عن لحظاتٍ صغيرة تكاد لا تُحَسّ من الألم والفرح. إليكم عشر لحظاتٍ لا تُنسى في السنوات الستّ والستّين من تاريخ دولة إسرائيل.

1.       “نُعلن”

التاريخ هو 14 أيار 1948، يوم الجمعة ظُهرًا، في مدينة تل أبيب. دافيد بن غوريون، رئيس النقابة الصهيونية، يقف على المنبر، ويقرأ من وثيقة الاستقلال، الإعلان الذي غيّر تاريخ الشعب اليهودي والعالم كلّه: “وعليه فقد اجتمعنا نحن أعضاء مجلس الشعب، ممثلي المجتمع اليهودي في البلاد والحركة الصهيونية، في يوم انتهاء الانتداب البريطاني على أرض إسرائيل، وبحُكم حقنا الطبيعي والتاريخي بموجب قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة، نعلن عن إقامة دولة يهودية في أرض إسرائيل هي (دولة إسرائيل)”.

إعلان الاستقلال الإسرائيلي، 14.5.1948
إعلان الاستقلال الإسرائيلي، 14.5.1948

2.       دُموع مُقاتِلين

عام 1948، اضطُرّ الإسرائيليون إلى التنازل عن قسمٍ من المدينة الأهمّ بالنسبة للشعب اليهوديّ، القُدس. بعد ذلك بتسع عشرة سنة فقط، في حرب 1967 التي فرضها جمال عبد الناصر على دولة إسرائيل باسم جميع الدول العربية، وصل جنود الجيش الإسرائيلي إلى حائط المبكى في القدس، الأثر الوحيد المتبقي من منطقة الهيكل اليهوديّ. تأثرت الأمّة كلّها بمشهد المظليّين الإسرائيليين في حائط المبكى. التُقطت الصورة بتاريخ 6 تموز 1967.

دُموع المُقاتِلين في حائط المبكى في القدس (AFP)
دُموع المُقاتِلين في حائط المبكى في القدس (AFP)

3.       إرهاب في الألعاب الأولمبية

كان يُفترَض أن تكون الألعاب الأولمبيّة في ميونيخ 1972 احتفالًا رياضيًّا. فمنذ فجر التاريخ، كانت الألعاب الأولمبية وقتًا تتوقف فيه جميع الأطراف المقاتِلة من أجل المنافسة، وبدل الحرب وسفك الدماء، كانت تبذل جهودها للتنافس على الملاعب الرياضية. لكنّ الأمورَ جرت بطريقة أخرى. فقد خطف التنظيم الفلسطيني “أيلول الأسود” أحد عشر مِن أعضاء الوفد الإسرائيلي، وتحصّن معهم في القرية الأولمبية. طالب الخاطِفون بتحرير أسراهم مقابل تحرير الرياضيين. فشلت محاولة إنقاذ القوّات الألمانية، فيما عادت إسرائيل من ميونيخ مع أحد عشر تابوتًا وحزنٍ كبيرٍ مستمرّ حتّى اليوم.

حفل تأبين قتلى عملية ميونخ (AFP)
حفل تأبين قتلى عملية ميونخ (AFP)

4.        ما أجمل عودتكم!

في 4 تموز 1976، وقف العالم كلّه مذهولًا حين حرّرت وحدة نخبة من الجيش الإسرائيلي 105 ركّاب إسرائيليين ويهود اختُطفوا من رحلة “إير فرانس” إلى إنتيبي من قِبل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. جسّدت العملية التي جرت على بُعد نحو 3800 كيلومتر عن إسرائيل لكثيرين في العالم أنّ إسرائيل ستفعل كلّ ما في وسعها من أجل مواطنيها ولن تخضعَ للإرهاب. قُتل أربعة من الرهائن في عمليّة الإنقاذ، إضافةً إلى قائد قوّة الإنقاذ يوناتان نتنياهو – شقيق رئيس الحكومة الحاليّ.

عودة المخطوفين من إنتيبي، 1976 (AFP)
عودة المخطوفين من إنتيبي، 1976 (AFP)

5.       “لا حربَ بعد، لا سفكَ دماء بعد”

كُتب الكثير عن تلك اللحظة التاريخية، التي اعترفت فيها دولة عربية أولى بإسرائيل، وقرّرت إنجاز سلام كامل معها. لولا الشجاعة الاستثنائيّة لأنور السادات، مناحيم بيجن، وجيمي كارتر، ما كانت لتحدث تلك اللحظة التاريخية في 26 آذار 1978.

حفل توقيع اتفاقية السلام الإسرائيلة المصرية (AFP)
حفل توقيع اتفاقية السلام الإسرائيلة المصرية (AFP)

6.       حميميّة زعيمَين

لا يمكن تلفيق هذه الصورة، التي التُقطت عام 1994، أو إخراجها سينمائيًّا. فهي تعكس القُرب المتبادل بين القائدَين الشجاعَين الراحلَين، الملك الحسين وإسحاق رابين. إنها لحظة راحة وصداقة تلقائية بين القبطانَين الشجاعَين اللذَين غيّرا وجه المنطقة كلّها.

الملك حسين ملك الأردن الراحل ورئيس الوزراء الراحل اسحاق رابين (ويكيبيديا)
الملك حسين ملك الأردن الراحل ورئيس الوزراء الراحل اسحاق رابين (ويكيبيديا)

7.       إغتيال الزعيم

كانت طريق إسحاق رابين في سنواته الأخيرة مثار جدَل. فقد اختلف كثيرون حول خطوات المصالحة التي قام بها مع الفلسطينيين، ولا سيّما حول الاتّفاقات التي وقّعها مع رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عرفات. لم ينحرف رابين، الذي تميّز بالتصميم، عن مساره، ودفع ثمنًا باهظًا في المقابل. ففي نهاية تظاهرة الدعم له ولحكومته بعنوان “نعم للسلام – لا للعُنف” التي جرت في 4 تشرين الثاني 1995، أطلق إرهابي ثلاث رصاصات على رئيس الحكومة، وأرداه قتيلًا. لبست الدولة كلها لباس الحُزن، ولا يمكننا اليوم سوى تخمين ما كان سيحدث لو لم تودِ رصاصات القتل برئيس الحكومة.

إغتيال  إسحاق رابين في تل أبيب، 4.11.1995
إغتيال إسحاق رابين في تل أبيب، 4.11.1995

8.       الألم والشجاعة

“بتصميم وتأثّر” – هذا هو الشعار الذي أُعطي لخطّة الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، التي أُخلي خلالها 8600 شخص من بيوتهم. كان رئيس الحكومة حينذاك، أريئيل شارون، معروفًا بصفته الداعم والمؤسس الأكبر للاستيطان في الضفة الغربية وقطاع غزة. أثارت الخطّة التي قادها لإخلاء يهود كثيرين آمالًا كبيرة في إسرائيل والعالَم، لكنها تسبّبت بألمٍ كبير.

فتاة من مستوطنة كفار داروم قبل إخلاء المستوطنة (AFP PHOTO/Menahem Kahana)
فتاة من مستوطنة كفار داروم قبل إخلاء المستوطنة (AFP PHOTO/Menahem Kahana)

9.       الشعب يُريد عدالة اجتماعيّة

في إسرائيل، التي عرفت الكثير من الحروب والتفجيرات، طالما كان الشأن الأمني والسياسي على رأس جدول الأعمال. لكن في صيف 2011، بدا أنّ جدول الأعمال الإسرائيلي تغيّر كلّيًّا، ولوقتٍ طويل. أخرجت أسعار الشقق المتصاعدة، غياب فرص العمل الجيّدة للشبّان، أسعار الطعام، وغلاء المعيشة العامّ، الجماهيرَ إلى الشوارع. فقد تظاهر عشرات آلاف الأشخاص أسبوعيًّا صارخين صرخةً بسيطة: “الشعب يُريد عدالة اجتماعيّة”. امتلأ وسط تل أبيب بمئات خيام الشبّان الذين افترشوا الشوارع، داعين إلى التغيير.

‫مظاهرة ضخمة ضد غلاء المعيشة وحكومة نتنياهو في تل أبيب عام 2011  (Dimai Vazinovich / Flash90)
‫مظاهرة ضخمة ضد غلاء المعيشة وحكومة نتنياهو في تل أبيب عام 2011 (Dimai Vazinovich / Flash90)

10.   ابن الجميع يعود

لا أحد في الشرق الأوسط لم يسمع باسم جلعاد شاليط. فسرعان ما تحوّل الجندي الذي خُطف في قطاع غزة عام 2006 “ابنًا للجميع”. وأصبح تحرير شاليط، الجنديّ في سلاح المدرَّعات الإسرائيلي، الأمنية المعلَنة لإسرائيليين كثيرين كانوا مستعدّين لدفع ثمن باهظ مقابل ذلك. فبعد سنواتٍ من الانتظار المُرهق للأعصاب، في 18 تشرين الأول 2011، عاد شاليط إلى ذراعَي أبيه وأمه، اللذَين انتظراه طويلًا جدًّا، وإلى ذراعَي دولة إسرائيل بأسرها. أدّى الثمن الباهظ، تحرير 1027 أسيرًا فلسطينيًّا، بكثيرين آخرين إلى معارضة الصفقة، لكنّ الدولة كلّها تأثّرت بمشهد “الطفل” الذي عاد إلى موطنه.

بنيامين نتنياهو يستقبل جلعاد شاليط بعد اطلاق صراحه (IDF)
بنيامين نتنياهو يستقبل جلعاد شاليط بعد اطلاق صراحه (IDF)
اقرأوا المزيد: 773 كلمة
عرض أقل
شبّان الهضاب (Omer Messinger/Flash90)
شبّان الهضاب (Omer Messinger/Flash90)

أولاد المستوطِنين المنحرِفون

تفلّتوا من جميع القيود، وأقاموا مجموعة منغلقة وغير منضبطة. تعرَّفوا إلى "شبّان الهضاب"، المجموعة المتمرّدة التي تفعل في هضاب الضفة الغربية كلّ ما يخطر على بالِها

لا يشكّل المستوطِنون في الضفة الغربية مجموعة واحدة. فقسمٌ منهم إسرائيليّون منذ وقت طويل، فيما الآخَرون مهاجِرون جُدد. بعضهم علمانيون، وبعضهم متديّنون. بين المتديّنين، ثمة مَن هم خاضعون لحاخامٍ ما، وثمّة من يخضع لحاخامات آخَرين. بين كلّ هؤلاء، ثمّة مجموعة مكوّنة من مراهقين متمرّدين، لا يسمعون كلمة أحد، لا الحاخامات، لا الجنود، ولا الجيران الفلسطينيين. منذ سنوات، يفعلون كلّ ما يخطر على بالهم. إنهم “شبان الهضاب” لدى المستوطِنين.

متفلّتون من جميع القيود الممكنة

إنهم يعيشون في مجموعات صغيرة، يلبسون بإهمال، ويعيشون في أكواخ بسيطة وآيلة للسقوط. وهم يُطيلون شعورهم ولحاهم غير المرتّبة، ويعتمرون قلنسوات كبيرة على رؤوسهم. بشكل عامّ، يعملون في الأرض والزراعة، يرعون قطعان المواشي، ويتمتّعون بالاغتسال في منابع المياه الصافية في الهضاب المجاورة للخليل ونابلس. وحين يغتسلون في النبع، لا يقترب منهم أحد – لا فلسطيني ولا جنديّ.

غالبًا، يكونون من الشبّان الذين لم ينجحوا في أيّ إطار تربوي، وطُردوا من كلّ مكان، أحيانًا حتّى من بيوتهم. تمسي “الهضبة” المكان الوحيد الذي يمكنهم فيه إيجاد الحرية وتحقيق الذات.

شبّان الهضاب (Omer Messinger/Flash90)
شبّان الهضاب (Omer Messinger/Flash90)

لا يقبل شابّ الهضاب التقليديّ سيادة أحد، يمكن أن تؤدي إلى إخلاء قسمٍ من أرضه. فحين يصل الجيش الإسرائيلي لإخلاء مستوطَنة، يمتلئ شابّ الهضاب سخطًا، ويبدأ بالعمل ضاربًا. إنه غير مستعدّ لقبول أيّ قيد على الاستيطان في جميع أنحاء “أرض إسرائيل”، وكلّ مَن يمسّ بهذه المُسلَّمة سيصاب بالأذى.

وكان “شبّان الهضاب” قد نالوا دفعًا كبيرًا من برنامج الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005، حين أُخلي 8600 مستوطِن من بيوتهم. ففيما استعدّت الحكومة الإسرائيلية لإخلاء المستوطِنين من غزة، أعلن رجال الدين أنه لا سبب للقلق، واستعدّوا للاحتفال لحظة إلغاء “طرد اليهود”. كان شعور الصدمة لدى الشبيبة في تلك الفترة هائلًا.

مذّاك، لم يعودوا مستعدّين للإصغاء إلى رجال الدين، وبالطبع ليس للسياسيّين. “أرض إسرائيل” أهمّ بالنسبة لهم من دولة إسرائيل والربانيين معًا. وهم غير مستعدّين لسماع أيّ وعظ.

وماذا عن الربانيين أنفسهم؟ إنهم خائفون من أولئك الشبان المنفلتين. أمّا الجيش الإسرائيلي، الذي يرى فيه الفلسطينيون “جيش الاحتلال”، فيراه أولئك الشبّان “جيش الطرد” الذي يقاتل ضدّ اليهود ولصالح الفلسطينيين.

ما يفعله المستوطِنون الآخرون بالفلسطينيين يفعله “شبّان الهضاب” بباقي المستوطِنين. فقد استولت مزرعة أفري ران، أحد قادة “شبّان الهضاب”، التي أُقيمت قرب مستوطنة “إيتامار”، على أرض تابعة للمستوطَنة نفسِها. “لا يتجرأ أحد على الاقتراب من هنا”، قال ران عن مزرعته في مُقابلة مع القناة الإسرائيلية العاشرة، موضحًا: “الجبان يموت قليلًا كلّ يوم، أمّا البطل فلا يموت سوى مرّة واحدة”.

ليسوا مستعدّين للتنازل، وكلّ شيء مُحلَّل

فيما يُسلّم معظم الإسرائيليين بفكرة الدولة الفلسطينية التي ستقوم يومًا ما، وحتّى معظم اليمينيين، أمثال نفتالي بينيت، يُدركون أنّه يجب تركيز الصراع على كتل الاستيطان في الضفة الغربية لا الأرض كلّها، فإنّ جماعة “شبّان الهضاب” لا تتنازل عن أيّ مليمتر: كلّ الأرض هي للشعب الإسرائيلي. يوضح مئير برتلر، أحد قادة المجموعة: “فقط الجيل الشاب، الشبان الذين يعلمون في الهضاب، المستوطنات، والبلدات مستعدّون اليوم للصراع على الأرض كلّها، على حقّنا في نابلس، أريحا، الخليل، وكلّ الأراضي”.

مستوطن ملثم في يتسهار (Mendy Hechtman/Flash90)
مستوطن ملثم في يتسهار (Mendy Hechtman/Flash90)

وفي الطريق للاستيلاء على كلّ الأرض، كلّ شيء محلَّ. “شبّان الهضاب” هم المجموعة التي خرجت منها نشاطات “تدفيع الثمن”. “شبّان الهضاب” همّ أوّل من جعل الفلسطينيين يدفعون ثمن المواجهة بين الجيش والمستوطِنين. فكلّ مبنى يجري إخلاؤه في الضفة الغربية يدفع الشبّان إلى الانتقام وإفراغ غضبهم في الفلسطينيين.

أمّا الفلسطينيون فيبدو أنهم اعتادوا على عُنف المستوطِنين، ويدّعون أنّ الجيش الإسرائيلي هو مَن يدعم هذه الأعمال. لكنّ الضرر الفلسطيني كان، كما يبدو، مجرّد مقدّمة للمسّ بالجنود الإسرائيليين أنفسهم. فهذا الأسبوع صُدمت إسرائيل لدى الاكتشاف في وقت متأخر أنّ “شبّان الهضاب” أضحَوا قوة مستقلة وقويّة. فحين دمّر شبّان من مستوطَنة يتسهار موقعًا عسكريًّا إسرائيليًّا من أساسه احتجاجًا على إخلاء بيوت، وقف الجنود عاجزين. فهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع رعاع يهود.

في الوقت الراهن، بعد أن اتّضح للجميع في دولة إسرائيل أنّ “شبّان الهضاب” قوّة لا يمكن السيطرة عليها ومعادية، تقترب لحظة الحَسم. “إنها نقطة التحوُّل”، أوضح هذا الأسبوع محلّل صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ألكس فيشمان، مضيفًا: “مَن تغاضى لسنوات عن نشاط “تدفيع الثمن” ضدّ العرب لا يجب أن يُفاجأ حين تُهاجَم القوى الأمنية”. في الفترة القادمة، سيتّضح إن كانت دولة إسرائيل قادرة على السيطرة على “شبّان الهضاب”، أم إنّها ستجعلهم يتحكّمون بها.

اقرأوا المزيد: 632 كلمة
عرض أقل